وفي
مسألةِ بخَّـاخ الرَّبو الذي يستخدُمُـهُ المَرضى – عافاهم الله وأثابهم – هل هو مفطرٌ أم لا.؟ يرى الشيخُ حفظه الله أنَّـهُ مفطرٌ , ويعلِّلُ ذلك بأنَّ هذا البخَّـاخَ فيه رطوبةٌ منديةٌ للحلقِ وواصلةٌ إليهِ , ولذلك تُعتَبرُ في حكم الماءِ , خصوصاً ومادتهُ لها جرمٌ كالدُّخـانِ , والخُبراءُ المختصُّـون يقولونَ إنَّـها موادٌّ مركبةٌ تتحلَّلُ ويمتصُّـها جوفُ المريضِ فيحصلُ بعد ذلك تداويهِ وارتفاقُ بدنه بها.
ويقول الشيخُ: إنَّ من يعلِّلُ قولَ عدم فطرِ من يستخدمُـها بأنَّـها دواءٌ ولا غذاء فيها , محجوجٌ بالإجمـاعِ المُنعقِـدِ على أنَّ من أخذ قطرةً من دواءٍ في حلقهِ فهو مفطرٌ , ولا معنى لكونِ ما دخلَ جوفهُ يغذيهِ أو لا يُغذيهِ , قال حفظه الله
دليلنا على ذلك: السُّنة الصحيحة في قوله
في حديث لقيط بن صبرة
وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً
فأنت إذا لاحظت هذا الحديث وتأملته فإن الذي يبالغ في الاستنشاق يحصل منه الغلط اليسير ببلوغ الذرة اليسيرة لحلقه، ومع ذلك قال له: (إلا أن تكون صائماً) ومن هنا أخذ جماهير العلماء على أن قليل المفطر وكثيره على حد سواء؛ وكأن الشرع قصد أن هذا حد لحرمته، لا يجاوزها مطعوم ولا مشروب، بل ولا دخان له جرم، فإذا جاوزها فقد خرج عن كونه ممسكاً صائماً على الوجه المعتبر شرعاً، وعلى هذا حكم جماهير العلماء بفطره.
.
وكذلك الإبرُ المغذية وغيرُ المغذيةِ وتأثيرها على الصومِ وخلاف العلماء في ذلك يرى الشيخُ حفظه الله: أنَّ كُـلِّ الإبَر مُفسدةٌ للصومِ ومفطـرةٌ لمستخدِمها , وعلَّل ذلك بحديث لقيط بن صبرة
السابقِ , إذ لا فرقَ في مفهومهِ بين كونِ الدَّاخل إلى البدنِ من مدخلٍ معتادٍ أو غير مُعتادٍ , وذلك لأنَّ الشَّـرعَ حينَ أمرَ بتركِ المبالغةِ في الاستنشاقِ للصائمِ ألغى اعتبارَ المدخل المعتادِ وجعل العبرةَ بوصولِ شيءٍ إلى الجوفِ , فالأنفُ ليس مدخلاً معتاداً فيقاسُ عليهِ , ومن يُفرقُ من العُلماءِ بين المغذي وغيرهِ لا دليلَ عندهُ على التفريقِ , وذلك لأنَّ هذا الفرقَ لا عبرةَ بهِ شرعاً فالقطراتُ التي تنتجُ عن المبالغة في الاستنشاقِ لا تُغذي ولا يرتفقُ بها البدنُ , ويرى حفظه الله أنَّ الدخانَ سواءً الخبيثُ منهُ أو الطيبُ (البخور) مفطرٌ إذا دخل الجوفَ.
وفي
مسألةِ الكُحل يجدُ الصَّـائمُ طعمَهُ في حلقهِ يرى الشيخُ أنَّ الاكتحالَ أثناء النَّهار وحدهُ غيرُ مفطِّـرٍ , لكنَّـهُ يفطرُ إذا وضعهُ الصائمُ ووجدَ طعمهُ أثناء النَّـهار , بخلاف ما لو وضعهُ ليلاً ووجد طعمهُ في النَّـهار لم يفطر.
وفي مسألة
فرجِ المرأةِ فهو كالدُّبرِ من حيثُ أنَّهُ إذا أولجَ فيه شيءٌ حصلَ الفطرُ كما لو كانت حقنةً في الدبر , ولكنَّ إحليل الرجُـل إذا أدخل فيه شيءٌ كعملياتِ توسيع مجرى البول فهذا محلُّ خلافٍ لأنَّ من العُلماءِ من قال بأنَّـهُ نافذٌ إلى الجوفِ , ومنهم من قال بأنَّـهُ لا ينفذ للجوفِ لمكانِ الرَّشحِ الذي يكونُ عن طريق الكليةِ , ولم يذكر الشيخُ أنَّ من أدخل في إحليله شيئاً يُفطرُ , والشيخُ في شرحه عمدةَ الفقهِ نصَّ على أنَّ القول بأنهُ ينفذ للجوفِ أقوى من جهةِ النَّـظر.
وفي
مسألةِ استعمالِ النِّـساء حُبوبَ منع الدَّورة الشهريَّـةِِ في شهر رمضَـانَ يرى الشيخُ حفظه اللهُ أنَّ الصحيحَ من أقوال العُلماءِ منعُ جواز ذلك للنساءِ وعلَّل ذلك بأسباب منها:
1-إدخال الضرر على النَّـفسِ حيثُ ثبتَ لدى ثقاتِ الأطبَّـاء إضرار هذه الحبوب بمُستعمِلاتِـها .
2-إرباك هذه الحبوب لعادة المرأةِ حتى تُصبحَ في مستقبلها مضطربةً لا تميز بين حيضتها واستحاضتها ,وتعاطي أسباب هذا الإرباكِ محرَّمٌ لما ينتجُ عنهُ من إخلالٍ بالعبادة.
وفي حالِ أنَّ المرأةَ تعاطت هذه الحبوب وتوقفت دورتها طيلةَ رمضانَ فيرى الشيخُ صحَّـةَ صومها , لأنَّ الشرعَ جعل علَّـةَ بُطلانِ الصومِ وجودَ الدَّمِ.
وفي
مسألةِ المَـذيِّ وتأثيرها على الصائمِ , يرى الشيخُ أنَّـهُ ينقصُ أجرَ الصائمِ ولا يُفسدهُ , لأنَّ المذي ليس كمالَ الشهوة وبالتالي لا ينتقضُ به الصومُ.
وفي
مسألةِ مباشرةِ الرجل لزوجتهِ وهو صائمٌ فالشيخُ يراهُ محرماً لما فيه من تعدي حدود الله وإفضائه للجماعِ المُحرَّمِ كالحامي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه , أمَّا لو حصلَ وباشر الرجلُ زوجتهُ فيما دونَ فرجِـها وأنزلَ فيرى الشيخُ أنَّ الصحيحَ من أقوال العلماءِ وجوبَ القضاءِ عليه دونَ الكفَّـارةِ , وفسادُ صيامه مأخوذٌ من قوله تعالى في الحديث القدسي (وشَهوَتَـهُ) ومن أنزلَ منيَّـهُ لم يدع شهوتَـهُ للهِ.