حظر النقاب وثقافة العبيد

اطلعت على ما نشر في بعض المواقع الالكترونية من تأييد بعض كبار علماء الأزهر لحظر النقاب في فرنسا بل تجاوز بعضهم التأييد إلى حث المسلمين هناك على الالتزام بتلك القوانين وطاعة ولاة الأمر هناك دون أن يحدد لنا المعايير الشرعية لحدود تلك الطاعة إنه الدكتور محمود عاشور، أما الدكتور عبدالمعطي بيومي فقد شارك المشرعين الفرنسيين في حقدهم على النقاب وكرههم له حيث صرح بانه كان يستاء عندما يرى المسلمات في شوارع فرنسا يرتدين النقاب لأنه يعطي صورة غير حسنة عن الإسلام ولا أدري ما هي الصورة الحسنة التي ينبغي للفتاة المسلمة أن تقدمها للمجتمع الفرنسي من خلال لباسها كما لا أدري كيف يستاء رجل من النقاب وهو ينتسب إلى علماء الإسلام ويعلم أن النقاب كان فرضا على أمهات المؤمنين أطهر نساء العالمين حتى ولو لم نر وجوبه على باقي المؤمنات وكيف ساءه منظر المنقبات الطاهرات في شوارع باريس ولم يسؤه رؤية المومسات وهن عرايا خلف واجهات زجاجية تعرضن أجسادهن للمتعة بثمن معلوم لقد كانت منظمات حقوق الإنسان غير المسلمة أكثر انصافا من هؤلاء المشايخ والذي يبدو أنهم لا يتقنون سوى فن التملق وثقافة العبيد حيث كانوا أكثر انصافا حين اعتبروا الأمر حرية شخصية لا يجوز العدوان عليها لاسيما من قبل رجال السياسة والقانون.
ثم هل يعتقد هؤلاء المشايخ ان الحكومة اليمينية المتطرفة في فرنسا تحظر النقاب لكونه يعطي صورة سيئة عن الإسلام وهم يريدونها صورة حسنة أم هي سياسة ممنهجة ترمي إلى التضييق على المسلمين في عقيدتهم وممارستهم لشعائرهم والعمل على الحد من انتشار الاسلام بين فئات الشعب الفرنسي الذي يعاني فراغا روحيا وترديا أخلاقيا.
كان الأولى بهؤلاء الذين يملكون ألقابا علمية كبيرة ويتبوؤون مناصب دينية رفيعة أن يبادروا إلى التنديد بهذه الإجراءات الجائرة المخالفة للدستور الفرنسي نفسه وقوانين حقوق الانسان العالمية، وكان عليهم أن يواسوا المسلمات بدعوتهن للصبر والثبات امتثالا لقوله تعالى: { لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ }

كما كان عليهم أن يبادروا لدعوة المسلمين في فرنسا للتضامن والتعاون واستخدام كل الوسائل القانونية والمشروعة للتصدي لهذه القوانين الظالمة والعمل على الغائها بدل حثهم على الخنوع والذل والاستسلام لمكر أعدائهم، لكن يبدو أن حال هؤلاء كما قال الأول:

ألقاب مملكة في غير موضعها :: كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد

إننا ندد بهذا التخاذل والخيانة العلمية والتحريض المكشوف على المسلمات ونقول لهؤلاء وأمثالهم ممن تشرب ثقافة الذل وخنوع العبيد أن المسلمين في أوربا في غنى عن تصريحاتكم الحاقدة وفتاويكم المسمومة وهم سعداء بتمسكهم بكتاب ربهم وسنة نبيهم ولو كره الكافرون، قال تعالى :{ وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ * قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }

فواز جنيد
إدارة الدعوة
مركز شيخ الإسلام ابن تيمية
لاهاي / هولندا
الأربعاء 7 شوال 1431