تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 11 من 11

الموضوع: مسائل في الصيام.

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    551

    افتراضي مسائل في الصيام.

    مسائل في الصيام :
    المسألة الأولى :
    • الصيام فرض على ثلاث مراحل :
    • الأولى : فرض صيام عاشوراء ، فقد أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – بصيامه ؛ ففي سنن أبي داود – وصححه الألباني – عن أم المؤمنين عائشة مرفوعا : [ كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه في الجاهلية فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة صامه وأمر بصيامه فلما فرض رمضان كان هو الفريضة وترك عاشوراء فمن شاء صامه ومن شاء تركه].
    • الثانية : فرض صوم لرمضان على التخيير بين الصيام أو الفدية ، قال تعالى : { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ن فمن تطوع خيرا فهو خير له ، وأن تصوموا خير لكم }.
    • الثالثة : التأكيد على فرض صوم رمضان بدون تخيير ، قال تعالى { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والقرآن فمن شهد منكم الشهر فليصمه }.
    والحكمة بهذا التدرج بالتشريع ، أن الصوم فيه نوع مشقة على النفوس ، فأخذت به شيئا فشيئا.
    انظر " توضيح الأحكام " ج 3 ص 126 .، " زاد المعاد " ( 1/154) ، " بدائع الفوائد " ( 3/ 184).
    المسألة الثانية :
    • هذا الحديث أصل في التهنئة بشهر رمضان المبارك :
    • عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
    • [ قد جاءكم شهر رمضان ، شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه ، فيه تفتح فيه أبواب السماء ، وتغلق أبواب الجحيم ، وتغل فيه مردة الشياطين ، لله فيه ليلة خير من ألف شهر ، من حرم خيرها فقد حرم].
    قال العلامة الحافظ ابن رجب الحنبلي – رحمه الله تعالى – في " لطائف المعارف " ص 279 :
    [ قال بعض العلماء : هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضا بشهر رمضان ].
    المسألة الثالثة :
    الشهادة على رؤية هلال رمضان : هذه مسألة وقع فيها الخلاف :
    القول الأول :
    وجوب الصوم برؤية الواحد ، وهذا هو أظهر قولي الإمامين الشافعي وأحمد ، وأظهر الروايتين عنهما ، وبه يقول ابن المبارك ، واختاره ابن حزم كما في " المحلى " ، ونصره ابن القيم في " الطرق الحكمية " وغيره ، والشوكاني كما في " السيل الجرار " .
    واستدلوا بالحديث الذي رواه أبو داود والدارقطني وابن حبان والحاكم والبيهقي عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال : [ تراءى الناس الهلال ، فأخبرت النبي - صلى الله عليه وسلم - أني رأيته فصام ، وأمر الناس بصيامه ]. وصححه ابن حزم في " المحلى " ، والألباني في " الإرواء ".
    واستدلوا أيضا بحديث الأعرابي حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – أن أعرابيا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – فقال : إني رأيت الهلال ، فقال : "أتشهد أن لا إله إلا الله ؟ " قال : نعم ، قال : " أتشهد أن محمدا رسول الله ؟ " قال : نعم ؛ قال : " يا بلال أذن في الناس فليصوموا غدا " . رواه الخمسة .
    القول الثاني : لابد من شهادة رجلين في هلال رمضان .
    هو قول مالك والثوري والأوزاعي والليث وإسحاق وجماعة ، وهو أحد قولي الشافعي وأحمد .
    واستدلوا بحديث أخرجه النسائي وأحمد والدارقطني من حديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، أنه خطب الناس وقال : إنه جالس أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وساءلتهم وإنهم حدثوني : إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : [ صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته ، وانسكوا لها ، فإن غم عليكم ، فأكملوا ثلاثين ، فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا ]. ، وفي رواية للدارقطني : [ فإن شهد ذوا عدل فصوموا وأفطروا وانسكوا ]. ، وفي رواية لأحمد : [ وإن شهد شاهدان مسلمان فصوموا وأفطروا ].
    ووجه الدلالة هو مفهوم المخالفة : أن أقل من شاهدين لا تثبت به رؤية الهلال .
    فقال لهم الفريق الأول : هذا الحديث ليس فيه إلا قبول الاثنين ، وليس فيه أنه لا يقبل خبر الواحد إلا بالمفهوم ، وعندنا أحاديث تدل بمنطوقها على العمل بشهادة الواحد .
    فقال الفريق الثاني : أما حديث الأعرابي فضعيف ، ضعفه البيهقي ، وابن كثير ، والألباني .
    أما حديث ابن عمر : فهو واقعة عين ، ليس فيه النص على أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – أثبت دخول الهلال بشهادة ابن عمر بمفردها ، فالحديث يحتمل أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قد شهد عنده شاهد قبل شهادة ابن عمر ، فيكون قد كمل النصاب بشهادة ابن عمر – رضي الله عنهما - وحينئذ فلا يعارض حديث عبد الرحمن بن زيد ، ويؤكد هذا الفقه ما جاء في سنن أبي داود : " أن أمير مكة خطب ، ثم قال : عهد إلينا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن ننسك للرؤية ، فإن لم نره ، وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما ... ثم قال : إن فيكم من هو أعلم بالله ورسوله مني ، وشهد هذا من رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، وأومأ بيده إلى ابن عمر ".
    وهذا فيه أن ابن عمر لا يقبل إلا شهادة شاهدين.
    والله أعلم.
    يتبع.....

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    551

    افتراضي رد: مسائل في الصيام.

    المسألة الرابعة :
    • هل على المرأة المطاوعة كفارة إذا جامعها زوجها في نهار رمضان :
    • هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم على قولين:
    القول الأول:

    • ذهب جمهور أهل العلم أن المرأة إذا جامعها زوجها ، وكانت مطاوعة ،فإن عليها القضاء والكفارة ، قالوا : لأن الأحكام الشرعية تستوي فيها المرأة مع الرجل ، فما ثبت في حق الرجل فهو ثابتٌ في حق المرأة ، إلا إذا دل الدليل على تخصيص أحدهما ، وأيضا فلأن الكفارات لا يُتشارك فيها ، فهذه المرأة حصل منها ما ينافي الصيام في نهار رمضان وهو الجماع ، فكان عليها من الكفارة ما على الرجل.
    القول الثاني :
    • قول الشافعية ورواية عن أحمد : أن المرأة لا كفارة عليها ، فيجب على الرجل وزوجته كفارة واحدة ، واستدلوا بالحديث المشهور في هذا الباب الذي في الصحيحين من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قَالَ :
    [ بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ مَا لَكَ؟ قَالَ :وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ : لَا. قَالَ : فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ؟ قَالَ : لَا. فَقَالَ : فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا ؟ قَالَ : لَا .
    قَالَ : فَمَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ ، أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ - وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ – قَالَ : أَيْنَ السَّائِلُ ؟
    فَقَالَ : أَنَا. قَالَ : خُذْهَا فَتَصَدَّقْ بِهِ .فَقَالَ الرَّجُلُ : أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟!فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا - يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ - أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي!!.
    فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ، ثُمَّ قَالَ : أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ].
    قالوا : فإن النبي – صلى الله عليه وسلم - لم يذكر على المرأة كفارة، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
    فقال لهم الجمهور: إن الرجل إنما يسأل عن نفسه ، وقد أخبره النبي – صلى الله عليه وسلم – بما يجب عليه من الكفارة ، وفي ذلك تنبيه على وجوبها من باب القياس على المرأة ، ولأن المرأة لم تكن سائلة ، وقد تكون معذورة ، كأن تكون قد طهرت من حيضها في أثناء النهار فجامعها ، ونحو ذلك من الأعذار الممكنة ، وعلى ذلك فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – ذكر الحكم في الرجل ، وفي ذلك تنبيه على الحكم في حق المرأة من باب القياس الصحيح ، فالمرأة مقيسة على الرجل ، فالنساء شقائق الرجال ، كما في الحديث .
    قال الشيخ العلامة ابن عثيمين في شرح الصيام من " بلوغ المرام " :
    [ المرأة لم يأت لها ذكر ، والرجل استفتى عما حصل منه ، والمرأة قد تكون مكرهة فلا شيء عليها ، وقد تكون جاهلة ، وقد تكون مفطرة ، لأنه سبق لنا أن المرأة إذا طهرت من الحيض في أثناء النهار فلا يلزمها الإمساك على القول الراجح ، فالمهم أن يقال : الحديث ليس فيه ذكر للمرأة لا بوجوب الكفارة ، ولا بانتفائها ، ولا بوجوب القضاء ، ولا بانتفائه ، ولكن لدينا قاعدة شرعية وهي : " ما ثبت في حق الرجال ثبت في حق النساء إلا بدليل ، وما ثبت في حق النساء ثبت في حق الرجال إلا بدليل " . هذه القاعدة في جميع الأحكام الشرعية ، وإذا كان كذلك فنقول : الأصل أن المرأة إذا وافقت الزوج عالمة بالتحريم غير معذورة بنسيان ، ولا إكراه ، فحكمها كالزوج ، فإن قال قائل : أرأيتم لو أنها استجابت ظنا منها أنه يجب عليها طاعة زوجها في هذا ، فهل عليها القضاء والكفارة ؟ فالجواب : لا ، لأنها في هذه الحال جاهلة تظن أن تمكينها زوجها من طاعة الله عز وجل] . انتهى.
    قال الشيخ البسام في " توضيح الأحكام " ج3 ص 184 :
    [ أما المرأة ، فإن طاوعت على الوطء فعند الأئمة الثلاثة عليها الكفارة ، وعند الشافعي لا كفارة عليها ، وقول الجمهور هو الصحيح ، فقد جاء في بعض روايات الحديث : ( هلكت وأهلكت ) ، قال المجد في المنتقى : ظاهر هذا أنها كانت مكرهة ].
    قلت : قال الحافظ في " الفتح " ج4 ص 217 :
    [ " هلكت وأهلكت " وهي زيادة فيها مقال ........ فقال ابن الجوزي : في قوله: " وأهلكت " تنبيه على أنه أكرهها ، ولولا ذلك لم يكن مهلكا لها .... وهذا كله بعد ثبوت الزيادة المذكورة ، وقد ذكر البيهقي أن للحاكم في بطلانها ثلاثة أجزاء]. ثم ذكر الحافظ محصلها فليرجع إليه من شاء.
    والراجح - والله أعلم – قول الجمهور لما تقدم.
    والله الموفق.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    551

    افتراضي رد: مسائل في الصيام.

    المسألة الخامسة :
    هل يجب أن تتقدم نية الصوم الصيامَ قبل طلوع الفجر؟
    هذه مسألة وقع فيها الخلاف على أقوال :
    القول الأول :
    وهو مذهب الشافعي وأحمد وجماهير العلماء من السلف والخلف ، أنه لابد أن ينوي الصوم الواجب بنية من الليل قبل الفجر ، ولا يصح صومه بنية من النهار ، بينما لا يشترط ذلك في صوم النفل،وأنه يصح أن ينشئ النية من النهار ؛ واستدلوا بحديث عام ، وآخر خاص ، أما العام فهو حديث أم المؤمنين حفصة – رضي الله عنها الذي رواه الخمسة وغيرهم أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : [ من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له ]. ، وفي رواية للدارقطني : [ لا صيام لمن لم يفرضه من الليل ]. ، فهذا حديث عام يشمل الفرض والنفل ، وخرج النفل بالحديث الخاص الذي خص هذا العام ، وهو حديث أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – الذي رواه مسلم : [ قالت : دخل علي النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم ، فقال : " هل عندكم شيء ؟ " فقلنا : لا ؛ قال : " فإني إذاً صائم " .
    ثم أتانا يوما آخر ، فقلنا : يا رسول الله : أهدي لنا حيس ، فقال : " أرينيه ، فلقد أصبحت صائما " ، فأكل ] .
    ووجه الدلالة من حديث أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها - قوله – عليه الصلاة والسلام - : " فإني إذا صائم " ، قالوا : فإنه – عليه الصلاة والسلام – أنشأ نية صيام النفل من النهار.
    القول الثاني :
    ذهب مالك وداود والمزني وابن حزم وابن الشوكاني إلى أنه لابد للصيام من نية تكون من الليل تسبق الفجر ، سواء كان الصوم فرضا أو نفلا ، واستدلوا بحديث أم المؤمنين حفصة السابق ، وقالوا : إن حديث حفصة نص عام يشمل الفرض والنفل ، وأما حديث أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – الذي استدللتم به فإنه عليكم ، لا لكم ! فإنه من المتقرر أن أخذ الفقه من حديث ما لا يقتصر على رواية واحدة منه ، بل لابد من جمع روايات هذا الحديث ، فلا يقتصر الأمر بجمع الروايات المختلفة ، بل ولابد من جمع الروايات الصحيحة – إن وجدت – للحديث الواحد لكي يكون فقه المسألة دقيقا شاملا ، وفي مسألتنا هذه جاءت روايات لهذا الحديث – حديث أم المؤمنين عائشة – تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد بيت النية من الليل لصوم النفل ذاك ، وإليكم البيان :
    ففي بعض روايات مسلم :
    [قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ يَا عَائِشَةُ : " هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ ؟ " قَالَتْ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ ، قَالَ : " فَإِنِّي صَائِمٌ " ، قَالَتْ : فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ ، أَوْ جَاءَنَا زَوْرٌ ، قَالَتْ : فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ ، أَوْ جَاءَنَا زَوْرٌ ، وَقَدْ خَبَأْتُ لَكَ شَيْئًا ، قَالَ : " مَا هُوَ ؟" قُلْتُ : حَيْسٌ ، قَالَ : " هَاتِيهِ " ، فَجِئْتُ بِهِ ، فَأَكَلَ ، ثُمَّ قَالَ : " قَدْ كُنْتُ أَصْبَحْتُ صَائِمًا " ].
    وفي رواية للنسائي :
    [فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : دَخَلْتَ عَلَيَّ وَأَنْتَ صَائِمٌ ، ثُمَّ أَكَلْتَ حَيْسًا ! قَالَ : " نَعَمْ يَا عَائِشَةُ ، إِنَّمَا مَنْزِلَةُ مَنْ صَامَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ ، أَوْ غَيْرِ قَضَاءِ رَمَضَانَ ، أَوْ فِي التَّطَوُّعِ ، بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ أَخْرَجَ صَدَقَةَ مَالِهِ فَجَادَ مِنْهَا بِمَا شَاءَ فَأَمْضَاهُ ، وَبَخِلَ مِنْهَا بِمَا بَقِيَ فَأَمْسَكَهُ].
    فرواية : " كنت قد أصبحت صائما " ، و رواية " فلقد أصبحت صائما " تدل على أن معنى " فإني إذا صائم " أي مستمر على النية التي أنشأتها من الليل ، فيبقى حديث حفصة على عمومه.
    فقال لهم أهل القول الأول : ولكن " إذاً " من حروف الاستقبال ، فظاهره أنه صلى الله عليه وسلم أنشأ النية من حين سؤاله ، وكونه أصبح صائما في يوم ، لا يعني أنه يصبح صائما في كل يوم ، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم ويفطر ، وهذه منها ، ويشهد لكونه كان مفطرا أنه طلب الطعام ، فلو أصبح وقد نوى الصيام من الليل لما طلب الطعام حرصا على الطاعة ، وهو أخشانا وأتقانا لله عزوجل .
    القول الثالث :
    قال الأحناف : صوم رمضان يصح بنية مطلقة من بعد غروب الشمس إلى منتصف النهار ، وصوم النفل كأصحاب القول الأول ، وقول الأحناف هذا يرده حديث حفصة السابق ، فإنه يدل على تعيين النية .
    وانظر " البيان " للعمراني ج 3 ص 492.ط "المنهاج".
    القول الرابع :
    ذهب عطاء ومجاهد وزفر إلى أن صوم رمضان في حق المقيم جائز بدون نية .
    وهذا القول ضعيف يرده عموم النصوص الدالة على اشتراط النية في العبادات ، ويرده النص الخاص في اشتراط تبييت النية قبل الفجر كما في حديث حفصة – رضي الله عنها - .
    وأقوى الأقوال – كما هو ظاهر – القول الأول ، والقول الثاني .
    والراجح – والعلم عند الله تعالى – هو القول الأول.

  4. #4

    افتراضي رد: مسائل في الصيام.

    احسنت ياشيخ علي وبارك الله فيك

    واصل وصلك الله بطاعته

    طرح مميز

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    551

    افتراضي رد: مسائل في الصيام.

    وبكم بارك أخي الفاضل السبيعي.
    المسألة السادسة :
    *يوم الثلاثين من شعبان هو اليوم الذي يسميه الفقهاء يوم الشك ، وقد اختلفوا متى يكون يوم شك :

    فطائفة من العلماء قالوا : " هو يوم الثلاثين إذا لم ير الهلال في ليله بغيم ساتر ، ونحوه " قاله الصنعاني في " سبل السلام " كتاب الصيام.
    ، قال المباركفوري في " شرحه على سنن الترمذي " الموسوم ب" تحفة الأحوذي " ج 3 ص 415 ط.إحياء التراث : " اليوم الذي يشك فيه : يوم الثلاثين من شعبان ، إذا لم ير الهلال في ليلته بغيم ساتر أو نحوه ، فيجوز كونه من رمضان ، وكونه من شعبان". وعلى هذا أكثر أهل العلم.
    وذهب طائفة من أهل العلم إلى غير هذا المعنى في يوم الشك ، قال الحافظ في "الفتح" : [ ... وهذا هو المشهور عن أحمد ، أنه خص يوم الشك بما إذا تقاعد الناس عن رؤية الهلال ، أو شهد برؤيته من لا يقبل الحاكم شهادته ، فأما إذا حال دون منظره شيء فلا يسمى شكا ].
    وقال العظيم آبادي في " عون المعبود " : [ قال العلامة العيني : ويوم الشك هو اليوم الذي يتحدث الناس فيه برؤية الهلال ، ولم يثبت رؤيته ، أو شهد واحد فردت شهادته ، أو شاهدان فاسقان فرت شهادتهما ]. انتهى.
    وقال الشيخ ابن عثيمين في " مجالس رمضان " : [ ولا يصام يوم الثلاثين منه – أي شعبان - سواء كانت الليلة صحوا أم غيما ، لقول عمار بن ياسر ( من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم ). ].
    فتبين أن يوم الشك على قول الشيخ ابن عثيمين هو يوم الثلاثين ، سواء كانت ليلته صحوا أم غيما ؛ وهذا هو الذي يدل عليه عموم حديث عمار – رضي الله عنه – آنف الذكر : ( من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم ).
    والله الموفق.
    يتبع ....

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    الدولة
    ليبيا حرسها الله بالسنة
    المشاركات
    144

    افتراضي رد: مسائل في الصيام.

    بارك الله فيك أخي على الفضلي واصل حفظك الله .

  7. #7

    افتراضي رد: مسائل في الصيام.

    بارك الله فيك ياشيخنا علي الفضلي وحبذا لو تضع ملخصا للراجح في المسألة في بداية كل حلقة

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    551

    افتراضي رد: مسائل في الصيام.

    الأخوين الفاضلين : أبا محمد المقدسي ، وأبا عبيدة الأثري ، جزاكما الله خيرا .
    أخي أبا محمد : أهل العلم لهم طريقتان في عرض المسائل : إحداهما التي ذكرتَ أنت ، بذكر الراجح ، ثم مناقشة المخالف وعرض أقواله، والثانية : ذكر الأقوال وعرضها ومناقشتها ثم ذكر الراجح .
    والأمر إن شاء الله تعالى سهل ، فالمقصود هو عرض المسائل ومناقشتها لكي يتقوى طالب العلم ، وذكر الراجح تقدم أو تأخر فالخطب سهل.

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    551

    افتراضي رد: مسائل في الصيام.

    بسم الله الرحمن الرحيم
    المسألة السابعة:
    اختلفوا في صيام يوم الشك إلى أقوال بلغت سبعة أقوال:-
    "القول الأول":
    1- يحرم صومه.

    وهذا هو المحكي عن طائفة من الصحب الكرام : مثل علي وعمر وعمار وحذيفة وابن مسعود – رضي الله عنهم أجمعين - هو مذهب الحنفية ، ومالك ، والشافعية ، ورواية عن أحمد ، واختيار الصنعاني كما في " السبل " ، واختيار علماء الدعوة النجدية السلفية كالشيخ محمد بن عبد الوهاب ، وحفيده الشيخ عبد الرحمن بن حسن ، والشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن ، والشيخ محمد بن إبراهيم ، والشيخ عبد الرحمن بن سعدي ، والشيخ عبد الرحمن بن قاسم ، وهذا هو قول الشيخ المحدث الألباني ، والعلامة الشيخ ابن باز، والشيخ الفقيه العلامة ابن عثيمين .
    واستدلوا :
    في الصحيحين من حديث أبي هريرة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه ) ، فقوله : " لا تقدموا " هذا نهي ، والأصل في النهي التحريم ما لم ترد قرينة صارفة تصرفه عن الحرمة ، ولا قرينة ، وإن لم يكن يصوم صوما فصام هذا اليوم الذي فيه شك فقد تقدم رمضان بصوم يوم ووقع في النهي .
    2- واستدلوا أيضا بحديث أبي هريرة في الصحيحين ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ) ، وقوله : " فأكملوا عدة شعبان " أمرٌ ، والأمر الأصل فيه الوجوب إلا بقرينة صارفة عن الوجوب ، ولا قرينة ، بل إن النصوص متضافرة على ذلك.
    3- بحديث عمار بن ياسر رضي الله عنه قال (من صام اليوم الذي شك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ).
    ذكره البخاري تعليقا ووصله الخمسة ، وصححه ابن خزيمة وابن حبان .
    قال الحافظ ابن القيم في تهذيب سنن أبي داود :[ وذكر جماعة أنه موقوف ، ونظير هذا قول أبي هريرة : (من لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله ) ، و الحكم على الحديث بأنه مرفوع بمجرد اللفظ لا يصح وإنما هو لفظ الصحابي قطعا......].
    و الرد على هذا ما قاله الحافظ في الفتح : [ استدل على تحريم صوم يوم الشك ، لأن الصحابي لا يقول ذلك من قبل رأيه ، فيكون من قبيل المرفوع ؛ قال ابن عبد البر : وهو مسندٌ عندهم لا يختلفون في ذلك .
    وخالفهم الجوهري المالكي فقال : هو موقوف . والجواب : أنه موقوف لفظا مرفوع حكما].انتهى من الفتح.
    وقال الصنعاني في " السبل " ، كتاب الصوم : [ والحديث وما في معناه يدل على تحريم صومه , وإليه ذهب الشافعي ، و اختلف الصحابة في ذلك : منهم من قال بجواز صومه ، ومنهم من منع منه وعده عصيانا لأبي قاسم - صلى الله عليه وسلم - و الأدلة مع المحرمين ] .انتهى من " السبل ".
    وقال : ابن القيم رحمه الله تعالى في الزاد ج2/ 46 : [ قلت : المنقول عن علي وعمر وعمار وحذيفة وابن مسعود المنع من صيام آخر يوم من شعبان تطوعا ، وهو الذي قال فيه عمار : " من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم "].
    4- " أن في ذلك حماية لحدود الشريعة ، فإن النهي عن الصوم قبل رمضان بيوم أو بيومين لئلا يتجرأ أحد فيقول : سأصوم احتياطا ، فإن هذا من تعدي الحدود ، كيف تحتاط في أمر حدده الله عز وجل حيث قال : { فمن شهد منكم الشهر فليصمه }." قاله الشيخ ابن عثيمين في " شرح كتاب الصيام من بلوغ المرام".
    وفي "الفتح" قال الحافظ – بعد أن ضعّف أقوالا في حكمة النهي - : [....وَالْحِكْمَةُ فِيهِ التَّقَوِّي بِالْفِطْرِ لِرَمَضَان لِيَدْخُلَ فِيهِ بِقُوَّة وَنَشَاط ، وَهَذَا فِيهِ نَظَرَ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَهُ بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَرْبَعَة جَاز ، ...... ، وَقِيلَ الْحِكْمَة فِيهِ خَشْيَة اِخْتِلَاط النَّفْل بِالْفَرْضِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ لَهُ عَادَةٌ كَمَا فِي الْحَدِيثِ ، وَقِيلَ لِأَنَّ الْحُكْمَ عُلِّقَ بِالرُّؤْيَةِ فَمَنْ تَقَدَّمَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَقَدْ حَاوَلَ الطَّعْنَ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ].انتهى من " الفتح ".
    5- أن في تحريم صوم يوم الشك دفع مظنة الزيادة في الشريعة وتبديلها ، ثم تضاعف أيام الصيام ، وصيرورتها مع الليالي والإمام من الفروض الواجبة .
    وفي " تفسير القرطبي " :[ قال الشعبي: لو صمت السنة كلها لأفطرت يوم الشك، وذلك أن النصارى فرض عليهم صوم شهر رمضان كما فرض علينا، فحولوه إلى الفصل الشمسي، لأنه قد كان يوافق القيظ فعدوا ثلاثين يوما، ثم جاء بعدهم قرن فأخذوا بالوثيقة لأنفسهم ، فصاموا قبل الثلاثين يوما وبعدها يوما !، ثم لم يزل الآخر يستن بسنة من كان قبله حتى صاروا إلى خمسين يوما!، فذلك قوله تعالى: " كما كتب على الذين من قبلكم ".
    6- أن صومه من باب التنطع في الدين ، ومن باب التكلف ، وهذا منهي عنه في شريعة النبي – صلى الله عليه وسلم - قال - صلى الله عليه وسلم - : (( هلك المتنطعون)) و هذا من باب التنطع في العبادة والاحتياط بها في غير محله .، وفي الأثر المرفوع حكما : [ نُهينا عن التكلف].
    قال الشيخ البسام في " توضيح الأحكام " : [ ولعل من الحكمة كراهة التنطع في الدين ، وتجاوز الحدود التي فرضها الله تعالى ].
    القول الثاني :
    يجب صومه احتياطا .

    وهذا هو مذهب متأخري الحنابلة ، واختاره من الحنابلة القاضي والخرقي وغيرهما ، ونُسب هذا إلى الإمام أحمد , قال في الإنصاف : [ وهو المذهب عند الأصحاب ....."وقال أيضا" : ونصوص أحمد تدل عليه وهو من المفردات ].
    لكنه لم يثبت عن الإمام أحمد , قال صاحب الفروع (ابن مفلح ) : ( كذا قالوا , ولم أجد عن أحمد أنه صرح بالوجوب ، ولا أمر به ، فلا تتوجه إضافته إليه ) ، و قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( وأما إيجاب صومه فلا أصل في كلام أحمد ، ولا كلام أحد من أصحابه )." مجموع الفتاوى ".
    واستدلوا بما يلي :-
    1- حديث ابن عمر الذي في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( إذا رأيتموه فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا,فإذا غم عليكم فاقدروا له ) ،
    وفسروا "اقدروا له" بالتضييق على شعبان , أي : فاجعلوه تسعا وعشرين ، و هذا مردود , فإن هذه العبارة مجملة ، وقد جاء ما يفسرها في حديث أبي هريرة و ابن عباس في الصحيحين , قال عليه الصلاة والسلام : [ فإذا غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين] ؛ فهذا تفسير لتلك الرواية.
    2- و استدلوا أيضا بما أخرجه أحمد من فعل ابن عمر - رضي الله عنهما - من أنه كان إذا كان الثلاثين من شعبان و حال دونه غيم أو قتر أصبح صائما ) ، وقال الشيخ الألباني في الإرواء : ( وإسناده صحيح ) . ، وجاء فعل ابن عمر هذا في روايته لحديث أبي داود مرفوعا : [الشهر تسع وعشرون ، فلا تصوموا حتى تروه ، ولا تفطروا حتى تروه ، فإن غم عليكم فاقدروا له ثلاثين . قال فكان ابن عمر إذا كان شعبان تسعا وعشرين نظر له ، فإن رؤى فذاك وإن لم ير ولم يحل دون منظره سحاب ولا قترة أصبح مفطرا، فإن حال دون منظره سحاب أو قترة أصبح صائما ] ، قالوا : فابن عمر – رضي الله عنه – هو أحد رواة الحديث ، وهو أدرى بمرويه.
    والجواب على دليلهم هذا : هو ما قاله ابن القيم - رحمه الله تعالى - في الزاد (2/47) :
    [ فدل على ابن عمر لم يفهم من الحديث وجوب إكمال الثلاثين بل جوازه ... ويدل على ذلك – أي عدم الوجوب – لكان يأمر بذلك أهله وغيرهم ، ولم يكن يقتصر على صومه في خاصة نفسه , وبين أن ذلك هو الواجب على الناس ، وعبد الله بن عمر – رضي الله عنها - كان يأخذ من التشديدات بأشياء لا يوافقه عليها الصحابة ، فكان يغسل داخل عينيه في الوضوء حتى عمى , وكان إذا مسح رأسه أفرد أذنيه بماء جديد , وكان يمنع من دخول الحمام , وكان يتيمم بضربتين]. انتهى كلامه .
    وأما قولهم : بأن ابن عمر هو راوي الحديث ، وهو أدرى بمرويه ،
    قال أهل القول الأول : هذا صحيح ، ولكن بشرطين اثنين : الأول : أن يصرح بأن هذا تفسير ما روى ؛ والثاني : ألا يخالف تفسيره مرويَّه ، ألا يخالف ظاهر الرواية التي يرويها ، وهو هنا لم يصرح بأنه تفسير مرويه ، وفعله هنا قد خالف مرويه ، فالشرطان مفقودان ، ففعله من باب الرأي والاجتهاد في الرواية التي خالف فيها النص ، وتكون روايته مقدمة على رأيه لمخالفته ظاهر النص ، فكيف إذا جاءت روايات أخرى تخطّئ فعله ، فالعبرة هنا بما روى لا بما رأى ، فإن الأحاديث صريحة بأنه لا يصام ، ويُحتمل بأنه – رضي الله عنه – قد صامه هنا من باب الاحتياط ، لكن الأحاديث صريحة في النهي عن صومه.
    قال الشيخ العلامة ابن باز : [وأما ما يروى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يصوم يوم الثلاثين إذا كان غيماً، فهذا اجتهاد منه رضي الله عنه، والصواب خلافه وأن الواجب الإفطار، وابن عمر اجتهد في هذا المقام ولكن اجتهاده مخالف للسنة عفا الله عنه، والصواب أن المسلمين عليهم أن يفطروا يوم الثلاثين إذا لم ير الهلال ولو كان غيماً فإنه يجب الإفطار، ولا يجوز الصوم حتى يثبت الهلال أو يكمل الناس العدة، عدة شعبان ثلاثين يوماً، هذا هو الواجب على المسلمين. ولا يجوز أن يخالف النص لقول أحد من الناس لا قول ابن عمر ولا غيره؛ لأن النص مقدم على الجميع؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}، ولقوله جل وعلا: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.]. انتهى من " نور على الدرب " وضمن مجموعة فتاويه ومقالاته – رحمه الله تعالى - .
    3- واستدلوا أيضا إنه يحتمل أن يكون الهلال قد ظهر حقيقة , ولكن منعه هذا الشيء الحاجب , فيُصام احتياطا.
    و يجاب عنه بأن يقال :
    أولا : إنما يكون الاحتياط فيما كان الأصل فيه الوجوب , وأما إن كان الأصل عدمه , فلا احتياط في إيجابه ، وأنت حينئذٍ تؤثم الناس دون دليل بين ولا برهان واضح.
    ثانيا : ما كان سبيله الاحتياط , فقد ذكر الإمام أحمد ، وغيره أنه ليس بلازم , وإنما هو على سبيل الورع و الاستحباب ، وذلك لأننا إذا احتطنا وأوجبنا ، فإننا وقعنا في غير الاحتياط من حيث تأثيم الناس بالترك , والاحتياط هو ألا تأثم الناس.
    القول الثالث :
    أن صومه مستحب , وليس بواجب.

    وهو رواية عن أحمد – رحمه الله تعالى - .
    واستدلوا بفعل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما .
    ويَرِدُ عليهم النصوص التي استدل بها أصحاب القول الأول ، وسبق الرد على من احتج بفعل ابن عمر – رضي الله عنهما - .
    "القول الرابع" :
    أن صومه مكروه وليس بحرام .

    وهو قول لبعض المالكية .
    ويرد عليهم النصوص السابقة ، فإن ظواهرها التحريم ، فهي أقوى من القول بالكراهة فقط.
    "القول الخامس" :
    أن صومه مباح وليس بواجب , ولا مكروه ولا مستحب .

    وهو مذهب ابن سريج والقفال وأبي الطيب ، وقال شيخ الإسلام : " وهذا مذهب أبي حنيفة وغيره ، وهو مذهب أحمد المنصوص الصريح عنه ". (المجموع). ، وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن القيم ولعل شيخه كذلك.
    ولا شك أن ما استدل به الفريق الأول من النصوص قوية الدلالة في التحريم.
    "القول السادس":
    العمل بعادة غالبه
    ، فإذا مضى شهران كاملان فالثالث ناقص ، وإذا مضى شهران ناقصان فالثالث كامل , فإذا كان شهرا رجب وشعبان ناقصين فرمضان كامل , وإذا كان رجب وجمادى الثاني ناقصين فشعبان كامل .
    وسبق أن النصوص ظاهرة في المنع من صيامه ، وهي عامة ليس فيها مثل هذا التفصيل.
    "القول السابع":
    أن الناس تبع للإمام
    , فإن صام الإمام صاموا , وإن أفطر أفطروا.
    وهذا هو مذهب الحسن البصري ، وابن سيرين ، ورواية عن أحمد .
    لقول النبي صلى الله عليه وسلم :[ الفطر يوم يفطر الناس ، والأضحى يوم يضحي الناس ].
    أخرجه الترمذي عن عائشة المؤمنين.
    وأخرج ابن ماجة عن أبي هريرة مرفوعا : [ الفطر يوم تفطرون ، والأضحى يوم تضحون ].
    وكلاهما صحيح ، انظر "صحيح الجامع" و "الإرواء"للمحد ث الألباني.
    قال الشيخ العلامة ابن عثيمين في الشرح الممتع - ج6/ 218 :
    [ وأصح هذه الأقوال هو التحريم , ولكن إذا ثبت عند الإمام وجوب صوم هذا اليوم ، وأمر الناس بصومه فأنه لا يُنابذ , ويحصل عدم المنابذة بألا يظهر بالإنسان فطره و إنما يفطره سرا].
    والراجح – والله أعلم – هو مذهب أصحاب القول الأول – وهو القول بتحريم صوم يوم الشك – وذلك لقوة الأدلة التي احتجوا بها ، مع الأخذ بعين الاعتبار المذهب السابع درءً للمفاسد ، كما أشار الشيخ العلامة ابن عثيمين.
    والله الموفق.
    يتبع .....

  10. #10

    افتراضي رد: مسائل في الصيام.

    غفر الله لك على هذه المسائل وزادك علماً وتمسكاً بالحق.

  11. #11

    افتراضي رد: مسائل في الصيام.

    جزاك الله خيرا.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •