كَشْفُ
شُبُهَاتِ (عَلَي جُمْعَة)
في مَسْأَلَةِ الذِّكْرِ بِالْاسْمِ الـمُفْرَدِ
كَتَبَهُ
وَلِيدُ بنُ حُسْنِي بنِ بَدَوِي بنِ مُحَمَّدٍ الأُمَوِيُّ
عُفِيَ عَنْهُ


مُقَدِّمَةٌ
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد سمعت جوابًا للمدعو (على جمعة) مفتي مصر حول مسألة ذكر الله جل ذكره بالاسم المفرد...وكان مضمون جوابه القول بإباحة ذلك ومشروعيته واستدل على كلامه هذا بشبه من الكتاب والسنة وفعل بعض الصحابة مخالفًا في ذلك طرق أهل الهدى في الاستدلال على الأحكام الشرعية سالكًا جادة المتصوفة الخرافيين الذي يؤلوون نصوص الوحيين ويلوون أعناق الأدلة لتوافق أهواءهم وما أبتدعوه في دين الله تعالى.
فعزمت على رد تلك الشبهات بجواب علمي وجيز، فوفقني الله تعالى فكتبت هذه الكلمات التي أضعها بين يديك أخي المسلم.
والله الموفق.


الشُّبْهَةُ الأُوَلَى
قوله تعالى:{ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ}(الأ نعام:91).
ووجه الشاهد قوله:{قل الله}، والمعنى عنده: أي قل:الله، الله.
جَوَابُهَا
وهذا تفسير لا يعلم قائل به من السلف الصالحين والأئمة المهديين وعلماء اللغة الراسخين، وإليك تفصيل ذلك:

1) كلام المفسرين:
أ – قال الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري([1]):" وأما قوله:"قل الله"، فإنه أمرٌ من الله جل ثناؤه نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يجيبَ استفهامَه هؤلاء المشركين عما أمره باستفهامهم عنه بقوله:"قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورًا وهدى للناس يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون كثيرًا"، بقيل الله، كأمره إياه في موضع آخر في هذه السورة بقوله:(قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ)، [سورة الأنعام:63].

فأمره باستفهام المشركين عن ذلك، كما أمره باستفهامهم إذ قالوا:"ما أنزل الله على بشر من شيء"، عمن أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورًا وهدى للناس. ثم أمره بالإجابة عنه هنالك بقيله: { قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ} [سورة الأنعام : 64] ، كما أمره بالإجابة ههنا عن ذلك بقيله: الله أنزله على موسى"انتهى

ب – قال الحافظ ابن كثير([2]):" وقوله: { قُلِ اللَّهُ } قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أي: قل: الله أنزله. وهذا الذي قاله ابن عباس هو المتعين في تفسير هذه الكلمة، لا ما قاله بعض المتأخرين، من أن معنى {قُلِ اللَّهُ } أي: لا يكون خطاب لهم إلا هذه الكلمة، كلمة: "الله".

وهذا الذي قاله هذا القائل يكون أمرًا بكلمة مفردة من غير تركيب، والإتيان بكلمة مفردة لا يفيد في لغة العرب فائدة يحسن السكوت عليها"انتهى

ج- قال القرطبي في تفسيره([3]):" قل الله) أي قل يا محمد الله (الذي) أنزل ذلك الكتاب على موسى وهذا الكتاب علي.
أو قل الله علمكم الكتاب"انتهى

د – وقال البغوي في تفسيره([4]):" { قُلِ اللَّهُ } هذا راجع إلى قوله { قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى } فإن أجابوك وإلا فقل أنت: الله، أي: قل أنزله الله"انتهى

هـ - وقال الثعلبي في تفسيره:" وقرأ بعده {وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُوا أَنتُمْ وَلا ءَابَآؤُكُمْ} فإن أجابوك وقالوا : الله،
وإلاّ ف {قُلِ اللَّهُ} فعل ذلك"اهـ
قلت: عامة أقوالهم على ان التقدير: الله أنزله.

2) كلام اللغويين:
أ – قال الفراء في معاني القرآن:" وقوله: {قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} أُمر محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول {قُلِ اللَّهُ} أى: أنزله الله عليكم. وإن شئت قلت: قل (هو) الله. وقد يكون قوله {قُلِ اللَّهُ} جوابا لقوله: {مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَى}, {قُلِ اللَّهُ} أنزله"انتهى

ب – قال أبو طالب الطبري في بداية تفسيره([5]):" وتمام هذه الشرائط أن يكون ممتلئا من عدة الإعراب لا يلتبس عليه إختلاف وجوه الكلام فإنه إذا خرج بالبيان عن وضع اللسان إما حقيقة أو مجازا فتأويله تعطيله وقد رأيت بعضهم يفسر قوله تعالى قل الله ثم ذرهم إنه ملازمة قول الله ولم يدر الغبي أن هذه جملة حذف منها الخبر والتقدير الله أنزله"انتهى

قلت: لأن الاسم المفرد لا يفيد معنى فلا يصح الثناء على الله بذكر اسمه المفرد لأن أقل الكلام لا يصح أن يكون اسمًا مفردًا.

قال ابن هشام في القطر([6]):" صور تأليف الكلام ست وذلك لأنه يتألف إما من اسمين أو من فعل واسم أو من جملتين أو من فعل واسمين أو من فعل وثلاثة أسماء أو من فعل وأربعة أسماء".
وقال:" وأقل ائتلافه من اسمين كزيد قائم أو فعل واسم".

3) أقوال الأئمة:
أ – قال شيخ الإسلام ابن تيمية([7]):" ومن زعم أن هذا ذكر العامة وأن ذكر الخاصة هو الاسم المفرد وذكر خاصة الخاصة هو الاسم المضمر فهم ضالون غالطون واحتجاج بعضهم على ذلك بقوله [ 91 الأنعام ] :{قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون} من أبين غلط هؤلاء فإن اسم الله مذكور في الأمر بجواب الاستفهام وهو قوله [ 91 الأنعام ]: {قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى} فالاسم مبتدأ وخبره قد دل عليهم الاستفهام كما في نظائر ذلك يقال: من جاء ؟ فتقول زيد : وأما الاسم المفرد مظهرا أو مضمرا فليس بكلام تام ولا جملة مفيدة ولا يتعلق به إيمان ولا كفر ولا أمر ولا نهي ولم يذكر ذلك أحد من سلف الأمة ولا شرع ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا يعطى القلب بنفسه معرفة مفيدة ولا حالا نافعا وإنما يعطيه تصويرا مطلقا ولا يحكم عليه بنفي ولا إثبات فإن لم يقترن به من معرفة القلب وحاله ما يفيد بنفسه وإلا لم يكن فيه فائدة والشريعة إنما تشرع من الأذكار ما يفيده بنفسه لا ما تكون الفائدة حاصلة بغيره.

وقد وقع بعض من واظب على هذا الذكر في فنون من الإلحاد وأنواع من الإلحاد كما قد بسط في غير هذا الموضوع وما يذكر عن بعض الشيوخ في أنه قال: أخاف أن أموت بين النفي والاثبات ، حال لا يقتدي فيها بصاحبها ، فإن في ذلك من الغلط ما لا خفاء به ، إذ لو مات العبد في هذه الحال لم يمت إلا على ما قصده ونواه ، إذ الأعمال بالنيات، وقد ثبت أن النبي، " صلى الله عليه وسلم "، أمر بتلقين الميت لا إله إلا الله . وقال : (( من كان أخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة )) ولو كان ما ذكره محظورا لم يلقن الميت كلمة يخاف أن يموت في أثنائها موتا غير محمود .

بل كان ما اختاره من ذكر الاسم المفرد ، والذكر بالاسم المضمر أبعد عن السنة، وأدخل في البدعة ، وأقرب إلى إضلال الشيطان ، فإن من قال: ياهو ياهو، أو هو، ونحو ذلك لم يكن الضمير عائدا إلا إلى ما يصوره قلبه ، والقلب قد يهتدي وقد يضل ـ وقد صنف صاحب الفصوص .. كتابًا سماه كتاب :( الهو) وزعم بعضهم أن قوله –تعالى-:{ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ } ( ال عمران){الأية: 7}.

معناه : وما يعلم تأويل هذا الاسم الذي هو الهو ، وهذا مما اتفق المسلمون بل العقلاء على أنه من أبين الباطل . فقد يظن هذا من يظنه من هؤلاء ...."انتهى

وقال([8]):" فأما الإسم المفرد مظهرًا مثل الله الله أو مضمرا مثل هو هو فهذا ليس بمشروع فى كتاب ولا سنة ولا هو مأثور ايضا عن أحد من سلف الأمة ولا عن أعيان الأمة المقتدى بهم وإنما لهج به قوم من ضلال المتأخرين "انتهى

ب – وقال الإمام ابن القيم رحمه الله([9]):" ونظير هذا استشهادهم بقوله تعالى وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا ءاباؤكم قل الله ثم ذرهم حتى رتب على ذلك بعضهم أن الذكر بالاسم المفرد وهو الله الله أفضل من الذكر بالجملة المركبة كقوله سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وهذا فاسد مبني على فاسد؛ فإن الذكر بالاسم المفرد غير مشروع أصلا ولا مفيد شيئا ولا هو كلام أصلا ولا يدل على مدح ولا تعظيم ولا يتعلق به إيمان ولا ثواب ولا يدخل به الذاكر في عقد الإسلام جملة فلو قال الكافر الله الله من أول عمره إلى آخره لم يصر بذلك مسلما فضلا عن أن يكون من جملة الذكر أو يكون أفضل الأذكار وبالغ بعضهم في ذلك حتى قال الذكر بالاسم المضمر أفضل من الذكر بالأسم الظاهر فالذكر بقوله هو هو بالاسم المضمر أفضل من الذكر بقولهم الله الله.

وكل هذا من أنواع الهوس والخيالات الباطلة المفضية بأهلها إلى أنواع من الضلالات فهذا فساد هذا البناء الهائر وأما فساد المبني عليه فإنهم ظنوا أن قوله تعالى قل الله أي قل هذا الاسم فقل الله الله وهذا من عدم فهم القوم لكتاب الله فإن اسم الله هنا جواب لقوله قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا إلى أن قال قل الله أي قل الله أنزله فإن السؤال معاد في الجواب فيتضمنه فيحذف اختصارا كما يقول من خلق السموات والأرض فيقال الله أي الله خلقهما فيحذف الفعل لدلالة السؤال عليه فهذا معنى الآية الذي لا تحتمل غيره"انتهى


الشُّبْهَةُ الثَّانِيَةُ
قوله تعالى:{وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا}(المز مل:8) ونحوها من الآيات.
ووجه قوله: أن الله أمر العباد بأن يذكروا اسمه تعالى، وهذا يكون بقولهم: الله، الله...أي بالاسم المفرد.
جَوَابُهَا

قلت: وهذا غلط من أوجه:
الأول: أن خلاف عل النبي صلى الله عليه وسلم، فنحن متعبدون بمتابعة النبي صلى الله عليه وسلم فيما بينه من الأوامر الإلهية لأن فعله صلى الله عليه وسلم مبين لمجمل القرآن وموضح لمشكله.

والنبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه أن ذكر الله باسمه المفرد كما تفعله الصوفية الضالين.

الثاني: أن قوله سبحانه{واذكر اسم ربك} لا يدل على جواز الذكر بالاسم المفرد، لأنه تعالى قال:{ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} وقد أجمع المسلمون على أنه من ذبح الذبيحة وذكر الله بقوله{الله، الله} أو {بالله}، أجمعوا على أنه لم يقم بالأمر القرآني على وجهه.

قال الإمام الطبري في تفسيره([10]):" ولا خلاف بين الجميع من علماء الأمة، أن قائلا لو قال عند تذكيته بعض بهائم الأنعام "بالله"، ولم يقل "بسم الله"، أنه مخالف - بتركه قِيلَ : "بسم الله" ما سُنَّ له عند التذكية من القول.

وقد عُلم بذلك أنه لم يُرِدْ بقوله "بسم الله" "بالله" ، كما قال الزاعم أن اسمَ الله في قول الله: "بسم الله الرحمن الرحيم" هو الله. لأن ذلك لو كان كما زعم، لوجب أن يكون القائل عند تذكيته ذبيحتَه "بالله" ، قائلا ما سُنَّ له من القول على الذبيحة. وفي إجماع الجميع على أنّ قائلَ ذلك تارك ما سُنَّ له من القول على ذبيحته - إذْ لم يقل "بسم الله" - دليلٌ واضح على فساد ما ادَّعى من التأويل في قول القائل: "بسم الله"، أنه مراد به "بالله"، وأن اسم الله هو الله"انتهى

الثالث: أن يقال للمعارض: الصحابة وسلف الأمة قرأوا القرآن وفقهوا في أحكامه أم لا؟ فإن قال: نعم. فيقال: وهل عرفوا وجوب ذكر اسم الله تعالى كما في الآية أم لا؟ فإن قال نعم.

فيقال: وهل امتثلوا الأمر أم لا؟ فإم قال: نعم. فيقال: وهل كان الصحابة وسلف الأمة يذكرون الله بالاسم المفرد؟ فإن قال: نعم. قيل له: أين الروايات الصحاح الدالة على ذلك؟ ولن يجد رواية دالة على ذلك إلا الشبهات التي نكشفها في هذه العجالة.
ولله الحمد والمنة.


الشُّبْهَةُ الثَّالِثَةُ
حديث أنس مرفوعًا أن النبي صلى الله عليه سولم قال:{لا تقوم الساعة حتى لا يقال: الله الله}([11]).
جَوَابُهَا
قلت: وهذا لا دلالة فيه من عدة أوجه:
الأول: الجواب المجمل وهو أن الاسم المفرد لا يدل على معنى يحسن السكوت عليه فلا يصح ذكر الله والثناء عليه به فلا يقال: الله، الله فضلًا عن (هو، هو).

الثاني: أنه جاء في رواية{حتى لا يقال لا إله إلا الله} كما في المسند(21/332ح13833)،وقال الحافظ في الفتح(13/85):" إسناده قوي". والمستدرك(4/540ح8512) وقال:" هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".

قلت: فتعتبرت رواية" الله الله" مجملة، تبينها رواية" لا إله إلا الله" ولا يخفاك أن الذكر بلا إله إلا الله فقد روى ابن ماجة والترمذي من حديث طلحة بن خراش بن عمر عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله يقول أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله. وكذا روى أبو حاتم ابن حبان والحاكم وابن أبي الدنيا في كتابه الذكر والنسائي في عمل اليوم والليلة.

وفي الموطأ وغيره عن طلحة بن عبيد الله أن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال:{أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير}.

وفي هذه الآثار –أيضًا-أبلغ رد على من زعم أن الذكر بالاسم المفرد أفضل الذكر.

الثالث: أن اللفظ غير مراد بعينه إنما المعنى :" حتى لا يذكر الله" فاستعير له "حتى لا يقال الله الله". كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للذي استأذن عليه فقيل له من؟ فقال النبي:" أنا أنا" قيل: كأنه كرهها. فليس المقصود من قول النبي صلى الله عليه وسلم مجرد اللفظ:" أنا أنا" إنما المراد التعبير عن كرهه لجواب من قال:"أنا" إذا سئل عند الاستئذان عن نفسه.


الشُّبْهَةُ الرَّابِعَةُ
قول بلال رضي الله عنه عندما كان يعذبه المشركون:" أحد، أحد".
ووجه: أنه ذكر لله بالاسم المفرد.

جَوَابُهَا
قلت: هذا أثر صحيح، أخرجه أحمد في مسنده(6/382ح3832)قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ إِسْلَامَهُ سَبْعَةٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعَمَّارٌ وَأُمُّهُ سُمَيَّةُ وَصُهَيْبٌ وَبِلَالٌ وَالْمِقْدَادُ فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنَعَهُ اللَّهُ بِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَمَنَعَهُ اللَّهُ بِقَوْمِهِ وَأَمَّا سَائِرُهُمْ فَأَخَذَهُمْ الْمُشْرِكُونَ فَأَلْبَسُوهُمْ أَدْرَاعَ الْحَدِيدِ وَصَهَرُوهُمْ فِي الشَّمْسِ فَمَا مِنْهُمْ إِنْسَانٌ إِلَّا وَقَدْ وَاتَاهُمْ عَلَى مَا أَرَادُوا إِلَّا بِلَالٌ فَإِنَّهُ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي اللَّهِ وَهَانَ عَلَى قَوْمِهِ فَأَعْطَوْهُ الْوِلْدَانَ وَأَخَذُوا يَطُوفُونَ بِهِ شِعَابَ مَكَّةَ وَهُوَ يَقُولُ أَحَدٌ أَحَدٌْْْْ".

وبه في مصنف ابن ابي شيبة(6/396ح32333)، وابن ماجه في سننه(1/53ح 150)، والحاكم في المستدرك(3/320ح5238) قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأ أبو البختري عبد اله بن محمد بن شاكر ثنا الحسين بن علي الجعفي ثنا زائدة عن عاصم عن زر عن عبد الله، به.

وأبو نعيم الأصبهاني في الحلية(1/149) قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا أبي وعمي أبو بكر قالا ثنا ابن أبي بكير ثنا زائدة عن عاصم عن زر عن عبدالله، به.

والبيهقي في السنن الكبرى(8/209ح16674)قال:" حدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاء ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا أبو البختري عبد الله بن محمد بن شاكر ثنا الحسين بن علي الجعفي ثنا زائدة عن عاصم عن زر عن عبد الله،به.

وابن حبان في صحيحه(15/558ح7083) قال: أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن أبي بكير حدثنا زائدة عن عاصم عن زر : عن عبد الله، به.

وقال ابن أبي شيبة في مصنفه(6/396ح32334):" حدثنا جرير عن منصور عن مجاهد...ثم ساق متن ابن مسعود.
وأخرجه كذلك أبو نعيم في معرفة الصحابة من كلام مجاهد.

وقال أبو نعيم الأصبهاني في الحلية(1/147):" حدثنا حبيب بن الحسن ثنا محمد بن يحيى ثنا أحمد بن محمد بن أيوب ثنا ابراهيم بن سعد عن محمد بن اسحاق قال حدثني هشام بن عروة بن الزبير عن أبيه قال كان ورقة بن نوفل يمر ببلال وهو يعذب وهو يقول أحد أحد فيقول أحد أحد الله يا بلال....ثم ساق قصة أبي بكر معه.

ورواه مختصرًا البيهقي في الشعب(2/239ح1629) بإسناده إلى عروة.

قلت: ولا حجة فيه لأن بلالًا لم يكن حال قوله(أحد أحد) ذاكرًا لله إنما كان مجيبًا لهم، فإنهم كانوا يدعونه إلى الإشراك بالله فيجيبهم (أحد أحد) أي الله أحد أحد كما في رواية عروة. وهذا ذكر بفعله لا بقوله، وتعبد بحاله لا بمقاله. وإن كان ما ذهبوا إليه من استدلال على ذلك صحيحًا فإنه لا ينهض بمعارضة الأصل المستقر من عدم جواز ذكر الله بالاسم المفرد لأنه لا يفيد كلامًا تامًا يحسن السكوت عليه فيثنى به على الله تعالى، هذا لا يجدون سبيلًا عت التملص منه.

وإن سلمنا لهم بذلك فلن يجدوا سبيلًا إلى الاستدلال على مشروعية ذكره سبحانه بالمضمر(هو، هو) فضلًا عن (أه، أه).

هذا كله فضلًا عن أن يكون الذكر بهذه الأسماء والمضمرات المفردة أفضل من الذكر بلا إله إلا الله، أو أن يكون الذكر بكلمة التوحيد هو ذكر العامة، والذكر بهذه الضمائر ذكر الخاصة!

والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا ومولانا محمد.

(تَمَّتْ)

[1] - تفسير الطبري(11/528).

[2] - تفسير ابن كثير(3/301).

[3] - تفسير القرطبي(7/38).

[4] - تفسير البغوي(3/167).

[5] - الإتقان للسيوطي(2/468).

[6] - شرح قطر الندى:ص44، طبعة محمد محيي الدين عبد الحميد.

[7] - رسالة العبودية ص 117 ، 118.

[8] - مجموع الفتاوى(10/556).

[9] - طريق الهجرتين:ص498 – 499.

[10] - تفسير الطبري(1/118).

[11] - صحيح مسلم (1/91) ، سننن الترمذي(3/224)، مستدرك الحاكم(4/494،495)، ومسند أحمد(3/107،259،268)، مستخرج أبي عوانة(218،219).