تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 33

الموضوع: ما درجة الأحاديث الآتية تابعوا معنا الحكم لشيخنا أبي إسحاق الحويني شفاه الله

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    Arrow ما درجة الأحاديث الآتية تابعوا معنا الحكم لشيخنا أبي إسحاق الحويني شفاه الله

    الحديث الأول: يسأل صاحبه عن صحة حديث( من أكل لحم جزورٍ فليتوضأ)
    هذا الحديث لا أصل له ، وله حكاية : أن رجلا أحدث في مجلس النبي ﷺ واستحيا
    أن يقوم فيتوضأ ، فأراد النبي ﷺ ألا يحرجه فأمر الجماعة كلهم أن يقوموا فيتوضئوا فقال النبي ﷺ ( من أكل لحم جزور فليتوضأ ) وكان معظم الجلوس كانوا قد أكلوا لحم الجزور وهو الجمل يعني فقاموا وتوضئوا وتوضأ هذا الذي أحدث في وسطهم ، ولم يشعر بشيء من الحرج .
    طبعاً هذه الحكاية كلها لا أصل لها: الذي أذكره أن أبا عُبيد القاسم بن سلاَّم ، روى هذا الحديث في كتاب له اسمه ( كتاب الطهور) بسند منقطع ، أي رواه عن مجاهد أن النبي ﷺ وساق الحديث بنحوه ، لكن رواة كتاب الطهور لأبي عُبيد فيها أن النبي ﷺ أمر الرجل الذي أحدث أن يقوم فيتوضأ ، فكأنما استحيا فقال العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه ( أفلا نتوضأ يا رسول الله ، فقال: قوموا توضئوا كُلُكُم ) وطبعا مجاهد تابعي صغير لم يدرك رسول الله ﷺ ، وحتى الإسناد إلى مجاهد فيه راو ضعيف، أي أنه يُضعف بهذا الراوي ويُضعف بكونه مرسلاً أيضاً ، ومع ضعف هذه الحكاية إلا أن الحكم صحيح ، وهو أن من أكل لحم جزور يتوضأ ، وذلك للحديث الذي رواه مسلم من حديث جابر بن سمُرة رضي الله عنه ، (أن رجلاً قال: يا رسول الله أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم ، قال: أنتوضأ من لحوم الغنم ؟ قال: لا، قال أنصلي في مرابض الغنم ؟ قال : نعم ، قال : أنصلي في معاطن الإبل؟ قال: لا)
    والإمام النووي رحمه الله في كتاب المجموع الشرح المهذب قال: وهذا المذهب هو الأقوى دليلاً ، وهو قول أحمد أن من أكل لحم جزور يلزمه أن يتوضأ لحديث جابر بن سَمُرَة وليس لهذا الحديث الذي لا أصل له .
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: ما درجة الأحاديث الآتية تابعوا معنا الحكم لشيخنا أبي إسحاق الحويني شفاه الله

    يسأل عن حديث ( أن رجلاً قال للنبي ﷺ: عندي امرأةٌ وهي من أحب الناس إلي وهي لا تمنع يد لامس ، قال: طلقها ، قال: لا أصبر عنها ، قال: استمتع بها )
    يقول هل هذا حديث صحيح؟
    أقول هذا الحديث ضعفه أربعة من علماء الحديث الكبار ، منهم الإمام أحمد بن حنبل والإمام النسائي ، والإمام أبو حاتم الرازي ، والإمام أبو أحمد بن عدي , ولكن له سند لم يتعرضوا له ، وهذا الإسناد رواه الإمام النسائي في سننه أيضاً ، وأظنه خطئه وقال: الأصل هو مرسل.
    الخلاصة:أن علماء الحديث المتقدمين ضعفوا هذا الحديث ، وبعض علمائنا المتأخرين كابن كثير وابن القيم رحمة الله عليهما جودوا بعض أسانيد هذا الحديث ، وتأولوا معناه فتأولوا قوله ( لا ترد يد لامس) أي لا ترد يد سائل ، وتُعُقِبَ هذا القول ، بأنه لو كان الأمر كذلك ، لقال (لا ترد يد ملتمس) ، ملتمس: أي سائل ، وذهب ابن كثير وابن القيم رحمة الله إلى أن المرأة لم تكن خائنة ولم تكن كما يُفهم من تبويب النسائي ، لأنه روى هذا الحديث في سننه وقال: (باب تزويج الزانية )، فقالوا: أن المرأة لم تكن زانيةً لكن كانت ضعيفة النفس ، يعني فيه بعض الناس يسمون ضعفهم هذا حياءً، وأنا لا أسميه حياءً، لأن النبي ﷺ قال:" الحياء كله خير " وفي اللفظ الآخر "الحياء لا يأتي إلا بخير" ، فهذه المرأة كأنها ، كانت سجيتها ضعيفة وأن أحداً من الناس لو لمسها أو نحو ذلك يمنعها هذا الخجل وهذا الضعف أن تقول له لا، فجاء هذا الرجل وقال: (يا رسول الله إن إمرأتي لا ترد يد لامس) أي بهذا المعنى ، لا أنها كانت زانية وإلا فالنبي ﷺ لا يقر الرجل على أن يصل الرجال إلى امرأته ثم يتركهم ! فهذا ديوس ولكن هذا هو المعنى الذي أظهره ابن القيم وابن كثير",فقال طلقها "، لماذا ؟ لأن مثل هذه المرأة يُخشى ألا تصون عرضه ، فقال:" إني لا أصبر عنها أو إني أخشى أن تتبعها نفسي"كما ورد في بعض روايات الحديث، فقال له :" استمتع بها."
    يقول ابن كثير رحمه الله : إن عفتها أمر قائمٌ ومتحقق ، وإن وقوع هذا الأمر منها أمرٌ محتمل ، ومعروف أن الاحتمال لا يزيل الأمر الثابت ، يعني لو هناك أمر فيه شك وهناك أمر ثابت ، فالأمر الثابت وهو اليقيني هو الذي يمضي أما الأمر الآخر فهو الذي لا يُبني عليه ، ولكن على أي حال ، هذا الحديث كما قلت لكم عن علماء الحديث الكبار أنه لا يثبت .

    __________________
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: ما درجة الأحاديث الآتية تابعوا معنا الحكم لشيخنا أبي إسحاق الحويني شفاه الله

    سائلٌ يسأل :عن حديث معاذ بن جبل_ رضي الله عنه_ الذي فيه ( أوصاني رسول الله بعشر كلمات ، قال: لا تشرك بالله وإن قُتلت وحُرِّقت ، ولا تعقن والديك وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك ، ولا تتركن صلاة مكتوبة متعمداً فإن من ترك صلاة مكتوبةً متعمداً فقد برأت منه ذمة الله ولا تشربن خمراً فإنه رأس كل فاحشة .. إلى آخر هذا الحديث ) لأن الحديث فيه طول.
    درجة الحديث :وهذا الحديث لا يصح فقد رواه الإمام أحمد في مسنده ولكن لا يصح إسناد من أسانيد هذا الحديث، فأحمد على ما أذكر رواه بإسنادين وربما يكون أكثر ، أنا عهدي بعيد رواه بإسناد عن أبي وائل شقيق ابن سَلمة روى بعض هذا الكلام ، وروى الإسناد الآخر عن عبد الرحمن بن جُبير بن نُفيل كلاهما عن معاذ بن جبل رضي الله عنه.
    سبب الانقطاع:والإسناد هنا منقطع لأن عبد الرحمن بن جُبير بن نُفيل ، لم يدرك معاذً، وكذلك أبو وائل شقيق ابن سَلمة لم يدرك معاذً ، لأن معاذ بن جبل توفي في زمان عمر في طاعون عمواس العام الثامن عشر من الهجرة ، إنما شقيق ابن سَلمة أبو وائل ، من أقدم من لقي عبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن مسعود توفي بعد سنة ثلاثين ، أظنه سنة اثنين وثلاثين تقريبا أو في غضون هذه الفترة,إذن وفاة معاذ متقدمة فلم يلحقه واحد من هؤلاء وأعتقد أيضاً في معجم الطبراني الكبير أنه يرويه عن مكحول عن معاذ وطبعا مكحول متأخر جداً، يمكن أبو وائل شقيق أبو سَلمة متقدم عن مكحول الشامي أبي عبد الله ,فلا يصح إسناد هذا الحديث.
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: ما درجة الأحاديث الآتية تابعوا معنا الحكم لشيخنا أبي إسحاق الحويني شفاه الله

    ما درجة حديث: حديث( ماء زمزم لما شرب له )هذا الحديث كنت اعتقده فترة من الفترات أنه حديث حسن ، وقد حسَّنه جماعة من المتأخرين ولكن أنكره أبو أحمد ابن عدي وعنده حق في إنكاره ، لأن هذا الحديث مداره على راوٍ اسمه عبد الله بن المؤمَل وهذا الراوي تفرد بروايته عن أبي الزبير عن جابر أن النبي ﷺ قال ( ماء زمزم لما شرب له ) قاعدة عند علماء الحديث: ( أن الضعيف أو سيء الحفظ إذا انفرد بحديث فحديثه منكر ، مردود) ، لا سيما إذا كان شيخه من المشاهير وله تلاميذ كُثر ، يعني لما يكون أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس هذا من المشاهير ، وله أصحاب كثيرون ، عندما يأتي واحد ضعيف يتفرد عن مثل هذا الشيخ المشهور بمتن تدعوا الحاجة إلى حفظه ، لأن الحديث ( ماء زمزم لما شرب له ) هذا معناه كبير وأنا أعلم أن هناك جماعة من العلماء المتقدمين والمتأخرين استعملوا هذا الحديث ,في باب الترغيب والترهيب كانوا يتساهلون حتى ربما كان الحديث ضعيفاً وهم يعلمون أنه ضعيف وقد يستعملون معناه . مثلاً: في هذا الحديث ( ماء زمزم لما شرب له) هذا عبد الله بن المبارك:الذي يرويه عن عبد الله بن المؤمَل ، لما روى هذا الحديث شرب من ماء زمزم وقال:" اللهم إني أشرب ماء زمزم لعطش يوم القيامة" ، والحافظ بن حجر العسقلاني "شرب من ماء زمزم ليصل إلى رتبة الحافظ الذهبي في الرجال" يقول الشيخ حفظه الله: أن استعمالهم للحديث الضعيف لا يدل على صحته ، لأن هناك بعض الناس وقع في هذا الباب، تصور أن استعمال العلماء لحديث ما ، أن هذا يقويه ، أو أن هذا دليل على صحته ، لا ، لا سيما في باب الترغيب والترهيب.
    مثلاً:الإمام أحمد في مرضه قال لعبد الله ابنه : إإيتني بكتاب ليثٍ عن مجاهد ، ليث ابن أبي سليم كان له عن مجاهد في الصحيفه ، فقال: ( اقرأ علي ، فقرأ عبد الله ، بدأ يقرأ الصحيفة حتى وصل إلى قول ليث عن مجاهد أنه كان يكره الأنين ،_ يكره أنين المريض_ ويقول هو شكوى )، هذا قول مجاهد ، يعني ليس حديثا مرفوعاً إلى النبي ﷺ ومع ذلك لما سمع الإمام أحمد هذا الكلام عن مجاهد ، فما أنَ إلى أن مات ، مع أن ليث ابن أبي سُليم ضعيف الحديث، وأحمد بن حنبل ضعفه وهو يعلم أنه ضعيف ومع ذلك امتثل أحمد قول مجاهد في هذا المعنى ,فليس معنى استعمال العالم للحديث أنه فيه دلالة على صحته ، فماء زمزم لما شرب له ، من أفراد عبد الله بن المؤمَل ، ولذلك جزم أحمد بن عدي رحمه الله في كتاب الكامل في ضعفاء الرجال بضعف هذا الحديث لتفرد عبد الله بن المؤمَل به .
    __________________
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: ما درجة الأحاديث الآتية تابعوا معنا الحكم لشيخنا أبي إسحاق الحويني شفاه الله

    يسأل سائل :الأحاديث التي وردت في فضل الروضة الشريفة ، التي بجانب قبر النبي عليه الصلاة والسلام .
    ج:ثبت عن النبي ﷺ من حديث أبي هريرة وابن عمر وأم سَلمة وجابر وابن عباس وجماعة من الصحابة أنه ﷺ قال: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ) لكن هناك بعض الناس يفهم خطأ، يتصور أن الصلاة في الروضة لها فضلٌ زائد على الصلاة في المسجد ، وهذا خطأ ، لم يرد شيء من الأحاديث أعلمه أن النبي ﷺ ذكر فضلاً للصلاة في الروضة ، ولذلك ، الناس الذين يذهبون ويتزاحمون تزاحما شديداً في الروضة ويكاد يؤذي بعضهم بعضاً بل يؤذي بعضهم بعضاً في سبيل أن يجد مكاناً في الروضة ليصلي، أقول أنه لا فضل للصلاة في هذا المكان على بقية المسجد ، إنما كل الذي ورد أن النبي ﷺ قال: ( ما بين بيتي ومنبري روضة من ريا ض الجنة ) ليس معنى أنه روضة من رياض الجنة أن الصلاة فيه أفضل من الصلاة خارجها ، يعني هذا لا علاقة له ببعضه.
    __________________
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: ما درجة الأحاديث الآتية تابعوا معنا الحكم لشيخنا أبي إسحاق الحويني شفاه الله

    يسأل سائل عنحديث( ما أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عن شيء فدعوه ما استطعتم ) هل هذا حديث صحيح أم لا ، وما مناسبته وما معناه ؟
    أقول اللفظ الذي أورد السائل باطل ، وأقصد بالبطلان أو النكارة ,آخره ، إنما الصحيح منه ( ما أمرتكم به من شيء فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ) فقط إلى ذلك ، إنما ( فاجتنبوه ما استطعتم ) فذكر الاستطاعة في النهي باطلة ، أولا من جهة الرواية ، وثانياً من جهة الدراية .
    أما من جهة الرواية: فهذا الحديث يرويه أبو هريرة _رضي الله عنه_ ويرويه عنه جماعات كثيرة ، لكن هذا اللفظ رواه محمد ابن زياد عن أبي هريرة ، ورواه عن محمد ابن زياد شعبة بن الحجاج والربيع بن مسلم والحسين بن واقد ، هؤلاء الثلاثة رووا هذا الحديث بمناسبته وهو :عندما قال النبي ﷺ:( يا أيها الناس إن الله فرض عليكم الحج فحجوا ، فقال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت . فأعاد الرجل الكلام ، فقال: أكل عام ؟ فسكت ، فأعاد الكلام قال: أكل عام ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : ذروني ما تركتكم ، فإنما أهلك الذين كانوا من قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عن شيء فاجتنبوه )
    إذن هؤلاء الرواة رووا الحديث عن محمد بن زياد عن أبي هريرة بهذا ، ورواه أيضا حماد بن سَلمة مثلهم ، عن محمد بن زياد بهذا اللفظ إلى كلمة ( فاجتنبوه ) لا يوجد ما استطعتم هذه ، حماد بن سلمة رواه كذلك ورواه عن حماد بهذا السياق دون ذكر الاستطاعة في النهي ، رواه وكيع بن الجراح ، رواه يونس ابن محمد المؤدِب ، رواه عبد الرحمن بن مهدي ، أما علي بن عثمان اللاحقي فخالف هؤلاء الثلاثة ، فرواه عن حماد بن سلمة فذكر( الاستطاعة في النهي ).
    إذن علي بن عثمان اللاحقي هو الذي زاد هذه اللفظة :ووهم على حماد بن سلمة فيها ، فليس هناك في أي طرق من طرق الحديث التي وقفت عليها وكنت جمعت طرق الحديث قديما منذ أكثر من عشر سنوات ، وأنا لازلت أذكر أن علي بن عثمان اللاحقي هو الذي تفرد بذكر الاستطاعة في النهي ( وما نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ما استطعتم )قلت لكم : ذكر الاستطاعة في النهي منكرة أو باطلة ، هذا من جهة الرواية ،علي بن عثمان اللاحقي ، نعم وثقه أبو حاتم الرازي ، ولكن قال ابن خِراش أنه مختلف فيه ، فمثله ترد زيادته إذا خالف الأئمة الكرام لا سيما كانوا كأمثال الوكيع بن الجراح وأمثال يونس بن محمد المؤدِب وأمثال عبد الرحمن بن مهدي وهؤلاء الثلاثة من شيوخ الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.
    من جهة المعنى :، هذه الزيادة باطلة أيضا ، لأنه لا يكون العبد ممتثلاً للنهي إلا إذا انتهى بالكلية وعلى الفور ,يعني اليوم مثلا: في صلاة الفريضة النبي ﷺ يقول ( صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلي جنب ) هذه تشمل الفريضة وتشمل النافلة ,إذن الاستطاعة ، في ترقي( إذا أمرتكم به من شيء فأتوا منه ما استطعتم ) أمرنا النبي ﷺ في صلاة الفريضة أن نصلي قياماً ، والقيام ركن ، فإذا كان العبد مطيقا للقيام وصلى قاعداً بطلت صلاته ,لو عجز العبد فعلاً عجزاً حقيقاً أن يصلي قائماً فقال عليه الصلاة والسلام ( فإن لم تستطع فقاعداً) ، ولو لا يستطيع قاعداً قال( فعلى جنب ) إذن هنا تحقق فيه قول النبي ﷺ: ( إذا أمرتكم به من شيء فأتوا منه ما استطعتم ) سواء كان كما قلت فرضاً أو كان نفلاً .
    مثال: رجل يشرب الخمر والخمر حرام ، فقلت له الخمر حرام ، فقال لي: هذه الزجاجة سوف أشرب منها فقط شربتين وهذا الذي أستطيعه ! فهل يُقبل؟ طبعا لا لا يكون ممتثلاً حتى يترك الخمر كلها لو شرب رشفة واحدة منها كان عاصياً ,فكذلك نقول النهي لا يكون العبد ممتثلا أبدا للنهي إلا إذا انتهى بالكلية ، ولذلك ذكر النبي ﷺ الاستطاعة في الأمر دون النهي .( إذن نخلص من هذا البحث إلى أن ذكر الاستطاعة في النهي منكرة أو باطلة ).
    ويقول نفس السائل أنه يريد أن يجلي معناه لأنني سمعت بعض الناس يقول: إذا استطعت ألا أصلي فلا جناح علي!!
    لا طبعاً المسألة ليست كذلك ، يعني إذا كان بعض الناس يتذرع بهذا الحديث إلى أن يترك المأمور به لأي عارض لا يُعد عذراً شرعياً ، فهذا الحديث ليس حجة له بطبيعة الحال مثال: فرد يعمل في أي جهة عمل كورشة أو ما إلى ذلك ، وأذن عليه المؤذن ، هل يقول عذراً أنا مشغول وأريد أن أنهي هذا العمل ولا يهم الصلاة وأنا لا أستطيع ؟!
    طبعاً بداهة لا أحد مطلقاً يفهم الحديث هذا الفهم ، إنما القصد أن يبادر المرء إلى فعل ما أُمر به فإن عجز فله الرخصة ، وهذا هو الكلام السائر المتداول بين أهل العلم في كتبهم ، ولكن ما يقوله هذا أنه يريد أن يتفلت من الأوامر والنواهي ، فهذا طبعاً خارج تماماً عن فهم أي أحد من أهل العلم .
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: ما درجة الأحاديث الآتية تابعوا معنا الحكم لشيخنا أبي إسحاق الحويني شفاه الله

    يسال سائل :عن فضل قراءة سورة ( ألهاكم التكاثر) وباقي سور القرآن ؟
    ج:طبعاً أنا نبهت في مرة سابقة عن هذا المعنى ، وقلت : أن معظم الأحاديث التي وردت في فضائل سور القرآن الكريم لا تصح ، إما ضعيفة وإما موضوعة وإما منكرة والذي صح من أحاديث وفضائل سور القرآن الكريم هو النذر اليسير والذي وضع هذه الأحاديث رجل يقال له : ( نوح ابن أبي مريم ،) وكان يلقب بنوح الجامع لأنه جمع كثيراً من أطراف العلم ، حتى قال ابن حِبان فيه : (جمع كل شيء إلا الصدق )، وكان هذا الرجل يقضي عامة ليله في تأليف أحاديث من رأسه في فضائل سور القرآن الكريم ، يقرأ السورة ثم يختار معنيً مناسباً ويضع حديثاً لفضل هذه السورة ، سواء للسورة بكاملها أو لبعض آياتها ، فلما علم الناس أنه فعل ذلك ، سألوه عن هذا قال: (رأيت الناس انشغلوا بمغازي ابن إسحاق وبفقه أبي حنيفة عن كتاب الله ، فوضعت هذه حسبةً لله، )يعني يكذب على النبي ﷺ ثم يرجوا أن يُؤجر على هذا الكذب!فالأحاديث الواردة في فضل ( ألهاكم التكاثر) وسورة الواقعة وما شابه هذه السور، كلها أحاديث لا تصح ، إنما الذي صح كما قلت نذر يسير، فالذي صح مثلاً مما أذكره ليس على سبيل الاستيعاب:
    (الفاتحة ، والبقرة ، وآل عمران ، وسورة الملك وآية الكرسي ، وسورة الإخلاص والمعوذتان وسورة الزلزلة فيها أنها ربع القرآن )، تقريبا هذه هي الأحاديث التي صحت وربما كما قلت أن هناك أحاديث أخرى خاصة بفضائل بعض الآيات أو فضائل بعض السور ولكن لا أذكر هذا على سبيل الاستيعاب.
    لكن على أي حال: النذر الموجود من الأحاديث الصحيحة قليل جداً لا يساوي هذا الذي ورد في كتب التفاسير التي لا يعرف أصحابها شيئاً عن الصحيح والضعيف ، ونبهت على بعضها وأعيد التنبيه عليها مرة أخرى ، ليحذرها من يكون عنده شيء من هذه التفاسير: تفاسير يُحذر منها:(تفسير أبي السعود ، تفسير النسفي، تفسير الزمخشري، تفسير الفخر الرازي ، تفسير الثعلبي ، تفسير الخازن) وإن كان الخازن أمثلهم طريقة ولكن يوجد قدر لا بأس به من الأحاديث الساقطة ، أما الكتب التي كانت تعتني بالأحاديث ، فطبعاً على رأسها تفسير ابن كثير لأنه يعتني بنقد الروايات وطبعاً أستاذ الكل في هذا الباب هو( أبو جعفر ابن جرير الطبري رحمة الله عليه) صاحب التفسير الكبير الذي يغترف منه كل مفسر جاء بعده ، وكذلك تفسير( عبد بن حميد وتفسير ابن المنذر ، تفسير ابن أبي حاتم تفسير ابن مردرويه ،) كل هذه التفاسير المسندة التي يروى أصحابها الأحاديث التي يستخدمونها في تفسير الآيات بالأسانيد ، وطبعا( تفسير البغوي ,) معالم التنزيل يوجد فيه قدر لا بأس به من الأسانيد .لكن من أنظفها وأفضلها( تفسير الحافظ ابن كثير رحمه الله )، ولذلك انتشر هذا الكتاب انتشارا واسعاً كبيراً، وهذا لا يعني أن كل الأحاديث التي وردت في تفسير ابن كثير صحيحة ، لا، ابن كثير أيضاً يشتمل على أحاديث ضعيفة ، لكن الكتب التي سميتها في الأول أصحابها لا يعرفون شيئاً عن الصحيح ولا عن الضعيف

    __________________
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: ما درجة الأحاديث الآتية تابعوا معنا الحكم لشيخنا أبي إسحاق الحويني شفاه الله

    سائل آخر: حديث ( فر من المجزوم فرارك من الأسد ) وكيف نجمع بينه وبين حديث ( لا عدوى ولا طيرة ) ؟
    ج:كلاهما حديث صحيح ، أحدهما يثبت العدوى وهو ( فر من المجزوم )والآخر( لا عدوى ولا طيرة ) ؟ ينفي العدوى .
    خلاصة أقوال العلماء في الجمع بين هذين الحديثين: أنه لا عدوى تنتقل بذاتها ، أي أنه ليس من الضروري أن يكون إنسان عنده مرض معدي ، أنه لازم أي واحد يأتي بجواره يحمل نفس المرض ، ولذلك لما قال رجل للنبي عليه الصلاة والسلام : ( تكون عندي الإبل كالظباء فيجيء الجمل الأجرب في وسطها فيعديها ) لما قال النبي ﷺ: ( لا عدوى ) ، فالرجل الأعرابي الجالس مع النبي عليه الصلاة والسلام فهم أن ( لا عدوى ) أن هذا فيه نفي للعدوى ، فيستدل بالواقع على خلاف الكلام ، فيقول له : أنا عندي الجمال تكون صحيحة سليمة ، يأتي الجمل الأجرب فيعديها ، فكيف لا عدوى ؟ فقال له عليه الصلاة والسلام : ( فمن أعدى الأول؟ ) أول جمل أصابه الجرب من الذي أعداه ؟ يريد أن يقول أنه لا عدوى تنتقل بذاتها إنما ينقلها الله سبحانه وتعالى ، وهذا كما قلت ليس معناه أن كل مرض معدي لابد أن يعدي من بجانبه .
    __________________
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: ما درجة الأحاديث الآتية تابعوا معنا الحكم لشيخنا أبي إسحاق الحويني شفاه الله

    يسأل سائلٌ: عن حديث( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ).
    ج: هذا الحديث حسنه النووي وبعض العلماء المتأخرين ، لكنه في الحقيقة حديث ضعيف أعلَّه علماء الحديث الكبار ، هذا الحديث الذي وصله هو قُرة ابن عبد الرحمن يرويه عن الزهري عن أبي سَلمة عن أبي هريرة ، أن النبي ﷺ قال: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)لكن قُرة ابن عبد الرحمن لم يكن بذاك القوي في الزهري ، كان كما أوردوا كما أظن : قاله الأوزاعي: قُرة ابن عبد الرحمن أعلم بالزهري ، فرد ابن حِبان هذه المقالة في كتاب الثقات ، قال: أعلم بالزهري أي ، هو أعلم بأحواله وأخباره لا أنه مُقدَّم في حديث الزهري ، لا، كل مارواه قرة ابن عبد الرحمن عن الزهري لا يتجاوز ستين حديثاً، خالفه أصحاب الزهري في طائفة منها ، إنما أصحاب الزهري الكبار ، وبالعودة لكلامنا في علم المصطلح قديما قلنا: أن الطبقة الأولى من أصحاب الزهري :مالك ومعمر وابن عيينة ومحمد ابن الوليد ، هؤلاء الأربعة ، هم الطبقة الأولى من أصحاب الزهري ,قرة ابن عبد الرحمن في الطبقة الخامسة ، ما الذي فعله قرة ؟رواه عن الزهري عن أبي سَلمة عن أبي هريرة خالفه : مالك ، مَعمر،عُبيد الله بن عمر ، زياد ابن سعد وآخرون ، فلست مستحضراً كل الذين رووه عن الزهري، عن علي بن الحسين أن النبي ﷺ.مرسل ، جاء علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب .إذن قرة خالفهم ، رواه عن الزهري عن أبي سَلمة عن أبي هريرة ، وأصحاب الزهري الكبار يروونه عن الزهري عن علي بن الحسين أن النبي ﷺ قال:( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) إذن الصواب في الحديث: الإرسال، وإن من صحح هذا الحديث أو حكم بحسنه ، إنه واهم ولم يُعمِل قواعد علم الحديث في هذا الحديث .
    __________________
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: ما درجة الأحاديث الآتية تابعوا معنا الحكم لشيخنا أبي إسحاق الحويني شفاه الله

    يسأل سائل عن : حديث أبي هريرة _رضي الله عنه_ أن النبي ﷺ قال ( إنكم في زمانٍ من ترك منكم فيه عُشر ما أُمر به هلك ، ويأتي زمان من عمل منهم بعُشر ما أُمر به نجا ) هذا الحديث حديث منكر ، أنكره الإمام النسائي ، والإمام الترمذي رحمة الله عليه يرويه في سننه من حديث نُعيم بن حماد قال حدثنا سفيان ابن عيينة عن زناد ابن أبي الأعرج عن أبي هريرة ، واستغربه الترمذي ، قال: هو غريب من حديث نُعيم .
    لما روجع نُعيم بن حماد وهو أحد العلماء الكبار من أصحاب السنة الذابين عنها ولكنه كان سيء الحفظ - لما روى هذا الحديث أنكروه عليه ، فقال: إنني سمعته من ابن عيينة ، كنا نمشي معه ، يبدو في سوق من الأسواق ، فرأى شيئاً أنكره فقال هذا الكلام، فالعلماء كالذهبي رحمه الله ، قال : ( هو صادق في نقل هذا الكلام عن سفيان ابن عيينة ولكنه وهم في جعله من كلام النبي ﷺ )، فكأن سفيان ابن عيينه وهو يسير وجد شيئا منكراً، فوقف وأنكره وقال هذا الكلام ( إنكم في زمانٍ من ترك منكم فيه عُشر ما أُمر به هلك ، ويأتي زمان من عمل منهم بعُشر ما أُمر به نجا ) فكأن سفيان ابن عيينة قال هذا الكلام من عنده ، فاختلط على نُعيم بن حماد فظنه حديثاً فرفعه إلى النبي ﷺ ، والأقرب عندي في هذا أن يكون سفيان ابن عيينة ذكر الإسناد على اعتبار أنه سيروي حديثاً ، فقال: عن أبي الزناد حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال، وفجأة وجد هذا الشيء المنكر فقال هذا الكلام ، فظنه نُعيم ابن حماد كلام النبي ﷺ ، وإنما ساق سفيان ابن عيينة السند الأول ليذكر به حديثاً ما ، وهذا يقع أحياناً لسيء الحفظ الذي لا ينتبه كما وقع على ثابت ابن موسى الزاهد عندما دخل على شرِيك ابن عبد الله ألنخعي في المسجد ، وشرِيك يحدث فقال: حدثنا الأعمش عن أبي سفيان طلحة ابن نافع عن جابر_ رضي الله عنه_ أن النبي ﷺ قال، ثم التفت شرِيك إلى باب المسجد فإذا ثابت ابن موسى الزاهد يقف على الباب ، وواضح من هذا اللقب ( ثابت ابن موسى الزاهد ) واضح أنه كان زاهداً عابداً ، فأراد شرِيك أن يداعبه فقال له ( من صلى بالليل حسن وجهه بالنهار )طبعا ثابت ابن موسى الزاهد واقف على باب المسجد وسمع الإسناد من شريك ، وشريك كان يُملي الطلبة يقول لهم ماذا ؟حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن النبي ﷺ أنه قال و لم يقل الحديث فالتفت فوجد ثابت ابن موسى على الباب فقال له هاتين الكلمتين,فكان ثابت ابن موسى سمع هذا الإسناد ، فخرج من المسجد يقول: حدثنا شريك ، قال حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر أن النبي ﷺ قال: ( من صلى بالليل حسن وجهه بالنهار )!.طبعا هذا الكلام ليس كلام النبي ﷺ ، لكن لأن ثابت ابن موسى كان غافلاً عن ضبط الحديث فتوهم أن هذا هو كلام الرسول ﷺ .
    و أشار العراقي إلى هذا النوع من الأحاديث الموضوعة التي جاءت عن طريق غفلة الراوي ، وليس كذب وألف ، فيمكن الراوي المغفل يدخل عليه كلام ليس من كلام النبي ﷺ فيعده العلماء موضوعاً.
    ومما قال العراقي :
    والواضعون بعضهم قد صنعا
    من عندِ نفسهِ وبعضٌ وضعا
    كلامّ بعضَ الحُكَما في المسندِ
    ومنه نوعٌ وضعُهُ لم يُقصَدِ
    مثلُ حديثُ ثابتٌ من كَثُرَت
    صلاتهُ الحديثَ وهلةٌ سَرَت
    يريد أن يقول : ومنه نوع وضعه لم يقصد مثل حديث ثابت الذي أقص لكم قصته الآن
    ما قصد ثابت ابن موسى الزاهد أن يكذب على النبي ﷺ ولا أن يؤلف كلاماً وينسبه للنبي ﷺ ، ولكن لغفلته تصور أن هذا هو الحديث كلاماً وينسه للنبي ﷺ ولكن لغفلته تصور أن هذا هو الحديث فكانت وهلة منه وغفلة منه سرت ففشت في الناس وجاء سُرِّاق الأسانيد فركَّبوا عدة أسانيد لهذا الحديث حتى ظن بعض المتأخرين كالقُضاعي في مسند الشهاب، أنه حديث حسن لتعدد طرقه فضعف في مسند الشهاب والواقع أنه حديث باطل ,فهذا هو الذي حدث لنعيم ابن حماد ، قال ابن عيينة كلاماً ، بعدما ساق إسناداً يريد أن يحدث به حديثاً للنبي ﷺ ، لكنه توقف عن التحديث به لما رأى هذا المنكر ، فأنكره وقال هذا الكلام ، فظن نُعيم ابن حماد أن الكلام الذي قاله ابن عيينة هو الكلام الذي أراد أن يروي به ،هذا الإسناد النظيف وهو : أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة .
    فالحقيقة هذا الحديث حديث منكر وكما قلت لكم أن الترمذي نفسه استغربه والترمذي إذا أطلق الغرابة على سند من الأسانيد فإنه يعني الضعف ،.
    لأن الترمذي له مصطلحات يقول على الحديث : حسنٌ صحيح ، حسنٌ صحيح غريب، صحيح صحيح غريب ، حسن ، حسنٌ غريب ، غريب ,إذن عنده سبع مصطلحات ، فالغرابة عنده قد تجامع الحسن أو الصحة فيقول : صحيح غريب حسنٌ غريب ، حسنٌ صحيح غريب ، لكنه إذا أفرد الغرابة بالذكر فهذا يعني أنه ضعيف . إذا قال هذا حديث غريب ، يعني هذا حديث ضعيف
    __________________
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: ما درجة الأحاديث الآتية تابعوا معنا الحكم لشيخنا أبي إسحاق الحويني شفاه الله

    وسائلٌ يسأل: عن حديث معاذ بن جبل في القضاء ، لما أرسله النبي إلى اليمن وقال له :( يا معاذ بم تقضي؟ قال: أقضي بكتاب الله عز وجل ، قال: فإن لم تجد ؟ ، قال: أقضي بسنة النبي ﷺ ، قال: فإن لم تجد؟ ، قال : أقضي برأيي ولا آلو أي لا أقصر فضرب النبي ﷺ بيده على صدره وقال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله إلى ما يحبه الله ورسوله )
    هذا الحديث منكر ، لا يصح ، ويرويه أبو داود والإمام أحمد والطيالسي والعُقيلي وغيرهم من حديث الحارث ابن عمر عن أصحاب لمعاذ ابن جبل رضي الله عنه عن معاذ أن النبي ﷺ قال: وساق الخبر,الحارث ابن عمر هذا مجهول ، وأصحاب معاذ كذلك ، لا نعرف من هم .
    وهذا الحديث ضعفه كثير من علماء الحديث ، منهم الإمام البخاري والإمام الترمذي والعقيلي والدار قطني وابن حزم وابن طاهر وابن الجوزي والذهبي والسبكي والحافظ ابن حجر العسقلاني وآخرون ، فأنا ذكرت عشرة من العلماء الذين ضعفوا هذا الحديث.
    ثم هو بالنظر إلى ترتيب الكتاب مع السنة أيضا فيه نكارة لأنه يقول له : بم تقضي ؟ قال : أقضي بكتاب الله ، قال : فإن لم تجد؟ قال: بسنة رسول الله ﷺ.طبعاً أنت إذا علمت أن السنة مبينة لكتاب الله عز وجل لا يصح أن تأخذ القرآن وحده دون النظر في السنة ، لو أن رجلا لا يعرف شيئاً عن السنة مطلقاً ، وقرأ قول الله تبارك وتعالى : ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ والدم﴾ فإذن هذا يعني أنه سوف يحرم كل ميتة، وسيحرم كل الدماء ونحن نعلم أنه ورد في سنة النبي ﷺ: قال( أُحل لنا ميتتان ودمان السمك والجراد والكبد والطِحال ) فأحل لنا : صيغة رفع ، أحل لنا أي من جهة التحليل؟ هي الرسول عليه ، فلما يقول الصحابي : ( أُحل لنا ) هذا معناه له حكم الرفع ، ميتتان ودمان ، السمك والجراد والكبد والطِحال ، فلو أن إنساناً لا يعرف شيئاً عن السنة لتورط في تحريم ميتة البحر مثل السمك مثلاً ، أو في تحريم الدم مثل الكبد أو الطِحال وهما حلالان بسنة رسول الله ﷺ ، وأنتم تعلمون أن الله عز وجل عندما ذكر آية المحرمات ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُم ُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَالْمُحْصَنَات ُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ "في آخرها ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ والسنة جاءت فحرمت أن يجمع الرجل بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها ، فلا يحل لرجل أن يتزوج امرأة ويتزوج عمتها في نفس الوقت ويتزوج المرأة ويتزوج خالتها في نفس الوقت ، مع أن صريح كتاب الله عز وجل يقول ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ من دون ما ذكره الله سبحانه وتعالى من دون المحرمات وليس فيه ذكر الجمع بين المرأة وخالتها والمرأة وعمتها ، وهلم جر ، أي خذ من هذا الضرب كثيراً,.
    فعندما يقول أحكم بكتاب الله فإن لم أجد فبالسنة ، نقول : لا أنك إذا أردت أن تحكم بكتاب الله عز وجل لابد أن تستصحب السنة المبينة لكتاب الله تبارك وتعالى حتى لا يتورط الإنسان في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله على نحو ما ضربت مثلا الآن.
    مصدر الفتوي: الشريط الثاني والأربعون فك الوثاق وكذلك كل مامرَّ من الفتاوي السابقة
    __________________
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: ما درجة الأحاديث الآتية تابعوا معنا الحكم لشيخنا أبي إسحاق الحويني شفاه الله

    كان لي جارٌ من العصاة، فكلمته يوماً عن حاله، فحاورني محاورة طويلة هالني بعض ما جاء فيها، وهو أنه مما سهلَّ عليه العصيان أنه قرأ حديثاً جاء به أن النبي r يستغفر للعصاة من أمته بعد موته، واستغفار النبي r مستجاب، فهل هناك حديث بهذا المعنى؟ وما صحته؟ وهل النبي r يعلم ما تعمل أمته
    من بعده ؟

    والجواب : أنه لا يستقيم الظل والعود أعوج، وهذا من الآثار السيئة للأحاديث الضعيفة والموضوعة، ولو سلمنا صحة الحديث الذي قرأه هذا المشار إليه، لم يكن معناه كما فهمه، ولكن الأمر كما قيل :
    وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً
    وآفته من الفهمِ السقيمِ
    الحديث الذي اتكأ عليه هذا العاصي، فهو حديث منكرٌ. أخرجه البزار (1925-البحر) قال: حدثنا يوسف بن موسى، قال: نا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن سفيان، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن ابن مسعود مرفوعاً: "إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام". قال: وقال رسول الله r : "حياتي خير لكم، تُحدِثون ونُحدِثُ لكم، ووفاتي خيرٌ لكم تُعرَضُ عليَّ أعمالكم، فما رأيت من خير، حمدت الله عليه، وما رأيت من شر، استغفرت الله لكم".
    قال البزار : "هذا الحديث آخره لا نعلمه يروى عن عبد الله إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد".
    فهذا القدر من الحديث : "حياتي خير لكم ... إلخ" منكر ليس بثابت وبيان ذلك : أن جماعة من ثقات أصحاب سفيان الثوري رووا هذا الحديث عنه، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن ابن مسعود بأوله حسبُ، ولم يذكر واحد منهم آخره.
    فأخرجه النسائي (3/43) ، وأحمد (1/452) ، والخطيب في "المدرج" (ص 770) عن معاذ العنبري، والنسائي، وأبو يعلي (5213) ، وابن أبي شيبة (2/517)، وابن حبان (914) ، والخطيب (ص 769) عن وكيع بن الجراح، والنسائي (3/4) ، والطبراني في "الكبير" (ج 10/ رقم 10529) عن عبد الرزاق ، وهذا في "المصنف" (2/215) ، والدارمي (2/225) قال: حدثنا محمد بن يوسف الفريابي ، وأحمد (1/387) قال : حدثنا عبد الله بن نمير، والنسائي في "اليوم والليلة" (66) عن ابن المبارك ، وهو في "كتاب الزهد" (1028) ، وأحمد (1/441) قال : حدثنا وكيع ، وعبد الرحمن بن مهدي، والهيثم بن كليب في "المسند" (825) ، والخطيب (ص 867) عن زيد بن الحُباب ، والبزار (1923)، وإسماعيل القاضي في "فضل الصلاة على النبي" (21) ، والخطيب (ص 767) ، عن يحيى القطان، والهيثم بن كليب (826)، والطبراني (10530) ، عن فضيل بن عياض والبيهقي في "الشعب" (1582) ، وفي "الدعوات الكبير" (159)، والخطيب (ص 769) ، والبغوي في "شرح السنة" (3/197) عن أبي نعيم الفضل بن دكين، وأبو نعيم في "الحلية" (4/201) عن محمد بن كثير، والحاكم (2/421) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/205) ، عن أبي إسحاق الفزاري، والبيهقي في "الدعوات الكبير" (159) ، والخطيب (ص 768) ، والبغوي في "شرح السنة" (3/197)، عن عبد الله بن موسى ، كلهم عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن ابن مسعود مرفوعاً بالفقرة الأولى من الحديث، دون قوله : "حياتي خير لكم ... إلخ".
    فقد رأيت ـ أراك لله الخير ـ أن يحيى القطان ، وعبد الرحمن بن مهدي ، ووكيع بن الجراح، وابن المبارك ، وعبد الرزاق بن همام ، ومعاذ ابن معاذ العنبري ، ومحمد بن يوسف الفريابي، وعبد الله بن نمير، وزيد بن حباب، وعبد الله بن موسى، وأبا نعيم الفضل، وفضيل بن عياض، ومحمد بن كثير، وأبا إسحاق الفزاري وعدتهم أربعة عشر نفراً قد رووه عن الثوري ، فلم يذكروا قوله: "حياتي خير لكم". وخالفهم عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، فرواه عن الثوري بهذا الإسناد فذكره.
    وقد علمنا من قول البزار أنه تفرد به عن الثوري، ولا يشك حديثيُّ ـ وهو المبتدئ ـ أن رواية عبد المجيد منكرة ، فلو لم يكن فيه مغمزٌ ، ربما احتمل منه، لكن تكلم فيه غير واحد من العلماء، منهم : الحميدي.
    وقال أبو حاتم : "ليس بالقوي يُكتب حديثه".
    وقال الدار قطني : "لا يُحتج به، يُعتبر به".
    وضعَّفه أبو زُرعة، وابن سعيد، وابن أبي عمر، وغلا فيه ابن حبان، فتركه.
    ووثقه آخرون، ولم يرو له مسلم إلا حديثاً واحداً في "كتاب الحج" (1229/179) مقروناً بـ "هشام بن سليمان المخزومي" ، ولو سلمنا أن مسلماً روى له محتجاً به، فلا بأس بصنيعه، لأنه روى هذا الحديث عن عبد المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جريج.
    وكان عبد المجيد من أثبت الناس في ابن جريج، كما قال ابن معين ، والدار قطني، وابن عدي وغيرهم. وحديثه هذا ليس عن ابن جريج ، مع مخالفته لنجوم أصحاب الثوري، فحريٌّ أن لا يقبل منه ما زاده عليهم ،
    لا سيما وقد رواه الأعمش ، عن عبد الله بن السائب ، عن زاذان ، عن ابن مسعود مرفوعاً بالحديث الأول وحده.
    أخرجه الحاكم (2/421) عن عثمان بن أبي شيبة ، والطبراني في "الكبير"
    (ج 10 / رقم 10528) قال : حدثنا هاشم بن مرثدٍ الطبراني ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/205) عن أبي سيار محمد بن عبد الله البغدادي ، قالوا : ثنا أبو صالح محبوب بن موسى الفراء ، ثنا أبو إسحاق الفزاري ، عن الأعمش بهذا.
    ومحبوب بن موسى وثقه أبو داود ، والعجلي.
    وقال ابن حبان : "متقن فاضل".
    وكذلك رواه حسين الخُلقاني ، عن عبد الله بن السائب بهذا الإسناد
    بالحديث الأول.
    أخرجه البزار (1924) ، والخطيب في "تاريخه" (9/104) من طريق سعيد بن الحسن بن علي قالا : ثنا يوسف بن موسى القطان ، ثنا جرير بن عبد الحميد ، عن حسين الخُلقاني بسنده سواء.
    والخُلقاني ما عرفته([1]) ، فليحرر ، وبعد هذا التحرير تعلم خطأ مَن صحح إسناد هذا الحديث كالسيوطي في "الخصائص" (2/491) أو مَن جوَّده كالولي العراقي في "طرح التثريب" (3/297) ، وأخف من قولهما
    ـ وإن كان موهماً ـ قول الهيثمي في "المجمع" (6/24) : "رواه البزار ، ورجاله رجال الصحيح". وكذلك قول شيخه العراقي في "تخريج الإحياء" (4/128): "رجاله رجال الصحيح" ، إلا أن عبد المجيد بن أبي رواد وإن أخرج له مسلم ووثقه ابن معين ، والنسائي فقد ضعفه بعضهم".

    وله شواهد لا يفرح بها ، ذكرها شيخنا الألباني رحمه الله في "الضعيفة" (975).
    ومما يدل على نكارة هذا الحديث :، ما أخرجه البخاري في "أحاديث الأنبياء" (6/386-387 ، 478) ، وفي "التفسير" (8/286 ، 437-438) ، وفي "الرقاق" (11/377) ، ومسلم (2860/58) ، والنسائي (4/117) ، والترمذي (2423) ، وأحمد (1/223 ، 229 ، 235، 253) ، والدارمي (2/233-234) ، والطيالسي (2638) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (11/157) و (13/247) و (14/117) ، وابن حبان (7347) وغيرهم من طريق المغيرة بن النعمان ، عن سعيد ابن جبير ، عن ابن عباس فذكر حديثاً ، وفيه : "ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فأقول : يا رب أصحابي. فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك".
    فهذا الحديث دليل على أن النبي r لا يعلم أعمال أمته بعده.
    ويدل على ذلك أيضاً : قول عيسى عليه السلام لرب العزة : } وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد{ [المائدة : 117].
    فهذا يدل على أن الأنبياء صلوات الله عليهم إذا ماتوا لا يعلمون من أمر أمتهم شيئاً ، هذا والله أعلم.
    المصدر:فتاوى أبي إسحاق الحويني المسمى (إقامة الدلائل على عموم المسائل) الجزء الأول الفتوى رقم (1)



    ([1]) قال الدار قطني في "العلل" (3/206) : "ما نسبه أحد".
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: ما درجة الأحاديث الآتية تابعوا معنا الحكم لشيخنا أبي إسحاق الحويني شفاه الله

