تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 15 من 15

الموضوع: حول قول الإمام البخاري في صحيحه...((بعض الناس))

  1. #1

    افتراضي حول قول الإمام البخاري في صحيحه...((بعض الناس))

    بسم الله الرحمن الرحيم
    تكرر في أكثر من موضع في صحيح البخاري , عبارة ((وقال بعض الناس)) , وغالبا يوردها الامام البخاري مفندا لقول هؤلاء البعض. وهذه من أسرار الصحيح التي لايعلمها كثير من الناس, ومن لديه معرفة خاصة بالإمام البخاري نفسه وسيرته, لايخفى أنه يوردها تهكما بالباطل واهله ممن خالف السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
    أمثلة :
    الجامع الصحيح للبخاري:
    في كتاب الحيل
    باب في الزكاة أن لايفرق بين مجتمع ولايجمع بين متفرق خشية الصدقة
    قال الإمام البخاري: قال بعض الناس في عشرين ومائة بعير حِقتان, فإن أهلكها متعمداً, أو وهبها, أو احتال فيها, فراراً من الزكاة فلا شيء عليه.
    صحيح البخاري - كتاب الحيل
    باب الحيلة في النكاح
    قال الإمام البخاري: قال بعض الناس إن احتال حتى تزوج على الشغار فهو جائز والشرط باطل.((إن احتال فهو جائز))
    وكان الإمام البخاري قد فندها بالحديث الصحيح: ((6559)) حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن عبيد الله حدثني نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار. قلت لـ نافع ما الشغار؟ قال ينكح ابنة الرجل وينكحه ابنته بغير صداق وينكح اخت الرجل وينكحه اخته بغير صداق.
    البخاري عندما يقول (قال بعض الناس) في صحيحه فالمعروف أنه يقصد بها أهل الرأي وخاصة الأحناف .
    وأظنه لا يصرح ليس خوفاً أو خشية من الغيبة كما يظن البعض بل تصغيراً لشأن الرأي وأهله ممن طعنوا في بعض الصحابة وجعلوهم غير فقهاء وأنكروا استعمال الحديث الآحاد نصرة لقول إمامهم !... بل استنتجوا أصول الفقه وقواعده من فروع إمامهم !!!
    والحمد لله على التوفيق والهداية .
    * منقول

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    49

    افتراضي رد: حول قول الإمام البخاري في صحيحه...((بعض الناس))

    أهل الرأي هم الأحناف لبعدهم عن الدليل في بعض المسائل وإعتمادهم على الرأي ، فكأن البخاري يشدد عليهم ...

    هذا الكلام سمعته من شيخنا عبدالكريم الخضير "على شرحه لصحيح البخاري كتاب الصيام" ، وغيره.


    بارك الله فيك أخي الكريم أبو الفضل المصري

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    101

    افتراضي رد: حول قول الإمام البخاري في صحيحه...((بعض الناس))

    وهناك عدة كتب مصنفة حول قول الإمام البخاري (بعض الناس) لبعض علماء الحديث من الهنود، ولبعض الأحناف في الرد عليهم.

    مثل: (رفع الالتباس عن بعض الناس)، أو (دفع الوسواس) وغيرها.

  4. #4

    افتراضي رد: حول قول الإمام البخاري في صحيحه...((بعض الناس))

    قال ابن حجر في الفتح (3|364) :وقال بعض الناس المعدن ركاز الخ قال بن التين المراد ببعض الناس أبو حنيفة قلت وهذا أول موضع ذكره فيه البخاري بهذه الصيغة ويحتمل أن يريد به أبا حنيفة وغيره من الكوفة .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    279

    افتراضي رد: حول قول الإمام البخاري في صحيحه...((بعض الناس))

    بارك الله فيكم
    وتأملوا هذا النص للزيلعي رحمه الله
    نصب الراية ج1/ص355
    والبخاري كثير التتبع لما يرد على أبي حنيفة من السنة فيذكر الحديث ثم يعرض بذكره فيقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا وقال بعض الناس كذا وكذا يشير ببعض الناس اليه ويشنع لمخالفة الحديث عليه

  6. #6

    افتراضي رد: حول قول الإمام البخاري في صحيحه...((بعض الناس))

    هل من يعلم سبب فعل الإمام البخاري لذلك؟
    فالإمام أبو حينفة لم يكن يتقصد مخالفة الحديث وهو أفقه وأقوى من الإمام البخاري في استنباط الأحكام الفقهية بلا خلاف.
    رحم الله الأئمة وأسكنهم فسيح جنانه.
    كلام النبي يُحتَجُ به، وكلام غيره يُحتَجُ له
    صلى الله عليه وسلم
    ليس كل ما نُسِبَ للنبي صلى الله عليه وسلم صحت نسبته، وليس كل ما صحت نسبته صح فهمه، وليس كل ما صح فهمه صح وضعه في موضعه.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    279

    افتراضي رد: حول قول الإمام البخاري في صحيحه...((بعض الناس))

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو هارون الجزائري مشاهدة المشاركة
    فالإمام أبو حينفة لم يكن يتقصد مخالفة الحديث رحم الله الأئمة وأسكنهم فسيح جنانه.
    آمين وبارك الله فيك

    لكن هذا نظري ونظرك في التقييم

    ولكن المخالفين له وخاصة المدرسة الأثرية نقمت عليه ذلك
    قال الأوزاعي إنا لا ننقم على أبي حنيفة أنه رأى كلنا يرى ولكننا ننقم عليه أنه يجيئه الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيخالفه إلى غيره
    لكن لابد من معرفة وجهة نظر هذا الإمام الفذ رحمه الله في سبب مخالفته للحديث الذي أتاه
    فهم متفقون على تحكيم الكتاب والسنة لكنهم اختلفوا في الثبوت والدلالة
    وعلى كل ما يهمنا هو أن هؤلاء أئمة الإسلام والعناية بعلمهم هو الأصل وكل يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي صلى الله عليه وسلم

  8. #8

    افتراضي رد: حول قول الإمام البخاري في صحيحه...((بعض الناس))

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو هارون الجزائري مشاهدة المشاركة
    ....فالإمام أبو حينفة لم يكن يتقصد مخالفة الحديث وهو أفقه وأقوى من الإمام البخاري في استنباط الأحكام الفقهية بلا خلاف.
    ....
    الإمام أبو حنيفة لم يقصد المخالفة... ظاهر الأمر نعم ونسلم به
    أما أنه أفقه وأقوى من الإمام البخاري في استنباط الأحكام الفقهية بلا خلاف فهذا لا يكون أبداً
    انظر إلى تبويبات البخاري وكفى
    ولا يُظن أن أحداً يوافقك على هذا أخي الفاضل .

    يقول ابن جرير الطبري رحمه الله

    عليك بأصحاب الحديث فإنهم******على نهج للدين ما زال معلما
    وما الدين إلا في الحديث وأهله*****إذا ما أدلج الليل البهيم وأظلما
    واعلم البرايا من إلى السنن اعتزى*****وأغوى البرايا من إلى البدع انتما
    ومن ترك الآثار ضلل سعيه*****وهل يترك الآثار من كان مسلما

  9. #9

    افتراضي رد: حول قول الإمام البخاري في صحيحه...((بعض الناس))

    بارك الله فيك أخي الكريم أبو الفضل المصري وفي باقي الاخوة،
    أردت قبل أن أعلق أن أتطرق إلى مسألة حصل فيها خلط لبعض الاخوة الغيورين على السنة، فتجدهم يكثرون من ذكر كلمة أهل الحديث وضرورة الأخذ عنهم وترك من سواهم. لكن الذي غاب عنهم أن كلمة أهل الحديث في عرف المتقدمين (القرون الثلاثة الأولى) هو ليس بعرف المحدث في زماننا. بل كانت الكلمة تستعمل في مقابل المتكلمين الذين كانوا اشتبهروا بتقديم أصول علم الكلام على حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
    رجوعا للإمام أبو حنيفة الذي لازلت أعتقد أنه أفقه من الإمام البخاري، لأسباب منها:
    1 ـ أن الأئمة الكبار شهدوا له بالإمامة والسبق في الفقه مع كثرة المناوئين والمنافسين له في زمانه.
    2 ـ شدة ترتيب ودقة مذهبه (ولا أظن مذهبا فقهيا آخر يضاهيهم في هذا الشأن ـ أي الترتيب ـ ) ولعل هذا ما جعل شيخ الإسلام ابن تيمية يميل إلى مذهبهم ومقتبسا ومستعملا لأصولهم.
    نبذة عن أصول مذهبه:
    أخرج البيهقي عن يحيى بن خريس، قال: شهدت سفيان وأتاه رجل، فقال: ما تنقم على أبي حنيفة؟ قال: وماله؟ قال قد سمعته يقول: " آخذ بكتاب الله، فإن لم أجد فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم أجد في كتاب الله ولا سنة رسوله، أخذت بقول أصحابه من شئت منهم، وأدع قول من شئت ولا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم. فأما إذا انتهى الأمر إلى إبراهيم والشعبي وابن سيرين والحسن، وعطاءن وابن المسيب ـ وعد رجالا ـ فقوم اجتهدوا فأجتهد كما اجتهدوا" [مفتاح الجنة ص 34] وفي رواية " فما لم أجده فيه أخذت بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والآثار الصحاح عنه التي فشت في أيدي الثقات" .. إلخ. [السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي/ السباعي]
    وهاهي بعض النقول تدعيما لما أدعيه. قد يرد علي بأن الإمام البخاري صدر في حقه مدح أيضا. وجوابه أن من مدح البخاري ليس في مرتبة من مدح أبا حنيفة.
    أخرج الخطيب [تاريخ بغداد 14/47] عن ابن كرامة، قال كنا عند وكيع يوما، فقال رجل: أخطأ أبو حنيفة، فقال وكيع: كيف يقدر أبو حنيفة أن يخطئ، ومعه مثل أبي يوسف وزفر في قياسهما، ومثل يحيى بن أبي زائدة وحفص بن غياث وحبان ومندل في حفظهم للحديث، والقاسم بن معن في معرفة باللغة العربية، وداود الطائي وفضيل بن عياض في زهدهما وورعهما؟ ومن كان هؤلاء جلساؤه لم يكد يخطئ لإنه إن أخطأ ردوه" انتهى.
    روى حيان المروزي، قال: سئل ابن المبارك: مالك أفقه أو أبو حنيفة؟
    قال: أبو حنيفة.
    وقال يحيى بن سعيد القطان: لا نكذب الله، ما سمعنا أحسن من رأي أبي حنيفة، وقد أخذنا بأكثر أقواله.
    وقال علي بن عاصم: لو وزن علم الإمام أبي حنيفة بعلم أهل زمانه، لرجح عليهم.
    وقال حفص بن غياث: كلام أبي حنيفة في الفقه، أدق من الشعر، لا يعيبه إلا جاهل.
    وروي عن الأعمش أنه سئل عن مسألة، فقال: إنما يحسن هذا النعمان بن ثابت الخزار، وأظنه بورك له في علمه.
    وقال جرير: قال لي مغيرة: جالس أبا حنيفة تفقه، فإن إبراهم النخعي لو كان حيا لجالسه.
    وقال ابن مبارك: أبو حنيفة أفقه الناس.
    وقال الشافعي: الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة.
    قلت (الإمام الذهبي): الإمامة في الفقه ودقائقه مسلمة إلى هذا الإمام. وهذا أمر لا شك فيه.
    وليس يصح في الأذهان شيء .... إذا احتاج النهار إلى دليل
    توفي شهيدا مسقيا في سنة خمسين ومئة. وله سبعون سنة.
    المصدر: سير الأعلام النبلاء ترجمة أبي حنيفة.
    هناك مقولة تزعم أن أبا حنيفة كان ضعيفا في الحديث، أرى لزاما علي أن أنقل فيها بعض الأسطر وهو من تعليق حسين الأسد على كتاب السير بإشراف شعيب الأرنؤوط.
    قال: وأما ما يؤثر عن النسائي، وابن عدي من تضعيفهم لأبي حنيفة من جهة حفظه، فهو مردود لا يعتد به، في جنب توثيق أئمة الجرح والتعديل من أمثال: علي بن المديني، ويحيى بن معين، وشعبة وإسرائيل بن يونس، ويحيى بن آدم، وابن داود الخريبي، والحسن بن صالح، وغيرهم. فهؤلاء كلهم معاصرون لأبي حنيفة أو قريبوا العهد به، وهم أعلم الناس به، وأعلم من النسائي، وابن عدي. وأمثالهما من المتأخرين عن أبي حنيفة بكثير، كالدارقطني الذي ولد بعد مئتي سنة من وفاة أبي حنيفة، فقول هؤلاء الأئمة الأقرب والأعلم، أحرى بالقبول، وقول المتأخر زمانا أجدر بالرمي في حضيض الخمول.
    وقد نقل الشيخ ابن حجر المكي في "الخيرات الحسان" ص 34 قول شعبة بن الحجاج في أبي حنيفة: " كان والله حسن الفهم، جيد الحفظ " وهذا نص صريح في قوة حفظه، صادر عمن هو مشهود له بالإمامة وبالتدين، والتشدد في نقل الرجال. وبهذا القول الرشيد يسقط كل ما ادعاة المتعصبون، والحاقدون، من متقدم ومتأخر، من ضعف حفظ هذا الإمام العظيم. انتهى.
    بهذا الكلام يتضح أن الإمام أبا حنيفة كان إماما مستقلا وهي مرتبة لم ينلها إلا القلة، وادعاها البعض كابن جرير الطبري ولم يسلم له أهل زمانه بذلك.
    اللهم ارحم كل إمام ذكر في هذه الأسطر وارحمنا معهم.
    وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه ..
    كلام النبي يُحتَجُ به، وكلام غيره يُحتَجُ له
    صلى الله عليه وسلم
    ليس كل ما نُسِبَ للنبي صلى الله عليه وسلم صحت نسبته، وليس كل ما صحت نسبته صح فهمه، وليس كل ما صح فهمه صح وضعه في موضعه.

  10. #10

    افتراضي رد: حول قول الإمام البخاري في صحيحه...((بعض الناس))

    ... عفوا أخطأت بالضغط على الزر مرتين، فتكرر الموضوع ..
    كلام النبي يُحتَجُ به، وكلام غيره يُحتَجُ له
    صلى الله عليه وسلم
    ليس كل ما نُسِبَ للنبي صلى الله عليه وسلم صحت نسبته، وليس كل ما صحت نسبته صح فهمه، وليس كل ما صح فهمه صح وضعه في موضعه.

  11. #11

    افتراضي رد: حول قول الإمام البخاري في صحيحه...((بعض الناس))

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخى الفاضل (أبو هارون)
    أبو حنيفة إمام اجتهد وعمل ما في وسعه أما ما تقوله أن شيخ الإسلام ابن تيمية يميل إلى مذهبه ومقتبسا ومستعملا لأصوله فلا !
    وأصول الأحناف بها المخالفات الكثيرة ومخالفاتهم للأحاديث لا تستطيع حصرها من كثرتها وهذا ليس عيباً في أبي حنيفة فقد اجتهد وفق ما أتيح له أما بضاعته في الحديث فقليلة وأصوله عليها مآخذ شتى.
    وللأسف تابعه الكثير من متأخري أصحابه على أخطائه التى شنع عليها المتقدمون
    قال الكرخي (كل آية أو حديث تخالف ما عليه أصحابنا فهي مؤولة أو منسوخة)
    خذ هذا المثال ؛
    - عن أبي حسان ، عن ابن عباس ،رضي الله عنهما ، قال :
    (( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر بذي الحليفة ، ثم دعا بناقته فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن ، وسلت الدم ، وقلدها نعلين ، ثم ركب راحلته ، فلما استوت به على البيداء أهل بالحج.)).
    أخرجه ابن أبي شيبة ، وأحمد ، ومسلم ، وابن ماجة ، والترمذي ، والنسائي ، وأبو يعلى ، وابن خزيمة ، وابن حبان.
    قال يوسف بن عيسى : سمعت وكيعا يقول ، حين روى هذا الحديث ، قال : لا تنظروا إلى قول أهل الرأي في هذا ، فإن الإشعار سنة ، وقولهم بدعة.
    قال : وسمعت أبا السائب يقول : كنا عند وكيع ، فقال لرجل عنده ، ممن ينظر في الرأي : أشعر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويقول أبو حنيفة : هو مثلة ؟!!.
    وهل قرأت ((مصنف ابن أبي شيبة)) ، المجلد الرابع عشر ، كتاب الرد على أبي حنيفة.
    ، وابن أبي شيبة شيخ أحمد بن حنبل ، في المسند ، وشيخ البخاري ، ومسلم ، في الصحيحين
    يقول أبو بكر بن أبي شيبة :
    هذا ما خالف به أبو حنيفة الأثر الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (وذكر المئات من الأمثلة وخذ بعضها) :
    - حدثنا ابن نمير ، حدثنا عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ؛
    (( أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين ، أنا فيمن رجمهما.)).
    وذكر أن أبا حنيفة قال : ليس عليهما رجم.
    - حدثنا ابن نمير ، وأبو أسامة ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ،
    (( عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنه قسم للفرس سهمين ، وللراجل سهما.)).
    وذكر أن أبا حنيفة قال : سهم للفرس ، وسهم لصاحبه.
    - حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، سمع جابرا يقول :
    (( دبر رجل من الأنصار غلاما له ، ولم يكن له مال غيره ، فباعه النبي صلى الله عليه وسلم ، فاشتراه ابن النحام ، عبدا قبطيا ، مات عام الأول فى إمارة ابن الزبير.)).
    وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يباع.
    قال محمد بن الحسن الشيباني : أما نحن فلا نرى أن يباع المدبر. ((الموطأ)) بروايته (841).
    - حدثنا ابن عيينة ، عن الزهري ، عن عروة ، عن المسور بن مخرمة ، ومروان ؛
    (( أن النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية ، خرج فى بضع عشرة مئة من أصحابه ، فلما كان بذي الحليفة ، قلد الهدي ، وأشعر ، وأحرم.)).
    وذكر أن أبا حنيفة قال : الإشعار مثلة.
    - حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، سمع جابرا يقول : سمعت ابن عباس يقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
    إذا لم يجد المحرم إزارا ، فليلبس سراويل ، وإذا لم يجد نعلين ، فليلبس خفين .)).
    وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يفعل ، فإن فعل فعليه دم.
    - حدثنا ابن عيينة ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ،
    (( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جد به السير ، جمع بين المغرب والعشاء.)).
    وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يجزئه أن يفعل ذلك.
    - حدثنا ابن عيينة ، عن الزهري ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس ؛
    (( أن سعد بن عبادة استفتى النبي صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه ، وتوفيت قبل أن تقضيه ، فقال : اقضه عنها.)).
    وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يجزئ ذلك.
    - حدثنا ابن عيينة ، عن الزهري ، قال : سمعت أنس بن مالك يقول :
    سقط النبي صلى الله عليه وسلم عن فرس ، فجحش شقه الأيمن ، فدخلنا عليه نعوده ، فحضرت الصلاة ، فصلى بنا قاعدا ، وصلينا وراءه قياما ، فلما قضى الصلاة ، قال : إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا ركع فاركعوا ، وإذا سجد فاسجدوا ، وإذا رفع فارفعوا ، وإذا قال سمع الله لمن حمده . فقولوا اللهم ربنا ولك الحمد ، وإن صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون.)).
    وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يؤم الإمام وهو جالس.
    - حدثنا ابن عيينة ، عن الزهري ، عن عيسى بن طلحة ، عن عبد الله بن عمرو قال :
    (( أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل ، فقال : حلقت قبل أن أذبح . قال : فاذبح ولا حرج ، قال : ذبحت قبل أن أرمى . قال : ارم ولا حرج.)).
    وذكر أن أبا حنيفة قال : عليه دم.
    - حدثنا وكيع ، وأبو خالد الأحمر ، عن هشام بن عروة ، عن فاطمة ابنة المنذر ، عن أسماء ابنة أبي بكر ، قالت :
    (( نحرنا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأكلنا من لحمه ، أو أصبنا من لحمه.)).
    وذكر أن أبا حنيفة قال : لا تؤكل.
    - حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله بن مسعود ؛
    (( أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد سجدتي السهو بعد الكلام.)).
    وذكر أن أبا حنيفة قال : إذا تكلم فلا يسجدهما.
    - حدثنا هشيم ، عن عبد العزيز ، عن أنس بن مالك ،
    (( أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وتزوجها . قال : فقيل له : ما أصدقها ؟ قال : أصدقها نفسها ، جعل عتقها صداقها.)).
    وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يجوز إلا بمهر.
    - حدثنا ابن عيينة عن الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمان ، عن أبي هريرة ، قال :
    (( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : هلكت . قال : وما أهلكك ؟ قال : وقعت على امرأتي في رمضان . قال : أعتق رقبة ، قال : لا أجد ، قال : صم شهرين ، قال : لا أستطيع ، قال : أطعم ستين مسكينا ، قال : لا أجد ، قال : اجلس ، فبينما هو كذلك ، إذ أتي بعرق فيه تمر ، قال له النبي صلى الله عليه وسلم : اذهب فتصدق به ، قال : والذي بعثك بالحق ، ما بين لابتي المدينة أهل بيت أفقر إليه منا ، فضحك ، حتى بدت أنيابه ، ثم قال : انطلق فأطعمه عيالك.)).
    وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يجوز أن يطعمه عياله.
    - حدثنا ابن علية ، عن هشام ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال :
    (( طهور إناء أحدكم ، إذا ولغ فيه الكلب ، أن يغسله سبع مرات ، أولاهن بالتراب.)).
    وذكر أن أبا حنيفة قال : يجزئه أن يغسل مرة.
    حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال :
    (( خر رجل عن بعيره ، فوقص ، فمات ، وهو محرم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اغسلوه بماء وسدر ، وكفنوه في ثوبيه ، ولا تخمروا رأسه ، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا.)).
    وذكر أن أبا حنيفة قال : يغطى رأسه.
    - حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :
    (( من اقتنى كلبا ، إلا كلب صيد ، أو ماشية ، نقص من أجره كل يوم قيراطان.)).
    وذكر أن أبا حنيفة قال : لا بأس باتخاذه.
    ونترك من أراد أن يكمل ليقرأ ما تبقى من كتاب ((الرد على أبي حنيفة)) ، في ((مصنف ابن أبي شيبة)). فقد ذكر أبو بكر بن أبي شيبة نحو أربع مئة حديث ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ردها أبو حنيفة جميعا ، على الصورة التي ذكرناها ، فارجع إليها ، لتعرف أن فتنة اتباع الرأي والهوى ، أسوأ مما خطر على بال إبليس.
    - وروى الترمذي حديث عبد الله بن زيد بن عاصم ، قال :
    (( خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى ، فاستسقى ، واستقبل القبلة ، وقلب رداءه ، وصلى ركعتين.)).
    قال الترمذي : قال النعمان أبو حنيفة : لا تصلي صلاة الاستسقاء ، ولا آمرهم بتحويل الرداء ، ولكن يدعون ، ويرجعون بجملتهم.
    قال أبو عيسى الترمذي : خالف السنة.
    ومن تاريخ بغداد 13/403 ، وما بعدها :
    قال بشر بن مفضل : قلت لأبي حنيفة : نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
    (( البيعان بالخيار ، ما لم يتفرقا.)).
    قال : هذا رجز.
    قلت : قتادة ، عن أنس ؛
    (( أن يهوديا رضخ رأس امرأة بين حجرين ، فقتلها ، فرضخ النبي صلى الله عليه وسلم رأسه بين حجرين.)).
    قال : هذيان.
    وقال سفيان بن عيينة : ما رأيت أجرأ على الله من أبي حنيفة ، كان يضرب الأمثال لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيرده ، بلغه أني أروي ؛ أن (( البيعان بالخيار ، ما لم يتفرقا.)).
    فجعل يقول : أرأيت إن كانا في سفينة ؟ أرأيت إن كانا في السجن ؟ أرأيت إن كانا في سفر ، كيف يفترقان ؟.
    وقال وكيع : سأل ابن المبارك أبا حنيفة ، عن رفع اليدين في الركوع ، فقال أبو حنيفة : يريد أن يطير فيرفع يديه ؟ قال وكيع : وكان ابن المبارك رجلا عاقلا ، فقال ابن المبارك : إن كان طار في الأولى ، فإنه يطير في الثانية ، فسكت أبو حنيفة ، ولم يقل شيئا.

    قال سفيان : ولم يزل أمر الناس معتدلا ، حتى غير ذلك أبو حنيفة بالكوفة ، وعثمان البتي بالبصرة ، وربيعة بن أبي عبد الرحمان بالمدينة ، فنظرنا ، فوجدناهم من أبناء سبايا الأمم. ((تاريخ بغداد)) 13/ 413.
    - وقال عبد العزيز بن رفيع : سئل عطاء عن شيء ، قال : لا أدري ، قال : قيل له : ألا تقول فيها برأيك ؟ قال : إني أستحيي من الله ، أن يدان في الأرض برأيي . ((سنن الدارمي)) (107).
    وقال أبو هلال : سألت قتادة عن مسألة ، فقال : لا أدري ، فقلت : قل فيها برأيك ، قال : ما قلت برأي منذ أربعين سنة ، وكان يومئذ له نحو من خمسين سنة.
    قلت : فدل على أنه ما قال في العلم شيئا برأيه.
    قال أبو عوانة : سمعت قتادة يقول : ما أفتيت برأي منذ ثلاثين سنة. ((سير أعلام النبلاء)) 5/237.
    وعن عبد الله بن المبارك ، أنه سأله رجل عن مسألة ، فحدثه فيها بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال الرجل : قال أبو حنيفة بخلاف هذا ، فغضب ابن المبارك غضبا شديدا ، وقال : أروي لك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتأتيني برأي رجل يرد الحديث ، لاحدثتكم اليوم بحديث ، وقام. ((السنة)) لعبد الله بن أحمد (392).
    لقد كان أحمد بن حنبل ، رحمة الله عليه ، يأمر تلاميذه ، طلاب العلم ، ورواة الحديث ، إذا وقفوا على كتاب فيه أحاديث للنبي صلى الله عليه وسلم ، ومعها آراء الفقهاء وأصحاب الرأي ، أن يقوموا بتجريد الكتاب على الحديث فقط ، وطرح ما عداه ، وهذا يدل على معرفة هذا العالم العامل بقدر النبي صلى الله عليه وسلم ومكانته ؛
    قال ابن هانىء : سئل ، أحمد بن حنبل ، عن أبي حنيفة : يروى عنه ؟ قال : لا . قيل : فأبو يوسف ؟ قال : كأنه أمثلهم . ثم قال : كل من وضع الكتب فلا يعجبني ، ويجرد الحديث. ((مسائل ابن هانىء)) 2368 : 2369.
    وقال ابن هانىء : سمعت أبا عبد الله ، أحمد بن حنبل ، يقول : لا يعجبني شيء من وضع الكتب ، ومن وضع شيئا من الكتب فهو مبتدع .
    سألت أبا عبد الله ، عن كتاب مالك ، والشافعي ، أحب إليك أو كتب أبي حنيفة ، وأبي يوسف ؟ فقال : الشافعي أعجب إلي ، هذا إن كان وضع كتابا ، فهؤلاء يفتون بالحديث ، وهذا يفتي بالرأي ، فكم بين هذين؟!. ((المسائل)) 1908 و 1909.
    وقال ابن هانىء : سمعت أبا عبد الله ، وسأله رجل من أردبيل ، عن رجل يقال له : عبد الرحمان ، وضع كتابا . فقال أبو عبد الله : قولوا له : أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فعل هذا ؟ أو أحد من التابعين ؟ فاغتاظ ، وشدد في أمره ، ونهى عنه . وقال : انهوا الناس عنه ، وعليكم بالحديث. ((المسائل)) 1911.
    فهذا رجل من علماء هذه الأمة ، عرف منزلة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهان عنده ما عداه ، ودعا الناس إليه ، وحبنا لأحمد بن حنبل ، رضي الله عنه ، لا يعني أبدا أننا نأخذ برأيه في أمر يتصل بأحكام الله ، فالرأي كله سواء.
    ويقول أحمد بن حنبل ، رحمة الله عليه : من دل على صاحب رأي ، فقد أعان على هدم الإسلام . كتاب بحر الدم (5) ، والمقصد الأرشد (114).
    وقال أبو الحسن الميموني : سمعت أبا عبد الله ، أحمد بن حنبل ، وسئل عن أصحاب الرأي : يكتب عنهم الحديث ؟ فقال أبو عبد الله : قال عبد الرحمان بن مهدي : إذا وضع الرجل كتابا من هذه الكتب ، كتب الرأي ، أرى أن لا يكتب عنه الحديث ، ولا غيره.
    قال أبو عبد الله ، : وما تصنع بالرأي ، وفي الحديث ما يغنيك عنه . بحر الدم : (612) ، وتهذيب الكمال 17/437.
    وقال إبراهيم بن هانىء ، عن أحمد بن حنبل : اترك رأي أبي حنيفة وأصحابه . بحرالدم (1071).
    وقال أبو داود ، صاحب السنن : سمعت أحمد بن حنبل يقول : لا يعجبني رأي مالك ، ولا رأي أحد . ((مسائل أبي داود)) : صفحة 275 .
    وقال أبو داود: سمعت أحمد ، ذكر شيئا من أمر أصحاب الرأي . فقال : يحتالون لنقض سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ((المسائل)) : صفحة 276 .
    وقال أبو داود : سمعت أحمد يقول : ليس أحد إلا ويؤخذ من رأيه ويترك ، ما خلا النبي صلى الله عليه وسلم . ((المسائل)) : صفحة 276 .
    وقال أبو داود : قلت لأحمد : الأوزاعي هو أتبع من مالك ؟ قال : لا تقلد دينك أحدا من هؤلاء ، ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فخذ به ، ثم التابعين بعد ، الرجل فيه مخير . ((المسائل)) : صفحة 276 .
    وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : حدثني أبو الفضل ، حدثني أسود بن سالم ، قال : إذا جاء الأثر القينا رأي أبي حنيفة وأصحابه في الحش ، ثم قال لي أسود : عليك بالأثر فالزمه ، أدركت أهل العلم يكرهون رأي أبي حنيفة ، ويعيبونه . السنة (390).
    الحش ؛ هو الكنيف ، موضع قضاء الحاجة.
    وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سألت أبي ، عن الرجل يكون ببلد ، لا يجد فيه إلا صاحب حديث ، لا يعرف صحيحه من سقميه ، وأصحاب رأي ، فتنزل به النازلة ، من يسأل ؟ فقال أبي : يسأل صاحب الحديث ، ولا يسأل صاحب الرأي ، ضعيف الحديث أقوى من رأي أبي حنيفة. ((المحلى)) 1/68.
    وقال محمد بن إدريس الشافعي ، رحمة الله عليه : فليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة ، إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها ، قال الله تبارك وتعالى : ? كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد .[إبراهيم : 1].
    وقال : . وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون . [النحل : 44].
    وقال : ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين [النحل : 89].
    وقال : وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم [الشورى : 52]. الرسالة : (48:52).
    وقال الشافعي : وأما أن نخالف حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابتا عنه ، فأرجو أن لا يؤخذ ذلك علينا ، إن شاء الله ، وليس ذلك لأحد ، ولكن قد يجهل الرجل السنة فيكون له قول يخالفها ، لا أنه عمد خلافها ، وقد يغفل المرء ويخطىء في التأويل . ((الرسالة)) (598:599) .
    وقال الشافعي : إنه لا تخالف له (أي للنبي صلى الله عليه وسلم) سنة أبدا كتاب الله ، وأن سنته ، وإن لم يكن فيها نص كتاب ، لازمة ، مما فرض الله من طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ووجب عليه أن يعلم أن الله لم يجعل هذا لخلق غير رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن يجعل قول كل أحد وفعله أبدا تبعا لكتاب الله ، ثم سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن يعلم أن عالما إن روي عنه قول يخالف فيه شيئا سن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة ، لو علم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخالفها ، وانتقل عن قوله إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم إن شاء الله ، وإن لم يفعل كان غير موسع له ، فكيف والحجج في مثل هذا لله قائمة على خلقه ، بما افترض من طاعة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبان من موضعه الذي وضعه به من وحيه ودينه وأهل دينه . الرسالة (537:541).
    وقال محمد بن مسلمة المديني : وقيل له : ما بال رأي أبي حنيفة دخل هذه الأمصار كلها ولم يدخل المدينة ؟ قال : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((على كل نقب من أنقابها ملك يمنع الدجال من دخولها)) ، وهذا من كلام الدجالين ، فمن ثم لم يدخلها ، والله أعلم.
    وقال : إسحاق بن إبراهيم الحنيني : قال مالك : ما ولد في الإسلام مولود ، أضرعلى أهل الإسلام ، من أبي حنيفة.
    وكان مالك يعيب الرأي ، ويقول : قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد تم هذا الأمر واستكمل ، فإنما ينبغي أن تتبع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ولا يتبع الرأي ، وإنه متى اتبع الرأي ، جاء رجل آخر ، أقوى منك ، فاتبعته ، فأنت كلما جاء رجل غلبك اتبعته ، أرى هذا الأمر لا يتم. تاريخ بغداد 13/415.

  12. #12

    افتراضي رد: حول قول الإمام البخاري في صحيحه...((بعض الناس))

    أحسن من تكلم في أمر أبي حنيفة وأهل الرأي وكان كلامه وسطياً بلا إفراط ولا تفريط هو الإمام ابن حزم الظاهري حيث قال في كتابه العجاب (الرسالة الباهرة) :
    وقد كان في القرن الثاني والثالث فسّاق ومتأخرون في الفضل عمن بعدهم بلا شك ، وإنما الفضل فيمها على الأغلب ، لا إلى إنسان بعينه منهم البتة ، ولا جاء أيضاً نص عن الله تعالى ، ولا عن رسوله ص بالأمر لنا بتعظيم بعضهم أكثر من تعظيم الآخرين ، بل هم علماء من جملة العلماء غيرهم ، لهم ما لهم وعليهم ما عليهم ، فسقط سؤالهم بمن أفضل ومن أجل .
    وأما الورع : فهو اجتناب الشبهات ، ولقد كان أبو حنيفة وأحمد وداود من هذه المنزلة في الغاية القصوى ، وأما مالك والشافعي فكانا يأخذان من الأمراء ، وورث عنهما واستعملاه وأثريا منه ، وهما في ذلك أصوب ممن ترك الأخذ منهم ، وما يقدح هذا عندنا في ورعهما أصلاً ، ولقد كانوا رحمهم الله في غاية الورع .
    وأما القطع بانهم أورع عند الله عز وجل فغيب لا يستجيز القطع به إلا فاسق ، وأورعهم في ظاهر أمرهم في الفتيا من كان أشدهم لمخالفة ما جاء في القرآن وما صح عن النبي ص ، وأبعدهم عن القطع برأيه ، وهذا أمر يعلمه كل ذي حس سليم ضرورة من جاهل أو عالم ، إلا من غالط عقله وكابر حسه .
    وأما أيهم أعلم : فإن معنى العلم أن يكون عند المرء من رواية ذلك العلم وذكره لما عنده منه ، وثباته في أصول ذلك العلم الذي يختص به أكثر مما عند غيره من أهل ذلك العلم ، والذي كان عند أبي حنيفة من السنن فهو معروف محدود وهو قليل جداً ، وإنما أكثر معوّله على قياسه ورأيه واستحسانه ، كما روي عنه أنه قال : علمنا هذا رأي ، فمن أتى بخير منه أخذناه .
    وأما الذي عند مالك فهو كله في موطئه ، قد جمعه وشيء يسير قد جمعه الرواة عنه مما ليس في الموطأ ، وذلك جزء صغير ، قد حُصِّل كل ذلك وضبط ، ولا يسع أحداً أن يظن به أنه كان عنده علم فكتمه ، وأحاديث صحاح فجحدها ، نعوذ بالله من ذلك ، فقد قال تعالى : { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ، فبنذوه وراء ظهورهم } آل عمران 187 ، وقال تعالى : { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ، إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم } البقرة آية 1590160.))
    ويقول ((وأما الفتيا بالرأي فليس علماً ولا فضيلة ، ولا يعجز عنه أحد ، بل هو مذموم من الصحابة رضي الله عنهم ، ومن التابعون بعدهم ، وهم يُقرّون على أنفسهم بذلك :
    فهذا ربيعة يقول للزهري : أنا أخبر الناس برأيي ، فإن شاؤوا أخذوه ، وإن شاؤوا ضربوا به الحائط .
    قال أبو محمد رحمه الله : ولعمري إن شيئاً يكون سامعه بالخيار في أن يضرب به الحائط ، فحق أن يتعجل ضرب الحائط به ، وأن لا يفتي به في الدين ، ولا يخبر به عن الله عز وجل .
    فهذا مالك يقول عند موته : وددت أني ضُربت لكل مسألة تكلمت فيها برأيي سوطاً على أنه لا صبر لي على السياط ().
    قال أبو محمد رحمه الله : ولعمري إن ما ندم عليه صاحبه هذه الندامة عند الموت ، فإن القاطع به في دماء المسلمين وفروجهم وأموالهم وأبشارهم ودينهم لمخذول .
    وهذا ابن القاسم يقول : لا تُباع كتب الرأي ؛ لأننا لا ندري أحق هي أم باطل .
    قال أبو محمد رحمه الله : ولعمري إن ما لم يقطع على جواز بيع كتبه ولم يدر أحق هي أم باطل لبعيد عن أن تجوز الفتيا به في الإسلام ، أو أن يخبر به عن الله تعالى .
    وهذا سحنون يقول : ما ندري ما هذا الرأي ، سفكت به الدماء واستحلت به الفروج .
    قال أبو محمد رحمه الله : فإن كان لا يدري ما هو فالذي أخذه عنه أبعد من أن يدريه لو نصحوا أنفسهم .
    هذه أحكام ظاهرة الصدق لا ينكرها إلا ذو حمية يأنف أن يهتضم دنياه وتبطل اشرعته ، : { وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون } الشعراء آية 227 .
    وأما الشافعي فإنه لا يجيز الرأي أصلاً ، وهذا أحمد وإسحق بن راهويه وسائر المتقدمين والمتأخرين من أصحاب الحديث ، وأما داود فأمره في إبطاله أشهر من أن يتكلف ذكره .
    ولا فرق بين رأي مالك وأبي حنيفة ورأي الاوزاعي ورأي سفيان ورأي ابن أبي ليلى ، ورأي ابن شبرمة ، ورأي الحسن بن حي ، ورأي عثمان البتي ، ورأي الليث ، وكل ذلك رأي ، لا فضل لبعضه على بعض ، وكل هؤلاء مجتهد مأجور ، وكل من قلّد واحداً منهم مخطئ ملوّم غير معذور .
    فإذ هذه صفة الرأي بإجماع الأمة كلها ، وإنما هو حكم بالظن ، وتخرّص في الدين ، فليس يستحق المكثُر منه ومن القول به صفة العلم ؛ لأنه ليس علماً ، ولا حفظه من العلم بسبيل ، وإنما هو اشتغال بالباطل عن الحق ، وباب من كسب المال ، ووجة من التسوّق والترؤس على الجيران ، وعند الحكام فقط ، وصناعة من صناعات المتأجِّر ، وقد خاب وخسر من جعل هذا عُرضة من دينه ، نعوذ بالله من الخذلان .
    وإنما العلم ما ذكرنا من المعرفة بأحكام القرآن ، وما صح عن رسول الله ص ، ومعرفة ثقات الناقلين للسنن ، وما أجمع عليه المسلمون ، وما اختلفوا فيه ، فهذا هو العلم ، وحامله هو العالم لا ما سوى ذلك .
    وأعلى الناس منزلة في العلم فالصحابة رضي الله عنهم ، فإن الصاحب ولو لم يكن عنده إلا حديث واحد أخذه عن رسول الله ص فهو عند ذلك الصاحب حق يقين من عند الله تعالى ؛ لأنه أخذه ممن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وممن لا يخطئ في شيء من الديانة أصلاً ، فهو عند ذلك الصاحب كالقرآن في صحة وروده من عند الله عز وجل في وجوب الطاعة له ، ثم التابعون ، فإنهم أخذوا السنن التي هي العلم عمن شهد الله له بالعدالة كلهم ، إذ يقول الله تعالى : { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضوانا } إلى قوله تعالى : { وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً } الفتح آية 29 ، وقال تعالى : { لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ، وكلاً وعد الله الحسنى } الحديد آية 10 ، وقال تعالى : { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون } الأنبياء آية 101 ن إلى قوله تعالى : { هذا يومكن الذي كنتم توعدون } الأنبياء آية 103 ، وقال تعالى : { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ، فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريباً } الفتح آية 18 .
    قال أبو محمد رحمه الله : فمن أخذ العلم عمن شهد الله تعالى لهم بالجنة قطعاً وبالعدالة ، وبأنه تعالى رضي عنهم ، وعلم الله ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم ، فقد صحت لهم العصمة من تعمد الفسوق ، إذ لا يجتمع الفسوق والسكينة في قلب واحد ، فهو أعلى درجة في العلم وأثبت قدماً فيه ، وأولى باسمه ، فمن أخذه من بعدهم ممن لا يقطعون له بالعدالة ، ولا بصحة غيبه ، ولا بعدالته عند الله عز وجل ، ولا يَتنُ عن معتقده ممن ليس فيه إلا حسن الظن به فقط ، والله أعلم بباطنه ، وهذه صفة التابعين وكل من دونهم ، فلا يجوز أن يكون أعلم من صاحب بوجه من الوجوه .
    وجائز أن يكون أعلم من تابع ؛ لأن التابع لا يقطع بصدقه ، ولا بصحة نقله ، ولا بعدالته عند الله عز وجل ، كما نقطع نحن وهم بعدالة الصاحب عند لله عز وجل وبصدقه ؛ لأن العدل عند الله لا يكون إلا صادقاً بلا شك ، لا سيما مع قوله تعالى : { للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون والذين تبوؤا الدار والايمان من قبلهم } إلى قوله عز وجل : { إنك رؤوف رحيم } الحشر آية 8-10 ، فشهد الله لهم بالصدق والفلاح .
    قال أبو محمد رحمه الله : فهذه درجة العلم ، وإذ معنى العلم هو ما ذكرنا ضرورة أن يكون أعلم الناس من كان أجمعهم للسنن عن رسول الله ص ، وأضبطهم لها ، وأذكرهم لمعانيها ، وأدراهم بصحتها ، وبما أجمع عليه مما اختلفوا فيه .
    وما نعلم هذه الصفة بعد الصحابة رضي الله عنهم أتم منها في محمد بن نصر المروزي ، فلو قال قائل : إنه ليس لرسول الله ص حديث ولا لأصحابه إلا وهو عند محمد بن نصر ما بَعُد عن الصدق .))
    ويقول أيضاً ((قال أبو محمد رحمه الله : ومن قرأ كتب العلماء والفقهاء والسالفين والخالفين من المذكورين وغيرهم وقف يقيناً على الأفقه منهم ، ولا سبيل إلى يعرف ذلك من افتصر على رأي رجل منهم دون غيره ؛ لأنه يحكم بما لا يدري فيما لا يدري ، وهذا جور لا يحل .
    وأفقههم أشدهم ابتاعاً لأحكام القرآن وأحكام الحديث الصحيح عن رسول الله ص ، وأبعدهم عن رأيه والقطع بظنه ، وعن التقليد لمعلمهم دون غيرهم ، فمالك وأبو حنيفة متقاربان في هذا المعنى ، وإن كان مالك أضبط للحديث وأحفظ منه ، وأصح حديثاً وأتقن له ، وأبو حنيفة أطرد للقياس على ما عنده من ذلك ، وأكثر منه في التحكم بالآراء .))
    ويقول في الإحكام وهو يتكلم عن أسباب اختلاف الفقهاء ((ثم أتى بعد التابعين فقهاء الامصار: كأبي حنيفة، وسفيان، وابن أبي ليلى بالكوفة، وابن جريج بمكة، ومالك وابن الماجشون بالمدينة، وعثمان البتي وسوار بالبصرة، والاوزاعي بالشام، والليث بمصر، فجروا على تلك الطريقة من أخذ كل واحد منهم عن التابعين من أهل بلده فيما كان عندهم، واجتهادهم فيما لم يجدوا عندهم، وهو موجود عند غيرهم، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
    وكل ما ذكرنا مأجور على ما أصاب فيه حكم النبي أجرين ومأجور فيما خفي عنه منه أجرا واحدا، وقد يبلغ الرجل مما ذكرنا حديثان ظاهرهما التعارض، فيميل إلى أحدهما دون الثاني بضرب من الترجيحات التي صححنا أو أبطلنا قبل هذا في هذا الباب ويميل غيره إلى الحديث الذي ترك هذا بضرب من تلك الترجيحات كما روي عن عثمان في الجمع بين الاختين، حرمتهما آية، وأحلتهما آية، وكما مال ابن عمر إلى تحريم نساء أهل الكتاب جملة بقوله: * (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن قال ولا أعلم شركا أعظم من قول المرأة: إ ن عيسى ربها.
    وغلب ذلك على الاباحة المنصوصة في الآية الاخرى، وكما جعل ابن عباس عدة ا لحامل آخر الاجلين من وضع الحمل، أو تمام أربعة أشهر وعشر، وكما تأول بعض الصحابة في الحمر الاهلية أنها إنما حرمت لانها لم تخمس، وتأول آخر منهم أنها حرمت لانها حمولة الناس، وتأول آخر منهم أنها حرمت لانها كانت تأكل العذرة، وقال بعضهم: بل حرمت لعينها، وكما تأول قدامة في شرب الخمر، قول الله تعالى: * (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا فعلى هذه الوجوه ترك مالك ومن كان قبله ما تركوا من الاحاديث والآيات، وعلى هذه الوجوه خالفهم نظراؤهم، فأخذ هؤلاء ما ترك أولئك، وأخذ أولئك ما ترك هؤلاء، فهي وجوه عشرة كما ذكرنا: أحدها: ألا يبلغ العالم الخبر فيفتي فيه بنص آخر بلغه، كما قال عمر في خبر الاستئذان: خفي علي هذا من رسول الله ألهاني الصفق بالاسواق.
    وقد أوردناه بإسناده من طريق البخاري في غير هذا المكان.
    وثانيها: أن يقع في نفسه أن راوي الخبر لم يحفظ، وأنه وهم كفعل عمر في خبر فاطمة بنت قيس، وكفعل عائشة في خبر الميت يعذب ببكاء أهله، وهذا ظن لا معنى له، إن أطلق بطلت الاخبار كلها وإن خص به مكان دون مكان كان تحكما بالباطل.
    وثالثها: أن يقع في نفسه أنه منسوخ كما ظن ابن عمر في آية نكاح الكتابيات.
    ورابعها: أن يغلب نصا على نص بأنه أحوط وهذا لا معنى له، إذ لا يوجبه قرآن ولا سنة.
    وخامسها: أن يغلب نصا على نص لكثرة العاملين به أو لجلالتهم، وهذا لا معنى له لما قد أفدناه قبلا في ترجيح الاخبار.
    وسادسها: أن يغلب نصا لم يصح على نص صحيح، وهو لا يعلم بفساد الذي غلب.
    وسابعها: أن يخصص عموما بظنه.
    وثامنها: أن يأخذ بعموم لم يجب
    الاخذ به، ويترك الذي يثبت تخصيصه.
    وتاسعها: أن يتأول في الخبر غير ظاهره بغير برهان لعله ظنها بغير برهان.
    وعاشرها: أن يترك نصا صحيحا لقول صاحب بلغه، فيظن أنه لم يترك ذلك النص إلا لعلم كان عنده.
    فهذه ظنون توجب الاختلاف الذي سبق في علم الله عز وجل، أنه سيكون، ونسأل الله تعالى التثبيت على الحق بمنه آمين.))
    ** كما ترى أخي أن من تكلم من المتقدمين في أبي حنيفة رحمه الله قد حط عليه وعلى مذهبه ورأيه إلا ابن حزم !
    فهل حفظ أهل الرأي الجميل ؟ (ابتسامة)
    لتحميل الرسالة الباهرة للامام ابن حزم ...
    حملها من المرفق
    وهي حقاً باهرة على اسمها .. ففيها نهى الامام ابن حزم عن التعصب للأئمة أو ضدهم وهي تشبه كتاب رفع الملام عن الأئمة الأعلام لابن تيمية رحمها الله.. فلو عمل المسلمون بما فيها لما حدث أي شقاق أو تعصب...ولله الأمر من قبل ومن بعد ... فحبذا لو قرأتموها .
    * منقول....
    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

  13. #13

    افتراضي رد: حول قول الإمام البخاري في صحيحه...((بعض الناس))

    بارك الله فيك أخي أبو الفضل المصري على اجتهادك في نقلك لكلام ابن حزم وغيره من الأئمة ـ رحمهم الله ـ

    بالنسبة لترك أبي حنيفة أو غيره من الأئمة للأخذ بظاهر بعض الأحاديث، فجوابه مبسوط في كتب الفقه.
    فهذا الإمام مالك يروي الحديث ولا يأخذ به لعوارض ظهرت له، كذلك غيره من الأئمة.
    ففي بعض الأحيان يرون ظاهر الحديث يخالف ظاهر القرآن، والقرآن ثبت بالقطع وكثير من السنة بغلبة الظن، فينتهي الأمر بأخذ الأول وترك الثاني.

    على كل حال، توجد كتب تطرقت لهذه المسألة وإلى الإمام أبي حنيفة بالخصوص (مع عدم إغفال كونه يمثل إمتدادا لمدرسة بأكملها وهي المدرسة الكوفية) والتي عيب عليها الاستطراد في استحداث المسائل والجواب عليها. (وهذا الأمر يستحق فصلا مستقلا).
    ومن بين من تطرق لأمر أبي حنيفة في هذا الباب الحافظ ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم، وعندك أيضا كلام جميل للأستاذ مصطفى السباعي في كتابه الرائع السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي وإن أردت الاستزادة فهناك كتاب لا يقل عنه فائدة وهو كتاب الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي للشيخ محمد بن الحسن الثعالبي ـ رحمهم الله ـ

    أما بالنسبة لاستشهادك بذم السلف للرأي، فهو الرأي المذموم المبني على الهوى حتى قال قائلهم: أعيتهم الآثار أن يحفظوها، فقالوا بالرأي. والمقصود بهذه المقولة هم أهل الكلام. ولا أرى أنه من الإنصاف ـ ولا أخالك تخالفني في هذا الأمر ـ إسقاط هذه المقولة على الأئمة الأعلام.

    فالقياس الصحيح التي توفرت فيه أركانه و شروطه يؤخذ به، وبه حصلت هذه الأمة على ثروة فقهية تشريعية عظيمة.

    قبل أن أنسى، بالنسبة لقولي بأن ابن تيمية كان يميل إلى الأخذ بأصول الحنفية، فقد سمعت هذا الكلام أو قرأته للشيخ صالح آل شيخ ـ حفظه الله ـ
    أما عن نفسي فلست مطلعا بما يكفي على أصول ابن تيمية ـ بل ولا أكاد ـ

    وأخيرا، قد قمت بتنزيل الملف، وسألقي عليه نظرة إذا حصل في الوقت متسع إن شاء الله.

    بالتوفيق لما يحبه الله ويرضاه.
    كلام النبي يُحتَجُ به، وكلام غيره يُحتَجُ له
    صلى الله عليه وسلم
    ليس كل ما نُسِبَ للنبي صلى الله عليه وسلم صحت نسبته، وليس كل ما صحت نسبته صح فهمه، وليس كل ما صح فهمه صح وضعه في موضعه.

  14. #14

    افتراضي رد: حول قول الإمام البخاري في صحيحه...((بعض الناس))

    ففي بعض الأحيان يرون ظاهر الحديث يخالف ظاهر القرآن، والقرآن ثبت بالقطع وكثير من السنة بغلبة الظن، فينتهي الأمر بأخذ الأول وترك الثاني.
    هذه مقولة أهل الكلام بارك الله فيك ... وليست مقولة أهل السنة
    الحديث متى صح صار يفيد العلم اليقيني كالقرآن تماماً ولو كان هناك تعارضاً ظاهراً فالعلماء يجمعون ويرجحون بأوجه عديدة ليس هذا موضع بسطها .

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: حول قول الإمام البخاري في صحيحه...((بعض الناس))

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الفضل المصرى مشاهدة المشاركة
    ومن لديه معرفة خاصة بالإمام البخاري نفسه وسيرته, لايخفى أنه يوردها تهكما بالباطل واهله ممن خالف السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    عندما يقول (قال بعض الناس) في صحيحه فالمعروف أنه يقصد بها أهل الرأي وخاصة الأحناف .
    وأظنه لا يصرح ليس خوفاً أو خشية من الغيبة كما يظن البعض بل تصغيراً لشأن الرأي وأهله


    و هذا صنيع الامام الحميدي اجل شيوخ البخاري في الحديث و الفقه

    ففي كتاب المجروحين لابن حبان

    سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عُثْمَان بن زِيَاد يَقُول سَمِعت مُحَمَّد بن مَنْصُور الْجوَار يَقُولُ رَأَيْتُ الْحُمَيْدِيَّ يَقْرَأُ كِتَابَ الرَّدِّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَكَانَ يَقُولُ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ كَذَا فَقُلْتُ لَهُ فيكف لَا تُسَمِّيهِ قَالَ أَكْرَهُ أَنْ أَذْكُرَهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ




الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •