مقدمة
فى بيان فضل التوحيد
وتحقيق وسائل الهداية


بسم الله الرحن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين ، وخاتم النبيين ، وإمام المتقين ، قائد الغر المحجلين ، محمد وآله وصحبه الغر الميامين ، ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين من الأئمة المهديين ، والدعاة المصلحين المجددين لهذا الدين ، الذين لم يزالوا ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، جزاهم الله عن الإسلام والمسلمين أفضل ما جزى العلماء الراسخين ، النائبين عن الأنبياء والمرسلين .

أما بعد
فإن التوحيد أول دعوة الرسل ، وأول منازل الطريق ، وأول مقام يقوم فيه السالك الى ربه ، وهو العله الغائية التى لأجلها خلق الله السموات والأرض فقال تعالى " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " الذاريات56 وتتابعت الرسالات للتبشير والنذارة ، لتقديم هذه الحقيقة الواحدة للمخلوقين ، وجذب أنظارهم ونفوسهم للعمل المرضى المقبول من الله قال تعالى " ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين " النحل36 لذلك فإنه أول المطالب العالية ، التى يميل الى تحصيلها علما وعملا أهل الايمان ، وهو علم أصول الدين ، وهو الفقه الأكبر ، لهذا سمى الإمام ابو حنيفة رحمه الله ما جمعه من أوراق فى أصول الدين " الفقه الأكبر " ، والتوحيد فرض عين على كل مكلف ، وعلى العبد أن يعتقده ويعمل به قبل الصلاة والزكاة ، والصوم والحج .
لأن هذه الشرائع لا تصح ولا تقبل إلا به ، لهذا لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا الى اليمن قال له " إنك تاتى قوما من أهل الكتاب ، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله " وفى رواية " أن يوحدوا الله " وفى رواية " أن يعبدو الله " فإذا هم عرفوا الله فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات ............" رواه البخارى ومسلم من حديث ابن عباس فأهل الكتاب كانوا يزعمون أنهم يعرفون الله ، لكن لما كانت هذه المعرفة فاسدةبما دخل عليها من الشرك من تأليههم عيسى بن مريم عليه السلام ، وإتخاذ الأحبار والرهبان أربابا " يشرعون لهم من دون الله ، فيتبعون قولهم " فقد وصفهم صلى الله عليه وسلم بالجهل فى حقيقة العبودية والتوحيد ، فيستلزم الأمر دعوتهم الى التوحيد ، ومن لم يوحد الله توحيدا كاملا فى الربوبية وفى اسمائه وصفاته وفى ألوهيته كان كمن لا يعرفه .
وقد دل حديث النبى صلى الله عليه وسلم أن التوحيد هو أول واجب على المكلف ، وأول ما يبدأ به من المقاصد الدينية فى جانب الاعتقاد والعمل والدعوة .
والتوحيد الذى دعت الية الرسل صلوات الله عليهم نوعان ،توحيد فى المعرفة والاعتقاد وهو توحيد الربوبية والاسماء والصفات وتوحيد فى القصد والطب :وهو توحيد الالوهية او العبودية وكما ن الاول هو التوحيد الاعتقدى، فان الثانى هو التوحيد العلمى
وغالبية الامم الجاهلية ، كانت مقرة بتوحيد الربوبية ، وهو اعترفهم بأن الله هوالخالق والمالك المدبر لامر الكون
كما قال الله تعالى
"قل من يرزقكم من السماء والارض أمن يملك السمع والابصار ومن يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى ومن يدبر الامر فسيقولون الله ، فقل افلا تتقون " يونس 31
ومع هذا لم ينفعهم هذا العلم ولم يدخلو فى زمرة الموحدين ،حتى يستوفوا حد التوحيد كاملا ،فيضيفون الى توحي الربوبية ، توحيد الالـوهية وكما لاينفع الاقـرار فى توحي الربوبية بجزء
دون جزء كذلك لا ينفع فى توحيد الالوهية العمل بجزء دون جزء
واعلم رحمك الله رحمة واسعة ، وشملنا واياك بالعفو والمغفرة ان اول ما يؤمن به العبد الشهادتين ، ومن فعل ذلك قبل البلوغ لم يؤمر بتجديد ذلك عقيب بلوغة ، بل يؤمر بالطهارة والصلاة اذا بلغ او ميز، والاقرار بالشهادتين واجب باتفاق المسلمين مع العلم بمعناها نفيا واثباتا .
والعلم بالله وصفاتة وما يجب له من العبودية والطاعة ،والحب والنضرة فطرى ضرورى ،مركوز فى نفس البشرية .
قال تعالى
" واذ أخذ ربك من بنى أدم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على
انفسهم ألست بربكم قالو بلى شهدنا أن تقولو يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين أو تقولو انما اشرك أباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون وكذلك تفصل الايات ولعلهم يرجعون " الاعراف173-174
روى احمد فى مسندة عن انس بن مالك عن النبى صلى الله علية وسلم " يقال لرجل من اهل النار يوم لقيامة : أرايت لو كان لك ما على الارض من شىء أكنت مفتديا به ؟ قال : فيقول: نعم قال : فيقول: قد اردت منك أهون من ذلك ،أخذت عليك فى ظهر ادم ان لا تشرك بى شيئا فابيت إلا أن تشرك بى " اخرجه احمد والبخارى ومسلم .
قال الحافظ بن كثير : " قد فطر الله جل ثناؤه " الخلق كلهم على معرفته وتوحيده ، والعلم بانه لا إله غيره ، كما أخذ عليهم بذلك الميثاق وجعله فى غرائزهم وفطرهم " تفسير القرآن العظيم 3/41

قال شيخ الإسلام بن تيمية : " فالعلم الإلهى فطرى ضرورى وهو أشد رسوخاً فى النفس من مبدأ العلم الرياضى _ كقولنا الواحد نصف الإثنين _ ومبدأ العلم الطبيعى _ كقولنا أن الجسم لا يكون فى مكانين " الفتاوى 2/15 بتصرف

وقد يقول قائل ولكن الناس لا تذكر هذا الميثاق ، نقول نعم لكن دلالته فى فطرة البشر ، وفى عقولهم كما أشار بن تيمية .
وفى عقل كل حى لم تتلوث فطرته ، أن العالم مخلوق مصنوع ، ولابد أن يكون له خالق ، والتدبير والتنظيم فى هذا العالم يدل على عظمته وحكمته ، وصفاته العليا .
فهو مستحق للتعظيم ، ومستحق للطاعة ، وهو المرجو لتفريج الكربات ، ومغفرة السيئات ، وقضاء الحاجات .

تأمل فى سـطور الكائنات فإنها
من الملأ الأعـلى اليك رسـائل

فهذا الكتاب الكونى العظيم يتجلى فيه النظام بوضوح ، فتظهر القدرة الألهية لعين الباحث عن الحقيقة ، كأنها شمس فى رابعة النهار وانظر فى حيوان مجهرى لا يرى بالعين المجردة ، فلو امعنت النظر فيه لرأيته يضم من التفاصيل الدقيقة والأجهزة البديعة ما يثبت يقيناً أنه لا يمكن أن يفوض أمره الى الأسباب الجامدة البسيطة الطبيعية ، إلا إذا توهمت أن فى كل ذرة شعور الحكماء وحكمة الأطباء ، ودهاء الساسة والحكام ، وأنها تتحاور فيما بينها دون وساطة ! وما هذه إلا خرافة يخجل منها الخرافيون فلا يمكن أن تكون تللك الماكينة الحية الصغيرة اذاً إلا معجزة قدرة إلهية .
قال صلى الله عليه وسلم : " كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه " يقول بن تيمية " فكانت الفطرة الموجبة للإسلام سابقة للتربية التى يحتجون بها _ وهذا يقتضى أن نفس العقل الذى به يعرفون التوحيد حجة فى بطلان الشرك " لا يحتاج إلى رسول .
ثم يقول " ثم إن الله بكمال رحمته وإحسانه _ لا يعذب احداً إلا بعد إرسال رسول إليهم ، وإن كانوا فاعلين لما يستحقون به الذم والعقاب . درء تعارض العقل والنقل 8/490
فالحديث عن التوحيد ، هو حديث الفطرة والنفس ، الذى تشتاق اليه القلوب وتطمئن بذكره ، وبرؤيته عز وجل فى الأخرة تقر العيون ، وأعظم جنة يدخلها الإنسان فى دنياه هى جنة التوحيد والعبودية لرب وإله واحد ، لا تتوزع النفس معه يمنة ويسرى .
لهذا فإن لا إله إلا الله أحسن الحسنات ، والقلب إذ كان فيه غير الله فسد ، فساداً لا يرجى صلاحه ، ولا عجب فإن السماوات والأرض تفسد ، إذا كان فيها معبوداً سواه _تقدس _ وتنزه _
" لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " الأنبياء 22
واعظم نعيم الأخرة ، وأجله ، وأعلاه ، على الإطلاق ، هو النظر الى وجه الرب عز وجل ، وسماع خطابه ، كما فى صحيح مسلم
عن صهيب رضى الله عنه ، عن النبى صلى الله عليه وسلم " إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى منادى : يا أهل الجنة إن لك عند الله موعداً ، يريد أن ينجزكموه ، فيقولون : ما هو ألم يبيض وجوهنا ، ويثقل موازيينا ، ويدخلنا الجنة ، ويجرنا من النار ، قال : فيكشف الحجاب ، فينظرون إليه فما اعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إليه " رواه مسلم 442 واحمد 4/332
اما الكفر فيجمع عليهم نوعى العذاب ،عذاب النار ،وعذاب الحجاب عنة سبحانة وتعالى
ولهذا قال عزوجل فى حق الكفار "كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ،ثم انهم لصالوا الجحيم " المطففين 15/16
اما اهل الايمان وطائفة التوحيد فنعيمهم هو هذا النعيم الاعظم
قال تعالى "ان الابرار لفى نعيم على الارائك ينظرون" المطففين22
وهذا ما اختارة ابن القيم فى تفسير الاية ,انة النظر الى وجة الله عزوجل
وكان العارفون يقولون : ان فى الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الاخرة "
والتوحيد هو اول الطريق الى الجنة وخرة ,والقران هو كتاب التوحيد منة يدرك الهدى ،وتؤخذ المعارف.
ثم تأتى السنة بعد ذلك باعتبار لها المصدر الثانى للتشريع
فالعلم قال الله قال الرسول قال الصحابة ليس بالتموية
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة بين الرسول وبين راى فقية
وقد الزمنا الله باتباع ما انزل قال تعالى "اتبعو ما انزل اليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونة ولياء قليلا ما تذكرون"
وعن زيد ابن ارقم رضى الله عنة أن الرسول صلى الله علية وسلم خطب فحمد الله ،واثنى علية ثم قال : اما بعد الا ايها الناس فانما انا بشر يوشك ان يأتينى ربى ,فأجيب ,وانا تارك فيكم ثقلين اولهما كتاب الله فية الهدى والنور ,فخذوا بكتاب الله،وتمسكوا بة،فحث على كتاب الله ورغب فية ،ثم قال:وأهل بيتى"رواة مسلم
وفى حديث العرباض بن سارية "فعليكم بسنتى , وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى ,تمسكوا بها , وعضوا عليها بالنواجذ واياكم ومحدثات الامور , فان كل محدثة بدعة ,وكل بدعة ضلالة "رواة ابو داود الترمذى
وطريقنا فى الفهم ,هى طريقة السلف الصالح من اهل السنة والجماعة , فعن ابن مسعود رضى الله عنة ,حبر الكوفة , وحبر القادسية ,واقرب الاصحاب لى الله زلفى قال:من كان مستنآ فليستن بمن قدمات,فان الحى ,لاتؤمن علية الفتنة ,أولئك اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أفضل هذه الأمة وابرها قلوبا وأعمقها
علمآ, وأقلها تكلفآ , اختارهم الله لصحبة نبية صلى الله علية وسلم لاقامة دينة وفاعرفو لهم فضلهم ,واتبعوهم على اثرهم ,وتمسكوا بما استطعتم من اخلاقهم ,وسيرهم ,فانهم كانو على الهدى المستقيم "

ولا تتحقق الهداية الا بالعودة الى الينابيع الصافية ,والى المعين الذى استقى منة الجيل الاول ,جيل الصحابة وتلاميذهم من التابعين ,هذا الجيل الذى تربى وتتلمذ على محمد صلى الله علية وسلم وهو معلم الثقلين ,وحلقة الوصول بين عالمين , عالم الغيب وعالم الشهادة
يقول عن النبع الذى استقى منة الجيل الاول
"كان النبع الذى استقى منة ذلك الجيل ,هو نبع القران وحدة فما كان حديث رسول الله صلى الله علية وسلم وهدية الا أثرآ من اثار ذلك النبع – فعندما سئلت عئشة رضى الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله علية وسلم قالت "كان خلقة القران " اخرجة النسائى
كان القران وحدة اذن هو النبع الذى يستقون منة ,ويتكيفون بة ويتخرجون علية "
ويقول "كان هناك قصد من رسول الله صلى الله علية وسلم – أن يقصر النبع الذى يستقى منة ذلك الجيل ..فى فترة التكوين الاولى ..على كتاب الله وحدة لتخلص نفوسهم لة وحدة ,ويستقيم عودهم على منهجة وحدة "
ويقول "كان رسول لله صلى الله علية وسلم –يريد صنع جيل خالص القلب – خالص العقل – خالص التطور – خالص لشعور
خلص التكوين من اى مؤثر اخر ,غير لمنهج لالهى , لذى يتضمنة لقرن لكريم
ثم يقول عن منهج لحركة لاسلامية فى الحاضر

" فلابد اذن – فى منهج لحركة لاسلامية – أن تتجرد فى الحضانة ولتكوين من كل المؤثرت الجاهلية لتى نعيش فيها ,ونستمد منها ولابد أن نرجع بتداء الى النبع الخالص ,الذى استمد منة اولئك الرجال , النبع المضمون انة لم يختلط ,ولم تشبة شائبة – نرجع الية , نستمد منة تصورنا لحقيقة لوجود كلة , ولحقيقة الوجود الانسانى ,ولكافة الارتباطات بين هذين الوجودين , وبين الوجود الكامل الحق ,وجود الله سبحانة , ومن ثم نستمد تصورنا للحياة
وقيمنا واخلاقنا ومناهجنا للحكم والسياسة ,والاقتصاد ,وكل مقومات الحياة "
ولرجوع لى هذا لمنهج ليس نافلة ولا تطوعا , ولا موضع ختيار ونما هى لهدية , او فلا هداية .
وقد قال ابو جعفر الطحاوى ,فى بيان لسنة ولجمعة
" وتتبع السنة والجماعة ,ونجتنب الشذوذ و الخلاف والفرقة والسنة طريقة الرسول صلى الله علية وسلم ,والجماعة جماعة المسلمين وهم الصحابة والتابعون لهم باحسان الى يوم الدين فاتباعهم هدى وخلافهم ضلال
قال الله تعالى لنبية صلى الله علية وسلم ليخبرنا : " قل ان كنتم تحبون لله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم " العمران31
وقال " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين لة الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولة ما تولى ونصلة جهنم وساءت مصيرا " النساء 115
وقال صلى لله علية وسلم " ان اهل الكتابين افترقوا فى دينهم على سنتين وسبعين ملة , وان هذة الامة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة "يعى الاهواء" كلها فى النار الا واحدة , وهى الجماعة وفى رواية قالوا : من هى يا رسول الله . قال " ما أنا علية واصحابى "
فبين صلى الله علية وسلم أن عامة المختلفين على خطر عظيم , عدا اهل السنة والجماعة فانهم على الصراط المستقيم
واخرج احمد الترميذى أنة صلى الله علية وسلم قال: " عليكم بالجماعة واياكم والفرقة "
ومعنى الجماعة هو اتباع الحق ومجانبة الاهواء والبدع , وليست الجماعة هى الاكثر عددآ , بل هى موافقة الحق , وان خالفة اهل لارض , وقد سئل عبدالله بن المبارك عن الجماعة التى يقتضى بهم قال: ابوبكر وعمر فلم يزل يحسب حتى انتهى
الى محمد بن ثابت ,والحسن بن وقد فقيل هولاء ماتو: , فمن الاحياء ؟ فقال ابو حمزة السكرى"الشاطبى الاعتصام /266
وقد حدث اسحق بن راهوية بحديث : ان الله لم يكن ليجمع مة محمد على ضلالة ,فاذارآيتم الاختلاف فعليكم بالسواد الاعظم " فقل رجل يا ابا يعقوب من السواد الاعظم فقال : محمد ابن اسلم واصحابة ومن تبعهم ثم قال رحمة الله : لو سلت الجهال عن السواد الاعظم لقالو : جماعة الناس , ولا يعلمون ان الجماعة عالم متسك باثر النبى صلى لله علية وسلم وطريقتة فمن كان معة وتبعة فهو الجماعة . الاعتصام 2/267
وقال حبر الكوفة ، والإخاذ الذى لو ترك به أهل الأرض لأصدرهم عبد الله بن مسعود :"عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة " قال عمرو بن ميمون :" ثم سمعته يوماً من الأيام وهو يقول :"سيلى عليكم ولاة يؤخرون الصلاة عن مواقيتها ، فصلوا الصلاة لميقاتها فهى الفريضة ، وصلوا معهم فإنها لكم نافلة ، قال : قلت : يا أصحاب محمد ما أدرى ما تحدثونا ؟ قال وما ذاك؟ قلت :" تأمرنى بالجماعة وتحضنى عليها ، ثم تقول : صلى الصلاة وحدك وهى الفريضة. وصلى مع الجماعة وهى نافلة ؟ قال يا عمرو بن ميمون ، قد كنت أظنك من أفقه أهل هذه القرية . تدرى ما الجماعة ؟ قلت : لا ، قال : إن جمهور الجماعة الذين فارقو الجماعة ، الجماعة ما وافق الحق ,وان كنت وحدك"
وفى رواية اخرى " فضرب على فخذى وقال ويحك ! إن جمهور الناس فارقوا الجماعة ، وإن الجماعة ما وافق طاعة الله عز وجل " اغاثة اللهفان 1/76
يقول العلامة عبدالمجيد الشاذلى فى بيان معنى الجماعة
الجماعة وصفان
1_ الوصف الاول : " ما أنا عليه واصحابى " وهو طرف النجاة ، وهذا الطرف يعض عليه بالنواجذ ، ولا يزيغ عنه إلا هالك وهو الصراط المستقيم من انحرف عنه فالى البدعة والكفر .
2_ الوصف الثانى : هو التجمع على الاسلام والانتساب للشريعة وإن ألموا ببدعة أو وقعوا فى جور "
فالجماعة لها معنيين أو جانبين
الجانب العلمى الاعتقادى العلمى
أى الاعتقاد والعمل بما كان عليه الرسول واصحابه مـن
التحري والتحليل .
الجانب السياسى
وهو الاجتماع على الامام المنتسب لرفع راية الاســلام
المطبق للشريعة ولو كان فيه بدعة أو الم بشئ من الجور
فمن سبل الهداية تحقيق الجماعة وذلك باعتقاد الحق والعمل به والتجمع تحت الراية المرفوعة لاقامة الدين , وبهذا تتحقق الهداية وبالجملة فإن الهداية تتحقق بتجريد التوحيد , وتحقيق الإتباع والعودة الى الينابيع الصافية , وإقامة الجماعة وإن شئت التفصيل قلت :
توحيد ننجو به من الشرك , وعقيدة أهل السنة ننجوا بها من البدع والضلالات , وهوية قرآنية وراية إسلامية تجمعنا , وصبغة إسلامية فى الاعتقاد والعمل , وشريعة إلهية تعمر جوانب الحياة الانسانية .
وهـذا هـو الطريق ...... وفى غير شك وفى غير ريب هذا
هو الطريق الى الجنة ..... فـلا تشغـل نفـسك ايها السالك
الى طـريق الهداية ... ببنيات الطـريق ... وامـش ولا تلتفت
حتى يفتح الله عليك ... وأعلم ان كل ما فى الارض أرزاق مقسومة وآجال محتومة . فلا تلتفت الى غير الغاية لتى خلقت من اجلها الحياة .. بلا رهبانية أو دروشة تغلق منافذ الفهم . فإن أجل الاعمال إقامة التوحيد .. ومقارعة أئمة الضلال .. والذين يأخذون بمقود حمار الدجال الى داخل بلادنا .. حتى ادخلونا فى جحر الضب .. اولئك الذين حذر منهم محمد صلى الله عليه وسلم فى البدايات . وهو ما يزال بعد فى منابت الزيتون والشيح .. وحيث اشرقت رمال الجزيرة بسماع القرآن لاول مرة .. فقال "وإنما أخاف على أمتى الأئمة المضلين " .. وتامل حياة الأنبياء والدعاة الربانيين فلم يقف احدهم متفرجا على الجاهلية وهى تسحق الأخضر واليابس .. وتقود قافلة البشرية الى الجحيم .. لا .. لم يحدث ذلك .. لانه خيانة للرسالة .. وحاشاهم من ذلك .. وهم السادة والقادة الذين علموا الدنيا كيف تكون الحياة فى ظل الايمان ولا اجد اجمل من نداء الحق , ولا اشد وقعا فى النفس منه وهو يقول " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون " الانفال 20/21

كتبه : انور الزعيرى