تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: لمحات في متن الشاطبية

  1. #1

    افتراضي لمحات في متن الشاطبية


    لمحات في متن الشاطبية
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ،من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه و سلم
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيما
    ثم أما بعد :
    إن أصدق الحديث كتاب الله و خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه و سلم
    وبعد :

    فهذه إطلالة سريعة علي بعض المسائل التي اختلف فيها شراح متن الشاطبية ، وحاولت قدر الجهد إثبات ما صح لدي في المسألة ، كما وضعت بعض التنبيهات علي بعض الاختلافات من جهة الأداء مدعما قولي بأقوال أئمتنا وسلف الصالح . والله المستعان .
    [b]الاستعاذة :[/ b]
    99 - وَإِخْفَاؤُهُ فَصلْ أَبَاهُ وَعُاَتُنَا *** وَكَمْ مِنْ فَتىً كالْمَهْدَوِي فِيهِ أَعْمَلاَ
    مسألة : قوله" فصل أباه" هل يعدا من الرموز أم لا ؟
    قال الشيخ القاضي في كتابه " الوافي في شرح الشاطبية " بعد ذكره شرح البيت السابق : ..ولكن الصحيح أن لا رمز في البيت ..ثم أخذ في توجيه ما ذهب إليه )ص44

    وبالرجوع لشراح الشاطبية الأوائل نجد أنهم يقرون بأن قوله ( فصل أباه) يعدا رمزا وهما لحمزة ونافع ـ رحمهما الله ـ .
    قال السخاوي وهو تلميذ الشاطبي : نُقِل إخفاء التعوذ عن حمزة ونافع في قوله " فصل أباه وعاتنا "وأشار بظاهر اللفظ إلي ضعف هذا المذهب)ص268
    وقال أبو شامة في شرحه ص92 : أي روى إخفاء التعوذ عن حمزة ونافع لأن الفاء رمز حمزة والألف رمز نافع وهذا أول رمز وقع في نظمه والواو في وعاتنا للفصل وتكررت بقوله وكم هذا هو المقصود بهذا النظم في الباطن .

    وأما ظاهره فقوله فصل يحتمل وجهين :
    أحدهما : أنه فصل من فصول القراءة وباب من أبوابها كرهه مشايخنا وحفاظنا أي ردوه ولم يأخذوا به والوعاة جمع واع كقاض وقضاة يقال وعاه أي حفظه .

    والثاني : أن يكون أشار بقوله فصل إلى بيان حكمة إخفاء التعوذ وهو الفصل بين ما هو من القرآن وغيره فقوله وإخفاؤه فصل جملة ابتدائية وأباه وعاتنا جملة فعلية وهي صفة لفصل على الوجه الأول مستأنفة على الوجه الثاني لأن الوعاة ما أبوا كونه فاصلا بين القرآن وغيره وإنما أبا الإخفاء الوعاة لأن الجهر به إظهار لشعار القراءة كالجهر بالتلبية وتكبيرات العيد . )ا.هـ
    ومعلوم أن الشاطبي ـ رحمه الله ـ اختصر في متنه كتاب التيسير للإمام الداني كما قال هو :
    وَفي يُسْرِهَا التَّيْسِيرُ رُمْتُ اخْتَصَارَهُ فَأَجْنَتْ بِعَوْنِ اللهِ مِنْهُ مُؤَمَّلاَ

    وبالرجوع لكتاب التيسير وجدناه ذكر الإخفاء عن نافع وحمزة قائلا : وروى اسحق المسيبي عن نافع أنه كان يخفيها في جميع القرآن ، وروى سليم عن حمزة أنه كان يجهر بها في أول أم القرآن خاصة ويخفيها بعد ذلك في سائر القرآن كذا قال خلف عنه وقال خلاد عنه أنه كان يجيز الجهر والإخفاء جميعا والباقون لم يأت عنهم في ذلك شيء منصوص وبالله التوفيق))ا.هـ
    فالراجح أنهما رمز كما جاء في أصل الشاطبية وهو التيسير وكما نقل ذلك تلميذه الإمام السخاوي كما سبق .
    إلا أن الإمام ابن الجزري ـ رحمه الله ـ صحح في طيبته الإخفاء عن حمزة فقط من طرق كتابه ، ولم يأخذ ما صح عن نافع من رواية المسيبي حيث قال :

    وقيـــل يخفي حمــزة حــــيث تـــلا ***وقــيل لا فـاتحـــة وعـــــلــــــل ا
    وقال في نشره :

    الأولى : أن المختار عند الأئمة القراء هو الجهر بها عن جميع القراء لا نعلم في ذلك خلافاً عن أحد منهم إلا ما جاء عن حمزة وغيره مما نذكره وفي كل حال من أحوال القراءة كما نذكره .

    قال الحافظ أبو عمرو في جامعه: لا أعلم خلافاً في الجهر بالاستعاذة عند افتتاح القرآن وعند ابتداء كل قارئ بعرض أو درس أو تلقين في جميع القرآن إلا ما جاء عن نافع وحمزة ثم روى عن ابن المسيبي أنه سئل عن استعاذة أهل المدينة أيجهرون بها أم يخفونها؟
    قال ما كنا نجهر ولا نخفي،ما كنا نستعيذ ألبتة.
    وروى عن أبيه عن نافع أنه كان يخفي الاستعاذة ويجهر بالبسملة عند افتتاح السور ورؤوس الآيات في جميع القرآن.
    وروى أيضاً عن الحلواني قال خلف: كنا نقرأ على سليم فنخفي التعوذ ونجهر بالبسملة في الحمد خاصة ونخفي التعوذ والبسملة في سائر القرآن نجهر برؤوس أثمنتها وكانوا يقرؤون على حمزة فيفعلون ذلك، قال الحلواني: وقرأت على خلاد ففعلت ذلك. قلت : صح إخفاء التعوذ من رواية المسيبي عن نافع وانفرد به الولي عن إسماعيل بن نافع وكذلك الأهوازي عن يونس عن ورش ، وقد ورد من طرق كتابنا عن حمزة على وجهين:
    أحدهما : إخفاؤه وحيث قرأ القارئ مطلقا أي في أول الفاتحة وغيرها وهو الذي لم يذكر أبو العباس المهدوي عن حمزة من روايتي خلف وخلاد سواء وكذا روى الخزعي عن الحلواني عن خلف وخلاد. وكذا ذكر الهذلي في كامله وهي رواية إبراهيم بن زربى عن سليم عن حمزة.
    الثاني: الجهر بالتعوذ في أول الفاتحة فقط وإخفاؤه في سائر القرآن، وهو الذي نص عليه في المبهج عن خلف عن سليم وفي اختياره وهي رواية محمد بن لاحق التميمي عن سليم عن حمزة ورواه الحافظ الكبير أبو الحسن الدارقطني في كتابه عن أبي الحسن بن المنادي عن الحسن بن العباس عن الحلواني عن خلف عن سليم عن حمزة أنه كان يجهر بالاستعاذة والبسملة في أول سورة فاتحة الكتاب ثم يخفيها بعد ذلك في جميع القرآن. وقرأت على خلاد فلم يغير علي وقال لي كان سليم يجهر فيهما جميعاً ولا ينكر على من جهر ولا على من أخفى، وقال أبو القاسم الصفراوي في الإعلان: واختلف عنه يعني عن حمزة أنه كان يخفيها عند فاتحة الكتاب وكسائر المواضع أو يستثني فاتحة الكتاب فيجهر بالتعوذ عندها فروى عنه الوجهان جميعاً انتهى. وقد انفرد أبو إسحاق إبراهيم ابن أحمد الطبري عن الحلواني عن قالون بإخفائها في جميع القرآن.)ا.هـ
    هذا والله أعلم

  2. #2

    افتراضي رد: لمحات في متن الشاطبية

    أفدتنا أحسن الله إليك
    في انتظار المزيد من الفوائد.

  3. #3

    افتراضي رد: لمحات في متن الشاطبية

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فهدة مشاهدة المشاركة
    أفدتنا أحسن الله إليك
    في انتظار المزيد من الفوائد.
    بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا

  4. #4

    افتراضي رد: لمحات في متن الشاطبية

    اللمحة الثانية
    (ش) وَوَصْلُكَ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ فَصَاحَةٌ*** وَصِلْ وَاسْكُتَنْ كُلٌّ جَلاَيَاهُ حَصَّل
    وَلاَ نَصَّ كَلاَّ حُبَّ وجْهٍ ذَكَرْتُهُ وَفِيهاَ خِلاَفٌ جِيدُهُ وَاضِحُ الطُّلاَ
    مسألة : قوله" كلا حب" وقوله " جيده " هل يُعَدُّوا من الرموز أم لا ؟
    قال الإمام أبو شامة : .....فحاصل ما في هذا البيت أن الخلاف في البسملة مروي عن ابن عامر وورش وأبي عمرو ، بل أكثر المصنفين لم يذكروا عن ابن عامر إلا البسملة ، وقد ذكرنا عبارة المصنفين عنهم في ذلك في الشرح الكبير ، فإذا قلنا : لا يبسملون فهل يصلون كحمزة أو يسكتون ؟ لم يأت عنهم في ذلك نص وذكر الشيوخ الوجهين لهم استحبابا وقد بسطنا الكلام في ذلك بسطا شافيا .
    ولم نجعل في هذا البيت رمزا لأحد كما ذكر غيرنا(لعله يقصد شيخه السخاوي ـ رحمه الله ـ ) فإنا إذا قلنا : إن (كلا حب رمز ابن عامر وأبي عمرو) لزم من مفهوم ذلك أن يكون ورش عنه نص في التخيير وليس كذلك بل لم يرد عنه نص في ذلك ، وإن قلنا: إن (جيده) رمز ورش لزم أن يكون ابن عامر وأبو عمرو لم يرد عنهما خلاف في البسملة وهو خلاف المنقول فلهذا قلنا لا رمز في البيت أصلا والله أعلم))ا.هـ
    قال ابن القاصح في شرحه للشاطبية : اختلف الشراح : هل في هذا البيت رمز أم لا ؟ فأكثرهم علي أن الكاف والحاء من " كلا حب " رمز وكذلك الجيم من " جيده " رمز ....)ص28
    ولقائل أن يقول : ما الذي يترتب علي هذا الخلاف ؟؟
    الجواب كما ذكر الشيخ الضباع في " مختصر بلوغ الأمنية "ما مفاده : فيقتصر لأبي عمرو وابن عامر علي السكت والوصل دون البسملة ، ويؤخذ لورش بالثلاثة وذلك موافق لما في التيسير عن أبي عمرو وابن عامر دون ورش فتكون البسملة له من زيادات القصيد ( هذا في حالة كونهم رموزا ) .
    أو ليست رموزا فيؤخذ لهم بالثلاثة وتكون البسملة لهم من زيادات القصيد ...ثم جزم بكونها ليست رموزا فقال : وهذا هو المأخوذ به الآن أراد الناظم أن يبين ذلك فقال :
    وَفِيهاَ خِلاَفٌ جِيدُهُ وَاضِحُ الطُّلاَ *** وذا الخلف للبصري وشام تنقلا "بتصرف ص28
    قال السخاوي : يعني أنه لا نص في ذلك عن ابن عامر وأبي عمرو ولكنه وجه مستحب من الشيوخ يعني التخيير من غير تحديد ..ثم قال السخوي : والخلاف المشار إليه عن ورش أن أبا غانم الظفر بن أحمد بن حمدان المقرئ كان يأخذ بالبسملة لورش في جميع القرآن ..) 1/257
    قال أبو شامة : .... أي لم يرد بذلك نص عن هؤلاء بوصل ولا سكوت وإنما التخيير بينهما لهم اختيار من المشايخ واستحباب منهم وهذا معنى قوله حب وجه ذكرته وكلا حرف ردع وزجر كأنه منع من اعتقاد النصوصية عن أحد منهم على ذلك ثم قال وفيها أي في البسلمة خلاف عنهم جيد ذلك الخلاف واضح الطلا أي أنه مشهور معروف عند العلماء)ا.هـ
    وقال ابن الجزري في التحبير "وبكل من السكت والوصل قطع جماعة منالأئمة لورش وأبي عمرو وابن عامر ويعقوب ، وبالسكت قرأ المؤلف (يقصد الداني) لورشعلى جميع شيوخه، ولأبي عمرو على أبي الحسن وأبي الفتح وابن خاقان ، ولابن عامر علىأبي الحسن ، وبالوصل قرأ على الفارسي لأبي عمرو ، وبالبسملة قرأ لابن عامر علىالفارسي وأبي الفتح فهذا من الموضع التي خرج فيها عن طريق الكتاب والله الموفق" اهـص 39
    يقول الدانى فى التيسير : " ويختار من مذهب ورش و ابن عامر و ابى عمرو السكت بينالسورتين بدون قطع وابن مجاهد يرى وصل السورة بالسورة مع تبيين الاعراب و يرى السكتايضا)ا.هـ
    وما قاله الداني نقله الإمام الشاطبي إلا أنه زاد لورش وجه البسملة وهو ما يعبر عنه بـ ( زيادات القصيد ) فعلي ما في التيسير فالمقصود بـ(كلا حب ..خلاف جيده) الإمام ابن عامر وأبي عمرو وخلاف ورش .
    أما ما استشكله العلامة أبو شامة حيث قال : ... لزم من مفهوم ذلك أن يكون ورش عنه نص في التخيير وليس كذلك بل لم يرد عنه نص في ذلك ...)ا.هـ
    قال د حميتو : ... فقول الخراز"والعمل في ذلك على رواية أبي يعقوب ـ يعني ترك البسملة ـ يفيد بظاهره أن البسملة ليست برواية عنه وإنما هي اختيار بعض الشيوخ الآخذين بطريقه كأبي غانم المذكور ومحمد بن علي الأذفوي.
    والصحيح أن البسملة بين السورتين ثابتة أيضا في طريق الأزرق في رواية ابن هلال عن أبي الحسن النحاس عنه. قال الإمام برهان الدين الجعبري في الكنز: "وهو طريق ابن هلال عن الأزرق، وبه أخذ أبو غانم والأذفوي، وتركها طريق ابن سيف، وبه أخذ أبو الطيب" ويعني ابن غلبون.
    وقد أشار أبو زيد بن القاضي إلى الوهم الذي وقع للشراح في شرح قول ابن بري المذكور فقال: "كذا وقع لهم، وفيه نظر، لأن ذلك يؤدي إلى تخليط الطرق، لأن الشيخ ـ رحمه الله ـ لم بتعرض في "الدرر" إلا لرواية الأزرق فقط عن ورش، وأبي نشيط عن قالون، بل الصواب أن استعمالها وعدم استعمالها معا منقولان عن أبي يعقوب الأزرق، فتركها رواية أبي بكر عبد الله بن سيف، واستعمالها رواية أبي جعفر أحمد بن هلال الأزدي عنه، فإذا أردت حفظ هذا فزد بعد قول أبي الحسن نقلا:
    "فنجل سيف تركها به تلا… عن يوسف، وابن هلال أعملا
    وقال بعض أشياخنا:
    ومن طريق ابن هلال بسملا ... أزرقهم ومن ريق الغير لا"
    وبهذا يعلم أن الفصل بالبسملة بين السورتين ثابت عن ورش من طريق الأزرق أيضا ثبوت ترك الفصل، إلا أنه خلاف المشهور، وبذلك يكون الفصل له بالبسملة ـ كما أصبح العمل عليه اليوم في قراءة الحزب وغيرهما عند المغاربة ـ لا يصادم الرواية وإن كان فيه مخالفة المشهور الذي كان عليه العمل وما يزال في البوادي ومدارس القراءة.)أ.هـ
    والاستشكال الآخر لأبي شامة : وإن قلنا إن جيده رمز ورش لزم أن يكون ابن عامر وأبو عمرو لم يرد عنهما خلاف في البسملة وهو خلاف المنقول فلهذا قلنا لا رمز في البيت أصلا والله أعلم))ا.هـ
    الجواب : قد يعذر الشاطبي لأنه نقل ما في التيسير لهذين الإمامين والمنقول عنهما في التيسير عدم البسملة ..والله أعلم
    والسلام عليكم

  5. #5

    افتراضي رد: لمحات في متن الشاطبية


    الشاطبية : وَأَشْمِمْ وَرُمْ فِي غَيْرِ بَاءٍ وَمِيمِهَا مَعَ الْبَاءِ أَوْ مِيمٍ وَكُنْ مُتَأَمِّلاَ
    وَإِدْغَامُ حَرْفٍ قَبْلَهُ صَحَّ سَاكِنٌ عَسِيرٌ وَبِالإِخْفَاءِ طَبَّقَ مَفْصِلاَ
    خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَفي المَهْدِ ثُمَّ الخُلْدِ وَالْعِلْمِ فَاشْمُلاَ

    مسألة : ما الذي حمل الشاطبي ـ رحمه الله ـ للتغاير هنا في اللفظ بين الروم والإخفاء مع أنهما هنا بمقدار واحد وبمعني واحد وهو الاختلاس ؟
    قال الفاسي في شرحه : ( ورمها إن كانت ضمة وكسرة ..)ص193
    وقال ابن القاصح في شرحه : ورمها إن كانت ضـمة أو كسرة إلا في الباء والميم .....)ص 44
    وقال أبو شامة : فالروم هنا عبارة عن الإخفاء والنطق ببعض الحركة فيكون مذهبا آخر غير الإدغام وغير الإظهار .))ا.هـ ص75
    وبذلك قال الضباع في شرحه (ص75)
    والسؤال هنا : لماذا عبّر الشاطبي في البيت الأول بكلمة ( ورم ) وعبّر في البيت التالي بـ ( الإخفاء) مع أنهما يستويان في المقدار ؟؟

    وقبل الجواب عن هذا السؤال نذهب للتعرف علي الفرق بين الروم والاختلاس .

    قال العلامة احمد البنا في الإتحاف : أما الروم فهو الإتيان ببعض الحركة وقفا فلذا ضعف صوتها لقصر زمنها ويسمعها القريب المصغي وهو معنى قول التيسير : هو تضعيفك الصوت بالحركة حتى يذهب معظم صوتها فتسمع لها صوتا خفيا وهو عند القراء غير الاختلاس وغير الإخفاء ، والاختلاس والإخفاء عندهم واحد ولذا عبّروا بكل منهما عن الآخر .
    والروم يشارك الاختلاس في تبعيض الحركة ، ويخالفه في أنه لا يكون في فتح ولا نصب ، ويكون في الوقف فقط ، والثابت فيه من الحركة أقل من الذاهب .
    والاختلاس يكون في كل الحركات كما في ( أرنا ، وأمن لا يهدي ، ويأمركم ) ولا يختص بالوقف ، والثابت من الحركة فيه أكثر من الذاهب ، وقدره الأهوازي بثلثي الحركة ولا يضبطه إلا المشافهة...))ا.هـ



    وقال الشيخ عطية قابل نصر في كتابه (غاية المريد في علم التجويد)
    : الرَّوم والاختلاس يشتركان في تبعيض الحركة إلا أن الرَّوم يخالفه فلا يكون في المفتوح والمنصوب على الأصح وهو رأي جميع القراء.
    أما إمام النحو سيبويه فقد أجازه فيهما، إلى ذلك يشير الإمام الشاطبي بقوله:

    ولم يَرَهُ في الفتح والنصب قارئ ... وعند إمام النحو في الكل أعملا
    أما الاختلاس : فهم متفقون على أنه يكون في الحركات الثلاث.


    كما أن الرَّوم الثابت فيه من الحركة أقل من المحذوف، وقدَّره بعضهم بالثلث.
    أما الاختلاس : فالثابت فيه من الحركة أكثر من المحذوف وقدَّره بعضهم بالثلثين وكل ذلك لا يضبط إلا بالمشافهة.))138

    وبعد معرفة الفرق بين الروم والاختلاس أقول : الشاطبي ـ رحمه الله ـ أراد في البيت الأول بكلمة ( ورم ) أن يكون الحديث عن المضموم والمكسور وأراد أن يُخرج الحرف المفتوح .

    وأراد بكلمة (الإخفاء ) الحركات الثلاثة في هذا النوع وهو الساكن الصحيح قبل الحرف المدغم نحو : ( العفْو وأمر) حيث يؤدي إلي اجتماع الساكن علي غير حدهما ـ أي من غير أن يكون هناك قبل المدغم حرف مد أو لين نحو : فيه هدي ـ كيف فعل ـ
    ولعل سائلا يستشكل قائلا : الروم والإخفاء يفترقان في مقدار الحركة وهذا يؤدي إلي اللبس ؟
    الجواب : أن الروم إذا استخدم في الوصل حُمل علي الإخفاء في المقدار (ثلثي الحركة ) ، وإذا استخدم في الوقف حُمل علي معناه (ثلث الحركة )
    والدليل علي ذلك : قال في الطيبة :( وتأمنا أشم ورم لكلهم )
    وعبّر الشاطبي بقوله : ( .............** وتأمنا للكل يخفي مفصلا
    وأدغم مع إشمامه البعض عنهم **.............. )

    وابن الجزري أمن اللبس في هذا الموضع لأن الروم في الوصل يعادل الإخفاء في المقدار .ولأن روم الوقف معروف بأنه أقل في المقدار ـ كما سبق ـ .

    والخلاصة : لما كان الروم في الوقف فقط ، والاختلاس في الوصل فقط ، أمن اللبس من جهة المقدار ( الثلث والثلثان ) لأن الروم وصلا مثل الاختلاس.
    والشاطبي رحمه الله اختار لفظ الروم في الموضع الأول لإخراج المفتوح .
    واختار في البيت الثاني الإخفاء لأجل إعمال الحركات الثلاثة ، ولو وضع أحدهما مكان الآخر ، أو عبّر بأحدهما في البيتين لفات المقصود من الحكم .
    لله در الشاطبي رحمه الله .

  6. #6

    افتراضي رد: لمحات في متن الشاطبية

    باب هاء الكناية

    قال الشاطبي ـ رحمه الله ـ : وَفي الْكُلِّ قَصْرُ الْهَاءِ كانَ لِسَانَهُ بخُلْفٍ وَفي طه بِوَجْهَيْنِ بُجِّلاَ.

    مسألة : هل لهشام الوجهان ـ القصر والإشباع ـ في هاء ( يأته ) ؟ أم له وجه واحد وهو (الإشباع) ؟؟؟

    قال الداني في التيسير : قالون بخلاف عنه ( ومن يأته مؤمنا ) باختلاس كسرة الهاء في الوصل وأبو شعيب باسكانها فيه والباقون بإشباعها)ا.هـ
    فلم يذكر في التيسير سوي وجه واحد وهو المذكور في قوله (والباقون بإشباعها) وهشام منهم ـ أي من المشبعين ـ

    ولقائل أن يقول : وجه القصر يُعد من زيادات القصيد ـ أي من زيادات الشاطبي علي التيسير .

    الجواب : قال ابن الجزري في النشر : يأته ...وروى الصلة عنه أبو الحسن طاهر بن غلبون والداني من طريقيه وأبو القاسم ابن الفحام فيما أحسب وسائر المغاربة. وبذلك قرأ الباقون وهو ابن كثير وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف وورش والدوري وابن جماز وروح....)ا.هـ
    فذكر الصلة لابن عامر بتمامه .ولم يذكر القصر لهشام فدل علي أن هذا الوجه لا وجود له لهشام .

    قال صاحب الإتحاف :
    تنبيه : بما تقرر علم أن ابن عامر من أصحاب الصلة في هذا الحرف أعني ( يأته ) قولا واحدا وهذا هو الذي في الطيبة كالنشر وتقريبه وغيرهما لكن كلام الشاطبي رحمه الله تعالى يفهم بظاهره جريان الخلاف لهشام عنه بين الصلة والاختلاس وذلك أنه قال بعد ذكره يأته مع حروف أخر وفي الكل قصر الهاء بأن لسانه بخلف فأثبت الخلاف لهشام في جميع ما ذكره من ( يؤده ) إلى (يأته ) ودرج على ذلك شراح كلامه فيما وقفنا عليه ولم أر من تنبه لذلك غير الإمام الحافظ الكبير أبي شامة رحمه الله تعالى فقال بعد أن قرر كلامه على ظاهره ما نصه : وليس لهشام في حرف طه إلا الصلة لا غير وإن كانت عبارته صالحة أن يؤخذ له بالوجهين لقوله أولا وفي الكل قصر لكن لم يذكر أحد له القصر فحمل كلامه على ما يوافق كلام الناس أولى انتهى بحروفه ولم ينبه عليه في النشر وهو عجيب))ا.هـ

    وذكره الشيخ الجمزوري في الفتح الرحماني ـ تحقيق العلامة الشيخ عبد الرزاق علي موسي ـ رحمه الله تعالي ـ
    وذكر ابن الجزري في التحبير الخلف لقالون والإسكان للسوسي ثم قال "والباقون بإشباعها"ص461

    وذكر السخاوي والفاسي وابن القاصح والجعبّري وغيرهم الوجهين لهشام


    ومن تأمل متن الشاطبية يعلم أن الشاطبي لم ينسب لهشام سوي وجه واحد وهو الإشباع ويؤخذ هذا من قوله "وفي طه بوجهين بجلا" استثناء موضع (طه) لهشام لأنه لم يذكره مع قالون في الخلف .

    وقد يقول قائل : فقد ذُكر له الوجهان في قوله " وفي الكل ..لسانه بخلف " فلا داعي لذكره مع قالون ؟؟

    أقول : الشاطبي ـ رحمه الله ـ إن ذكر قاعدة عامة لقارئ ثم ذكر لقارئ آخر القراءة نفسها يأتي بصاحب القاعدة أيضا لكيلا يوهم خروج صاحب القاعدة في هذا الموضع . كما فعل ذلك في قوله :

    وَفِي اللاَّمِ لِلتَّعْرِيفِ أَرْبَعُ عَشْرَةٍ فَإِسْكَانُهَا (فَـ)ـاشٍ

    ثم ذكر موافقة بعض القراء لحمزة وذكر حمزة مرة أخري مع كل قارئ حتي لا يحدث وهم من استثناء هذه المواضع من عموم ما أقره لحمزة ..فقال :

    .......................** ..........وَعَهْدِي (فِـ)ي (عُـ)لاَ

    وَقُلْ لِعِبَادِي (كَـ)ـانَ (شَـ)رْعاً وَفِي النِّدَا (حِـ)مًى (شَـ)ـاعَ آيَاتِي (كَـ)مَا (فَـ)ـاحَ مَنْزِلاَ


    ومثال آخر :

    وكذا في قوله : وَتَذَّكَّرُونَ الْكُلُّ خَفَّ عَلَى شَذَا

    فكلمة (تذكرون ) في جميع مواضعها في القرآن قرأها بالتخفيف حفص وحمزة والكسائي وهو المشار إليهم بـ (علي شذا)

    ثم قال في سورة الأعراف : وَتَذَّكَّرُونَ الْغَيْبَ زِدْ قَبْلَ تَائِهِ ***كَرِيماً وَخِفُّ الذَّالِ كَمْ شَرَفاً عَلاَ
    قال أبو شامة : أي زاد ابن عامر ياء فقرأ ( قليلا ما يتذكرون) ، وخفف الذال ، والباقون لم يزيدوا هذه الياء الدالة على الغيب وهم في تخفيف الذال وتشديدها مختلفون على ما سبق في الأنعام (وَتَذَّكَّرُون الْكُلُّ خَفَّ عَلَى شَذَا) وإنما احتاج إلى إعادة الكلام في تخفيف الذال هنا لأجل زيادة ابن عامر على تخفيفها .. والله أعلم)انتهي بتصرف
    وقال أيضا في سورة الرعد :
    وَمَا كُرِّرَ اسْتِفْهَامُهُ نَحْوُ آئِذَا أَئِنَّا فَذُو اسْتِفْهَامٍ الْكُلُّ أَوَّلاَ
    وهو يعني بما يطلق في هذا الباب الاستفهام المكرر وهو يقصد جميع المواضع لأنه قال بعدها : "سِوَى نَافِعٍ فِي النَّمْلِ "
    فجميع القراء يستفهمون في الموضع الأول سوي نافع في النمل فيخبر فيه ، ثم تحدث عن المواضع الأخري ما عدا موضع النمل فقال : ".....وَالشَّامِ مُخْبِرٌ سِوَى النَّازِعَاتِ مَعْ إِذَا وَقَعَتْ وِلاَ"

    أي أخبر الشام في جميع المواضع الأخري الموضع الأول ، وقد استثني موضعي النازعات والواقعة .. ومن قوله "سِوَى نَافِعٍ فِي النَّمْلِ " علمنا استثناء موضع النمل .

    فالخلاصة : أن ابن عامر استثني من الإخبار الموضع الأول من النمل والواقع والنازعات . أي استفهم في الأول في هذه السور الثلاث .

    والشاهد : أن الشاطبي لو أراد الإخبار لابن عامر في موضع النمل لذكره مع الإمام نافع وحيث لم يذكره دل علي انفراد نافع فقط بموضع النمل ، ولذا قال أبو شامة في شرحه : .....أي نافع وحده قرأ في النمل بالإخبار ودل على أنه منفرد بذلك أنه لم يعد ذكر ابن عامر معه وذلك لازم كما بيناه قوله رمى صحبة وفي غير ذلك ..)


    وبما أن الشاطبي لم يذكر هشاما مع قالون في الخلف فمعناه أنه ينفي عنه الخلف ، ويستثني موضع (يأته) من جميع ما سبق . والله أعلم .
    تنبيه :

    قد أجبت علي هذا السؤال في هذا الرابط من قبل :
    http://qiraatt.com/vb/showthread.php?t=388
    ثم وجدت الأخ السائل قد أجاب في مكان آخر ـ يعلم الله ويشهد ـ أني لم أر جوابه إلا بعد إنزالي لجوابي وهذا رابط جواب الأخ :
    http://qiraatt.com/vb/showthread.php?t=393
    إلا أني زدت هنا بعض الزيادات اليسيرة .

  7. #7

    افتراضي رد: لمحات في متن الشاطبية

    باب القصر والمد
    وَفِي وَاوِ سَوْآتٍ خِلاَفٌ لِوَرْشِهِمْ وَعَنْ كُلٍ الْمَوْءُودَةُ اقْصُرْ وَمَوْئِلاَ

    مسألة : هل ذكر الإمام الشاطبي الأوجه الثلاثة في واو "سوءات" لورش ؟
    نعود إلي ما قاله الإمام الشاطبي في منظمومته عند ذكره للين :
    وَإِنْ تَسْكُنِ الْيَا بَيْنَ فَتْحٍ وَهَمْزَةٍ بِكَلِمَةٍ أَوْ وَاوٌ فَوَجْهَانِ جُمِّلاَ
    بِطُولٍ وَقَصْرٍ وَصْلُ وَرْشٍ وَوَقْفُهُ........

    وقوله " بطول وقصر " يقصد به المد المشبع والتوسط وهو المأخوذ من قوله "وقصر " أي أقصر هذا الطول فتكون المرتبة التي بعدها وهي التوسط .
    ثم قال الشاطبي :
    وَفِي وَاوِ سَوْآتٍ خِلاَفٌ لِوَرْشِهِمْ **** وَعَنْ كُلٍ الْمَوْءُودَةُ اقْصُرْ وَمَوْئِلا
    وقوله" خِلاَفٌ لِوَرْشِهِمْ " فهذا الخلاف مغاير للخلاف السابق ، ولو أراد المد والتوسط لحكاهما ولا داعي لذكر الخلف ، فلما أراد وجها مغايرا مع ما تقدم من الخلف فدل ذلك علي أنه أراد الأوجه الثلاثة ، فتكون هذه الأوجه ـ بحسب قاعدة الشاطبي ـ ثلاثة أوجه كما مر بنا في باب البسملة ( وفيها خلاف جيده ) .
    قال أبو شامة : ...هذا الخلاف هو سقوط المد والمد ، فإن قلنا بالمد على الوجهين في طوله وتوسطه فوجه المد ظاهر ، ووجه تركه النظر إلى أصل ما تستحقه هذه الواو وهو الفتح لأن ما وزنه فعلة بسكون العين جمعه فعلات بفتحها كتمرات وجفنات وأسكن حرف العلة تخفيفا ..))ا.هـ
    وقال الإمام أبو عبد الله الفاسي في "اللآلئ الفريدة" :"واختلف أهل الأداء في "سوءات" المجموع، فمنهم من لم يفرق في قراءة ورش بينه وبين "سوءة" ونحوه، ومنهم من استثناه فقصره، فمن لم يفرق عامل اللفظ، ومن استثناه اعتل بأن أصل واوه الحركة، لأنه جمع سوءة، وسوءة اسم غير صفة، و"فعلة" إذا كانت اسما غير صفة جمع على فعلات بفتح العين.
    وإذا كان صفة جمع على "فعلات" بسكون العين، كبيضات وجولات، لأن تحريكه يؤدي إلى إعلاله، وهذيل تجمعه كالصحيح ولا تعله".))ا.هـ

    قال د / حميتو : الخلاف في واو سوءات:
    واختلف عن الأزرق عن ورش من هذا الأصل في واو "سوءات".
    قال المنتوري: "وذكر الداني في "كتاب اختلاف أهل الأداء عن ورش في تمكين الياء والواو المفتوح ما قبلهما" وفي "جامع البيان" و"إيجاز البيان" و"التلخيص" .
    والمد في واو "سوءات"، وهو ظاهر قوله في "الاقتصاد" و"التيسير" و"التمهيد" و"التعريف" و"الموجز".
    وذكر في "إرشاد المتمسكين" و"التهذيب" القصر.
    وقال في "كتاب رواية ورش من طريق المصريين": "وأما قوله "سوءاتهما" في الأعراف وطه، فاختلف عنه في تمكينهما وتركه، وبالتمكين قرأت له، وبه آخذ".
    وقال مكي في "التبصرة": "فإن أتى بعد الهمزة في هذا الباب حرف مد ولين استغني بمده عن مد حرف اللين نحو "سوءاتهما" و"الموءودة" وشبهه، مد الثانية ولا يمد الأولى، غير أنه لا يمد "موئلا" وأصله يوجب مده".
    وعلى هذا يبقى قوله تعالى "سوأة أخيه" و"سوءة أخي" على أصله في زيادة التمكين للواو لأنه ليس بعده ما يستغني بمده عن مد ما بعده ، ولم يذكره مكي في هذا السياق فيبقي داخلا في الأصل العام في زيادة التمكين.
    وقال ابن شريح في "الكافي": "وخالف أصله في "موئلا" و"الموءودة" و"سوءاتهما" و"سوءاتكم" فلم يمدهن". أي أخذ ابن شريح الكلمات الأربع المذكورة بالقصر .
    وقال المنتوري بعد ذكر الخلاف في سوءات كما نص عليه ابن بري في قوله: "وفي سوءات خلف لما في العين من فعلات."
    "وبالوجهين قرأته على بعض من لقيته، وقرأته على شيخنا الأستاذ أبي عبد الله القيجاطي ـ رضي الله عنه ـ بالمد وبه آخذ".
    ثم قال د/ حميتو : قال ابن المجراد معتبرا لهذه الأقوال: "فإذا جمع ما لورش في ألف "سوءات" وواوها من الخلاف تصور للقارئ في ذلك تسعة أوجه: مدهما معا، وقصرهما معا، وتوسيطهما معا، والمخالفة بينهما قال: "وقد نظمت ذلك في أبيات فقلت:
    "وسوءات فاقصر واوها ثم وسطن *****فتحصل في سوءات تسعة أوجه
    فاشبعهما واقصر ووسط وخالفن ***** ومكن كهاويها لورش بلا وهم
    إذا تليت وصلا فحققه عن فهم******تجد تسعة لا شك فيها لذي العلم
    ))ا.هـ
    وما قاله ابن المجراد ونقله د / حميتو من أنها تسعة أوجه غير معمول به الآن ، وإن كان هذا في ظاهر الشاطبية وقال به غير واحد من الشراح قديما إلا أن المجمع عليه الآن في أكثر الأقطار أن فيها أربعة أوجه قال الشيخ البنا في الاتحاف :
    واختلف في واو ( سوآتهما ) و ( سوآتكم ) ، فلم يستثنها الداني في شيء من كتبه ولا الأهوازي في كتابه الكبير واستثناها صاحب الهداية والهادي والكافي والتبصرة والجمهور ووقع للجعبّري فيها حكاية ثلاثة أوجه في الواو تضرب في ثلاثة الهمز فتبلغ تسعة وتعقبه في النشر بأنه لم يجد أحدا روى إشباع اللين إلا وهو يستثني ( سوآت ) قال فعلى هذا يكون الخلاف دائرا بين التوسط والقصر قال وأيضا من وسطها مذهبه في الهمز المتقدم التوسط فيكون فيها أربعة أوجه فقط قصر الواو مع ثلاثة الهمزة والتوسط فيهما ونظمها رحمه الله تعالى في بيت فقال :
    ( وسوآت قصر الواو والهمز ثلثا*****ووسطهما فالكل أربعة فادر )ا.هـ
    ومما سبق وبعد ذكر أقوال الأئمة وثبات الأمر في (( سوآتهما ) و ( سوآتكم ) علي القصر والتوسط لقول ابن الجزري في النشر : " .. لم أجد أحدا روى إشباع اللين إلا وهو يستثني ( سوآت ) فعلى هذا يكون الخلاف دائرا بين التوسط والقصر..)
    يكون الأمر مشكلا ، ويتعارض قول ابن الجزري مع قول الداني الذي نقل المد في الجميع قال ابن القاصح مؤكدا ما سبق من أقوال الأئمة : ..فبعضهم نقل المد فيها وبعضهم نقل القصر .فمن مد فله وجهان المد الطويل المشبع ، والمد المتوسط... )ص62 وكما نقلنا عن أكثر شراح الشاطبية ، إلا أن أحدا لم يقرأ الآن بوجه المد المشبع في واو " سوءات" ، فعلي قاعدة " ما عليه العمل " لا ينبغي الآن أن يقرأ بوجه " المد المشبع " مع أنه كان مقروءا به .والله أعلم

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    2,225

    افتراضي رد: لمحات في متن الشاطبية

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الحكيم عبد الرازق مشاهدة المشاركة
    باب هاء الكناية

    قال الشاطبي ـ رحمه الله ـ : وَفي الْكُلِّ قَصْرُ الْهَاءِ كانَ لِسَانَهُ بخُلْفٍ وَفي طه بِوَجْهَيْنِ بُجِّلاَ.

    مسألة : هل لهشام الوجهان ـ القصر والإشباع ـ في هاء ( يأته ) ؟ أم له وجه واحد وهو (الإشباع) ؟؟؟

    قال الداني في التيسير : قالون بخلاف عنه ( ومن يأته مؤمنا ) باختلاس كسرة الهاء في الوصل وأبو شعيب باسكانها فيه والباقون بإشباعها)ا.هـ
    فلم يذكر في التيسير سوي وجه واحد وهو المذكور في قوله (والباقون بإشباعها) وهشام منهم ـ أي من المشبعين ـ

    ولقائل أن يقول : وجه القصر يُعد من زيادات القصيد ـ أي من زيادات الشاطبي علي التيسير .

    الجواب : قال ابن الجزري في النشر : يأته ...وروى الصلة عنه أبو الحسن طاهر بن غلبون والداني من طريقيه وأبو القاسم ابن الفحام فيما أحسب وسائر المغاربة. وبذلك قرأ الباقون وهو ابن كثير وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف وورش والدوري وابن جماز وروح....)ا.هـ
    فذكر الصلة لابن عامر بتمامه .ولم يذكر القصر لهشام فدل علي أن هذا الوجه لا وجود له لهشام .

    قال صاحب الإتحاف :
    تنبيه : بما تقرر علم أن ابن عامر من أصحاب الصلة في هذا الحرف أعني ( يأته ) قولا واحدا وهذا هو الذي في الطيبة كالنشر وتقريبه وغيرهما لكن كلام الشاطبي رحمه الله تعالى يفهم بظاهره جريان الخلاف لهشام عنه بين الصلة والاختلاس وذلك أنه قال بعد ذكره يأته مع حروف أخر وفي الكل قصر الهاء بأن لسانه بخلف فأثبت الخلاف لهشام في جميع ما ذكره من ( يؤده ) إلى (يأته ) ودرج على ذلك شراح كلامه فيما وقفنا عليه ولم أر من تنبه لذلك غير الإمام الحافظ الكبير أبي شامة رحمه الله تعالى فقال بعد أن قرر كلامه على ظاهره ما نصه : وليس لهشام في حرف طه إلا الصلة لا غير وإن كانت عبارته صالحة أن يؤخذ له بالوجهين لقوله أولا وفي الكل قصر لكن لم يذكر أحد له القصر فحمل كلامه على ما يوافق كلام الناس أولى انتهى بحروفه ولم ينبه عليه في النشر وهو عجيب))ا.هـ

    وذكره الشيخ الجمزوري في الفتح الرحماني ـ تحقيق العلامة الشيخ عبد الرزاق علي موسي ـ رحمه الله تعالي ـ
    وذكر ابن الجزري في التحبير الخلف لقالون والإسكان للسوسي ثم قال "والباقون بإشباعها"ص461

    وذكر السخاوي والفاسي وابن القاصح والجعبري وغيرهم الوجهين لهشام


    ومن تأمل متن الشاطبية يعلم أن الشاطبي لم ينسب لهشام سوي وجه واحد وهو الإشباع ويؤخذ هذا من قوله "وفي طه بوجهين بجلا" استثناء موضع (طه) لهشام لأنه لم يذكره مع قالون في الخلف .

    وقد يقول قائل : فقد ذُكر له الوجهان في قوله " وفي الكل ..لسانه بخلف " فلا داعي لذكره مع قالون ؟؟

    أقول : الشاطبي ـ رحمه الله ـ إن ذكر قاعدة عامة لقارئ ثم ذكر لقارئ آخر القراءة نفسها يأتي بصاحب القاعدة أيضا لكيلا يوهم خروج صاحب القاعدة في هذا الموضع . كما فعل ذلك في قوله :

    وَفِي اللاَّمِ لِلتَّعْرِيفِ أَرْبَعُ عَشْرَةٍ فَإِسْكَانُهَا (فَـ)ـاشٍ

    ثم ذكر موافقة بعض القراء لحمزة وذكر حمزة مرة أخري مع كل قارئ حتي لا يحدث وهم من استثناء هذه المواضع من عموم ما أقره لحمزة ..فقال :

    .......................** ..........وَعَهْدِي (فِـ)ي (عُـ)لاَ

    وَقُلْ لِعِبَادِي (كَـ)ـانَ (شَـ)رْعاً وَفِي النِّدَا (حِـ)مًى (شَـ)ـاعَ آيَاتِي (كَـ)مَا (فَـ)ـاحَ مَنْزِلاَ

    ومثال آخر :

    وكذا في قوله : وَتَذَّكَّرُونَ الْكُلُّ خَفَّ عَلَى شَذَا

    فكلمة (تذكرون ) في جميع مواضعها في القرآن قرأها بالتخفيف حفص وحمزة والكسائي وهو المشار إليهم بـ (علي شذا)

    ثم قال في سورة الأعراف : وَتَذَّكَّرُونَ الْغَيْبَ زِدْ قَبْلَ تَائِهِ ***كَرِيماً وَخِفُّ الذَّالِ كَمْ شَرَفاً عَلاَ
    قال أبو شامة : أي زاد ابن عامر ياء فقرأ ( قليلا ما يتذكرون) ، وخفف الذال ، والباقون لم يزيدوا هذه الياء الدالة على الغيب وهم في تخفيف الذال وتشديدها مختلفون على ما سبق في الأنعام (وَتَذَّكَّرُون الْكُلُّ خَفَّ عَلَى شَذَا) وإنما احتاج إلى إعادة الكلام في تخفيف الذال هنا لأجل زيادة ابن عامر على تخفيفها .. والله أعلم)انتهي بتصرف
    وقال أيضا في سورة الرعد :
    وَمَا كُرِّرَ اسْتِفْهَامُهُ نَحْوُ آئِذَا أَئِنَّا فَذُو اسْتِفْهَامٍ الْكُلُّ أَوَّلاَ
    وهو يعني بما يطلق في هذا الباب الاستفهام المكرر وهو يقصد جميع المواضع لأنه قال بعدها : "سِوَى نَافِعٍ فِي النَّمْلِ "
    فجميع القراء يستفهمون في الموضع الأول سوي نافع في النمل فيخبر فيه ، ثم تحدث عن المواضع الأخري ما عدا موضع النمل فقال : ".....وَالشَّامِ مُخْبِرٌ سِوَى النَّازِعَاتِ مَعْ إِذَا وَقَعَتْ وِلاَ"

    أي أخبر الشام في جميع المواضع الأخري الموضع الأول ، وقد استثني موضعي النازعات والواقعة .. ومن قوله "سِوَى نَافِعٍ فِي النَّمْلِ " علمنا استثناء موضع النمل .

    فالخلاصة : أن ابن عامر استثني من الإخبار الموضع الأول من النمل والواقع والنازعات . أي استفهم في الأول في هذه السور الثلاث .

    والشاهد : أن الشاطبي لو أراد الإخبار لابن عامر في موضع النمل لذكره مع الإمام نافع وحيث لم يذكره دل علي انفراد نافع فقط بموضع النمل ، ولذا قال أبو شامة في شرحه : .....أي نافع وحده قرأ في النمل بالإخبار ودل على أنه منفرد بذلك أنه لم يعد ذكر ابن عامر معه وذلك لازم كما بيناه قوله رمى صحبة وفي غير ذلك ..)


    وبما أن الشاطبي لم يذكر هشاما مع قالون في الخلف فمعناه أنه ينفي عنه الخلف ، ويستثني موضع (يأته) من جميع ما سبق . والله أعلم .
    تنبيه :

    قد أجبت علي هذا السؤال في هذا الرابط من قبل :
    http://qiraatt.com/vb/showthread.php?t=388
    ثم وجدت الأخ السائل قد أجاب في مكان آخر ـ يعلم الله ويشهد ـ أني لم أر جوابه إلا بعد إنزالي لجوابي وهذا رابط جواب الأخ :
    http://qiraatt.com/vb/showthread.php?t=393
    إلا أني زدت هنا بعض الزيادات اليسيرة .
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
    الشيخ الفاضل عبد الحكيم.
    إني أتفق مع فضيلتكم هنا في بعضٍ وأختلف في بعض.
    فأما ما أتفق معكم فيه:
    1- نقلكم عن الداني.
    قال الداني في التيسير: قالون بخلافٍ عنه (ومن يأته مؤمنًا) باختلاس كسرة الهاء في الوصل، وأبو شعيب بإسكانها فيه، والباقون بإشباعها). اهـ.
    فلم يذكر في التيسير سوى وجه واحد وهو المذكور في قوله: (والباقون بإشباعها) وهشام منهم - أي من المشبعين -

    2- نقلكم عن ابن الجزري.
    قال ابن الجزري في النشر: يأته ... وروى الصلة عنه أبو الحسن طاهر بن غلبون والداني من طريقيْه وأبو القاسم ابن الفحام فيما أحسب وسائر المغاربة، وبذلك قرأ الباقون؛ وهم: ابن كثير وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف وورش والدوري وابن جماز وروح....). اهـ.
    فذكر الصلة لابن عامر بتمامه، ولم يذكر القصر لهشام فدلَّ على أنَّ هذا الوجه لا وجود له لهشام.
    3- نقلكم أيضًا الذي يوضح ما في الشاطبية وموقف الشراح منه.
    لكن كلام الشاطبي - رحمه الله تعالى - يُفهم بظاهره جريان الخلاف لهشام عنْه بين الصلة والاختلاس؛ وذلك أنَّه قال بعد ذكره (يأته) مع حروفٍ أُخَر: وفي الكُلِّ قصرُ الهاء بان لسانُه * * بِخلفٍ.
    فأثبت الخلاف لهشام في جَميع ما ذكره من (يؤده) إلى (يأته) ودرج على ذلك شُرَّاح كلامِه فيما وقفْنا عليْه، ولَم أرَ من تنبَّه لذلك غير الإمام الحافظ الكبير أبي شامة - رحمه الله تعالى - فقال بعد أن قرَّر كلامه على ظاهرِه ما نصُّه: وليس لهشامٍ في حرف طه إلاَّ الصلة لا غير، وإن كانت عبارته صالحةً أن يُؤخذ له بالوجهين؛ لقوله أوَّلا: وفي الكل قصر..
    4- قولكم: وذكر السخاوي والفاسي وابن القاصح والجعبري وغيرهم الوجهين لهشام.
    = = = =
    أما الذي أخالفكم فيه، وأخالف - بشدة - الأخ أبا سدين الذي أشرتم إلى كلامه ... فهو: ومن تأمَّل متن الشاطبية يعلم أنَّ الشاطبيَّ لم يَنسب لهشام سوى وجهٍ واحد وهو الإشباع، ويُؤخذ هذا من قوله: "وفي طه بوجْهَين بُجِّلا" استثناء موضع (طه) لهشام لأنَّه لم يذكره مع قالون في الخلف.
    وأنتم - بارك الله فيكم - لو تأملتم هذا مع ما سبق أن ذكرتموه عن الشراح لظهر أن البون شاسع.
    فالحقيقة:
    أن ظاهر كلام الشاطبي - رحمه الله - أنه ذكر لهشام وجهين، وإن كان بهذا مخالفًا للداني أو زائدا عليه، وكذلك وإن لم ينبه عليه ابن الجزري.
    والحقيقة أن مَن ذكرتم من الشراح [السخاوي والفاسي والجعبري وشعلة وغيرهم] كانوا مصيبين حين فهموا أن الشاطبي يعني الوجهين لهشام، وإن لم يبحثوا عن صحة وجه "القصر".
    والحقيقة أن أبا شامة لم يرد وجه القصر بسببٍ في النظم بل بسببٍ خارجٍ عنه، وهو: وليس لهشامٍ في حرف طه إلاَّ الصلة لا غير .. ... لكن لم يَذكُر أحدٌ له القصر فحمْل كلامِه على ما يوافق كلامَ النَّاس أوْلى فرد وجه القصر للنقل عن الناس، لكن ظاهر النظم عنده: الوجهان.
    أما أن تقول ويقول مَن أحلْتَ إلى كلامه - وهو عندي ليس بالقوي -: إنَّ الشاطبيَّ لم يَنسب لهشام سوى وجهٍ واحد وهو الإشباع .. فهذا فيه تخطئة للشراح، وليّ لفهْم النظم على غير ما ورد.
    ويراجع: غيث النفع، وهو قوله: ذِكرنا حذف الصلة لهشام إنما هو تبع له ولشراحه ....
    وأما قول الأخ أبي سدين:
    من حيث الرواية : فالثابت أنه لا توجد أصلاً عن هشام بقصر الهاء وجود هذه الرواية في بطون كتب القراءات المسندة في { يأته } لدى طه ، ولم يثبت بطريق من الطرق ، لا بطريق صحيح ولا سقيم .

    فهذا عندي خطأ محض، وتسوُّر على الغيب، ومجازفة في الحكم، ورد لما نقله الجعبر عن ابن شريح ومكي.
    وإذا نشطت إن شاء الله ... أنقل ما ذكره الديواني عن وجهي (يأته) عن هشام.
    مع أني لا أخالفكم في ضعف وجه القصر، لكن المبالغة في الرد مذمومة.
    والله أعلم.
    صورة إجازتي في القراءات العشر من الشيخ مصباح الدسوقي

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    2,225

    افتراضي رد: لمحات في متن الشاطبية

    قال الإمام الديواني في شرح روضة التقرير [النظم والشرح]:
    القول في هاء الكناية
    موافقٌ جا نؤدِّهْ نؤتِهِ ونولّـ * * * ـهْ نُصلِهِ غيرَ ما رَمْلِيُّنا اعتمدا
    مدًّا وقصرًا ووقفًا ألقِهِ وكذا * * * قُلْ يتَّقِهْ غيرَ خلاَّدِ السكونُ هدَى
    وجهًا ويأتِهْ عن السوسيِّ ساكنةٌ * * * والكلُّ مدًّا وقصرًا للهشامِ بدا

    وقال في شرحه:
    وأما (من يأته مؤمنا) في طه فلم يسكِّنه أحد عند العراقي [يعني من طريق الإرشاد]، وسكَّنه السوسي عند الشامي [التيسير والشاطبية]، وقصره قالون من المذهبين ومدَّه أيضًا فيهما، ومده الباقون في المذهبين إلاَّ أنَّ هشامًا مده وقصره، وكذلك فعل في جميع الأفعال العشرة(*) كما تقدَّم ذكره مع يأته[كذا]،، والله أعلم.
    ـــــــ
    (*) الأفعال العشرة: هاء يؤده إليك، ولا يؤده إليك، ونؤته منها في موضعي آل عمران وموضع الشورى، ونوله ونصله كلاهما في سورة النساء، فألقه إليهم، يتقه في النور، مع الموضع الذي نحن فيه.
    صورة إجازتي في القراءات العشر من الشيخ مصباح الدسوقي

  10. #10

    افتراضي رد: لمحات في متن الشاطبية

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة القارئ المليجي مشاهدة المشاركة
    أما الذي أخالفكم فيه، وأخالف - بشدة - الأخ أبا سدين الذي أشرتم إلى كلامه ... فهو:
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة القارئ المليجي مشاهدة المشاركة
    ومن تأمَّل متن الشاطبية يعلم أنَّ الشاطبيَّ لم يَنسب لهشام سوى وجهٍ واحد وهو الإشباع، ويُؤخذ هذا من قوله: "وفي طه بوجْهَين بُجِّلا" استثناء موضع (طه) لهشام لأنَّه لم يذكره مع قالون في الخلف.
    وأنتم - بارك الله فيكم - لو تأملتم هذا مع ما سبق أن ذكرتموه عن الشراح لظهر أن البون شاسع.
    فالحقيقة:
    أن ظاهر كلام الشاطبي - رحمه الله - أنه ذكر لهشام وجهين، وإن كان بهذا مخالفًا للداني أو زائدا عليه، وكذلك وإن لم ينبه عليه ابن الجزري.
    والحقيقة أن مَن ذكرتم من الشراح [السخاوي والفاسي والجعبري وشعلة وغيرهم] كانوا مصيبين حين فهموا أن الشاطبي يعني الوجهين لهشام، وإن لم يبحثوا عن صحة وجه "القصر".
    والحقيقة أن أبا شامة لم يرد وجه القصر بسببٍ في النظم بل بسببٍ خارجٍ عنه، وهو:
    وليس لهشامٍ في حرف طه إلاَّ الصلة لا غير .. ... لكن لم يَذكُر أحدٌ له القصر فحمْل كلامِه على ما يوافق كلامَ النَّاس أوْلى فرد وجه القصر للنقل عن الناس، لكن ظاهر النظم عنده: الوجهان.
    أما أن تقول ويقول مَن أحلْتَ إلى كلامه - وهو عندي ليس بالقوي -:
    إنَّ الشاطبيَّ لم يَنسب لهشام سوى وجهٍ واحد وهو الإشباع .. فهذا فيه تخطئة للشراح، وليّ لفهْم النظم على غير ما ورد.
    ويراجع: غيث النفع، وهو قوله: ذِكرنا حذف الصلة لهشام إنما هو تبع له ولشراحه ....
    وأما قول الأخ أبي سدين:
    من حيث الرواية : فالثابت أنه لا توجد أصلاً عن هشام بقصر الهاء وجود هذه الرواية في بطون كتب القراءات المسندة في { يأته } لدى طه ، ولم يثبت بطريق من الطرق ، لا بطريق صحيح ولا سقيم .

    فهذا عندي خطأ محض، وتسوُّر على الغيب، ومجازفة في الحكم، ورد لما نقله الجعبري عن ابن شريح ومكي.
    وإذا نشطت إن شاء الله ... أنقل ما ذكره الديواني عن وجهي (يأته) عن هشام.
    مع أني لا أخالفكم في ضعف وجه القصر، لكن المبالغة في الرد مذمومة.
    والله أعلم.

    السلام عليكم
    شيخنا الكريم
    خلاصة تعقبكم في مسألتين :
    *ثبوت الوجهين عن هشام لما نقله الجعبري عن ابن شريح ومكي
    *عدم جواز تخطئة هذا الجمع من الشراح .

    بالنسبة لمكي ففي كتاب التبصرة ورد الآتي :
    الإسكان للسوسي ، والوجهان لقالون ، والباقون بالإشباع ومنهم هشام (التبصرة 272)
    والوارد عن ابن شريح الآتي :
    الإسكان للسوسي ، والوجهان لقالون ، والباقون بالإشباع ومنهم هشام (الكافي ص193) والكتابان طبعة دار الصحابة .
    ويتضح لكم عدم ورود وجه القصر عن هشام من الكتب المسندة وصدق الأخ أبو سدين حيث قال : فالثابت أنه لا توجد أصلاً عن هشام بقصر الهاء وجود هذه الرواية في بطون كتب القراءات المسندة في { يأته } لدى طه ، ولم يثبت بطريق من الطرق ، لا بطريق صحيح ولا سقيم .

    ****
    أما قضية تخطئة الشراح :
    شيخنا الكريم قد ثبت عندك بيقين أن الداني وابن الجزري ومعهما ما قاله أبو شامة : لكن لم يَذكُر أحدٌ له القصر فحمْل كلامِه على ما يوافق كلامَ النَّاس أوْلى.)
    وذكر أيضا بصيغة الجزم : (وأما حرف طه فوصله هشام كسائر القراء غير السوسي ، ولقالون وجهان القصر والصلة ولا يكون الإسكان لما ذكرنا )ا.هـ
    ووهم الجعبري في نسبة الوجه . فتخطئة الشراح أمر وارد خاصة أن أكثر الشراح ينقل بعضهم عن بعض أو يختصر بعضهم عن بعض .
    ومثال : كلمة ( يؤاخذ ) شرحه السخاوي علي الاستثناء وتبعه الفاسي علي ذلك وتبعهم ابن القاصح .
    وتفطن أبو شامة لهذه النقطة فقال : ....وقال أبو عمرو الداني في كتاب الإيجاز أجمع أهل الأداء على ترك زيادة تمكين في قوله (يواخذكم)-(ولا تواخذنا)-(ولا يواخذكم الله) ، حيث وقع وكأن ذلك عندهم من واخذت غير مهموز ، قلت فقد نص الداني على أن استثناء يواخذكم مجمع عليه فكان يلزمه ذكره في كتاب التيسير ..)ا.هـ
    فلا ضير أن يخطئ الشراح ويصيب أحدهم وبهذهتنجلي هذه الشبهة أيضا . والله أعلم .
    والسلام عليكم








  11. #11

    افتراضي رد: لمحات في متن الشاطبية


    ..........................**و عِنْدَ سُكُونِ الْوَقْفِ وَجْهَانِ أُصِّلا
    فيها مسألتان:
    المسألة الأولي : هل يصلح هذا الشطر أن يكون شاهدا علي جواز الثلاثة أوجه في الإدغام الكبير ؟
    المسألة الثانية : ما المقصود بقوله "وجهان أصلا " ؟

    أما المسألة الأولي :
    لو ألقينا نظرة في فعل الإمام ابن الجزري في الطيبة بخصوص جواز المراتب الثلاث في عارض الإدغام ، وعارض السكون ، نجده قد فصَل بين المدّين ، قال في باب الإدغام الكبير :
    " ومعتل سكن .. قبل امددن واقصره " وقوله " امددن" يقصد به التوسط والمد ، والقصر معلوم من قوله " واقصره "
    وعند حديثه عن العارض للسكون نحو : " العالمين " قال : " ونحو عين فالثلاثة لهم.. كساكن الوقف " أي ساكن الوقف فيه الثلاثة أوجه أيضا .
    أما الإمام الشاطبي اكتفي بذكر العارض للسكون سواء كان هذا العارض قبله مد فقال : (وعِنْدَ سُكُونِ الْوَقْفِ وَجْهَانِ أُصِّلا)) أو كان هذا العارض لينا (وَعِنْدَ سُكُونِ الْوَقْفِ لِلْكُلِّ أُعْمِلاَ.. وَعَنْهُمْ سُقُوطُ الْمَدِّ فِيهِ )) إلا أنه لم يتحدث عن عارض الإدغام في هذا الموضع ، قال أبو شامة : ... وإنما قال : " سكون الوقف ولم يقل وعند الوقف احترازا من الروم فلا مد مع الروم ويمد مع الإشمام لأنه ضم الشفتين بعد سكون الحرف .) ا.هـ
    إذن القاعدة عند الشاطبي : إذا كان السكون عارضا جاز لنا المد والتوسط ، ولم يعول علي القصر ـ كما سيأتي ـ وإن كان القصر جائزا عند جمهور القراء ـ فيمكننا أن نلحق المدغم العارض بعارض السكون لكونهما عارضين ، وهذا لا يؤخذ من قوله ((وعِنْدَ سُكُونِ الْوَقْفِ وَجْهَانِ أُصِّلا )) فقط فلا بد من بيان أن هذا السكون عارض ـ أي المدغم العارض ـ من " باب إدغام المتقاربين " أيضا من قوله ( ولا يمنع الإدغام إذ هو عارض ) جمعا بين الأدلة ، لأن المدغم العارض مختلف فيه من حيث مقادير المد ، قال ابن الجزري : ((وبعضهم فرق بين عروض سكون الوقف ، وبين عروض سكون الإدغام الكبير لأبي عمرو ، فأجرى الثلاثة له في الوقف وخص الإدغام بالمد وألحقه باللازم كما فعل أبو شامة في باب المد .
    والصواب أن سكون إدغام أبي عمرو عارض كالسكون في الوقف. والدليل على ذلك إجراء أحكام الوقف عليه من الإسكان والروم والإشمام كما تقدم.
    قال الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن عمر الجعبري ولأبي عمرو في الإدغام إذا كان قبله حرف مد ثلاثة أوجه القصر والتوسط والمد كالوقف ثم مثله وقال: نص عليها أبو العلاء. قال المفهوم من عبارة الناظم يعني الشاطبي في باب المد ، قلت : أما ما وقفت عليه من كلام أبي العلاء فتقدم آخر باب الإدغام الكبير وأما الشاطبي فنصه على كون الإدغام عارضاً.. )ا.هـ
    ونصه " وأما الشاطبي فنصه على كون الإدغام عارضاً " وهذا يؤخذ من باب المتقاربين كما سبق .
    وأما ما ذكره ابن القاصح في شرح (وعِنْدَ سُكُونِ الْوَقْفِ وَجْهَانِ أُصِّلا) .
    (فصل)
    : ويجوز المد الساكن المدغم الواقع بعد حرف المد نحو قراءة البزي (ولا تّمموا ـ ولا تّعاونوا ـ ) ونحو قراءة أبي عمرو بالإدغام نحو قوله تعالي ( ويستحيون نساءكم ـ فيه هدي ـ وقال لهم ...) وكذلك المد للساكن غير المدغم نحو : (الآن) موضعين بيونس ، وكذلك اللاي ومحياي في قراءة من سكن الياء .)ص59
    فكلامه في عموم ما يجوز فيه المد للساكن عموما وليس استدلالا بهذا البيت علي جواز الثلاثة في إدغام أبي عمرو ، لأن هناك من ألزم المد المشبع لمن أدغم لأبي عمرو ـ كما سيأتي فيما بعد ـ إن شاء الله ـ .
    ونعود لشراح هذا الشطر من البيت قال الإمام أبو شامة : قوله "وعند سكون الوقف " يعني إذا كان الساكن بعد حرف المد إنما سكّنه الوقف، وقد كان محركا فسكونه عارض فهل يمد لأجله لأنه "سكون" في الجملة أو لا يمد نظرا إلى عروض السكون ويكتفي بما في حرف المد من المد ؟
    فيه وجهان وذلك نحو (المصير)-(ويؤمنون)-(والألباب) ، وذلك أيضا عام لجميع القراء وإنما قال : " سكون الوقف ولم يقل وعند الوقف احترازا من الروم فلا مد مع الروم ويمد مع الإشمام لأنه ضم الشفتين بعد سكون الحرف ....))


    وقال في النشر : والساكن العارض المدغم نحو : (قال لهم، قال ربكم، يقول له، فيه هدى، ويريد ظلما، فلا أنساب بينهم، والصافات صفاً فالزاجرات زجراً) عند أبي عمرو ومن أدغم .
    والساكن اللازم غير المدغم نحو : (لام. ميم. صاد. نون) من فواتح السور نحو (ومحياي) في قراءة من سكن الياء. ونحو (اللاي) في قراءة من أبدل الهمزة ساكنة ونحو : (آنذرتهم، آشفقتم) عند من أبدل الهمزة الثانية ألفاً ونحو (هؤلاء إن كنتم ، وجا أمركم) عند من أبدل الهمزة الثانية المفتوحة ألفاً والمكسورة ياء.
    والساكن العارض غير المدغم نحو : (الرحمن، والمهاد، والعباد، والدين، ونستعين، ويوقنون، ولكفور) ونحو (بير. والذيب. والضان) عند من أبدل الهمزة وذلك حالة الوقف بالسكون أو بالإشمام فيما يصح فيه.
    ووجه المد الساكن المتمكن من الجمع بينهما فكأنه قام مقام حركة.......))ا.هـ

    وجمع العلامة ابن الجزري في هذا الموضع بين العارض المدغم وبين العارض الساكن من حيث الموافقة إلا أنه فرق بينهما في " متن الطيبة "

    والخلاصة : يجوز الأخذ بهذا الشطر دليلا علي ثلاثة الإدغام بعد تبيين أن هذا الإدغام عارض من المتقاربين . والله أعلم

    المسألة الثانية : ما المقصود بقوله "وجهان أصلا " ؟
    اختلف الشراح في تعيين مقدار المد في العارض للسكون ، هل يقتصر علي التوسط والإشباع ؟ أم تؤخذ الثلاثة أوجه ؟ .

    قال أبو شامة : ثم إذا قيل بالمد فهل هو مد متوسط أو مشبع فيه وجهان ، وذكر الشيخ وغيره أن الناظم أشار إلى هذين الوجهين بقوله "وجهان أصلا" أي جعلا أصلا يعتمد عليه وأشار بقوله " أصلا " إلى وجه ثالث وهو الاختصار على ما في حرف المد من المد ولا يظهر لي أنه أراد بالوجهين إلا "القصر والمد" لأنه ذكر المد لما قبل ساكن ولم يبين طوله ولا توسطه وقال بعد ذلك وعند سكون الوقف وجهان أصلا .

    فعلم أنه المد وضده وهو القصر ولو كان أشار إلى الطول والتوسط لكان ممدودا بلا خلاف وإنما الخلاف في المقدار والمد لا يفهم من عبارته في نظمه فالظاهر ما ذكرته لكن ما ذكره الشيخ يقويه ما يأتي في شرح البيت الآتي وقوله أصلا تنبيه على الوجوه الثلاثة كأنه قال اختلف في مده وقصره بالنظر إلى أصل الكلام في ذلك .
    ثم إذا قيل بالمد فهل هو مشبع أو متوسط فيه وجهان ولا يمتنع أن يكون أصلا رمزا لنافع فهو لفظ موهم كما ذكرناه في ووسطه قوم وقوله قبل ذلك وعن كلهم لا يدفع هذا الإبهام لاحتمال أن يقال الذي هو عن كلهم هو غير سكون الوقف ثم لا فرق في حرف المد بين أن يكون مرسوما نحو (قال) أو غير مرسوم نحو (الرحمن) ، أو كان بدلا من همزة نحو (الذئب)-(ويؤت) والرأس ، واختار أبو الحسن الحصري وجه القصر في سكون الوقف لأنه كسائر ما يوقف عليه مما قبله ساكن صحيح نحو (والعصر) و(خسر) و(الصبر) ، فما الظن بما قبله حرف مد فقال في قصيدته التي نظمها في قراءة نافع ، (وإن يتطرف عند وقفك ساكن فقف دون مد ذاك رأيي بلا فخر) ، (فجمعك بين الساكنين يجوز إن وقفت وهذا من كلامهم الحر))ا.هـ

    فأجابه العلامة ابن الجزري قائلا : (قلت): أما ما وقفت عليه من كلام أبي العلاء فتقدم آخر باب الإدغام الكبير وأما الشاطبي فنصه على كون الإدغام عارضاً وقد يفهم منه المد وغيره على أن الشاطبي لم يذكر في كل ساكن الوقف "قصراً" بل ذكر الوجهين وهما "الطول والتوسط" كما نص السخاوي في شرحه وهو أخبر بكلام شيخه ومراده وهو الصواب في شرح كلامه لقوله بعد ذلك وفي عين الوجهان فإنه يريد الوجهين المتقدمين من الطول والتوسط بدليل قوله والطول فضلاً..)ا.هـ
    ثم قال في موضع آخر: ((ولو أراد القصر لقال: والمد فضل. فمقتضى اختيار الشاطبي عدم القصر في سكون الوقف فكذلك سكون الإدغام الكبير عنده.)ا.هـ
    مما سبق دل علي أن الإمام الشاطبي لم يلتف إلي وجه القصر في العارض للسكون وكذا يكون الحال في الإدغام الكبير ـ كما صرح به ابن الجزري ـ .

    وزاد صاحب "الاتحاف" فائدة جليلة فقال : ..... وفرق شيخنا رحمه الله تعالى بين إدغام أبي عمرو وإدغام غيره ممن ذكر بأن أبا عمرو يجوز عنده كل من الإدغام والإظهار بخلاف نحو حمزة فإن الإدغام لازم عنده فكان المد معه واجبا لذلك ثم أورد عليه أن من روى الإدغام لأبي عمرو أوجبه له انتهى))ا.هـ
    والسلام عليكم


  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    2,225

    افتراضي رد: لمحات في متن الشاطبية

    جزاكم الله خير الجزاء.
    قلتم:
    بالنسبة لمكي ففي كتاب التبصرة ورد الآتي :

    الإسكان للسوسي ، والوجهان لقالون ، والباقون بالإشباع ومنهم هشام (التبصرة 272)
    = = =
    يُرجى ممن لديه كتاب "التبصرة" محققًا نقل كلام الإمام مكي - رحمه الله - بنصه؛ لأن العبارة التي في نسختي فيها اضطراب.
    صورة إجازتي في القراءات العشر من الشيخ مصباح الدسوقي

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •