أجزلَ اللَّـهُ لكم المثوبة والأجر يا شيخ عدنانَ .
أجزلَ اللَّـهُ لكم المثوبة والأجر يا شيخ عدنانَ .
بارك الله فيك عدنان
أخى أبا عثمان...
فضلا انقل لنا أقوال القائلين باشتراط إرادة الكفر..
و جزاك الله خيرا.
أجب تكرُّمًا على سؤالي بارك الله فيك، ولا تدفع السؤال بالسؤال ولا يهمُّك دافعي له، وأعلمُ أنَّ المسألة سهلة، ولذا أنتظر جوابك وفقك الله.
أخي عدنان:
قلتَ -وفقك الله-: (( ينبغي عدم الخلط بين قصد الفعل، وبين قصد الكفر)).
فقلتُ: ((اشترط بعض أهل العلم أن يكون مريداً للكفر؛ حتى يُحكم بردته))، وكان قصدي معرفة رأيك في هذا الشرط.
لا أكثر ولا أقل.
فمن الأولى بالجواب!؟ -وفقكم الله-.
قولك: (لماذا البعض؟).
الجواب: لأنني لم أقف على جميع الأقوال.
ومنكم نستفيد.
أخي السَّلفي.. وأنا -أيضًا- طلبتُ منك أن تأتيني بكلام هؤلاء ((البعض)) الذين وقفتَ على كلامهم، لا مَن لم تقف عليه، لا أقل ولا أكثر، سؤالي أسبق من سؤالك فأنت أولى بالجواب، تثبتُ العرش ثمَّ سأنقش لك عليه.
فهلَّا ذكرتهم لي.. بارك الله فيك.
كلام هؤلاء ((البعض)) نقلته أعلاه: وهو «لا بد أن يكون مريداً للكفر».
هل عسر عليك فهم هذه الجملة؟!
أو:
هل أفهم منك أنك تخالف ذلك؟
ارجو التفصيل حتى لا (أخلط بين قصد الفعل وقصد الكفر) -كما ذكرتم- نفع الله بكم-.
سبحان الله!
يا أبا عثمان، الأخ عدنان سألك سؤالاً يستفهم من هذه النسبة التي ذكرتها، فإن كان لديك جوابٌ فتفضل به وإلا قل: لا أعلم
ذكر الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد أنّ من شروط التكفير أن يكون الشخص عالما بأنّ ما يفعله كفر أكبر :
من كتاب القول المفيد شرح كتاب التوحيد2 ) انطباق شروط التكفير عليه ، وأهمها العلم بأن هذا مُكفِّر ، فإن كان جاهلاً ، فإنه لا يكفر ، ولهذا ذكر العلماء أن من شروط إقامة الحد أن يكون عالماً بالتحريم ، هذا وهو إقامة حد وليس بتكفير ، والتحرز من التكفير أولى وأحرى .
و هذا رابط تحميل الكتاب من موقع المشكاة :
http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=10&book=188
لعل هذا النقل عن الشيخ العثيمين يدخل في بعض من يقصدهم الأخ أبو عثمان السلفي
فعلى هذا القول للشيخ العثيمين رحمه الله فلو فعل شخص مسلم ما هو كفر أكبر و لا يعلم بأنّه كفر أكبر حتى و إن تعمّد الفعل فلا يصح تكفيره
وفقكم الله
و نرجو التوضيح مع الدليل ؟ فهل لو شخصا أصله الإيمان استهزأ مازحا أو ألقى القرآن الكريم مازحا و لا يعلم بأنّ هذا الفعل كفر أكبر كونه حديث عهد بالإسلام أو لأسباب أخرى؛ فهل يكفر ؟ مع الدليل
الشيخ عدنان البخاري : قولك :
بل يتصور ذلك في السحرة و كثير من البشر بل فيهم من يعلن هذا كعبدة الشياطينفلا يتصوَّر أن يوجد إنسان ينوي في قلبه فعل الكفر، بأن يقول في نفسه: (نويت لله أن أكفر؟!)، ثمَّ يخرُّ ساجدًا لصنمٍ مثلًا!
الأخ السَّلفي.. سبحان الله على تطويلك الكلام، والعُسُورة في جوابك واضحةٌ هداك الله
الأخت الكريمة هالة... وفقها الله
كلام الشَّيخ ابن عثيمين عن العِلْم بالكفر والجهل به، لا عن فعل الكفر بإرادة الكفر أوإرادة غيره، ففرقٌ بينهما.
وأمَّا لسؤالك عن مسألة دفع تكفيره فقد تقدَّم الكلام عن الفرق بين الحكم بكفر الشَّيء، وبين تكفير فاعله بإقامة الحُجَّة عليه.
وبالنِّسبة لما استدركتيه عليَّ في عدم تصوُّر إرادة الكفر -كالسَّحرة- فلا يرِدُ عليَّ لأنِّي لم أطلقه؛ بل قيَّدُّته قبلُ بالعناد والاستكبار، ومنه فعل من حكيت حالهم.
نعم يكفر ولو كان لا يعرف انه كفر هذا في المسائل المعلومة من الدين بالضرورة اما في المسائل الخفية فانه لا يكفر حتى تقام عليه الحجة وتزال الشبهة .
وهذا الدليل يقول الباري جل جلاله ((64) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66) )
فهم يقولون كنا نخوض ونلعب لم نعلم ان هذا كفر ولا قصدنا الكفر . وقد اثبت الله لهم الإيمان بقوله تعالى ( قد كفرتم بعد إيمانكم )
الأخ غندر الآية التي ذكرت ليس فيها بأنّ من كفروا كانوا لا يعلمون بأنّ ما وقعوا فيه كفر أكبر
فمن أين لك بأنّهم قالوا : "لم نعلم ان هذا كفر ولا قصدنا الكفر " ؟
ثم النّبي صلى الله عليه و سلّم قال : "من ترك الصلاة فقد كفر أو أشرك"
فهل كل من ترك الصلاة يكفر حتى و إن لم يعلم بأنّ ترك الصلاة كفر ؟
بعض العلماء لا يكفر بترك الصلاة من لا يعلم بأنّها كفر
فما الفرق بين ترك الصلاة و المكفرات الأخرى إن كان مذهبك مثل مذهب هؤولاء العلماء في التكفير بترك الصلاة ؟
عذرا يا شيخ لم أنتبه لتقيّدكوبالنِّسبة لما استدركتيه عليَّ في عدم تصوُّر إرادة الكفر -كالسَّحرة- فلا يرِدُ عليَّ لأنِّي لم أطلقه؛ بل قيَّدُّته قبلُ بالعناد والاستكبار، ومنه فعل من حكيت حالهم.
يا شيخ يظهر لي بأنّ العلم بالكفر و إرادته متلازمين في من يقع في كفر من غير عذركلام الشَّيخ ابن عثيمين عن العِلْم بالكفر والجهل به، لا عن فعل الكفر بإرادة الكفر أوإرادة غيره، ففرقٌ بينهما.
فمن يعلم أنّ كفرا ما هو كفر ثم يقع فيه من غير عذر فهذا و لا بد أن يكون مريدا للكفر و الله أعلم
فأرجو التوضيح ؟
الأخت الكريمة هالة... وفقها الله.
وهذه فتوى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله في المسألة في بيان ما ذكرته من الفرق بين العِلم بكفر الشيء وبين قصد فعله، لكن هذه المرَّة من قوله هو رحمه الله:
فقد سئل رحمه الله: عن شروط الحكم بتكفير المسلم؟ وحكم من عمل شيئا مكفِّرًا مازِحًا؟
فأجاب رحمه الله تعالى بقوله: "للحكم بتكفير المسلم شرطان: أحدهما : أن يقوم الدليل على أن هذا الشيء مما يكفر.
الثاني: انطباق الحكم على من فعل ذلك بحيث يكون عالمًا بذلك، قاصدًا له.
فإن كان جاهِلًا لم يكفر؛ لقوله تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا). وقوله: (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) وقوله:(وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا).
لكن إنْ فرَّط بترك التعلُّم والتبيُّن ، لم يعذر؛ مثل أن يبلغه أن عمله هذا كفر فلا يتثبَّت، ولا يبحث فإنَّه لا يكون معذورًا حينئذٍ.
وإن كان غير قاصدٍ لعمل ما يكفر لم يكفر بذلك، مثل أن يكره على الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان، ومثل أن ينغلق فكره فلا يدري ما يقول لشدة فرح ونحوه، كقول صاحب البعير الذي أضلها، ثم اضطجع تحت شجرة ينتظر الموت فإذا بخطامها متعلقا بالشجرة فأخذه، وقال: "اللهم أنت عبدي وأنا ربك" أخطأ من شدة الفرح.
لكن من عمل شيئا مكفِّرًا مازِحًا فإنَّه يكفر؛ لأنَّه قصد ذلك، كما نصَّ عليه أهل العلم". انتهى جوابه رحمه الله.
وسُئِلَ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أيضًا: أريد أن توضح لي قضية التكفير، التكفير المطلق والتكفير المعين.
فأجاب رحمه الله بقوله: التكفير والتفسيق والتبديع كلها أوصاف مرتبة على معان إذا وجدت وجدت هذه الأوصاف، فإذا وجد السبب أو المعنى الذي من أجله يستحق من وجد فيه أن يوصف بهذا الوصف فإنه ينطبق عليه.
فلا يجوز لنا أن نقول: فلان كافر حتى نتحقق من أمرين: الأمر الأول: ثبوت أن هذا العمل من الكفر، فإن لم نعلم وشككنا فالأصل أن المسلم باق على إسلامه ولا يحل أن نكفره، مثال ذلك: لو قال قائل: إن الذي يشرب الخمر كافر فهذا حرام، ما نقول كافر حتى نعلم أن الشرع نص على كفره.
والأمر الثاني: أن نتحقَّق من انطباق هذا الوصف على هذا الشَّخص، أي: انطباق هذا المعنى الذي علق عليه الشارع الحكم عليه بالتكفير، لابد أن نعلم أنه منطبق على هذا الشخص بحيث تتم فيه شروط التكفير.
ومن الشُّروط: أن يكون عالمًا، وأن يكون قاصدًا.
فإن كان غير عالمٍ فإنَّنا لا نكفِّرُه؛ لأنَّه لم تقم عليه الحجة بعد، كما قال الله تبارك وتعالى: وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون [القصص:59]، وقال تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده [النساء:163] إلى قوله: رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل [النساء:165]، وقال تعالى: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا [الإسراء:15]، والآيات في هذا المعنى متعددة.
فإذا كان الإنسان لا يعلم أن هذا الشيء من الكفر فإننا لا نحكم بكفره.
الشرط الثاني: أن يكون الشخص مريدًا لما قال من كلمة الكفر، أو لما فعل، فإن كان مكرهًا أو سَبَق لسانه على قول كلمة الكفر فإنَّه لا يكفر، ودليل ذلك قوله تعالى: من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالأيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم [النحل:106]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم (لله أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم -وذكر أنه- كان على راحلته عليها طعامه وشرابه فأضلها فضاعت عنه وجعل يطلبها ولم يجدها ثم اضطجع تحت شجرة ينتظر الموت، فبينما هو كذلك استيقظ وخطام ناقته متعلق بالشجرة، فأخذ به فقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح) كلمة: أنت عبدي وأنا ربك، كفر لكن هل قصدها؟ لا. وإنما سبقت على لسانه.
إذًا لابُدَّ من هذين الشَّرطين، العلم.
والثاني: الإرادة والقصد.
فإن لم يرد ولم يقصد فلا.
ومن ذلك أيضا قصة الرجل الذي كان ظالما لنفسه فجمع أهله وأمرهم أن يحرقوه إذا مات، وأن يذروه في اليم لئلا يعذبه الله فجمعه الله عز وجل وسأله: (لماذا فعلت هذا؟ قال: ربي خوفا من عذابك، فغفر الله له)، فإن هذا الرجل كان جاهلا في كون الله تعالى يقدر على أن يجمعه ويحاسبه.
إذا لابد من أمرين:
الأمر الأول: أن نعلم بأن هذا الشيء مكفر.
الأمر الثاني: أن نعلم انطباق الشروط أو إتمام الشروط على من قام به، فلابد من أن نعلم أن شروط التكفير قد انطبقت عليه، ومنها: العلم، والقصد، ولهذا يفرق بين كون المقالة أو الفعالة كفرا، وبين كون القائل لها أو الفاعل لها كافرا، قد تكون المقالة أو الفعالة كفرا، ولكن القائل لها أو الفاعل لها ليس بكافر لعدم انطباق الشروط عليه.
ومن ثم نحن نحذر غاية التحذير من التسرع في إطلاق الكفر على قوم لم يتبين فيهم الشروط، أي: شروط التكفير؛ لأنك إذا كفرته فلازم تكفيرك إياه أن تشهد بأنه في النار، فأنت الآن شهدت بالحكم وبما يقتضيه الحكم، المسألة خطيرة جدا، ثم إن الحكم بالتكفير يستلزم بغضه والبراءة منه والبعد عنه وعدم السمع له والطاعة إن كان أميرا، وما أشبه ذلك مما يترتب على هذه المسألة التي يجب على الإنسان أن يكف لسانه عنها". انتهى كلامه رحمه الله.
-------------------------------------------------------------
قلتُ: ما أشار إليه الشَّيخ رحمه الله من آية الإكراه فيه أبلغ بيانٍ لما ذكرتُه سلفًا؛ وقد سبق بيانه في موضوعٍ سابقٍ في الرَّدِّ على شُبهة بعض المرجئة وغلط استدلالهم بقوله تعالى: (إلَّا منْ أُكرِهَ وقلبُه مطمئِنٌّ بالإيمانِ).
وأعيده باختصارٍ فأقول: إنَّ المكره على كلمة الكفر لم يَزُل إيمانه ولم ينتقض بتكلُّمه تلك الكلمة بسبب الإكراه، ولذا فلو لم يكن مكرهًا لانتقض إيمانه بتلك الكلمة حتَّى لو زعم أنَّ إيمانه مطمئنٌّ في قلبه.
وإلَّا لم يكن ثَمَّ فرقًأ بين المكره وغيره!