    -هل يجوز مسح الوجه باليدين بعد الدعاء ؟
    والجواب : أنه لم يصح في ذلك حديث مرفوع إلى النبي r ، وقد ورد هذا المعنى في أحاديث عن جماعة من الصحابة ، منهم عمر بن الخطاب ، وابن عباس ، ويزيد بن سعيد الكندي رضي الله عنهم ،
    1-أما حديث عمر t:
    فأخرجه عبدُ بن حميد في "المنتخب" (39) ، والترمذي (3386) قال : حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى وإبراهيم بن يعقوب وغير واحد والحاكم (1/536) ، والذهبي في "السير" (11/67) عن نصر بن علي ومحمد بن موسى الحرشي ، والطبراني في "الأوسط" (7053) عن محمد بن بكار العيشي، وأبو الفضل الزهري في "حديثه" (ج5 / ق 97 / 1) عن أبي قلابة الرقاشي قالوا : ثنا حماد بن عيسى ، عن حنظلة بن أبي سفيان ، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه ، عن عمر بن الخطاب قال :" كان النبي r إذا رفع يديه في الدعاء ، لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه."
    قال الترمذي : "هذا حديث غريب([1]) لا نعرفه إلا من حديث حماد ابن عيسى، وقد تفرد به ، وهو قليل الحديث ، وقد حدث عنه الناس ، وحنظلة بن أبي سفيان الجمحي هو ثقة، وثقه يحيى ابن سعيد القطان".
    وقال الطبراني : "لا يروى هذا الحديث عن عمر إلا بهذا الإسناد ، تفرد به:
    حماد بن عيسى".
    * قلت : ضعَّفه أحمد ، وأبو حاتم ، والدار قطني وغيرهم.
    وقال ابن حبان والحاكم : "يروى أحاديث موضوعة على ابن جريج وغيره".
    وقال الذهبي في "السير" بعد تخريجه الحديث :
    "أخرجه الحاكم في "مستدركه" فلم يصب، وحماد ضعيف".
    وقال العراقي في "المغني" (1/305) : "سكت عليه الحاكم ، وهو ضعيف".
    وسبقه إلى تضعيفه النووي في "الأذكار" (ص 344).
    2-أما حديث ابن عباس رضي الله عنهما :
    أخرجه ابن ماجه (1181-3866) ، ومحمد بن نصر في "قيام الليل" (141)، والبغوي (5/204) ، وابن حبان في "المجروحين" (1/268) والحاكم (1/536) ، والحافظ الذهبي في "تذكرة الحفاظ" (2/616) وابن الجوزي في "الواهيات" (2/840) من طريق صالح بن حسان ، عن محمد ابن كعب القُرظي، عن ابن عباس مرفوعاً : "إذا دعوت الله فادع بباطن كفيك ، ولا تدع بظهورهما ، فإذا فرغت فامسح بهما وجهك".
    * قلت : وهذا سندٌ واهٍ .
    وآفته صالح بن حسان.
    قال البخاري : "منكر الحديث".
    ولخص الحافظ حاله في "التقريب" فقال : "متروك".
    وقال أبو حاتم : "حديث منكر".
    نقله عنه ولده في "العلل" (2572/2/351).
    وتابعه رجل مجهول عن محمد بن كعب القرظي ، عن ابن عباس مرفوعاً وزاد في أوله شيئاً.
    أخرجه أبو داود (1485) ، والبيهقي (2/212) وفي "الدعوات الكبير" (ق39/1) من طريق عبد الملك بن محمد بن أيمن، عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق ، عمن حدَّثه ، عن محمد بن كعب به.
    قال أبو داود : "رُوي هذا الحديث من غير وجه عن محمد بن كعب ، كلها واهية ، وهذا الطريق أمثلها وهو ضعيف أيضاً". أهـ
    * قلت : وله علتان :
    الأولى : ضعف عبد الملك هذا.
    الثانية : جهالة الراوي عن محمد بن كعب.
    وتابعه عيسى بن ميمون ، عن محمد بن كعب به.
    أخرجه ابن نصر (141) وقال : "عيسى بن ميمون ليس هو ممن يحتج بحديثه".
    وقال النووي في "الأذكار" (ص 344) : (في إسناده ضعف".
    3-أما حديث يزيد بن سعيد الكندي t :
    فأخرجه أبو داود (1492) ، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (6614) عن جعفر الغرياني والحسن بن سفيان وعلي بن طيفور قالوا : حدثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا أبن لهيعة ، عن حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، عن السائب بن يزيد ، عن أبيه أن النبي r كان إذا دعا فرفع يديه ، مسح وجهه بيديه.
    قال الحافظ في "آمالي الأذكار" : "فيه ابن لهيعة ، وشيخه مجهول" ، وخولف قتيبة في سياقه وفي إسناده.
    خالفه سعيد بن أبي مريم قال: نا ابن لهيعة ، عن حبان بن واسع ، عن حفص بن هاشم، أن خلاد بن السائب حدثه ، عن أبيه أن رسول الله r كان إذا دعا جهل راحته إلى وجهه.
    أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2590) ثنا محمد بن عوف ،
    نا ابن مريم بهذا.
    فخالفه في إسناده فأسقط ذكر "والد السائب" ، وفي متنه : لم يذكر
    مسح الوجه.
    وتابعه عمرو بن خالد الحراني ، ثنا ابن لهيعة قال : سمعت حفص بن هاشم يذكر أن خلاد بن السائب حدثه ، هن أبيه مثله.
    أخرجه الطبراني في "الكبير" (ج 7 / رقم 6625) قال : حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج ، ثنا عمرة بن خالد.
    ورواه يحيى بن إسحاق السيلحيني قال : ثنا ابن لهيعة ، عن حبان بن واسع بن حبان ، عن خلاد بن السائب أن النبي r كان إذا سأل جعل باطن كفيه إليه، وإذا استعاذ جعل ظاهرهما إليه. أخرجه أحمد (4/56).
    فخالف السيلحيني من تقدم في إسناده فأرسله.
    ويحيى بن إسحاق من قدماء أصحاب ابن لهيعة وروايته عندي أولى، والاضطراب عندي من ابن لهيعة ، ولعله غلط في إسناده فقال : "حفص
    بن هاشم" وليس له ذكر في شيء من كتب التواريخ ، ولا ذكر أحد أن
    لابن عتبة ابناً يسمى حفصاً كما ذكر الحافظ في "التهذيب" في ترجمة "حفص بن هاشم".
    فالصحيح : ضعف هذا الحديث ، لشدة ضعف مفرداته ، فقول الحافظ في "بلوغ المرام" (ص 284) : "إنه حديثٌ حسنٌ" غيرُ حسنٍ ، هذا والله أعلم.
    وقد اختلف أهل العلم في مسح الوجه باليدين بعد الدعاء.
    قال محمد بن نصر : "ورأيت إسحاق يستحين العمل بهذه الأحاديث ، وأما أحمد بن حنبل، فحدثني أبو داود قال : سمعت أحمد بن حنبل وسئل عن الرجل يمسح وجهه بيديه إذا فرغ من الوتر ؟ فقال : لم أسمع فيه شيئاً ، ورأيت أحمد لا يفعله...
    وسئل مالك عن الرجل يمسح بكفيه وجهه عند الدعاء فأنكر ذلك وقال : ما علمت ... وسئل عبد الله ـ يعني ابن المبارك ـ عن الرجل يبسط يديه فيدعو ثم يمسح بهما وجهه ؟ فقال : كره ذلك سفيان ـ يعني الثوري".
    * قلت : وأنكر ذلك البيهقي في "رسالته إلى أبي محمد الجويني"
    (2/286 ـ مجموعة الرسائل المنيرية).
    وقال العز بن عبد السلام : "لا يفعله إلا الجهال".
    نعم .. أخرج البخاري في "الأدب المفرد" (609) قال : حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال : حدثنا محمد بن فُليح ، قال : أخبرني أبي ، عن أبي نعيم ـ وهو وهب ـ قال : "رأيت ابن عمر وابن الزبير يدعوان ، يديران بالراحتين على الوجه".
    وهذا الأثر حسَّنه الحافظ ابن حجر ، وضعفه شيخنا الألباني ، وهو محتمل للتحسين، فلا أرى أن يبده الذي يمسح وجهه بعد الدعاء ، وإن كان الأفضل تركه، والله أعلم.
    المصدر:فتاوى أبي إسحاق الحويني المسمى (إقامة الدلائل على عموم المسائل) الجزء الأول الفتوى رقم (2)
    ([1]) قال النووي في "الأذكار" (ص 344) : "أما قول الحافظ عبد الحق ـ يعني الأشبيلي ـ رحمه الله تعالى : إن الترمذي قال : إنه حديث صحيح ، فليس في النُسخ المعتمدة من "الترمذي" أنه صحيح، بل قال : حديث غريب". أهـ
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  14. #14

    افتراضي رد: ما درجة الأحاديث الآتية تابعوا معنا الحكم لشيخنا أبي إسحاق الحويني شفاه الله

    سلمك الله ياأم الظن , وسلمت يمينك , وجزاك الله خيراً , وأدعو أخواتنا الفضليات للتأسي بأختنا أم الظن في نشاطها حفظها الله , وحفظ جميع الأخوة والأخوات من كل سوء. آمين

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: ما درجة الأحاديث الآتية تابعوا معنا الحكم لشيخنا أبي إسحاق الحويني شفاه الله

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد حمادة سالم مشاهدة المشاركة
    سلمك الله ياأم الظن , وسلمت يمينك , وجزاك الله خيراً , وأدعو أخواتنا الفضليات للتأسي بأختنا أم الظن في نشاطها حفظها الله , وحفظ جميع الأخوة والأخوات من كل سوء. آمين
    ولك بمثل مادعوت اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    153

    افتراضي رد: ما درجة الأحاديث الآتية تابعوا معنا الحكم لشيخنا أبي إسحاق الحويني شفاه الله

    مع احترامنا للشيخ شفاه الله كل الاحاديث ليس نتاج اجتهاد شخصى منه انما هو ناقل لائمة هذا الشأن وبركة العلم ان ينسب لأهله حتى لايفتن صغار طلاب العلم فى من يحبونهم من المشايخ

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: ما درجة الأحاديث الآتية تابعوا معنا الحكم لشيخنا أبي إسحاق الحويني شفاه الله

    رد: ما درجة الأحاديث الآتية تابعوا عنا الحكم لشيخنا أبي إسحاق الحويني شفاه الله
    3-مات أبي عصر أحد الأيام ، فأردت أن أُعجِل بدفنه تبعاً للسنة، فاعترض عليَّ بعض أرحامي ، وقالوا : إن الدفن ليلاً مكروه ، فهل هذا صحيح ؟
    والجواب : أن الدفن ليلاً جائزٌ ، كما ذهب إليه عامة أهل العلم ، واستدلوا على ذلك بأحاديث :
    منها : حديث أبي هريرة t: أن إنساناً كان يَقُمُّ المسجد أسود فمات ـ أو ماتت ـ ففقدها النبي r فقال : "ما فعل الإنسان الذي كان يقم المسجد ؟" قال: فقيل له : مات. قال : "فهلا آذنتموني به ؟ ، فقالوا : إنه كان ليلاً. قال: "فدلوني على قبرها" قال : فأتى القبر فصلى عليها.
    قال ثابت عند ذاك ، أو في حديث آخر : "إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله عز وجل ينورها بصلاتي عليهم".
    أخرجه أحمد (2/353) والبيهقي (4/47) عن محمد بن إسحاق الصنعاني، قال : ثنا عفان بن مسلم ، ثنا حماد بن زيد ، ثنا ثابت البناني ، عن أبي رافع، عن أبي هريرة.
    وأخرجه البخاري في )الصلاة( (1/552 ، 554) قال : حدثنا سليمان بن حرب وأحمد بن واقد ـ فرقهما ـ وفي "الجنائز" (3/204) قال : ثنا محمد بن الفضل ، ومسلم في "الجنائز" (956/71) قال : حدثني أبو الربيع الزهراني وأبو كامل الجحدري قالوا : ثنا حماد بن زيد بهذا ، ولم يذكروا محل الشاهد.
    وكذلك أخرجه أبو داود (3203) ، وابن ماجة (1527) ، وابن خزيمة (1299) ، وأحمد (2/353) ، والبيهقي (4/47) من طرق عن حماد
    بن زيد.

    ومنها : حديث أنس:t أن أسود كان ينظف المسجد فمات، فدفن ليلاً، وأتى النبي r فأُخبِرَ ، فقال : "انطلقوا إلى قبره" فانطلقوا إلى قبره ، فقال : "إن هذه القبور ممتلئة على أهلها ظلمة ، وإن الله ينورها بصلاتي عليها" فأتى القبر فصلى عليه، وقال رجل من الأنصار : إن أخي مات ولم تصلِّ عليه. قال : "فأين قبره ؟" فأخبره، فانطلق رسول الله r مع الأنصاري.
    أخرجه أحمد (3/150) ، والبزار (ج 2 / ق 76 / 1) ، والدار قطني (2/77) عن أبي داود الطيالسي ، ثنا أبو عامر الخزاز ، عن ثابت ،
    عن أنس. وإسناده جيد ، وأبو عامر اسمه : صالح بن رستم ، وهو صدوق. وتابعه حماد بن زيد ، فرواه عن ثابت ، عن أنس نحوه دون ذكر
    الدفن بالليل.

    أخرجه البيهقي (4/46) وقال : "وقد رواه ثابت ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة، وهو محفوظ من الوجهين جميعاً".
    ومنها : حديث جابر :tقال : رأى ناس ناراً في المقبرة فأتوها ، فإذا رسول الله r في القبر، وإذا هو يقول : "ناولوني صاحبكم" فإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر.
    أخرجه أبو داود (3164) قال : حدثنا محمد بن حاتم بن ربيع ، والطحاوي في "شرح المعاني" (1/513) حدثنا فهد قالا : ثنا أبو نعيم ، ثنا محمد بن مسلم الطائفي ، عن عمرو بن دينار ، أخبرني جابر ابن عبد الله.
    ورواه أبو أحمد الزبيري ، ثنا محمد بن مسلم بهذا دون قوله : "فإذا هو الرجل..." . أخرجه الطحاوي أيضاً. وسنده لا بأس به في الشواهد.
    ومنها : حديث عائشة رضي الله عنها : قالت :" ما علمنا بدفن رسول الله r حتى سمعنا صوت المساحي من آخر ليلة الأربعاء".
    أخرجه أحمد (6/62) ، وابن أبي شيبة (3/347) ، والطحاوي (1/514) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (24/397) ، وقد وقع اضطراب في إسناده.
    ومنها : حديث عائشة رضي الله عنها: أيضاً ، قالت : دخلت على أبي بكر t فقال:" في كم كفنتم النبي r ؟ قالت : في ثلاثة أثواب بيض سحولية ، ليس فيها قميص ولا عمامة. وقال لها : في أي يوم توفي رسول الله r ؟ قالت : يوم الاثنين. قال : فأي يوم هذا ؟ قالت : يوم الاثنين. قال : أرجو فيما بيني وبين الليل ، فنظر إلى ثوب عليه كان يمرض فيه به ردع من زعفران ، فقال: اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه ثوبين فكفنوني فيهما. قلت: إن هذا خَلَقٌ. قال: إن الحي أحق بالجديد من الميت ، إنما هو للمهلة، فلم يُتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء، ودفن قبل أن يصبح."
    أخرجه البخاري في "الجنائز" (3/252) ، وأبو يعلي (4451) والبيهقي (4/31) عن وهيب بن خالد.
    وأحمد (6/123) ، وأبو يعلي (4495) ، وأبو الفضل الزهري في "حديثه"
    (1/ ق 44/1) ، والطحاوي (1/515) عن حماد بن سلمة.

    وأحمد (6/40 ، 45 ، 118) عن ابن عيينة وأبي معاوية وعبد الرحمن بن مهدي ـ فرقها ـ ، والبيهقي (3/399) عن أنس ابن عياض ، كلهم عن هشام بن عروة ، عن عروة ، عن عائشة.
    وفي رواية حماد بن سلمة : "فمات أبو بكر t ليلة الثلاثاء ، فدفن ليلاً".
    ومنها : حديث عائشة رضي الله عنها أيضاً قال :" دفن علي بن أبي طالب فاطمة رضي الله عنها ليلاً."أخرجه الطحاوي (1/514) عن معمر بن راشد وعقيل بن خالد ، عن الزهري، عن عروة ، عن عائشة. وإسناده صحيح.
    قال الطحاوي : (فهذا عليٌّ t لم يرَ بالدفن في الليل بأساً ، ولم ينكر ذلك أبو بكر ولا عمر رضي الله عنهما ، ولا أحد من أصحاب رسول الله r ).
    * قلت أي الشيخ أبي إسحاق حفظه الله:فهذه الأحاديث والآثار قاضية بجواز الدفن ليلاً مطلقاً ولكن توقف بعض أهل العلم في هذا الإطلاق وقيدوه بالضرورة ، واحتجوا بما رواه
    ابن الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث ، أن النبي
    rخطب يوماً فذكر رجلاً من أصحابه قُبِض فكُفِن في كفن غير طائل ، وقُبِرَ ليلاً ،
    فزجر النبي
    r أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه ، إلا أن يُضطر إنسان إلى ذلك. وقال النبي r : "إذا كفن أحدُكم أخاه فليُحسِّن كفنه".
    أخرجه مسلم (943/49)، وأبو عوانة في المستخرج، ـ كما في
    "إتحاف المهرة" (3/468) ـ والنسائي (4/33 ، 82) وابن الجارود في "المنتقى" (546) ، وابن حسان (3103) ، والبيهقي (3/403) ، عن حجاج بن محمد المصيصي ، وأبو داود (3148) ، وأحمد (3/295) ، وأبو عوانة في "المستخرج" ـ كما في الإتحاف (3/468) ـ والحاكم في "المستدرك" (1/368-369) ، والبيهقي (3/403) عن عبد الرزاق ، وهو في "المصنف" (6549) قالا : ثنا ابن جريج قال : أخبرنا أبو الزبير بهذا.

    قال القاضي عياض في الإكمال (3/399) : واختلف في تأويل نهيه ـ r ـ فقيل : للعلة التي ذكرت من قوله : "حتى يصلى عليه" ، يعني : لئلا يفوته صلاته عليه هو ـ r ـ وصلاة الكثير من المسلمين وجماعتهم ، لتناله بركة صلاته ـ r ـ ودعاء المسلمين وصالحيهم ، بخلاف دفن الليل الذي إنما يحضره الخصوص والآحاد ، وقيل : بل للعلة الأخرى المذكورة في الحديث ، لقوله : "فكفن في كفن غير طائل" ، وأنهم كانوا يفعلون ذلك بالليل لتُستَر إساءة الكفن، فنهى النبي r عن ذلك لهذه العلة، ويدل عليه قوله آخر الحديث: "إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه" قال القاضي : العلتان بينتان في الحديث، والظاهر أن النبي r فصدهما جميعاً وعلل بهما ، وقد قيل هذا ، وتحسين الكفن مأمور به، وليس المراد به السرف فيه ،
    ولكن نظافته ونقاؤه ، وكثافته ، وستره، وتوسطه ، وكونه من جنس لباسه في حياته غالباً ، وهو الذي يقضى به عندنا على الورثة إذا تشاجروا
    في ذلك". انتهى.

    * وقلت : وسبقه إلى مثل هذا الطحاوي في (شرح المعاني)
    (1/513-514) فذكر العلتين جميعاً.

    ونظر في هذه المسألة شيخنا أبو عبد الرحمن الألباني رحمه الله تعالى في كتابه الماتع (أحكام الجنائز) (ص 177-179) فقال :
    "والحديث ـ يعني الذي رواه مسلم آنفاً ـ ظاهر الدلالة على ما ذكرنا ، وهو مذهب أحمد رحمه الله في رواية عنه ذكرها في "الإنصاف" (2/547) قال : "لا يفعله إلا لضرورة ، وفي أخرى عنه : يكره".
    * قلت : والأول أقرب لظاهر قوله : (زجر) فإنه أبلغ في النهي من لفظ "نهى" الذي يمكن حمله على الكراهة ، على أن الأصل فيه التحريم ، ولا صارف له إلى الكراهة ، لكن يشكل ما ذكرنا قوله في الحديث : "حتى يصلى عليه"، فإنه يدل بظاهره أيضاً على جواز الدفن ليلاً بعد الصلاة ، لأنها هي الغاية من النهي، فإذا حصلت ارتفع النهي ، لكن يرد عليه قوله : "إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك" فإن اسم الإشارة فيه يعود إلى المنهي عنه وهو الدفن ليلاً لأسباب كثيرة كما سيأتي عن ابن حزم ، ولكننا لا نتصور في وجه من الوجوه أن يضطروا لدفنه دون أن يصلوا عليه ، ومما يزيده بعداً أن هذا المعنى يجعل قيد (الليل) عديم الفائدة ، إذ الدفن قبل الصلاة ، كما لا يجوز ليلاً ، فكذلك لا يجوز نهاراً، فإن جاز ليلاً لضرورة جاز نهاراً من أجلها ولا فرق ، فما فائدة التقييد بـ (الليل) حينئذٍ ؟ لا شك أن الفائدة لا تظهر بصورة قوية إلا إذا رجحنا ما استظهرناه أولاً من عدم جواز الدفن ليلاً ، وبيان ذلك : أن الدفن في الليل مظنة قلة المصلين على الميت ، فنهى عن الدفن ليلاً حتى يصلى عليه نهاراً ؛ لأن الناس في النهار أنشط في الصلاة عليه ، وبذلك تحصل الكثرة من المصلين عليه ، هذه الكثرة التي هي من مقاصد الشريعة وأرجى لقبول شفاعتهم في الميت.
    قال النووي في (شرح مسلم) : وأما النهي عن القبر ليلاً حتى يصلى عليه، فقيل: سببه أن الدفن نهاراً يحضره كثير من الناس ويصلون عليه
    ولا يحضره في الليل إلا أفراد ، وقيل : لأنهم كانوا يفعلون ذلك لرداءة الكفن ، فلا يتبين في الليل، ويؤيده أول الحديث وآخره ، قال القاضي : العلتان صحيحتان ، قال: والظاهر أن النبي
    r قصدهما معاً ، قال : وقد قيل غير هذا".

    * قلت : فإذا عرف أن العلة قلة المصلين وخشية رداءة الكفن ، ينتج من ذلك أنه لو صلى عليها نهاراً ، ثم تأخر دفنه لعذر إلى الليل أنه لا مانع من دفنه فيه ، لانتفاء العلة وتحقيق الغاية وهي كثرة المصلين.
    وعليه فهل يجوز التأخر بدفن الميت في النهار تحصيلاً للغاية المذكورة ؟
    استحسن ذلك الصنعاني في (سبل السلام) (2/199) ، ولست أرى ذلك لأن العلة المذكورة مقيدة بالليل فلا يجوز تعديتها إلى النهار لوجود الفارق الكبير بين الظرفين ، فإن القلة في الليل أمر طبيعي ، بخلاف النهار ، فالكثرة فيه هي الطبيعي ثم إن هذه الكثرة لا حد لها فكلما تُؤخِّر بالميت زادت الكثرة ولذلك نرى بعض المُترفين الذين يحبون الظهور رياءً وسمعةً، ولو على حساب الميت قد يؤخرونه اليوم واليومين ليحضر الجنازة أكبر عدد ممكن من المشيعين ، فلو قيل بجواز ذلك لأدى إلى مناهضة الشارع في أمره بالإسراع بالجنازة بعلة الكثرة التي لا ضابط لها.
    بعد هذا يتبين لنا الجواب عن الإشكال الذي أوردته في قوله : "حتى يصلى عليه" إذ إنه ظهر أن المراد حتى يُصلىَ عليه نهاراً لكثرة الجماعة ، كي تُبين أن اسم الإشارة في قوله : "إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك" يعود إلى الدفن ليلاً ولو مع قلة المصلين ، لا إلى الدفن مع ترك الصلاة عليه إطلاقاً، فليتأمل فإنه حقيق بالتأمل.
    ثم قال النووي في (شرح مسلم) : وقد اختلف العلماء في الدفن في الليل فكرهه الحسن البصري إلا لضرورة ، وهذا الحديث مما يستدل له به وقال جماهير العلماء من السلف والخلف : لا يكره ، واستدلوا بأن أبا بكر الصديق t وجماعة من السلف دفنوا ليلاً من غير إنكار، وبحديث المرأة السوداء ، والرجل الذي كان يقم المسجد فتوفي بالليل فدفن ليلاً وسأل النبي r فقالوا : توفِّي ليلاً فدفناه في الليل، فقال : "ألا آذنتموني" قالوا : كانت ظلمة ، ولم ينكر عليهم ، وأجابوا عن هذا الحديث أن النهي كان لترك الصلاة ، ولم ينه عن مجرد الدفن بالليل، وإنما لترك الصلاة أو لقلة المصلين ، أو عن إساءة الكفن أو عن المجموع
    كما سبق.

    قلتُ ـ الألباني ـ : والجواب الأول ـ وهو أن النهي كان لترك الصلاة ـ لا يصح ؛ لأنه لو كان كذلك لم يكن ثمة فرق بين الدفن ليلاً أو نهاراً كما سبق بيانه، بل الصواب أن النهي إنما كان للأمرين الذين سبقا في كلام القاضي ، ولذلك اختار ابن حزم أنه لا يجوز أن يدفن أحد ليلاً إلا عن ضرورة ، واستدل على ذلك بهذا الحديث ، ثم أجاب عن الأحاديث الواردة في الدفن ليلاً ، وما في معناها من الآثار بقوله في (المحلى)
    (5/114-115) : "وكل من دُفِنَ ليلاً منه
    r
    ومن أزواجه ومن أصحابه رضي الله عنهم فإنما كان ذلك لضرورة أوجبت ذلك من خوف الحر على من حضر ـ وهو بالمدينة شديد ـ أو خوفِ تغيُّرٍ أو غير ذلك مما يبيح الدفن ليلاً ، ولا يحل لأحد أن يظن بهم رضي الله عنهم خلاف ذلك". ثم روى كراهة الدفن ليلاً عن سعيد بن المُسيِّب وأقول ـ الألباني ـ : ومن الجائز أن بعض من دفن ليلاً كانوا قد صلوا عليه نهاراً ، وحينئذٍ
    فلا تعارض على ما سبق بيانه ، وذلك هو الواقع في حقه
    r ، فإنهم صلوا عليه يوم الثلاثاء ثم دفنوه ليلة الأربعاء كما ذكر ابن هشام في "سيرته" (4/314) عن ابن إسحاق، والله أعلم". انتهى
    * قلتُ : وقد وردت أحاديث صريحة في النهي عن الدفن بالليل مطلقاً ولكنها لا تصح ، منها حديث جابر مرفوعاً : "لا تَرمِسوا موتاكم ، لا تدفنوا بليل".
    أخرجه العقيلي (3/474-475) من طريق القاسم بن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جده ، عن جابر مرفوعاً.
    والقاسم واهٍ, وأخرجه ابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" (318) من طريق محمد ابن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن أبيه ، عن جابر ، وزاد : "قالوا : وما الرمس ؟ قال : دفن الليل ، فإنه يُترك ولا يُنظر في أمره".
    ويُنظرُ : مَنْ محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل ؟
    والصحيح : ما قدمته من جواز الدفن بالليل,وهو مذهب جماهير العلماء ولم أقف على من كرهه من السلف الأول إلا عن الحسن البصري ، وقد روى الطحاوي في (شرح المعاني) (1/513) عنه ما يدل على أن ذلك لعلة لا مطلقاً. فرُويَّ عن أشعث ، عن الحسن أن قوماً كانوا يسيئون أكفان موتاهم ، فيدفنونهم ليلاً ، فنهى رسول الله r عن دفن الليل وهو مرسل كما ترى ، والله أعلم.
    نفس المصدر السابق الفتوي رقم (3)

    ****
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    292

    Arrow رد: ما درجة الأحاديث الآتية تابعوا معنا الحكم لشيخنا أبي إسحاق الحويني شفاه الله

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبومعاذالمصرى مشاهدة المشاركة
    مع احترامنا للشيخ شفاه الله كل الاحاديث ليس نتاج اجتهاد شخصى منه انما هو ناقل لائمة هذا الشأن وبركة العلم ان ينسب لأهله حتى لايفتن صغار طلاب العلم فى من يحبونهم من المشايخ
    أخى ......
    أشر على الموضع أكتب لك المصدر
    بارك الله فيكم ...

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: ما درجة الأحاديث الآتية تابعوا معنا الحكم لشيخنا أبي إسحاق الحويني شفاه الله

    4-وقفت أثناء هذا الشهر على كتاب سماه صاحبه : "تبصير الأمة بحقيقة السنة" للدكتور إسماعيل منصور ، أنكر فيه كثيراً من الأحاديث التي تلقاها العلماء بالقبول ، واتهم بعض الصحابة كأبي هريرة t بأنه كان ينقل ما لا يفهم ، وطعن على الإمام البخاري بقلة الفقه ، وأورد أحاديث كثيرة صحيحة، فأنكرها وأبدى لها عللاً قد تدخل على بعض من لم يتعمق في دراسة العلوم الشرعية كحديث : "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله" وكحديث موسى وملك الموت ، وكحديث أن سليمان عليه السلام قال: "لأطوفن على مئة امرأة ، كلهن يلدن فارساً يقاتل في سبيل الله" فإن كان وصلك هذا الكتاب فما الرأي فيه ؟ وما الجواب عما قد يرد من شبهات حول هذه الأحاديث التي ذكرتها ؟
    والجواب : أن هذا الكتاب أرسله إليَّ بعض إخواننا في العام الذي صدر فيه (1416هـ)، وقد توقعت ما فيه من قبل أن أقرأه ، لأنني خبير بصاحبه منذ أثار ضجة بمقالات له كان ينشرها في "جريدة النور" بعنوان : "تذكير الأصحاب بتحريم النقاب" ، فأتى بما يأنف أن يتورط فيه طالب علم صغير ، مع إعجاب بالرأي ، وتسفيه أهل العلم الكبار ، وإنما أغراه بذلك هوان أهل العلم على أنفسهم وعلى الناس ، فكل من أراد أن يكتب شيئاً ، ولو خالف مذهب جميع أهل العلم كتبه وأذاعه في الناس ، وهو آمن تماماً أنه لن يؤاخذ ، حتى اتسع الخرق على الراقع، وصار الذي يتجرأ ويرد على هؤلاء غرضاً لسهامهم ، وكثيراً ما يفترون عليه ، ويلصقون به الحكايات الكاذبة التي تجعل عرضه مضغة في الأفواه ، وربما انتهى به الحال إلى السجن ، والدين لابد له من حراس يقفون على حدوده يذودون عنه ، ويدفعون عنه اعتداء المعتدين ، حتى لا يطمع فيه أمثال هؤلاء الجهال ،
    والأمور كما قال النابغة :


    تعدو الذئاب على من لا كلاب له
    وتتّقي مربض المستأسد الحامي
    أما الكتاب الذي يستفهم عنه السائل فقد أرسل إليَّ بعض إخواني الجزء الأول منه، فرأيت صاحبه ينفي فيه السنة ـ إلا من حيث الجملة ـ وذكر في مطلع كتابه أن علماء المسلمين جميعاً ، لا يستثنى منهم واحداً ، قد غشّوا المسلمين، ولم يقوموا بواجب النصح ، فلم يتوقف واحد منهم لمعرفة حقيقة السنة النبوية ، وأنهم قدسوا الصحابة والتابعين ، مع أنهم غير معصومين من الخطأ ، وانفصل على أن السنة لم تُحفظ ، ولا تثبُت إلا من حيث الجملة.
    ثم يقول : إن ما ارتكبه علماء المسلمين جميعاً ـ لا يستثني منهم واحداً ـ جعل الحمل عليه ثقيلاً ، فابتعثه الله عز وجل إلينا في القرن الخامس عشر، ليصحح لنا ما أخطأ فيه جميع العلماء ، وقد ارتدى الرجل مُسُوح أهل العلم، وطالع بعض كتب في "الأصول"، فكأن الكلمة أعجبته ، فصار يكررها كثيراً في كتبه ليرهب بها العوام ، ممن قل حظهم من التفقه في دين الله عز وجل ، وكبر معه الأمر حتى صدق أنه "أصولي" ، فاضطره ذلك إلى مساورة جبال الحفظ والفهم ، وظن أنه "رجل" ! فهو رجل وهم رجال، فذكرني صنيعه بما حدث للشاعر "ثابت بن جابر" المعروف بـ "تأبط شراً" ، فقد ذكر أبو الفرج في "كتاب الأغاني" (18/211) أن "تأبط شراً" لقي ذات مرة رجلاً من "ثقيف" يقال له : "أبو وهب" ، وكان رجلاً أهوج ، وعليه حُلةٌ جيِّدةٌ ، فقال أبو وهب لتأبط شراً : بم تَغلِبُ الرجال يا ثابت وأنت كما أرى دميم وضئيل ؟ قال : باسمي إنما أقول ساعة ألقى الرجل : أنا تأبط شراً ، فينخلع قلبه ، حتى أنال منه ما أردت! فقال له الثقفي : أبهذا فقط ؟! قال: قطٌ. قال : فهل لك أن تبيعني اسمك ؟ قال: نعم. فبم تبتاعه ؟ قال : بهذه الحلة وبكنيتي ! قال : له : أفعلُ. ففعلا. وقال تأبط شراً : لك اسمي ولي اسمك ، وأخذ حلته وأعطاه طِمْرَيه ثم انصرف ، فقال تأبط شراً يخاطب زوجة الثقفي :
    ألا هل أتى الحسناء أن حليلها
    تأبط شراً واكتنيت أبا وهبِ
    فهبه تسمى اسمي وسماني اسمه
    فأين له صبري على مُعظم الخطبِ
    وأين له بأس كبأسي وسَوْرَتي
    وأين له في كل فادحةٍ قلبي

    فظن البيطري أنه بمجرد تزييه بزيِّ العلماء ، وتكلمه ببعض عباراتهم ، أنه منهم، فأربى بذلك على الثقفي !
    ولأنه يعلم أن كثيراً من الناس يقف مبهوراً أمام كثرة المناصب والشهادات، دأب على كتابة "نياشيه" في كتبه ، فيذكر تخرجه في كلية "الطب البيطري" ، ثم ترقيه من رتبة "المعيد" إلى "الدكتوراه" ، إلى تعيينه "بقرار وزاري"
    ـ ويضعها بين قوسين كأنه "قرار سماوي" ـ عضواً باللجنة الفلانية ،
    ثم دراسته في كلية الآداب، ثم حصوله على دكتواره في "الفلسفة"
    ـ هكذا كتبها عمداً ـ ثم حصوله على إجازة في القراءات ... إلخ، فلقد ظن الرجل أنه بهذه "الشهادات" قادر على محو علماء الأمة بجرة قلم ، وقد علم القاصي والداني أن هذه الشهادات لا تُعطي صاحبها علماً ، فضلاً عن الأدب ، إنما تفتح له الباب حسب ، وأما الرجل فإنه يقبع تحت خط الفقر في العلم والأدب معاً ، وقد ذكرتني "نياشيه" صاحب القط فهل تعرفه؟

    فقد حكوا أن رجلاً كان يحمل قطاً ، فقابله رجل فقال له : ما هذا القط ؟ وقابله ثانٍ فقال له : ما هذا الهر ؟ وقابله ثالثٌ فقال له : ما هذا السِّنَّوْرُ ؟ وقابله رابعٌ فقال : ما هذا السبع ؟ وقابله خامس فقال : ما هذا السبع ؟ وقابله خامسٌ فقال : ما هذا الخيطل ؟ وقابله سادس : ما هذا الهِزَبْرُ ؟ فقال الرجل : كل هذه الأسماء؟! لابد أن ثمنه كبير فذهب إلى السوق يُمنِّي نفسه بالغنى ، فوقف يعرضه للبيع فكان ثمنه درهماً واحداً ، فرماه على الأرض وقال : قاتلك الله ، ما أكثر أسماءك وأقل غناءَك!!

    تصدر للتدريس كلُ مُهوَّسٍ
    بليدٍ تسمَّى بالفقيه المُدرِّسِ
    فحُقَّ لأهلٍ العلمِ أن يتمثَّلوا
    ببيتٍ قديمٍ شاع في كل مجلسِ
    لقد هَزُلت حتى بدا من هُزَالها
    كُلاها وحتى سامها كلُّ مُفلِسِ
    أكثر "البيطري" من ذكر "المنهجية" و "الحياد العلمي" ، وكرر كثيراً قوله "أيها القارئ المحايد" فهل تدري أيها القارئ ما معنى "الحياد" ؟ إنه ترك الانتماء إلى السلف ، فهُمْ عنده ناسٌ "مجرد ناس" لا فضل لهم ؛
    لأنهم يزعمون أن الانتماء داعيةُ "الانحياز" ، وأنك إذا أحببتهم ، وانتميت إليهم ، فلن ترى عيوبهم ، ولا أخطاءهم ، ومن أثر ذلك أنك ستحاول إيجاد مخارج لكلامهم المنافي "للعقل السوي" !! وهذا "الحياد العلمي" هو الذي جعل "طه حسين" ينظر إلى القرآن المجيد على أنه كتابٌ أدبيٌّ ، وينبغي أن نعرضه للنقد بهذا الاعتبار ، لأنك لو اعتبرته من هند الله ، فلابد أن تُذعِن له ، وإذا مرَّ بك ما لم تستسغه ، فلا مناص من أن تتهم نفسك ، لأنه لا يتهم ربه إلا كافر !!

    فلقد تطاول "البيطري" على أبي هريرة الصحابي الجليل ، حافظ الصحابة ، وأحد المجتهدين في الفقه ، فعامله على أساس أنه "رجلٌ" مجرد رجل.
    فقد قال في كتابه (ص 398) : "فقد كان أبو هريرة t يكثر من رواية الحديث عن رسول الله r ويسرده سرداً ككلام الناس ، ويُكثر من رواياته العديدة في المجلس الواحد ، فضلاً عن كونه (رحمه الله) كان غير ضابط لنقل الرواية ، مما جعل السيدة عائشة رضي الله عنها تُنكِر ذلك عليه .. وكذلك أوهامه وظنونه التي وضعت المفاسد العظيمة في الدين (بحُسنِ نيةٍ منه رحمه الله) مما يجعلنا نفكر ألف مرة قبل أن نسلم لأية رواية
    في الحديث ، مهما كانت صحيحة لأي راوٍ من الرواة على وجه العموم ، ولروايات أبي هريرة
    t ـ مهما كانت موثقة ـ على وجه الخصوص".
    ثم أورد كلمة لعائشة رضي الله عنها ، علَّقتْ بها على حديث حدث به أبو هريرة t ، قالت فيها : "أساء أبو هريرة سمعاً فأساء إجابةً". فعلق البيطري قائلاً : "وقد كان هذا يكفي أن يكف أبو هريرة t عن رواية الحديث كليةً بعد ذلك ، أو ألا يؤخذ عنه الحديث بالمرة ، لعدم ضبطه رحمه الله للرواية ، لا أن يكون أكثر الرواة حديثاً على الإطلاق ، فإن هذا من أعجب العجب".
    وصرح بمثل هذا الكلام الهابط كثيراً في كتابه.
    فإذا كان "البيطري" يتكلم هكذا عن الصحابة ، فكيف عن آحاد العلماء ؟
    وأنا لن أدعك تفكر أو "تتخيل" طريقته في الكلام عن العلماء ، فقد ذكر حديثاً رواه الإمام البخاري رحمه الله في "صحيحه" ثم علق عليه قائلاً
    (ص 504) : "ولابد أن نتنبه هنا إلى أن البخاري رحمه الله ، كان فيما يبدو طيباً ـ البيطري يعني مغفلاً ـ وأميناً فيما ينقل ، ولكنه رحمه الله ـ لم تكن له دراية كبيرة بدراسة الحديث !! إذ لو كانت له رحمه الله دراسة للحديث، وللمتن خصوصاً ، لما أثبت هذه الرواية في "صحيحه" ، ولكن يبدو أن الرجل (الفاضل) كان على الفطرة و (التلقائية) لدرجة أن تبلغ به السذاجة أن يروي مثل هذا الحديث المنافي لأبسط المبادئ و (الممكنات) العقلية في جميع العصور ، وتلك هي المأساة الكبرى في أمتنا ، وهي أخذ أحكام الدين تبعاً لشهرة الرجال، وصحة السند ، ولتذهب المبادئ العقلية إلى الجحيم ، مهما كانت هي مناط التكليف وأساس الإسلام" ..

    ثم قال (ص 505) : "كما أننا لا ننسى هنا ـ أيضاً ـ أن نُعيد ما سبق أن قررناه من قبل ، من أن الصحابي الفاضل أبا هريرة t لم يكن من أهل العلم أو المعرفة، ولا من أهل الدراية برواية الحديث أو إثبات الأحكام ، وإن كان أميناً فيما يعهد إليه به ، وقد كان هذا كفيلاً بأن يمنعه t من رواية هذه الكثرة من روايات الحديث ، لأنه رحمه الله استخف بالأمر ، ومضى به على غير وجهه الصحيح ، ولم يلتزم منهاج النبي r ، بحسنِ نيةٍ ولا شك !! فقام علينا ـ لذلك وغيره ـ عبء الدراسة المستفيضة لهذه الآلاف المؤلفة من رواياته في الحديث } وإنَّ اللهَ لمعَ المحسنين { . أ هـ
    * قلتُ أي الشيخ أبي إسحاق حفظه الله : انتهى كلام "البيطري" وذكره للآية الكريمة ، في آخر كلامه ، وذكرني بقصةٍ عجيبة ، فقد حكوا أن امرأة قُتِلَ زوجها ، فذهبت إلى قاتلٍ محترف ، يستعين به الناس في قتل من يريدون مقابلَ أجرٍ يدفعونه ، فجاءت المرأةُ إليه، وسألته أن يقتل فلاناً ـ قاتل زوجها ـ فقال لها : كم تدفعين ؟ فبكت المرأة ، وأخبرته أنها فقيرة وتنفق على أيتام ، فرق قلب القاتل وقال: سأقتله لوجهِ الله } وإنَّ اللهَ لمعَ المحسنين { !! فانظر إلى هذا الورع الكاذب ، واحمدِ الله الذي عافاك. ربما ساء ظنك ـ أيها القارئ ـ لأنني لم أقدم نموذجاً من فهم الرجل للنصوص حتى الآن ، يُنادى عليه بالجهل الذي وصفته به في مطلع كلامي.
    فأقول : حنانيك بل هداديك ، فكل سطر في كتابه يحتاج إلى رد ، لكنني سأكتفي بما أثاره حول الأحاديث الثلاثة التي ذكرها السائل في كلامه لتعلم قدر صاحب هذا الكتاب من الفهم.
    أما الحديث الأول :
    فذكر "البيطري" في كتابه (ص :503-504) أن البخاري روى عن أبي هريرة t ، عن النبي r ، قال : "قال سليمان بن داود عليهما السلام : لأطوفن الليلة على مئة امرأة ـ أو تسعٍ وتسعين امرأة ـ كلهن يأتي بفارس يجاهد في سبيل الله".
    فقال له صاحبه : قل إن شاء الله ، فلم يقل : إن شاء الله. فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة ، جاءت بشق رجل. والذي نفس محمد بيده لو قال : إن شاء الله، لجاهدوا في سبيل الله عز وجل فرساناً أجمعين ...".
    فعلق "البيطري" قائلاً : "ونحن نترك للقارئ أن يقدر بمقتضى العقل السوي، الذي لا يختلف على حكمه إنسان واحد في الكون !! مدى صحة هذه المقولة الواردة في هذا الحديث الصحيح "للأسف" ! وهي : "لأطوفن الليلة على مئة امرأة ـ أو تسع وتسعين ـ كلهن يأتي بفارس" حيث تصور لنا ما يأتي :
    1-أن ليلة واحدة يمكن أن تتسع لمجامعة مئة امرأة ـ أو تسع وتسعين ـ وهذا هامٌ ، فلينتبه إليه !!
    2-أن نبيناً من أنبياء الله تعالى ، يمكن أن يعلن هذا القول على الناس ، بهذا الأسلوب غير المهذب ، وهم أكمل الناس خُلُقاً ، وأوفرهم أدباً حتى يراجعه صاحبه في ذلك ، كما دلت عليه ألفاظ الحديث.
    3-أن نبياً من أنبياء الله تعالى ، يعرف أن النساء يلدن الذكور والإناث ، ثم يشترط على الله تعالى أن يكون كل ما تضع هذه النساء ذكوراً ، بأسلوب يحكم على الله سبحانه وتعالى بما يقول".
    ثم ذكر البيطري" الكلام السابق ـ والذي نقلته ـ في شأن الإمام البخاري
    رحمه الله.

    والحقُ يُقال :
    إن الرجل تعامل مع هذا النص "بغباءٍ شديد" ، فهذا "العنين" يقيس قدرات نبيٍّ من أنبياء الله بقدراته ، ويلفت الأنظار إلى هذا الاعتراض الذي أورده، برغم ضحالته وتفاهته ، فأي نكارةٍ أن يكون في مقدور نبي أن يجامع مئة امرأة في ليلة واحدة ، إذا كان مؤيداً من قبل الله تعالى، ومُعاناً على ذلك ، ولا زال العجز عن إتيان النساء معرَّةً عند بني آدم، والقدرة على ذلك من تمام الرجولة وكمال الفحولة ، وللأنبياء عليهم السلام تمام الكمالات ، فلا ينكر على من أمكنه الله تعالى من رقاب الجن والطير أن يكون له هذا الشيء اليسير الذي هو موجودٌ الآن عند بعض بني آدم. هذا أولاً
    ثانياً : أنه زعم أن كلمة "لأطوفن" ، غير مهذبة ، ونقول : كيف ؟ وهي من ألطف الكنايات في الدلالة على هذا الفعل ، وهي مثل قوله تعالى : } فلما تغشَّاها حملت حملاً خفيفاً {[الأعراف : 189] ، لكن الرجل مصابٌ في ذوقه وفهمه ، حتى يرى أن مثل هذه الكناية اللطيفة غير مهذبة ، ثم أين في الحديث أن سليمان عليه السلام جمع الناس وأخبرهم أنه سيأتي نساءه الآن ؟! ليس في الحديث إلا أنه قال ذلك ، فإما قاله بصوتٍ عالٍ كأنه يحدث نفسه، فسمعه صاحبه، أو أنه فاتح صاحبه في ذلك، وعلى الوجهين فليس فيه ما يشين قائله. فلو قال قائل : إنني ما تزوجت إلا ليرزقني الله برجال يتفقهون في دين الله عز وجل، وينشرون السنة بين الخلق أفيعيبه ذلك ؟ وهل ترى أيها القارئ ـ صاحب العقل السوي حقاً ـ أن هذا الكلام اشتراطاً على الله عز وجل من قريب أو من بعيد ؟ لقد قال سليمان عليه السلام هذه المقالة على سبيل الرجاء والتمني، ولو سلمنا أنه اشترط ذلك على الله، فإن الأنبياء عليهم السلام لا يفعلون إلا شيئاً مأذوناً لهم فيه، وقد ثبت عن النبي r ثبوت الجبل الأشم أنه قال : "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره" ، فالأنبياء أولى بذلك.
    ثالثاً : أن صاحب سليمان كان ملكاً، كما ثبت ذلك في "الصحيح" ، وهذا يكذب دعوى "البيطري" أن سليمان عليه السلام قال ذلك لأحد ، والله أعلم.
    ومجال القول مَهيَعٌ مُتَسِعٌ.
    أما الحديث الثاني :
    فإنه أعجب وأطم من سابقة، ولم أر قلة توفيق وسداد صاحبت أحداً مثلما صاحبت هذا البيطري.
    فقال المسكين تحت عنوان : "أحاديث تخالف مقتضيات العقل السوي" (ص 497 وما بعدها) : "من مرويات الحديث ما رواه البخاري ومسلم رضي الله عنهما عن أبي هريرة t ، قال رسول الله r : "جاء ملك لموت إلى موسى بن عمران فقال له : أجب ربك. قال : فلطم موسى عين الملك ففقأها. قال: فرجع الملك إلى الله ، فقال: إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت، وقد فقأ عيني. فرد الله عليه عينه وقال: ارجع فقل له: يضع يده على متن ثور، فله بكل ما غطت يده بكل شعرة سنة. قال: أي رب، ثم ماذا ؟ قال: ثم الموت. قال: فالآن. فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر".
    قال: قال رسول الله r : "فلو كنت ثمَّ ، لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر".
    علق البيطري على الحديث قائلاً : ونحن نلفت نظر القارئ ـ لا أكثر ـ إلى النقاط التالية :
    1-أن رسول الله r ـ بمقتضى هذه الرواية ـ يحدث أصحابه الأفاضل رضي الله عنهم بهذه القصة ليعلمهم ما فيها من الأحكام الشرعية !! فيا ترى ما هذه الأحكام؟
    2-أن موسى عليه السلام يأتيه ملك الموت ويبين له أنه جاء من عند الله تعالى ، ومع ذلك يعتدي عليه ! وهو يذكر لنا ، لنعلم مدى استهانة نبيٍّ رسولٍ (من أولي العزم) بأمر إلهي يأتيه مع ملك قد تنزل من قبل الله تعالى بهذا الأمر!!
    3-أن الملك ضعيف البنية ، لدرجة أن لطمة من يد موسى عليه السلام
    تفقأ عينه!

    4-أن موعد الموت قابل للتأجيل تبعاً لظروف كل حالة، وليس كما قال الله سبحانه وتعالى : } فإذا جاء أجلُهُم لا يستأخرونَ ساعةً ولا يستقدمون {[النحل : 61].
    5-أن الملك الموكل بالأمر الإلهي يرجع إلى الله تعالى دون تنفيذ الأمر المكلف به، تبعاً لقدرات الإنسان المرسل إليه، فالاعتداء كلما كان قوياً على الملائكة ، كلما حقق أعظم النتائج، حتى في تأجيل الموت نفسه !
    6-أن موسى عليه السلام استطاع أن يرد الإرادة الإلهية برد ملك الموت (وضربه وتأديبه) ، فليست القاعدة عند الملائكة هي كما قال تعالى :
    } وما نتنزلُ إلا بأمرِ ربكَ { [مريم : 64] ، وإنما هي مسألة غير منضبطة، والمهم أن تظهر قوة موسى عليه السلام ـ في الرواية ـ ولا يهم بعد ذلك الإساءة إلى القدرة الإلهية، والتدبير الإلهي ! وبالتالي يصبح قوله تعالى : } حتى إذا جاء أحدَكُمُ الموت توفته رُسُلُنا وهم لا يُفَرِّطون{ [الأنعام : 61] بلا معنى ! وتصبح الملائكة مفرطين في الأمر الإلهي ! لأن قدرتهم أقل من قدرة الإنسان !!
    7-أن موسى عليه السلام لم يستوعب الموقف ، إذ فهم أن رده لملك الموت سينهي المسألة تماماً ، بحيث لن يقدر ملك آخر أن ينزل إليه مرة ثانية ! وتصور أنه بذلك يهرب من الموت !!
    8-أن موسى عليه السلام يكره لقاء الله تعالى إلى هذا الحد الذي يضرب فيه ملك الموت فيفقأ عينه لمجرد أنه قال له : (أجب ربك) !!
    9-أن موسى عليه السلام رجل طائش ، لا يعرف كيف يضبط نفسه ،
    فهو عندما لا يريد الموت لا يلجأ إلى الدعاء والتضرع مثلاً (بفرض حدوث ذلك منه) ، بل يستعمل يده مباشرة ، حتى في مواجهة الملائكة ، مما يجعلنا نتوقع منه عليه السلام أكثر من ذلك ـ بمقتضى هذه الرواية ـ يوم القيامة عند الحساب ، بحيث يمكن أن نشهد عرضاً عظيماً ، وصراعاً رائعاً، ربما يصرع فيه موسى عليه السلام ملكين أو أكثر فيطرحهم أرضاً بلكماته القوية ، والخلائق تشهد ذلك في موقف الحساب !

    10-أن ملك الموت رجع مخاطباً الله تعالى بأسلوب التنبيه بقوله :
    (إنك أرسلتني إلى عبدٍ لك لا يريد الموت) !! كأنه يريد أن ينبه الله (تعالى عن ذلك علواً كبيراً) إلى أن الإرسال في هذه المرة لم يكن على نحوٍ حكيم! إذ أن العبد المرسل إليه كان لا يريد الموت ، فكيف حدث هذا من الله سبحانه ؟

    هكذا أيها القارئ ، ولك ـ الآن ـ أن تقرر ما تشاء !!
    لكننا نتساءل : تُرى من الذي دس علينا كل هذه الروايات الإجرامية ، حتى يهدم فينا العقيدة الصحيحة ، فتشقى أمتنا ـ بذلك ـ إلى يوم الدين ؟ ترى من فعل هذا؟ حسبنا الله ونعم الوكيل !
    * قلتُ : فهذا كلامه كله ، نقلته مع طوله وإملاله ، لتعلم أيها القارئ هل قائله ممن أنعم الله عليهم بالعقل السوي ، أم أنه مخبول ؟!
    ويحضرني الآن ما ذكره أهل الأدب أن خالد بن صفوان ـ الخطيب البليغ ـ كان في الحمام يوماً ، فرآه رجل وابنه ، فأراد الرجل أن يُري خالداً ما عنده من الفصاحة والبيان ، فخاطب ابنه قائلاً : يا بُني ابدأ بيداك ورجلاك! ثم التفت إلى خالد كالمتباهي وقال : يا أبا صفوان هذا كلامٌ قد ذهب أهله ! فقال له خالد : هذا كلامٌ لم يخلُقُ الله له أهلاً قط !!
    و"البيطري" تابع لبعض المارقين في ترديد هذه الاعتراضات ، لكنه أضاف إليها من سوء أدبه وركاكة أسلوبه.
    وقد أجاب أهل العلم من هذا الحديث بجوابين :
    الأول : ما ذكره الإمام العلم ابن حِبان البستي في "صحيحه" (6223) فقد قال: "ذِكْرُ خبرٍ شَنَّع به على منتحلي سنن المصطفى r من حُرِمَ التوفيق لإدراك معناه"، ثم روى الحديث وعقب قائلاً : "إن الله جل وعلا بعث رسول الله r معلماً لخلقه ، فأنزله موضع الإبانة عن مراده ، فبلَّغ r رسالته ، وبين عن آياته بألفاظ مجملة ومفسرة ، علقها عنه أصحابه أو بعضهم ، وهذا الخبر من الأخبار التي يدرك معناه من لم يُحرَمِ التوفيق
    لإصابة الحق".

    وذاك أن الله جل وعلا أرسل ملك الموت إلى موسى رسالة ابتلاء واختبار وأمره أن يقول له : أجب ربك ، أمرَ اختبار وابتلاء ، لا أمراً يريد الله جل وعلا إمضاءه، كما أمر خليله إبراهيم ـ صلى الله على نبينا وعليه ـ بذبح ابنه أمر اختبار وابتلاء دون الأمر الذي أراد الله جل وعلا إمضاءه ، فلما عزم على ذبح ابنه ، وتله للجبين ، فداه بالذبح العظيم.
    وقد بعث الله جل وعلا الملائكة إلى رسله في صور لا يعرفونها ، كدخول الملائكة على رسوله إبراهيم ولم يعرفهم حتى أوجس منهم خيفة ، وكمجيء جبريل إلى رسول الله r وسؤاله إياه عن الإيمان والإسلام والإحسان ... فلم يعرفه المصطفى r حتى ولى.
    فكان مجيء ملك الموت إلى موسى عليه السلام على غير الصورة التي كان يعرفه موسى عليه السلام عليها ، وكان موسى غيوراً ، فرأى في داره رجلاً لم يعرفه ، فرفع يده فلطمه ، فأتت لطمته على فقء عينه التي في الصورة التي يتصور بها ، لا الصورة التي خلقه الله عليها ، ولما كان المصرح عن نبينا r في خبر ابن عباس ، حيث قال : "أمني جبريل عن البيت مرتين" ، فذكر الخبر ، وقال في آخره : "هذا وقتك ووقت الأنبياء قبلك" .. كان في هذا الخبر البيان الواضح أن بعض شرائعنا قد تتفق ببعض شرائع من قبلنا من الأمم.
    ولما كان من شريعتنا أن من فقأ عين الداخل داره بغير إذنه ، أو الناظر إلى بيته بغير أمره من غير جُنَاحٍ على فاعله ، ولا حرج على مرتكبه ؛ للأخبار الجمة الواردة فيه التي أمليناها في غير موضع من كتبنا ـ كان جائزاً اتفاق هذه الشريعة بشريعة موسى، بإسقاط الحرج عمن فقأ عين الداخل داره بغير إذنه ، فكان استعمال موسى هذا الفعل مباحاً له ، ولا حرج عليه في فعله.
    فلما رجع ملك الموت إلى ربه وأخبره بما كان من موسى فيه ، أمره ثانياً
    بأمر آخر ، أمر اختبار وابتلاء كما ذكرنا من قبل ، إذ قال الله له : قل له : إن شئت فضع يدك على متن ثور ، فلك بكل ما غطت يدك بكل شعرة سنة ، فلما علم موسى كليم الله ـ صلى الله على نبينا وعليه ـ أنه ملك الموت ، وأنه جاءه بالرسالة من عند الله ، طابت نفسه بالموت ، ولم يستمهل ، وقال : فالآن.

    فلو كانت المرة الأولى عرفه موسى أنه ملك الموت ، لاستعمل ما استعمل
    في المرة الأخرى عند تيقنه وعلمه به ، ضد قول من زعم من أصحاب حديث حمالة الحطب ورعاة الليل ، يجمعون ما لا ينتفعون به ، ويرون ما لا يؤجرون عليه ، ويقولون بما يبطله الإسلام ، جهلاً منه لمعاني الأخبار ، وترك التفقه في الآثار ، معتمداً منه على رأيه المنكوس ،
    وقياسه المعكوس".

    * قلتُ : ونقل الحافظ في "الفتح" (6/442) عن ابن خزيمة نحوه وهذا البيان من الحافظ الجليل ابن حبان رحمه الله يأتي على اعتراض "البيطري" من القواعد ، وقد تَعرِضُ شبهة لآحاد الأذكياء فاتت على المعترض ، وهي في قوله : "أجب ربك" ، فقد يقول قائل : إن هذه الكلمة كانت كفيلة بأن يعرف موسى عليه السلام أنه مرسل من عند الله.
    فقد أجاب ابن حبان (14/117) قائلاً : "هذه اللفظة (أجب ربك) قد توهم من لم يتبحر في العلم ، أن التأويل الذي قلناه للخبر مدخول ، وذلك في قول ملك الموت لموسى : (أجب ربك) بيان أنه عرفه ، وليس كذلك ، لأن موسى عليه السلام لما شال يده ولطمه ، قال له : (أجب ربك) ، توهم موسى أنه يتعوذ بهذه اللفظة ، دون أن يكون رسول الله إليه ، فكان قوله : (أجب ربك) الكشف عن قصد البداية في نفس الابتلاء والاختبار الذي أريد منه". انتهى
    ثم قوله لموسى عليه السلام : (أجب ربك) معناه : سلم لي نفسك لأنتزع روحك، فهذا هو القتل، ودفع الصائل مشروع حتى لو أدى إلى قتله كما قرره العلماء ، وقد قال النبي r : "من قتل دون أهله وماله فهو شهيد".
    الجواب الثاني : أنه قد ثبت عن النبي r أنه قال : "إنه لم يُقبض نبي قط حتى يرى مقعده من الجنة ثم يُخيَّر". قالت عائشة : فلما نزل به ورأسه على فخذي غُشي عليه ، ثم أفاق فأشخص بصره إلى سقف البيت ، ثم قال: "اللهم الرفيق الأعلى". فقلتُ : إذن لا يختارنا ... الحديث.
    أخرجه البخاري (8/136 ، 150 ، 255 ، 11/149 ، 357) ومسلم (2444/86) ، وأحمد (6/296) ، وأحمد (6/296) ، وابن ماجة (1620) ، وحماد بن إسحاق في "تركة النبي r" (ص 52) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (24/268-269) ، من طريقين عن عروة عن عائشة.
    وفي رواية لسعيد بن إبراهيم ، عن عروة : "ما من نبي يمرض إلا خُيِّر بين الدنيا والآخرة ...".
    * قلتُ : فهذا الحديث صريح في أن كل نبي كان يخيره الله عز وجل بين الحياة والموت، وقد خُير نبينا r .
    فروى الشيخان عن أبي سعيد الخدري t قال: خطب رسول الله r الناس وقال : "إن الله خير عبداً بين الدنيا وبين ما عنده ، فاختار ذلك العبد ما عند الله". قال : "فبكى أبو بكر، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله r عن عبدٍ خُيِّرَ ، فكان رسول الله r هو المخير، وكان أبو بكر أعلمنا.
    فلما جاء ملك الموت موسى عليه السلام في صورةٍ لا يعرفها ، يقول له : "أجب ربك" ثم هو لم يُخَيَّرُ ، وكانت آية لهم ، فعل ما فعل.
    فأي نكارة ـ يا عباد الله ـ في هذا الحديث الرائع ، بعد هذا البيان المختصر لمعناه ؟! ولكن الأمر كما قيل :
    ومن يكُ ذا فمٍ مُرٍّ مريضٍ
    يجد مُرًّا به الماءَ الزُّلالا
    أما الحديث الثالث :
    قال "البيطري" (ص 463-465) : "ما رواه البخاري رحمه الله بسنده إلى ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله r : "أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله" الحديث. وهو حديث مروي كذلك في صحيح مسلم (رحمه الله) بلفظ : "حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله" وليس فيه إقامة الصلاة
    وإيتاء الزكاة. وهذا الحديث ـ في رأينا ـ مكذوب على رسول الله
    r (دون أدنى شك) ، وأن كان مروياً في صحيحي البخاري ومسلم (رضي الله عنهما) كما تبين؛ إذ القاعدة أن لا تلازم بين صحة السند وصحة الحديث ، لكون صحة المتن شرطاً أساسياً لصحة الحديث (وقد سبق بيان ذلك) ، ونحن سنبين ـ بمشيئة الله تعالى ـ من خلال دراسة المتن كيف أنه حديث مكذوب على رسول الله r .
    وقبل أن نقدم الأدلة الدامغة على كذب هذا الحديث (وافترائه على رسول الله r ) ، نحب أن نلفت نظر المعترضين على ضرورة دراسة متون الأحاديث (مهما كانت واردة في الصحاح) إلى خطورة مثل هذا الحديث (خطورة عظيمة) على الإسلام حيث إنه كفيلٌ ـ لو صدقه المسلمون وعملوا به ـ بهدم الدين الإسلامي كليةً (من ألفه إلى يائه) ، وصرف الأمة الإسلامية بالتالي عن طريق الرحمن إلى طريق الشيطان (والعياذ بالله سبحانه). وسبب ذلك ـ باختصار شديد ـ هو : أن الحديث سيعطي دلالة واضحة على أن الإسلام قد فُرِضَ على الناس بالقهر (لا بالرغبة) وبالسيف
    (لا بالاختيار) وهذا هو الضد تماماً الذي يخالف الإسلام ! فضلاً عن تسببه في أخذ الأمة الإسلامية إلى طريق منحرف (بعيد تماماً عن الدين الحق) يَفرِض عليها محاربة شعوب الأرض جميعاً (غير المسلمين) حتى يسلموا ويدخلوا ـ بالقهر والبطش والقتال ـ في سماحة الإسلام !! وهذا كفيل بهدم كيان الأمة تماماً لكونه يكلفهم ما لا طاقة لهم به (مما لا يرضاه الله سبحانه وتعالى لهم وبالتالي فلن ينصرهم فيه) ويجعل منهم ـ بالتالي ـ جماعة سفاحين يقاتلون كل من يخالفهم في الشريعة (والعقيدة) ! وهذا مما يُبغضه الله سبحانه وتعالى أشد البغض، ويُنَكِّل بفاعله أشد التنكيل (فلا تقوم لهم قائمة إلى يوم الدين) لأن ذلك اعتداء على منهاج الله سبحانه وتعالى باسم السنة النبوية ـ وتلك هي أهم مكامن الخطورة في هذا الحديث.

    وإليك ـ أيها القارئ المحايد ـ الأدلة الشرعية (القاطعة) على كون هذا الحديث كذباً، وافتراءً على دين الله تعالى (دون أدنى عُذرٍ للمتن من تبرير أو تأويل) ، والله المستعان، وهذه الأدلة". انتهى
    * قُلتُ : ثُمَّ شقق الكلام وأطاله في طائل حتى استغرق هذا الحشو أكثر من عشرين صفحة مؤداها أن هذا الحديث يعارض عدة آيات في كتاب الله تعالى منه قوله تعالى : }لا إكْرَاهَ في الدِّيْنِ{ ، ومنها : } ولَو شَاءَ رَبُّكَ لآَمنَّ مَنْ في الأرضِ كُلَّهُمْ جَمِيعاً أفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يكونوا مُؤْمِنين {، ومنها : } قُلْ يا أَيُّهَا الكَافِرونَ لا أعْبُدُ ما تْعْبُدُونَ{ ، ومنها : } إنْ عَلَيْكَ إلاَّ البَلاغُ{ .
    وفي آياتٍ أخرى حشدها وجعل يفسرها ليدلك على أن هذا الحديث (الخرافي) ـ كما يسميه ـ يعارض القرآن.
    والجواب عن هذا الخَطَل ـ متحاشياً الحشوَ ـ أن يقال :
    إن الناسَ ثلاثةٌ : مسلمٌ وكافرٌ ومنافقٌ.
    فليس المسلمُ هو المقصود بالحديث بداهةً، ولمنافقُ ليس داخلاً فيه أيضاً لأنه أظهر الإسلام فلا سبيل لنا عليه، ولما أراد خالد بن الوليد t أن يقتل جدَّ الخوارج الذي قال للنبي r : اعدل يا محمد. قال له النبي r : "لا ، لَعلَّهُ أن يكون يُصلِّي" قال خالد : وكم من مُصلٍّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه. فقال رسول الله r : "إني لم أومر أن أُنقِّب عن قلوب الناس، ولا أشقَّ بطونهم". أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث علي بن أبي طالب t. فلم يبق من أقسام الناس إلا الكافر.
    فكلمة : "الناس" في الحديث من العامِّ الذي يراد به الخصوص ، وقد ورد هذا صريحاً فيما رواه أبو داود (2642) ، والنسائي (7/75) ، والدارقطني (1/232) ، والبيهقي (3/92) عن يحيى ابن أيوب ، قال : حدثني حميدٌ أنه سمع أنساً مرفوعاً : "أُمرتُ أن أقاتل المشركين حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ... الحديث".
    وجماهير أهل العلم كأبي حنيفة ومالك وأحمد وجماهير أصحابهم أن الكافر لا يُقتل لمجرد كفره ، ولذلك لا يُقتل الصبيان ، ولا النساء ، ولا الرهبان أصحاب الصوامع ، ولا الزَّمني إلا إذا أعانوا بالقول أو بالفعل ، إنما يُقتل من انتصب لحرب المسلمين ، ومَنَعَ تبليغ الإسلام إلى مَنْ ورائهم وما علمنا قطُّ أن النبي r أَكْرَهَ أحداً على الإسلام ، أو قتله لمجرد أنه كافر ، بل من سالمه أو هادنه أو دخل معه في حلفٍ كان يكف عنه.
    وذهب الشافعي وبعض أصحاب أحمد إلى قتل كل كافر وجعل العلة الكفر، والقول الأول هو الصواب الذي ينصره الكتاب والسنة.
    ويدل على ذلك ما رواه سليمان بن بريدة، عن أبيه قال: كان رسول الله r إذا أمَّرَ أميراً على جيش أو سرية أوصاهُ في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً. ثم قال: "اغزوا باسم الله ، قاتلوا من كفر بالله ، في سبيل الله اغزوا وتغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليداً ، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال (أو خلال) فأيَّتُهُن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم. ثم ادعهم إلى الإسلام ، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين ، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيءٌ إلا أن يجاهدوا مع المسلمين ، فإن هم أبوا فسلهم الجزية ، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم، وإذا حاصرت أهل حصنٍ فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه ، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك ، فإنكم أن تُخفروا ذممكم وذمم أصحابكم ، أهون من أن تُخفروا ذمة الله وذمة رسوله. وإذا حاصرت أهل حصنٍ فأرادوك أن تُنزِلَهم على حكم الله ،
    فلا تنزلهم على حكم الله ، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا".

    أخرجه مسلم (1731/2-3) وغيره.
    ومجال القول واسع جداً لاسيما في رده على الحافظ ابن حجر ، وقد استوفيت الرد عليه، وأبنت عن جهله وزغله في كتابي "الجهد الوفير في الرد على البيطري نافخ الكير" وقد كتبت منه مجلدةً ، واللهُ أسألُ أن يُعينني على إتمامه على الوجه الذي يُرضيه عني.
    وأُذكِّرُ "البيطري" أنه لن يكون أحسن حالاً من محمودٍ أبي رية والسيد صالح أبي بكر، ومن قبلهم غُلاةِ الروافضِ ، فقد ذهبوا إلى مزبلة التاريخ ، وبقيت السنة النبوية شامخة، يُقرِّبها الأساطين دانية القطاف إلى
    جماهير المسلمين.

    وقد أطلق بعض الأذكياء على مثل "البيطري" وأشياعه لقب "المجددينات" فقال له سامعه: ما هذا الجمع الغريب ؟ ما هو بجمع مذكر سالم ، ولا هو جمع مؤنث سالم ! فقال له : هذا "جمع مُخَنَّثٍ" سالم ، فأقسم له سامعه أن اللغة العربية في أشد الحاجة إلى هذا الجمع ، خصوصاً في هذه الأيام.
    فهي والله فوضى ولا عُمَرَ لها ! وقد أعطاني الكتاب بعض أفاضل إخواني وطلب مني أن أرد والتمس مني ذلك ، وطلب إبطال ما هنالك ، فلما انفصلتُ بتُّ ليلتي متفكراً ، فقرع خاطري ما قاله أبو سفيان يوم أُحُد : أفيكم محمدٌ ؟ أفيكم أبو بكر؟ أفيكم عُمر ؟ فقال النبي r "لا تجيبوه". تعاوناً به ، وتحقيراً لشأنه. فلما قال : اُعلُ هبل. فقال لهم رسول الله r :
    "ألا تجيبوه ؟" قالوا : وما نقول ؟ قال : "قولوا: الله أعلى وأجل". فقال
    أبو سفيان : لنا العُزّىَ ولا عُزى لكم. فقال لهم
    r: "قولوا : الله مولانا ولا مولى لكم" فعلمتُ أن النبي r أمرهم أن يجيبوه إعلاء لجناب التوحيد ، وإظهاراً لعزِّة من عبده المسلمون فحينئذٍ جرَّدتُ أسنة العزائم والردِّ ، واستعنتُ على ردِّ أباطيله بالواحد الفرد ، وليت مصنف هذا الهذيان ، تَنكَّبَ عن ميدان الفرسان ، ليسلم من أسنةِ ألسنتهم عِرضُه، وينطوي من بساط المشاجرة طوله وعرضه، ولم يسمع ما يضيق به صدره، ولم يَنهَتِكْ بين أفاصل الأمة ستره ، وإن قد أبي إلا المهارشة والمناقشة، والمواحشة والمفاحشة، فليصبر على حزُ الغلاصم، وقطعُ الحلاقم، ونكز الأراقم، ونهش الضراغم، والبلاء المتراكم المتلاطم، ومتون الصوارم. فوالذي نفسي بيده ما بارز أهل الحقِّ قطُّ قِرنٌ ، إلا كسروا قرنه ، فقرع مِنْ نَدَمٍ سِنَّه، ولا ناجزهم خصم إلا بشروه بسوء منقلبه، وسدوا عليه طريق مذهبه لمهربه، ولا فاصحهم أحدٌ ـ ولو كان مثل خُطباءِِ إياد ـ إلا فصحوه وفضحوه ، ولا كافحهم مقاتل ـ ولو كان من بقية قوم عاد ـ إلا كبوه على وجهه وبطحوه، هذا فعلهم مع الكُماةِ الذين وردوا المنايا تبرعاً ، وشربوا كؤوسها تطوعاً ، وسعوا إلى الموت الزُّؤام سعياً ، وحسبوا طعم الحمام أرياً، والكُفَاةِ الذين استحقروا الأقران فلم يهُلهُم أمرٌ مَخُوفٌ ، وجالوا في ميادين المناضلة واخترقوا الصفوف ، وتجالدوا لدى المُجادلَةِ بقواطع السيوفِ.
    والله غالبٌ على أمرِهِ ولكنَّ أكثر الناسِ لا يعلمون.
    نفس المصدر السابق الفتوي رقم 4

    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: ما درجة الأحاديث الآتية تابعوا معنا الحكم لشيخنا أبي إسحاق الحويني شفاه الله

    -سمعت منكم في أثناء شرح "صفة الصلاة النبي r" للشيخ الألباني أنكم تنصرون النزول من الركوع إلى السجود على اليدين، ولكنني قرأت بحثاً لابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" ينصر النزول على الركبتين ، وبحثه قوي جداً ويصعب رد أدلته ، فما جوابكم عن ذلك ؟
    الجواب : أن بحث ابن القيم رحمه الله تعالى هذا قرأته قديماً وكنت على اقتناع كامل به، حتى وقعت لي واقعة اضطررت بسببها أن أبحث الموضوع، فإذا هو ضعيف برغم قوته الظاهرة فصنفت في الرد عليه جزءاً سميته : "نهي الصحبة عن النزول بالركبة" ، فأنا أذكر خلاصته هاهنا ذاكراً كلام ابن القيم أولاً ، ثم أعقب بردي عليه رحمه الله تعالى.
    قال الإمام المحقق في "زاد المعاد" (1/222-231) في وصف صلاة
    النبي
    r: "وكان r يضع ركبتيه قبل يديه ، ثم يديه بعدهما ، ثم جبهته وأنفه ، هذا هو الصحيح الذي رواه شريك ، عن عاصم بن كليب ، عن أبيه، عن وائل بن حجر :" رأيت رسول الله r إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه ، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه". ولم يروِ في فعله ما يخالف ذلك. وأما حديث أبي هريرة يرفعه : "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير ، وليضع يديه قبل ركبتيه". فالحديث ـ والله أعلم ـ قد وقع فيه وهمٌ من بعض الرواة ، فإن أوله يخالف آخره، فإنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه ، فقد برك كما يبرك البعير ، فإن البعير إنما يضع يديه أولاً، ولما علم أصحاب هذا القول ذلك .، قال : ركبتا البعير في يديه لا في رجليه ، فإذا هو برك وضع ركبتيه أولاً ، فهذا هو المنهي عنه ، وهو فاسدٌ لوجوه :
    أحدهما : أن البعير إذا برك فإنه يضع يديه أولاً ، وتبقى رجلاه قائمتين ، فإنه ينهض برجليه أولاً ، وتبقى يداه على الأرض ، وهذا هو الذي
    نهى عنه
    r ، وفعل خلافه ، وكان أول ما يقع منه r على الأرض الأقربُ منها فالأقرب ، وأول ما يرتفع عن الأرض الأعلى فالأعلى.
    وكان يضع ركبتيه أولاً ، ثم يديه ، ثم جبهته ، وإذا رفع ، رفع رأسه أولاً ،
    ثم يديه ، ثم ركبتيه. وهذا عكس فعل البعير ، وهو
    r نهى في الصلاة عن التشبه بالحيوانات ، فنهى عن بروكٍ كبروك البعير ، والتفاتٍ كالتفات الثعلب ، وافتراشٍ كافتراش السبع ، وإقعاءٍ كإقعاء الكلب ، ونقرٍ كنقر الغراب ، ورفع الأيدي وقت السلام كأذنابِ الخيل الشُّمُسِ فهَديُ المصلي مخالف لهديِ الحيوانات.
    الثاني : أن قولهم : رُكبتا البعير في يديه كلامٌ لا يُعقل ، ولا يعرفه أهل اللغة وإنما الركبة في الرجلين ، وإذا أطلق على اللتين في يديه اسم فعلى سبيل التعذيب.
    الثالث : أنه لو كان كما قالوه ، لقال : فليبرك كما يبرك البعير ، فإن أول ما يمس الأرض من البعير يداه ، وسر المسألة أنه من تأمل بروك البعير وعلم أن النبي r نهى عن بروكٍ كبروكِ البعير ، علم أن حديث وائل بن حجر هو الصواب ، والله أعلم.
    وكان يقع لي أن حديث أبي هريرة كما ذكرنا مما انقلب على بعض الرواة متنه وأصله ، ولعله : "وليضع ركبتيه قبل يديه" كما انقلب على بعضهم حديثُ ابن عمر: "إن بلالاً يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم" فقال : "إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال". وكما انقلب على بعضهم حديث : "لا يزالُ يُلقى في النار فتقول : هل من مزيد ..." إلى أن قال : "وأما الجنة فُينشئُ الله لها خلقاً يسكنهم إياها". فقال : حتى رأيت أبا بكر بن أبي شيبة قد رواه كذلك ، فقال ابن أبي شيبة: حدثنا محمد بن فُضيل ، عن عبد الله بن سعيد ، عن جده ، عن أبي هريرة، عن النبي r قال : "إذا سجد أحدُكُم فليبدأ بركبتيه قبل يديه ، ولا يَبرُك كبروك الفَحلِ".
    ورواه الأثرم في "سننه" وأيضاً عن أبي بكرٍ كذلك ، وقد رُويَ عن
    أبي هريرة عن النبي
    r ما يُصدِّق ذلك ، ويوافق حديث وائل بن حُجر، قال ابن أبي داود: حدثنا يوسف بن عدي ، حدثنا ابن فُضيل ـ هو محمد ـ عن عبد الله بن سعيد ، عن جده ، عن أبي هريرة t أن النبي r كان إذا سجد بدأ بركبتيه قبل يديه.
    وقد روى ابن خزيمة في "صحيحه" من حديث مصعب بن سعد ، عن أبيه قال : كنا نضع اليدين قبل الركبتين ، فأُمِرنا بالركبتين قبل اليدين. وعلى هذا فإن كان حديث أبي هريرة محفوظاً ، فإنه منسوخ ، وهذه طريقة صاحب "المُغني" وغيره ، ولكن للحديث علتان :
    إحداهما : أنه من رواية يحيى بن سلمة بن كهيل ، وليس ممن يُحتَّجُ به. قال النسائي : متروك. وقال ابن حبان : منكر الحديث جداً لا يُحتج به. وقال ابن معين: ليس بشيء.
    الثانية : أن المحفوظ من رواية مصعب بن سعد عن أبيه هذا إنما هو قصة التطبيق، وقول سعد : كنا نصنع هذا فأُمِرنا أن نضع أيدينا على الركب ، وأما قول صاحب "المُغني" عن أبي سعيد قال : كنا نضع اليدين قبل الركبتين فأُمِرنا أن نضع الركبتين قبل اليدين ، فهذا ـ والله أعلم ـ وَهَمٌ في الاسم ، وإنما هو:"عن سعدٍ"، وهو أيضاً وَهَمٌ في المتن كما تَقَدَّم، وإنما هو في قصة التطبيق، والله أعلم.
    وأما حديث أبي هريرة المتقدم ، فقد علله البخاري ، والترمذي ، والدار قطني.
    قال البخاري : محمد بن عبد الله بن حسن لا يُتابَع عليه.
    وقال : لا أدري أسمِعَ من أبي الزناد ، أم لا ؟
    وقال الترمذي : "غريبٌ لا نعرفه من حديث أبي الزِّناد إلا من هذا الوجه".
    وقال الدار قطني : "تفرد به عبد العزيز الدراوردي، عن محمد بن عبد الله بن الحسن العلوي ، عن أبي الزناد" وقد ذكر النسائي عن قتيبة :
    حدثنا عبد الله بن نافع ، عن محمد بن عبد الله بن الحسن العلوي ،
    عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن النبي
    r قال : "يَعمِدُ أحدُكم في صلاته ، فيبرُكُ كما يبرُكُ الجمل" ولم يزد. قال أبو بكر بن أبي داود : وهذه سنَّة تفرَّد بها أهل المدينة ، ولهم فيها إسنادان ، هذا أحدهما، والآخر عن عبيد الله ، عن نافه ، عن ابن عمر عن النبي r قلت : أراد الحديث الذي رواه أصبغ بن الفرج ، الدراوردي، عن عبيد الله عن نافع ، عن ابن عمر أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه ويقول : كان النبي r
    يفعل ذلك.

    رواه الحاكم في "المُستدرك" من طريق محرز بن سلمة ، عن الدراوردي ، وقال : على شرط مسلم وقد رواه الحاكم من حديث حفص بن غياث ، عن عاصم الأحول، عن أنس قال : "رأيتُ رسول الله r انحط بالتكبير حتى سبقت ركبتاه يديه. "
    قال الحاكم : "على شرطهما ، ولا أعلم له علة".
    قلتُ ـ يعني ابن القيم ـ : قال عبد الرحمن بن أبي حاتم : "سألت أبي عن هذا الحديث فقال : هذا الحديث منكر". انتهى
    وإنما أنكره ـ والله أعلم ـ لأنه من رواية العلاء بن إسماعيل العطار ، عن حفص بن غياث ، والعلاء هذا مجهولٌ لا ذكر له في الكتب الستة ، فهذه الأحاديث المرفوعة من الجانبين كما ترى.
    وأما الآثار المحفوظة عن الصحابة : فالمحفوظ عن عمر بن الخطاب t أنه كان يضع ركبتيه قبل يديه ، ذكره عنه عبد الرزاق ، وابن المنذر ، وغيرهما ، وهو المروي عن ابن مسعود t ، ذكره الطحاوي ، عن فهد ، عن عمر بن حفص ، عن أبيه ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن أصحاب عبد الله : علقمة والأسود قالا : حفظنا عن عمر في صلاته أنه خر بعد ركوعه على ركبتيه كما يخر البعير، ووضع ركبتيه قبل يديه ، ثم ساق من طريق الحجاج بن أرطأة قال : قال إبراهيم النخعي : حُفِظَ عن عبد الله بن مسعود أن ركبتيه كانتا تقع على الأرض قبل يديه، وذكر عن ابن مرزوق ، عن وهب ، عن شعبة ، عن مغيرة قال : سألت إبراهيم عن الرجل يبدأ بيديه قبل ركبتيه إذا سجد ؟ قال : أو يصنع ذلك إلا أحمق أو مجنون !
    قال ابن المنذر : وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب ، فمن رأى أن يضع ركبتيه قبل يديه : عمر بن الخطاب t ، وبه قال النخعي ، ومسلم ابن يسار ، والثوري، والشافعي، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو حنيفة وأصحابه ،
    وأهل الكوفة.

    وقالت طائفة : يضع يديه قبل ركبتيه ، قال مالك : وقال الأوزاعي : أدركنا الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم. قال ابن أبي داود : وهو قول أصحاب الحديث. قلت : وقد رُوِىَ حديث أبي هريرة بلفظ آخر ذكره البيهقي ، وهو إذا سجد أحدكم ، فلا يبرك كما يبرك البعير ، وليضع يديه على ركبتيه".
    قال البيهقي : فإذا كان محفوظاً ، كان دليلاً على أن يضع يديه قبل ركبتيه عند الإهواء إلى السجود.
    وحديث وائل بن حجر أولى لوجوه :
    أحدها : إنه أثبت من حديث أبي هريرة ، قال الخطابي ، وغيره.
    الثاني : أن حديث أبي هريرة مضطرب المتن كما تقدم ، فمنهم من يقول فيه : وليضع يديه قبل ركبتيه ، ومنه من يقول بالعكس ، ومنهم من يقول وليضع يديه على ركبتيه ، ومنهم من يحذف هذه الجملة رأساً.
    الثالث : ما تقدم من تعليل البخاري والدار قطني وغيرهما.
    الرابع : أنه على تقدير ثبوته ، قد ادعى فيه جماعة من أهل العلم النسخ ، قال ابن المنذر : وقد زعم بعض أصحابنا أن وضع اليدين قبل الركبتين منسوخ ، وقد تقدم ذلك.
    الخامس : أنه الموافق لنهي النبي r عن بروكٍ كبروكِ الجمل في الصلاة ، بخلاف حديث أبي هريرة.
    السادس : أنه الموافق للمنقول عن الصحبة ، كعمر بن الخطاب ، وابنه ،
    وعبد الله بن مسعود ، ولم يُنقل عن أحدٍ منهم ما يوافق حديث أبي هريرة،
    إلا عن ابن عمر رضي الله عنهما ، على اختلاف عنه.

    السابع : أن له شواهد من حديث ابن عمر وأنس كما تقدم ، وليس لحديث أبي هريرة شاهد ، فلو تقاوما لقُدِّم حديث وائل بن حجر من أجل شواهده ، فكيف وحديث وائل أقوى كما تقدم ؟!
    الثامن : أن أكثر الناس عليه ، والقول الآخر إنما يُحفظ عن الأوزاعي ومالك ، وأما قول ابن أبي داود : إنه قول أهل الحديث ، فإنما أراد به بعضهم ، وإلا فأحمد والشافعي وإسحق على خلافه.
    التاسع : أنه حديثٌ فيه قصةٌ محكيةٌ سيقت لحكاية فعله r فهو أولى أن يكون محفوظاً ؛ لأن الحديث إذا كان فيه قصةٌ محكيةٌ ، دل على أنه حفظ.
    العاشر : أن الأفعال المحكية فيه كلها ثابتة صحيحة من رواية غيره ، فهي أفعال معروفة صحيحة ، وهذا واحد منها ، فله حكمها ، ومعارِضُهُ ليس مقاوماً له فيتعين ترجيحه ، والله أعلم". انتهى كلامه
    * قلتُ أي الشيخ حفظه الله : فليس هذا البحث ـ أيها الإمام ـ من لآلئ مبتكراتك ، ولا من نفيس مخبآتك، وأن لم يخلُ ـ كعادتك ـ من حسن عرض الأدلة وترتيبها ، فلذلك اغتر به خلقٌ ، ظناً منهم أنه كسائرأبحاثك في استيفاء الحُجج ، وتحرير المقام. ولا عجب أن يكون لك في قلوب من جاء بعدك من التبجيل والإكبار ما أنته له بأهلً ، لِما عُرِفت به من كثرة الإنصاف في كلامك ، واستيفاء الأدلة ، مع الإتيان بوجوهٍ من الاحتجاج لم تُسبَق إليها ، حتى عدك حافظ الديار المصرية ابن حجر العسقلاني الحسنة العظيمة لشيخ الإسلام ابن تيمية ، والتي يرقى بها ابن تيمية إلى ذرى المجد ، على فرض أن ليس له حسنة غيرك. فقال كما في "الرد الوافر" لابن ناصر الدين الدمشقي ، قال الحافظ : "ولو لم يكن للشيخ تقي الدين من المناقب إلا تلميذه الشهير الشيخ
    شمس الدين بن قيم الجوزية صاحب التصانيف النافعة السائرة التي انتفع بها الموافق والمخالف ، لكان غايةٌ في الدلالة على عظم منزلته". انتهى

    وقد رأيتك ـ رضي الله عنك ـ لخصتَ مقاصد بحثِكَ في عشرة وجوه ختمت بها كلامك، فأنا أتتبعها واحدة تلو الأخرى ، بشرط الإنصاف ، وترك الاعتساف إن شاء الله تعالى.
    الوجه الأول :
    أنك نقلت عن الخطابي وغيره ، أن حديث وائل بن حجر t والذي يقضي بتقديم الركبتين على اليدين ، أثبت من حديث أبي هريرة t والذي يقضي بتقديم اليدين على الركبتين.
    والجواب :
    أن هذا القول لا يُسلَّمُ لقائله إلا بعد تفصيل الكلام على أحاديث الفريقين ، وردها إلى قواعد أهل العلم بالحديث.
    فأما حديث وائل بن حجر t :
    فأخرجه أبو داود (838) ، والنسائي (2/206-207) والترمذي في "سننه" (268) ، وفي "العلل الكبير" (1/220) ، وابن ماجة (882) ، والدارمي (1/245) ، وابن خزيمة (626) ، وابن حبان (487) ، والبزار في "مسنده" (ج2/ ق244/1) ، والطحاوي في "شرح المعاني" (1/255) ، والحاكم (1/266) ، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" (1259) ، وابن المنذر في "الأوسط" (3/165) والدارقطني (1/345)، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات" (ج4/ق98/20) ومن طريقه ابن جماعة في "مشيخته" (2/574)، والبيهقي (2/98 ، والخطيب في "موضح الأوهام" (2/433) ، والبغوي في "شرح السنة" (3/133) ، والحازمي
    في "الاعتبار" (ص 160-161) من طريق عن يزيد بن هارون ،
    ثنا شريك النخعي ، عن عاصم بن كليب ، عن أبيه ، عن وائل بن حجر، قال : كان رسول الله
    r إذا سجد يضع ركبتيه قبل يديه ، وإذا نهض يرفع يديه قبل ركبتيه.
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •