تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: تأصيلات في البدعة من ردود أخيكم أبي القاسم

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    2,120

    افتراضي تأصيلات في البدعة من ردود أخيكم أبي القاسم

    السلام عليكم
    هذه ردود أخيكم أبي القاسم على د. محمد أيمن في ملتقى المذاهب الفقهية وقد نقلت كلامه هنا للفائدة ( وقد استأذنت من الأخ أبي القاسم بوضع ردوده )
    --------

    بدعية المولد معلومة من جهة معرفة قوانين الشرع العريضة ولا يتطلب عادة في البدعأدلة تفصيلية
    فحسب الشيء أن يكون محدثا وله تعلق بمعنى التعبد أو ذريعة إليه أويكون خروجا عن النظام العام للشريعة ..حتى يكون بدعة..وأما لفتة الشيخ أبي أسامةفهي وجيهة وهو لم يقدمها كدليل على بطلان المولد النبوي ولكن أراد بيان أن اللهاحتفى بيوم بعثته لا بيوم مولده وهذا فيه إسقاط لـ"محوريّة" هذا اليوم عندالصوفية..ففيه معنى جليل لو تأملته لأنه مخالف لمنطق المحتفلين بالموالدعموماً
    ومن شبهاتهم أن يقولوا :احتفل النبي بيوم مولده فصامه..ولما سئل عن سببالصوم قال "يوم ولدت فيه" فيقال لهم الرد من وجوه منها:-
    1- اتباعه يكونبصومه..فحسب, فلما لم يخص اليوم بمزيد مزية وعلمنا يقينا أن ذلك لم يكن ذهولاً منهصلى الله عليه وسلم لأن الداعي موفور أن يحث أمته على إحياء حبه ..لاسيما وهو يعلمأن أمته ستفترق وأن أناساً سيجفونه وآخرين سيطرونه..بما هو فوق بشريته ثم لم يكن منجراء الفتن التي عصفت بالأمة حافزا للصحابة أن يحيوا يوم مولده وقد علموا أن الناسبعدت عن الهدي..إلخ...لما كان ذلك كذلك ثبت فيه معنى البدعة لاعتبار تركه مع وجودالداعي لسنه.

    2- أن يوم عاشوراء كان يصومه اليهود..إحياء ليوم نجاة موسى عليهالسلام من فرعون..فصامه النبي شكراً لله..فشرع لنا صيامه..لكنه خالف اليهود وقال :لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر
    ففيه 3 دلالات على الأقل:-
    -
    أنهوافقهم على معنى الشكر لله فصامه وقال "نحن أولى بموسى منكم" دون معنى الاحتفالالذي كانوا عليه..
    -
    أن أدعياء الاحتفال بالمولد حباً للنبي تخالف منهجهمهنا..فلم يحتفلوا بيوم عاشوراء كما عدوا صيام اليوم الموافق لمولدهاحتفالاً
    -أنه جنح لمخالفة اليهود وصام يوما معه..ونحن نقول لأهل الموالد :حسبكمأن تعلموا أن أول من اخترعها هم العبيديون باتفاق المؤرخين..والذين ظاهرهم الرفضوباطنهم أمضّ.
    * * *
    إذا تقرر أن تخصيص هذا اليوم ببعضالمعاني التي تشعر بكونه عيدا أو فيه معنى التعبد=بدعة
    فلاشك أن تخصيصه بنذريندرج فيما مضى بل هو أشد, لأن النذر نفسه عبادة محضة
    بخلاف مطلق المباحاتكالتوسعة على الأهل وغيره..وأي عبادة تجيء مطلقة من جهة الشرع ثم تقيد بوصف أوزمان أو نحوهما بما لم يرد به الشرع= يدخلها في معنى الابتداع
    واللهأعلم
    * * *
    حسنا عرف لنا البدعة يا فضيلة الدكتور..هذاأولا-
    ثم اذكر لنا حكمك مثلا, فيمن يقول كلما عطس :الحمد لله والصلاة والسلامعلى رسول الله
    هل ارتكب بهذا:
    -
    حرام
    -بدعة
    -سنة
    -مباح
    -بدعةحسنة(!)؟
    وبين لنا مشكورا حكمك في عيد الأم؟..وهل يتغير الحكم لو سميناه مثلا :مناسبة الأم

    أما إناطة المسألة بأنه مختلف فيها فليس بدقيق , ومن قال إنمجرد وجود الخلاف يسوغ جميع لأقوال؟
    ووجه كونه أشد أنها علقت نذر الطاعة ليوفقعيداً بدعياً وتحرت ذلك
    فالتناقض في هذا أظهر من مجرد عمل البدعة وحدها
    * * *
    -أما من صلى صلاة الظهر خمساً عامدا عالما فليس عمله مجرد ابتداع , بل هو تشريعكفري من دون الله..فأظن المثال إذا كان من هذا الجنس فلن يبقى بدعة قط..ويقال لمثلالشاطبي :ضيعت وقتك بتوليف كتابك.
    -وأما قولك إن من فعل ذلك فقد ارتكب مكروهاأي بالمعنى الاصطلاحي, فأضع بين يدي الجواب حديثا هو باب في المسألة فقد أخرجالترمذي في سننه والحاكم في مستدركه بسند جيد عن نافع عن ابن عمر أنه عطس رجل إلىجنبه فقال:الحمد لله والسلام على رسول الله! قال ابن عمر :وأنا أقول الحمد للهوالسلام على رسول الله وليس هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم, علمنا أننقول الحمد لله..
    ويلاحظ هنا من فقه ابن عمر :أنه لم يبادره بالإنكار أول شيء, بل بين له أنه يحمد الله ويسلم على الرسول أي يفعل ذلك في الجملة دون تقييدها فيهذا الموضع, ذكر ذلك له كي لا يستهجن عليه ويقول كما نسمع من صوفية اليوم:أنتمتكرهون رسول الله..أتحرمون علينا أن نعظم رسول الله..أو أن نفعل كذا..إلخ
    ثم إنهبين له مخالفة فعله للهدي النبوي وقال :وليس هكذا علمنا رسول الله, وهذا النوع منالإنكار لا يقال في المكروه لأن حده الاصطلاحي بالرسم :ما نهى الشارع عنه نهياغير جازم..وهذه المسألة بخصوصها لم ينه عنها الشارع.
    وحاصل ما في الأمر أن صاحبالشريعة سكت ,فأضاف هذا الرجل زيادة , فهي أليق شيء أن تلحق بباب "من أحدث في أمرناهذا ما ليس منه فهو رد" فقوله "أمرنا" أي في الأمور التعبدية أو التي هي ذريعة إلىذلك ..والبدع كما تعلم تنقسم إلى بدع أصلية وبدع إضافية..

    -
    أما كلامكم فيعيد الأم..فكذلك يقال في المولد لأنه وفد إلينا من الباطنيين..ونحن تبعناهمعليه
    وقد توافر الداعي لأن يوصي النبي صلى الله عليه وسلم به وهو الحريص علىأمته كما أوصانا مثلا بقرابته وكما أمر عمر رضي الله عنه أن يحبه أكثر من نفسه, وقدكان معروفا عند النبي أن أهل الكتاب يحتفلون بمواليد أنبيائهم..فلما ترك ذلك معوجود داعيه الشرعي وهو حب الرسول, ثم مع هذا لم يفعله الصحابة كلهم ولم يفطن له أحدمنهم مع كونهم أبر الأمة قلوبا وأرجحهم عقولا
    لا هم ولا تابعوهم بإحسان..ولاتابعو تابعيهم..حتى اخترعه باتفاق المؤرخين العبيديون..الذين قال فيهم أبو حامدالغزالي ظاهر الرفض وباطنهم الكفر المحض..علمنا من ذلك أنه بدعة من جهة كونه خارجاعن نظام الشريعة وأن فيه معنى العيد..وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديثالمتفق عليه "إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا"
    ومما يدل على أن هذا يخالف مقصدالشارع أن العلماء اختلفوا في تحديد مولده صلى الله عليه وسلم فلم يظهره الربالحكيم ولم يحفل بمولده في كتابه وإنما حفل برسالته..
    والحاصل أننا نقول لمنيتهمنا بجفاء رسول الله أو الجلافة في العلاقة به! , أننا ندعو لذكره وسننه وأيامهوالصلاة عليه والذب عنه كل يوم..
    فأي الفريقين أحق بالهدى إن كنتم منصفين؟
    * * *
    وهنا جملة من الأمور بين يدي المناقشة.
    1- من بديع كلام ابن تيمية الذي يحسن استحضاره في هذاالمقام : (فإن هذا الباب كثر فيه اضطرابالناس في الأصول والفروع ، حيث يزعم كل فريق أن طريقه هو السنة ، وطريق مخالفه هوالبدعة ، ثم إنه يحكم على مخالفه بحكم المبتدع ، فيقوم من ذلك من الشر مالا يحصيهإلا الله)
    2- لا أفترض أن الدكتور محمد -سدده الله- يتعمد الخطأ أوالافتيات على الشرع, بل أحسن الظن فيه وأراه يقصد معنى نبيلاً وإن كان قصّر في وجهةنظري من جهة الاستقصاء العلمي في المسألة فإن عامة الوقوع في البدع من طلبة العلموأهله إما بسبب التقصير في الاجتهاد وإما بسبب ما يعتري الإرادة من شوائب, قالتعالى "إلا من شهد بالحق وهم يعلمون".وكان عتبي الوحيد أنه يدعو للمدارسة في الوقتالذي أسقط فيه من سيدارسه في طليعة رسالته..
    3- ليس كلامي في المسألة مبنياً على التربية على ذلك كماأشار الشيخ أبو فراس من كوننا ربينا أو نشأنا على هذا, بل إن المدرسة الإسلاميةالتي كنت منتظماً في سلكها منذ نعومة أظفاريتقر مواسم الموالد النبوية كما أن المدرسة النظامية التيدرست فيها كان من مناهجها الدراسية الموسيقى !..ويأتي الكلامُ لاحقاً بحول اللهتعالى في تحرير القضية.
    * * *
    كنت طلبت من حضرة الدكتور أن يقدم لنا تعريفاًللبدعة عنده فترك الرد على طلبيمع أنالتعريف لا يكفي في تنزيل الحكم على الواقعة بل لابد من فقهواستقراء وإن كان يقرب صورتها ,
    فأشرعببيان حد الابتداع مستلهماً ما ورد من قبل الشارع في الحديث المشهور الذي هو ثلث الإسلام عند الإمام أحمدوغيره أعني حديث عائشة رضي الله عنها المخرج في الصحيحين "منأحدثفيأمرناهذاما ليس منهفهو رد"
    فاشتمل هذه الكلمة الشريفة الجماعة على معالمالبدعة..فهي إذن:
    1- إحداث شيء أو اختراعطريقة بتعبير الشاطبي
    2- وهذا الشيءالمحدث, منضافٌ إلى الدين ففيه معنى التعبد فلا يرد ما يقوله العوام وبعض المتحذلقةمن المنسوبين لطلب العلم :لم يكن هناك إنترنت في زمان رسول الله!
    ولكن هنا قيد مهم :كون الشيء عادة لايعني أنه لا يمكن أنيلتحق بحكمه الابتداع مطلقاً فقد يتصلبه معنى من معاني التعبد فلا يكون عادة محضة بل يكون فيه من مادة الابتداع بقدر هذاالاتصال, ويرد هنا إشكال عند بعض الناظرين فيقول :عملت موقع إنترنت لدعوة المسلمينفهذا إذن =عمل خيري + محدث
    فيبني عليهعند من لم يحررالأمر أنه اجتمعت قربة أو عبادة مع شيء محدث, فلم أخرجتم هذا منمفهوم البدعة؟ فيه بحث يأتي إن شاء الله .
    3- ثم هذا الشيء ليس مما جاء به الشرع لا من الكتاب ولامن السنة أي لا دليل يعضده
    والآن: النقطة الأولى بين الجميع ولا إشكال فيه في الجملة..فبقي تحرير النقطة الثانيةوالثالثة..
    أخيرا-لا مستمسك لأي صاحببدعة بما ينقله عن بعض الأئمة في تقسيم البدع إلى مذمومة ومحودة..
    ونحو ذلك, لأن هؤلاء وإن سموها محدثات او بدعا فإنماقصدوا شيئا هو سنة من قبيل "من سن في الإسلام سنة حسنة"
    أو شيئا مباحا..ونحو ذلك..أما اسم البدعة فلم يرد فيالشرع إلا ي مقام الذم وقد فهم ذلك الصحابة
    قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:
    إن الذوائب من فهرٍ وإخوتهم..قد بينواسنةللهتتبعُ
    يرضى بها كل من كانت سريرته..تقوىالإله وبالأمر الذي شرعوا
    سجية تلك غيرمحدثة..إن الخلائق فاعلم شرهاالبدعُ
    فتأمل كيف قابل السنة بالبدعة
    مما يدلك أن الأمر متقرر عندهم.
    * * *
    وكخاتمة لموضوع التقسيم ..أعني تقسيمالبدع إلى حسنة وسيئة:
    -
    تقدم أنه لا مخصص للعموم في كلام النبي صلى الله عليهوسلم وأن استقراء كلام الشارع والسلف يدل على ذلك
    -ومما يشهد لذلك حديث عبداللهبن عمرو بن العاص رضي الله عنهما الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده مرفوعا "فإن لكلعابد شرةفإما إلى سنة وإما إلى بدعة"ورجال إسناده ثقات كلهم., فهنا قابلالنبي صلى الله عليه وسلم بين البدعة والسنة كما ترى
    -كما تقدم أن هذا المعنىمستقر في نفوس الصحابة ومثلت بأبيات من شعر حسان رضي الله عنه حيث قابل بين السنةوالبدعة , وكلام ابن عمر, وفي الباب عن غيرهما من الصحابة
    -أما كلمة عمر رضيالله عنه..فلا يصح أن ينسب إليه أنه قسم البدعة إلى حسنة ومذمومة..فإن كنت ولابدمقلدا إياه
    فقلده بنحو المقام الذي قاله فيه, كأن يترك قوم سنة لمقتضى معين ثميزول المقتضى أو يهجروها ,فإذا فعلوها,,ساغ لك أن تقلد عمر رضي الله عنه فتقول :نعمت البدعة!, لأن الألفاظ التي وردت مقيدة بسياق معين إذا عزلت عن سياقها اختلالمعنى وانحرف عما هو خليق به
    والأمر يحتمل مزيد بيان..ولكني أكتفي بماسبق..
    لنقاش ما هو أهم وإنما تكلمت فيه لأن هذا الضرب من التقسيم ليس من قبيل :لا مشاحة في الاصطلاح
    لكونه قد يتضمن معنى فاسداً ولأنه ذريعة للوقوع في البدعبدعوى أنها حسنة
    والله الهادي إلى أقوم السبل
    * * *
    أسحب كلمة التخليط وأعتذر عنها..لأني ذكرتقول الله تعالى "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم" فألفيت نفسي خرجت عن مقتضى هذا التوجيه
    وقلت لنفسي الضعيفة :فإذا كان هذا مع أهلالكتاب فكيف بالمسلمين؟..والن قاش العلمي مستمر بحول الله تعالى.
    * * *
    أتابع الحديث في تشخيص حقيقة البدعة بسببأن الدكتور قد خلّط حقاً وجاء بكلام غريب لا يقوله أحد اللهم إلا أصحاب الطرقالصوفية..أما التحقيق العلمي فلا والله ليس كلامه منتسبا إليه..مع الاحترام لشخصهالكريم..
    1- في صحيح مسلم عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال :كنا في صدرالنهار عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه قوم عراة مجتابي النمار أو العباءمتقلدي السيوف عامتهم بل كلهم من مضر فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لمارأى بهم من الفاقة فدخل ثم خرج فأمر بلال فأذن وأقام ثم صلى ثم خطب فقال : ياأيها الناس اتقوا بكم الذي خلقكم من نفسواحدة "إلى آخر الآيةإن الله كان عليكم رقيباوالآية الأخرى التي في آخرالحشرياأيها الذين آمنوا اتقوا اللهولتنظر نفس ما قدمت لغد "تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاعبره من صاع تمره حتى قال ولو بشق تمرة فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنهابل قد عجزت ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رسول اللهصلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سنفي الإسلام سنة حسنة..إلخ..وقد تعمدت سوق الحديث لأنه مفصح عن سبب الورودالدال على خطأ فهم الدكتور وفقه الله
    وذلك من وجهين..
    الوجه الأول-أن ما فعلهالرجل عبارة عن صدقة..لا غير, فلما كان عمله سببا لأن يأتسي به الناس قال عليهالصلاة والسلام:من سن في الإسلام سنة حسنة..فالعمل إذن مشروع بلا خفاء
    الوجهالثاني :أن النبي استعمل لفظ السنة وهي هنا بمعنى الطريقة المتبعة ولم يقل :من سنفي الإسلام بدعة حسنة..فيعد هذا من غرائب الاستدلات عند الدعاة إلى البدع وهميحسبون أنهم يحسنون صنعا

    2- وكنت قد سألت الدكتور فيما لو قام شخص ينتسبللعلم وقال:لما كان الدخول للنت مظنة الوقوع في المنكرات..فيحبذ أن نجعل له صلاةمخصوصة قبل ولوجه ولتكن :ركعتي النت..لتحقيق المقصد النبيل من حماية الشباب منالتلوث بشيء من الفساد الفاشي لأن مثل هذه الصلاة ستجعلهم على ذكر من مراقبة اللهعز وجل..فسألته ما حكمه فيها؟
    مع تعليل ذلك..

    3- ومما يدل على أن الدكتورلم يضبط هذا الباب , إضافة إلى ما سبق ,حديث الثلاثة نفر,في الصحيحين عن أنس رضيالله عنه وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم :أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم لهولكني أصوم وأفطر وأنام وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني
    وهنافوائد :-
    أ-الذي قال إنه سيصوم الدهر..لم يأت بشرعة جديدة أصالة..فالصوم نفسهمشروع, وغاية ما هنالك أنه من باب المبالغة في التقرب إلى الله وحبه والزهد فيالدنيا وزخرفها ومتاعها,رأى أن صيامه جميع السنة يحقق له هذا المقصد الشريف..فتامل , وكذا من ألزم نفسه قيام الليل كله تعبداً وقصداً..يلحقه نفس الحكم
    ب-والذي زهدفي متعة النساء تعبداً, لم يفعل سوى أن ترك شيئا مشروعاً مباحاً, فلما دخل في فعلهمعنى التعبد كان مجرد الترك -لاحظ!- دالاً على معنى الابتداع
    -فقال فيهم النبيكلمته المشهورة :فمن رغب عن سنتي فليس مني..
    وحتى يأتي ردي القادم أدعو الدكتورللتأمل فيما سبق وعدم التسرع في الرد فإن الله يحمد لك العود للحق إذا عدت, فيرزقكبركة ذلك في الدنيا والاخرة..بخلاف مالو راعيت نظر الناس وخشيت أن يقال :لم يستطعالرد!..فإني موص نفسي وإياك بلحظ محط نظر الرب الجليل دون محط نظر الناس
    وكلما سبق عبارة تقريب بالأمثلة..تمهيدا للتحرير العلمي.
    4- والحاصل أن دعوى كونالشيء عادة..كل أحد يستطيعها, بل حتى ما كان عليه المشركون من عبادة الأصنام هو منعاداتهم التي ورثوها عن الآباء فقال الله حاكيا عنهم"إنا وجدنا آباءنا على أمة وإناعلى آثارهم مقتدون"
    يتبع بحول الله تعالى
    * * *
    حديث عبدالله بن عمرو ليس هو الوحيد في الباب بالمناسبة وقد أشرت لهذا..حتى لو سلمنا برده
    أما نسبة التقسيم لعمر رضي الله عنه فقد ذكرت لك نقلا عن الحافظ ابن رجب ,فلست أنا من يصر..هذا فهم العلماء وبنحوه قال الإمام الشاطبي..
    وكذا الإمام الجهبذ ابن تيمية فقال هذه من باب البدعة اللغوية..وواضح أنها كذلك..وانا أضفت احتمالا آخر من باب الإثراء ,أن يكون من باب التنزل
    فدعوى أنه يقسم البدع إلى حسنة وسيئة..لا تصح لأن فهم كلام هؤلاء الكبار مهم في سياقاته ,أما عزله عنها فيؤدي لسوء فهم
    * * *
    قد قلتسابقا إن عمر لم يقسم البدعة إلى حسنة وسيئة, ونقلت كلام العلماء وكيف فهموا كلامه, وأمارة ذلك أن ما سماه بدعة هو في الواقع سنة مشروعة كان النبي صلى الله عليه وسلمأوقف صورة الاجتماع عليها احترازا من أن تفرض عليهم كما قال هو عليه الصلاةوالسلام..ونذكر إن شاء الله ما يستفاد من هذا مما يخص بحثنا:
    1- لما زال المانع المقتضي لإيقاف الاجتماع, كان من فقهعمر أن أحيى صورتها الأولى بالصلاة خلف إمام واحد, فعمر إذن سمى ما هو سنة شرعاً: بدعةً ,ومن هنا قال أهل العلم إن مراده البدعة اللغوية لأنها في المعنى اللغويتحتمل هذا المعنى, بدليل أن العرب تقول :أبدعت الإبل ,,إذا أحدثت بروكاً من بعد طولسير ,وهذا السير كانت قبله جالسة أيضا, ولم تخلق سائرة من يومها الأول ,فكل ما أحدثباعتبار نسبي شمله اسم الابتداع لغة
    وإنما يصح أن تنسب هذا لعمر إذا كان ما فعله بدعة شرعاًفاستحسنها عن رأي مع كونها منسوبة للدين أو التعبد, ولتقريب الصورة :هب أن أباً قاللبعض ولده من طلبة العلم :شراء الكتب ممنوعٌ لأني أخشى أن نفلس وبيتنا صغيرلايسعها, فلما توفي الأب وتوسع الأولاد في البيت وصار عندهم فضل مال,اشترى أحدالأبناء الكتب ثم قال :نِعمَ الممنوع هذا..فهل يصح بالله عليك أن يستنبط أحدويقول:إن أبانا الذي نص على المنع يقسم الممنوعات إلى حسنة وقبيحة؟ أم يقال :إنالاب كان يمنع من شرائها لقيام مقتضى معين فلما انتفى انتفى المنع؟..أترك الجوابلكل عاقل يفهم الكلام العربي
    والحاصل أنهذه الأحدوثة العمرية هي من جنس المسائل التي ثبتت أصالة من جهة الشرع ولكن قاممقتضٍ لعدم العمل بها في زمن معين فحين يزول المقتضي يُرجع بها إلى أصلها ,
    2-والنبي صلى الله عليه وسلمقال:"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي" ليقطع الطريق على منأساء فهم سننهم وحملَها على الابتداع في الدين وأن هذا الابتداع منه ماهو مشروعومنه ما باطل بزعمهم, فيقال لهؤلاء :حتى لو سلمنا جدلا بأن عمر ابتدع هذه البدعة فيالإسلام, فإنه لم يكن في سنته هذا عرياً عن الإقرار النبوي لأن النبي صلى الله عليهوسلم أمر باتباع سنة الخلفاء الراشدين وهو ثانيهم, فلا يقاس عليهغيره
    3- وهذا المقتضى الذي قام في نفسرسول الله صلى الله عليه وسلم هو خشيته أن تفرض على الأمة كما في البخاري "ولكنيخشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها" فإذا كان الرسول خشي أن يفرض الله -تقدس اسمه- على الأمة شيئا مشروعاً في الأصل, وهو سبحانه وتعالى له الحُكم المطلق"ولايشرك فيحكمه أحدا"لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه,أفلا يكون من باب أولى أن يخشى ورثة هذاالنبي ائتساءً به أن ينُسب للدين ماليس منه بسبب كونه مفضياً إلى معنى الابتداعبوجه من الوجوه وإن لم يكن في نفسه بدعة من حيث الأصل, فيحكموا ببدعية الأمر إن كانذريعة إلى البدعة؟فضلا عن أن يكون هو في نفسه بدعة,؟
    4- بقي أن يقال إنه مما يستفاد من هذا الحديث إضافةلماسبق,أن العمل المشروع إذا احتف به ما قد يؤدي إلى يعتقد فيه الناسالاستحباب وهو مباح أو يعتقدوا الوجوب وهو سنة, أو يظنوه بصفة مخصوصة وقد ورد فيالشرع مطلقا..إلى آخر ما يندرج تحت هذا المعنى فإنه يصير بذلك حاملا لمعنى الابتداع بقدر ما تكون فيهمادة هذا الظنوذلك كأن يلتزم شيخقراءة سورة الإسراء في الفجر كل يوم إثنين مثلاً
    وقس عليه..
    يتبع بحول الله تعالى..
    * * *
    والآنمحاولة للملمة ما سبق في إطار واحد, مع مزيد تفصيل
    -
    تقدم أن البدعة لا يُتطلب في الأصل لتمييزها دليل خاصلأن حقيقتها استحداث شيء لم يكن من الدين , فيكفي في معرفتهاتحقق الأمور الآتية:-
    -
    إثبات أنها محدثة وليس عليها دليل منالشرع
    -بيان أن الإحداث في أمرالدين
    وبهذا لا يصح أن يقول امرؤ آتنيدليلا من الكتاب أو السنة على أن هذا بدعة, لأن دليلها عدمي "اليوم أكملت لكم دينكموأتممت عليكم ورضيت لكم الإسلام دينا" وذلك بمثابة ما لو نسب شخص لأحد الأئمة أنهيقول بقول وهو لم يقله,فلو كان كاذباً أو واهماً يكفي في الرد عليه جرد أقوالالإمام, فإذا خلت عما نسبه إليه عرفنا أنه نسبة القول إليه باطلة, ولا يلزم أن نردعليه بنفي من الإمام صريح أومن أحد تلامذته لأن آحاد هذه المسائل الجزئية (والبدعالمحدثة) لا حصر لها..فلا يتأتى شرعا ولا عقلا أن ياتي دليل مستقل على كل بدعةحادثة ،وإنما قلت (كاذبا أو واهما) لأنهلا يشترط في البدعة حتى توسم بذلك أن يكون مقصد صاحبها سيئا, ومن هنا يفهم كلام بعضالسلف كسفيان الثوري وغيره من أن صاحب البدعة لا توبة له, أي لأنه –والله أعلم-يقصدالخير ويتقرب إلى الله ببدعته ,فإذا نهيته عن ذلك استعظمه ورماك بكل جريرة كما قالتعالى "وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا" فكما أن المرء يكون كافرا دون أن يقصد الكفرحيث لا يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله كما قال الإمام ابن تيمية وفي تأويل هذهالآية قال الإمام الطبري : (وهذا من أدَل الدلائل على خطأ قول من زعم أنه لا يكفربالله أحد إلا من حيث يقصد إلى الكفر بعد العلم بوحدانيته، )فكذلك المبتدع كثيرا مايكون صاحب قصد حسن فلا يكون هذا القصد مسوغاً أن تسمى بدعته سنة أو أن يقبل عملهلتقصيره في جانب الاتباع أو جانب الفقه في المسائل والنظر فيها .
    ومما يدل على عدم اشتراط سوء القصد أن النبي أطلق وقال "من أحدث" ولم يخص ذلك بنية سيئة ورواية "من عمل عملاً" أصرح في الدلالة على أنمجرد عمل البدعة ولو لم يكن العامل هو المحدث له أصالة فهو داخل في مفهوم الابتداع, ومن ذلك بدعة الخوارج فقد كانوا أهل عبادة وتبتل وصدق في الجملة ومع ذلك وصفهمالنبي صلى الله عليه وسلم بالمروق من الدين
    ثم اعلم أن البدعة إما أن تكون منقولة من الأمم الأخرىكأن يضيف المسلمون عيدا ثالثاً أو بدعة الكلام في صفات الله تعالى وإما أن تكوننشأت في الإسلام بسبب سوء الفهم عن الله وعدم جمع النصوص الواردة في الباب أوغيرذلك كبدعة الإرجاء مثلا
    أما البدعالتي تنشأ في الإسلام بسبب نسيان حظ من الوحي فينتظمها أن يقال فيها :عبادة الله أوالتقرب إليه بما لم يشرع, سواء كان هذا المتقرب به :عادة أو حتىمعصية
    والأمارة هنا على الابتداع قصدالتقرب إلى الله بهذه العادة, ومن تقرب إلى الله بالمعصية كالمعازف فقد جمعالضلالتين, واعتبر النوم مثلا كشيء من جملة العاداتفلو حرم امرؤ على نفسه النوم تقربا لله بذلك كانمبتدعاً, فإن نام ليتقوى على طاعة الله بعد ثلث الليل الآخر ,لا يقال إن نومه تحولإلى عبادة..بل بقي كما هو عادة لكن يؤجر على نيته
    أما البدع الملتصقة بالعبادات فمن جهة ما يلحق بأصلالعبادة من قيود إضافيةكالهيئة أوالعدد أو الزمان أو المكان, فهذه لا يشترط فيها قصد التقرب.
    لأن العبادات توقيفية بالاتفاق فما زيد عليها من وصفمخصوص ونحوه كان عبادة زائدة تلحق العبادة الأصلية التي عرفناها من قبل الشرع , وذلك كأن يرد ذكر معين عند مناسبة معينة فيزيد الداعي من عنده كلمات يستحسنها علىأصل الذكر , أو يحدث مع الذكر شيئا ما كرقص أو غيره فيشرك بعمله ما جاء عن النبي معَما أتى عن غيره ,ولولا أن الله قضى أن تكون العبادات كذلك لوجدت الإسلام الآنمندرساً لم يبق منه إلا رسوم واعتبر بحال الرافضة إن شئت, ولهذا كان فهم فقيهالصحابة ابن مسعود دقيقاً حين تفطن لبدعة القوم في هيئة الذكر وقال كلمته المشهورة :وكم من مريد للخير لا يصيبه وتقدمت الإشارة للأثر الذي رواه الإمام الدارمي رحمهالله
    أما البدع المنقولة من الأممالأخرى فهي أظهر في كونها بدعة لتمحض الغرابة فيها عن الشريعة المحمدية,فكل ما خرجعن قوانين الإسلام ونظامه يعد بدعة إذا كان من خصائصهم أو شرائعهم دون قيد قصدالتقرب فحسبه ابتداعاً أن يشاكلهم ،وقدأخرج الإمام أحمد بسند من طريق حسان بن عطية عن أبي منيب الجُرشي عن ابن عمر "..ومنتشبه بقوم فهو منهم"
    وبكلمة أقول :كل ماأحدثه الناس مما يضاهي الشرع أو ينقل من الحضارات الأجنبية عن الإسلام أو يكونمفضيا للابتداع في المآل بأن يكون ذريعة إليه كأن يلتزم شيئا معينا قد يفهم على أنهمن جملة المشروع وليس كذلك
    ويدلك عليهفقه الإمام أحمد فقد سئل : هل تكره أن يجتمع القوم ، يدعون الله ويرفعون أيديهم ؟قال : ( ما أكرهه للإخوانإذا لم يجتمعوا على عمد ، إلا أن يكثروا)
    وحين كنت أدرس في الخارج فيجامعة مختلطة مع الأسف رأيت شخصا قبيل الامتحان يقرأ دعاء فاسترقت عيني خلسة مافيالورقة فوجدت أن أمه قد كتبت له دعاء ليقوله قبل الامتحان
    والدعاء جمل مركبة من توليفها, الشاهد هنا أن هذا الشخصكان يعتقد فضيلة خاصة في هذا الدعاء لأجل التوفيق في الامتحان, ولكن أقول وإن كانمشروعاً في الجملة أن يتخير الإنسان أعجب الدعاء إليه ويدعو لنفسه بما شاء لكن لمادخل فيه شبهة اعتقاد فضيلة مخصوصة كان بدعة..
    كان عرضاً يلملم أطراف الأمر وبقي بيان نتف من التفريقبين البدعة والعادة والمصلحة المرسلة ..ونحو ذلك..والنظر في بدعة المولد خاصة وفقما سبق من تقرير
    إن أريد إلا الإصلاح مااستطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب
    * * *
    ملاحظة: لا أرى مناسبة المولد مما يصدقعليه أن الخلاف فيه معتبر،فلو كان كذلك لما أجهدت قلمي بكتابة ما سبق ... واللهالموفق للحق
    * * *
    أما الاحتفال بيوم بعثته سنوياً فهو بدعة أقل شراً من الاحتفال بيوم مولده لأن شبهةصاحبها أقوى من جهة أن الله احتفى بهذه البعثة وجعلها مناطا للمنة علىالمسلمين الاقتداء يا أختي الدكتورة يكون يكون بصيام يوم الإثنين..من كل أسبوع, ولا علاقة للاحتفال السنوي بهذا, هكذا فهم الصحابة كلهم فلا نزايد عليهم في الحب أوالاتباع فلو أن شخصا زعم الائتساء بالنبي وصام -لاحظي صام-ما يوافق مولده سنوياًدون احتفال لكان بهذا مبتدعاً, فكيف والأمر ليس كذلك عند المحتفلين..إنما هميحتفلون سنوياً بمولده والصيام من باب شكر الله على نجاة موسى وليس من باب إحياءذكرى أو احتفال
    والخلاصة :الصيام شيء والاحتفالات والأعياد ونحوها شيءآخر..بدليل أنه لايجوز الصيام في العيدين اتفاقاً ومما يدل على بطلان هذا القياسأيضا أن المحتفلين بالمولد أنفسهم لا يحتفلون بيوم عاشوراء
    وإنما يصومونه فتخالفمنهجهم..واضطرب تقعيدهم.
    * * *
    -التفريق بين الوسائل المشروعة والمصالح المرسلة وبين البدع المحدثة
    يقع كثير منالناس في لبس حين تنكر عليه بدعة معينة فيسارع مثلا بالتمثيل ببعض الوسائلالدعوية
    فيقول مثلا :هذه المؤسسة الخيرية أو موقع الانترنت الفلاني ..إلخ إنماوضعها أصحابها لنصرة الدين
    والذب عنه ونشر التوحيد ,فهي إذن متعلقة بالدين ,ولمتكن على زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم
    فعلى كلامكم تكون بدعة, هذا حاصل مايقولونه ,على أن منهم من يقوله عن سوء فهم, والتباس حال
    ومنهم من يقوله بما سوءقصد ليلبس على المؤمنين من العوام الذين لا يحسنون التصدي للردعليهم---
    أولا-الوسيلة المشروعة هي كاسمها يتوسل بها إلى غاية ما فلا تكونمقصودة في نفسها بحيث
    لو وجدت وسيلة أخرى لتحقيق نفس الغاية لصير إليها إما لأجلتوفير جهد أو زمن أو أي شيء
    والمهم أن تكون غير مشتملة على محرم ,الشريطالإسلامي مثلا وسيلة دعوية, فلو أجرينا دراسة وتبين
    لنا أن المطويات أجدى فيبلوغ الرسالة وأبلغ في التأثير , لاستبدلنا بالأشرطة المطويات
    وقد جاء الشرعدالا على أن الوسائل لم تحد بقيود سوى الأطر العامة من كونها مبنية على
    الحكمةوالموعظة الحسن وضوابط الأمر بالمعروف والنهي المنكر المبثوثة في مظانها
    بخلافالبدعة فإن أصحابها لا يبغون عنها حولاً هي بذاتها وإذا تأملت في عيد المولدالنبوي ألفيته من غير باب الوسائل بأمارة أن أهله يدعون للاحتفال اليومي بالنبيصلى الله عليه وسلم على مدار العام بإحياء سنته وسيرته وشمائله وهديه فلا يقنعهمهذا وتدل فعالهم أنه لو كانتثم ندوات كثيرة على مدار العام مخصصة عن سيدنا رسولالله,فإنهم لن ينفكوا عن الالتزام بتخصيص اليوم الموافق لولادته عليه الصلاةوالسلام والاحتفال به فعلم بهذا أنهم وإن سموها وسيلة أو عادة أو غير ذلك إلا أنسلوكهم كاشف عن حقيقتها

    ثانيا-ثم إن الوسيلة أو المصلحة المرسلة إنما لمتحدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لعدم وفرة الداعي إليها وانتفاء قيام المقتضيلسلوكها فلم يكن في زمانهم احتياج للمطابع مثلا لكونهم أهل الحفظ يستودعون مايلقى إليهم فمقل ومستكثر ،ولهذا حين نشأت الحاجة لجمع المصحف في عهد عثمان رضيالله عنه ,جمعه في مصحف إمام وأجمع الصحابة كلهم عليه وهو من الإجماعات القطعيةالتي من يخالفها يكفر كأن يشكك في حرف واحد من القرآن الكريم كما تقعل الرافضةعليهم لعائن الله تترى..وأما البدعة فإنما تركها رسول الله صلى الله عليه وسلموأصحابه لا عن افتقار زمانهم للداعي
    وأنت ترى أن حب رسول الله صلى الله عليهوسلم فرض لازم والداعي لأن يأتي النبي بالكمالات التي تحفظ هذه الفريضة وترسخهاوتحفظها من أن يشوبها اختلال أو تقصير لا يقل عنه في أي عصر , قال النبي صلى اللهعليه وسلم "لكل قوم عيد وهذا عيدنا" فبالنظر العقلي يكون من موجبات انمياز الأمة عنغيرها أن يخص نبيها الكريم بعيد يُحتفل فيه بمولده ومع هذا ينبغي أن يعلم أنالوسيلة نفسها قد يدل الدليل على كونها عبادة مقصودة من جهة الشارع ,كالوضوءمثلا يتوسل به لأداء صلاة صحيحة على طهارة وهو في نفسه عبادة مستقلة رتب اللهعليها من الأجر ماهو معروف في مظانه, قال في الموافقات: (وأما الوسائل فأمر آخر ولكن إن فرضنا كون الوسيلة كالوصفللمقصود بكونه موضوعا لأجله فلا يمكن والحال هذه أن تبقى الوسيلة مع انتفاء المقصدإلا أن يدل دليل على الحكم ببقائها فتكون إذ ذاك مقصودة لنفسها وإن انجر مع ذلك أنتكون وسيلة إلى مقصود آخر فلا امتناع في هذا)
    فتعلم من هذا أنه لو ألحق بالوسيلة ما يضاهي التعبد بحيثكان مقصودا لذاته دون لزوم كونه مجرد وسيلة للتوصل إلى غيره فإنها يلحقها من مادةالابتداع بقدر ذلك وإن ادعى أصحابها أنها عادة فالحقائق لا تقوم علىالدعاوى.
    ثالثا-وأما العادات فكما قالالقرافي في الفروق ترجع لمصالح العباد ونحو ذلككعادات القبائل غير المخالفة للشرع في أعراسهم وزياراتهموما يقيم شؤون حياتهم وتعاملاتهم وطرائق تحاياهم وأعرافهم..إلخ كل ذلك من قبيل العادات والأصل فيه الإباحة مالميخالف الشرع بدخن معصية أو شائبة بدعة بأن يدخلها معنى تعبدي , كأن يجتمع قوم علىإقامة عيد جديد يحتفلون به فيكون خصيصة لا ينفكون عنها وبها يمتازون كعيد النوروزالفارسي الذي استحب السيستاني أن يحتفل به وعمل به من قلده من الشيعة, ولما كانتالأعياد من خصائص الملل فلايقال إن هذه عادة مباحة لأنها في الأصل ليست من قبيلالعادات المتوراثة وإنما أقحمت بما لهامن ارتباط ديني يعود على الشرع بالاستدراك وهذا جلي عند سماع حجج المحتفلينبالموالد فالعبادات ترجع مقاصدها فيالدرجة الأولى لاعتبار حفظ الدين , ولعلك بتأمل يسير تدرك أن المولدمن حيث هو موسم سنوي , ليس مصلحة مرسلة ولا وسيلة مشروعةولا عادة موروثة من الأجداد , وما إخالك يبقى لديك أثارة من شك إذا علمت أن أول منأدخلها هم العبيديون الذي قال عنهم أبو حامد الغزالي :ظاهرهم الرفض وباطنهم الكفرالمحض والحاصل أنه اجتمع في المولد جميعخصائص البدعة
    -فهو دخيل في أصله من أممالكفر ,مقحم في الدين كعيد يعظمه كثير من الناس فوق العيدين
    -وأصحابه يتقربون به إلى الله لحد يبلغ بهم الحط على منلا يشاركهم احتفالاتهم, ولو كان مجرد عادة لما كان لهذا الإنكار وجه
    -
    ومن يقول بأننا نخصه بذكر سيرته فحسبوالتنويه بخصائص النبي-صلى الله عليه وسلم- ومناقبه دون ما يفعله الغلاة من رقصوهبل ومعازف..إلخ, يقال لهم :مجرد التخصيص ذريعة للابتداع ,,وقد أحكم الشارع الحكيمسد هذا الباب فما كان ذريعة إليه أخذحكمه بدليل ما ذكرناه من فهم الصحابة وعموم السلف فكان أحدهمقد يقول القول المشروع في أصله فإذا لزمه في موضع معين أو قرنه بقول مشروع آخر ,أنكروا عليه إما لكونه ذريعة للبدعة وإما لأنهم لحظوا معنى البدعة فيه بقرينة أنما جاء مقيدا من قبل الشرع لابد من التقيد به وما جاء مطلقا فهو مطلق ومخالفة ذلكعن قصد لا يخلو من استدراك على الشريعة ،ولهذا تقدم قول الإمام أحمد حين سئل وقال ما مفاده أنالشيء إذا التزم بما يوهم أنه سنة دخله معنى الابتداع فلهذا
    وأنا أضيف سؤالاً للمحتفلين بالمولد,ماذا لو قام الشيعةاليوم بعمل عيد جديد للاحتفال بالبعثة النبوية
    فهل نقول عادة ونتبعهم أيضا؟ وما الفرق إذا كان الجواب :لا

    ثم أقول :إن المولد النبوي بدعةحتى وفق الأصول الأشعرية
    تدبر إن شئتكلام الإمام الشاطبي : (إن عامة المبتدعة قائلة بالتحسين والتقبيح فهو عمدتهمالأولى وقاعدتهم التي يبنون عليها الشرع..إلخ)
    ولهذا لا تعجب إذا علمت أن الشاطبي وهو أشعري كان منسجمامع عقيدته حين جعل المولد النبوي بدعة..
    يتبع بحول الله تعالى
    * * *
    رابط النقاش في ملتقى المذاهب الفقهية
    http://www.mmf-4.com/vb/t513.html#post28631
    الملفات المرفقة الملفات المرفقة
    قال الإمام ابن تيميّة رحمه الله تعالى:
    والفقرُ لي وصف ذاتٍ لازمٌ أبداً..كما الغنى أبداً وصفٌ له ذاتي

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    2,120

    افتراضي تنبيه

    الأخوة الكرام بارك الله فيكم أنا لست أبا القاسم
    أنا فقط نقلت لكم هذا الموضوع للفائدة بعد أن استأذنت منه بنقل ردوده ومواضيعه
    في مواقع وملتقيات أخرى .
    قال الإمام ابن تيميّة رحمه الله تعالى:
    والفقرُ لي وصف ذاتٍ لازمٌ أبداً..كما الغنى أبداً وصفٌ له ذاتي

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    2,858

    افتراضي رد: تأصيلات في البدعة من ردود أخيكم أبي القاسم

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    قرأت منذ فترة ردوده في أكثر من موضوع حول النقطة نفسها ومسائل قريبة منها، وفيها تأصيل قوي.
    فجزاكم الله خيرًا على هذا الجمع الموفق والخلاصة الطيبة.
    ونسأل الله أن يعجل بشفاء أبي القاسم وأن يرجع بمعاوله على بنيان الشبهات فيهدها هدًا بإذن الله.
    نفع الله بكم، وأجزل لكم المثوبة.
    وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا
    ـــــــــــــــ ـــــــــــ( سورة النساء: الآية 83 )ــــــــــــــ

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    750

    افتراضي رد: تأصيلات في البدعة من ردود أخيكم أبي القاسم

    شفاه الله تعالى ، وأعظم له الأجر ، وأحسن إليه ، وزاده علمًا وفقهًا ..
    [والإجماع منعقد على وجوب التوبة ؛ لأن الذنوب مهلكات مبعدات عن الله ، وهي واجبة على الدوام ، فالعبد لا يخلو من معصية ، لو خلا عن معصية بالجوارح ، لم يخلُ عن الهم بالذنب بقلبه]
    (ابن قدامة المقدسي)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •