بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
مرت هذه الأمة بأحوال عجيبة وتقلبات سياسية وعلمية وعقدية واقتصادية ، وقد أخبر النبي أن خير أمته قرنه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم وذلك الخير إنما حصل بسبب التمسك بهذا الدين ونشر السنة وقمع البدعة وكثرة العبادة وطلب العلم والجهاد في سبيل الله والقرب من عصر النبوة .
وقد توقفت عند كلام للذهبي _ رحمه الله _ وهو يتحدث عن طبقة من الطبقات التي ذكرها في كتابه تذكرة الحفاظ فأعجبني وصفه لتلك الطبقة وما جمع الله لهم من خير الدنيا والآخرة من العلم والعبادة والجهاد واتباع السنة والأمن وسعة العيش وعز دولة الإسلام وقوتها .
قال رحمه الله في نهاية الطبقة الخامسة ( 1 / 244 ) :
( وفي زمان هذه الطبقة :
كان الإسلام وأهله في عز تام ، وعلم غزير ، واعلام الجهاد منثورة ، والسنن مشهورة ، والبدع مكبوتة ، والقوالون بالحق كثير ، والعباد متوافرون ، والناس في بلهنية من العيش بالامن ، وكثرة الجيوش المحمدية من أقصى المغرب وجزيرة الأندلس والى قريب مملكة الخطا وبعض الهند والى الحبشة ، وخلفاء هذا الزمان أبو جعفر المنصور وأين مثل أبي جعفر على ظلم فيه في شجاعته وحزمه وكمال عقله وفهمه وعلمه ومشاركته في الأدب ووفور هيبته ؟ ، ثم ابنه المهدي في سخائه وكثرة محاسنه وتتبعه لاستئصال الزنادقة ، وولده الرشيد هارون في جهاده وحجه وعظمة سلطانه على لعب ولهو ولكن كان معظما لحرمات الدين قوي المشاركة في العلم نبيل الرأي محبا للسنن ، وكان في هذا الوقت من الصالحين مثل : إبراهيم بن أدهم ، وداود الطائي ، وسفيان الثوري ، ومن النحاة مثل : عيس بن عمر ، والخليل بن أحمد ، وحماد بن سلمة وعدة ، ومن القراء كحمزة بن حبيب ، وأبي عمرو بن العلاء ، ونافع بن أبي نعيم ، وشبل بن عباد ، وسلام الطويل شيخ يعقوب ، ومن الشعراء عدد كثير كمروان بن أبي حفصة وبشار بن برد ، ومن الفقهاء كأبي حنيفة ومالك والأوزاعي الذين مروا وانما اقتصرت على إيراد هؤلاء النيف والسبعين إمام طلباً للتخفيف والله أعلم )