تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: اتركونا نُفطم ، رحمكم الله

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    26

    افتراضي اتركونا نُفطم ، رحمكم الله

    قال تعالى ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين )
    وأنا أقرأ هذه الآية تذكرت حال كثير من طلبة العلم أو من يظنون أنفسهم من طلبة العلم من أمثالي _المخدوعين_ الذين ظلوا تحت أقدام بعض أدعياء العلم سنين ، فإذا بهم لم يتعلموا شيئا .
    أحكي لكم هذه القصة الحقيقية التي مر عليها ثمانية أعوام بالتمام والكمال ، لكي تكونوا علي بصيرة في طلبكم للعلم ولكي لا تُخدعوا مثلما حدث معنا أنا وصاحبيّ .
    مررت في هذه الثمانية بمشايخ بلدي أجمع ، كبيرهم وصغيرهم ، وأختصر القصة وأحفظ عليكم أوقاتكم ، لازمت منهم اثنين ، الأول وكان المبرز في وقته وحتي يومنا هذا ، لم يكن عنده من العلم شيئ البته ، وتعلم على كتب بعض أهل العلم ممن سهلوا للناس طلب العلم ، فلم يدع له كتابا إلا وذاكره فينا ، ولم نكن نعلم حينها انه أول مرة يقرأ هذه الكتب معنا نحن ، وقبل أن تظهر كتب تسهيل العلم كان يقرأ في كتب الشيخ سيد سابق والشيخ الشعراوي ، وكان يقول بما يقرأه فيهما ولا يخالفهم قيد أنملة ، ثم لما وصلت كتب الشيخ ابن عثيمين مصر ، كانت هي المرجع الأساسي لكل محاضراته ، وفينا تدرب في بيته ، والمساجد وووووو ،
    وظللنا معه على هذا الحال سنين ، وكنا نجلس مع بعضنا أنا وصاحبيّ ، لم نشعر بأثر للعلم في قلوبنا طوال هذه السنين ، أين كلام السلف "إنما العلم الخشيه " ، أين القيام ، والصيام ، وتلاوة القرآن ، وأين وأين ؟؟؟ لم نعرف حينها السبب ، لكن عرفنا بعد ذلك ، أننا لم نكن نتعلم ، بل نأخذ معلومات عن العلم الشرعي ، وبعد ما بين السماء والأرض وما بين العلم الشرعى والمعلومات ، فالأخيرة تزيدك غرورًا وكبرًا وحبًا للظهور ، وتنسيك ربك ، لما تقف على الخلاف بين أهل العلم وتطعن في هذا وفي ذاك لأنه خالفك في استدلال ، ومن أنا حتى يكون لي استدلال ؟؟؟ لكن لكثرة المسائل والاعتراضات وسوء الأدب ، قد يحدث التطاول على الأكابر ، ولكثرة المسائل تظن أن عندك علمًا ، فإذا وصلت لهذه المرحله فاعلم أنك على سلم الجهل تسقط وبسرعة البرق ، المهم أفقنا على يد الشيخ الثاني ، وقد كان صديقا للأول ، وأخبرنا أن هذا لا يكون علمًا أبدا ، لابد أن تأخذ العلم على يد المشايخ المتقنين ، الذين تلقوه بالسند عن مشايخهم ، وهكذا اقتنعنا ، أضف إلى ذلك أنه كان معروفا بملازمة أهل العلم والتحقيق ، ومعه اجازات في شتى فنون العلم ، ولقد رأيتها بعيني .
    وأول ما فعل هذا الشيخ أن أسقط كل الثوابت التي نعرفها ، في الاعتقاد والفقه وكل ما أنت متخيله ، شهورًا طويله وهو يهدم كل ما كان ، ولك أن تتخيل كيف كنا ونحن نتهاوى أمام معاول الهدم ، فكان أن رضخنا لكل ما يقول ، وخاصة مع انتشار الجهل ، وكثرة الكلام فيما يضر ، وعاب علينا كيف تمر هذه السنون ولم تفطموا ، أما آن لك أن تستقل وتتعلم شيئا من العلم الحقيقي ، الذي به تستطيع أن تواصل الطريق ، وترجع للشيخ إن تعطل بك السير . وكما يقول الشيخ شاكر "وكان ما كان " ، ومرت بقية الثمان ، وإذا به يذاكر فينا أبحاثه .
    اعلم أخي أن لكل عالم مشاريعه ، وأبحاثه ، وكان من البلاء أن نقع مع هذا الفاضل ، الذي ما كان يتكلم معنا إلا في أبحاثه . ولك ان تسأل وكيف ذاك ؟ أقول لك كان ينصبنا كمعارضين له فيما يذهب إليه ، حتى يرى ما وجه القصور في بحثه ، وهكذا في كل مسأله ، ولا مانع من أن يتحفك بغرائب العلم ، وأقصد بالغرائب ما كان غريبا عما ألفناه وإن كان صوابًا وحقا .
    وبعد هذا العمر الذي قد تظنه قصيرا ، ولكنه زهرة العمر وريعان الهمة والحماس ، بعد هذا العمر إذا بنا لم نتعلم شيئا حقيقيا ، إنما هي نتف من هنا وهناك ، وأقوال من هنا وهناك ، ولا أنكر أننا استفدنا في حياتنا من التوجيهات والاستشارات ، لكن ليس هذا طريق العلم أبدا ولا يكون .
    إن أعظم مضرة في هذه السنين التي مضت ، سقوط هيبة أهل العلم من قلبك ، والتجرء عليهم ، وازدراء اجتهاداتهم ، وعلمهم ، ونسبتهم إلى الجهل ، والتقصير وعدم البصيرة ، وقد يتهمون في نياتهم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
    ولو حدث لك هذا فاعلم أنك هلكت ، ثم هلكت ،ثم هلكت ، من ذا الذي من خلق الله يسلم من الخطأ ؟ سل نفسك ، فإياك ان تكون بداية طريقك اسقاط العلماء ، إنما بعد أن تستوي في العلم ، انظر ، وحينها أجزم لك أنك لن تتجرأ لحظة في الكلام في أهل العلم بإسقاطهم كلهم ، وستعرف أنك كلما أبحرت في بحور العلم أنك لن تنتهي أبدا ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) .
    وأنصحك أن تقرأ مقدمة الشيخ محمود محمد شاكر _ رحمه الله _ لكتاب أسرار البلاغة وستعرف معنى كلامي هذا جيدا .
    المهم شيخنا الثاني على سعة علمه ، وقوله لنا أننا من طلاب العلم ، ما علّمنا لا فقها ، ولا عقيدة ، ولا لغة ، ولا حديثا ، ولا ولا ولا ، سوى أن هدم ثقتنا في العلماء على مر الزمان ، وقد طلبت منه بعد مرور الوقت أن علمنا كذا وكذا ، فقال بالحرف الواحد " الأشياء التي أحبها لا أستطيع أن أعلّمها " ، إذا فالطريق إلى الله موصد إلا من خلاله ، وهذا ما وقعنا فيه في أول الأمر ، ثم شاء الله أن أفقنا ، ولكن مهدمين ، لا طاقة لنا على مواصلة السير ، إذ أين الطريق ، وهذا الرجل الذي هو من أهل العلم ، فعل بنا ما فعل ، فكيف نثق بغيره ؟؟
    وإلى الله المشتكى وعنده اللقاء يوم الحساب .
    أطلت عليكم ، والخلاصة فيما يأتي :
    1 – لابد أن تخلص النية لله ، وأعلم أن الله يفعل ما يشاء ، فاسلك الطريق فإن وصلت إلى ما تريد فاحمد الله ، وإن لم تصل فواصل السير ، فالطريق إلى الله لا يوصد إلا عند خروج الشمس من مغربها .
    2 – إياك أن تهمل القرآن ، فهو أول طريق العلم ، ووسطه وآخره ، وبه فابدأ لئلا تتعطل كثيرا .
    3 – تمهل جدا قبل أن تختار الشيخ الذي ستطلب عليه العلم ، وما قصصته عليك يكفي في التمهل .
    4 – اتفق مع شيخك بأدب ماذا سنتعلم ؟ وكم المدة تقريبا ؟ ، أنا لا أتكلم على ترك ملازمة الشيخ ، بل على الكتاب الذي سيشرحه ، كم يأخذ من الوقت لتعرف أين أنت ، أما ملازمة شيخك إلى أن يموت فلابد منها ، لكن بعد الاختيار الصحيح للشيخ ؟
    5 – إياك أن يكون طريقك هو الصعود على أكتاف الآخرين ، والتعلم فيهم ، كما فُعل بنا .
    6 – إنما العلم الخشية ، فانظر هل ما تعلمته قربك من الله ، وإلا فراجع نفسك قبل أن يمر العمر .
    7 – إذا وجدت من شيخك أنه يتكلم في الآخرين ويطعن فيهم في غيبتهم ، وإذا ما جالسهم هش وبش ، فاحذر مما يقول ، وارمه خلف ظهرك ، وكأنك لم تسمع شيئا ، وحاول أن تتعلم منه ما يحسن ، وادع الله أن يجنبك الزلل .
    8 – إذا وجدت من شيخك أنه بدأ يتكلم فيما أنت متأكد أنه لا يحسنه ، فاطرح ما يقوله في هذا الذي لا يحسنه ، اطرحه كله جملة وتفصيلا .
    9 – لا تغتر بانشغال الشيخ عن المستحبات و النوافل وغيرها ، وتقول مذاكرة مسألة خير من صلاة النافلة ، لا تقل هذا ، فالشافعي وهو الذي ينسب له هذا القول ، قال في الرسالة بعد أن قرر أن فرضية قيام الليل قد نُسخَت ، قال " ولا أحب لك أن تترك ذلك إن شاء الله " .
    10 – حاسب نفسك كل فترة ما الذي أتقنته مما تعلمته ، ولا يكن همك كثرة الكتب التى مررت بما فيها ولم تستوعبها ، بل اتقان باب خير من كتاب لم تتقنه .
    11 – احذر من القفز في طلب العلم ، نعم ، فشيخنا الذي أسقط لنا العلماء المعاصرين ، وغيرهم ، لما سألناه ، وكيف نبحث ، قال عليك بكلام الخليل بن أحمد ، وسيبويه ، وكتب شيخ الإسلام ، وعد لنا من كتب الأكابر ، وصدق ، لكن هل نصلح للقراءة في كتب من سبق مباشرة ، أستطيع أن أجزم ، لا ولا ثم لا ، ولم ؟، لأنك لن تدرك معاني كثير مما يقولون ، وإن كنت فهمت مفردات الألفاظ ، إذا فلابد من صعود درجات السلم واحدة واحدة ، حتى لا تسقط وأنت تقفز ، وسقطة سلم العلم مهلكة .
    12 – لا تتعالم على أحد ، فكثير هم أدعياء العلم ، وأدهشك بأن شيخي الأول نجم لفضائية من الفضائيات اليوم ، وهو من علمائها المبرزين ، وفي الأصل شيخه كتب تسهيل العلم ، لكن هل هذا هو العلم ؟ .
    13 – اعلم أخي في الله ، أن كتب أهل العلم الذين سهلوا الطلب ، لا تخرج عالما على الجادة ، بل لا يحسن التكلم إلا فيما قرأه من هذا الكتاب وفقط ، أو ما شابه طريقته ، لكن لو أحببت القراءة بعد ذلك في كتب المتقدمين ، فلن تحسن القراءة ولا الفهم .
    14 – إذا فهذه الكتب التي سهلت طلب العلم ، إنما هي مرحلة على الطريق ، لتوضح لك الطريق اجمالا ، وتعرف مصطلحات أهل العلم ، ليس أكثر من ذلك ، أما أن تتربى عليها ، وتصير هي زادك ، ومنتهاك ، فأنت إلى العوام أقرب منك إلى غيرهم ، فجزى الله هؤلاء العلماء الذين سهلوا للناس الدخول في طريق العلم ، وهذا كان هدفهم ، ولم يكن هدفهم أن يتخرج العلماء على كتبهم ، إنما هي مرحلة قصيرة فحسب ، حسبما يرى الشيخ الفاهم الذي أحسنت اختياره .
    15 – لا تفتر عن الدعاء والتذلل لربك ومولاك ، أن يبصرك الطريق إليه ، فبغيره لن تصل أبدا .
    لعلكم أدركتم لماذا ابتدأت بقوله تعالى ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين ) ، فالشيخ التقي يحرص على أن تفطم ، بعد أن تقضي معه مرحلة الرضاع ، ويفرح بك يوم تفطم ، كوالدك تماما ، بل أكثر ، أما الآخر فيحرص على أن تظل رضيعا ، حتى يجرى العلم في عقله وفهمه ، وما دمت رضيعا فلن تفارقه ، أما إذا فطمت فستبحث عن مصدر آخر للطعام ، وحينها يجف , فلابد أن تظل رضيعا .
    *** تنبيه
    ليس لهذا علاقة بتفسير الآيه ، إنما لما قرأتها تذكرت حالي ولا حول ولا قوة إلا بالله .
    أحسن الله إليكم وجزاكم خيرا .
    وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    المشاركات
    4

    افتراضي رد: اتركونا نُفطم ، رحمكم الله

    جُزيتم خيرًا على النصيحة

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •