بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
هاهنا إطلالة على فنّ من الفنون التي جعلها بعض العلماء وسائلَ لعلم القِراءات، وهي سبعة:
علم العربية، والتجويد، والرسم، والوقف والابتداء، والفواصل وهو فن عدد الآيات، وعلم الأسانيد، والابتداء والختم وهو الاستعاذة والتكبير ومتعلقاتها.
وأنا هنا إنما نقلت هذه الفوائد التي جمعها غيري، وراجعتُها على عجل مراجعة غير دقيقة؛ وإني لأرجو - مع هذا - أن تكون جمة النفع.
[لي غنمُها وليس علي غرمُها]
علم الفواصل - أو علم عد الآي
تعريف علم العدد:
هو علم يُبحث فيه عن أصول آيات القرآن الكريم، من حيث إنَّ كلَّ سورة كم آية وما رؤوسها وما خاتمتها.
هل الفاصلة هي رأس الآية أم غيرها؟
ذهب الإمام الداني - رحمه الله - إلى أنها غيرها حيث قال: أما الفاصلة فهي الكلام المنفصل مما بعده، والكلام التامّ قد يكون رأس آية وكذلك الفواصل يكنَّ رؤوس آيٍ وغيرها؛ فكل رأس آية فاصلة وليس كل فاصلة رأس آية، قال: الفاصلة تعمّ النوعين وتجمع الضربين. اهـ.
الآية في اللغة: العلامة.
وفي الاصطِلاح: طائفة من القرآن الكريم ذات مبدأ ومقطع، عُلِمَتْ بالتَّوقيف من الشَّارع وجُعِلَت دلالةً على انقطاع الكلام.
الفاصلة: هي آخر كلمة في الآية؛ نحو "العالمين" ، "نستعين".
وهي مرادفة لرأس الآية عند الكثيرين.
طريق معرفة الفواصل:
1- مساواة الآية لما قبْلها وما بعدها طولاً وقصرًا.
2- مشاكلة الفاصِلة لغيرها مما هو معها في السورة في الحرف الأخير منها أو فيما قبله.
3- الاتفاق على نظائرها في القرآن الكريم.
4- انقطاع الكلام عندها.
علماء العدد:
1- المدني الأول.
2- المدني الأخير.
3- المكي.
4- البصري.
5- الدمشقي.
6- الحمصي.
7- الكوفي.
المدني الأول:
هو ما يرويه الإمام نافع عن شيخَيْه أبي جعفر يزيد بن القعقاع، وشيبة بن نصاح.
وله روايتان:
فعدد آي القرآن في رواية الكوفيين عن أهل المدينة 6217.
وفي رواية المصريين عن ورش 6214.
والذي اعتمده الشاطبي رواية أهل الكوفة، وقد تبع في ذلك الإمام الداني.
المدني الأخير:
هو ما يرويه إسماعيل بن جعفر عن يزيد وشيبة بواسطة نقْله عن سليمان بن جماز.
فيكون المدني الأخير هو المروي عن إسماعيل بن جعفر عن سليمان بن جماز عن شيبة ويزيد.
وعدد آي القرآن عنده 6214.
العدد المكي:
هو ما رواه الإمام الداني بسنده إلى عبد الله بن كثير القارئ عن مجاهد بن جبر عن ابن عبَّاس عن أبي بن كعب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم.
عدد الآي عنده 6210.
العدد البصري:
هو ما يرويه عطاء بن يسار وعاصم الجحدري، وهو ما ينسب بعد إلى أيوب بن المتوكل.
عدد آي القرآن عنده 6204.
العدد الدمشقي:
هو ما رواه يحيى الذماري عن عبدالله بن عامر اليحصبي عن أبي الدرداء.
وينسب هذا العدد إلى عثمان بن عفَّان - رضي الله عنْه.
عدد الآي فيه 6227وقيل 6226.
العدد الحمصي:
هو ما أضيف إلى شريح بن يزيد الحمصي الحضرمي.
عدد الآي فيه 6232.
العدد الكوفي:
هو مايرويه حمزة وسفيان عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنْه.
بواسطة ثقات ذوي علم وخبرة.
وهذا العدد هو الذي اشتهر بالعدد الكوفي.
وعدد آي القرآن فيه 6236.
الأسماء التي تطلق على علم عد الآي:
بالنظر في المؤلفات الأصيلة خصوصًا التي حملت في ثناياها معلومات عن هذا العلم، نجد أنَّ هناك عدَّة إطلاقات على هذا الفنّ، وكلّها متفقة المقصد، فمن هذه الإطلاقات:
1- علم العدد: وقد سمّيت مؤلَّفات أصيلة بهذا الاسم، مثل (كتاب العدد) لعطاء بن يسار، (كتاب عدد المدني الأوَّل) لنافع، (كتاب العدد) لحمزة الزيات، وهذه المؤلَّفات هي في حُكم المفقود.
إلاَّ أنَّه توجد مؤلَّفات أُخرى تحمل ذات العنوان موجودة ومتداولة، منها:
(كتاب العدد) للإمام الهذلي (ت465هـ) وهو مضمن في كتاب (الكامل)، و(كتاب أقوى العُدد في معرفة العدد) لعلم الدين السخاوي (ت643هـ)، وهو ضمن كتاب (جمال القرَّاء وكمال الإقراء) و(كتاب حسن المدد في فنّ العدد) للعلامة إبراهيم الجعبري (ت 732هـ) وهو مطبوع بهذا الاسم، وذكره الزركشي في البرهان باسم: (المدد في معرفة العدد).
2- علم عدد آي القرآن: ومن أقدم المؤلَّفات التي وسمت بهذا العنوان (كتاب عدد آي القرآن) ليحيى بن زياد الفراء (ت207هـ) وهو مخطوط، و(كتاب عدد آي القرآن) لأبي عبيد القاسم بن سلام (ت224هـ) وهو في حكم المفقود، و(كتاب البيان في عدد آي القرآن) للداني (ت444هـ)، وهو من الكتب الأصيلة في هذا العلم، والعُمَد في هذا الفنّ.
ومن كتب المتأخِّرين (تحقيق البيان في عدّ آيِ القرآن) للإمام المتولي (ت1313هـ) وهو مخطوط، ولم يُطْبع بعد - فيما أعلم.
وهذا المصطلح (آي القرآن) يكثر دورانُه في ثنايا كتُب المفسّرين، بل إنَّ تفسير الإمام ابن جرير الطبري حمل عنوان (جامع البيان عن تأْويل آي القرآن بالقرآن).
3- علم الفواصل أو فواصل الآي: وسبق تحرير مصطلح (الفاصلة) ومن أقدم المؤلَّفات التي حملت هذا الاسم كتاب (بغية الواصل إلى معرفة الفواصل) لسليمان بن عبدالقوي الطوفي (ت716هـ) وهو مخطوط .
ومن كتب المتأخرين (القول الوجيز في معرفة فواصل الكتاب العزيز) للمخللاتي (ت1311هـ) وهو شرح على ناظمه الزهر للإمام الشاطبي.
وقد يكون هذا المصطلح (علم الفواصل) أكثر شهرة وتداوُلاً عند المتأخّرين في هذا الوقت.
يتبــع....