تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 19 من 19

الموضوع: صحة إمامة الصديق .. كيف استدل لها الشنقيطي ..؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    173

    Post صحة إمامة الصديق .. كيف استدل لها الشنقيطي ..؟

    كلما قرأ طالب العلم في كتب الشنقيطي وجد فيها من الفوائد و الدرر ما لا يوجد في غيره من المصنفات ولو كانت في نفس الفن ومن عجائب ما رأيت قوله في تفسير قوله تعالي :
    { صِرَاطَ الذين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } .
    قال رحمه الله :
    لم يبين هنا من هؤلاء الذين أنعم عليهم . وبين ذلك في موضع آخر بقوله : { فأولئك مَعَ الذين أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم مِّنَ النبيين والصديقين والشهدآء والصالحين وَحَسُنَ أولئك رَفِيقاً } [ النساء : 69 ] .
    تنبيهان
    الأول : يؤخذ من هذه الآية الكريمة صحة إمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه . لأنه داخل فيمن أمرنا الله في السبع المثاني والقرآن العظيم . - أعني الفاتحة - بأن نسأله أن يهدينا صراطهم . فدل ذلك على أن صراطهم هو الصراط المستقيم .
    وذلك في قوله : { اهدنا الصراط المستقيم صِرَاطَ الذين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } ، وقد بين الذين أنعم عليهم فعد منهم الصديقين .وقد بين صلى الله عليه وسلم أن أبا بكر رضي الله عنه من الصديقين ، فاتضح أنه داخل في الذين أنعم الله عليهم . . الذين أمرنا الله أن نسأله الهداية إلى صراطهم فلم يبق لبس في أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه على الصراط المستقيم ، وأن إمامته حق . أهـ المقصود
    رحم الله الشيخ رحمة واسعة

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: صحة إمامة الصديق .. كيف استدل لها الشنقيطي ..؟

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
    قد يُعترَض عليه بأنّ هذا لا يستقيم إلا مع القول بصحة إمامة المفضول مع وجود الفاضل أو الأفضل؛ وبأنّ هذا الاستدلال يصح لو جرّدنا أبا بكر، رضي الله عنه، من زمانه، أما وفي زمانه من هو أفضل منه (وهو علي رضي الله عنه، أو العبّاس، في نظر طوائفهم)، فلا؛ لأنّ غيره أيضا يندرج ضمن ما ذكرته الآية.
    وهو اعتراض وجيه.
    فاستدلال الشيخ قد يُستأنَس به؛ لكنه ليس حجّة ملزِمةً في الباب.
    والله أعلم.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    1,125

    افتراضي رد: صحة إمامة الصديق .. كيف استدل لها الشنقيطي ..؟

    وهو اعتراض وجيه
    كيف يكون كذلك، حفظك الله؟!
    الذي يسلِّم بأنه صدِّيق لا يستطيع أن يقول: إمامته باطلة وقد اغتصب حق غيره وخالف وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم!
    والذي يقول: إمامته باطلة وقد اغتصب حق غيره وخالف وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يمكن أن يسلِّم بأنه صدِّيق!
    أستاذ جامعي (متقاعد ولله الحمد)

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: صحة إمامة الصديق .. كيف استدل لها الشنقيطي ..؟

    بارك الله في يراعك!
    وجوابكم فيه وجهة حق؛ ولكن شرط تسليم المخالف باختصاص أبي بكر بهذا الوصف، أو عدم منازعته في معنى "الصِّديق"، هل هو الصادق أو المصدِّق.
    والمخالف قد يسلّم بهذا المعنى، لكنه قد يردّ أيضًا قائلا: إنّ إمامته باطلة لا من حيث إرادته مخالفة وصية الرسول، صلّى الله عليه وسلّم، بل من حيث تقلّده لها مع وجود الأفضل، تأويلاً لمدلول تلك الوصية. فالقول ببطلان إمامته، لا يعني الطعن في دينه، أو صدقه، أو تصديقه للوصية. والصدق لايتنافى مع الخطإ في الاجتهاد.
    فاستدلال الشيخ وجيه في نفي الريبة عن أبي بكر، لكنه لا ينهض حجة دامغة في إثبات صحة إمامته.
    هكذا أتصوّر الإيراد. وإن كان من الصعب التدثر بجلد رافضي لمعرفة ما يجول في خاطره.
    فما رأيك أستاذنا الفاضل؟
    حفظك الله لنا!

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    393

    افتراضي رد: صحة إمامة الصديق .. كيف استدل لها الشنقيطي ..؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواحدي مشاهدة المشاركة
    فالقول ببطلان إمامته، لا يعني الطعن في دينه، أو صدقه، أو تصديقه للوصية. والصدق لايتنافى مع الخطإ في الاجتهاد.
    يا أخي الكريم ، ما أوردته خطأ ، فإن إمامة الصديق أبي بكر ررر عند الطوائف المخالفة ، لا تكون باطلة فحسب ، بل ما وقع كان دليلا على ردته وردة بقية الصحابة ، وهي قضية الإمامة التي من أجلها طعنوا في عائشة - رض الله عنها - فإنها حاربت الإمام الشرعي - فيما كذبوا - ..
    بل هم طعنوا في دينه ليطعنوا في إمامته !! فتنبه لهذا ، وليس ما حصل من الصديق ررر خطأ في الاجتهاد - عندهم - بل انتكاسة منه وردة عن منهج النبي ..
    فاستدلال الإمام الشنقيطي قوي جدا ولطيف .
    نحن في ذي الحياة ركب سفار-يصل اللاحقين بالماضينا = قد هدانا السبيل من سبقونا-وعلينا هداية الآتينا
    عبد الوهاب عزام-ديوان المثاني ص149
    اللهم اكفني شر كل ذي شر لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: صحة إمامة الصديق .. كيف استدل لها الشنقيطي ..؟

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
    أخي أبا بكر: مدار كلامنا ليس إثبات صحة إمامة أبي بكر، رضي الله عنه؛ فلهذا باب آخر، حججه أوضح من الشمس، لا يضل عنها إلا من أعمى الله بصره وبصيرته. وإنما الكلام عن صحة ما ذكره الشيخ دليلاً لإثبات صحة إمامة الصدّيق.
    وكلام الشيخ إنّما هو تلوين موجز لما ذكره الرازي في "مفاتح الغيب". ولم يوفّق فيه الرازي، حسب نظري القاصر؛ لأنه بناه على مقدّمات كلها قابل للنقض. وإن تيسّر الوقت، بإذن الله، سأنقل كلام الرازي، وأورد التعقيب عليه.
    والمخالفون في هذه المسألة طوائف، ومعاداتهم لأبي بكر على درجات. وأنتَ ترى أنّ من كان منها أقل اعتراضًا على صحة خلافة أبي بكر يمكنه دحض الحجة التي ذكرها الشيخ، فكيف بالفرق التي تعادية علنًا، بل وتكفره؟
    ثم إنّ هذه الفرق لن تسلّم لك بمبدأ تنزيل الآية نفسها على أبي بكر وإمامته؛ وهذا يوهن حجّة الشيخ ابتداءًا، لا سِجالاً.
    والله أعلم.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    الدولة
    حيثُ أكون
    المشاركات
    426

    افتراضي رد: صحة إمامة الصديق .. كيف استدل لها الشنقيطي ..؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خزانة الأدب مشاهدة المشاركة
    كيف يكون كذلك، حفظك الله؟!
    الذي يسلِّم بأنه صدِّيق لا يستطيع أن يقول: إمامته باطلة وقد اغتصب حق غيره وخالف وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم!
    والذي يقول: إمامته باطلة وقد اغتصب حق غيره وخالف وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يمكن أن يسلِّم بأنه صدِّيق!
    أحسنت، وكلام الشيخ الشنقيطي يقبله من يراه من الصّدّيقين، لكن ليس حجة على المخالف الذي لا يراه من الصّدّيقين، ونقول للمخالف ليقبله من الصّدّيقين:
    من خالف وصية الرسول هنا؟
    لا شك أن المتهم الأول هو علي بن أبي طالب لو كان وصيا!! فنقول:
    - ما ذنب الصحابة وعلى رأسهم أبوبكر وعمر إذا سكت علي عن حقه في الخلافة ولم يجهر بها لا سيما أن كتب الرافضة تقر بذلك مبررة سكوته بحفظ بيضة الإسلام؟
    إن قصة انتخاب أبي بكر خليفة ينفي الوصية وينفي معها الإمامة بدليل أن الأنصار رشحوا سعد بن معاذ للخلافة، وهذا دليل وبرهان قاطع على أنهم لم يسمعوا بالنص على علي، ومع حدة النقاش من المهاجرين والأنصار لم يقل أحد منهم -بإقرار الشيعة- أن الإمامة لعلي، وعلي لم يقل شيئا، فهل تواطأ الجميع على كتم موضوع الإمامة؟
    إن كان هناك تواطؤ فالمتهم الأول هو علي بن أبي طالب! ومع ذلك بايع عليٌ أبا بكر وصلى خلفه..

    - ثم لما عهد أبو بكر بالخلافة لعمرَ، لم يعترض عليٌ على ذلك ولم يؤثر عن أحد غيره أنه قال: علي أحق بالخلافة من عمر.. فأثبت هذا صحة بيعة عمر ومن قبله أبي بكر، وأكد ذلك أبو الحسن في خلافة الفاروق عندما بايعه بالخلافة وصلى خلفه وزوجه من ابنته أم كلثوم التي انجبت زيدا ورقية،.

    - ثم تأكدت صحة البيعة للشيخين يوم طُعن الفاروق، حيث أمر الفاروق عمرُ باختيار خليفة من بين ستة من الصحابة اختارهم بنفسه ومنهم صهره علي، فلماذا لم يعترض علي بن أبي طالب وبنو هاشم معه على قرار عمر، ويخبروه أن الخليفة الشرعي والوصي المنصوص عليه هو علي بن أبي طالب؟

    - ثم لما تولى عثمان الخلافة أقرّ عليٌ بصحة إمامته بعد انتخابه، لأنه بايعه وصلى خلفه!!

    - ولما قُتل عثمان بايع الصحابة علي بن أبي طالب بالخلافة وهم أنفسهم من بايع أبابكر وعمر وعثمان، فكيف يقبل علي المبايعة لنفسه من الصحابة الذين بايعوا مَن قبله بغضا فيه وجحودا للوصية كما تقول الرافضة، وكانوا فوق ذلك مرتدين؟
    وتزيد التهمة بحقه يوم زهد في الخلافة عندما أراد الصحابة مبايعته فقال "دعوني والتمسوا غيري" بنص كتاب نهج البلاغة "مصحف الشيعة"!!،
    فهل قال علي بن أبي طالب ذلك صادقا أم كاذبا؟
    إن كان صادقا (وهو صادق بلا ريب)، فقد أسقط الإمامة بنفسه لأنه لو كان إماما منصّبا من الله ما طلب التنازل عن الخلافة!
    وإن كان كاذبا (وحاشاه)، فقد اسقط أسقط العصمة التي يزعمها الشيعة للإئمة، لأن المعصوم لا يكذب!!
    وفي كلا الحالتين سقطت الإمامة ومعها العصمة بلا ريب..

    وبما سبق ثبتت صحة بيعة أبي بكر وعمر وعثمان وبعدهم علي، ودخلوا في قوله تعالى: {فأولئك مَعَ الذين أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم مِّنَ النبيين والصديقين والشهدآء والصالحين وَحَسُنَ أولئك رَفِيقاً}، وصراطهم هو {صِرَاطَ الذين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}...
    "آمنت بالله، وبما جاء عن الله، على مراد الله،
    وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله، على مراد رسول الله"
    مواضيع متنوعة عن الرافضة هـــــــــــــن ــــــا

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    2,120

    افتراضي رد: صحة إمامة الصديق .. كيف استدل لها الشنقيطي ..؟

    أحسنت أخي الفاضل التبريزي وبارك الله فيك ,
    ويكفي في إثبات أنه الأولى بالإمامة بعد الرسول حجة علي حيث قال رضيك رسول الله لديننا أفلا نرضاك لدنيانا
    وقد فهم الصحابة كلهم هذا الفهم فبايعوه,وبايعه علي ضي الله عنه مرتين
    قال الإمام ابن تيميّة رحمه الله تعالى:
    والفقرُ لي وصف ذاتٍ لازمٌ أبداً..كما الغنى أبداً وصفٌ له ذاتي

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: صحة إمامة الصديق .. كيف استدل لها الشنقيطي ..؟

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
    بوركت أخي التبريزي على الحجج التي سقتَها. وهي، وإن كانت خارج شرط مدارستنا، قد تفيد من يلتبس عليه الأمر...
    السؤال: ألم يكن في الصحابة كلّهم صدِّيق آخر، بالمعنى الذي أطلقته الآية، غير أبي بكر، رضي الله عنه؟
    هذا هو لبّ المسألة، وهو مبدأ وهنِ احتجاج الرازي وغيره بهذه الآية...

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    393

    افتراضي رد: صحة إمامة الصديق .. كيف استدل لها الشنقيطي ..؟

    أخي الواحدي ، ما زلتُ أرى بُعد اعتراضك عن استدلال محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - ، وقولك {مدار كلامنا ليس إثبات صحة إمامة أبي بكر، رضي الله عنه؛ فلهذا باب آخر، حججه أوضح من الشمس ...} غير متجه لي ، فإني لا أناقش إثبات إمامة أمير المؤمنين أبي بكر - رضي الله عنه - .

    لذا لذا سأقفُ وقفات معَ كَلامك :
    قد قلتَ : قد يُعترَض عليه بأنّ هذا لا يستقيم إلا مع القول بصحة إمامة المفضول مع وجود الفاضل أو الأفضل؛ وبأنّ هذا الاستدلال يصح لو جرّدنا أبا بكر، رضي الله عنه، من زمانه، أما وفي زمانه من هو أفضل منه (وهو علي رضي الله عنه، أو العبّاس، في نظر طوائفهم)، فلا؛ لأنّ غيره أيضا يندرج ضمن ما ذكرته الآية.
    وهو اعتراض وجيه ... .
    أقول : يلزمهم - إن أثبتوا أنه فاضل صديق ، وهناك من أفضل منه وهو علي - أمران :
    1- أن يكون علي تولى الخلافة ، فتتحقق أفضليته - عندهم - ، وهذا لم يقع - باتفاق أهل السنة ومخالفيهم من جميع الطوائف ، بل تولاها أبو بكر - رضي الله عنه - .
    2- أن يتولى أبو بكر الخلافة ، وهو الذي وقع - بالاتفاق بين الطوائف - ، فإنه تسقط صديقيته وعدالته وإسلامه - عندهم - ، ولس يُعلم رأيٌ آخر للمخالف .
    وبهذا الوجه يُعلم بُعد الاعتراض الذي أوردتموه بقولكم : أما وفي زمانه من هو أفضل منه (وهو علي رضي الله عنه، أو العبّاس، في نظر طوائفهم)، فلا؛ لأنّ غيره أيضا يندرج ضمن ما ذكرته الآية .
    فإما أن يُقال : إنه صديق - مع وجود غيره من الصديقين - فتكون خلافته صحيحة ، وبهذا يعلم اتجاه كلام الشنقيطي : ( يؤخذ من هذه الآية الكريمة صحة إمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ) فقال : ( صحة ) .
    ومخالفنا يقول : لو كان أبو بكر صديقًا حقا لتنازل لعلي للخلافة ، فتنبه أخي الواحدي .

    ثم قلت - بعد ذلك - : وجوابكم فيه وجهة حق؛ ولكن شرط تسليم المخالف باختصاص أبي بكر بهذا الوصف، أو عدم منازعته في معنى "الصِّديق"، هل هو الصادق أو المصدِّق.
    والمخالف قد يسلّم بهذا المعنى .
    أقول : الذي يعلمه الجميع أنهم لا يسلمون به ، وإن قالوا به أحايين ، فإنه من باب التقية .

    ثم قلت : ، لكنه قد يردّ أيضًا قائلا: إنّ إمامته باطلة لا من حيث إرادته مخالفة وصية الرسول، صلّى الله عليه وسلّم، بل من حيث تقلّده لها مع وجود الأفضل، تأويلاً لمدلول تلك الوصية .
    فالقول ببطلان إمامته، لا يعني الطعن في دينه، أو صدقه، أو تصديقه للوصية. والصدق لايتنافى مع الخطإ في الاجتهاد .
    أقول : القول بأن بطلان إمامته لا يعني الطعن في دينه ، تصور منكم فقط ، أما المخالف فلا يرى ما رأيتم ، فلذا تنطبق عليه هذه الآية انطباقًا قويًّا .
    وإن استحضرت مذهبهم تبين لك وجه استدلال الشنقيطي - رحمه الله - .
    نحن في ذي الحياة ركب سفار-يصل اللاحقين بالماضينا = قد هدانا السبيل من سبقونا-وعلينا هداية الآتينا
    عبد الوهاب عزام-ديوان المثاني ص149
    اللهم اكفني شر كل ذي شر لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: صحة إمامة الصديق .. كيف استدل لها الشنقيطي ..؟

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
    جوزيتَ خيرًا، أخي أبا بكر.
    لخطاب التأصيل مقامٌ ونهج، ولخطاب الحجاج مقامٌ آخر ونهج مختلف. والمناظِر إنما يجادلك في مقولتك ابتغاء نقضها. وقد يلجأ إلى التسليم والتنزّل. فإذا حاولتَ ردّه إلى أصوله أو ما اشتهر من مذهبه، اعتبرَ ذلك حيدةً منك؛ لأنّ جوابه وقتئذ: إنّما المقام مقام إثبات أو نفي مقولتك، أيًّا كان مذهبي أو معتقدي.
    بمعنى آخر: قد يعترض الرافضي ابتداءً بقوله: "افترض أنّني لا أنتمي إلى أي مذهب، وأنني أنازعك في هذه الحجة دليلاً على صحة إمامة أبي بكر"، ثم يشرع في الرد عليها. وفي هذا المقام، أنت ملزَمٌ بإثبات قوة حجتك وامتناعها عن الاعتراضات والإيرادات، لا الإحالة إلى مذهب الروافض ومقالاتهم.
    وإذا سار الجدال على هذا النحو، وهو ما ينبغي، لم ينهض كلام الشيخ –حسب رأيي- حجّةً مفحمةً في هذا الباب.
    وأوّل ما رابني في هذا الاستدلال استناده إلى لفظ "الصدّيقين" وربطه بأبي بكر "الصدّيق" دون الرجوع –فيما أعلم- إلى خبر صحيح يدعم هذا الربط؛ اللهمّ إلا ما تضمّن مخاطبة الرسول، صلّى الله عليه وسلّم، إياه بهذا اللقب، واشتهاره عنه واستفاضته. وإطلاق هذه الصفة لا يكفي في باب إثبات صحة إمامته، لأنّه ثبت أنّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم، أثبتها لمن هو أدنى مقامًا منه. وهذا يذكّرنا بالتفسير الإشاري الباطني للروافض وغيرهم من غلاة التأويل. فنهج الحِجاج هنا متأثر بالمخالف. والمخالف يستجيز ذلك...
    والمخالف قد يسألك: ما معنى صِدِّيق؟

    * فإن قلتَ: هو من الصدق، كما هو الراجح. ومعناه: كثيرُ الصدق، أو المبالِغ في الصدق. وهو مثل: سِكّيت (وقد مثّل له بعض الأكابربـ: سِكّير، وفسّيق، وشِرّيب، فعُدّ ذلك من الإساءة).
    _ أجابك: وما الدليل على أنّ أبا باكر أصدق الصحابة؟ فالسابقون منهم متساوون، اللّهمّ إن دلّ دليل على تفضيل بعضهم على بعضهم في هذا المقام. وقد ثبت أنّ الرسول، صلّى الله عليه وسلّم، قال: "ما أَقَلّت الغبراءُ، ولا أَظَلّت الخضراءُ أَصْدَقَ لهجةً مِن أبي ذَرّ". فهل نستنبط منه أنّ أبا أبا ذر كان أولى الناس بالإمامة، استنادًا إلى الآية؟
    * وإن قلتَ: هو من التصديق، استدلالاً بأنّه أوّل من صدّق الرسول، صلّى الله عليه وسلّم، وأوّل من سبق إلى الإسلام، كما ذكر الرازي.
    _ أجابك بمنازعتك في صحة سبقه لعليّ. ثم سلّمَ لك بمقولتك، ليعترض على مبدأ السبق، وأثره في الأفضلية، ثم كونه معيار الأهلية للخلافة. وذلك بقوله: أنت تعتبر السبق إلى التصديق معيارًا للفضل الزائد، ودليلا يرجّح كفة أهليّة من يترشح للخلافة. لكنّنا إذا سلّمنا به لأبي بكر، من هذا الوجه، فإنّ ذلك يطعن في صحّة إمامة عمر وعثمان. فأنت من أجل إثبات صحة إمامة واحد من الخلفاء، طعنتَ في إمامة الخليفتين بعده!

    هذه شذرة من الاعتراضات الواردة على استدلال الرازي. وأخص الرازي بالذكر، لأنّه فصّل في استدلاله وفرّع، ومع ذلك جاء بكلام غير مقنع. وإذا فرغتُ من بعض ما يشغلني هذه الأيام، سأعود إلى كلامه تفصيلاً، بإذن الله.

    ثم إنّ الرفض أطايف ومراحل. ومنشأ الرفض، إنّما كان رفضًا لشرعية عثمان، ثم معاوية. ثم التفت إلى إمامة أبي بكر وعمر. وكان رفضًا سياسيّا خالصًا. ثم تطوّر، فلجأ إلى نظرية الوصية والنصّ، وبعد ذلك انحرف أكثر بتخوين الشيخين. ثم تحوّل التخوينُ إلى تكفير، واتسعت دائرة التكفير بعد ذلك لتشمل معظم خيار الصحابة. فالإحالة إلى ما استقرّ عليه الرفض لا تقوّي تلك الحجة، بل تزيد من وهنها؛ لأنها مرفوضة من أدنى رافضي احتجاجًا على صحة إمامة أبي بكر، وصولاً إلى أعتى الغلاة القائلين بتكفيره.
    فحجة الرازي، كما أسلفتُ، تصلح لدفع أدنى ريبة عن أبي بكر، سواء تعلّقت بدينه أو بشخصه؛ لكنها لا تنهض لإثبات صحة إمامته. والله أعلم.

    ولإثبات شرعية إمامة الصدّيق، رضي الله عنه، حجج وأدلة أخرى، يدعمها الشرع والعقل والتاريخ. وهي جليّة، لا تعكّر صفوها شائبة؛ دامغة، لا تترك للمخالف نفَسًا ينهض به لدفعها؛ مفحِمة، لا تجاب إلا بالصمت.
    أقول هذا تذكيرًا بالذي نحن فيه...
    والله ولِيُّ التوفيق.

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    1,125

    افتراضي رد: صحة إمامة الصديق .. كيف استدل لها الشنقيطي ..؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواحدي مشاهدة المشاركة
    بارك الله في يراعك!
    وجوابكم فيه وجهة حق؛ ولكن شرط تسليم المخالف باختصاص أبي بكر بهذا الوصف، أو عدم منازعته في معنى "الصِّديق"، هل هو الصادق أو المصدِّق.
    والمخالف قد يسلّم بهذا المعنى، لكنه قد يردّ أيضًا قائلا: إنّ إمامته باطلة لا من حيث إرادته مخالفة وصية الرسول، صلّى الله عليه وسلّم، بل من حيث تقلّده لها مع وجود الأفضل، تأويلاً لمدلول تلك الوصية. فالقول ببطلان إمامته، لا يعني الطعن في دينه، أو صدقه، أو تصديقه للوصية. والصدق لايتنافى مع الخطإ في الاجتهاد.
    فاستدلال الشيخ وجيه في نفي الريبة عن أبي بكر، لكنه لا ينهض حجة دامغة في إثبات صحة إمامته.
    هكذا أتصوّر الإيراد. وإن كان من الصعب التدثر بجلد رافضي لمعرفة ما يجول في خاطره.
    فما رأيك أستاذنا الفاضل؟
    حفظك الله لنا!
    رأيي أن استدلال الشيخ خطٌ مستقيم
    ولا علاقة له بمعنى الصدّيق
    ولا بالفاضل والمفضول
    ولا بالمشهور من مذهب الرافضة
    ولا بأي شيء مما تفضلت به

    هو هكذا:
    * أبو بكر صديق
    * الصديقون قد أنعم الله عليهم
    * إذن هو ضمن الذين تنطبق عليهم آية الفاتحة
    * فلا يستقيم أن نرتاب في إمامته! لأن معنى ذلك أن نقول: إهدانا صراط رجل أنعمت عليه مع أن إمامته باطلة!

    نعم، قد يرد اعتراضك لو صار أبو ذر إماماً وصُحِّحت إمامته بهذا الدليل
    فقد يقول قائل: ولكنه لم يوصف بلفظ "صدّيق"
    ومثل أبي ذر سائر الناس غير أبي بكر
    فهم: إما لم يلوا الإمامة، وإما لم يوصفوا بصفة الصدِّيق

    فالخلاصة:
    كل من اعترف لأبي بكر بأنه صدِّيق لا مناص له - في ما يظهر لي - من الإقرار بهذا الدليل

    ولم أفهم - حفظك الله - معنى قولك:
    ولكن شرط تسليم المخالف باختصاص أبي بكر بهذا الوصف
    إذ لا أرى للاختصاص صلة بالموضوع، ولو شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لمائة رجل بهذا الوصف واستُخلفوا، لانطبق الدليل عليهم كانطباقه على أبي بكر الصدِّيق

    وكذلك قولك:
    أو عدم منازعته في معنى "الصِّديق"، هل هو الصادق أو المصدِّق.
    فلا أرى أي صلة بين المنازعة في المعنى وبين صحة الدليل، لأن معنى اللفظة في لقب أبي بكر -كائناً ما كان - هو نفس معناها في الآية

    والمخالف قد يسلّم بهذا المعنى، لكنه قد يردّ أيضًا قائلا: إنّ إمامته باطلة لا من حيث إرادته مخالفة وصية الرسول صلّى الله عليه وسلّم، بل من حيث تقلّده لها مع وجود الأفضل، تأويلاً لمدلول تلك الوصية. فالقول ببطلان إمامته، لا يعني الطعن في دينه، أو صدقه، أو تصديقه للوصية. والصدق لايتنافى مع الخطإ في الاجتهاد.
    سبحان الله!
    من يعترض بهذا فهو ممرور!
    صدِّيقٌ قد أنعم الله عليه وأرشد المسلمين إلى سؤال ربهم أن يهديهم إلى صراط كصراطه، فسألوا ذلك إلى آخر لحظة من حياة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فيقول هذا المعترض (الافتراضي!): يجوز أن يسلِّم الإنسان بذلك كله، ويعتقد مع ذلك أن صاحب الصراط المستقيم هذا قد تأوَّل لإبطال وصية الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وإمامته باطلة!
    وتأمل - رعاك الله - تخبُّط الروافض عندما يستدلّون بحديث (أصحابي أصحابي ... لا تدري ما أحدثوا بعدك)، مع أنه يلزم منه الإقرار للصحابة بأنهم كانوا على الصراط المستقيم طيلة حياة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وأنه صلّى الله عليه وسلّم لم يعرف منهم غير ذلك!
    فهذه كلها سفسطة محضة!
    والسفسطة هي شكليات ظاهرها صحيح، كإشكالية الأرنب والسلحفاة!

    وقولك ههنا (مع وجود الأفضل): أراه يتعارض مع قولك أعلاه:
    قد يُعترَض عليه بأنّ هذا لا يستقيم إلا مع القول بصحة إمامة المفضول مع وجود الفاضل أو الأفضل؛ وبأنّ هذا الاستدلال يصح لو جرّدنا أبا بكر، رضي الله عنه، من زمانه، أما وفي زمانه من هو أفضل منه (وهو علي رضي الله عنه، أو العبّاس، في نظر طوائفهم)، فلا؛ لأنّ غيره أيضا يندرج ضمن ما ذكرته الآية.
    وهو اعتراض وجيه.
    كان القول بالفاضل والمفضول شرطاً لصحة الدليل، فصار شرطاً لصحة الاعتراض على الدليل!
    وهذا الكلام المقتبَس غير مستقيم من جهة أخرى، لأن الذي يقول بفضل علي أو العباس على أبي بكر قد يقول بصحة إمامة المفضول، فلا يقال عنه (فلا)

    والواقع - في ما أظن - أن هذا الدليل يعصف بنظرية الفاضل والمفضول! (وهذا هو المفهوم من قولك الأول بلزومه للقائلين بهذه النظرية)
    لأنهم إذا اعترفوا لأبي بكر بجميع ما سبق، وبصحة إمامته أيضاً، تهاوت نظرية الفاضل والمفضول، وآلت إلى التعسُّف والتحكُّم المحض! أي السفسطة!
    فمن اين لهم أن رجلاً هذه صفاته مفضول؟!

    والله أعلم
    أستاذ جامعي (متقاعد ولله الحمد)

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    173

    افتراضي رد: صحة إمامة الصديق .. كيف استدل لها الشنقيطي ..؟

    بارك الله في الجميع ، و أري أن الكلام خرج عن الموضوع بعض الشئ فلو انشغل الإخوة بإيراد مثل هذه الفوائد و الدرر عن الشنقيطي - رحمه الله - لكان خيرا و أقوم ... جزاكم الله خيرا

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: صحة إمامة الصديق .. كيف استدل لها الشنقيطي ..؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو حفص الشافعي مشاهدة المشاركة
    بارك الله في الجميع ، و أري أن الكلام خرج عن الموضوع بعض الشئ فلو انشغل الإخوة بإيراد مثل هذه الفوائد و الدرر عن الشنقيطي - رحمه الله - لكان خيرا و أقوم ... جزاكم الله خيرا
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
    نسينا أن نشكرك أخي الكريم أبا حفص على الفائدة التي تفضّلتَ بها، والتي لولا إشارتك إليها لما كان هذا النقاش. جزاك الله خيرًا، وألهمك الاهتداء إلى درر أخرى تزوّدنا بها من كلام الشيخ.
    ولا أظنّنا خرجنا عن الموضوع. فقد ذكرتَ نصّا، وأشرتَ إلى أنّه حجّة في إثبات صحّة إمامة أبي بكر الصدّيق، رضي الله عنه، وكان أن اعتُرض على مدى حجّيّة ما ذكره الشيخ (والرازيّ قبْلَه) في هذه المسألة. وهذا من صميم الموضوع.
    والمسألة ليست من مسائل الأصول، فنخشى خوضنا فيها متحرّجين من التنطع. وإنّما هي حجّة عالم استنبطها بالرأي والنظر، فجاز عليها الاعتراض بالرأي والنظر.
    وليس المراد الاعتراض على الحجة لمجرّد الاعتراض، بل التحفيز على انتقاء الحجج لإفحام المخالفين في هذا الباب وغيره. إذ الحجة الضعيفة قد تهزمك في مناجزة المعاند ولو كنتَ على حق.
    لذا فإنّني أعتبر هذا النقاش الذي أثراه الإخوة، لا سيما الأخ الفاضل "خزانة الأدب"، تمرينًا على السجال الذي يتوخّى نصرة الحق بأدلّة جليّة بُلْج، لا تعتريها لجلجة، ولا يخونها المنطق المفحِم. ونحن في أمسّ الحاجة إلى مثل هذا "المران" في عصرٍ تكاثفت فيه الشبهات، وتجرّأ فيه المرَقة، واستُهدِفت فيه أصول ديننا باستهداف مَن بلّغَنا إيّاه بأمانة الصدّيقين.
    والله من وراء القصد.

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: صحة إمامة الصديق .. كيف استدل لها الشنقيطي ..؟

    ...
    وبما أنّني تحلّلت من بعض الالتزامات، ومُنِحت فرصة إطالة النفس في الكتاب. أقترح العودة إلى حجّة الشيخ وتحليلها. ويتم ذلك بعرض نمط الاستدلال والأسس التي قامت عليها تلك الحجة. وهي:
    1_ الصراط المستقيم هو صراط الذين أنعم الله عليهم.
    2_ الصّدّيقون من الذين أنعم الله عليهم.
    3_ أبو بكر من الصدّيقين، لأنَّ الرسول، صلَّى الله عليه وسلَّم، شهد له بذلك.
    4_ أبو بكر كان على الصراط المستقيم.
    5_ كوننا مأمورين بطلب الهداية إلى الصراط المستقيم يعني أنّنا مأمورون باتّباع أبي بكر.
    6_ النتيجة: إمامة أبي بكر صحيحة.

    هذا هو التسلسل المنطقي لاستدلال الشيخ. وخلاصته: ربط الاستقامة بالإمامة، وكون الأُولى مصحّحًا للثانية. وهذا غير مسلَّم؛ لأنّ كلّ إمامٍ يجب أن يكون مستقيمًا، وليس كلّ مستقيم مؤهَّلاً لأن يكون إمامًا.
    ولنعد الآنَ إلى مقدّمات الاستدلال واحدةً واحدةً، لتمحيص مدى صحّتها:
    1_ الصراط المستقيم هو صراط الذين أنعم الله عليهم.
    _ الجواب: لو توقّفنا عند الألفاظ وحدها لاستخلاص الأحكام، لقلنا: الصراط المستقيم ليس مقصورًا على الذين "أنعم الله عليم"، بل يُنسَب إليه أيضا كلُّ من اعتصم بالله. قال تعالى: "وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِالله فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ". وقال أيضًا: "فَأَمَّا الّذِينَ آمَنُوا بِالله وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُم ْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا".
    _ فإن قلتَ: المراد بآية الفاتحة: أعلام الصراط المستقيم، من الذين صاروا يُعرَفُون به ويُعرَفُ بهم؛ لا مطْلَق الذين هُدُوا إليه.
    _ قيل لك: فما قولك في إبراهيم، عليه السلام؟ وقد قال الله تعالى في حقِّه: "اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ". فهل يخرج لهذا ممّن أشارت إليهم آية الفاتحة؟ وكذا الأمر في حقّ موسى وهارون.
    _ فإن قلتُ: تنزُّل الصفة على أولئك لا تقتضي نفيها عن هؤلاء.
    _ قيل لك: لِمَ خصّصتَ.
    وهنا تنتقل إلى مسألة تحديد الذين أنعم الله عليهم، مستندًا إلى آية سورة النساء.
    (يتبع...)

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: صحة إمامة الصديق .. كيف استدل لها الشنقيطي ..؟

    (... تابع)
    2_ الصّدّيقون من الذين أنعم الله عليهم.
    _ الجواب: الصّدّيقون لا يختصّون بإنعام الله تعالى، بل يشركهم غيرهم، سوى الذين ذكرتهم سورة النساء. قال تعالى: "وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ الله عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتّقِ الله". ونمط استدلالك مؤدّاه أنّ زيد بن حارثة، رضي الله، لو عاش إلى غاية وفاة الرسول، صلّى الله عليه وسلّم، وتولّى الخلافة، لسلّمنا بصحّة إمامته، مهما كانت ظروف تولّيه لها.
    _ ثم يقال لك: وزَيْد من الشهداء، وعليّ أيضا من الشهداء. فعليّ أيضًا من الذين أنعم الله عليهم، وهو إذن من الذين أُمِرنا باتّباعهم وعدم الخروج عليهم.
    _ فإن قلتَ: إنّ تأكيدي لصحّة إمامة أبي بكر لا يعني نفيَ صحّة إمامة عليّ، فكلاهما من الذين أنْعَمَ الله عليهم.
    _ قيل لك: فما الذي جعل أبا بكر أوْلَى بالإمامة من علي؟
    _ فإن قلتَ، كما قال الرازي: استنادي إلى الترتيب الذي في سورة النساء، إذ قُدّم النَّبِيُّون، ثم تلاهم الصِّدِّيقُون، ثم تلاهم الشهداء. وقد جاء ذِكْرُ الصّدّيقين بعد الأنبياء دون واسطة، فدلّ على أنّ مكانتهم تليهم.
    _ قيل لك: يقع أن يكون الشهيد صِدِّيقًا، كما يقع أن يكون الصِّدِّيق شهيدًا. كما أنّ ذِكرَ الصدّيقين بعد الأنبياء لا يعني حتما أنّهم أفضل من الشهداء. فقد قال تعالى: "وأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنّبِيِّينَ والشّهَداءِ"، ولم يُذكَر الصّدّيقون في هذا المقام العظيم.
    _ وإنْ قلتَ: استنادي إلى ما ثبت عن أبي بكر من فضائل ومناقب تدلّ على أنه كان أفضل الصحابة.
    _ قيل لك: هذا خارجٌ عن استدلالك، ولجوؤك إليه يبطل حجّتك من حيث كونها وحدها كافية لإثبات صحة إمامة أبي بكر.
    _ ثمّ يقال لك: اختلف السلف في المراد بقوله تعالى: "الّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِم" في الفاتحة. فقَد قيل هم النبيّون؛ وقيل المؤمنون؛ وقيل المسلمون؛ وقيل الرسول، صلّى الله عليه وسلّم، وصحابته؛ وقيل المشارُ إليهم في آية سورة النساء. فلماذا اخترتَ الصدِّيقين دون غيرهم وقصرتَ عليهم الصراط المستقيم؟
    _ فإن قلتَ: لم أقصر الصراط المستقيم على الصدّيقين، بل أكّدت على أنّ أبا بكر الصدّيق كان على الصراط المستقيم، فكانت إمامته صحيحة.
    _ قيل لك: وهل كان وحدَه على الصراط المستقيم؟ أم من عاصرَه من الصحابة كان كذلك؟
    وفي هذا المقام، لن تدّعي له التفرُّد، لاستحالة ذلك. ولكن:
    _ إمّا أن تقول: كان غيره أيضًا على الصراط المستقيم، لكن تميّز عنهم بأنّه من الصّدّيقين، ومقام الصدّيقين بعد مقام الأنبياء؛ فصحّ أنّه أولى الصحابة بالإمامة.
    _ ويعترَض عليك بما سبق مِن عدم التسليم بهذا الترتيب.
    _ وإمّا أن تقول: كلّهم كانوا على الصراط المستقيم، لكن تميّز عنهم بفضائل ومناقب وسابقة جعلته الأوْلَى بالإمامة.
    _ وهنا أيضًا يُعترَضُ عليك بما سبق، أي: تذكيرك أنّ هذا خارجٌ عن استدلالك، ولجوؤك إليه يبطل حجّتك من حيث كونها وحدها كافية لإثبات صحة إمامة أبي بكر.
    (... يتبع)

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: صحة إمامة الصديق .. كيف استدل لها الشنقيطي ..؟

    ... تابع)

    3_ أبو بكر من الصدّيقين، لأنَّ الرسول، صلَّى الله عليه وسلَّم، شهد له بذلك.
    _ الجواب: هل كان أبو بكر وحدَه صِدّيقًا في عهد الرسول، صلَّى الله عليه وسلَّم؟ بمعنى آخر: هل خلا جيل الصحابة مِن صِدِّيقين غير أبي بكر؟
    _ فإنْ قلتَ: لم يكن من صِدِّيق إلا هو.
    قيل لك: شهدتَ بما غُيِّب عنك، وزعمتَ أنّ خير أمّة أُحرجت للناس لم يكن فيها إلاّ صدّيق واحد. فشابهتَ الرافضة من حيث لا تدري.
    _ وإن قلتَ: بل وجود صدّيقين آخرين من الصحابة وارد.
    _ قيل لك: فلِمَ خصصتَ أبا بكر دون غيره؟
    _ فإنْ قلْتَ: لأنه ثبت أن الرسول، صلَّى الله عليه وسلَّم، شهد له بذلك.
    _ قيل لك: فقد صحّ أنَّ رجلاً جاء إلى النّبيّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، وقال: "يا رسولَ الله! أرأيتَ إنْ شهدتُ أنْ لا إله إلاّ الله وأنّك رسولُ الله، وصلّيْتُ الصّلوات الخمس، وأدّيْتُ الزّكاةَ، وصُمْتُ رمضان وقُمْتُه؟ فمِمّن أنا؟" قال: "مِن الصِّدِّيقِين والشُّهداء". فلو تولّى هذا الرجل الخلافة، هل يحكم بصحّتها لمجرّد أنه سُهِد له بأنّه مِن الصّدِّيقين؟
    _ فإن قلتَ: بل لا بدّ أن تضاف إلى "صدّيقيّته" شروط أخرى تجتمع فيه، كما الشأن في أبي بكر، خرجتَ عن حجّتك إلى أدلّة أخرى، فسقط كونها حجّة منفردة في المسألة.
    _ وإن قلتَ: نعم تصحّ إمامته لكونه صدّيقًا، لأنّ الصدّيق على صراط مستقيم، وقد أمِرنا باتّباعه.
    _ قيل لك: ما هي شروط صحّة الإمامة العظمى عندك؟
    فإن قلتَ: أن يكون صدّيقا وحسب.
    _ قيل لك: هذه مكابرة، لتجاوزك لما هو أدنى منها، كسلامة الحواسّ، وما إلى ذلك من الشروط المقرّ بها من الطائفتين.
    _ وإنْ قلت: هي كذا وكذا... ورحتَ تعدِّدها.
    _ قيل لك: أقررتَ إذن بكون "الصدّيقيّة" وحدها ليست معيارًا لصحة الإمامة، فخرجتَ بذلك عن كون حجّتك تكفي وحدها لإثبات ذلك.

    ويقال لك أيضا ما سبق تقريره في تعريف "الصدّيق"، وهل هو من الصدق؟ أو التصديق؟ والذي رجّحه أهل اللغة والتفسير هو كونه من الصدق. والمعروف أن سبب تلقيب أبي بكر بالصدّيق كان لسبقه إلى تصديق الرسول، صلَّى الله عليه وسلَّم. وصحة المنازعة في معنى اللفظ تُخرجه عن كونه مقدّمة برهانية.

    (يتبع...)

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: صحة إمامة الصديق .. كيف استدل لها الشنقيطي ..؟

    (... تابع)


    4_ أبو بكر كان على الصراط المستقيم.
    5_ كوننا مأمورين بطلب الهداية إلى الصراط المستقيم يعني أنّنا مأمورون باتّباع أبي بكر.


    الجواب: وغيره من الصحابة أيضا كان على الصراط المستقيم. فهذا لا يصحّح إمامته، ولا يفرض على المؤمنين اتباعه دون غيره.
    _ فإن قلتَ: فاقَهُم ببلوغ مقام الصدّيقين، فكان أوْلَى منهم.
    _ قيل لك: أنت تعود إلى ما سبق عدم التسليم بإطلاقه، سواء تعلّق الأمر بتعريف الصّدّيقين، أو ترجيح كونهم الأولى بالإمامة، أو بكون أبي بكر وحدَه بلغ هذا المقام.
    _ وإن قلتَ: بل لأدلّة أشارت إلى أفضليته.
    _ قيل لك الذي قيل من قبل بهذا الصدد.

    ثم يقال لك: إنّ كونهعلى الصراط المستقيم لا يصحّح إمامته. فالاستقامة لا تنفي عنه الخطأ في الاجتهاد. ومن الوارد أنّه أخطأ في تولّيه الإمامة مع وجود من هو أوْلى منه، أو أوْرده الخطأ من أشار عليه بذلك. وهذا يكفي لاعتبار الاستقامة ليست وحدها مصحّحًا للإمامة. فالاستقامة ليست مرادفا للعصمة. ولو قلنا بعكس ذلك، لوقعنا في الذي وقع فيه الروافض.

    هذه هي الاعتراضات المحتملة على احتجاج الشيخ (والرازي قبله) بالآيتين دليلاً على صحّة إمامة أبي بكر. ولو صحّ واحد منها فقط، لدخل الاحتمال وسقط الاستدلال.
    فحجة الشيخ، كما أسلفت، تصلح دليلا لدفع الريبة عن أبي بكر، رضي الله عنه؛ ولكنها ليست حجّة في باب إثبات صحة إمامته، وغيرها من الحجج أقوى وأوْلى. بل إنّ اللجوء إليها في مناظرة الرافضيّ مُضعِفٌ لموقع السّنّيّ في الحجاج والسجال.
    وهذا رأيٌ رأيتُه. وقد أكون فيه مخطئًا، وقد أكون مصيبًا. وإنّما يدرَك الصواب بتمحيص المقالات وغربلتها، وذلك ما نبتغيه من مذاكرتنا.
    والله أعلم، وهو الهادي إلى سواء السبيل.

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    1,125

    افتراضي رد: صحة إمامة الصديق .. كيف استدل لها الشنقيطي ..؟

    أخونا الكريم المثقف المتفنِّن (الواحدي) أقام بناءه على خمس مقدمات، وجعل النتيجة سادسة لها، هكذا:
    1_ الصراط المستقيم هو صراط الذين أنعم الله عليهم.
    2_ الصّدّيقون من الذين أنعم الله عليهم.
    3_ أبو بكر من الصدّيقين، لأنَّ الرسول، صلَّى الله عليه وسلَّم، شهد له بذلك.
    4_ أبو بكر كان على الصراط المستقيم.
    5_ كوننا مأمورين بطلب الهداية إلى الصراط المستقيم يعني أنّنا مأمورون باتّباع أبي بكر.
    6_ النتيجة: إمامة أبي بكر صحيحة.
    وبعد أن زبر جملة من الاعتراضات على تلك المقدمات، قال:
    هذه هي الاعتراضات المحتملة ... ولو صحّ واحد منها فقط لدخل الاحتمال وسقط الاستدلال.
    فلعل الأخ الفاضل لم يفرغ لإحكام هذا البناء!
    لأنه اعترض على المقدمات الثلاث الأولى بعدم اختصاص أبي بكر بهذا الفضل، ولوَّح في أثناء ذلك إلى انقطاع العلاقة بين هذا الفضل وبين استحقاق الإمامة!
    وكلاهما موضع نظر!
    أما الاختصاص فإن نصّ آية الفاتحة (الذين أنعمت عليهم)، ونصّ آية النساء (الذين أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم مِّنَ النبيين والصديقين والشهدآء والصالحين)، كلها بألفاظ الجمع، فلا يوجد مسوِّغ لتوهُّم الاختصاص أصلاً، فضلاً عن الاشتغال بالاعتراض عليه.
    وأما استحقاق الإمامة فلأنه سيأتي في المقدمة الخامسة أو في النتيجة، ولا يصح الاعتراض على عنصر من عناصر الدليل قبل الوصول إليه
    هذه واحدة.

    والأخرى:
    أن قول الأخ (ولو صحّ واحد منها فقط) غير جيد، لأن الواجب عليه أن يعترض باعتراضات صحيحة عنده، لا أن يستكثر من الاعتراضات رجاء أن يصح أحدها!

    والثالثة:
    أن المقدمة الرابعة:
    4_ أبو بكر كان على الصراط المستقيم.
    تغني عن المقدمات الثلاث الأولى! وهي في الواقع خلاصتها وثمرتها
    فإما أن يصرح الأخ بأن اعتراضه على الثلاث يؤول إلى أن أبا بكر لم يكن على الصراط المستقيم قولاً واحداً
    أو بأن الاعتراض معناه أن أبا بكر لم يكن على الصراط المستقيم بالضرورة، وبعد ذلك قد يكون أولا يكون بالنظر إلى الأدلة الأخرى.
    أو يسلِّم بأنه كان على الصراط المستقيم، وأنه داخل قطعاً في عموم آية الفاتحة. ويحصر اعتراضه في دلالة الآيامة على صحة الإمامة.
    ونحن بانتظار الإجابة الواضحة

    والرابعة
    أن الأخ الكريم أطال النفَس في الاعتراض على المقدمات الثلاث الأولى، ولما وصل إلى الرابعة - وهي مربط الفرس وبيت القصيد - سلكها مع الخامسة، واعترض عليهما معاً بنفس الاعتراض (أي دعوى الاختصاص):
    4_ أبو بكر كان على الصراط المستقيم.
    5_ كوننا مأمورين بطلب الهداية إلى الصراط المستقيم يعني أنّنا مأمورون باتّباع أبي بكر.
    الجواب: وغيره من الصحابة أيضا كان على الصراط المستقيم. فهذا لا يصحّح إمامته، ولا يفرض على المؤمنين اتباعه دون غيره.
    ... إلخ
    فأرجو أن يوضح الأخ الكريم موقفه من الجملة الرابعة، ثم يكون النظر في اعتراضه على النتيجة على ضوء ذلك.

    وبارك الله في علم الأخ وأدبه، وهدانا وإياه إلى الصراط المستقيم
    أستاذ جامعي (متقاعد ولله الحمد)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •