تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 21 إلى 38 من 38

الموضوع: حوار مع د/ عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ في جواز التبرُّك بالأماكن والآثَار

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي

    اعتماد القارئ على حديث جابر t

    وفيه علل في إسناده ومتنه

    قال القارئ (ص23):

    " وثبت عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - أنه كان يأتي مسجد الفتح الذي على الجبل يتحرى الساعة التي دعا فيها النبي r على الأحزاب ويتحرى المكان – أيضاً – ويقول: " ولم ينـزل بي أمر مهم غائظ إلا توخيت تلك الساعة فدعوت الله فيه بين الصلاتين يوم الأربعاء إلا عرفت الإجابة ".

    - أقول:

    كيف يثبت هذا الحديث وفيه عدة علل:

    الأولى: في إسناده كثير بن زيد الأسلمي، قال أبو زرعة: "صدوق فيه لين". وقال النسائي: " ضعيف ".

    وروى ابن الدورقي عن يحيى: "ليس بذاك، ومرة قال: صالح".

    وروى ابن أبي مريم عن يحي: "ثقة".

    وقال ابن المديني: "صالح وليس بقوي ".

    وقال ابن عدي: " ولم أر بحديث كثير بأساً ". انظر: الميزان (3/404) وتهذيب الكمال (24/115).

    وقال الذهبي في الكاشف: " قال أبو زرعة: صدوق فيه لين".

    وقال الحافظ ابن حجر: " صدوق يخطيء ".

    الثانية: في إسناده عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، قال ابن أبي حاتم: "عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك روى عنه عبد الله بن محمد بن عقيل سمعت أبي يقول ذلك".

    وقال أيضاً: "عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري: روى عن عمه معقل، روى عنه عبد الله بن قدامة الجمحي سمعت أبي يقول ذلك. قال أبو محمد: روى أيضاً عن جابر بن عبد الله". الجرح والتعديل (5/95).

    وقال البخاري رحمه الله في التاريخ الكبير: " عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه روى عنه عبد الله بن محمد بن عقيل وعاصم بن عبيد الله ".

    وترجم له ابن حبان وقال: " يروي عن أبيه وعاصم بن عبيد الله ". الثقات (7/3).

    فهذا حال عبد الله بن عبد الرحمن هذا عند البخاري وأبي حاتم وابنه وعند ابن حبان.

    وقال البخاري: " عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مالك الأنصاري سمع معقلا روى عنه عبد الملك بن قدامة "، وهذا رجل آخر عند البخاري.

    وظاهر من ترجمة هؤلاء الأئمة لهذا الرجل: أنه مجهول الحال (مستور).

    وإسنادٌ هذا حاله يقال في متنه: ضعيف، ولا يقال فيه: ثبت!!

    والعلة الثالثة: الاختلاف عليه في الإسناد؛ فتارة يرويه كثير بن زيد عن عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، وتارة يرويه عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر. انظر الطبقات لابن سعد (2/73).

    وكذلك يرويه عبد الملك بن عمرو عن كثير بن زيد عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر بنحوه. التمهيد (19/201).

    والعلة الرابعة: اضطرابه في المتن؛ فهو مرة يقول: إن دعاء النبي r كان في مسجد الفتح، وتارة يقول: في مسجد قباء، وثالثة يقول: في مسجد الأحزاب، وراجع كتاب المساجد السبعة لأبي جابر عبد الله بن محمد الأنصاري (ص:11-15).

    فقد ذكر كثيراً من مصادر هذا الحديث وأوجه الاختلاف على كثير بن زيد في الإسناد والمتن، وقد راجعت بعض مصادره للاطمئنان.

    وإذ قد تبين للقارئ الكريم ضعف هذا الحديث إسناداً ومتناً وما فيه من علل، فهل يجوز لأحد الاحتجاج به في قضية فرعية، فضلاً عن أن تكون عقدية (التبرك) طالما حذر من مثلها رسول الله r وحذر منها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب بموافقة من حضره من أصحاب محمد r وطالما حذر منها العلماء الناصحون؟!

    وظهرت الآثار السيئة لمخالفاتها من تصرفات الكثير من أهل البدع وجهّال مقلديهم!!

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي

    استنتاج باطل لا يجوز نسبته

    إلى أصحاب محمد r وتابعيهم

    قال القارئ (ص23-25):

    " فإذن من الصحابة y عبد الله بن عمر وأبوه عمر بن الخطاب كان مع النبي r هو وأبو بكر في بيت عِتبان بن مالك وشهدا الواقعة وفيها أقر النبي r عِتبان على التبرك بالمكان الذي صلى فيه r ولذلك لم ينقل أن عمر أنكر على ابنه عبد الله شدة تتبعه للأماكن النبوية وتبركه بها، بل لم يرد عن أي أحد من الصحابة أنه أنكر عليه ذلك فهم وإن لم ينقل عنهم أنه كانوا يفعلون ذلك مثله لكن عدم إنكارهم يدل على مشروعية فعله – رضي الله عنه – ومن الصحابة أيضاً سلمة بن الأكوع كما بينا وجابر بن عبد الله ورد عنه النص بالتبرك بالمكان الذي دعا فيه النبي r وصلى فيه واستجيب له كما ذكرنا آنفاً وبهذه النصوص الثابتة يبدو لنا أنه مذهب سائر الصحابة وإن لم يرو عنهم بالتفصيل.

    ومثله القول في تابعي المدينة، فقد ورد في البخاري أن سالم بن عبد الله بن عمر كان مثل أبيه يتحرى تلك الأماكن النبوية.

    ولما تتبع أمير المدينة عمر بن عبد العزيز عام (89هـ) أو بعدها هذه الأماكن النبوية لم ينكر عليه أحد من التابعين بالمدينة، ولا من الصحابة وكان بقي منهم ستة من صغار الصحابة(1)، بل نقل أنهم أعانوه على ذلك ودلوه على تلك الأماكن.

    ومشروعية التبرك بالأماكن النبوية هو مذهب البخاري كما ذكرنا ومذهب البغوي والنووي وابن حجر بل هو مذهب الإمام أحمد – رحمه الله – وقد استدل الإمام على ذلك بأن الصحابة كانوا يمسحون أيديهم برمانة المنبر يتركون بالموضع الذي مسته يد النبي r، وهو مذهب الإمام مالك فقد روى أبو نعيم في الحلية أن هارون الرشيد أراد أن ينقض منبر النبي r ويتخذه من جوهر وذهب وفضة فقال له مالك: " لا أرى أن تحرم الناس من أثر النبي r، وسبق نقل كلامه في استحباب صلاة النافلة في مكان مصلاه r من مسجده ".

    - أقول:

    1- قد سبق بيان عدم مشروعية التبرك بالأماكن وبيان بطلان استدلال القارئ وضعف أدلته وبيان بطلان تعلقه بالصحابة في مسألة التبرك بالأماكن وأن ما فعله ابن عمر وسلمة بن الأكوع وعِتبان بن مالك إنما هو من باب التأسي.

    وأن مشروعية التأسي به r في الأمكنة ليس على إطلاقه وإنما في الأمكنة التي قصد الرسول r التعبد فيها، وأن تتبع ابن عمر للأماكن التي نزل رسول الله r فيها اتفاقاً لا قصداً أمر قد انفرد به ابن عمر من بين أصحاب رسول الله r؛ أكابرهم وأصاغرهم، وذلك من الأدلة الواضحة على عدم مشروعية هذا التتبع من ابن عمر، وهو اجتهاد منه في غير محله.وتقدم أن عمر ابن الخطاب الخليفة الراشد قد أنكر ذلك على من يفعله وأقره الصحابة الحاضرون.

    2 -لم يقم القارئ دليلاً على حضور ابن عمر مع بعض الصحابة الذين حضروا صلاة النبي r في بيت عِتبان.

    3- طلب عِتبان بن مالك من النبي r أن يصلي في بيته ليجعل ذلك مسجداً، لا يدل على أن قصد عِتبان التبرك بالصلاة في هذا المسجد، وإنما يقصد التأكد من قبلة هذا المسجد حسب ما يظهر من حاله، كما يقصد التأسي بالنبي r، وقد تقدم بيان ذلك.

    والنبي r لم يقر عِتبان على التبرك وإنما أقره على التأسي.

    4-وقوله: " ولم ينقل أن عمر أنكر على ابنه عبد الله " فيه نظر من وجوه:

    أ*- عدم نقل إنكار عمر على ابنه لا يدل على أنه أقره، وكيف ينكر على من يفعل مثل فعل ابنه ويقر ابنه؟ حاشاه وحاشا من هو دونه من هذا الفعل.

    وهذا يؤدي إلى اتهام عمر – رضي الله عنه – بالمحاباة لابنه وهو الصداع بالحق، ولا يسلك فجاً إلا سلك الشيطان فجاً غير فجه، فلا يجوز أن ينسب إليه ما يدعيه القارئ.

    ب*- ومنها: احتمال أن عمر ما كان يعلم أن ابنه يفعل هذا، بل قد يكون الصحابة جميعاً لا يعلمون هذا، فقد يعمل الإنسان العمل الذي يرى أنه يقربه إلى الله ولا يطلع عليه غيره، كما كان أبو هريرة -رضي الله عنه- يفعل، فقد روى مسلم بإسناده([1]) إلى أبي حازم قال: " كنت خلف أبي هريرة وهو يتوضأ للصلاة، فكان يمد يديه حتى تبلغ إبطه، فقلت: يا أبا هريرة ما هذا الوضوء؟ فقال: يا بني فروخ! أنتم هاهنا، لو علمت أنكم هاهنا ما توضأت هذا الوضوء، سمعت خليلي يقول: ( تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء )".

    5- يحتمل أن ابن عمر ما كان يفعل هذا في أول حياته في عهد أبي بكر وعمر ثم طرأ له نوع اجتهاد أن يفعله وهذا احتمال معقول لأن الرجل طال عمره بعد أبيه حيث توفي عام ثلاثة وسبعين بينما توفي أبوه في عام ثلاثة وعشرين، فالفرق بين وفاتيهما خمسون عاماً.

    وربما ما كان يحب أن يُقتدى به في هذا الفعل، ولذا لم يطلع على عمله إلا سالم ابنه ومولاه نافع، هذا مع أن قصده التأسي وحاشاه أن يكون على سنن من قبلنا في الغلو والتبرك بالآثار المؤدي إلى الضلال والشرك.

    وقوله: " ولم يرد عن أحد من الصحابة أنه أنكر عليه..الخ".

    - أقول:

    هات الدليل أن الصحابة قد اطلعوا على فعل ابن عمر هذا ثم أقرّوه، واحتمال أنه كان يخفي هذا العمل وارد وقد سبق.

    ومَن مِن الصحابة كان يرافقه في سفره ويراقب حركاته؟! هذا شيء بعيد فقد يسافر الرجل ويعمل أعمالاً لا يطلع عليها غيره، لا سيما هذا العمل الذي زجر عنه أبوه ثم اجتهد في فعله.

    1- وقولك :"وعدم إنكارهم (يعني الصحابة) يدل على مشروعيته".

    أقول : سبحان الله أمر مشروع يعرض عنه الصحابة إعراضاً كلياً ثم يهتم به الخلوف ويقومون به ويدافعون عنه سبحان الله مرة أخرى وافهم مؤدى كلامك !!

    وتعلقه بعمل سلمة بن الأكوع من تحريه الصلاة عند اسطوانة المصحف التي كان يشاهد رسول الله r يتحرى الصلاة عندها قد تقدم أن عمله هذا من التأسي والاقتداء المشروع لا من باب التبرك الممنوع.

    وأما تعلقه بعمل جابر فقد تقدم بيان ضعف حديثه وعلله، ثم على تسليم ثبوته فليس عمله من باب التبرك المزعوم.

    وقوله: " وبهذه النصوص الثابتة يبدو لنا أنه مذهب سائر الصحابة وإن لم يرو عنهم بالتفصيل ".

    - أقول: هذه دعوى كبيرة تقدم بطلانها وبراءة الصحابة منها، وأن ما تعلق به من حديث ابن عمر وحديث سلمة بن الأكوع وإن صحا فليس فيهما دلالة على التبرك الذي نهى عنه عمر لأنه من إتباع أهل الكتاب، ونهى النبي r عن اتخاذ قبره مسجداً ولعن اليهود والنصارى لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.

    وقول النبي r لمن طلبوا منه ذات أنواط: ( لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه )([2]).

    فهذه الأحاديث يفقه الفطن منها تحريم تتبع الآثار للتبرك بها وأنه من سنن من قبلنا بل أشدها خطراً وأقواها تشبها بمن قبلنا فكيف يكون هذا مذهب سائر الصحابة؟!

    نزههم الله عما ينسبه إليهم القارئ!!

    وقوله: " ومثله القول في تابعي المدينة، فقد ورد في البخاري أن سالم بن عبد الله بن عمر كان مثل أبيه يتحرى تلك الأماكن ".

    - أقول:

    سبحان الله، كيف تنسب فعل شخص واحد إلى تابعي المدينة كلهم وهل يجوز هذا شرعاً وعقلاً ولغة؟.

    ثم ليس عندك دليل على أن سالماً كان يفعل هذا تبركاً.

    وقوله: " ولما تتبع أمير المدينة عمـر بن عبد العزيز عام (89هـ) أو بعدها هذه الأماكن النبوية لم ينكر عليه أحد من التابعين بالمدينة ولا من الصحابة وكان بقي منهم ستة من صغار الصحابة، بل نقل أنهم أعانوه ودلوه على تلك الأماكن ".





    - أقول:

    تقدم أن هذا النقل لم يثبت؛ ومع هذا فليس فيه أن الباقين من صغار الصحابة أعانوه، وليس فيه أن التابعين أعانوه، والظاهر أنّه لم يكن في عهد ولاية عمر بن عبد العزيز من صغار الصحابة على قيد الحياة إلا ثلاثة وهم:

    1. السائب بن يزيد، ت (91هـ ).

    2. ومحمود بن لبيد، ت (96هـ).

    3. ومحمود بن الربيع، ت ( 99هـ ).

    ولو ثبت هذا النقل الغريب فليس هناك دليل على أنهم دلوا عمر بن عبد العزيز على هذه الأماكن وأعانوه.

    قوله: " ومشروعية التبرك بالأماكن النبوية هو مذهب البخاري كما ذكرنا، بل هو مذهب البغوي النووي وابن حجر، بل هو مذهب الإمام أحمد -رحمه الله- ".

    - أقول: لا يجوز نسبة تجويز التبرك بالأماكن إلى البخاري مِن نقله لعمل ابن عمر وقصة عِتبان بن مالك!

    فنقله إن دل على شيء فإنما يدل على أنه يرى مشروعية التأسي بالصلاة في موضع صلى فيه النبي r.

    وأما الإمام أحمد فلم يعرف عنه إلا تجويز مس رمانة المنبر([3])،ولا يجوز أن ينسب إليه جواز التبرك بهذه المساجد ومنها المساجد السبعة.

    وأما مالك فقد ظلمته بقولك: "وهو مذهب مالك" مع أن مذهبه كراهة التمسح بالمنبر والقبر!! وتقدم النقل عنه وعن علماء المدينة أنهم كانوا يكرهون إتيان تلك المساجد وتلك الآثار بالمدينة، وتقدم النقل عن ابن تيمية إنكاره تتبع الآثار والبناء عليها، بل تقدم النقل عن عمر بن الخطاب ومن معه من الصحابة الإنكار على من تتبع آثار النبي r.

    وما أعتقد أنك نقلت عنه من مصدر موثوق!

    قولك: " واستدل الإمام على ذلك بأن الصحابة كانوا يمسحون أيديهم برمانة المنبر".

    - أقول: فإن كان عندك نقل صحيح عنه فبين لنا مصدرك بالجزء والصحيفة وإلا فالمأخذ عليك كبير!

    وقصة إرادة الرشيد نقض المنبر وتوجيه الإمام مالك إلى تركه بقوله: "لا أرى أن تحرم الناس من أثر النبي r".

    لم تثبت هذه القصة لأن أبا نعيم([4]) رواها من طريق المقدام بن داود متكلم فيه.

    قال ابن أبي حاتم: " سمعت منه بمصر وتكلموا فيه". الجرح والتعديل ( 8/303).

    وقال الذهبي فيه: "قال النسائي في الكنى: ليس بثقة. وقال ابن يونس وغيره تكلموا فيه. وقال محمد بن يونس البيكندي: كان فقيهاً لم يكن بالمحمود في الرواية ت (283هـ)" الميزان (4/175-176).

    وقولك: " وسبق نقل كلامه في استحباب صلاة النافلة في مكان مصلاه r من مسجده " .

    -أقول:

    إذا أجاز الإمام مالك الصلاة في مصلى النبي r الذي كان يتحرى الصلاة فيه كما في حديث سلمة بن الأكوع تأسياً بالنبي r.

    فهل يجوز لك أن تنسب إلى هذا الإمام أنه يجيز التبرك في المساجد الكثيرة والأماكن غيرها التي تدّعى أن النبي صلى فيها أو مشى فيها أو وجد فيها؟!

    لقد توسعت كثيراً في نسبة هذا المذهب إلى الصحابة أحياناً وإلى بعضهم أحياناً وإلى التابعين أحياناً وإلى كبارهم أحياناً، وكل ذلك لا يثبت عنهم، وما هكذا يا سعد تورد الإبل!!

    قال القارئ (ص25-26):

    " ومما يلاحظ في هذا الباب أنه منذ بنى عمر بن عبد العزيز المساجدَ النبويةَ على المواضع التي صَلَّى فيها النبي r وذلك عام (89) من الهجرة ، وأجيالُ العلماء تترى بالمدينة النبوية منذ عصر التابعين لم ينقل أن أحداً أنكر التبرك بالصلاة في هذه المساجد أو طالب بهدمها وإزالتها بأي ذريعةٍ كانت لم يحدث شيء من هذا إلا اليوم، وجد من ينادي بذلك من المشايخ، ويؤلف فيه الرسائل".

    - أقول:

    1- تسمية غير مسجد رسول الله r بالمساجد النبوية لا أعرفها إلا عن القارئ!

    2- قوله: "وذلك في عام (89) من الهجرة".

    - أقول: قد تكرر منه ذلك وفيه نظر من جهتين:

    الأولى: هذا التحديد بعام (89هـ ).

    والثانية: جزمه بأن عمر بن عبد العزيز قد بنى هذه المساجد الكثيرة في عام (89هـ) والمعروف الثابت المتواتر عن عمر بن عبد العزيز هو بناء المسجد النبوي فقط بأمر الوليد بن عبد الملك الخليفة آنذاك.

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: " ومن المعلوم المتواتر أن ذلك كان في خلافة الوليد بن عبد الملك وكان بعد بضع وثمانين وقد ذكروا أن ذلك كان سنة إحدى وتسعين وأن عمر بن عبد العزيز مكث في بنائه ثلاث سنين " كتاب الرد على الأخنائي (ص138).

    وقول القارئ: " وأجيال العلماء تترى ( يعني من التاريخ السابق ) بالمدينة النبوية منذ عصر التابعين لم ينقل أن أحداً أنكر التبرك بالصلاة في هذه المساجد أو طالب بهدمها وإزالتها بأي ذريعة كانت، لم يحدث شيء من هذا إلا اليوم وجد من ينادي بذلك من المشايخ ويؤلف فيه الرسائل ".

    - أقول:

    لم توجد هذه المساجد في عصر التابعين ولم يثبت أن عمر بن عبد العزيز قام ببنائها وهذا التاريخ الذي ذكرته وذكر شيخ الإسلام خلافه إنما هو تاريخ بناء مسجد الرسول r.

    ولا تستطيع أن تثبت بالأسانيد الصحيحة متى بنيت هذه المساجد خاصة في القرون المفضلة التي شهد لها رسول الله r بالخيرية: ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يأتي بعدهم أناس يشهدون ولا يستشهدون وينذرون ولا يوفون ويكثر فيهم السمن )([5]).

    ويمكن وجود أولها على أيدي الروافض، مثل مسجد علي ومسجد سلمان -رضي الله عنهما- ثـم قـلدهم الصـوفية فأكملـوا المساجد السبعة في العصور المتأخرة.

    وقولك: "لم ينقل أن أحداً أنكر التبرك بالصلاة في هذه المساجد".

    - أقول:

    إن هذا الكلام غير صحيح.

    فقد حذر رسول الله r أمته من أن تسير على سنن من قبلنا من الأمم كاليهود والنصارى.

    ونهى عمر بن الخطاب t من يتتبع مثل هذه الآثار وأقره كبار الصحابة وغيرهم.

    - قال الإمام محمد بن وضاح القرطبي -رحمه الله- في كتابه ما جاء في البدع (ص91-92) ما نصه:

    "وكان مالك بن أنس وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجدِ وتلك الآثار للنبي r بالمدينة ما عدا قباءً وأحداً.

    قال وسمعتُهم: يذكرون أن سفيان الثوري دخل مسجد بيت المقدس فصلى فيه ولم يتبع تلك الآثارِ ولا الصلاةَ فيها، وكذلك فعل غيره أيضاً ممن يقتدى به. وقَدِمَ وكيع أيضاً مسجدَ بيتِ المقدسِ فلم يَعْدُ فعِل سفيان.

    قال ابن وضاح: فعليكم بالإتباع لأئمةِ الهُدى المعروفينَ، فقد قال بعضُ مَنْ مَضى: كَمْ مِن أمْرٍ هو اليومَ معروفّ عند كثير ٍ من الناس كان منكراً عند مَنْ مضى ومتحبِّبٍ إليه بما يُبْغِضُه عليه ومتقرب إليه بما يُبعِدُه منه، وكٌلُّ بدعةٍ عليها زينةُ وبهجةُ".



    - وقال زين الدين مرعي بن يوسف الكرمي -رحمه الله- في كتابه شفاء الصدور في زيارة المشاهد والقبور(ص301-302) ما نصه:

    "وقال محمد بن وضاح كان مالك وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان المساجد وتلك الآثار بالمدينة ما عدا قباء وأُحداً، ودخل سفيان الثوري بيت المقدس وصلى فيه ولم يتبع تلك الآثار ولا الصلاة فيها،فهم كرهوا ذلك مطلقاً.

    وقد كان أبوبكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وسائر السابقين الأولين من الأنصار والمهاجرين يذهبون من المدينة إلى مكة حجاجاً وعماراً ومسافرين ولم ينقل عن أحد منهم أنه تحرى الصلاة في مصليات النبي r

    وقد قال r:(عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة)([6]).

    وتحري هذا ليس من سنة الخلفاء الراشدين بل هو مما ابتدع.

    وأما من احتج بفعل ابن عمر رضي الله عنه؛ فما فعله ابن عمر لم يوافقه أحد عليه من الصحابة، ولم ينقل عن الخلفاء الراشدين ولا غيرهم من المهاجرين والأنصار أنه كان يتحرى قصد الأمكنة التي نزلها النبي r لأجل العبادة فيها".

    - أقول: انظر كيف كان العلماء يكرهون إتيان هذه الأماكن للتأسي بالنبي r واعتبروه من البدع فكيف إذا كان تتبعها للتبرك الذي يدعو إليه القارئ؟!!

    وكيف إذا كان المتتبعون لهذه الآثار للتبرك بها هم أهل البدع والغلو؟!!

    ولا يتصور أن هذه الأمة التي لا تجتمع على باطل أن تسكت عن بكرة أبيها فلا تقول كلمة إنكار لمثل هذا العمل الذي حذر من مثله رسول الله r ونهى عنه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب t وأقره كبار الصحابة وغيرهم ولا سيما وفي هذه الأمة الطائفة المنصورة التي لا تزال على الحق.

    وكيف تسكت هذه الأمة عن المنكرات التي ترتكب عند هذه المساجد من اتخاذها أعياداً والتمسح بها والأخذ من تربتها وكون سبعة مساجد منها تبنى في موضع لا يجوز أن يُبنى فيه إلا مسجد واحد.

    ولم يطلب العلماء من أهل السنة المعاصرين هدمها لأنها مساجد رسول الله r ونعوذ بالله أن يفعل مسلم ذلك مهما بلغ في الفجور.

    وإنما يرى ويفتي بعض العلماء بِهدمها لأن وضعها غير شرعي، ومقاصد من بنوها يبدو أنها غير شرعية.

    فلعل بعضهم بناها من منطلق عقيدة فاسدة كالروافض أو غلاة الصوفية الذين يفتعلون آثاراً ويبنون عليها المساجد والمشاهد ويجرون الناس بأعمالهم هذه إلى الخرافات والضلال والتبرك بجدران هذه المساجد وأتربتها.

    وممن سبق إلى إنكار التبرك بالصلاة في هذه المساجد وأمثالها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في أواخر القرن السابع وأوانل القرن الثامن الهجري.

    قال -رحمه الله- في " اقتضاء الصراط"(ص425-426-الفقي) : " والمسألة الثالثة أن لا تكون تلك البقعة في طريقه بل يعدل عن طريقه إليها أو يسافر إليها سفرا طويلا أو قصيرا مثل من يذهب إلى حراء ليصلي فيه ويدعو أو يسافر إلى غار ثور ليصلي فيه ويدعو أو يذهب إلى الطور الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام ليصلي فيه ويدعو أو يسافر إلى غير هذه الأمكنة من الجبال وغير الجبال التي يقال فيها مقامات الأنبياء وغيرهم أو مشهد مبني على أثر نبي من الأنبياء مثل مكان مبني على نعله ومثل ما في جبل قاسيون وجبل الفتح وجبل طور سيناء الذي ببيت المقدس ونحو هذه البقاع فهذا ما يعلم كل من كان عالما بحال رسول الله صلى الله عليه وسلم وحال أصحابه من بعده أنهم لم يكونوا يقصدون شيئا من هذه الأمكنة .. " اهـ.

    ثمَّ تحدَّث عن حراء ومجيء جبريل بالوحي إليه ثم قال رحمه الله : " فـتحنثه وتعبده بغار حراء كان قبل المبعث ،ثم إنَّه لما أكرمه الله بنبوته ورسالته ،وفرض على الخلق الإيمان به وطاعته واتِّباعه : أقام بمكة بضع عشرة سنة هو ومن آمن به من المهاجرين الأوَّلين الذين هم أفضل الخلق ،ولم يذهب هو ولا أحد من أصحابه إلى حراء ،ثم هاجر إلى المدينة واعتمر أربع عُمَر : عُمرة الحديبية التي صدَّه فيها المشركون عن البيت الحرام -والحديبية عن يمينك وأنت قاصد مكة إذا مررت بالتنعيم عند المساجد التي يقال إنها مساجد عائشة والجبل الذي عن يمينك يقال له جبل التنعيم والحديبية غربيه- ثم إنه اعتمر من العام القابل عمرة القضية ودخل مكة هو وكثير من أصحابه وأقاموا بها ثلاثاً ،ثم لماَّ فتح مكة وذهب إلى ناحية حنين والطائف شرقي مكة فقاتل هوازن بوادي حُنين ثم حاصر أهل الطائف وقسَّم غنائم حُنين بالجعرانة ،فأتى بعمرته من الجعرانة إلى مكة ،ثم إنَّه اعتمر عمرته الرابعة مع حجة الوداع ،وحج معه جماهير المسلمين لم يتخلف عن الحج معه إلا من شاء الله وهو في ذلك كلِّه لا هو ولا أحدٌ من أصحابه يأتي غار حراء ولا يزوره ولا شيئاً من البقاع التي حول مكة ،ولم يكن هناك عبادة إلاَّ بالمسجد الحرام وبين الصَّفا والمروة وبمنى ومزدلفة وعرفات .وصلَّى الظهر والعصر ببطن عُرنة وضربت له القبة يوم عرفة بنمرة المجاورة لعرفة.

    ثم بعده خلفاؤه الراشدون وغيرهم من السابقين الأوَّلين لم يكونوا يسيرون إلى غار حراء ونحوه للصَّلاة فيه والدعاء .

    وكذلك الغار المذكور في القرآن في قوله تعالى : ﴿ ثاني اثنين إذ هما في الغار ﴾ وهو غار بجبل ثور يمان مكة ،لم يشرع لأمته السفر إليه وزيارته والصلاة فيه والدعاء ،ولا بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة مسجداً غيرَ المسجد الحرام ،بل تلك المساجد كلها مُحدَثة ؛مسجد المولد وغيره ،ولا شرع لأمته زيارة موضع المولد ولا زيارة موضع بيعة العقبة الذي خلف منى ،وقد بُنيَ هناك مسجد . ومعلوم أنه لو كان هذا مشروعاً مستحباً يُثيب الله عليه ،لكان النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بذلك ،وأسرعهم إليه ولكان يُعلِّم أصحابه ذلك ،وكان أصحابه أعلم بذلك وأرغب فيه ممن بعدهم ،فلماَّ لم يكونوا يلتفتون إلى شيء من ذلك عُلِم أنَّه من البدع المحدثة التي لم يكونوا يعدونها عبادة وقربة وطاعة ،فمن جعلها عبادة وقربة وطاعة فقد اتَّبع غير سبيلهم وشرع من الدِّين مالم يأذن به الله .

    وإذا كان حكم مقام نبينا صلى الله عليه وسلم في مثل غار حراء الذي ابتدىء فيه بالإنباء والإرسال وأنزل عليه فيه القرآن مع أنه كان قبل الإسلام يتعبد فيه وفي مثل الغار المذكور في القرآن الذي أنزل الله فيه سكينته عليه .

    فمن المعلوم أن مقامات غيره من الأنبياء أبعد أن يشرع قصدها والسفر إليها لصلاة أو دعاء أو نحو ذلك إذا كانت صحيحة ثابتة فكيف إذا علم أنها كذب أو لم يعلم صحتها ؟! " اهـ.



    قال القارئ (ص 26-27):

    "ويشدد هؤلاء المشايخ في هذه المسألة محتجين بحجتين:

    الأولى:حديث رواه عبدا لرزاق وابن أبي شيبة عن المعرور بن سويد قال:كنت مع عمر بين مكة والمدينة فصلى بنا الفجر فقرأ ﴿ألَم تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبُّكَ بأصحاب ِ الفِيل﴾. و﴿لإِيلفِ قٌرَيش﴾ ثم رأى قوماً ينـزلونَ فُيصَلُّون في مسجدٍ فسألَ عنهم فقالوا:مسجد صلَّى فيه النبي r،فقال: (إنما هلك من كان قبلكم أنهم اتخذوا آثار أنبيائهم بِيَعاً، مَن مَرً بشيءٍ من المساجد فحضرت الصلاة فليصل وإلا فليمضِ )([7]).

    فهذا أثر موقوف على عمر - رضي الله عنه- فكيف يناهض حديثَيِن مرفوعَيِن مقطوعاً بِهما رواهما البخاري ومسلم وهما حديث عِتبان،وحديث سلمة بن الأكوع المتفق عليه. ومع ذلك فإنه يمكن الجمع بأن عمرَ كَرَهَ زيارتَهُم لهذه الأماكن بغير الصلاةٍ،أو خَشِيَ أن يُشكِلَ ذلك على من لا يعرف حقيقةَ الأمرِ فيظنه واجباً،ذكره ابن حجر في الفتح "([8]).

    ` لا تعارض بين نهي عمر وعمل سلمة بن الأكوع:

    قوله:

    "فإذا لم يُقبل هذا الجمع فالترجيح، هذا هو مَسلك العلماء عند تعارض النصوص،وبلا تردُّدٍ نُرجِّح الحديث المرفوعَ المتفق عليه".

    - أقول: قولك عن حديث عمر: " فهذا أثر موقوف فكيف يناهض حديثين مرفوعين مقطوع بها رواهما البخاري ومسلم ".

    لا ينبغي التهوين من حديث قاله هذا الخليفة الراشد انطلاقاً من منهج ومن فقه عظيم لرسالة الإسلام ومقاصدها ومعرفة المصالح والمفاسد والذرائع الموصلة إلى المفاسد الكبرى الموصلة إلى الشرك.

    إن نهي عمر عن التبرك بالأماكن مستقىً من منهج إسلامي حكيم، ومن مسلك رسول الله r في محاربة الشرك ووسائله ومحاربة اتباع ضلال أهل الكتاب الذين أهلكهم الغلو وتتبع آثار الأنبياء وبناء الكنائس والبيع عليها.

    كلام عمر ليس مجرد رأي ومجرد اجتهاد قد يكون خطأ، وإنما هو كما ذكرت لك مستمد من منهج ومن توجيهات رسول الله r الحكيمة المقطوع بها، وقد ذكرت النصوص التي استند إليها عمر وغيره وأنها تؤيد موقف عمر، وعمر منطلق منها وكذلك من ينكر بناء هذه المساجد والتبرك بها من السابقين واللاحقين منطلق من منهج إسلامي ومن موقف عمر الذي انطلق من هذا المنهج.

    وحديث سلمة بن الأكوع لا حجة لك فيه؛ فإنه في واد وأنت في واد آخر؛ هو في وادي التأسي برسول الله r وأنت في وادي التبرك الممنوع الذي يدندن حوله الروافض والصوفية الغلاة ثم يمكن أن يقال إن فعل سلمة اجتهاد منه في هذا التأسي والتحري للصلاة في المكان الذي كان يتحراه رسول الله r فيصلي فيه أما غيره من الصحابة ومنهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وباقي العشرة المشهود لهم بالجنة ، فلم يفعلوا ذلك مع علمهم يتحري رسول الله r للصلاة في هذا الموضع المعروف، فلماذا لم يتحر هؤلاء الصحابة الكرام الذين هم أعلم وأفضل واحرص على التأسي برسول الله r من سلمة بن الأكوع رضي الله عنه؟!

    ولو كان رسول الله r شرعه لسبق هؤلاء الصحابة الكرام سلمة بن الأكوع وغيره إلى تنفيذه ولو كان رسول الله r أمر بالتبرك بهذا المكان لصحت دعوى القارئ أن هذا أمر مقطوع به.

    أما والأمر كما ذكرت فهذه الدعوى بقطعية أدلة التبرك تصبح لا أساس لها فضلا أن تكون من القطعيات.

    وأقول: لا تعارض بين فعل سلمة بن الأكوع t ونهي عمر t وما يدعمه من منهج ونصوص نبوية.

    فإن فعل سلمة رضي الله عنه للتأسّي، وهذا التأسّي لا علاقة له بعمل أهل الكتاب الضالين. أي: تتبعهم للآثار غلوا وتبركا ممنوعاً.

    ونهي عمر t إنما هو عن التبرك المهلك الذي أهلك أهل الكتاب فجرهم إلى الشرك وعبادة الأنبياء بعد اتخاذ أثارهم كنائس وبيعا.

    والجمع الذي ذكره الحافظ ابن حجر لا يُسَلّم له؛ لأنه بعيد عن المنهج الصحيح وعن البراهين الواضحة -في هذا الباب- التي انطلق منها عمر ومن يسير على نهجه.

    وما ذكره القارئ من الترجيح فهو أبعدو أبعد من جمع الحافظ إذ كيف يرجح فعل سلمة رضي الله عنه على قول عمر المستند إلى نصوص ومنهج وأصول الإسلامية منها سد ذرائع الشرك.



    --------------------------------------------------------------------------------

    (1) ما كان موجوداً عند بناء عمر بن عبد العزيز لمسجد رسول الله من أصحاب رسول الله إلا ثلاثة من صغار الصحابة، وأما المساجد فلم يثبت أن عمر بن عبد العزيز قام ببنائها كما تقدم بيان ذلك فضلاً عن حضور بعض الصحابة والتابعين لهذا البناء المزعوم ومعاونتهم لعمر بن عبد العزيز.

    ([1]) في الطهارة حديث (250).

    ([2]) تقدم تخريجه (ص 44).

    ([3]) وقد احترق منبر النبي r وعُمل منبر آخر بدله، لم يمسّه النبي r ولا خطب عليه، فمن يتبرك اليوم بالمنبر الموجود فإنما يتبرك بآثار غيره!!

    ([4]) حلية الأولياء (3/116).

    ([5]) أخرجه البخاري في الفضائل حديث (3451) ومسلم في الفضائل حديث (2533).

    ([6]) تقدم تخريجه( ص 44 ).

    ([7]) وأحال بهذا النص عن عمر رضي الله عنه إلى مصنف عبد الرزاق (2/118) ومصنف ابن أبي شيبة (2/376)

    ([8]) وأحال على فتح الباري (1/569).

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي

    سد الذريعة إلى الشرك والبدع أصل عظيم وموجبه قائم ومنه انطلق عمر والأئمة بعده

    قال القارئ (ص27-29):

    " والأخرى:قاعدة سَدِّ الذرائع، فهؤلاء المشايخ جزاهم الله خيراً رأوا أن قَصْدَ هذه الأماكن النبوية للتبرك بآثار النبي r ذريعة للغلو والشرك.

    فنقول: إن هذه الذريعة المتوهمة معدومة، أو هي ضعيفةً مرجوحةُ غيرُ مُعْتَبَرةٍ ؛لأنها في زمن النبوة لم تكن معتبرة كما يدل عليه حديثُ أنه r فَرقَ شعرَهٌ بين الصحابة ليتبركوا به وحديث عِتبان بن مالك أنه صلَّى في داره ليتخذه مُصَلًى ؛ مع أن الذريعة موجودة لقُرب عهدهم بالشرك،كما قال r لأم المؤمنين عائشة: (لولا أن قومك حَدِيثُوا عهدٍ بشركٍ لهَدَمْتُ الكعبةَ ثم أقَمْتُهَا على قواعد إبراهيم).

    وإن كان كبار الصحابة وفقهاؤهم لا يخاف عليهم من ذلك، لكن كان في الصحابة من يخاف عليه،مثل أولئك الذين قالوا للنبي r :اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط.

    فقال r: (قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة).

    وكذلك هذه الذريعة لم تكن معتبرة في عهد الصحابة مع قرب عهد كثير من الناس بالشرك ، والردة في عهد الصديق أكبر دليل على ذلك .

    وكذلك لم تُعتبر هذه الذريعة في زمنِ التابعين وهاهو عمر بن عبدا لعزيز –رحمه الله –يتتبع المواضعَ التي صلَّى فيها النبي r ويبني عليها المساجد، بمحضَرٍ ممن بَقِيَ من صغار الصحابة وبمحضَرٍ من التابعين ".

    - أقول:

    إن تهوين القارئ من قاعدة سد ذريعة الشرك أمر عجيب لا سيما قوله: " لكن كان في الصحابة من يخاف عليهم من ذلك واحتج بحديث ذات أنواط... الخ.

    - أقول: كيف لا يؤمن إلا على كبار الصحابة في زمن النبي r ويخاف على من عداهم، ولا يخاف القارئ على هذه الأمة في العصور المتأخرة وفي هذا العصر بالذات وهو يعلم حال أهل هذه العصور من عهد ابن عقيل الحنبلي وإلى عهد أبي شامة الشافعي وعلماء الأحناف وابن تيمية وتلاميذه وابن عبد الوهاب وتلاميذه والشوكاني والصنعاني والسهسواني والآلوسي، وهذه مؤلفاتهم وعصورهم تشهد أن هذه الأمة بأشد الحاجة إلى سد الذرائع ولاسيما في عصورها المتأخرة وفي هذا العصر بالذات، وسيأتي شي من بيان حال هذه الأمة المُحَتِّم للأخذ بأصل سد الذرائع.

    وحديث عِتبان لا يتصادم مع المنهج الإسلامي والنصوص التي تدعم عمر، ومنها انطلق؛ لأنه من باب التأسي بالنبي r، وللتأكد من صحة قبلة مسجده كما يؤخذ من حديثه وواقعه؛ فإنه فاقد البصر أو ضعيفه يحتاج إلى ثقة يدله على القبلة، ولا أوثق من رسول الله r ولا أعدل منه عند الله وعند المسلمين.

    فلا تعارض بين حديثه وموقف عمر على الوجه الذي ذكرته.

    ` الذريعة محققة ورُوَّاد هذه المساجد والآثار هم الروافض والقبوريون:

    وقوله:" إن هذه الذريعة المتوهمة معدومة".

    من أعجب العجائب كيف وهو يعلم والناس خاصهم وعامهم يعلمون أن رواد هذه الآثار والمساجد والعيون والآبار إنما هم الروافض وصوفية القبور والخرافات الذين يشيدون المساجد والمشاهد على قبور الأولياء وغير الأولياء بل ويتبركون بالأشجار والأحجار ويتعلقون بالأولياء ويطوفون حول قبورهم ويقيمون لهذه القبور الأعياد والاحتفالات ويتقربون إليهم بالذبائح وهذه الأصناف يشكلون طرقاً صوفية ورافضية لا تحصى في العالم الإسلامي وغيره وهم لا يعلمون معنى لا اله إلا الله ولا يرون الشرك إلا في عبادة قريش لأوثانهم أما هذه الأعمال الشركية التي ترتكب عند القبور من دعاء لأهلها وذبح لهم ونذور فهي عندهم من الإسلام.

    فهؤلاء هم رواد هذه الآثار التي يتباكى عليها القارئ مع أنها آثار مفتعلة، لا يصح نسبتها إلى رسول الله r، ولا يدخل فيها مسجد رسول الله ومسجد قباء.

    وأعتقد أن القارئ يعرف تماماً أفعال هؤلاء الرواد ومنها التمسح بجدران مسجد رسول الله r ومنها ما يفعلونه عند مقبرة البقيع ومقبرة الشهداء بأحد والمساجد السبعة، هذا بالإضافة إلى معرفته بأحوالهم في بلدانهم وتعلقهم الباطل بالقبور والمشاهد والمساجد التي بنيت عليها.

    فكان من واجبه أن يقف إلى جانب هؤلاء العلماء الذين يبخل عليهم بكلمة علماء ويسميهم بالمشايخ، كان عليه أن يقف إلى جانبهم يؤيدهم بأقواله وكتاباته، لا أن يعارضهم بشبهاته وإلغاء حججهم وأصولهم الإسلامية التي ينطلقون منها ومن الأصل الأصيل الذي هو سد الذرائع إلى الشرك، ويحكم عليها بأنها متوهمة ومعدومة.

    وإذا كان سد الذرائع قائما في عهد رسول الله r وفي القرون المفضلة، فكيف بعصور الجهل التي ساد فيها الرفض والتصوف الغالي وصار الدين الحق فيها غريباً كما قال رسول الله r " بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء"(1) .

    فهل ترى أيها القارئ أن عهد رسول الله يحتاج إلى سد الذرائع بينما عصور الجهل بحقيقة الإسلام ولا سيما هذا العصر لا تحتاج إلى سد الذرائع؟!

    ` بل سد الذرائع معتبر على امتداد التاريخ الإسلامي:

    قال القارئ ( ص29-30):

    " ولم تعتبر هذه الذريعة طيلة تلك العصور منذ القرون المفضلة إلى اليوم ،مع توافر العلماء لم نسمع أن أحداً منهم أنكر على المواضع النبوية ( مساجد، وآبار، وغيرها ) أو طالب بإزالتها – وقد كانت قائمة – وذلك خوفاً من ذريعة الشرك، بل صنفوا الكتب في تحديدِ هذه المواضع واعتنوا بذلك مما يدل على أن هذه الذريعة التي يحتجُّ بها المشايخ متوهمة،وقد وقعوا في المبالغةِ لِعَدَمِ معرفتهم بأحوال الناس..

    أنا أعيش وسط هذه الآثار النبوية بالمدينة الشريفة وأَدْرُسُهَا منذ أربعين سنة، وأكاد أجزم أنَّ مُعْظَمَ الناسِ الذين يرتادونها إنما يفعلون ذلك بنيةِ التبرك بالنبي r وآثاره ؛وهذه نية صحيحة.

    فإن وقع من بعض المسلمين غيرُ ذلك عند هذه الآثار فهذا بسبب الجهل،فهم بحاجة ماسَّيةٍ لتعليمهم أمورً دينِهمِ،وليس بسبب وجودِ هذه الآثار، وهذا هو مايُفْهَم من صنيع السلف الذين أقَرُّوا هذه الآثار ولم ينادوا بهَدْمها وإزالتها مع وقوع الشرك من بعض الناس في مختلف العصور".

    - أقول: على هذا الكلام ملاحظات:

    الأولى: على قوله: " ولم تعتبر هذه الذريعة طيلة تلك العصور منذ القرون المفضلة مع توافر العلماء لم نسمع أحداً منهم أنكر على المواضع النبوية ( مساجد وآبار وغيرها ) أو طالب بإزالتها وقد كانت قائمة ".

    - أقول:

    هذه الذريعة معتبرة على امتداد التاريخ الإسلامي، والإنكار على تتبع الآثار قائم من عهد رسول الله r إلى عهد عمر والصحابة إلى عهد مالك وغيره من علماء المدينة إلى عهود ما قبل ابن تيمية وبعده إلى يومنا هذا والجهل بالواقع والحقائق لا يُعدّ علماً.

    وقوله: " بل صنفوا الكتب في تحديد هذه المواضع واعتنوا بذلك مما يدل على أن هذه الذريعة التي يحتج بها المشايخ متوهمة وقد وقعوا في المبالغة لعدم معرفتهم بأحوال الناس ".

    - أقول:

    من هم العلماء الذين صنفوا الكتب في تحديد هذه المواضع؟! أهم ابن المسيب وسالم بن عبد الله بن عمر وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وغيرهم من الفقهاء السبعة والعلماء من طبقتهم؟ أم هم مالك بن أنس وعبيد الله بن عمر العمري وربيعة بن عبد الرحمن وابن أبي ذئب وأمثالهم من أتباع التابعين من محدثي الأمة وفقهائها؟!

    أم هم الثوري والأوزاعي وشعبة بن الحجاج وأبو حنيفة وسفيان بن عيينة من هذه الطبقة من الفقهاء والمحدثين؟!

    أم هم ابن المبارك ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي والشافعي؟!

    أم هم أحمد بن حنبل وعلي بن المديني وأقرانهم من فحول الفقهاء؟!

    أم هم البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وأقرانهم وتلاميذهم من كبار الفقهاء والمحدثين؟!

    هل أحد من هؤلاء ألف كتاباً في بيان هذه الآثار أو زارها متبركا بها؟!

    الجواب: لا أحد منهم ألف كتاباً أو روى حديثاً أو أثراً عن هذه المساجد والآثار أو زارها غير مسجد رسول الله r ومسجد قباء.

    إن الذين كتبوا في هذه الآثار أناس أخباريون لهم عناية بالعلم لكنهم يتلقفون الأخبار من كل حاطب ليل، لا يبالون أن يرووا عن الكذابين والضعفاء والمجاهيل وليسوا على طريقة أهل الحديث في التحري في نقل الأحاديث والآثار، هؤلاء مثل ابن شبة المتوفي سنة (262هـ ) وابن النجار المتوفي سنة (643هـ ) والسمهودي المتوفي سنة (911هـ)!!

    ` تطبيق أصل سد الذرائع ضروري وموجبه قائم وليس وهماً:

    وقوله: " مما يدل على أن هذه الذريعة متوهمة ".

    - أقول:

    في هذا الكلام مكابرة وإنكار لواقع مر.

    فكل إنسان يعيش في المدينة وعنده أدنى حد من فهم الإسلام وعقيدة التوحيد يرى ويسمع عند هذه الآثار من الروافض والصوفية ومن يقلدهم من الجهال ما يندى له جبين المؤمن ويؤرق مضجعه من الأفعال والأقوال المخالفة لما جاء به محمد r من توحيد وإخلاص الدين لله من التشريعات والآداب ولا سيما عند البقيع والمساجد السبعة، الأمور التي تؤكد ضرورة مراعاة هذه القاعدة العظيمة (سد الذرائع مقدم على جلب المصالح)، وتزداد هذه الضرورة ويتحتم الأخذ بها وتنفيذ كل ما تتطلبه من إزالة المنكرات التي تجرى فيها وفي ساحاتها.

    فمن السفسطات والمكابرات القول بأنها ذريعة متوهمة.

    قوله: " وأنا أعيش وسط هذه الآثار النبوية بالمدينة الشريفة وأدرسها منذ أربعين سنة وأكاد أجزم أن معظم الناس الذين يرتادونها إنما يفعلون ذلك بنية التبرك بالنبي r وآثاره وهذه نية صالحة.

    - أقول:

    إن أضعف الناس علماً وعقيدة لو جال مرة واحدة أيام احتشاد الروافض والصوفية القبورية في المواسم يدرك ما لا يدركه القارئ خلال أربعين سنة وهو يعيش وسط هذه الآثار ويدرسها من المخالفات الشنيعة لعقيدة محمد r وهديه.

    وكيف تكون أعمالهم تبركاً بالنبي r وقد اختار الرفيق الأعلى.

    وكيف يتبركون بآثاره ،ومنهجُهُ وعقيدتُهُ وتوجيهاتُهُ تبغض وتنكر هذا التبرك وتحذر منه وكيف يتبركون بآثار لا يعرفها أصحاب محمد r، ولو عرفوا لأنكروها أشد الإنكار بل لهدموها كما تهدم القبور المشيدة والمساجد التي تبنى عليها.

    وأخيراً كيف يتبركون بآثار لم تثبت نسبتها إليه ولا يجوز أن تنسب إليه.

    وكيف علمت أن نيات الروافض والقبوريين صحيحة ولو صحت فهل هي موافقة لهديه r؟ أما تعلم أيها القارئ أن العمل لا يقبل حتى يكون خالصاً لله موافقاً لما جاء به محمد r.

    إن هؤلاء المتهالكين على ما تزعمه من آثار بالإضافة إلى فساد عقائدهم في هذه الآثار والقبور التي يتعلقون بها في بلدانهم لهم حظ من قول الله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِين َ أَعْمَالا ، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ (سورة الكهف:103-104).

    أيا قارئ هل تريد أن تغالط من يعرفون هذا الواقع ويدركونه أكثر منك وقد تكون لا تدرك هذه المخالفات فيصدق عليك قول الشاعر:

    وعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا



    --------------------------------------------------------------------------------

    (1) أخرجه مسلم في الإيمان حديث (145) وأحمد (2/381) والترمذي في الإيمان حديث (2629) كلهم من حديث أبي هريرة t وأخرجه أحمد (1/398) من حديث عبد الله بن مسعود t .

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي

    السلف لم يقروا هذه الآثار

    وقوله:

    " فإن وقع من بعض المسلمين غير ذلك عند هذه الآثار فهذا بسبب الجهل، فهم بحاجة ماسة لتعليمهم أمور دينهم، وليس بسبب وجود هذه الآثار وهذا هو ما يفهم من صنيع السلف الذين أقروا هذه الآثار ولم ينادوا بهدمها وإزالتها مع وقوع الشرك من بعض الناس في مختلف العصور ".

    - أقول:

    عجباً لهذا الرجل فتارة يقول عن القاعدة العظيمة: أن هذه ذريعة متوهمة وتارة يقول: مع وقوع الشرك من بعض الناس في مختلف العصور.

    فهو يعترف بوقوع الشرك من بعض الناس في مختلف العصور، فهل ترى أن وقوع هذا الشرك لا يستدعي الأخذ بهذه القاعدة والاحتجاج بها على إزالة الآثار المزعومة كما أمر رسول الله r بهدم الأوثان وهدم القبور المشرفة وتسويتها؟.

    أليس العلة واحدة وهي خشية وقوع الشرك بالقبور؟ فكيف إذا تحقق وقوعها من بعض الناس كما اعترفت أيها القارئ بوقوع الشرك من بعض الناس في مختلف العصور.

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي

    أسباب التعلق بالقبور والآثار

    وقولك: " فهذا بسبب الجهل فهم بأمس الحاجة لتعليمهم أمور دينهم وليس بسبب وجود هذه الآثار ".

    - أقول:

    لا يحق لك أن تجعل سبب هذه المخالفات هو الجهل فحسب، فهناك تربيات على الرفض وهناك تربيات على التعلق بالقبور والآثار، مما يجعل هؤلاء أو غالبهم لا يقبل النصيحة والتوجيه والتعليم لما عندهم من التعصب والعناد الذي سببه التربية الماكرة ضد دعاة التوحيد والسنة.

    وأنا أسألك كم علَّمت خلال هذه الأربعين سنة التي عشتها وسط هذه الآثار من هؤلاء الجهال؟ وكم تاب منهم على يديك خصوصاً من الروافض؟.

    ألا يحق لمن يقف على كلامك من العقلاء أن يقول إن القارئ هو الذي يعيش في الأوهام.

    قال القارئ ( ص30 ):

    " لماذا لا نستغل وجودَ هذه الآثار وارتياد الناس لها ( خاصة الحجاج ) فننشئ عندها أنشطة لتوعية الناس؟ هذا أنفع للمسلمين وأكثر بركة ".

    - أقول:

    1- ما الفرق بين قولك هذا وبين من يعارض في هدم القبور المعبودة التي أمر رسول الله r بهدمها بشدة فيقول بمثل قولك:( لماذا لا نستغل وجود هذه المقابر وارتياد الناس لها(خاصةً الحجاج ) فننشئ عندها أنشطة لتوعية الناس، فهذا أنفع للناس وأكثر بركة) ويشن حملة شعواء على من يرى هدم هذه القبور ويحاربهم في أخذهم بقاعدة سد الذرائع.

    ألا ترى أن السعي في سلامة المسلمين من الفتن وإبعادهم عنها من الإحسان إليهم، وأن من الشرور المطالبة بالحفاظ على ما يضرهم ويوقعهم في الفتنة.

    2- الأنشطة لتوعية الناس موجودة – والحمد لله – بكثافة حيث تجند وزارة الشئون الإسلامية عشرات المدرسين ودعاة كثر ومترجمين بلغات شتى في داخل الحرمين وخارجهما في المساجد والمراكز يبصرون الناس بالعقائد الصحيحة وكيف يؤدون المناسك ويعلمونهم آداب زيارة النبي r وصاحبيه والزيارة الشرعية لأهل البقيع وشهداء أحد، ويحذرونهم من البدع والشركيات كما يعلمونهم في مجالات الإسلام الأخرى.

    وما أدري هل يعلم القارئ بهذه الأنشطة أو لا.

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي

    اتهامات ظالمة ومغالطات مُضَخَّمة ومكابرات

    قال القاريء (ص31):

    " لكنهم (يعني العلماء) اختاروا بديلا عجيبا يوارون به تقاعسهم وكسلهم وعجزهم،وهو هَدْمُ هذه الآثار النبوية واستئصالُ شأفتها..

    هذا البديل الذي اختاروه بحجة مفسدٍة مظنونةٍ هي وقوعُ الناس في الشِّرك أَدَّى إلى مفسدة مُحَقَّقَة وهي تغييرُ الطابَع الإسلاميِّ للمدينة ِالنبوية ُ فطغى عليها التغريب والفرنجة حتى اختفت المعالم النبوية، وارتفعت بدلاً منها الأبراجُ على الطريقة ِ الغربية ِ، وتحملُ أسماءَ يهوديةً: (الشيراتون) (الهيلتون) (الأنتركونتننتا ).. وسيأتي مزيد بيان لذلك".

    - أقول:

    هذا الكلام غير صحيح وغير لائق.

    ويا أخي هؤلاء لم يهدموا آثاراً نبوية ولا استأصلوا شأفتها وإنما هدموا مصايد نصبها الخرافيون للتأكل بها ولإفساد عقائد الناس، فإزالة هذه المصايد مما يرضي الله ومما أمر بإزالته وأمثاله رسول الله r.

    فيستحقون الشكر على إزالة ما يضر بالمسلمين وبعقائدهم، وعلى تنفيذ أوامر الله ورسوله في تغيير المنكرات.

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي

    مفسدة الشرك لا يعدلها مفسدة

    وقولك:

    " وهذا البديل الذي اختاروه بحجة مفسدة مظنونة هي وقوع الناس في الشرك أدى إلى مفسدة محققة وهي تغيير الطابع الإسلامي للمدينة النبوية فطغى عليها التغريب والفرنجة حيث اختفت المعالم النبوية...الخ".

    - أقول:

    1- إن المفسدة محققة وهي وقوع الشرك من بعض الناس باعترافك وهو أمر معروف عند الناس.

    ثم كيف تعارض سد ذريعة هذه المفسدة بما تسميه بالحفاظ على الطابع الإسلامي، أيترك الشرك ولا يغير ولا تغير أسبابه حفاظاً على الطابع الإسلامي المزعوم.

    ` العلماء لم يغيّروا الطابع الإسلامي وفتاواهم هي ذات الطابع الإسلامي:

    2- الذي أعرفه ويعرفه الناس أن فتاوى العلماء إنما صدرت لهدم مسجد العريض والمساجد السبعة وتم هدمها أو بعضها، وهذا لا مأخذ على العلماء فيه بل يشكرون عليه لأنهم أزالوا ما يتضمن مفسدة كبيرة محققة فجزاهم الله خيراً.

    والذي لا أفهمه ولا أصدقه ولا يصدقه العقلاء المنصفون أنهم اختاروا تغيير الطابع الإسلامي للمدينة النبوية ، ويظهر من كلامك أنك تريد بالطابع الإسلامي الذي تم تغييره هو إزالة حارة الأغوات وبيوت النخاولة والسوق وكلها كانت ملاصقة للمسجد النبوي ولا تعطي الطابع الإسلامي الذي كانت عليه المدينة في عهد رسول الله r وعهد أصحابه من المهاجرين والأنصار، فاقتضت المصلحة إزالتها من أجل توسعة المسجد النبوي واستتبع ذلك وجود ساحات وخدمات ضرورية لهذا المسجد الشريف الذي تشد إليه الرحال كما قال رسول الله r: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى)([1])، وقام هذا المسجد العظيم وملحقاته وساحاته على مساحة واسعة تبلغ آلاف الأمتار وذلك يعطي المدينة طابعاً إسلامياً عظيماً يستوجب الشكر لله ثم لمن قام به من آل سعود – وفقهم الله – ورزقهم البطانة الصالحة، ولا يستوجب التباكي والأراجيف الباطلة.

    وأنا أسأل القارئ لو تمت المحافظة على الآثار التي ترتكب عندها البدع الشركية بماذا سيرجع الحجاج والزائرون، ولو تمت المحافظة على حارة الأغوات وحي النخاولة كآثار إسلامية تعطي المدينة طابعاً إسلامياً –كما تزعم- كيف سيكون حال مسجد رسول الله وحال زواره والمصلين فيه؟ وكيف ستكون انطباعاتهم؟! أرجو الإجابة.

    ` مبالغة خطيرة:

    وقولك: " فطغى عليها التغريب والفرنجة حيث اختفت المعالم النبوية وارتفعت بدلاً منها الأبراج على الطريقة الغربية...الخ".

    - أقول:

    هل يدخل في هذا الطغيان التغريبي بناء المسجد النبوي وما يتبعه من ساحات؟!

    وهل بيوت الأغوات والنخاولة بشكلها المزعج المظلم من المعالم النبوية؟!

    وهل الأبراج التي قامت على الطريقة الغربية كما تقول أقامها المشايخ الذين تحملهم هذه المسئوليات والتبعات؟!

    أم الذين أقاموها هم غيرهم من أبناء المدينة -في الدرجة الأولى- وغيرهم؟!

    ولماذا لم توجه اللوم إلى هؤلاء الذين حملت أبراجهم الأسماء اليهودية " الشيراتون " "الهيلتون " " الأنتركونتننتال " والذين ما قامت أبراجهم بفتاوى العلماء ولا بمشاورتهم ولا بتشجيعهم؟!

    ثم لماذا لا تذكر اتساع عمران المدينة في هذا العصر وترامي أطرافها شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً يتخللها الشوارع الجميلة والخدمات الجيدة ولماذا لا تذكر ما فيها من كثرة المساجد القائمة على السنة الخالية من القبور والبدع؟!

    ولماذا لا تذكر ما فيها من المدارس والمعاهد والجامعات وانتشار المكتبات العلمية فيها وانتشار العلم والخير فيها وكثرة العلماء وطلاب العلم والعناية فيها بالحجاج وشادي الرحال إلى المسجد النبوي والعناية الكبيرة بالحرمين الشريفين بما لم يسبق له نظير في عصر من العصور بعد عصر النبوة والخلفاء الراشدين؟!

    ` القارئ لا يتباكى على آثار الصحابة وبيوتهم:

    قال القارئ (ص35):

    " إن في بقاء هذه الآثار الإسلامية: من مساجد نبوية وحصون وآطام وقصور وآبار،ونحوها.

    ثم في بقاء الآثار الإسلامية الأخرى من مراحل التاريخ الإسلامي التالية:كالقلعة التركية التي كانت على جبل سليع بوسط المدينة،وسور المدينة،ومبنى سكة حديد الحجاز،ومبنى التكية المصرية،ومكتبة عارف حكمت،وغير ذلك من المعالم الأثرية الإسلامية،ليس زينة للمدينة فحسب،بل هي ملامح طَابَعِهَا الإسلاميِّ،فأٌز ِيلَ أكثرُ هذه المعالم الإسلامية ".

    - أقول:

    لقد قامت هذه المباني على أنقاض آثار الصحابة فلماذا لم تبك على هدمها وإزالتها؟!

    ولا أدري هل يُعدها آثاراً إسلامية أو لا، وإذا كان يُعدها آثاراً إسلامية فأين التباكي عليها ولماذا يتباكى على غيرها مما ذكره هنا وهناك؟!

    قال القارئ (ص35):

    "وحلت محلها الأبراج الضخمة والمباني الشاهقة على الطراز الغربي،فتغيَّرَ الطابع الإسلامي للمدينة،تَغَرَّ بّت المدينة النبوية وتَفَرْنَجَت،وم ما زاد الطين بِلَّة أنه رُفِعَ على بعض هذه الأبنيةِ العالية ِ الأسماءُ اليهوديةُ: (الشيراتون)، (الهيلتون) (الأنتركونتننتا )،ونحو ذلك".

    - أقول:

    هذا تعبير سيء جداً فيه إساءة إلى المدينة النبوية نفسها.

    كيف تقول عنها: إنها تغربت وتفرنجت، فهل تحولت إلى دار كفر والعياذ بالله؟!

    وهل تستطيع أن تقول: إن الله حرم هذا البناء على الطراز الحالي؟!

    وقولك هذا يذكرني بقول صوفي لما رأى المدينة وما فيها من قصور قال هذه مدينة من؟ فقيل له هذه مدينة رسول الله r قال: لا، هذه مدينة فرعون!!

    ويا أخي إن بيتك الذي تسكنه وبيوت أصدقائك ليست على غرار بناء بيوت رسول الله r وأصحابه بل هي على الطراز الغربي، فلماذا تنكر شيئاً أنت تفعله!!



    --------------------------------------------------------------------------------

    ([1]) أخرجه البخاري في صحيحه (ح 1189)، ومسلم في صحيحه (ح 1397).

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي

    إشادة وغمط

    قال القارئ ( ص38):

    " ومن أفضل ملوك المسلمين الملك الأشرف السلطان قايتباي، وهو ممَِّن أسهم في توسعة المسجد النبوي، وتوسعته بعد توسعة الوليد الأموي هي من أحسن التوسعات، لما حج سنة أربع وثمانين وثمانمائة بدأ بالمدينة النبوية لزيارة خير البرية ".

    - أقول:

    كيف تشيد بتوسعة هذا السلطان لمسجد النبي r وتنسى توسعتي آل سعود وهي التوسعة التي لا يماثلها ولا يقاربها توسعات الملوك لا التي قام بها الوليد ولا هذا السلطان ولا من جاء بعدهما؟!

    ثم أين التعليق على هذه العبارة: " بدأ بالمدينة لزيارة خير البرية "؟!

    وهل هذا الملك شد الرحال إلى مسجد رسول الله r كما حث على ذلك رسول الله r حيث قال:(لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى ) أو شد الرحال لزيارة القبر النبوي.

    وهل أمر رسول الله r بشد الرحال لزيارة قبره؟!

    إن المسألة طويلة الذيول والقول الصحيح: أن شد الرحال يكون إلى مسجده r وزيارة رسول الله وصاحبيه تابعة لذلك.

    ولم يصح أي حديث في الترغيب في زيارته r وخير الهدي هدي محمد r.

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي

    هل هذا التباكي قائم على التعصب المذهبي

    أو على أغراض أخرى؟!

    قال القارئ (ص40):

    "بأيِّ ذنبٍ هُدمَتْ؟!.

    هَدَموا مبنى التكية المصرية في العنبرية وكان من أجمل المباني التاريخية بالمدينة،وصار مكانُهاَ مواقفَ للسيارات ؛ أي لم تكن هناك ضرورةُْ لهَدمِهاَ؟!!

    وهَدموا قلعةَ باب الشامي،بل وكشطوا جَبَلَ (سُليَع ) حتى كاد يختفي؟!!

    وهدموا جسر سكة حديد الحجاز الذي يمر على وادي العقيق شرقي الجامعة الإسلامية مع أنه كان يمكن ترميمه.

    ولا أستبعد أنهم يخططون لهدم محطة سكةِ حديدِ الحجاز بالعنبرية وغيرها من المعالم القليلة الباقية ".

    - أقول:

    هل يكون هدم هذه الأشياء هدماً للمعالم النبوية؟! وهل هدمها هذا أمر انتقامي محرم؟! وهل يحرم هدمها لمصالح المسلمين؟! وهل هذه الآثار هي بيوت رسول الله r وأصحابه التي لا نراه يتباكى عليها!

    قال القارئ (ص40):

    "إن هَدْم المدينةِ المنورة القديمة كُلِّها ؛بطرقاتها وأحواشها ومبانيها التقليدية الجميلة كان تصرفاً غريباً".

    - أقول:

    لم تهدم المدينة كلها وهدم الكثير منها لمصلحة كبرى وضرورية ألا وهي توسيع مسجد رسول الله r وإيجاد ما يستلزمه هذا المسجد من ساحات وخدمات، وهذا العمل الجليل مما يذكر ويحمد فاعله ولا ينكر ويذم فاعله ويهول ويهوش عليه.

    والظـاهر أن الرجـل لا يفـرق بين المصـالح والمفـاسد ويحكم على الأشياء بهواه.



    قال القارئ ( ص45):

    " ثانياً: الحجاج والزوار الذين يتقاطرون بالملايين إلى الحرمين الشريفين،إذا جاءوا إلى المدينة المنورة جاءوا وفي قلوبهم شوق إلى رسول الله r،ولهفة لمُشاَهَدَةِ مسجِدِهَ ومدينِتِه،وفي أذهانهم تصوُّرِّ عن مدينته مُسْتَوْحَىً من السيرة النبوية ومن التاريخ حسبما قرأوا أو سمعوا ".

    - أقول:

    هذا أسلوب صوفي يناغي به عواطف الصوفية ، ثم هل هؤلاء الملايين الذين يتقاطرون إلى الحرمين من العالم سيتسع لهم المسجد النبوي القديم إذا أخذ المسئولون بأرائك في المحافظة على الطابع القديم الذي تسميه بالمعالم النبوية وأبقوا المسجد محاصراً بحارة الأغوات وحارة النخاولة والسوق، وهل هذا الوضع يشبع لهفة ولوعة الزوار؟ وهل هذه البيوت بناها رسول الله r وصحابته الكرام أو قامت على أنقاض بيوت أصحاب محمد r بل هدمت منذ قرون وقام على أنقاضها بيوت ثم هدمت تلك البيوت وقام على أنقاضها بيوت وهكذا دواليك إلى عهد النخاولة والأغوات والمزورين.

    لعل المغرضين يوهمون الأغبياء أن هذه البيوت التي هدمت في هذا العصر هي بيوت رسول الله r وأصحابه، ولعل القارئ يريد أن يوهم الأغبياء بما يوهمهم به المزورون، فتكون توسعة المسجد النبوي التي قامت على أنقاض بيوت الأغوات والنخاولة خطأ فادح.

    قال القارئ (ص45):

    " فهل يصح في الأذهان شيء إذا فُجِئُوا بأبراج ضخمةٍ شاهقةٍ من الخرسانة المسلحة كالتي في بلادهم؟! مدينةُ حديثهُ خَرْسَاءُ من هذه الأبراج،تحمل على رؤوسها تلك الأسماءَ اليهوديةَ والمجوسيةَ؟! ".

    - أقول:

    هل بيوت المدينة كلها أبراج شاهقة وعليها أسماء يهودية ومجوسية؟!

    إن بيوت المدينة تمتد من قريب من المطار شرقاً إلى أقصى حي العزيزية غرباً، ومن أحد شمالاً إلى قرابة ذي الحليفة جنوباً، فكم بيتاً من ألوف البيوت عليه هذه العلامات؟!

    كلامك هذا يوهم الأغبياء أن حكومة هذه البلاد هدمت المعالم النبوية لأجل أن تقيم فيها هذه الأبراج، وإلا لماذا لم تقل الحقيقة؟ ولماذا تطمس معالم هذه الحقيقة؟ لماذا لم تقل للناس أن المصلحة العظمى للمسلمين اقتضت توسعة مسجد رسول الله r فأزيل ما حولها لأجل هذا الغرض النبيل وهذا مسجد رسول الله بمساحاته الواسعة ومرافقه الضرورية ماثلة أمام أعينكم فيدعون ويستغفرون لمن نهض بهذا العمل الجليل.

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي

    الآثار المفتعلة التي يتباكى عليها القارئ

    تقضي الشريعة بهدمها



    قال القارئ ( ص 48):

    " من هي الجهات الحكومية التي تقوم بذلك؟ إنهم يهدمون بليل متسترين بِجنح الظلام في الغالب.. لا نشك في مسؤولية من يأتي:

    المشايخ الذين يفتون بهدم هذه الآثار النبوية،مع أن المسألة من حيث الحكم الشرعي كما أوضحنا سابقاً لا تؤيدهم،فالدليلُ المقطوعُ به المرفوع إلى النبي r، وفعلُ الصحابة وفعل التابعين،والعلم اء السابقين،ومواقف هم،كل ذلك يدل على مشروعية الإبقاء على هذه الآثار..

    لا يسلم لهم ادعاؤهم أن مذهب السلف يقضي بهدمها،أي سلفٍ هذا والذي بنى المساجد النبوية هم التابعون بالمدينة،وإذا لم يكن تابعوا المدينة،ولا الإمام أحمد ولا مالك والبخاري،والبغو ي والنووي وابن حجر صاحبُ الفتح سلفاً فمن هم السلف؟

    من هم العلماء الذين يعارضون هؤلاء؟

    عند التحقيق نجد أنها مجرد آراء شخصية من هؤلاء المشايخ واجتهادات فردية غير ملزمة،بنيت على تقديرات خاطئة،لا يسوغ نسبتها إلى الشريعة،ولا إلى النصوص الشرعية،والمؤسف أنه ترتب عليها إجراء تنفيذي متهور بهدم معالم ومساجد نبوية في المدينة،مع أن مثل هذه الفتوى وما بني عليها من هدم كان ينبغي مشاورة علماء العالم الإسلامي قبل الإقدام عليهما ".

    - أقول:

    1- إن هؤلاء العلماء لم يفتوا بهدم أي أثر من آثار رسول r وإنما أفتوا بهدم آثار مفتعلة لا يصح نسبة شيء منها إلى رسول الله r وإنما يلصقها برسول الله r الخرافيون والمتأكلون بها.

    لأن هذه المساجد المزعومة إنما اخترعت لممارسة البدع الشركية وغيرها فأصبحت مثل المساجد التي تبنى على القبور.

    وقد لعن رسول الله r من يبني مثل هذه المساجد وحذر من اتباع الذين يفعلون ذلك من اليهود والنصارى.

    2- ليس عندك أي دليل صحيح لا مقطوع به ولا غير مقطوع به على هذه الآثار التي تنسبها إلى رسول الله r وتحمل مسئولية هدمها العلماء وغيرهم ولا علاقة للصحابة والتابعين بها أو بشيء منها.

    1- وقولك " لا يسلم لهم ادعاؤهم أن مذهب السلف يقضي بهدمها ".

    - أقول: إن نصوص الرسول r ومنهجه ومنهج الخليفة الراشد عمر t والصحابة الذين أيدوه في المنع من تتبع الآثار آثار النبي r هي مع هؤلاء العلماء فكيف إذا كانت هذه المساجد قامت على دعاوى لا تثبت، وكيف إذا كان في وجودها مفاسد كبيرة تفسد العقول والعقائد ويصطدم وجودها وما يحدث حولها بعقيدة التوحيد التي جاء بها محمد r.

    وقولك: " والذي بنى المساجد النبوية هم التابعون بالمدينة ".

    - أقول:

    وأين ذهبت دعواك أن الصحابة أو بعض الصحابة كانوا ممن شاور عمر بن عبد العزيز ببناء هذه المساجد المزعومة.

    ولم يثبت بناء هذه المساجد عن الصحابة ولا عن التابعين.

    وقولك: " وإذا لم يكن تابعوا المدينة، ولا الإمام أحمد ولا الإمام مالك، والبخاري والبغوي والنووي وابن حجر صاحب الفتح سلفاً فمن هم السلف ".

    - أقول:

    وإذا لم يكن تابعوا المدينة، ولا الإمام أحمد ولا الإمام مالك، والبخاري والبغوي يدعون إلى الحفاظ على هذه الآثار والتبرك بها، حاشاهم.

    فبدهي أن نقول إنهم لا علم لهم بهذه المساجد والآثار التي تتباكى عليها، ولم يدعو إلى الحفاظ عليها ولو أدركوا ما يفعل بها وعندها لأفتوا بهدمها.

    وأما النووي وابن حجر فإنما أفتيا بجواز التبرك بآثار الصالحين، وذلك خطأ منهما ومع ذلك فإنهما لو علما واطلعا على ما يفعل الروافض والخرافيون عندها وبسببها لأيّدا من يفتي بهدمها.

    كيف لا والنصوص النبوية وموقف عمر والصحابة تقتضي هدمها.

    ثم قال كلاماً يقتضي أن فتوى هؤلاء العلماء إنما هي اجتهادات فردية وتقديرات خاطئة لا يسوغ نسبتها إلى الشريعة ولا إلى النصوص الشرعية.

    - أقول:

    بل هي فتاوى صحيحة نابعة من عين الشريعة الغراء وقائمة على نصوصها ومنهجها.

    واعتراضك عليها قائم على دعاوى وأوهام لا تمت إلى الشريعة الإسلامية بصلة وقد بينا بطلان هذه الدعاوى فيما سلف من هذا البحث.

    ثم قال: " كان ينبغي مشاورة علماء العالم الإسلامي قبل الإقدام عليها ".

    - أقول: علماء العالم الإسلامي قسمان: أهل سنة سلفيون يبغضون الشرك ووسائله فهؤلاء لا يشك عاقل في تأييدهم لفتاوى علماء هذه البلاد.

    وعلماء بدع وضلال من روافض وقبوريين فهؤلاء لا شك أنهم سيعارضون في هدم هذه المساجد والآثار المنسوبة ظلماً إلى رسول الله r.

    بل هم يتباكون على المشاهد التي كانت على القبور فهدمت.

    وأقترح على القارئ أن يفاوض الروافض في أخذ لبنة واحدة من لبنات مشاهدهم ثم يأتينا بالنتيجة.

    لكني أذكره بأفاعيلهم ومواقفهم تجاه هدم مشهد واحد في العراق كم هدمت من المساجد وكم أريقت من الدماء من أجله ؟!!

    فكيف يطلب من العلماء مشاورتهم ومن يسير بسيرهم وينسج على منوالهم؟!

    قال القارئ (ص 56-58):

    " مساجدُ الفَتح (المساجد السبعة):

    مساجدُ الفَتح كما يسميها السمهودي،وهو الصواب وهي في موقع قيادة النبي r في غزوة الخندق حيث جعل سَلْعاً خلف ظهره والخندقَ أمامهُ،والعدو وراءَ الخندق شماليَّةُ.

    ومع أن هذا الموقع يمثل أهميةً تاريخيةً فائقةً خاصةً لدارسي مغازي النبي r وسيرتِهِ فإنه تم العبث ببيئتها التاريخية بتكسير الجبل وحفره بالآلات الضخمة لبناءِ جامعٍ حديثٍ وسط مساجد الفتح،ولا أدري لم اختِيرَ له هذا الموقع؟ هل هو تمهيدٌ لإزالةِ مساجدِ الفتح،ولِمَ سُمِّيَ بهذا الاسم (جامع الخندق)؟ مع ما في هذا الاسم من تلبيس على الحجاج والزوار،لأنه يوهمهم أنه من المساجد التاريخية القديمة فيقصدونه،وأن له تعلقاً بالنبي r فيتبركون به،وهذا بدعة عند وزير الأوقاف صالح آل الشيخ ومن أفتى بذلك من المشايخ،فهل هي بدعة سعودية مكان بدعةٍ أموية ؟!

    من أجلِ هذا الجامعِ المُحْدَثِ هدموا جميع المساجد التي بالوادي: مسجد أبي بكر الصديق وأقاموا (مكانه صرافاً ربوياً أي بنكاً) -ياللأدب الرفيع – يهدمون مسجداً ويبنون مكانه بنكاً ربوياً؟!"

    - أقول:

    1 - قد تقدَّم أنَّ هذه المساجد لا تثبت نسبتها إلى رسول الله r ولا إلى أصحابه ولا يعقل أن رسول الله وأصحابه يبنون سبعة مساجد في موضع واحد لا يجوز أن يبنى فيه إلا مسجد واحد فتصبح مساجد ضرار.

    2 – لماذا خص رسول الله وأصحابه غزوة الأحزاب بسبعة مساجد ولم يبنوا مساجد فيما هو أذكر وأفضل منها؟! مثل غزوة بدر وأحد وحنين والفتح والحديبية! ألا يدل هذا على أن هذه المساجد إنما بنيت للتأكل والخرافات ؟!!

    3 – على قوله : " ومع أن هذا الموقع يمثل أهميةً تاريخيةً فائقةً خاصةً لدارسي مغازي النبي r وسيرتِهِ".

    - أقول: إذا كانت سيرة النبي r ومغازيه لا تفهم إلا من خلال مساجد مفتعلة بنيت للتأكل أو إفساد عقائد المسلمين! فلا أفهم الله من يتوقف فهمه لسيرة النبي r وغزواته إلا من خلالها ،وهل احتاج كبار المؤرخين مثل ابن جرير وابن الأثير وابن كثير إلى بناء مساجد مفتعلة لكل غزوة ؟! ومنها غزوة الأحزاب ؟!!.

    ألا يكفي فيها القرآن الكريم والروايات الصحيحة لقوم يعقلون ؟!

    4 – الظاهر أن هذا الجامع الذي تلوم عليه إنما بني لأهل الحي ثم لتهدم تلك المساجد التي لا يقرها الشرع لأن وضعها سبعة مساجد في موضع واحد من البدع في الإسلام، ثم إن موقع النبي r وموقع الأحزاب معروف وعندهما أكبر علامة وهو ذلك الجبل الشامخ جبل سلع.

    5 – سمي هذا المسجد بجامع الخندق لا لأجل التبرك به، بل لأجل أن يصلي فيه أهل الحي ولم يبنَ مصيدة للتأكل كما هو واقع المساجد التي تتباكى عليها!

    وسيأتي في كلام الحافظ ابن حجر ما يدل على أنه ما كان موجودا في زمنه إلا مسجد واحد فمن أين جاءت الستة الأخرى ؟!.

    وقولك عن المسجد الجديد : " فهل هي بدعة سعودية مكان بدعة أموية " !

    مغالطة كبيرة ؛فلا دخل للأمويين في المساجد السبعة ولا قصد السعوديون تأسيس بدعة وإنما قصدهم القضاء على البدع، ولماذا تغفل دعاة البدعة وحكوماتها الذين بنوا المساجد السبعة لجرِّ الناس إلى البدع والخرافات !

    1- وقولك: " من أجل هذا الجامع المحدث هدموا جميع المساجد التي بالوادي: مسجد أبي بكر الصديق وأقاموا مكانه " صرافاً ربوياً أي بنكاً -ياللأدب الرفيع – يهدمون مسجداً ويبنون مكانة بنكاً ربوياً؟!"

    - أقول:

    1- الذين أفتوا بهدم هذه المساجد لم يقوموا ببناء هذا البنك ولم يُفتوا ببنائه بديلا عن المسجد، فبأيّ حق تنسب إليهم بناءه؟! ﴿ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾.

    2- وصفت مسجد السنة والتوحيد الذي قُصد به إبعاد الناس عن الشرك والبدع؛ وصفته بالمحدث!

    فهل هذه المساجد السبعة قامت عندك الأدلة على أنه بناها رسول الله r والصحابة: أبو بكر وعمر وعلي وسعد بن معاذ وسلمان الفارسي رضي الله عنهم في موضع واحد؟!

    وهل هم يستجيزون حشد هذه المساجد في رقعة صغيرة لا يجوز أن يبنى فيها إلا مسجد واحد عند العلماء والعقلاء ؟!

    وهل كان دافعهم إلى هذا البناء هو التنافس أو التحاسد ؟!

    ولا أدري لماذا لم يُدخل عثمان وبقية العشرة في هذا التنافس ؟!

    أيا عبد العزيز! إذا كانت الخرافات التي لا يقرها شرع ولا يقبلها عقل تنطلي على الخرافيين، فكيف تنطلي عليك ؟!

    وإذا كان الخرافيون يسمون البدعة سنة والسنة بدعة فكيف تقع أنت في هذه الهوة؟! اللهم رحماك.

    وهاكم الآن كلام الحافظ ابن حجر الذي أشرت إليه، قال رحمه الله : " وقد ذكر عمر بن شبة في (أخبار المدينة) المساجد والأماكن التي صلى فيها النبي r بالمدينة مستوعبا، وروى عن أبي غسان عن غير واحد من أهل العلم أن كل مسجد بالمدينة ونواحيها مبنى بالحجارة المنقوشة المطابقة فقد صلى فيه النبي r وذلك أن عمر بن عبد العزيز حين بنى مسجد المدينة سأل الناس -وهم يومئذ متوافرون - عن ذلك ثم بناها بالحجارة المنقوشة المطابقة. وقد عين عمر بن شبة منها شيئا كثيراً، لكن أكثره في هذا الوقت قد اندثر وبقي من المشهورة الآن مسجد قباء، ومسجد الفضيخ وهو شرقي مسجد قباء، ومسجد بني قريظة، ومشربة أم إبراهيم وهي شمالي مسجد بني قريظة، ومسجد بني ظفر شرقي البقيع ويعرف بمسجد البغلة، ومسجد بني معاوية ويعرف بمسجد الإجابة، ومسجد الفتح قريب من جبل سلع، ومسجد القبلتين في بني سلمة.

    هكذا أثبته بعض شيوخنا، وفائدة معرفة ذلك ما تقدم عن البغوي والله أعلم " ([1])اهـ.

    ` تعليق على كلام الحافظ :

    1- قد عرفت أنه لم يثبت بناء عمر بن عبد العزيز لهذه المساجد.

    2- قول الحافظ: " لكن أكثره في هذا الوقت قد اندثر " فعلى مذهب القارئ بوجوب الحفاظ على هذه الآثار، من هم المسؤولون عن التفريط في هذه المساجد التي اندثرت؟!

    وهل يجب البحث عنها وبناؤها من جديد؟!

    ونسأل القارئ لماذا لم يتحمس لهذه المساجد أحد من العلماء حتى الصوفية ويصبّ اللوم على من فرّط فيها ؟!

    لقد تأبّط القارئ فتنة كبيرة انفرد بها في هذا العصر ولا سيما ضد العلماء الذين سلكوا في فتاواهم المسلك السديد والمنهج الرشيد الذي قام على الأصول الإسلامية والنصوص النبوية وعلى موقف الصحابة وعلى رأسهم الخليفة الراشد.

    3- قول الحافظ ابن حجر: " ومسجد الفتح قريب من جبل سلع " يدلّ على أن هذه المساجد السبعة لم يكن موجود منها قبل زمن الحافظ ابن حجر إلا مسجد واحد وليس على الجبل وإنما هو قريب منه.

    والحافظ كانت وفاته في منتصف القرن التاسع أي سنة (852هـ) فلا يبعد أن تكون هذه المساجد من بناء الأتراك، لا سيما وهي دولة تعظم الصوفية وتعظم المشاهد!!

    قال القارئ في (ص57-58): " يقول بعض الجهال:إن هذه المساجد لا أصل لها،إنَّما أحدثها الأتراك.

    وإليك الدليل على أنها من عهد الصحابة،وأن بعضها من البناء العمري –أي من المساجد التي بناها عمر بن عبدا لعزيز عام (89) من الهجرة بالحجارة المطابقة،وهو مسجد(الفتح ) الذي على الجبل،فإنه بالحجارة المطابقة فيغلب على الظن أنه من البناء العمري،فيكون قد مضى على بنائه أكثُر من ثلاثمائةٍ وألف عام،وإن جدد في بعضِ الأزمنة".

    - أقول: تقدم لك كلام الحافظ الذي يفيد أنه لم يكن إلى وقته من المساجد السبعة إلا مسجد واحد هو مسجد الفتح، وقد علمت أن وفاة الحافظ كانت سنة (852) أي منتصف القرن التاسع.

    ثم لم يأت القارئ بدليل ثابت على أن بناءها تمّ من عهد الصحابة رضي الله عنهم، بل ساق أدلة واهية أقواها حديث جابر، وقد بينا علله واضطرابه فيما سلف!!

    ومنها قوله عن الحارث بن فضيل: أن النبي r بدأ فصلّى أسفل من الجبل يوم الأحزاب ثم صعد فدعا على الجبل (ص61).

    وهذا النص -على ضعفه- لا يدل على أن النبي r صلّى في موقع المساجد السبعة، بل يجوز أن يكون في الجهة المقابلة لتجمع الأحزاب، ولم يذكر فيه أنه صلّى في مسجد لا الفتح ولا غيره.

    وفي إسناد هذا الحديث علتان:

    الأولى: أنه معضل لأن ابن فضيل من أتباع التابعين.

    والثانية: فيه إبراهيم بن محمد بن أبي يحي، وهو متروك، قاله الحافظ.

    وقال يحي القطان: كذّاب. وقال أحمد: قدري معتزلي جهمي، كل بلاء فيه.

    قال القارئ (59-60):

    " وروى ابن شبة عن أسيد بن أبي أسيد عن أشياخهم أن النبي r دعا على الجبل الذي عليه مسجد الفتح وصلى في المسجد الصغير الذي بأصل الجبل ".

    - أقول:

    في إسناد هذا الحديث إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى وصف بالكذب وبالقدر وبالتجهم والاعتزال.

    وفيه أشياخ أسيد بن أبي أسيد مجهولون.

    ولعل قوله عن أشياخهم من قول ابن أبي يحيى.

    ولا أدري لماذا حذف القارئ ابن أبي يحيى؟!

    قال القارئ (ص61):

    " وذكر ابن النجار عن معاذ بن سعد -رضي الله عنه- أن رسول الله r صلى في مسجد الفتح في الجبل وفي المساجد التي حوله ".

    - أقول:

    أين إسناد ابن النجار - المتوفي سنة (643هـ) - إلى معاذ بن سعد، ثم من أين لك أن معاذ بن سعد في هذا الإسناد هو الصحابي.

    فقد ذكر الحافظ معاذ بن سعد وقال ذكره ابن منده وغيره في الصحابة.

    ثم ذكر الحافظ بعده ثلاثة ممن يسمى بمعاذ بن سعد، فقال:

    1- " معاذ بن سعد السكسكي: مجهول من الرابعة، تمييز ".

    2- " معاذ بن سعد ويقال سعيد: مجهول من السادسة، تمييز ".

    3- " معاذ بن سعد أو سعد بن معاذ: مجهول من الثالثة، تمييز ".

    فهؤلاء أربعة ممن يسمى معاذ بن سعد، ثلاثة منهم مجهولون والرابع صحابي.

    فمن أين للقارئ أنَّ معاذ بن سعد في هذا لإسناد هو الصحابي؟! واحتمال أن يكون واحداً من المجهولين أقوى.

    وفرح القارئ بقوله في هذا الحديث الواهي " والمساجد حوله " أي أنه زاد عدد المساجد في رواية ابن النجار على ما في روايات ابن شبة .

    وهل يثبت شيء بهذا الإسناد الواهي؟! أضف إلى ذلك بعد المسافة التي تستغرق قروناً بين ابن النجار وبين معاذ بن سعد الذي لا يدري من هو!!

    وهذه نماذج من أدلة القارئ التي وعد بها، فهو مولع بروايات المجهولين والكذابين والمتهمين بالكذب، وهذا يذكرني بقول الإمام البخاري في ابن كرام: " اختار من المذاهب أرداها ومن الأحاديث أوهاها ".

    وما هكذا يخدم الإسلام، وما هكذا تخدم العقيدة المحمدية!!



    --------------------------------------------------------------------------------

    ([1]) الفتح (1/571)

  11. #31
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي

    ملحق يتضمن فوائد

    قال الشيخ محمد بن درويش الشهير بالحوت في كتابه أسنى المطالب (ص:286-288):

    "فائدة في ذكر قبور وأمكنة منسوبة للأنبياء وغيرهم ولم تصح تلك النسبة إليهم:

    منها: أن قبر نوح صلوات الله وسلامه عليه في جبل لبنان، فقد حدثت نسبة هذا القبر لنوح عليه السلام في المائة السابعة، ومن المفتريات جعل صورة قبر آدم ونوح بجنب قبر علي رضي الله عنه، مع أن قبره كرم الله وجهه ليس بثابت وإنما بني على أمر منامي.

    ومنها: المشهد المنسوب لأبي بن كعب بالجانب الشرقي من دمشق مع اتفاق العلماء على أنه لم يقدمها فضلاً عن دفنه فيها.

    ومنها: المكان المنسوب لابن عمر بالمعلاة بمكة لا يصح نسبته إليه من وجه وإن اتفقوا على أنه توفي فيها.

    ومنها: المكان المنسوب لعقبة بن عامر رضي الله عنه في قرافة مصر وإنما نسب إليه لمنام رآه بعضهم بعد مدة طويلة.

    ومنها: المكان المنسوب لأبي هريرة بعسقلان فقد جزم بعض الحفاظ الشاميين بأنه قبر حيدة بن خشينة ولكن جزم ابن حبان بالأول.

    ومنها: المكان المشهور بالمشهد الحسيني بالقاهرة إذ ليس الحسين رضي الله عنه مدفونا به بالاتفاق لأن القاهرة بناها عبد القاهر الفاطمي العبيدي([1]) ودولتهم كانت في القرن الرابع فلعل الفاطميين هم الذي عمروا المشهد الحسيني لأنهم عظموا أهل البيت ونسبوا أنفسهم إلى الحسين وهم كاذبون أما جسم الحسين رضي الله عنه فبكربلاء من أرض العراق محل قتله وأما رأسه الشريف فقيل في المشهد ولم يصح لما علمت وقيل حمل رأسه إلى الشام وجهزه يزيد بن معاوية وأرسله إلى المدينة ليدفن عند أهله فدفن بقبة العباس عند أمه وأخيه الحسن وقيل وضع يزيد رأس الحسين في قبر أبيه معاوية وقيل في المسجد على عمود ستره وقيل على سور البلد وستره والله أعلم وأما قول أهل الباطن أن الميت في البرزخ كالحجر في تيار الماء يريدون أنه ينتقل من مكان إلى مكان وأن الحسين نقل في البرزخ إلى المكان المشهور فهذا لا يثبت لا بحجة صحيحة ولا حجة بذلك فلا يلتفت إليه ومنها المكان المعروف بالسيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي رضي الله عنهم فقد ذكر بعض أهل المعرفة أن خصوص هذا المحل الذي يزار ليس هو قبرها ولكنها في تلك البقعة والله أعلم.

    فائدة

    نقل القارئ عن الجزري: أنّه لا يصح تعيين قبر نبي غير نبينا r، نعم سيدنا إبراهيم –صلوات الله عليه- في الخليل لا بخصوص تلك البقعة.

    فائدة

    قبور الصحابة رضوان الله عليهم موجودة بمكة لكنها غير معروفة كما ذكره الأعلام حتى قبر السيدة خديجة إنما نسب إليها على ما وقع لبعضهم في المنام".

    أقول : والآثار التي يستنكر هدمها القارئ ويدعو إلى الحفاظ عليها من هذا الباب تقوم على أخبار ودعاوى لا تثبت!

    والأهداف من تحديد مقابر الأنبياء وغيرهم، كقبر علي والحسين ونفيسة والبناء عليها والتعلق بها وشد الرحال إليها هي الأهداف من بناء المساجد على الآثار المزعومة والدعاية لها والإشادة بها وربطها برسول الله r!

    فيقال عنها الآثار النبوية والمساجد النبوية والآبار النبوية، فهذه وتلك كلها من باب واحد وتهدف إلى غاية واحدة، وموقف الشرع منها واحد يعاملها معاملة واحدة كمعاملة آثار بني إسرائيل، سلَّم الله المسلمين منها ووقاهم من شرها.



    --------------------------------------------------------------------------------

    ([1]) الذي بناها إنما هو: جوهر القائد؛ بناها للمعز لدين الله أبي تميم معد العبيدي حينما دخل مصر. انظر ( النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة (1 / 408).

  12. #32
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي

    الخــاتـمـــة

    وختاماً أقول:

    إنني قد ناقشت ما تيسر لي مناقشته من كتاب القارئ وتركت أشياء ابتعاداً عن المهاترات.

    والذي ناقشته فيه الكفاية لأن فيه بيان ما عند القارئ من تأصيلات فاسدة وقياسات باطلة واعتماد أعمى على أحاديث ضعيفة وواهية ورواة ما بين مجهول ومتروك وكذاب.

    وما ذكره من أحاديث صحيحة هي قليلة يخطيء في الاستدلال بها ويحرفها عن مقاصدها ثم هو لا يفرق بين ما هو مشروع من التبرك وما ليس بمشروع ولا بين الاقتداء بالنبي r حين يشرع للتأسي ولا بين التبرك الممنوع، وهو التبرك بالأماكن الذي يدخل في نهي النبي r، حيث نهانا عن التشبه بالمشركين وأهل الكتاب ونهانا عن السير على سننهم وذلك واضحٌ من أخباره الثابتة التي تتضمن نهي الأمة وتحذيرها من أسباب الضلال والهلاك وقد قدمنا بعضاً منها.

    وأسأل الله أن ينفع بهذا الجهد المتواضع .

    إنَّ ربي لسميع الدعاء وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



    وكان الفراغ من كتابة هذا الجهد المتواضع في اليوم الخامس عشر من شهر ذي الحجة عام سبعة وعشرين وأربع مائة بعد الألف من التاريخ الهجري.

  13. #33
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    Lightbulb

    تم نقل الكتاب النفيس

  14. #34
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    126

    افتراضي رد: حوار مع د/ عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ في جواز التبرُّك بالأماكن والآثَار

    جزاك الله خيراً.

  15. #35

    افتراضي رد: حوار مع د/ عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ في جواز التبرُّك بالأماكن والآثَار

    بارك الله فيك

  16. #36
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي رد: حوار مع د/ عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ في جواز التبرُّك بالأماكن والآثَار

    جزاكما الله خيراَ على المرور ...

  17. #37
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    65

    افتراضي رد: حوار مع د/ عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ في جواز التبرُّك بالأماكن والآثَار

    بارك الله فيكم..

  18. #38
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي رد: حوار مع د/ عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ في جواز التبرُّك بالأماكن والآثَار

    و فيكم بارك الله أخي الكريم ...
    « الحمد لله وحده »

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •