الحمد لله القائل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين َ) ، ثم الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين القائل بأبي هو وأمي : (( كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع )) لقد شاهدت بالأمس برنامجا في قناة المجد الفضائية لشيخ جليل ينتقد فيه بالأخذ بالأقوال الشاذة من بعض الأئمة الأعلام ، وقد لفت انتباهي ودهشتي واستغرابي لهذا الشيخ الجليل عند سماعي له ولإشاعته لقول مزيف ومكذوب على الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى ، وهو التقول عليه بأن الطواف بين الصفا والمروة أربعة عشر شوطا ! هكذا وبدون إثبات لصحة ما قال ! .بسم الله الرحمن الرحيم
وهذا إن دل فإنما يدل على أثر التقليد الأعمى على أخذ الأقوال أو المسائل دون التأكد من صحت قائلها ، والله المستعان .
وكان الأولى لهذا الشيخ الفاضل وفقه الله أن يرجع إلى كتبه ، ومن ثمى التأكد من صحة من نُسب إليه ، وألا يعتمد على غيره في نقل ما كُتب عنه أو يُقال عليه من الإفتراء والكذب .
والمصيبة تعظم وتزداد عندما يقول أحدهم : أن الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى ذكر في كتابه ( زاد المعاد ) أن ابن حزم يقول بذلك ، وفي هذا من التجني والزور ما فيه .
فلم يقل ابن القيم هذا الإفتراء في زاد المعاد وإنما قال رحمه الله : (( فصل
ومنها : وهم من زعم أنه طاف بين الصفا والمروة أربعة عشر شوطا ، وكانذهابه وإيابه مرة واحدة وقد تقدم بيان بطلانه ((فانظر حفظك الله إلى هذا الإفتراء والكذب على الإمامين رحمهما الله تعالى ! .
وأنت أيها القاري وفقك الله إذا رجعت إلى كتب ابن حزم لم ترى هذا القول المكذوب والملفق عليه بهتانا وزورا ، فأقرا ما ذكر ذلك رحمه الله تعالى في كتابه المحلى : ((830 مسألة - فإذا قدم المعتمر أو المعتمرة مكة فليدخلا المسجد ولا يبدءا بشئ لاركعتين ولا غير ذلك قبل القصد إلى الحجر الاسود فيقبلانه ، ثم يلقيان البيت علىاليسار ولا بد ، ثم يطوفان بالبيت من الحجر الاسود إلى أن يرجعا إليه سبع مرات منهاثلاث مرات خببا وهو مشى فيه سرعة ، والاربع طوافات البواقى مشيا ، ومن شاء أن يخب فيالثلاث الطوافات وهى الاشواط من الركن الاسود مارا على الحجر إلى الركن اليماني ، ثميمشى رفقا من اليماني إلى الاسود في كل شوط من الثلاثة فذلك له ، وكلما مرا علىالحجر الاسود قبلاه وكذلك الركن اليماني أيضا فقط ، فإذا تم الطواف المذكور أتيا إلىمقام ابراهيم عليه السلام فصليا هنالك ركعتين وليستا فرضا ، ثم خرجا ولا بد إلىالصفا فصعدا عليه .
ثم هبطا فإذا صارا في بطن الوادي أسرع الرجل المشى حتى يخرجعنه ثم يمشى حتى يأتي المروة فيصعد عليها ثم ينحدر كذلك حتى يرجع إلى الصفا ثم يرجعكذلك إلى المروة هكذا حتى يتم سبع مرات )) وقال أيضا رحمه الله تعالى في كتابه الآخر حجة الوداع :
(( ثم خرج إلى الصفا والمروة ، فقرأ ( إن الصفا والمروة منشعائر الله ) (( أبدأ بما بدأ الله به )) ، فطاف بين الصفا والمروة أيضا سبعاراكبا على بعيره ، يخب ثلاثا ويمشي أربعا ، إذا رقي على الصفا استقبل الكعبة ونظرإلى البيت ووحد الله وكبره ، وقال : (( لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبدهوهزم الأحزاب وحده )) ، ثم يدعو ، ثم يفعل على المروة مثل ذلك (( ، فأين قصة الأربع عشرة شوطا ؟ ! ، ومن العجيب والغريب في نفس الوقت أن هذا القول لم يُنسب إلى ابن حزم من قبل القرون السابقة من العلماء الكبار رحمهم الله تعالى بل نجد هذا القول ظهر في هذه العصور المتأخرة أي في زمن التقليد الأعمى ! .
هذا ما أحببت أن أنوه وأوصي به إخواني من طلبة العلم بالتثبت وعدم التسرع في نقل الأقوال حتى يتأكدوا من صحتها ، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ، والله أعلم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .