بسم الله الرحمن الرحيم
ابتداءً لستُ كغيري ممن يؤمن بالتعامل الظاهري مع النصوص التي تنقل عن العلماء،بل لا بُدَّ من تحليلها وفق معطياتٍ توافق تلك العبارة المنقولة لا سيَّما عندما يظهر بين تلك العبارة ومعطيات في حياة القائل تعارض،وعليه فأمروها كما جاءت بلا كيف لا مدخل لها في بابنا هذا-والعلم عند الله تعالى- وسأتناول-بتوفيق الله تعالى- عبارة أبي العباس –رحمه الله تعالى-من زاويتين تحليليتين...
الزاوية الأولى:يوهم ظاهر هذه العبارة أن ندامةً حقيقيةً قامت في وجدان شيخ الإسلام جراء تضييعه أكثر أوقاته في غير معاني القران،والذي يظهر لي والعلم عند الله تعالى أن الفهم السديد لهذه العبارة لا يتأتى إلا عند قراءتها جملة واحدة مع حياة شيخ الإسلام العلمية التي قضاها رحمه الله تعالى مشهراً صوارم التوحيد في وجوه الطوائف المخالفة لأهل السنة المناوئين لهم لا سيما الأشاعرة ،وإن كُنتَ في شكٍّ من هذا فإليك درء التعارض والاستقامة والصفدية والاقتضاء والحموية والتدمرية والواسطية وغيرها من المؤلفات التي قضى دهراً من عمره يؤلفها وكلها كما هو معلوم تدور في فلك المعتقد وما خالفه...إذن شيخ الإسلام كان وما زال طيلة حياته يرى أن معركته الحقيقية هي معركة عقائد وأن الدعوة إلى التوحيد والتحذير من قوادحه خير ما تفنى له الأعمار وتقضى
الزواية الثانية:أن هذا الندامة التيمية لو كانت حقيقية لكان أكثر الناس حرصاً على ما تحسر عليه شيخ الإسلام هو ألصق الناس به علميا وخريج مدرسته الأول أعني الإمام ابن القيم-رحمه الله تعالى-،فلو تأملت الدلالة الظاهرية لتلك العبارة في حياة ابن القيم العلمية لما رأيت لها كبير أثر ،فالإمام ابن القيم سار على خطى شيخه حاملاً لواء المعركة مع المناوئين لأهل السنة والجماعة خلفاً لشيخه الإمام... فتأمل مثلا اجتماع الجيوش الإسلامية والصواعق المرسلة والنونية وحسبك بها....ما أريد قوله لو كان الإمام ابن القيم قد ارتسمت في مخيلته الدلالة الظاهرية للعبارة التيمية لكان أشد الناس حرصا على تلبية هذه الحاجة في حياته العلمية.... وحتى لا أطيل في الحديث عبارة شيخ الإسلام تنمُّ عن ندامة لا ترقى لأن تكون ندامة حقيقة وإنما هو شعور بالأسف لعدم مراعاة جانب تدبُّر معاني القران في حياته العلمية
والذي أريد أن أصل أليه من هذا التحليل الشخصي الذي لا أدعي صوابي فيه =هو أننا لا نحمِّل هذه العبارة مالا تطيق بحيث نجعل في ذروة أولويتنا العلمية والدعوية حسرة شيخ الإسلام حسب الفهم الظاهري....وغني عن البيان أن علوم القران من أجل العلوم وأشرفها وعبادة تدبر القران وتأمل معانيه من أجل العبادات
والله من وراء القصد