نقل العلامة ابن الجوزي رحمه الله بسنده إلى عبد الله بن الإمام احمد بن حنبل انه قال : سمعت أبي يقول (رأيت رب العزة عزة وجل في المنام فقلت يارب ما أفضل ما يتقرب به إليك المتقربون فقال :كلامي يا احمد قال قلت :بفهم أو بغير فهم فقال :بفهم وبغير فهم ) وهي تدل يظاهرها على ان الفهم غير شرط في تلاوة كتاب الله فنقول في توضيح رؤيا الإمام ما يلي :
1-قد اختلف العلماء في رؤية الله في المنام ،والراجح انه يرى مثالا لا حقيقة ،فيراه المؤمن حسب إيمانه وتقواه ،وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ،وذكره في مواضع عدة من كتبه وفتاويه لا مجال لذكرها في هذه العجالة .
2-قوله بفهم أو بغير فهم يخالف ما جاء في الآيات الدالة في وجوب تدبر القران،وان المقصود من التلاوة الفهم والعمل قال تعالى ( كتاب أنزلناه ..)،وهذا يدل على أن الثمرة المقصودة من التلاوة هي الفهم والذي يؤدي إلى العمل لأنه فرع عنه ،قال بعض السلف: انزل هذا القران لتتلوه فاتخذوا تلاوته عملا .،وهو يدل على ان التلاوة بفهم وتدبر أعظم بكثير من تلاوة بفهم بل بينهما درجات ،علاوة على ذلك فقد لا يؤجر المسلم إذا تلا القران بدون تدبر وفهم .
3-رؤيا الإمام احمد تخالف روايته ،وقد تقرر في علم الحديث أن العبرة بما يرويه الراوي لا بما يراه أو يعمل به ،فقد يرى خلاف ما يرويه نسيانا او خطا أو يتأول فهو غير معصوم ،والله تعبدنا بإتباع كتابه وسنة رسوله هذا إذا كان رأيا فكيف إذا كان رؤيا منام .
4-من المعلوم أن رؤيا المنام لا ينبني عليها حكما شرعيا لان الإحكام مصدرها القران والسنة وإجماع السلف رضي الله عنهم .
5-قد يقول قائل إنها رؤيا الإمام احمد إمام أهل السنة وهي ليست عابرة فنقول ما قاله علي بن ابي طالب رضي الله عنه (الحق لا يعرف بالرجال اعرف الحق تعرف أهله)وهو الذي من اجله جاهد الإمام احمد ،وتحمل أنواع البلاء والفتن ،وأوذي في سبيل ذلك حتى رفع الله به لواء السنة ومحى به البدعة .
6-وأخيرا فعلى تقدير صحة الرؤيا فنقول :قوله بفهم أو بغير فهم لا ينافي حصول ثواب التلاوة وان لم يفقه القارئ المعنى لكن أين ذلك من القراءة المترسلة التي يقف عندها القارئ ،ويتدبر معاني كتاب الله ومواعظه وإحكامه ووعده ووعيده ؟...........