ذكر محمد بن إسحاق النديم البغدادي الوراق ( ت 385 هـ ) في كتابه " الفهرست " أربعة من العلماء صنفوا في هذا الفن ، وهم : ابن عامر ، وحمزة ، والكسائي ، والسري ( ؟ ).

حيث قال : (( الكتب المؤلفة في " مقطوع القرآن وموصوله " : " كتاب الكسائي". " كتاب السري ". " كتاب حمزة بن حبيب ". " كتاب عبد الله بن عامر " )).
وعلى الرغم من أن النديم قد وضع هذه الكتب الأربعة في فن مستقل ، ولم يدرجها مع الكتب المصنفة في رسم المصحف ، ولا في الوقف والابتداء.
وتبعه على ذلك بعض المفهرسين. يراجع : تاريخ التراث العربي ، وأعلام الدراسات القرآنية ، ومعجم الدراسات القرآنية ، ومعجم مصنفات القرآن الكريم.
وفيما يخص كتاب " مقطوع القرآن وموصوله " للكسائي – وحده - تبعه كثيرون ، ويكفي أن ننظر في هذه المراجع عند ترجمة الكسائي : نزهة الألباء ، ومعجم الأدباء ، وإنباه الرواة ، ومعرفة القراء ، والوافي بالوفيات ، وغاية النهاية ، وتحفة الأديب ، وطبقات المفسرين للداودي ... وغيرها ، ولم يذكر واحد منهم أن موضوع هذه الكتب هو رسم المصحف ، ولا الوقف والابتداء.
على الرغم من ذلك فإن شيوخنا الأجلاء الذين تتبعوا الكتب المصنفة في رسم المصحف – وعلى رأسهم : أستاذنا الدكتور غانم قدوري الحمد - ، وتبعه على ذلك السادة الدكاتره/ أحمد شرشال ، ومولاي محمد الإدريس ، وعبد الحفيظ الهندي ، ومهدي قارئ ... وغيرهم قد أدرجوا الكتب الثلاثة الأولى فقط ( ؟! ) ضمن الكتب المصنفة في هذا الفن.
كما أن شيوخنا الذين تتبعوا الكتب المصنفة في الوقف والابتداء – وهم كثيرون ؛ منهم : الدكاتره/ أحمد خطاب العمر ، وخديجة أحمد مفتي ، ومحمد العيدي ، وعبد الله المطيري ... وغيرهم – قد وضعوا الكتب الثلاثة الأولى فقط ( ؟! ) ضمن الكتب المصنفة في الوقف والابتداء ، ولم يأت واحد من هؤلاء ولا من هؤلاء على ذكر " كتاب السري " ، كما لم يأت واحد منهم على ذكر كتاب ابن البناء البغدادي ، ولا كتاب محيي الدين بن عربي.
ولم أجد واحداً منهم ذكر حجة واحدة لإدراج هذه الكتب ضمن هذا الفن أو ذاك ، إلا الأخت الباحثة المجتهدة خلود العبدلي في بحثها الموصول لفظا المفصول معنى ( هامش ) صـ 45 – 46 ، التي رجحت أن موضوع هذه الكتب الثلاثة ( ! ) هو الرسم القرآني ، وضعفت أن يكون موضوعها الوقف والابتداء ، واستدلت على ذلك ببعض الشواهد ، والأدلة العقلية ، ثم قالت : (( وعلى كل حال ؛ فإن هذه الكتب من تراثنا المفقود الذي لم يوقف له على أثر )).
وما ذكرته الأخت الباحثة من بعض الشواهد والأدلة العقلية مردود عليها ، وسأفصل القول في كل ذلك ، ولكنني أرجو من شيوخنا الأفاضل سالفي الذكر أو من ينوب عنهم أن يذكروا العلل التي من أجلها أدرجوا هذه الكتب في هذا الفن ، أو ذاك.
وأقول للقوم جميعاً :
إن الأمر ليس بالسهل الهين ؛ لأنه – إن صح ما ذهبت إليه في بحثي – فإنه سيؤرخ لعلم جليل ، وصلتنا عنه نقول كثيرة لعلماء أجلاء في القرنين الخامس والسادس الهجريين ، قبل ابن الجوزي وغيره.