تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 21 إلى 38 من 38

الموضوع: الرد على من اتهم الإمام الدارمي رحمه الله بالتجسيم.

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: الرد على من اتهم الإمام الدارمي رحمه الله بالتجسيم.

    بارك الله فيك.
    الذي قصدنه هو التالي:
    في معرض مجادلة المخالف لنا في صفة النزول -مثلا-، يتأوّلها ويجزم أنها إذا فسِّرت بمعناها الظاهر، أدّى ذلك إلى القول بالحركة، والحركة تعني الحد والجسمية... إلخ.
    فإذا أجبناه: إذا كنت تعني بالحركة كلّ ما ذكرته من لوازم التشبيه والتجسيم، فليس هذا مرادنا ولا نثبتها بهذا المعنى. وإن أردتَ بها النزول كما دل عليه المعنى الموضوع لهذا اللفظ، دون الخوض في الكيفية، فنحن نثبتها.
    إذا أجبناه على هذا النحو، نكون قد تبنّينا لفظًا فرضه هو علينا. فنحن وإن أعطيناه مغايرًا للمعنى الذي أراده، إلا أنّنا أقررنا به مع ما في ذلك من الاشتباه الدلالي الملازم له؛ بل مع كون الدلالة الأولى التي يرفضها المخالف هي السابقة إلى الذهن.
    وبهذا نعطي الأحقية للمخالف مرّتين: باسترجاع مصطلح فرضه هو على السجال، وبإثبات لفظ ليس متقررا على أصولنا.
    ومثال "الشيئية" يختلف عن غيره من الحالات؛ لأنّ لفظ "شيء" ورد في النصوص، أمّا الحركة فلا..
    والله أعلم.

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: الرد على من اتهم الإمام الدارمي رحمه الله بالتجسيم.

    إنّ العلو في حقه تعالى هو بمعنى الإحاطة. فوجوده محيط بالكائنات، مباين لها. وما كان محيطا، لا جهة له على التعيين؛ لأنه في كل الجهات، عدا جهة الكائنات المخلوقة، وكل الجهات علوّ بالنسبة للمخلوقات. وهذا يتضح إذا استصحبنا كرّيّة الأرض وغيرها من الكواكب.
    هنا يجاب هذا المتكلم بأنه يضيف إلى المعنى الظاهر الواضح معان أخرى ما أنزل الله بها من سلطان، ولا يجوز لنا القول بها إلا بنص.. من الذي قال إن العلو في حقه بمعنى الإحاطة؟؟ هذا ليس بلازم من المعنى اللغوي للعلو كما هو واضح!
    فإن قال: أليس هذا لازم كونه في جهة العلو بالنسبة للمخلوق أينما كان ذلك المخلوق على ظهر الأرض، مع اعتبار كرويتها؟ قلنا ليس يلزم هذا المعنى - عقلا - في ذاته جل وعلا، لأنه ليس كمثله شيء، وذاته سبحانه لا كالذوات المخلوقة! ونحن إنما قلنا إنه يجب - عقلا - أن يحده حد يفصله عما دونه، لأن هذه ضرورية عقلية تأتي من تحقيق معنى العلو فوق العرش وفوق الخلق جميعا.. أما ما سوى ذلك من وصف لذاته فلا نخوض فيه! ولهذا قال بعض السلف إننا لا نثبت له إلا حدا واحدا وهو ما يفصله عن خلقه، أما ما سوى ذلك فلا علم لنا به..
    أما هذا الذي تقولون أنتم به من إحاطة ذاته بالخلق لكروية الأرض وغيرها فزيادة ما أنزل الله بها من سلطان!
    ثم إن الإحاطة تعارض معنى العلو أصلا كما لا يخفى! إذ ما كان محيطا بالأرض فلا هو في أعلاها ولا في جانبها ولا في أسفلها وإنما هو في كل جهة من أي واقف عليها!! فكيف يكون في العلو حقيقة - دون غيره من الجهات - للواقف في أي مكان من الأرض مع النظر إلى كرويتها؟ هنا نقول: الله أعلى وأعلم! ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. هو كذلك على الحقيقة، ولا يعلم كيف ذاته إلا هو سبحانه.
    وماذا لو اعترض معترض قائلاً:
    الإطلاق إطلاق، سواء كان في مقام تقرير العقائد أو في مقام الحِجاج. فاللفظ إمّا جائز توقيفًا، أو غير جائز.
    وبما أنّ هذه الألفاظ أُطلِقَت لتفسير وشرح المعنى الظاهر للصفات. أليس مطلقها عرضةً للخطأ؟ أليس تقريرها ضربًا من التأويل، وإن كان مآله مزيدًا من الإثبات لا التعطيل؟ فكما أنّ التأويل الأشعري مآله التعطيل، فإن هذا الضرب من الزيادة في الإثبات بألفاظ لم تطلقها النصوص مآله التشبيه...
    فالأشعري يقول: أنا لا أعطّل الصفة، وإنما أعطيها معناها اللائق،
    والزائد في الإثبات يقول: أنا لا أشبّه، وإنما أعطيها معناها الظاهر!
    لو قال: اللفظ إما جائز توقيفا أو غير جائر، فإنني أسأله: فما قولك في لفظ الوجود؟ هل تجيز أن نقول إن الله موجود (بهذا اللفظ)؟ فإن قال لا، قلنا ألأنك ترفض اللفظ أم ترفض المعنى؟ فإن قال أرفض اللفظ، قلنا وهل يقوم اللفظ إلا بمعناه؟؟ إن وقفت على لفظ واحد ثابت يغني في هذا المقام لتحقيق المعنى المطلوب في الإخبار عن الله تعالى بهذا فهاته وحبذا، وحينئذ نقول لا ينبغي مجاوزة الألفاظ الثابتة إلى ما يرادف معناها مما سواها إن كان استعمالها يقوم بالمطلوب في الإخبار عن رب العزة جل وعلا.. ولكن ما قولك فيما إن أردنا مخاطبة رجل أعجمي لا يفقه العربية، وأردنا أن نشرح له صفات الله تعالى، أو أردنا أن ندعو ملحدا للدخول في الإسلام، فماذا نصنع وكيف يقال لنا قفوا على ألفاظ الصفات ولا تتكلموا بما لم يثبت؟؟ لا يعقل ولا يصح أن يقال إن الكلام عن الله تعالى لا يجوز إلا باللفظ الثابت توقيفا وفقط!! واللفظ إنما يعبر عن معنى مراد، فإن كان المعنى حقا فحق، وإلا فلا.
    أما إن قال المخالف
    وبما أنّ هذه الألفاظ أُطلِقَت لتفسير وشرح المعنى الظاهر للصفات. أليس مطلقها عرضةً للخطأ؟
    فإننا نجيبه بأن كل بني آدم يقعون في الخطإ، فلا حجة لأحد على أحد في مجرد هذا المعنى! وإلا فهل يدعي هذا المخالف أن تفسيره الاستواء بالاستيلاء، لا يتطرق إليه الخطأ (عقلا)؟؟؟ بل هو إلحاد عن ظاهر المعنى بلا موجب إلا ما يتوهمونه من لزوم التجسيم والمشابهة من إثبات المعنى الظاهر، وهذا هو بيت الداء عندهم!! فإن قال إن هذا لازمه أن يكون أعدل الأقوال وأوسطها أن نفوض ولا نخوض أصلا في التفسير لا بظاهر ولا غيره، حتى نسلم من الخطإ، فقد عطل بذلك قدرة عقول البشر على فهم مراد الرب جل وعلا مما وصف به نفسه ووصفه به نبيه في خطابه إليهم، وهدم أصلا من أصول الدين وهو يحسب أنه ينزه الرب عن القول عليه بغير علم، بل إنه – لو تأمل - يتهم الوحي بالعبث والكلام بما لا فائدة فيه، والله المستعان!! فالقول بالتفويض كالقول بالتأويل على خلاف الظاهر، كلاهما سواء في العدوان على الوحي وعلى عقول البشر!
    فإن قال: أليس إثبات هذه المعاني ضربا من التأويل؟ قلنا له بلى، وكل التفسير – لغة – ضرب من التأويل! فهل نمتنع من تفسير خطاب الله في القرءان مخافة الوقوع في الخطإ في ذلك؟؟ لو أنصف هؤلاء وتجردوا من تقليد أئمتهم لتبين لهم أن أعدل وأسلم ضروب التأويل والتفسير إنما هي الحمل على ظاهر المعنى اللغوي، ما لم يرد ما يفيد امتناع ذلك الظاهر (بالنص)! أما قولهم إن المشابهة لازمة من إثبات معنى كذا دون معنى كذا مما صح من الصفات فما ضابطه عندهم ومن أين أتوا به؟؟ بأي ضابط قال من قال منهم إن ظاهر معنى السمع لا يلزم منه التشبيه، بينما ظاهر معنى الكلام يلزم منه التشبيه، ومن أين جاء بذاك الضابط؟؟ والذي قال إن كلا المعنيين يلزم منه التشبيه بم يجيب هذا الأخير عليه؟؟ تجدهم يفرعون في قواعد فلسفية ما أنزل الله بها من سلطان، ولا أثارة من دليل على شيء منها البتة، ثم يقولون هذه طريقة السلف في التنزيه!!! أي تنزيه قاتلهم الله؟؟ قد تقرر عندنا جميعا أنه سبحانه ليس كمثله شيء، وفي نفس الآية تقرر كذلك أنه هو السميع البصير، فمع كونه موصوفا بهذا فليس كمثله شيء.. فهذه قاعدة السلف في سائر ما صح عندهم من وصف لله تعالى، دون توهم المشابهة في هذا أو في ذاك!!
    فصحيح هو تأويل، ولكن هذه حقيقة التفسير، الذي هو سبيل المخاطبين إلى فهم الخطاب على وجهه الصحيح.. وفهم صفات الله على معناها الحق واجب، كما هو الشأن في سائر نصوص الوحي، بل هو أول واجبات المكلفين في ديننا أصلا! فماذا يريدون؟؟
    يقولون هذه الألفاظ التي معنا ضرب من التأويل، فكان ماذا؟؟ ما هي تلك الألفاظ وما معناها تحقيقا في اللسان الأول، لسان المخاطبين الأوائل الذين لم يرد إلينا ما يفيد هروبهم من فهم تلك المعاني على ظاهرها بدعوى لزوم المشابهة؟ فإننا نقول إن الصفات ألفاظ يلزمنها فهم معناها.. فهذا المعنى المثبت عندنا للصفة إن كان نفيه يلزم منه تعطيل الصفة نفسها أو حملها على خلاف المتبادر إلى الذهن دون بينة، فلا يجوز المنع من الكلام به وإطلاقه في حق الله تعالى عند الحاجة إلى ذلك!
    وجوابا عن قوله:
    فكما أنّ التأويل الأشعري مآله التعطيل، فإن هذا الضرب من الزيادة في الإثبات بألفاظ لم تطلقها النصوص مآله التشبيه...

    نقول حرر مرادك بالزيادة في الإثبات أولا! فإن كان مجرد نقل لفظ الصفة إلى معناه الظاهر في مقام إثباتها والرد على من يعطلها، هو على اصطلاحك من "زيادة الإثبات"، فما حقيقة الإثبات أصلا عندك؟ وكيف تقف على ذاك الوسط الذي تدعيه بين التعطيل والتشبيه، إن كنت لا تسمح لعقلك بفهم أي معنى ظاهر أو غير ظاهر للفظ بدعوى أن هذا تأويل وذاك تأويل؟؟؟ لا إثبات إذن وإنما تفويض وتعطيل! الإثبات إنما يعني الإيمان بنسبة هذا اللفظ بمعناه الحق إلى الرب جل وعلا، على الوجه اللائق بذاته. فما هو المعنى الحق عندك ومن أين جئت به؟ هذا هو بيت القصيد!
    عندما يقول الأشعري أنا لا أعطل وإنما أعطي المعنى اللائق، فإننا نقول له بل تصرفه عن المعنى الظاهر المتبادر إلى الأذهان بلا دليل إلا ما تتوهمه أنت من لزوم مشابهة المخلوقين من القول بالمعنى الظاهر! وهذا اللزوم لم نسمع أحدا من الصحابة والتابعين يقول به البتة، مع أنه أصل أصول نحلتكم هذه كما لا يخفى، فمن أين جئتم به، وأنتم ترون القراءن يمنعه وينفيه نفيا صريحا عن سائر الصفات في قوله تعالى ((ليس كمثله شيء وهو السميع البصير))؟؟!! إنما هو تحكم بالباطل هربا من لازم باطل!
    أما قول القائل: أنا لا أشبه وإنما أعطيها معناها الظاهر، فلا يكون هذا زيادة في الإثبات – بما يفضي إلى التشبيه – إلا إن ادعى لزوم ما ليس بلازم عقلا ولا لغة من ظاهر المعنى، دون الوقوف على نص يثبته! كقول القائل – مثلا – إن استواء الرب على العرش يلزم منه إثبات معنى الثقل! الثقل ليس من معنى الاستواء ولا يلزم – عقلا – إلا في المخلوق.. ولكن هل يعني عدم لزومه في حق الله تعالى الجزم ببطلانه؟ كلا! إذ لو شاء الله تعالى أن يثقل العرش فوق رؤوس حملته لفعل، ولم يلزم من ذلك الإثقال معنى الاتكاء عليه أو الاعتماد عليه على نحو ما يكون من المخلوقين!! فنحن نتوقف هنا، لا نثبت إلا إن وقفنا على نص صحيح صالح للاحتجاج! أما الأشاعرة فيقولون بل نجزم بالامتناع العقلي لمثل هذا المعنى لأنه يلزم منه ما يلزم في المخلوقين، وهذا باطل واضح! إذ هم الذين وقعوا بقولهم هذا في قياس صفات الرب على صفات المخلوقين في الكيف والحقيقة، لذلك فهم – كما قال شيخ الإسلام رحمه الله - لما شبهوا، وانقدح ذلك القياس الباطل في عقولهم، لم يجدوا إلا أن يعطلوا المعنى أو يصرفوه عن الظاهر إلى أي وجه آخر بلا موجب لذلك! فلما كانت عقولهم تتفاوت فيما تراه يلزم منه التشبيه وما لا تراه كذلك، جاءت طوائفهم على طبقات عدة، وفرق شتى من الجهمية المحضة إلى الكرامية والكلابية ونحوها! أما أهل السنة فقد تبرأوا إلى الله من ذلك اللازم أصلا، فلم يصرفوا المعاني إلى المجاز بلا صارف معتبر، ولم يمنعوا من تفسير صفات رب العالمين وفهمها بالمعنى المتبادر إلى الذهن العربي الصحيح، دون تكلف ما لم يقل به أحد من القرون الفاضلة في ذلك! فالحمد لله على نعمة الإسلام والسنة.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: الرد على من اتهم الإمام الدارمي رحمه الله بالتجسيم.

    جوزيت خيرًا على هذا التحرير المستوفي؛ لا حرمنا من فوائدك.
    وبقي شيئان:
    _ الأول: يضاف إلى حجاجك وردّك، وهو أنه ممّا يستأنس به لدفع شبهة التشبيه عن الإمام الدارمي: أنّه كان من ألدّ خصوم محمد بن كرام، المنسوب إلى التشبيه والتجسيم، وأنه تسبّب في نفيه من هراة. والحادثة ذكرها السبكي في طبقات الشافعية (!)
    _ الثاني: وهو تكملة لما شرعتَ فيه من رد: ما هو تعليقك على كلام ابن عقيل؟
    واعذرني إذا ما أخرجتك عن لب الموضوع، فإنّما أردت إثراءه بما قد يرِد عليه من اعتراضات.
    والله من وراء القصد.

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: الرد على من اتهم الإمام الدارمي رحمه الله بالتجسيم.

    جزاك الله خيرا أيها الحبيب الهمام أبا القاسم، أسأل الله أن يعجل بشفائك، وأن يمن عليك بالصحة والعافية.
    ----------
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواحدي مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك.
    الذي قصدنه هو التالي:
    في معرض مجادلة المخالف لنا في صفة النزول -مثلا-، يتأوّلها ويجزم أنها إذا فسِّرت بمعناها الظاهر، أدّى ذلك إلى القول بالحركة، والحركة تعني الحد والجسمية... إلخ.
    فإذا أجبناه: إذا كنت تعني بالحركة كلّ ما ذكرته من لوازم التشبيه والتجسيم، فليس هذا مرادنا ولا نثبتها بهذا المعنى. وإن أردتَ بها النزول كما دل عليه المعنى الموضوع لهذا اللفظ، دون الخوض في الكيفية، فنحن نثبتها.
    إذا أجبناه على هذا النحو، نكون قد تبنّينا لفظًا فرضه هو علينا. فنحن وإن أعطيناه مغايرًا للمعنى الذي أراده، إلا أنّنا أقررنا به مع ما في ذلك من الاشتباه الدلالي الملازم له؛ بل مع كون الدلالة الأولى التي يرفضها المخالف هي السابقة إلى الذهن.
    وبهذا نعطي الأحقية للمخالف مرّتين: باسترجاع مصطلح فرضه هو على السجال، وبإثبات لفظ ليس متقررا على أصولنا.
    ومثال "الشيئية" يختلف عن غيره من الحالات؛ لأنّ لفظ "شيء" ورد في النصوص، أمّا الحركة فلا..
    والله أعلم.
    بارك الله فيك، معنى النزول الحقيقي تعقله أذهان البشر بصرف النظر عن حقيقة ذلك الشيء النازل وكيفية نزوله اللائقة بذلك الشيء، وهذا ما نثبته في النزول وفي غير النزول من الصفات. ولا شك في أن بينه وبين معنى الحركة قدرا مشتركا في المعنى، (حيث معنى الحركة أعم من معنى النزول وهو مشتمل عليه لغة) وهذا القدر (الذي به يتحقق الترادف اللغوي) نثبته كذلك.. فإن أطلق كلمة حركة وهو يريد بها هذا المعنى المشترك فلا ننفيه، أما إن أراد به إثبات ما لا علم لنا به ولا يلزم إثباته عقلا، فوق معنى النزول، كالقول بانتقال تلك الذات بما يلزم منه خلو مكانها الأول منها مثلا، أو تحول بعض الذوات الأخرى بالنسبة إليها من كونها تحتها إلى كونها فوقها أو من حولها، أو نحو ذلك من المعاني التي لا تكون إلا في المخلوق، فهذه زيادة نبطلها ونردها، ونقول إنها لا تلزم من مجرد إطلاق معنى الحركة، كما لا تلزم - هي نفسها - من إطلاق معنى النزول! فليس هناك إقرار من جانبنا لما يزيد على المعنى الثابت شرعا، بل كل ما يزيد عليه فإننا نرفضه ولا نقول به!
    فإن الشيء النازل - أيا ما كانت حقيقته - نفهم معنى نزوله دون الحاجة إلى النظر في كيفيتها المتعلقة بحقيقة ذلك الشيء، فإن قال المجادل ينزل "بلا حركة"، فهل هذا المعنى يصح عقلا؟؟ أي نزول يكون هذا؟ لا يعقل هذا المعنى، وليس هو بإثبات! فإن سكت وامتنع عن تلك الدعوى، سكتنا نحن ولم يلزمنا استعمال ألفاظ لم ترد في بيان وجه الحق، لأن معنى النزول عندنا واضح أصلا ومفهوم لا يحتاج إلى تفسير، نثبته دون إضافة أي معان أخرى إليه مما لم يرد به نص ولا يأتي عندنا إلا من القياس على الذوات المخلوقة!
    ولو بحث المخالف في المعاجم عن معنى كلمة (نزل) فلن يجد أصلا لأنه لفظ لا يحتاج إلى شرح من وضوح معناه!!
    فقولك هذا - وفقك الله:
    إلا أنّنا أقررنا به مع ما في ذلك من الاشتباه الدلالي الملازم له؛ بل مع كون الدلالة الأولى التي يرفضها المخالف هي السابقة إلى الذهن.
    يلزمك من أجله رد حقيقة معنى النزول نفسه لو تأملت، لأنه - على هذا التخريج - فيه اشتباه دلالي كذلك، والدلالة الأولى التي يرفضها المخالف هي السابقة إلى ذهنه كذلك. فلو جعلنا ما يسبق إلى أذهان الفلاسفة تعليلا معتبرا لرد هذا المعنى، لجنحنا إلى التجهم! كيف نرد على من يقول: "ينزل بلا حركة"، وكيف نحقق فهمنا لمعنى النزول على ظاهره؟؟ هو الذي نفى وعطل معنى ليس له نفيه، بل وهو لازم من صريح اللغة! فلا يقال لنا إننا وافقناه على زيادة لفظ لم ينزل به سلطان!
    ومثله من يقول: يستوي على العرش بلا علو!! ومن يقول هو في السماء بلا حد!! هذا تناقض معنوي واضح، لا موجب له عقلا إذ هو سبحانه ليس كمثله شيء أصلا، فمن قال بمثل هذه المتناقضات أجبناه بما تقدم!
    أما مثال الشيئية فإنما كان المراد منه بيان مشروعية وصف الله تعالى - عند الإخبار عنه - بما ليس من أسمائه وصفاته، ولبيان أنه ليس هذا من إثبات الصفات: الذي يلزم له الوقوف بالنص على اللفظ، وقد قرنته بلفظ الوجود أو الموجودية لبيان مشروعية ذلك في الإخبار والمحاججة، فتلك الألفاظ لا تثبت لله كصفات خبرية، وإنما هي معان لغوية صحيحة - نصححها بضرورة العقل واللغة ومن مفهوم صفاته الثابتة جل وعلا - نستعملها عند الحاجة.

    وأما ما تفضلت بنقله عن ابن عقيل..
    "فإذا ثبت هذا، كيف يحسن بهذه الطائفة أن تتوسع في قوله تعالى: "ثم استوى على العرش" [بمعنى؟] "استقر" أو "جلس"، فقالت: "استواء استقرار"؟
    وهذا يصرف من أخذ الاستواء في حقّه ما اعتقده من استواء الملِك على سريره، ونوح على سفينته، واستواء السفينة على الجوديّ، والراكب على مطيّته وسرجه. وهذا بعينه هو التشبيه الذي لا يليق بمذهب مَن تجعّد عن التصرف في الأسماء بالمعنى.
    وحيث تجاسروا هذا التجاسر، كان ينبغي أن لا يتجعّدوا عن تصريفهم لقوله تعالى: "فإذا سوّيتُه ونفختُ فيه مِن رُوحي" أنْ يقولوا: "نفخ بفيه إلى ذات آدم المجوّفةِ صفتَه التي هي الروح." وكذلك: "نفخ في فرج مريم..."، إذ لا يُعقَل من النفخ إلا ذلك. بدليل نفخ عيسى في الطائر، حيث قال: "وإذ تَخلُق من الطين كهيئة الطير"، فينفخ فيه فيكون طيرًا. (...)"
    فأقول وبالله المستعان: قوله "استواء الملك على سريره، ونوح على سفينته، والسفينة على الجودي..." يجب فيه الاستفصال، لا نقبله منه ولا نرده حتى ندري مراده! فإن كان يقصد معنى الاستواء المجرد في اللغة، فصحيح، إذ هو من المشترك اللفظي! فما معناه في اللغة؟ معناه علو واستقرار! فهل يتصور إثبات الصفة بغير هذا المعنى؟؟ أما ما زاد على ذلك من تفصيل معنوي في كيفية وحقيقة هذا الاستواء المتعلقة بحقيقة الذات المستوية، فلا نخوض فيه، ولا يلزم من إثبات معنى الاستواء في اللغة، إثبات ما يتعلق بالمخلوق من معان كالاعتماد على الشيء المستوَى عليه بفعل الجاذبية، أو انحصار الذات فيه حتى يقلها ويحملها.. الخ!
    هذا هو الفرق العقلي الضروري بين أصل الإثبات - وليس الزيادة فيه - والتعطيل! فمن منع الكلام بمعنى الاستواء على العرش في اللغة مخافة الوقوع في هذا الذي يذكره ابن عقيل، فقد وقع مثل وقوعه في التعطيل!!
    ونحن وهم ندندن ليل نهار بقوله تعالى ليس كمثله شيء، فهل يفهم العقلاء من هذه الآية إلا أن المعنى المشترك لا يلزم منه المشابهة؟؟
    ليس هذا تجاسرا وإنما هو تحقيق للفهم المستقيم الذي لا ينفيه إلا معطل!!
    هذا ولا يلزم من يفهم النزول على فهمه اللغوي المستقيم، على لسان المخاطبين الأوائل دون زيادة ما لا يلزم ولا يجوز الخوض فيه، أن يقبل من ابن عقيل هذا الإلزام الذي أورده علينا في تفسير قوله تعالى ((ونفخت فيه من روحي))!! فمعنى النفخ نعقله بصريح اللغة، ولا نحتاج إلى شرحه، تماما كما لا نحتاج إلى شرح معنى النزول! فإن قال قائل يلزمكم من إثباته على حقيقته إثبات الفم، قلنا ليس بلازم! أنت ترى الماكينة المسماة بالمنفاخ، أليس فعلها هذا موصوفا بأنه نفخ؟؟ بلى! فهل لتلك الماكينة فم تنفخ منه؟؟ كلا! ولله المثل الأعلى! ومع ذلك لا نختلف في أن معنى النفخ ينطبق على فعل تلك الماكينة! فالمعنى في حقه صحيح على ظاهره، ولكنه على النحو اللائق بذاته سبحانه وتعالى، كما لا يعلمه إلا هو! الروح شيء مخلوق نفخه الله في آدم، فدخل في رأسه وعطس، كما جاءت الروايات.. فما حقيقة الروح، وما حقيقة هذا النفخ، وما حقيقة الذات الإلهية، الله أعلم!!

    وكذلك فلا يلزم أن يكون المنفوخ نفسه من صفة النافخ كما يظهر من كلام ابن عقيل! بل إن هذا الأخير لا يلزم في المخلوقات أصلا!! هل ننفخ نحن البشر حين ننفخ - على المعنى الحقيقي - إلا ريحا أو بخارا كنا من قبل قد استنقشناه؟؟ فهل تلك الريح من صفات ذواتنا؟؟ كلا!
    فهذا المعنى ليس بلازم أصلا حتى في المخلوقين، فلو أنصف الرجل - رحمه الله - وتجرد ما ألزمنا بمثل هذا الكلام!!
    وليت العقلاء يتأملون قوله ((لا يعقل من النفخ إلا ذلك))! فأنا أسأله ومن تابعه على هذا: دعنا من حقيقة معنى النفخ في اللغة، فماذا تعقل أنت من معنى النفخ يا من عطلت صفات الله بدعوى مشابهة المخلوقين؟ إن كنت تقول بأنه مجاز فما قرينة المجازية عندك وما الصارف إليه؟؟ أن النفخ لا يكون إلا مع وجود فم ورئتين وريح تحمل الشيء المنفوخ؟؟؟ هذا اللزوم باطل وهو محض التشبيه ونحن منه براء ولله الحمد! فلا وجه للمجازية هنا، وفي المقابل فلو قلت لا أعقل لها معنى فقد عطلت! والحق وسط بين التشبيه والتعطيل!
    ثم قال:
    "وإنّني لأعجب من هؤلاء القوم المدّعين أنّهم أهل سنّة، لا يتعدَّون من اسم إلى غيره ممّا هو مثله في المعنى، ثم ينبسطون في وصف الله تعالى بما يوجب إضافة الحوادث إليه، ويتنصّلون من التشبيه!"
    وكأنّي به يتساءل: إذا قلنا إنّ حقيقة الاستواء الاستقرار، فما هي حقيقة النفخ؟
    أو: ما هي حدود إسناد "المعنى الظاهر" إلى صفة من الصفات
    قلت وأما أنا فلا أعجب إلا من هؤلاء القوم المدعين أنهم أهل سنة، يثبتون سائر ما جاء به النص من المعاني على لسان العرب، ثم يقولون نتوقف في معاني ما وصف الله به نفسه، يقولون يلزم من الإثبات إضافة الحوادث والوقوع في التشبيه!!

    وتعقيبا على قولك (إن قلنا إن حقيقة الاستواء الاستقرار) فنحن ما هكذا قلنا، وإنما قلنا هو معناه اللغوي، نرد بذلك على من قال هو الاستيلاء وغير ذلك مما ابتدعوا!.. أما النفخ فهو معروف، قال الإمام القرطبي في تفسيره عند قوله تعالى ((فإذا سويته ونفخت فيه من روحي)): النفخ إجراء الريح في الشيء.. هذا معناه اللغوي، وهو لا يحتاج إلى تفسير أصلا! فإذا كنا نعلم كيفية نفخ البشر للريح، فالله أعلم بكيفية نفخه سبحانه للروح، ولكن لا يلزم من الجهل بالكيفية أو الحقيقة إبطال المعنى الظاهر، والله أعلم.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  5. افتراضي رد: الرد على من اتهم الإمام الدارمي رحمه الله بالتجسيم.

    أسأل الله أن ينفع بكم
    ورحم الله الشيخ رحمه واسعة
    ]قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له"

    قلبي مملكه وربي يملكه>>سابقا

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: الرد على من اتهم الإمام الدارمي رحمه الله بالتجسيم.

    ومن المضحكات المبكيات، ما وقفت عليه للتو في أحد المنتديات من قول أحدهم في التعقيب على كلام الإمام الدارمي رحمه الله في كون الله تعالى عاليا بذاته، ومن ثمّ كون أعلى الجبل أقرب إليه من أسفله، يقول المسكين:
    هل يعني كلام هذا الدارمي المجسم انني إذا اردت أن أتقرب الى الله اركب الطائرة بل إن اردت ان تصبح ولياً من أوليا الله تعالى فاركب صاروخ والعياذ بالله !!!! تعالى ربي وتقدس عما يقول الظالمون. وأين تذهب بقوله تعالى {كلا لا تطعه واسجد واقترب} فالوهابية يقولون والعياذ بالله اصعد واقترب. أنت تتووهم أن الله في جهة فوق أما علمت أن جهة فوق بالنسبة لك هي جهة تحت بالنسبة للجانب الاخر؟؟؟؟
    وقد رأيت هذا المعنى يتناقلونه في المنتديات للطعن على الإمام رحمه الله في تقليد لم أرَ مثله - والله - إلا عند النصارى وأضرابهم ممن يجترون الشبهات يأكلها كل منهم كمن يأكل الخراءة - أعزكم الله - لا يميز ما يلوك في فمه!!!
    وجواب هذا "الدرويش" أن يقال له: من يا هذا الذي ساوى بين معنى القرب الحقيقي لذات الله تعالى، ومعنى التقرب إلى الله والتزلف إليه بالعبادة والعمل الصالح، فجعلهما معنى واحدا؟؟؟ ومن الذي قال إن إثبات أحد المعنيين يلزم منه نفي الآخر وتعطيله؟؟؟ أتحدى هؤلاء الدراويش أن يأتوا بعالم واحد ممن رموهم بالتجسيم من أئمة المسلمين، يقول إن التقرب إلى الله - الذي هو عمل المكلفين - يكون بصعود الجبال والرقي في السماء، لا بالعمل الصالح والعبادة!! لم يقل أحد قطّ إن معنى (اقترب) في الآية أي اقترب إلى ذاته بذاتك، فأين من "الوهابية" من قال (اصعد واقترب) يا كذاب؟؟
    لا يلزمنا بحال من الأحوال من حَمْل معنى الاقتراب ههنا على وجهه اللغوي الصحيح الواضح (وهو هنا المجاز لا الحقيقة)، الذي هو التودد والتزلف تعبدا وتنسكا له سبحانه = أن ننفي عن الله تعالى معنى العلو الحقيقي بذاته جل وعلا، ومن ثمّ - وبضرورة العقل - معنى أن ما يعرج في السماء فإنه يقترب من ذاته ولابد!!! وإلا فما قول الدرويش في قوله تعالى ((تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ)) [المعارج : 4] هل المراد بالعروج إليه ههنا العبادة والتنسك ... يا درويش؟؟؟
    كل ما يعلو في السماء فإنه ويقترب من ذاته جل وعلا حقيقة، وما يدنو إلى الأرض فإنه يبتعد عنها، وإن رغمت أنوف الدراويش!
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,091

    افتراضي رد: الرد على من اتهم الإمام الدارمي رحمه الله بالتجسيم.

    شيخنا الكريم..بقي رد هذه الشبهة:
    أما علمت أن جهة فوق بالنسبة لك هي جهة تحت بالنسبة للجانب الاخر؟؟؟؟

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: الرد على من اتهم الإمام الدارمي رحمه الله بالتجسيم.

    حياك الله، هذه الشبهة قد تقدم الرد عليها في المشاركة رقم (22) .. ونكرر - بعون الله تعالى - أن هذا الإلزام منهم إنما هو من الخوض في الكيف الذي يمنعه أهل السنة ولا يقولون به! فإن كنا نقول إن ذات الله لا كالذوات المخلوقة، فإنه ليس لنا أن نمنع بعقولنا أن تكون تلك الذات في جهة العلو بالنسبة إلى كل واقف على الأرض في أي موضع منها (على كرويتها)! ولا يلزمنا من هذا أن نقول إنه محيط بها بذاته! المشكلة أن صاحب هذه الشبهة يتصور تصورا هندسيا مفاده أن كروية الأرض يلزم منها حتى يكون الله في جهة العلو من كل نقطة منها، أن تكون ذاته محيطة بقطر تلك الكرة من كل جهة!! وهذا التصور لا نسلم به إلا في الذوات المخلوقة التي لها حدود تحدها من سائر الجهات! أما ذات الله تعالى فنحن لا نعقل لها إلا الحد الذي يفصلها عن العرش وعن المخلوقات، أما ما سوى ذلك فالله به عليم.. ونحن نسأل هؤلاء المتفذلكة في الهندسة نفسها التي يتمسكون بها - في قياسهم العقلي التكييفي المذموم هذا: الدائرة إذا ما وصل طور قطرها إلى (اللانهاية) هل تصير خطا مستقيما لا متناهيا أم تبقى دائرة، وكيف نميز ونتصور هذه الحالة ونحن لا نعقل حقيقة اللانهاية العددية أو الهندسية بالأساس؟؟ هنا مربط الفرس وبيت العلة: الخوض فيما لا نعقل ولا يجوز لنا تصوره!
    وهذه الشبهة جوابها عندنا هو جواب الذين تفذلكوا من الأشاعرة وقالوا كذلك لا يصح عقلا أن نقبل معنى النزول الحقيقي لله في الثلث الأخير من الليل، لأن هذا الليل في جانب من الأرض يكون نهارا في الجانب الآخر، والليل والنهار يتكوران على سطحها تتابعا!! فهذا هو الذي أوقع نفسه في الشبهة لما أراد أن يتصور كيفية النزول لرب العزة! ومثله الذي قال إن كونه سبحانه في جهة العلو والفوقية، يلزم منه مع كروية الأرض أن يكون محيطا بها، ومن ثم فعلوُّه في جانب من الأرض يصبح دنوا تحتها في الجانب الآخر (سبحانه وتعالى عما يصف هؤلاء ويتصورون)!!! هو الذي يحاول الآن تصور كيف تلك الذات وحقيقتها قياسا على المخلوقين، (يحشو) معنى الصفة الواضح بمعان لا تلزم إلا في المخلوقات، ثم يتهمنا بما هو غارق فيه، يقول أنتم شبهتم وكيفتم وجسمتم و"حشوتم".. الخ! فالحمد لله الذي جعل الحجة على أهل الباطل في عين كلامهم ودعواهم نفسها!!
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  9. #29

    افتراضي رد: الرد على من اتهم الإمام الدارمي رحمه الله بالتجسيم.

    بالنسبة للاتجاهات .. ماذا سيقولون -هندسيا- في هذا الشكل

    إلى أين يتجه المصلي في كل حالة ؟




    تحديث :
    وصف الشكل : شكل مسطح للكرة الارضية . علي يمين الشكل الكعبة على الارض. وعلى شمال الشكل رجلان على الارض. أحدهما يقف على الارض ويبدو في الشكل أنه ينظر الى الاعلى و الاخر عكسه تماما يقف على الارض معطيا ظهره للاول ويبدو في الشكل انه ينظر الى اسفل الشكل. وكل من الرجلين يصلى. فهندسيا -بالخطوط المستقيمة - الاول يصلى الى اعلى الشكل لا الى يمين الشكل حيث الكعبة والاخر عكسه تماما يصلى نحو اسفل الشكل المسطح لا الى يمين الشكل حيث الكعبة. أما بالخطوط المنحنية او -الكروية- فاتجاه القبلة يأخذ سطح الارض بين المصلي والكعبة فيكون منحنيا اذا رسمته. هل توجد اتجاهات منحنية ؟ هذا يحتاج الى تأمل أو هل نقل جرت العادة (على قول الاشاعرة) على أن الاتجاهات مستقيمة ولو شاء الله لجعلها كروية !

    معذرة على التحديث المتاخر بعد مشاركة الشيخ ابا الفداء فقد طرأ عارض أخر التحديث.

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: الرد على من اتهم الإمام الدارمي رحمه الله بالتجسيم.

    أضحك الله سنك يا أبا نسيبة ..
    على هذا الفقه "الهندسي" البديع، لعله يلزم المصلين في جزيرة في المحيط الهادي - الواقفين على الطرف الآخر من القطر المار إليهم من الكعبة عبر مركز الأرض - أن يصلوا وهم نائمون على بطونهم حتى تكون وجوههم متوجهة إلى الكعبة التي هي حالئذ تحت أرجلهم على الوجه الآخر من الأرض! (ابتسامة)
    المشكلة أن القوم يظنون أنهم أتوا بالحجج العقلية (الدامغة) والإلزامات المفحمة في مجادلة خصومهم، هداهم الله!
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  11. #31
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: الرد على من اتهم الإمام الدارمي رحمه الله بالتجسيم.

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الفداء مشاهدة المشاركة
    ونكرر - بعون الله تعالى - أن هذا الإلزام منهم إنما هو من الخوض في الكيف الذي يمنعه أهل السنة ولا يقولون به!
    بارك الله فيك.
    يضاف إلى ما تفضلت به أنّ مدارك البشر أدنى من أن تخوض في "كيف" الكون، فكيف لها أن تتجرأ على الخوض في "الكيف" إذا ما تعلّق الأمر بصفات الله أو ذاته؟
    وكأني بالذين يلتفتون إلى "الكروية" ثم يربطونها بالإحاطة يعتقدون أنّ العالم هو الأرض!
    ومن يمكنه أن يزعم أنّ العالَم كروي الشكل؟

  12. #32
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: الرد على من اتهم الإمام الدارمي رحمه الله بالتجسيم.

    الأخ الفاضل "أبو أنيسة":
    لعلّ نكتة المسألة تكمن في لفظ "الاتجاه".
    ووقوف المصلي باتجاه القبلة لا علاقة له بـ "الفضاء الخارجي" (ابتسامة)، بل هو فعلا مرتبط بسطح الأرض. إذ لو افترضنا أنّ ذلك المصلّي واصل السير ملتزما بنفس الخط المحدد للقبلة، لوصل حتما إلى الكعبة.
    وتوضيح المسألة يكون بتصوّر خطوط شبيهة بخطوط الطول تغطي المعمورة كلّها، وتلتقي جميعا في نقطة واحدة هي الكعبة.
    والله أعلم.

  13. #33
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: الرد على من اتهم الإمام الدارمي رحمه الله بالتجسيم.

    حياك الله أيها الحبيب الواحدي
    في تصوري أن ما تفضل به الفاضل أبو نسيبة في مسألة الكعبة لم يرد به أكثر من التدليل على ضيق عقول المخالفين في تحكماتهم وإلزاماتهم المتعلقة بمعنى الجهة، وهذا ما ظهر لي من طريقة عرضه للفكرة، وإلا فليست القضيتان في بابة واحدة، ولا تستوي المسألتان ولا شك، فالمصلي عندما يقف في اتجاه القبلة فإنه يقف كما تفضلتَ على اعتبار الجهة التي إن واصل السير فيها على السطح المنبسط للأرض فسيصل إلى الكعبة، حتى وإن كانت وجهته حيث يصلي ليست في الواقع خطا مستقيما إلى الكعبة نفسها كما بين أخونا أبو نسيبة! وهذا من رحمة الله تعالى أن كلفنا بما نطيق، وإلا للزم الناس في بعض البلدان أن يصلوا ووجهتهم إلى أسفل لا إلى الأمام حتى يتوجهوا إلى الكعبة نفسها حيث هي في الحقيقة!!
    أما مسألة علو الله تعالى، فالله جل وعلا عال فوق سماواته بذاته على الحقيقة، أيا كانت النقطة التي يقف العبد عليها من تلك الكرة، وكلما رفع رجل يديه إلى السماء للدعاء فإنه يحقق هذا المعنى حيثما كان، لا على سبيل المجاز ولا على سبيل الرحمة والتخفيف وإنما على الحقيقة، كما يجد سائر بني آدم في فطرتهم وجبلتهم، فنحن نقرر هذا المعنى ولا ندخل فيما ليس لنا الدخول فيه، ولله المثل الأعلى، والله أعلم.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  14. #34

    افتراضي رد: الرد على من اتهم الإمام الدارمي رحمه الله بالتجسيم.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواحدي مشاهدة المشاركة
    الأخ الفاضل "أبو أنيسة":
    لعلّ نكتة المسألة تكمن في لفظ "الاتجاه".
    ووقوف المصلي باتجاه القبلة لا علاقة له بـ "الفضاء الخارجي" (ابتسامة)، بل هو فعلا مرتبط بسطح الأرض. إذ لو افترضنا أنّ ذلك المصلّي واصل السير ملتزما بنفس الخط المحدد للقبلة، لوصل حتما إلى الكعبة.
    وتوضيح المسألة يكون بتصوّر خطوط شبيهة بخطوط الطول تغطي المعمورة كلّها، وتلتقي جميعا في نقطة واحدة هي الكعبة.
    والله أعلم.
    نعم اخي الفاضل الفكرة هي كما علق الشيخ ابو الفداء جزاه الله خيرا
    نحن متفقان (أكثر) ومختلفان معا في آن واحد ! الحقيقة واحدة انما العرض مختلف.
    ما طرحتموه من خطوط الطول والعرض هو عين ما ذكرته بل ورسمته كما في الشكل. ستجد خطا مقوس يسير مع سطح الارض الكروي من المصلي الى الكعبة. فلا خلاف في هذا مع كل العقلاء أبدا عدا عبد الله الحبشي ! (ابتسامة)
    فالمصلي باعتبار الخطوط المستقيمة (( وهي علة القبوريين ! ))* لا يصلي الى الكعبة. فهو في واد والكعبة في واد آخر. ولو كانت الكعبة هي معبوده لما كان يصلي اليها بهذا الاعتبار !!
    * علة القبوريين هي رسم خط ((مستقيم)) بين كل داعٍ يرفع يديه وخالقه ( في اكثر من مكان على الارض) بالتصريح الفصيح ! ( فوقية الخط المستقيم ).
    يعني الذات تحيط بالكرة الارضية من كل جانب وعليه تكون الارض والكون تبعا داخل الذات وهذا واضح لا يحتاج الى شرح أكثر من ذلك. وبالتالي ينفون العلو.

    فهل كان وجود الكعبة في واد (في طرف من الارض) و المصلين في أودية اخرى كل في اتجاه مانعا لاعتبار أنهم يصلون اليها حقيقة !
    المقصد إذا كان هذا حال المصلين مع الكعبة المخلوقة فكيف بحال الداعين مع خالق المصلين والكعبة الذي ليس كمثله شئ ؟ وهذا في ظني كقياس الاولى والله اعلم.
    بالنسبة للفضاء الخارجي فلم يتبين لي ماذا تقصد تحديدا. وما الفضاء الخارجي ؟ ولعل ما علقت به اعلاه يجيب عنه وإلا فتفضل بالبيان بارك الله فيك.

    وليعلم أن لا احدا يعلم كيفية الله سبحانه وتعالى وطالما هذه هي الحقيقة فكل من ياتي بحجة عقلية سيرد عليه بحجة عقلية مضادة تدحضها.

    سأل احد الاخوة ممن يريد محاورة الجهمية قائلا :
    "اولا : سوف يحتج بكروية الارض ويقول عندما نكون مثلا في جنوب افريقيا فلا يعني رفع الايدي في الدعاء ان الله في السماء ... بل يعني ان الله في كل مكان هذه واحدة " ا.هـ
    فرد عليه احد الاخوة الفضلاء قائلا:
    "مال كروية الارض برفع يدى الى السماء اخى الحبيب انا اخص السماء عندما ارفع يدى فهل ارفع يدى لعدم....؟! (يعنى شئ مو موجود ارفع يدى اليه.)) مثال الكعبة اننا نتوجه اليها فى الصلاة فاذا لم تكن الكعبة متواجدة هل اصلى [إلى] لعدم..((اى لشئ غير موجود))..؟ " ا.هــ

    في الصلاة لم يتركنا الله تعالى نصلي الى السماء او الى أي مكان بل أمرنا الى شئ موجود معين حقيقي لامجازي نصلي "اليه" ولجواز إمكان وقوعه في أي مكان حدده بالنص وهو الكعبة.

    والدعاء هو العبادة (كالحج عرفة !) فأين هو الشئ الموجود (المعين) الحقيقي الذي نتجه بكلنا "اليه" ولم يحتج الى نص في مد الايدي (له واليه) ؟
    هل هو احد الكواكب؟
    ام احد النجوم؟
    ام العرش؟
    أم الفضاء!؟
    أم الفراغ !؟
    أم العدم !؟
    أم السماء بمعنى المخلوق (وبالتالي الى كل ما فيها من الكواكب والنجوم وما فيها من جان وملائكة و غيرها)
    أم السماء بمعنى العلو المطلق ؟
    هذا والله اعلم

  15. #35

    افتراضي رد: الرد على من اتهم الإمام الدارمي رحمه الله بالتجسيم.

    احسن الله إليكم اخي ابو الفداء ,
    وبارك الله في الاخوة الكرام .

    يقول الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله تعالى ، في كتابه ( التعالم وأثره على الفكر والكتاب ) تحت المبحث الرابع : في التوقي من الغلط على الائمة في أقوالهم ومذاهبهم .
    ما نصه " ومن موجبات الغلط على الائمة , ما تغافل عنه كثير من الخلق لشدة ضراوتهم على السلف في (الإعتقاد) ، ذلك ان الاستقراء دل على أن التقييد لتقرير الاعتقاد ليس كالتقييد للنقض على اهل الفرق كالأشاعرة وذي الاعتزال , وبيان هذا :
    أن السلف إذا كتبوا الاعتقاد على سبيل التقرير والبيان : قصروا ذلك على موارد النصوص الثابتة , ومنها : عقيدة الطحاوي , وابي الخطاب الكلوذاني , وابن تيمية في " العقيدة الواسطية " وغيرها .
    وأما إذا كتبوا للرد والنقض مثل كتاب : نقض الدارمي عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد , فإن مقام النقض يفرض الإبطال لكلام الخَلْفي .
    ولهذا فلا يهولنك ما يهرج به الخلف على السلف من انهم اطلقوا على الله كذا وكذا , كما هوش بذلك الكوثري في مقالاته على اهل السنة بعبارات نقلها عن الدارمي في نقضه , وقد قف شعري وحصل في النفس حَسيكَة على الامام الدرامي من خلال نقول الكوثري عنه نص العبارة وبرقم الصفحة . فلما رجعت الى مقالات المريسي وصاحبه : ابن الثلجي , وجدت الدارمي - رحمه الله تعالى - امام عبارات فجة , واطلاقات خَلْفِيَّةٍ لا تصدر من متماسك في دينه وعقله .
    فالدارمي لم يبدأ بتلك العبارات وانما هو في مجال النقض لا في مجال التقرير . والله اعلم " انتهى .
    أحمد بن مانع الجهني
    abo_abdalmlk@ تويتر
    ahmad8882@gmail.com

  16. #36
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: الرد على من اتهم الإمام الدارمي رحمه الله بالتجسيم.

    شكر الله لكم ذلك النقل القيم أخي الجهني، ورحم الله الشيخ بكر.
    وهذا المسلك لأهل الأهواء معروف مشهور: النقل المبتور.. وهو من البغي في الخصومة، الذي هو من خصال النفاق، والله المستعان! ترى المبتدع ينتزع من كلام خصمه مقطعا قد يظهر لسامعه بادي الرأي ما يورث التهمة في حق القائل، مع أنه لو استمع إليه في كامل سياقه، وجمع بعضه إلى بعض في سباقه ولحاقه، لفهم مورد الكلام ولاتضح له المقصود على الوجه الذي يرام!
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  17. #37
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: الرد على من اتهم الإمام الدارمي رحمه الله بالتجسيم.


    بارك الله فيكم وزادكم الله علما وحلما ...
    للفائدة هذا الرد على أحد الجهمية كنت كتبته في موضوعي(صد عدوان الجهمي المشين):


    الذب عن عرض الإمام الدارمي :

    18-قال الجهمي معلقا على قول الإمام الدارمي الآتي:

    والآثار التي جاءت عن رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم في نزول الرب تبارك وتعالى تدل على أن الله ‏عز وجل فوق السماوات على عرشه ,بائن من خلقه))انتهى كلام الإمام الدارمي.

    فقال هذا الجهمي معلقا:



    فهذا الدرامي مجسم مشهور عنه التجسيم وفي أقواله ما يشين الإسلام ، فانظروا إلى من يأخذون بأقوالهم .. فله كتاب تشمئزُّ منه نفوس الذين ءامنوا من بشاعة الذي فيه
    .





    أقول:

    كان عليك أن ترد على كلام الدارمي بالحجة والبرهان لا الخروج عن الموضوع والتهجم على شخص الإمام الدارمي رحمه الله فلسنا هاهنا نتكلم عن عقيدة هذا أو ذاك بل عن الأدلة والنصوص الأثرية فلا تخلط بين الدليل وبين صاحبه !.

    لكنك أثبت عجزك وهروبك عن الرد على الإمام الدرامي فلم تجد سبيلا إلا التهجم عليه مع أن كلامه لا يخالف أئمة أهل السنة في شيء

    فقد قال الإمام المشهور ابن أبي زمنين رحمه الله(399ه)تعليقا على حديث ‏النزول ‏‎: ‎‏ هذا الحديث بين أن الله عز وجل على عرشه في السماء دون ‏الأرض,وهو أيضا بين في كتاب الله,وفي غير ما حديث عن رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم .ثم ذكر آيات دالة على علو الله تعالى)).



    وقال ابن عبد البر رحمه الله((هذا الحديث ثابت من جهة النقل ,صحيح ‏الإسناد,لا يختلف أهل الحديث في صحته و فيه دليل على أن الله عز و ‏جل في السماء على العرش من فوص سبع سماوات,وعلمه في كل مكان كما ‏قالت الجماعة أهل السنة أهل الفقه والأثر,ثم ذكر الآيات الدالة على علو ‏الله عز وجل(

    أما فرية التجسيم والتشبيه فليست بجديدة من أتباع المريسي وجهم بن صفوان فقد تعودنا عليها منهم فكل من آمن بصفات الله عز وجل فهوعندكم تارة مشبه وتارة مجسم أما المكذبون المحرفون والمعطلون فهم عندكم منزهون. وما هم والله إلا جاهلون بعيدون عن نور الكتاب والسنة فهم لا يفهمون من النصوص إلا التشبيه والتجسيم كما بينت آنفا.

    إن نفيكم لعلو الله تعالى على العرش أو نزوله إلى السماء الدنيا كل ليلة ‏بدعوى التجسيم خطأ في اللفظ والمعنى ,وجناية على ألفاظ الوحي.‏
    أما اللفظي ‏‎:‎فتسميتكم علو الله على العرش أونزوله إلى السماء الدنيا تجسيما وتشبيها ‏وتحيزا.وتواصيك م بهذا المكر الكبار إلى نفي ما دل عليه الوحي,والعقل ‏والفطرة,فكذبتم على القرآن وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم ‏وعلى اللغة,ووضعتم لصفاته ألفاظا منكم بدأت وإليكم تعود.‏
    وأما خطأكم في المعنى ‏‎:‎‏ فنفيكم,وتعطيلكم لعلو الرحمن أو نزوله بواسطة هذه ‏التسميات والألقاب ,فنفيتم المعنى الحق وسميتموه بالاسم المنكر ,وكنتم ‏في ذلك بمنزلة من سمع أن في العسل شفاء ولم يراه,فسأل عنه فقيل له ‏‎:‎‏ ‏مائع رقيق أصفر يشبه العذرة تتقيأه الزنابير,ومن لم يعرف العسل ينفر ‏عنه بهذا التعريف ,ومن عرفه وذاقه لم يزده هذا التعريف عنده إلا محبة ‏له,ورغبة فيه,وما أحسن ما قال القائل ‏‎:‎
    تقول هذا جني النحل تمدحه***وإن تشاء قل ذا قيئ الزنابير‏
    مدحا وذما وما جاوزت وصفهما***والحق قد يعتريه سوء التعبير.

    ومن عادة أهل السنة أنهم يستفصلون في مثل هذه الألفاظ التي أحدثتموها فنقول لكم:

    وإذا أردتم بالجسم المركب وهو ما كان مفترقا فركبه غيره, والمركب المعقول هو ما كان مفترقا فركبه ‏غيره كما تركب المصنوعات من الأطعمة والثياب والأبنية ونحو ذلك من أجزائها المفترقة
    والله تعالى أجل وأعظم من أن يوصف بذلك بل من مخلوقاته ما لا يوصف بذلك ومن قال ذلك فهو ‏من أكفر الناس وأضلهم وأجهلهم وأشدهم محاربة لله.‏
    وإن أردتم بالجسم ما يوصف بالصفات ,و يُرَى بالأبصار,ويتكلم, و يُكلِمْ,ويسمع,وي بصر,ويرضى ‏ويغضب,فهذه المعاني ثابة للرب تعالى وهو موصوف بها,فلا ننفيها عنه بتسميتكم للموصوف بها جسما,ولا ‏نرد ما أخبر به الصادق عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله لتسمية الأعداء الحديث لنا حشوية,ولا نجحد ‏صفات خالقنا وعلوه على خلقه وإستواءه على عرشه,لتسمية الفرعونية المعطلة لمن أثبت ذلك مجسما ‏مشبها.‏
    فإن كان تجسيما ثبوت استوائه ***على عرشه إني إذا لمجسم ‏
    وإن كان تشبيها ثبوت صفاته***فمن ذلك التشبيه لا أتكتم
    وإن كان تنزيها جحود استوائه***وأوصاف أو كونه يتكلم
    فعن ذلك التنزيه نزهت ربنا***بتوفيقه والله أعلى وأعلم.‏
    وإن أردتم بالجسم ما يشار إليه إشارة حسية,فقد أشار إليه أعرف الخلق بأصبعه رافعا لها إلى السماء, يُشْهِدُ ‏الجمع الأعظم مشيرا له.‏
    وإن أردتم بالجسم ما يقال أين هو؟فقد سأل أعلم الخلق به عنه بأين منبها على علوه على عرشه.‏
    وإن أردتم بالجسم ما يلحقه(من) و(إلى) فقد نزل جبريل من عنده ,ونزل كلامه من عنده,وعلاج برسوله ‏صلى الله عليه وسلم إليه,وإليه يصعد الكلم الطيب,وعنده المسيح رفع إليه.‏
    وإن أردتم بالجسم ما يكون فوق غيره ,ومستويا على غيره ,فهو سبحانه فوق عباده مستو على عرشه.‏
    أما قولك((فانظروا إلى من يأخذون بأقوالهم .. فله كتاب تشمئزُّ منه نفوس))فهذا جهل كبير منك لأن كتاب الدارمي قد أثنى عليه الأئمة الكبار بل ونقلوا منه لكونه ثقة من إمام ثقة

    فلو كان الأمر على طريقتك أيها الجهمي لما اعتمده الحافظ ابن حجر قط ولا الحافظ الذهبي ولاابن كثير وغيرهم من الحفاظ الجبال الذين اعتمدوه في عزو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم


    و نحن نذكر صورا من إعتمادهم على هذا الكتاب في العزو :


    قال الحافظ ابن كثير في تفسيره ( الاية 11 من سورة الواقعة ) :

    وقد روى هذا الأثر الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه: "الرد على الجهمية"، ولفظه: فقال الله عز وجل: "لن أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي، كمن قلت له: كن فكان" ) اهـ ج7 ص517


    و قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ج 18 ص 215 :

    وَقَدْ اخْتُلِفَ فِي سَنَدِهِ عَلَى الْوَلِيد فَأَخْرَجَهُ عُثْمَان الدَّارِمِيّ فِي " النَّقْض عَلَى الْمَرِيسِيّ " عَنْ هِشَام بْن عَمَّار عَنْ الْوَلِيد فَقَالَ : عَنْ خُلَيْد بْن دَعْلَج عَنْ قَتَادَة عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِين عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فَذَكَرَهُ بِدُونِ التَّعْيِين ، قَالَ الْوَلِيد وَحَدَّثَنَا سَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيز مِثْل ذَلِكَ وَقَالَ : كُلّهَا فِي الْقُرْآن ( هُوَ اللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم ) وَسَرْد الْأَسْمَاء .. ) اهـ

    و قال في الفتح ج 20 ص 484 :

    وَقَدْ أَخْرَجَهُ عُثْمَان الدَّارِمِيُّ فِي كِتَاب الرَّدّ عَلَى بِشْر الْمَرِيسِيّ عَنْ مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل مِثْله ) اهـ


    و قال السيوطي في الدر المنثور ( تفسير الاية 29 من سورة البقرة ):
    (وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه واللالكائي والبيهقي عن ابن مسعود قال : بين السماء والأرض خمسمائة عام ، وما بين كل سماءين خمسمائة عام ، ومصير كل سماء يعني غلظ ذلك مسيرة خمسمائة عام ، وما بين السماء إلى الكرسي مسيرة خمسمائة عام ، وما بين ذلك الكرسي والماء مسيرة خمسمائة عام . والعرش على الماء ، والله فوق العرش ، وهو يعلم ما أنتم عليه . ) اهـ

    و قال في موضع آخر ( تفسير الاية 8 من سورة التغابن) :

    (وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهميه عن ابن عباس قال : سيد السموات السماء التي فيها العرش ، وسيد الأرضين التي نحن عليها ) اهـ


    و قال المتقي الهندي – ت 975 هـ - في كنز العمال :
    (1545 - عن عمر قال قلت يا رسول الله أرايت ما نعمل فيه امر مبتدع أو مبتدا أو ما قد فرغ منه قال فيما قد فرغ منه قلنا أفلانتكل قال فاعمل يا ابن الخطاب فكل ميسر لما خلق له ومنكان من أهل السعادة فانه يعمل بالسعادة أو للسعادة واما من كان من اهل الشقاوة فانه يعمل بالشقاء أو للشقاوة { ط حم ورواه مسدد إلى قوله وقد فرغ منه وزاد قلت ففيم العمل قال لا ينال إلا بالعمل قلت إذا نجتهد والشاشى قط في الافراد وعثمان بن سعيد الدارمي في الرد
    على الجهمية ص خ في خلق افعال العباد ابن جرير وحسين في الاستقامة
    } ) اهـ ج1 / 338-339
    و قال أيضا في موضع آخر من الكتاب :

    4158 - عن عمر قال : ان هذا القرآن كلام الله ، فلا أعرفنكم ما عطفتموه على أهوائكم.
    (الدارمي عثمان بن سعيد في الرد على الجهمية ق في الاسماء والصفات).) اهـ ج2 /329

    و ذكره في كتابه هذا في أكثر من موضع


    و جاء في فتاوى الرملي للعلامة شهاب الدين أحمد الرملي الشافعي – ت - :

    ( سُئِلَ ) أَيُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِينَ أَفْضَلُ ؟ ( فَأَجَابَ ) أَخْرَجَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ فِي كِتَابِ الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ سَيِّدُ السَّمَوَاتِ السَّمَاءُ الَّتِي فِيهَا الْعَرْشُ وَسَيِّدُ الْأَرْضِينَ الَّتِي نَحْنُ عَلَيْهَا .
    ا هـ .


    و بعد هذا : أفيليق بابن كثير و ابن حجر و السيوطي و المتقي الهندي و غيرهم كثير : ان يعتمدوا في تخريج أحاديث النبي الأمين عليه الصلاة و السلام على كتاب طافح بالتجسيم كما ذكرت وتوهمت!.








    وأمثلة على ذلك
    الله له لسان عند الدرامي المجسم
    نعم لله ( تعالى الله ) لسان عن الدرامي حيث يقول عثمان بن سعيد الدارمي في نقضه على المريسي ص316 ما نصه: (الكلام لا يقوم بنفسه شيئاً يرى ويحس إلا بلسان متكلم به).


    قلت:ولا يوجد في هذا الكلام الذي نقلته عن الإمام الدارمي إضافة اللسان للرب تبارك وتعالى!!!.

    لكنني أعذرك فأنت تنسخ من غيرك وليس لك سلف في قولك إلا شيخك الكوثري المعروف بتهجمه على أهل العلم بما فيهم الحافظ ابن حجر الذي تمسحت به.






    ص/ 81 من مطبوعة السويد سنة 1960 يقول الدارمي:" قال كعب الأحبار: لما كلم الله موسى بالألسنة كلها قبل لسانه طفق موسى يقول: أي رب ما أفقه هذا حتى كلّمه ءاخر الألسنة بلسانه بمثل صوته يعني بمثل لسان موسى و بمثل صوت موسى".


    أقول: ولا يوجد هاهنا إثبات اللسان لله تبارك وتعالى إنما إثبات اللغة التي تكلم بها الله عز وجل فاللسان يطلق على اللغة كذلك أفلم تقرأ قوله تعالى((( وإنه لتنزيل رب العالمين ( 192 ) نزل به الروح الأمين ( 193 ) على قلبك لتكون من المنذرين ( 194 ) بلسان عربي مبين ( 195 ) ))).

    فالله عز وجل تكلم باللسان العربي أي باللغة العربية وليس ها هنا إثبات اللسان بالمفهوم الذي ترمي إليه.

    وهذا الكلام الذي نقلته إنما هو منسوب لكعب الأحبار فليس الدارمي إلا ناقل لوكنت تفقه!!!










    الله اذا أراد يستقر علي ظهر بعوضة تُقِلُه والعياذ بالله

    قوله (1/458) : " ولو قد شاء لاستقر على ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته ولطف ربوبيته فكيف على عرش عظيم " .






    والجواب عليك من ثلاث أوجه:

    الأول: أن هذا الكلام قد قاله الإمام الدارمي في مقام النقض والرد لا مقام التقرير فالفرق شاسع بينهما فهو يرد على المريسي الذي أنكر علو الله تعالى ,ومقام الرد غير مقام التقرير, وشيوخك الجهمية إلى يومنا هذا لم يجدوا في الكتب السلفية ما يخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فالتجأوا إلى نقل عبارات لبعض الأئمة السلفيين قد تكون أحيانا مطلقة لها تقييد في مقام الآخر فأخذوا بالمطلق وتركوا المقيد أو تكون أحيانا في مقام الرد على أهل البدع فجعلها شيوخك تقريرا وحجة للطعن في نهج السلف الصالح.

    الثاني:الإمام الدارمي لم يجزم في كلامه بل إستعمل لفظ(لو قد شاء) وأنت توهم الناس بتشنيعك أنه يجزم.

    الثالث:على فرض خطأ الدارمي فإنه رغم إمامته ومكانته لدى علماء الأمة إلا أنه يبقى بشر يصيب ويخطئ فلا داعي لكل هذا التهويل والتشويش وقارع الحجة بالحجة فإنك لم تفند شيئا ولم ترد على شيئ!!!.

  18. #38

    Exclamation رد: الرد على من اتهم الإمام الدارمي رحمه الله بالتجسيم.



    أيها الإخوة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    لفت انتباهي بحثكم هذا بارك الله فيكم .

    وبعيدًا عن الخوض في دقائق المسائل، أحببت أن أذكِّر الذين يطعنون في الإمام الدارمي بغير علم ، أنهم إنما يقعون في عرض عالمٍ كبير من مشاهير علماء المسلمين في القرن الثالث الهجري!!
    قبل أشهر تطاول أحد أدعياء العلم وقليلي البضاعة في دمشق على شيخنا العلاّمة محمد كريّم راجح (مفتي الشافعية في الشام وشيخ القرّاء فيها) لأنه أثنى في تفسيره المبارك (قبسٌ من القرآن الكريم) على كُتب الدارمي!! وقال ذلك الدَّعيّ الجاهل الحاقد : "إن كتاب الدارمي من الكتب المرذولة المحتوية على الكفر الصريح". كذا قال ، وبئس ما قال.
    وللذين لا يعرفون من هو الدارمي أقول باختصار :
    الإمام الدارمي الشافعي (197 ـ 280هـ) : هو الحافظ الكبير عثمان بن سعيد الدارمي الشافعي صاحب المسند الكبير([1])، وهو تلميذ البويطي صاحب الإمام الشافعي.
    وللدارمي كتاب في الرد على الجهمية وكتاب في الرد على بشر المريسي الحنفي تلميذ أبي يوسف ، والدارمي هو الذي قام في هراة على محمد بن كِرام (المجسِّم) الذي تنسب إليه الكِرامية ، حتى طردوه منها. وكتب الدارمي ليس فيها سوى سرد أقوال علماء المسلمين الأعلام والرد على المبتدعة الجهميّة والمعتزلة!! وأمّا مذهب الدارمي فقد روى الحافظ الذهبي فقال : ((قال محمد بن إبراهيم الصرام: سمعت عثمان بن سعيد يقول: لا نكيف هذه الصفات، ولا نكذّب بها، ولا نفسرها)).([2])
    وقال عنه السبكي الشافعي الأشعري الصوفي : إنه ((محدِّث هراة وأحد الأعلام الثقات... وقال أبو الفضل يعقوب الهروي القراب: ما رأينا مثل عثمان بن سعيد ولا رأى هو مثل نفسه))([3])

    إذن الدارمي ليس مجسِّمًا ، بل على العكس كان يجابه المجسِّمة ويفضح ضلالهم. ولا يكيّف الصفات ولا يفسِّرها ولا يكذب بها.
    والذين يحقدون عليه إنما هم الجهميّة وأضرابهم!.
    والأشاعرة المتقدمين لم يطعنوا فيه، بل أثنوا عليه وعلى كتبه وعلى موقفه من المجسّم محمد بن كرام . والسبكي صاحب الطبقات من الأشاعرة المتعصّبين ومع ذلك أثنى عليه ولم يطعن فيه.
    وكان العلاّمة المحدِّث أحمد بن الصديق الغماري ـ أحد أعيان رجال التصوف في القرن الماضي ـ ، يُثني كثيرًا على كتب الدارمي وينصح بها ويهاجم منتقديها.
    إذن علماء الأشاعرة وعلماء الصوفية ـ المشاهير والمقدمين عندهم ـ لم يطعنوا في الإمام الدارمي، فمن هم الطاعنون اليوم وما مذهبهم؟؟
    الذي نراه أن أصحاب هذه الدعوى إنما هم مقلِّدون للشيخ الكوثري، والكوثري كما هو معلوم ليس أشعريًا!! وإنما هو صاحب مزيج من الاعتقادات ففيه تجهّم واعتزال وقدرية و...الخ
    ثم هو حنفيٌّ شديد التعصب، وتعصّبه منقطع النظير ، ولمّا كان الدارمي أحد أهمّ الأعلام الذين ردّوا على بشر المريسي الحنفي تلميذ أبي يوسف، فكان حتمًا على الكوثري أن يطعن فيه كما طعن في عشرات وعشرات الأئمة المتقدمين بسبب كلمة أو موقف اتخذوه من الإمام أبي حنيفة رحمه الله.
    وإليكم ما قاله أحد أقرب الناس إلى الكوثري!
    قال العلاّمة مصطفى صبري شيخ الإسلام للدولة العثمانية سابقًا، يصف صديقه "الشيخ الكوثري" : ((.. والآن أجده قدريًّا صريحًا ، وقد سمعته يقول إن مذهب المعتزلة القدريّة الذي انقرض رجاله، ما زال يعيش في هذه المسألة تحت اسم الماتريدية ، وفي بعض البلاد باسم الشيعة الإمامية، فكنتُ أفهم منه أنه يُفضّل ما في الاعتزال من التفويض الخالص على اضطراب الماتريديين وأشباههم من الباحثين عن أمرٍ بين أمرين، فهو معتزلي أي قدريٌّ قائل باستقلال العباد في أفعالهم الاختيارية، في حين أني أشعريٌّ قائلٌ بالجبر المتوسط أي الجبر في أفعالهم بواسطة الجبر في إراداتهم. فكأنما لمّا خرجنا من تركيا الماتريدية ذهبتُ أنا مشرِّقًا وذهبَ فضيلته مغرّبًا)).انتهى([4])

    أقول : رحم الله الحافظ الذهبي القائل : ((فليُعْذَر من تأوَّل بعض الصفات. وأما السلف، فما خاضوا في التأويل، بل آمنوا وكفّوا، وفوّضوا علم ذلك إلى الله ورسوله، ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه، وتوخيه لاتباع الحق أهدرناه، وبدَّعناه، لقل من يسلم من الأئمة معنا)).([5])


    [1] ـ وهو غير الدارمي صاحب السنن!
    [2] ـ (سير أعلام النبلاء) للذهبي 13/324
    [3] ـ (طبقات الشافعية الكبرى) للسبكي؛ 2/224
    [4] ـ (موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين) لمصطفى صبري؛ 3/392.
    [5]ـ (سير أعلام النبلاء) 14/376

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •