التخصص والوجه الآخر
العلم بحر لا ساحل له ؛حقيقة لا ينازعها أحد ،فلا يوجد من عنده علم مطلق إلا علام الغيوب سبحانه وتعالى .
وقد بدت بين الناس من طلبة العلم والباحثين صفة أو خصلة يقال لها : (التخصص) في علم من العلوم ، أو فن من الفنون ، وهذا أمر حسن فيما أعلم لمصلحة العالم والمتعلم وكذا الباحث ..مع ضعف الهمة وقلة بركة الوقت والعمر ....بخلاف حال السابقين لنا في عصور وقرون مضت ..ومن يقرأ بتأمل في حال وحياة العلماء من سلف هذه الأمة يجد الفرق الكبير ، وانظر في كتبهم وما ألفوه من العلوم والمسائل ،بل وترتيبهم للمسائل وطرق التخريج وما يسرع في معرفة أطراف الحديث ، ومعرفة الرجال ودراستهم تجد الهمة العالية والنظرة الثاقبة فيما قاموا به .
لكن نحن ماذا ألفنا وعملنا في نشر العلم بين أهله ، وإقامة الحجة على العباد في بيان المعتقد الصحيح ..؟؟
ومع ذلك أصبحنا بحاجة عند التعلم والانتهاء فيه إلى : تضييق مسمى العلم والمعرفة إلى التخصص)؟؟
أنا لا أسب ولا أذم التخصص ؟ ولكني أنعي إلى بعض طلبة العلم والباحثين ما وقعوا فيه من تبعة الالتزام بمسمى التخصص كواقع مستمر معهم في حياتهم يلتزمونه ويلزمون به الغير.
فعندما يكون متخصصاً في القرآن وعلومه لا يحاول تعلم السنة ،وتخريج الحديث ودراسة الأسانيد ، ومعرفة غريب الحديث والعلل... وعندما يخطّأ في مسألة يغضب ويقول للغير : احترم التخصص ؟؟ وهكذا دواليك عند أهل التخصصات الأخرى .
وعند دراسة حديث والحكم على إسناده يقول لا أحسن هذا فهو لأهل السنة ومعرفة الآثار ، وعند دراسة عقيدة مفسر من المفسرين يقول مالنا ولعقيدة المصنف ليكن من يكون؟ المهم أن أخرج تفسيره على مخطوطه كما كتبه..؟
وعند دراسة تاريخية أو ترجمة لأحد من الرواة ليكن مثلاً أحد الصحابة رضي الله عنهم يعمد لكتب التاريخ فيسلق حياته بروايات لا تمت للحقيقة والواقع بصلة ... وإذا نقد ونصح قال : لا علم لي بالتاريخ ؛ أنا عالم أوباحث في القرآن وعلومه..؟!!
أيها الأخوة لقد جنى التخصص وحصر العلم في مفردات ومعارف في فنون من العلم على كثير من الباحثين ؛ وفقدت بذلك الأمة الإسلامية من يكون من أبنائها من يكون باحثاً أو طالب علم موسوعي؟.....إلا ما شاء الله ...
فطالب العلم ، والباحث الحق لا تحصره التخصصات في سبيل التعلم والترقي في مدارج العلم والعلى ..،وإن حصرته في شهادة أو درجة علمية في أعوام من عمره لم تحصره في بقية العمر ...ولا تزال عالماً ما تعلمت. وفقت في العاجلة والآجلة.