تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: العصاة .. والمُـشَـرِّعة ..

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    37

    افتراضي العصاة .. والمُـشَـرِّعة ..

    لستُ هنا أخرج نفسي من شَرَك المعصية التي لا يسلم منها بشر ، فكل ابن آدم خطّاء ، فمُستقل منها ومستكثر ، ومتكبر فيها ومستغفر ، فأنا أعترف بذنبي وخطأي وضعفي وكل ذلك عندي ، وأسأل الله لي ولإخواني المسلمين المغفرة والرحمة ..

    إنما الذي قصدته من العنوان : (العصاة .. والمُـشَـرِّعة ) هو المقارنة بين اتجاهين اثنين من الناس ، ينضوي كل اتجاه منهما تحت طرف من العنوان ؛ فالعصاة اتجاه والمشرِّعة اتجاه آخر ..

    أمّا العصاة فهم جماعة من الناس تقع بالخطأ والمعصية وترى نفسها قد مالت عن الحق والهدى وتعترف بذلك ، ويكون ميلها عن الحق لأسباب متعددة ، غير أنها تلوم نفسها على ذلك وتزري بها وترى أنها مقصرة يوم أن وقعت فيها ..

    هذه الطائفة على رغم أنها مأمورة بترك هذه المعصية والانعتاق منها إلى بحبوحة الطاعة إلا أنها أحسن حالا من الطائفة التي تليها والتي أدخلتُها تحت طرف العنوان فيما أسميته بـ ( المشرعة ! ) ..

    فـ ( المُـشَـرِّعة ) هم جماعة تقع في المعصية وهي ترى أن ما وقعت فيه ليس بمعصية ، فهي تقارف الأثم على اعتبار إباحته ، هذا إنْ لم تزعم مشروعيته وتقول بـ ( تأثيم ) الأمة بتركه !! ، بل إنها إمعاناً في فساد القلب وموت الإيمان لديها لم تقف عند هذا الحد ضلالاً ؛ وإنما زادت عليه أنْ هاجمت مَنْ يقف مناوئاً لها ، كاشفاً لضلالها ومكرها ..
    واعجباً لهـا من طائفة خبيثة ..
    هذه الطائفة حين يرصد الـدّارس لأعمالها وأقوالها يجد أّنها تعمل المعصية وقد تكون من الكبائر العظام التي يقف منها شعر المؤمن ، لكنها ـ عند هذه الطائفة ـ ( ولا شــيْ !! ) ، وما ذاك إلا لخفوت الإيمان في وجدانها ..
    وصدق بأبي هو وأمي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين قال : ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ) ، وذلك أن الإيمان يمنعه من الزنا ، فلما زنى دل على نقص الإيمان لديه ـ خلافاً لما يقوله الخوارج في هذه المسألة ـ ..

    إنني حين أرى الانحلال عن الإسلام عند هذه الطائفة ؛ إذْ لم يبقْ من الإسلام ـ عندها ـ إلا اسمه أتذكر مقولة خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنس بن مالك رضي الله عنه حين قال : إنكم ـ يعني بعض التابعين ـ لتعملون أعمالاً هي في أعينكم أدق من الشعر كنا نعدها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات ، فأقول في نفسي يا ترى ، كيف لو رأى أنس رضي الله عنه هذه الطائفة ، فماذا عساه أن يقول ؟ ، وما هو حكمه فيهم ؟ ..

    على أنه ينبغي أن يعلم القارئ الكريم أن هذه الطائفة حين تقارف فجورها وخبثها وتدعو إليه في مجتمعات المسلمين لا تقدمه بلا جذور تقويه وتجعل له المسوغ الشرعي ، وإلاّ فسوف ترمى بالحجارة !! .. ولكنها حين يهيج هواها لشيء مما هو محرم في شريعة الله ، فإنها تبحث عن كل ما من شأنه أن يجعله مقبولا لدى المسلمين سواءً كان دليلاً منسوخاً أو مشتبهاً ، أو راي عالم معتبر ، أو ما سوى ذلك من مسوغات تبديها بأنها شرعية ..

    إن القلب حين تغشاه ظلمة المعصية ، وتتحكم من منافذه ، فإنه ينقلب أسود مرباداً كالكوز مجخياً ، وحينئذٍ لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه !! ..


    ولا حظ هذا الإستثناء : ( إلا ما أشرب من هواه ) وتأمل فيه تأمل العربي اللسن الذي يفهم النص بعقلية نظيفه كما فهمه الصحابة والتابعون لا كما يفهمه أهل الحداثة والزيغ !! ..


    فإذا كان هواه اليوم في شيء يكون ما هواه اليوم معروفاً ، وما خالفه يكون منكراً ، وإذا تغير الهوى عما عليه بالأمس يكون ما كان منكراً معروفاً !! ..
    وقد وقفتُ على مثل هذا النوع وبخاصة من كتاب الصحف على كثير ..


    كتب أحدهم قائلاً : إنه ينبغي ألا نأخذ إلا ماصح في الكتاب والسنة ، فهما اللذان أمرنا الله بالرجوع إليهما في ديننا ، وليس علينا أن نرهن انفسنا لأقوال الرجال واجتهاداتهم إلخ ، ثم يقرر مسألة مما هي من ( هواه ) مدللاً عليها من الكتاب والسنة ، ورافضاً كل ما سواى ذلك تنظيراً وتطبيقاً في هذه المسألة ..
    وهو نفسه يكتب في مسألة أخرى وهي من ( هواه ) ويقول هذا قول الإمام مالك بن أنس ثم يعزز ذلك بالثناء على الإمام مالك ( وكأن الإمام مالك يتنظر تزكيته حتى يكون إماماً ) لأجل أن يقوي ( هواه ) مخالفاً بذلك الكتاب والسنة التي حثنا في مسألته الأولى بأن نتبعهما ولا نرهن أنفسنا لأقوال الرجال !! ..
    فغدت المسألة اتباعاً للهوى الذي عُزِّز في المسألة الأولى بالكتاب والسنة ، وفي المسألة الثانية بقول مالك رحمه الله ..
    هذا ، وإن مما جعل لأمثال هذه ( المايكروبات ) تنتشر في زماننا ، ظهور عقيدة الإرجاء العفنة التي غدت معتقد بعض طلبة العلم وللأسف ، وصدق الإمام الثوري رحمه الله حين قال : ( تركتِ المرجئة الإسلام أرق من ثوب سابري ) .
    والثوب السابري : هو الرقيق الذي يشف عما تحته حتى يكون لابسه بين المكتسي والعريان .
    نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين .
    ( آمين ) ..

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    37

    افتراضي رد: العصاة .. والمُـشَـرِّعة ..

    يرفع للتذكير ..

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •