تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: سؤال عمن يعتقد الجهة أجاب عنه شيخ الإسلام

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    9

    Arrow سؤال عمن يعتقد الجهة أجاب عنه شيخ الإسلام

    بسم الله الرحمن الرحيم

    سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه عمن يعتقد الجهة هل هو مبتدع أو كافر أو لا؟

    الجواب: أما من يعتقد الجهة فإن كان يعتقد أن الله فى داخل المخلوقات ، وتحويه المصنوعات ، وتحصره السماوات ، أو يكون بعض المخلوقات فوقه وبعضها تحته ، فهذا مبتدع ضال.

    وكذلك أيضاً إن كان يعتقد أن الله يفتقر إلى شىء يحمله _ إلى العرش أو غيره _ فهو أيضا مُبتدعٌ ضال.

    وكذلك إن جعل صفات الله مثل صفات المخلوقين فيقول: استواء كاستواء المخلوق ، أو نزوله كنزول المخلوق ونحو لك ، فهذا مبتدع ضال.

    فإن الكتاب والسنة مع العقل دلت على أن الله لا تماثله المخلوقات فى شىء من الأشياء ، ودلت على أن الله غنى عن كل شىء ، ودلت على أن الله مباين لمخلوقاته عال عليها.

    وإن كان يعتقد أن الله تعالى بائن عن المخلوقات ، وأنه فوق سماواته على عرشه بائن من مخلوقاته ، فإنه ليس فى مخلوقاته شيء من ذاته ، ولا فى ذاته شيىء من مخلوقاته ؛ وأن الله غنى عن العرش وعن كل ما سواه لا يفتقر إلى شىء من المخلوقات بل هو مع استوائه على عرشه يحمل العرش وحملة العرش بقدرته ، ولا يمثل إستواء الله بإستواء المخلوقين ، بل يُثبت ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات ، وينفى عنه مماثلة المخلوقات ، ويعلم أن الله ليس كمثله شىء لا فى ذاته ولا فى صفاته ولا فى أفعاله ؛ فهذا مصيب فى إعتقاده ، موافق لسلف الأمة وأئمتها ، فإن مذهبهم أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله ، من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل ، فيعلمون أن الله بكل شىء عليم ، وعلى كل شىء قدير ، وأنه خلق السماوات والأرض وما بينهما فى ستة أيام ثم استوى على العرش ، وأنه كلم موسى تكليما ، وتجلى للجبل فجعله دكا هشيما ، ويعلمون أن الله ليس كمثله شىء فى جميع ما وصف به نفسه ، وينزهون الله عن صفات النقص والعيب ن ويثبتون له صفات الكمال ، ويعلمون أنه ليس له كفوا أحد فى شىء من صفات الكمال.

    قال نعيم بن حماد الخزاعى: من شبه الله بخلقه فقد كفر ، ومن جحد صفات الكمال فقد كفر ، وليس ما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيها ، والله أعلم.انتهى كلامه.

    المصدر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام الجزء الخامس صفحة 262

    نقله: عبدالله بن صبرى بن عزام المصرى.

  2. #2

    افتراضي رد: سؤال عمن يعتقد الجهة أجاب عنه شيخ الإسلام

    بارك الله فيكم
    معي سؤال : - العرش هل هو من خلق الله تعالى ؟
    هل للعرش وزن ( ثقل او خفة ) ؟
    هل استوى الله على العرش دائما ام يتركه عند نزوله للسماء الدنيا ؟
    هل ينزل الله تعالى في الثلث الأخير من الليل نزولا حقيقيا بذاته ؟ وعلى توقيت
    دولة ينزل ؟ لأن الثلث الأخير من الليل مستمر طوال الوقت
    أرجو الإجابة بالدليل والبرهان

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    82

    افتراضي رد: سؤال عمن يعتقد الجهة أجاب عنه شيخ الإسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو حمزة الشاري مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيكم
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو حمزة الشاري مشاهدة المشاركة
    معي سؤال : - العرش هل هو من خلق الله تعالى ؟
    هل للعرش وزن ( ثقل او خفة ) ؟
    هل استوى الله على العرش دائما ام يتركه عند نزوله للسماء الدنيا ؟
    هل ينزل الله تعالى في الثلث الأخير من الليل نزولا حقيقيا بذاته ؟ وعلى توقيت
    دولة ينزل ؟ لأن الثلث الأخير من الليل مستمر طوال الوقت
    أرجو الإجابة بالدليل والبرهان

    بسم الله السلام عليكم انقل لك كلام العلماء بالادلة من القران والسنة ان شاء الله
    العرش هل هو من خلق الله تعالى ؟

    قال الشيخ السحيمي
    قال الإمام القحطاني -رحمه الله- في نونيِّتِهِ:
    «سُبْحَانَهُ مَلِكًا عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى .. وَحَوَى جَمِيعَ الْمُلْكِ وَالسُّلْطَانِ»

    [الشرح]
    «سُبْحَانَهُ مَلِكًا عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى .. وَحَوَى جَمِيعَ الْمُلْكِ وَالسُّلْطَانِ»
    «سُبْحَانَهُ»؛ أي: أنزهك يا ربي؛ يعني ينزه ربه عما لا يليق به، وكلمة "سبحان" تعني: التنزيه، ولا يجوز أن تُقَال لغير الله -سبحانه وتعالى-؛ لأنها تفيد التنزيه المطلق عن جميع النقائص والعيوب التي تعتري البشر وسائر المخلوقات.
    فالمقصود أن التسبيح خاص بالله رب العالمين؛ ومن أضافه إلي غير الله فقد كفر؛ كما سيأتي في المثال الذي بيَّنه الشيخ الناظم -رحمه الله- من قوله: "فليَقلُ سبحاني" بعد قليل، وهذا أمر وقع فيه بعض المتصوفة؛ سيأتي له مزيد بيان إن شاء الله.
    «سُبْحَانَهُ مَلِكًا عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى»:
    الملك: اسم من أسماء الله -جل وعلا- قال الله -جل وعلا-: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ}[1].
    وقال -تبارك وتعالى-: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[2]، وهناك قراءة صحيحة: {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ}.
    وقال -تبارك وتعالى-: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[3] وقال -تبارك وتعالى-: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}[4].
    والآيات في هذا الباب كثيرة، وقد يُسمىٰ المخلوق ملكًا، ولكن ليس الملك كالملك، فالملك الديَّان ملْكُهُ كامل، لا ينضب ولا ينتهي، وليس له ابتداءٌ وليس له انتهاء، وملك المخلوق له بداية ونهاية وهو محدود ومحصور وقليل ولا يعد شيئًا بالنسبة لملك الله -سبحانه وتعالى-؛ فالله -تبارك وتعالىٰ- هو الملك الديَّان كما يقول عن نفسه يوم القيامة.
    «عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى»؛ «سُبْحَانَهُ مَلِكًا عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى»:
    العرش: أعظم المخلوقات؛ أعظمها على الإطلاق؛ وهو أكبرها وأولها خلقًا، أول المخلوقات وأكبرها وأعظمها، وليس العرش المُلك كما تقول بعض الطوائف، وليس هو الكرسي كما تقوله طوائف أخرى؛ بل العرش سقف جميع المخلوقات وهو أعظمها وأكبرها وهو سرير المُلك، ومع عِظَمِه وكِبَرِه فإنه مخلوق من المخلوقات، والله -سبحانه وتعالى- لم يزدد بخلق العرش شيئًا، ولم ينقص لو أراد إثنائه بذلك شيئًا؛ لأن الله -عزَّ وجل- له صفات الكمال ونعوت الجلال.
    ومما يدل على أن العرش أعظم المخلوقات وأعظمها قول الله -سبحانه وتعالىٰ-:
    {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}[5].
    {سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}.[6]
    فالعرش عظيم بالنسبة لسائر المخلوقات، وما المخلوقات جميعًا بما فيها من سماوات وأرض في العرش إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة؛ قال تعالى: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ}[7] وقال تعالى: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ}.[8]
    وقال تعالى في وصف جبريل: {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ}[9]؛ أي: صاحب العرش وهو الله -سبحانه وتعالى-.
    وهو {الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[10]
    {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}[11]
    هذه كلها أدلة على أن العرش مخلوق وأنه أعظم المخلوقات، وأنه ليس الكرسي وليس السماوات وليس المُلك، ومما يدل على أنه خُلِقَ أولاً؛ قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((كتب الله مقادير الأشياء قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء))؛ أي: قبل ذلك، ولذلك ثمة نزاع أيهما خُلِقَ أولاً: العرش أم القلم؟ فهناك من يرى أنَّ القلم هو أول المخلوقات؛ بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ، قَالَ: رَبِّ وَمَاذَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ))، وفي رواية: ((إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ؛ فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ))[12]، وفي راوية: ((لما خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ؛ فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ))[13].
    والصواب: أن العرش هو أول المخلوقات؛ لقوله تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}[14]، ولأن العرش هو أعظم المخلوقات، ولأن هذا هو قول المحققين من أهل العلم. انتهى كلامة .

    2

    مسألة : والعرش مخلوق ; برهان ذلك قول الله تعالى : { رب العرش العظيم } وكل ما كان مربوبا فهو مخلوق .

    الإيمان بالعـرش

    إعداد: أم عبد الله المِيساوي
    أُعِدّ لموقع :
    عقيدة السلف الصالح









    تعريف العرش:


    معنى "عرش" في اللغة:


    قال ابن فارس (395 هـ) : ( «عرش» العين والراء والشين أصل صحيح واحد، يدل على ارتفاع في شيء مبني، ثم يستعار في غير ذلك) (1)


    والعرش في كلام العرب يطلق على عدة معان منها:


    - سرير (2) المَلِك:
    قال الخليل الفراهيدي (170 هـ) : (العرش: السرير للمَلِك.) (3)
    وقال أبو منصور الأزهري (370 هـ) : "والعَرش في كلام العرب: سرير المَلِك، يدلُّك على ذلك سرير مَلِكة سبأ، سمَّاه الله- جل وعز- عرشًا فقال: ﴿إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ﴾ [النمل، آية: 23] (4)
    وفي حديث بدء الوحي: قال النبي صلى الله عليه وسلم ”ثُمَّ نُودِيتُ فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا ثُمَّ نُودِيتُ فَرَفَعْتُ رَأْسِى فَإِذَا هُوَ عَلَى الْعَرْشِ فِى الْهَوَاءِ -يَعْنِى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ- “ [صحيح البخاري] أي رأى جبريل على سرير في الهواء.



    - سقف البيت:
    قال الخليل: (وعرش البيت: سقفه.) (5)
    قال ابن فارس: (ويُقال لسقف البيت: عَرش. قال الله تعالى: ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا﴾ [البقرة : 259]، والمعنى أنّ السقف يسقُط ثم يَتهافت عليه الجُدرانُ ساقطةً.) (6)


    - قِوامُ أمرِ الرجُل:
    قال الخليل: (وعَرشُ الرجل: قِوامُ أمرِه، وإذا زال عنه ذلك قيل: ثُلَّ عرشُه.) (7)
    وقال الجوهري (393 هـ) : (وقولهم ثل عرشه: أي وهى أمره وذهب عزه.) (8)


    وغير ذلك من المعاني.
    وكل معنى من تلك المعاني يتحدد بحسب ما أُضيف إلى الكلمة، أي بحسب سياق الكلام.



    عرش الله عز وجل


    وعرش ربنا عز وجل المذكور في القرآن في آيات كثيرة كقوله تعالى:
    ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ﴾ [البروج : 14 ، 15]
    وقوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه : 5] وغيرها من الآيات
    فقد بيَّن أهل العلم أن معناها هو: السرير.


    قال ابن قتيبة (276 هـ) عند الرد على متأولي العرش : (وطلبوا للعرش معنى غير السرير، والعلماء باللغة لا يعرفون للعرش معنى إلا السرير وما عرش من السقوف وأشباهها.) (9)
    قال ابن جرير الطبري (310 هـ) في تفسير قوله تعالى: (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) [الزمر : 75] : (يقول تعالى ذكرُه: وترى يا مُحمد الملائكة مُحْدِقين مِن حولِ عرشِ الرحمن، ويعني بالعرش: السرير.) (10)
    وقال: (﴿ذُو الْعَرْشِ﴾ [غافر : 15] . يقولُ: ذو السرِير المُحيط بما دونه.) (11)
    قال محمد الكرجي القصّاب (360 هـ) : (وأن عرش الله أيضا - جل جلاله- هو سريره الذي استوى عليه لا العلم كما يزعم الجهلة من الجهمية.) [نكت القرآن للقصاب (ج1 ص626)]
    قال البيهقي (458 هـ) بعد ذكر قوله تعالى: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾ [الحاقة : 17] : (وأقاويل أهل التفسير على أن العرش هو السرير، وأنه جسم مجسم، خلقه الله تعالى وأمر ملائكته بحمله وتعبدهم بتظيمه والطواف به، كما خلق في الأرض بيتا وأمر بني آدم بالطواف به واستقباله في الصلاة.) (12)
    وقال: (قال الله تبارك وتعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه : 5] والعرش هو السرير المشهور فيما بين العقلاء.) (13)
    قال أبو المظفر السمعاني (489 هـ) في تفسيرقوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ [المؤمنون : 86] : (أي: السرير الضخم.) (14)
    قال أبو محمد البغوي (510 هـ) في تفسير قوله تعالى: ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾ [المؤمنون : 116] : (يعني السرير الحسن.) (15)
    وقال في تفسير قوله تعالى ﴿ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ﴾ [البروج : 15] : (قرأ حمزة والكسائي: "المجيدِ" بالجَر، على صفة العرش أي السرير العظيم.) (16)
    قال أبو عبد الله القرطبي (671 هـ) : (والعرش مخلوق عظيم شريف كريم ليس فوقه مخلوق. يلي صفحته العُليا العَدَم. ويلي صفحته السُّفلى الجنة. فإنه سقفها، كما في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه «فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تنفجر الجنة) خرجه البخاري وابن ماجه وغيرهما.) (17)
    قال ابن كثير (774 هـ) في مقدمة كتابه "البداية والنهاية" : (ورَفَع السماوات بغير عَمَدٍ، وزيَّنها بالكواكب الزَّاهِرَات، وجعل فيها سِراجًا وقمرًا منيرًا، وسوَّى فوقهُنَّ سَرِيرًا، شَرْجَعًا (18) عاليًا مُنِيفًا مُتَّسِعًا مُقَبَّبًا مُستَديرًا، هو العرش العظيم، له قوائِمُ عِظامٍ، تحمِلُه الملائكة الكرام) (19)


    أما تفسير بعض الفرق المبتدعة للعرش بأنه المُلْك، وأنه السماوات والأرض وكل خلق الله، فقد رد عليه الإمام الحافظ عثمان الدارمي (280 هـ) فقال في كتابه "الرد على الجَهميَّة" في «باب الإيمان بالعرش» :
    (وما ظَنَنَّا أنَّا نضطر إلى الاحتجاج على أحد ممن يدعي الإسلام في إثبات العرش والإيمان به حتى ابتلينا بهذه العصابة الملحدة في آيات الله فشغلونا بالاحتجاج لما لم تختلف فيه الأمم قبلنا وإلى الله نشكو ما أوهت هذه العصابة من عرى الإسلام وإليه نلجأ وبه نستعين.)
    ثم قال: (فادعت هذه العصابة أنهم يؤمنون بالعرش ويقرون به لأنه مذكور في القرآن فقلت لبعضهم ما إيمانكم به إلا كإيمان ﴿الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ﴾ [المائدة : 41] وكالذين ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُون﴾َ [البقرة : 14]، أتقرون أن لله عرشا معلوما موصوفا فوق السماء السابعة تحمله الملائكة والله فوق كما وصف نفسه بائن من خلقه ؟ فأبَى أن يقر به كذلك، وتردد في الجواب، وخلط ولم يُصرِّح ... فقال لي زعيم منهم كبير: لا، ولكن لما خلق الله الخلق، يعني السموات والأرض وما فيهن، سمَّى ذلك كله عرشا له واستوى على جميع ذلك كله.
    قلتُ: لم تَدَعُوا مِن إنكار العرش والتكذيب به غاية، وقد أحاطت بكم الحُجج من حيث لا تدرون، وهو تصديق ما قلنا إن إيمانكم به كإيمان ﴿الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ﴾ [المائدة : 41]. فقد كَذَّبَكم الله تعالى به في كتابه، وكذَّبكم به الرسول صلى الله عليه وسلم. أرأيتم قولكم: إن عرشه سماواته وأرضه وجميع خلقه، فما تفسير قوله عندكم: ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾[غافر : 7] ؟ أحَمَلَةُ عرش الله أم حَمَلةُ خلقه ؟ وقوله ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾[الحاقة : 17] أيحملون السموات والأرض ومن فيهن أم عرش الرحمن ؟ فإنكم إن قلتم قولكم هذا، يلزمكم أن تقولوا: عرش ربك خَلْقُ ربك أجمع، وتُبطِلون العرش الذي هو العرش، وهذا تفسير لا يشك أحد في بُطوله واستِحالَته، وتكذيب بعرش الرحمن تبارك وتعالى.
    فقال الله تبارك وتعالى ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء﴾ [هود : 7] وقال رسول الله: ”كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء“[صحيح البخاري] ففي قول الله تعالى، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم دلالة ظاهرة، أن العرش كان مخلوقا على الماء، إذ لا أرض ولا سماء، فَلِمَ تُغالِطُون الناس بما أنتم له مُنكِرون ؟! ولكنكم تُقِرّون بالعرش بألسنتكم تحَرُّزًا من إكفار الناس إيّاكم بِنَص التنزيل، فتُضرَبَ عليه رِقابُكُم، وعند أنفسكم أنتم به جاحدون. ولعمري لئن كان أهل الجهل في شكٍّ من أمْرِكُم، إن أهل العلم من أمركم لَعَلَى يقين.)
    ثم ذكر مجموعة من الأحاديث وقال: (ففي ما ذكرنا من كتاب الله عز و جل، وفي هذه الأحاديث بَيَانٌ بَيَّن أن العرش كان مخلوقا قبل ما سواه من الخلق وأن ما ادَّعى فيه هؤلاء المعطلة، تكذيبٌ بالعرش وتخرصٌ بالباطل، ولو شئنا أن نجمع في تحقيق العرش كثيرا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين لجَمَعنا. ولكن عَلِمنا أنه خَلُص عِلْم ذلك والإيمان به إلى النساء والصبيان إلَّا إلى هذه العصابة الملحدة في آيات الله، طَهَّر الله منهم بلاده وأراح منهم عباده.) (20)



    الإيمان بالعرش:


    قال خُشَيش بن أصرم (253 هـ) في كتابه "الاستقامة" : (من كفر بآية من كتاب الله فقد كفر به أجمع، فمن أنكر العرش فقد كفر به أجمع، ومن أنكر العرش فقد كفر بالله، وجاءت الآثار بأن لله عرشا وأنه على عرشه.) (21)
    قال أبو جعفر الطحاوي (321 هـ) في عقيدته المشهورة : (والعرش والكرسي حق)
    قال ابن أبي زَمَنِين (399 هـ) : «باب في الإيمان بالعرش» قال: (ومِن قول أهل السنة: أن الله عز وجل خَلق العرش واختصه بالعلو والارتفاع فوق جميع ما خَلَق، ثم استوى عليه كيف شاء، كما أخبر عن نفسه في قوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى﴾ [طه: 5 ، 6] وفي قوله: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا﴾[الحديد : 4]، فسبحان مَن بَعُدَ فلا يُرى، وقرُب بِعِلمِه وقدرته فسَمِع النَّجوى.) (22)



    صفة العرش:


    ما يلي بعض صفات العرش:
    1. خلق الله عرشه على الماء:
    قال الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾ [هود : 7]
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ“ الحديث [صحيح البخاري]


    2. أنه سقف الجنة:
    قال النبي صلى الله عليه وسلم: ”فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ“ [صحيح البخاري، ومسند أحمد وغيرهما]


    3. أنه فوق السماوات، فوق جميع المخلوقات:
    قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «بين سماء الدنيا والتي تليها مسيرة خمس مئة عام وبين كل سماءين مسيرة خمس مئة عام وبين السماء السابعة وبين الكرسي مسيرة خمس مئة عام وبين الكرسي وبين الماء مسيرة خمس مئة عام والعرش فوق الماء والله تبارك وتعالى فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه» إسناده حسن. (23)


    4. له قوائم:
    قال النبي صلى الله عليه وسلم: ”النَّاسُ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ فَلَا أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي أَمْ جُوزِيَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ.“ [صحيح البخاري]


    5. له حَمَلة من الملائكة يحملونه:
    قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ [غافر : 7]
    وقال سبحانه: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾ [الحاقة : 17]





    1) معجم مقاييس اللغة لابن فارس (ج4 ص264)
    (2) السرير: الذي يُجلس عليه (لسان العرب، مادة «سرر“
    (3) كتاب العين للخليل الفراهيدي (ج1 ص249)
    (4) تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري (ج1 ص413)
    (5) كتاب العين (ج1 ص249)
    (6) معجم مقاييس اللغة (ج4 ص265)
    (7) كتاب العين (ج1 ص249)
    (8) الصحاح تاج اللغة للجوهري (ج3 ص1010)
    (9) الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة لابن قتيبة الدينوري (ص47)
    (10) جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري (ج20 ص271)
    (11) جامع البيان (ج20 ص294)
    (12) الأسماء والصفات لأبي بكر البيهقي (ج2 ص272)
    (13) الإعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد للبيهقي (ص116)
    (14) تفسير القرآن للسمعاني (ج3 ص487)
    (15) معالم التنزيل للبغوي (ج5 ص433)
    (16) معالم التنزيل (ج8 ص388)
    (17) الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى لأبي عبد الله القرطبي (ص157-158) تحقيق: عرفان بن سليم العشا حسونة – الطبعة الأولى 2005م – المكتبة العصرية / بيروت.
    (18) الشرجع: العالي المنيف، المشرف على غيره المتناهي في طوله وعلوه.
    (19) البداية والنهاية لابن كثير (ج1 ص3)
    (20) الرد على الجهمية للدارمي (ص26-28 و32)
    (21) التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع لمحمد الملطي الشافعي (ص113)
    (22) رياض الجنة في تخريج أصول السنة لابن أبي زمنين (ص88)
    (23) رواه أبو الشيخ في "العظمة" (ج2 ص688-689) قال: حدثنا الوليد، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا حجاج، حدثنا حماد، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن ابن مسعود رضي الله عنه، وذكره. وروى جزءا منه الإمام الدارمي في نقضه على بشر المريسي (1/ 422) : عن موسى بن إسماعيل ثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن ابن مسعود. ورواه أحمد بن مروان الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (6 / 406) بسنده؛ واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (ج3 ص395-396) بسنده، ومن طريقه رواه ابن قدامة في "إثبات صفة العلو" (ص151-152)؛ وغيرهم؛ كلهم من طريق عاصم بن بهدلة. وعاصم صدوق، وقد وثقه جماعة، وحسّن حديثه آخرون. قال الهيثمي في مجمع الزوائد في عدة مواضع: حسن الحديث. وقال الذهبي في ميزان الأعتدال (2 /357) : هو حسن الحديث. وقال أبو بكر البزار: لم يكن بالحافظ، ولا نعلمُ أحدًا تَرك حديثه على ذلك، وهو مشهور. (تهذيب التهذيب لإبن حجر 2 /251)
    3

    قال ابن جبرين رحمة الله

    ورد في صفات العرش صفات عظيمة، يعني: تدل على كبر وسعة هذا العرش الذي هو خلقه الله:
    ورد في حديث أو أثر في تفسير قوله تعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أن الكرسي اتسع للسماوات والأرض ما السماوات السبع والأرضون السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس أي: في مِجَنٍّ الذي يلبسه فوق الرأس, دراهم: الدراهم ماذا تشغل السبعة؟ ماذا تشغل من هذا الْمِجَنِّ؟ ثم جاء حديث آخر أن الكرسي في العرش كحلقة ملقاة بأرض فلاة بفلاة من الأرض. الكرسي بالنسبة إلى العرش هذه نسبته, فنحن نشاهد عظمة السماوات وكذلك الأرض واتساعها, وأن هناك سبع أرضين, وكذلك السماوات وعظمتها, وأنهن سبع شداد. ومع ذلك هذه السماوات، وهذه المخلوقات وهذه الأرض كلها اتسع لها هذا الكرسي. ومع ذلك هذا الكرسي قصير أو صغير بالنسبة إلى العرش، وإذا كانت هذه عظمة العرش فكيف بعظمة خالق العرش؟!
    لا شك أن الله أعظم من كل شيء؛ ولذلك يصف نفسه بالعظمة: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ يعني: الذي لا يدرك عظمته مخلوق، فهو رب العرش العظيم, وهو العظيم. وقد اتفق المسلمون أن العرش مخلوق؛ لأن كل شيء فإنه مخلوق, والله تعالى هو الخالق، وقد اختلف: هل العرش خلق قبل القلم, أو القلم قبل العرش؟ ورد في حديث : أول ما خلق الله القلم، فقال: اكتب. قال: ما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة. جرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة .
    مقتضى هذا الحديث: أن القلم قبل كل شيء أول ما خلق الله القلم ولكن الصحيح: أن أوليته مستثنى منها العرش, أي: بالنسبة إلى ما سوى العرش، فالأصل: أن العرش مخلوق قبل القلم وقبل سائر المخلوقات، في النونية لابن الْقَيِّم يقول:
    والناس مخـتلفون فـي القلم الذي
    كتب القضاء بـه مـن الرحمنِ
    هل كـان قبل العـرش أم هو بعده
    قـولان عنـد أبي العلا الهمداني
    والحــق أن العرش قَبْـلُ لأنـه
    وقت الكتـابـة كــان ذا أركان
    لأنه في بعض الروايات أنه قال: لما خلق الله القلم, وكان عرشه على الماء فدل على أن العرش مخلوق قبل القلم وقبل غيره من المخلوقات، وأما حملة العرش فإنهم أيضا خلق من خلق الله. وقد ورد في شعر أمية بن أبي الصلت الاعتراف بحملة العرش, وأنهم أربعة في قوله:
    رجل وحـور تحت رجـل جـناحـه
    والنسـر للأخـرى, ولَيْثٌ مُرْصَـدُ
    يعني ورد في بعض الروايات أن أحدهم على صفة الإنسان, والآخر على صفة ثور, والآخر على صفة نسر, والآخر على صفة ليث, يعني: أسد. ولكن الله أعلم بصفاتهم. ورد في وصفهم ما يدل على عظمة خلقهم، وأن منهم إسرافيل الذي وُكِّلَ بالنفخ في الصور, والذي قال النبي صلى الله عليه وسلم: كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن, وحنى جبهته, ينتظر متى يؤمر أي: إسرافيل الذي وُكِّل بالنفخ في الصور، وذكر أنه من جملة حملة العرش. وأن البقية خلقوا على خلقة عظيمة, ما يقدر قدرها إلا الله.
    ثبت في الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: أذن لي أن أحدث عن مَلَكٍ ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة ملك من الملائكة, قيل: إنه من حملة العرش. العاتق هو: المنكب. أي: مقدار هذا من الإنسان؛ يعني مقدار رقبة الإنسان من ذلك الملك هذه المسيرة, أو هذه المسافة العظيمة. وهكذا ما ورد أيضا في صفة إسرافيل من عظم خلقه ما ورد في بعض الروايات- وإن كان فيها مقال: أن مناكبهم فوق السماء السابعة, وأقدامهم تحت الأرض السفلى, أو تحت الأرض السابعة، ولا يعلم المسافة التي بين الأرضين. ونحن إنما نشاهد أرضا واحدة, ولا ندري أين بقية الأرض التي أخبر بأنها سبع.
    وكذلك أيضا السماوات، ورد أن ما بين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة سنة. هذه المسافة متى تقطع؟ متى تقطع هذه المسافة الطويلة؟ يعني: مسافة عشر سنين, مسافة طويلة، فكيف بمائة سنة؟ وكيف بألف أو بخمسمائة؟
    لا شك أن هذا دليل على عظمة هذه المخلوقات. ومعرفتنا بعظمتها مفاده الاعتراف بعظمة الخالق. إذا كانت هذه عظمة هذه المخلوقات، فكيف بعظمة مَنْ خلقها، الذي هو رب العالمين، وخالق الخلق وربهم؟! فلا يحيط بوصفه, ولا يعلم قدر عظمته إلا هو سبحانه وتعالى.
    وفائدة المسلم من معرفة هذه المخلوقات ومعرفة ما خلقت عليه: أن يُعَظِّمَ الخالق، أن يعترف بعظمته وجلاله وكبريائه، وأن يتصاغر أمام عظمة الله, ولا يتكبر, ولا يعظم نفسه تعظيما يتكبر به على الرب سبحانه، وأن يعرف حق الرب عليه.
    إذا كانت هذه عظمة مخلوقاته, فكيف بعظمة الخالق؟ وإذا كانت هذه المخلوقات وهذا قدرها, فكيف مقدارك أيها الإنسان؟ ماذا تملك؟ وماذا تقدر عليه؟ وماذا تتصرف فيه؟
    الواجب عليك أن تتورع, وألا ترفع بنفسك, ولا تشمخ بأنفك, ولا تتعزز على خالقك وربك، ولا على عباد الله. فهذه هي فائدة معرفة المسلم بعظمة هذه المخلوقات حتى يتواضع لمن خلقها. انتهى كلامة .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    82

    افتراضي رد: سؤال عمن يعتقد الجهة أجاب عنه شيخ الإسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو حمزة الشاري مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيكم
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو حمزة الشاري مشاهدة المشاركة

    هل للعرش وزن ( ثقل او خفة ) ؟

    أرجو الإجابة بالدليل والبرهان



    السؤال:
    قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته) السؤال : ما معنى (رضا نفسه، وزنة عرشه)؟

    الجواب:
    (رضا نفسه): يعني حمداً أبلغ به رضا الله، (زنة عرشه): يعني لعظمته يزن العرش، وزنة العرش ما يعلمها إلا الله، لأنها عظيمة، و(مداد كلماته) -أيضاً- مداد الكلمات.

    يقول الله عز وجل: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} [الكهف:109] وعلى هذا فيكون المعنى: أنَّه واسع كثير جداً.

    أجاب عليه الشيخ العلامة ابن عثيمين –رحمه الله تعالى والله اعلم

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    82

    افتراضي رد: سؤال عمن يعتقد الجهة أجاب عنه شيخ الإسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو حمزة الشاري مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيكم

    هل استوى الله على العرش دائما ام يتركه عند نزوله للسماء الدنيا ؟

    أرجو الإجابة بالدليل والبرهان

    بسم الله

    قال الشيخ الراجحي

    وقال الإمام إسحاق بن راهويه: قال لي الأمير عبد الله بن طاهر: يا أبا يعقوب، هذا الحديث الذي ترويه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ينزل ربنا -عز وجل- كل ليلة إلى سماء الدنيا"، كيف ينزل؟ قال: قلت: أعز الله الأمير! لا يقال لأمر الرب -عز وجل- كيف، إنما ينزل بلا كيف، ومن قال يخلو العرش عند النزول أو لا يخلو، فقد أتى بقول مبتدع ورأى مخترع.

    نعم، وهذه المقالة عن الإمام إسحاق بن راهويه الإمام المعروف، هو إمام كبير من الحفاظ، وهو أبو يعقوب الحنظلي، ومن أئمة أهل السنة والجماعة، قال له الأمير عبد الله بن طاهر، وهذا عبد الله بن طاهر بن الحسين أبو العباس أمير خراسان في زمانه، من أشهر ولاة العصر العباسي، يقول الأمير لإسحاق بن راهويه الإمام المشهور: يا أبا يعقوب، أبو يعقوب كنية الإمام أبي إسحاق، يا أبا يعقوب، الأمير يسأل أبا إسحاق، أبا إسحاق كنيته أبو يعقوب: هذا الحديث الذي ترويه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ينزل ربنا -عز وجل- كل ليلة إلى سماء الدنيا"، كيف ينزل؟ الأمير يسأل الإمام إسحاق بن راهويه، يقول له، يقول الأمير، كيف ينزل؟ تروي أن الله ينزل إلى سماء الدنيا، كيف ينزل؟ تأدب الإمام مع الأمير قال: قلت: أعز الله الأمير! لا يقال لأمر الرب كيف، إنما ينزل بلا كيف، هذا كلام الإمام رادًا على الأمير، قال: أعز الله الأمير دعاء له, لا يقال لأمر الرب -عز وجل- كيف، إنما ينزل بلا كيف, انتهى الكلام هنا.
    من قول المؤلف هذا: "ومن قال يخلو العرش عند النزول أو لا يخلو، فقد أتى بقول مبتدع ورأى مخترع", إذًا المؤلف عبد الغني يرى أنه لا يقال إنه يخلو العرش ولا يقال لا يخلو، وأن هذا من المبتدع, هذا قول مبتدع؛ فنقول أنه ينزل الرب ولا نقول يخلو العرش ولا ما يخلو العرش.
    وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن العلماء لهم ثلاثة أقوال في هذه المسألة: المسألة الأولى: أنه لا يخلو العرش عند نزوله، أن الله ينزل ولا يخلو العرش؛ لأن نصوص الفوقية والعلو محكمة، وأما النزول فهو فعل يفعله، الله أعلم بكيفيته. والقول الثاني للعلماء، الذي اختاره المؤلف: لا يقال يخلو ولا يقال لا يخلو، السكوت. والقول الثالث الذي قال يخلو منه العرش، وهذا أضعفها.
    وذكر شيخ الإسلام أن أقوى هذه الأدلة وأصح هذه الأقوال القول الأول، وهو أن يقال لا يخلو منه العرش, قال شيخ الإسلام ابن تيمية: منهم من ينكر أن يقال يخلو أو لا يخلو منه العرش، ونقل هذا عن الحافظ المقدسي, عبد الغني المقدسي، ومنهم من قال بل يخلو منه العرش، وهذا أضعفها، وصنف ابن منده في الإنكار على من قال لا يخلو منه العرش.
    وقال شيخ الإسلام -رحمه الله، ابن تيمية، لما ذكر الأقوال في هذه المسألة: القائلون بأنه يخلو منه العرش طائفة قليلة من أهل الحديث, وجمهورهم على أنه لا يخلو منه العرش، وهو المأثور عن الأئمة المعروفين بالسنة، ولم ينقل عن أحد منهم بإسناد صحيح ولا ضعيف أن العرش يخلو منه, إذًا شيخ الإسلام يبيّن أن قول جمهور المحدثين أنه لا يخلو منه العرش، وهناك قول قليل, قول طائفة قليلة، أنه يخلو منه العرش، والقول الثالث أنه لا يقال يخلو ولا يخلو، كما اختار عبد الغني وغيره، وقالوا: إن القول بأنه يخلو أو لا يخلو قول مبتدع، بهذا يتبين أن جمهور المحدثين على أنه لا يخلو منه العرش، ثم يليه القول الثاني أن يقال لا يخلو أو يخلو، والثالث -وهو أضعفها- وهو القول بأنه يخلو من العرش، نعم.
    2

    قال الشيخ ناقلا عن العلماء
    والنزول عند أهل السنة معناه : أنه ينزل سبحانه بنفسه إلى السماء الدنيا نزولاً حقيقيا يليق بجلاله ولا يعلم كيفيته إلا هو .
    ولكن هل يستلزم نزول الله عز وجل خلو العرش منه أو لا ؟ قال الشيخ ابن عثيمن في مثل هذا السؤال : نقول أصل هذا السؤال تنطُّعٌ وإيراده غير مشكور عليه مورده ، لأننا نسأل هل أنت أحرص من الصحابة على فهم صفات الله ؟ إن قال : نعم . فقد كذب . وإن قال : لا . قلنا فلْيَسَعْكَ ما وسعهم ، فهم ما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : يارسول الله إذا نزل هل يخلو منه العرش ؟ وما لك ولهذا السؤال ، قل ينزل واسكت يخلو منه العرش أو ما يخلو ، هذا ليس إليك ، أنت مأمور بأن تصدِّق الخبر ، لا سيما ما يتعلق بذات الله وصفاته لأنه أمر فوق العقول .
    مجموع فتاوى الشيخ محمد العثيمين 1/204- 205
    قال شيخ الإسلام رحمه الله في هذه المسألة : والصواب أنه ينزل ولا يخلو منه العرش ، وروح العبد في بدنه لا تزال ليلاً ونهاراً إلى أن يموت ووقت النوم تعرج .. قال : والليل يختلف فيكون ثلث الليل بالمشرق قبل ثلثه بالمغرب ونزوله الذي أخبر به رسوله إلى سماء هؤلاء في ثلث ليلهم وإلى سماء هؤلاء في ثلث ليلهم لا يشغله شأن .. انظر مجموع فتاوى ابن تيمية 5/132
    والاستواء والنزول من الصفات الفعلية التي تتعلق بمشيئة الله . فأهل السنة والجماعة يؤمنون بذلك ، ولكنهم في هذا الإيمان يتحاشون التمثيل والتكييف ، أي أنهم لا يمكن أن يقع في نفوسهم أن نزول الله كنزول المخلوقين واستواءه على العرش كاستوائهم ، لأنهم يؤمنون بأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، ويعلمون بمقتضى العقل ما بين الخالق والمخلوق من التباين العظيم في الذات والصفات والأفعال ولا يمكن أن يقع في نفوسهم كيف ينزل ؟ وكيف استوى على العرش ؟ والمقصود أنهم لا يكيِّفون صفاته مع إيمانهم بأن لها كيفية لكنها غير معلومة لنا وحينئذ لا يمكن أبداً أن يتصور الكيفية .
    ونحن نعلم علم اليقين أن ما جاء في كتاب الله تعالى أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم فهو حق لا يناقض بعضه بعضاً لقول الله تعالى : ( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ) ولأن التناقض في الأخبار يستلزم تكذيب بعضها بعضاً وهذا محال في خبر الله تعالى ورسوله .
    ومن توَهَّم التَّناقض في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو بينهما إما لقلَّة علمه أو قصور فهمه أو تقصيره في التدبر ، فليبحث عن العلم وليجتهد في التدبر حتى يتبين له الحق . فإن لم يتبين له الحق فليَكِل الأمر إلى عالمه وليكُفَّ عن توهُّمِه وليقل كما قال الراسخون في العلم : ( آمنا به كل من عند ربنا ) وليعلم أن الكتاب والسنة لا تناقض فيهما ولا بينهما اختلاف . والله أعلم
    انظر فتاوى ابن عثيمين 3/237- 238
    وتوهّم تعارض النزول إلى السماء الدنيا مع الاستواء على العرش والعلو فوق السماء ناشئ عن قياس الخالق على المخلوق ، وإذا كان الإنسان لا يتصوَّر بعقله غيبيات مخلوقة كنعيم الجنة فكيف يستطيع أن يتصور الخالق عز وجل علام الغيوب ، فنؤمن بما ورد من الاستواء والنزول والعلو لله ونثبته كما يليق بجلاله وعظمته .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    82

    افتراضي رد: سؤال عمن يعتقد الجهة أجاب عنه شيخ الإسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو حمزة الشاري مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيكم
    هل ينزل الله تعالى في الثلث الأخير من الليل نزولا حقيقيا بذاته ؟ وعلى توقيت
    دولة ينزل ؟ لأن الثلث الأخير من الليل مستمر طوال الوقت
    أرجو الإجابة بالدليل والبرهان

    بسم الله

    نزول الله بذاته
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله كما في شرح العقيدة السفارينية :272( وصفة النزول ) يعني من الأمور التي نثبتها لله ، وهي ثابتةٌ له من غير تمثيل صفة النزول وفيه عدة مباحث :
    المبحث الأول : ما معنى النزول وهل الله سبحانه وتعالى ينزل بذاته ؟
    النزول : يعني إلى السماء الدنيا ، وذلك لأنه تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو اشتهر اشتهاراً قريباً من التواتر أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ، ينزل - نزولاً حقيقياً ؛ بذاته إلى السماء الدنيا ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له )).
    وقائل ذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم ، ونحن يجب علينا أن نؤمن بأنه أعلم الناس بالله ، وأنه أصدق الخلق مقالاً ، وانصحهم مقصداً ، وأفصحهم نطقاً ، فلا أحد أنصح من رسول الله صلى الله عليه وسلم للخلق ، ولا أحد من الخلق أفصح منه ولا أبلغ ، ولا أحد من الخلق أصدق منه ، ولا أحد من الخلق أعلم منه بالله . وهذه صفات أربع يتصف بها كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبها يتم الكلام ، وهي : العلم والصدق والنصح والفصاحة .
    فإذا قال : ينزل ربنا إلى السماء الدنيا ، فإن مراده يكون نزوله تعالى بذاته ، وقد صرح أهل السنة بأن المراد نزوله بذاته ، وصرحوا بكلمة بذاته مع أننا لا نحتاج إليها ، لأن الأصل أن كل فعل أو اسم أضافه الله إليه فهو إلى ذاته ، فهذا هو الأصل في الكلام


    وقال

    استشكل كثيرٌ من الناس في عصرنا : كيف ينزل الله إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ، ونحن نعلم أن ثلث الليل الآخر لا يزال سارياً جارياً على الأرض وتحت السماء ، فيلزم من ذلك أن يكون النزول إلى السماء الدنيا دائماً ؟
    والجواب على هذا أن نقول : ليس هناك إشكال في
    نزول الله تعالى في الثلث الأخير رغم استمرار تتابعه على الأرض ، ونحن نؤمن بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( ينزل حتى يطلع الفجر )) ، فإذا كان كذلك فالواجب علينا ألا نتجاوزه ، فما دام ثلث الليل الآخر باقياً في منطقة من المناطق الأرضية فالنزول حاصل باقٍ ، ومتى طلع الفجر في هذه المنطقة فلا نزول ، وإن كان في الجهة الأخرى يوجد نزول ، والله على كل شيء قدير ، ولا يقاس سبحانه بالخلق ؛ فينزل إلى السماء في ثلث الليل الآخر في جهة من الأرض ، ولا ينزل بالنسبة لجهة أخرى ليس فيها ثلث الليل .
    ولهذا يقول بعض السلف : أكثر الناس شَكاً عند الموت أهل الكلام ، لأنهم فتحوا هذه المشاكل على أنفسهم وعجزوا عن حلها ، لكن لو لزموا الأدب وقالوا ما قال
    الله الله ورسوله ، لسلموا من هذا كله .
    فمثلاً لو كان أحدنا في المنطقة الشرقية وقد أذن الفجر ، والآخر في المنطقة الغربية وهو في آخر الليل ، فإننا نقول : هذا وقت
    نزول ربنا عز وجل بالنسبة للذي في المنطقة الغربية ، ونقول للآخر : انتهى وقت النزول .
    وليس في هذا إشكال ؛ فالذين هم في ثلث الليل يجتهدون في الدعاء لأنه وقت إجابة ، والآخرون انتهى عندهم وقت النزول ، ونسلم من هذه الإشكالات ، ونتشوف كل ليلة إلى ثلث الليل متى يأتي حتى ندعو
    الله فيه . انتهى كلامة رحمة الله
    رد احد الشيوخ على التوقيت بالنزول
    في الحديث المشهور :
    قوله صلى الله عليه وسلم "ينزل الله إلى السماء الدنيا كل ليلة . حين يمضي ثلث الليل الأول . فيقول : أنا الملك . أنا الملك . من ذا الذي يدعوني فأستجيب له ! من ذا الذي يسألني فأعطيه ! من ذا الذي يستغفرني فأغفر له ! فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر"
    الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 758
    خلاصة حكم المحدث: صحيح

    كيف نجمع بين نزول الرب تبارك وتعالى وبين كروية الأرض ؟


    الرد :

    مقدمة لا بد منها ..

    عندما يقف العباد في الصلاة أمام ربهم سبحانه وتعالى في وقت معين .. هل الله يراهم كلهم في نفس اللحظة أم أن الله يرى واحدا منهم فقط ولا يستطيع رؤيتهم وسماعهم والعلم بهم جميعا واحدا واحدا في نفس اللحظة ؟! .. ولنفرض أن أثناء صلاة هؤلاء قام أناس آخرون في منطقة أخرى على ظهر الكرة الأرضية لتأدية الصلاة .. فهل الله سينصرف عن أولئك ويقبل على هؤلاء الذين شرعوا في الصلاة أم أن الله يرى هؤلاء وأولئك جميعا ويسمعهم ويعلم بهم في نفس اللحظة ومع مرور الأوقات واختلاف الأمكنة ؟!

    خلاصة ما أريد قوله والتنبيه عليه في هذه المقدمة هو : أن أفعال الله ليست كأفعالنا .. وصفاته عز وجل ليست كصفاتنا .. فإذا كان الواحد منا لا يستطيع أن ينظر في نفس الوقت إلى شخصين مختلفين - أو أكثر - ويتحاور معهم أو يتجه نحوهم ويذهب إليهم وينزل عندهم ، ولا يستطيع تصور حدوث ذلك .. فلا يعمم هذا على الله سبحانه وتعالى .. أي لا يقيس أفعال الله على أفعال مخلوقاته ولا ذاته المقدسة ولا صفاته الكاملة .. بل الله في نفس اللحظة يرى ويسمع ويعلم بمخلوقاته جميعا رغم مرور الأوقات واختلاف الأمكنة ، وإن كنا نحن لا نستطيع تصور كيفية ذلك ..

    ومن قال بغير هذا فهو مشبه والعياذ بالله .. يلزم من قوله أن الله لا يعلم بعض الجزئيات في سمواته وأرضه ، أي أنه سبحانه ليس محيطا بكل شيئ !


    بعد هذه المقدمة نأتي لحديث النزول ..

    الشبهة أظنها الآن زالت بعد المقدمة .. فما قلناه عن رؤية الله لعباده وسماعه وعلمه بهم جميعا وفي نفس اللحظة رغم مرور الأوقات واختلاف الأمكنة نقوله عن النزول أيضا .. الله ينزل لهؤلاء وهؤلاء رغم مرور الأوقات واختلاف الأمكنة على ظهر الكرة الأرضية .. وهذا كما أن الله يراك في الصلاة ويسمعك ويعلم بك - لدرجة أنك تظن أن الله معك أنت وحدك ! - لكنه يرى كذلك غيرك ويسمعهم ويعلم بهم سواء صلوا معك في نفس الوقت أو شرعوا في الصلاة بعدك بقليل أو كثير في أي مكان على ظهر الكرة الأرضية ..

    فنزول الله عز وجل حق معلوم لكن كيفيته مجهولة .. لا نقيس صفة نزوله على أفعالنا وصفاتنا فنشبهه ونمثله سبحانه بمخلوقاته وهو الذي ليس كمثله شيئ .. ولا نؤول صفة نزوله فنعطل ما أثبته له الذي لا ينطق عن الهوى صلوات ربي وسلامه عليه .. لأن من أنكر نزول الله حقيقة واعتبر نزوله هذا من المجاز - مستدلا بأن عقله القاصر لم يستطع تصور ذلك - فهو يلزمه أن يفعل نفس الشيئ مع رؤية وسماع وعلم الله بعباده جميعا في نفس اللحظة في الصلاة - وفي غير الصلاة أيضا - رغم مرور الأوقات واختلاف الأمكنة .. وبالتالي يجعل علم الله محدودا أي أنه سبحانه لا يعلم بعض الجزئيات في سماواته وأرضه وبالتالي ليس محيطا بكل شيئ .. سبحانه عما يقولون ويصفون !

    خلاصة القول .. النزول معلوم وكيفه مجهول والسائل عنه لو لم يقع في بدعة التشبيه والتمثيل - حيث قاس في عقله ذات الله وصفاته وأفعاله على مخلوقاته وأفعالهم - لما سأل عنه !

    والحمد لله رب العالمين .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •