تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: ((ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد))

  1. #1

    Post ((ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد))

    جاء في «عمدة الحفّاظ» ، للسمين الحلبي، أنّ لفظ « الاسم » مشتق من السُّمو، وهذا قول البصريين.
    وقيل من الوسم، وهو قول الكوفيين، وعليه فالأصل في الاسم أنّه رفعة وعلامة.
    وتستخدم الأسماء لتمييز الذوات عن غيرها، ويغلب أن تشير الأسماء إلى صفات، ومن هنا يميل الناس إلى اختيار الأسماء ذات الدلالات الإيجابية، وهم يأملون أن يكون للمرء من اسمه نصيب.
    المستقرئ للقرآن الكريم يجد أنّ الاسم يدل على صفة، وأسماء الله تعالى كلها تدل على صفاته عزّ وجل.
    وعليه يكون المعنى في قوله تعالى: « هل تعلمُ له سَميا» : أي هل تعلم له مثيلا في صفاته.
    وقد أخطأ من ظن أنّ أسماء الله مجرد أعلام، فقال إنّ معنى « هل تعلمُ له سميا » : أي هل تجد من تسمّى باسمه.
    وهذا غير مقبول، لأن هناك من تسمّى برحمن، ورحيم، وكريم...الخ
    جاء في سورة الرعد: « وجعلوا لله شركاء قُل سمّوهم » .
    يقول السمين الحلبي، في عمدة الحفاظ: « ليس المعنى أظهروا أساميها فقولوا : اللات، والعزّى، وهبل، ونحو ذلك، وإنما المعنى أظهروا حقيقة ما يدّعون فيها من الإلهية. وإنكم تَجدون تحقيق ذلك فيها؟ » ويقول في قوله تعالى « تبارك اسم ربّك: » «أي يتزايد خيرهُ وإنعامه. والمعنى أنّ البركة والنعمة الفائضة في صفاته...»
    في سورة الصف: « ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد...» : أي أنّ صفاته، عليه السلام، تستجلب الحمد في أقوى صوره، وأجلاها، وأفضلها.
    فهو إذن يُحمدُ أكثر من غيره، لأن صفاته تجعله يُحمد من الناس أكثر.
    أمّا « محمّد » فدال على كثرة حمد الحامدين إيّاه.
    وعليه فإذا قصدنا بالاسم الصفة الذاتيّة، التي تدفع الناس إلى حمده، عليه السلام، فهو « أحمد » ، أمّا إذا نظرنا إلى ردّة فعل الناس عندما يصفونه، عليه السلام، بما يليق بصفاته، فإنّه يكون عندها « محمداً » .
    فهو، عليه السلام، « أحمد » في ذاته ، « ومحمّد ومحمود » ُ من قبل الناس.
    ونقول بعبارة أخرى : المقدّمات الموجودة في ذاته، عليه السلام، يلخصها اسم أحمد، أمّا النتيجة الموجودة خارج الذات فيعبر عنها اسم محمد.
    لقد اشتهر النبي، صلى الله عليه وسلم، قبل الإسلام بأنّه الصادق الأمين، وكانت هذه الشهرة نتيجة لما لمسته قريش من صِدقه وأمانته، عليه السلام، أمّا اليوم، وبعد أكثر من ألفٍ وأربعمائةِ سنة، فإننا نجد أنّ الشخصية التي تُمتدح أكثر، وذلك لما يتجلى فيها من صفات حميدة، هي شخصية الرسول، عليه السلام، فهو أحمد من غيره على مدى التاريخ البشري وإلى يومنا هذا.
    فتبشير عيسى، عليه السلام، كان برسول يأتي من بعده، صفته أنّه أحمد من غيره.
    بعد كل ما ذكرناه نخلص إلى نتيجة أنّه لا بد لنا من إعادة النظر في التعامل مع الأسماء القرآنيّة.
    فهل يجوز لنا أن نعتبرها مجرد أعلام تخلو من المعاني والأسرار، وعلى وجه الخصوص عندما تكون التسميات ربانية المصدر؟! انظر قوله تعالى : « اسمه المسيح عيسى ابن مريم » .
    ثم انظر قوله تعالى: « إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميّا » وانظر قوله تعالى: « فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحق يعقوب » .
    ويعقوب، عليه السلام، هو أيضاً في القرآن الكريم إسرائيل، كما أنّ يونس، عليه السلام، هو أيضاً ذو النون، وإدريس، عليه السلام، فيما يرجحه بعض المفسرين هو إلياس، ومحمد، عليه السلام، هو أحمد.
    هذه الأسماء وغيرها هي كنوز وأسرار، ونحن نهدف، بمثل هذا المقال، إلى لفت الانتباه إليها، لتصبح في دائرة اهتمام الدارسين، لأننا وجدنا أنّ الكثير من أسرار هذه الأسماء تتجلّى عند التحقق والمتابعة.
    ولا بأس بالرجوع إلى اللغات السّاميّة، بعيداً عن علماء التوراة والكتاب المقدس، الذين يُطوّعون اللغة لتوافق تصوّرات كَتبة أسفار العهد القديم، حتى عندما يجمح بهم خيال الأسطورة.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    30

    افتراضي رد: ((ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد))

    مقال بديع و تحليل أبدع , جعلك الله من الصالحين . استمتعت بهذا التحليل

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    10,732

    افتراضي رد: ((ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد))

    جميل جداً ... بارك الله فيك

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •