لقد كان الإمام محمد الطاهر بن عاشور محرر " التحرير و التنوير" علامة زمانه و فريد عصره بشهادة من عاصروه و مع ذلك فقد أفتى بجواز التدخين و قال " إن التدخين حلال و من أفتى بحرمته فقد أخطىء و يجب منعه من الفتوى" رغم أنه هناك من خالفوه من الفقهاء. و سبب ذلك أن في عصر إبن عاشور لم تصدر الحقيقة العلمية و التقارير الطبية التي تؤكد أن التدخين مضر بالصحة و يؤدي للهلاك و لو كان ذلك لغير الإمام فتواه. و اليوم لا يكاد يحذر من مخاطر الإختلاط المهلكة بين النساء و الرجال في التعليم و العمل إلا علماء الجزيرة العربية.

في حين يواصل بقية العلماء و الدعاة، الذين لم تقيدهم الحقيقة العلمية بأن الإختلاط مفسدة، و عض العامة و حثهم على غض البصر و عدم الخضوع بالقول و ملايين الرجال يجلسون و يختلون بنساء و حليلات الآخرين في مكاتب العمل و الإدارات و ما ينجر عن ذلك من مهالك...و كذلك يحذرون ملايين الشباب و الشابات من العلاقات خارج إطار الزواج و هم يجالسون و يختلون ببعضهم بعضا في المعاهد و الجامعات في عنفوان الثورة العاطفية و الجنسية.

إن المسلمين ليسوا أصحاب السبت المغضوب عليهم حتى يعذبهم الله بأن يفتنهم إلى هذا الحد بما يحرم عليهم. إن الله لما أوجب علينا غض البصر و حرم على نسائنا الخضوع بالقول و غلض الزنى ووصفه بالفاحشة و المقت و سوء السبيل جعل لكل هذا مناخا عاما و عرفا متداولا بين الناس يسهل عليهم تقوى الله و القرب منه.

وهنا أذكرطلبة و أخصائيي العلوم الإجتماعية و النفسية و علماء و طلبة العلم الشرعي بأن وضع أخلاق المسلمين اليوم خطير و خطير جدا و لذلك أحثهم أن يتدارسوا موضوع الإختلاط علميا و يجعلونه موضع البحث و الإستنباط و التجربة بجدية في شكل أطروحات و ما شابه و أن يثابروا في ذلك و يجتهدوا، و سيتوصلون بإذن الله و لا ريب و لا شك للحقيقة الدامغة بأن الإختلاط مفسدة و بالتالي يهتدي إخواننا العلماء و الدعاة و تنشرح صدورهم لهذا الأمر و بذلك يسحب البساط ضد أعداء الفضيلة و العفة و الستر و يخسؤون للأبد بإذن الله.

و الله أعلم و فوق كل ذي علم عليم.