في الحقيقة؛ استطاع شيخ الإسلام ابن تيمية المعروف بإخلاصه وعلمه وعمله وجهاده أنْ يُلخّص الحق الّذي لا جدال فيه في مسائل الإيمان، في كتابه "الإيمان" فعليكَ به، واعلم أنّ قوما ممّن ينتسب إلى السّلف غلط في بعض مسائل الإيمان ظانّا أنّ السّلف كانوا يعتقدون بها، لذا فينبغي لطالب العلم أنْ ينتهي أوّلا من قراءة هذا الكتاب؛ لئلا يقع في أخطاء الشّيوخ المعاصرين؛ فيتحصّن الفرد بالأدلّة قبل أنْ يقرأ لهم.
وكذلك فإنّكَ تجد الحق الّذي لا جدال فيه في "كشف الشّبهات" لمحيي السّنة العلّامة محمّد بن عبد الوهّاب.
بالنّسبة للمسائل الأخرى؛ فأنصحك بمجموع الفتاوى لابن تيمية، وهو أجزاء كثيرة عبارة عن أسئلة (الجزء الأوّل: توحيد الألوهيّة، والثّاني: الرّبوبيّة، والثّالث: مجمل اعتقاد السّلف، والرّابع: مفصّل اعتقاد السّلف، والخامس: الأسماء والصّفات 1، والسّادس: الأسماء والصّفات 2، والسّابع: الإيمان، والثّامن: القدر، والتّاسع: المنطق، والعاشر: علم السّلوك، والحادي عشر: التّصوّف، والثاني عشر: القرآن كلام الله حقيقة، والثّالث عشر: مقدّمة التّفسير، والرّابع عشر..... إلخ والخامس والعشرون: الزّكاة والصّوم، والذي بعده الحج، فالزّيارة، فالجهاد، فالبيع، فالصّلح واللّقطة، فالوقف والعتق، فالنّكاح، فالطّلاق، فالظّهار، وأخيرا الجزء الخامس والثلاثون: قتال أهل البغي".
طبعا لكل جزء فهرس خاص، وهي موجودة على الإنترنت، فإذا واجهتك مسألة في حياتك، وراح النّاس كلٌّ يزعم أنّه على حقٍّ، فما عليك إلا أنْ تُحدّد المسألة في أي جزء، ومن ثمّ تفتح على الفهرس وهو عبارة عن أسئلة سئلت لشيخ الإسلام، وتفتح بعد ذلك على المسألة وتقرأ إجابة شيخ الإسلام الّتي لا تخالطها الأهواء والجهالات فهي ترتكز على الدّليل والبرهان.
مثلا مسألة (الأغاني) الّتي ادّعى بعض المشايخ حل سماعها، تجد شيخ الإسلام ابن تيمية شيخ الأنام الحافظ العالم المُحدّث المخلص الّذي لا يشك أحدٌ في علمه وعمله يقول في (جزء التّصوّف/ مسألة: المعازف وكلام العلماء فيها): "فَمَنْ فَعَلَ هَذِهِ الْمَلَاهِي عَلَى وَجْهِ الدِّيَانَةِ وَالتَّقَرُّبِ فَلَا رَيْبَ فِي ضَلَالَتِهِ وَجَهَالَتِهِ . وَأَمَّا إذَا فَعَلَهَا عَلَى وَجْهِ التَّمَتُّعِ وَالتَّلَعُّبِ فَذَهَبَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ : أَنَّ آلَاتِ اللَّهْوِ كُلَّهَا حَرَامٌ فَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ أُمَّتِهِ مَنْ يَسْتَحِلُّ الْحَرَّ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَذَكَرَ أَنَّهُمْ يُمْسَخُونَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ } . و " الْمَعَازِفُ " هِيَ الْمَلَاهِي كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ أَهْلُ اللُّغَةِ . جَمْعُ مِعْزَفَةٍ وَهِيَ الْآلَةُ الَّتِي يُعْزَفُ بِهَا : أَيْ يُصَوَّتُ بِهَا . وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ فِي آلَاتِ اللَّهْوِ نِزَاعًا". انتهى
وبهذه العبارة البسيطة يُبهت أصحاب هذا القول في مسألة المعازف، فهم الوحيدون الّذين نازعوا الأمّة بشبهاتهم حولها.
وكذلك فإنّ أحد المشايخ يقول أنّ مذهب السّلف في الصّفات هو (التّجهيل؛ يعني الاستواء مجهول)، : قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه اللهـ في الرّد على من قالَ ذلكَ كما في [مجموع الفتاوى: 13/309]: "وقد تلقى الناس هذاالكلام بالقبول فليس في أهل السنة من ينكره. وقد بين أنالاستواء معلوم كما أن سائر ما أخبر به معلوم، ولكنالكيفية لا تعلم ولا يجوز السؤال عنها. لا يقال: كيفاستوى؟ ولم يقل مالك: الكيف معدوم، وإنما قال: الكيفمجهول… فلم ينفِ إلا العلم بكيفية الاستواء لا العلم بنفسالاستواء، وهذا شأن جميع ماوصف الله به نفسه". انتهى
فهذا هو إجماع أهل السّنة وهو أنّ استواء الله على العرش معلوم والكيف مجهول، بحيث نقول: الله مستوٍ على عرشه ليس كمثله شيء في كيفيّة هذا الاستواء.
بذلك يكون القرضاوي هو من خالف أهل السّنة وخالف الإجماع في هذا، بحيث يدّعي أنّ كلمة "استواء" مجهولة لا نعلم معناها.
نعوذ باللّه من هذا الكلام .
سلّم أخي الفاضل على أهل دمشق كلّهم. وسلامُ الله عليكم.