تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 6 من 9 الأولىالأولى 123456789 الأخيرةالأخيرة
النتائج 101 إلى 120 من 162

الموضوع: * القطف الداني من كتاب : ( الأدب المفرد ) لشيخنا الألباني..

  1. #101
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    1,782

    افتراضي رد: * القطف الداني من كتاب : ( الأدب المفرد ) لشيخنا الألباني..

    من هنا ننتهي إلى مسألة خطيرة جداً وهي ما وقع في كثير من البلدان الإسلامية اليوم

    مثل مصر وسوريا وفي طريق هذا الوقوع السعودية : حيث أنهم ألزموا القضاة والحكام

    في مصر وسوريا بأن يقضوا ويُفتوا بناءً على مذهب معين إما على المجلة سابقا

    وإما على القوانين التي وُضعت حديثاً بشيء من التعديل لأحكام المجلة سابقا هذا بالنسبة للقضاة.

    فقد ألزموا القضاة والحُكام بأن يقضوا بغير ما أنزل الله فهو إلزام بما لا يلزم

    بل هذا أمرٌ بنقيض ما جاء في هذا الحديث : فإن المفتي إذا استفتى ولم يرجع إلى الكتاب والسُنة

    لايرجع إلى مذهبه الذي يُتابع فيه إمامه الذي قال:لايحل له أن يُفتي حتى يعرف دليله .

    فإذن المصيبة اليوم هي أن الفتوى اليوم مفروضة أن يفتي من كتاب ليس هو الكتاب والسُنة.

    والقضاة يجب عليهم أن يفتوا من القوانين وليس كل القوانين شرعية محضة كما كان الأمر

    في زمن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم -حيث كلها استنبطت أو جلها من المذهب الحنفي .

    فأصبح اليوم فيها قوانين وضعية لم تنزل من السماء وإنما انبعثت من الأرض

    فطلبت وفرضت هذه الأحكام على القضاة المسلمين ليقضوا بها بين المسلمين هذه مصيبة

    حلت في البلاد السورية والمصرية وربما في بلاد أخرى لا نعرف حقيقة الأمر فيها.

    والآن فيه دعاة في السعودية يدعون إلى تقديم الحكام أي إلى الاقتداء بالدولة السورية

    والدولة المصرية و فرض أراء وأحكام معينة على القضاه الذين يحكمون الناس بالكتاب والسُنة.

    هذه مصيبة جديدة ونرجو الله - عزوجل - ألا يتحقق في تلك البلاد.

    ولكن يجب على كل مسلم أن يعرف هذه الحقيقة وهي أنه لا يجوز الإفتاء إلا من كتاب الله

    وحديث رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم - كما لايجوز القضاء إلا استنباطا من كتاب الله

    وحديث رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم - ففي هذا الحديث إذن تنبيه لأمور تتعلق بما نحن فيه

    وتتعلق بالأمة التي تنصب دستوراً وقضاة يحكمون بغير ما أنزل الله

    ويتناسى هؤلاء جميعاً الوعيد الشديد المذكور في ثلاث آيات من القرآن الكريم:

    1- {ومَنْ لم يَحْكُم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}.

    2- {ومَنْ لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون}.

    3 - {ومَنْ لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون}.

    فهذه آيات صريحة بالحكم بالكفر على مَنْ لم يحكم بما أنزل الله.

    ولكن هنا كلمة أخيرة :

    أن الحكم بغير ما أنزل الله منه حُكم يُرادف الردة ومنه حُكم لا يلزم منه الردة على التفصيل

    الذي ذكِر على الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.

    أيضاً لابد من استحضاره في تفصيل هذه الآيات الثلاثة {ومَنْ لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}.

    قال ابن عباس:"كفر دون كفر"أي أن الكفر نوعان:

    كفر اعتقادى قلبي ... وكفر عملي.

    وهذا ما يجهله كثير من المسلمين اليوم وخاصة منهم الشباب الناشئ

    فإنهم يتوهمون أن كل مَنْ لم يحكم بما أنزل الله فهو مرتد عن دينه وليس كذلك

    بل يجب أن ينظر إلى الحاكم الذى يحكم بغير ما أنزل الله :

    - فإن كان يحكم بغير ما أنزل الله مُستحِلاً له بقلبه مُؤثِراً له على حُكم الله وحكم نبيه فهذا هو الذي يرتد به عن دينه

    -أما إذا كان في قرارة قلبه يعتقد بأن الحكم بما أنزل الله هو الصواب والواجب لكن لا معين على ذلك فله عذر وليس له عذر مقبول ، ولكن له عذر واعتذاره بهذا العذر يدل على أنه يؤمن بحكم الله و بحكم رسوله أنه هو الصواب ولكنه انحرف عن هذا الحكم كما ينحرف كثير من الناس الذين يظنون خيراً.

    الحاكم المسلم الذي يحكم بكتاب الله وبحديث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -

    ليس معصوماً فقد يضل في حكمٍ ما أو ينسى مثلاً فيحكم بغير ما أنزل الله فهذا ينطبق عليه قوله تعالى {فأولئك هم الكافرون} ولكن بأى معنى أولئك هم الكافرون؟ ردة أم كفر معصية ؟


    ننظر حينما ارتشى وحَكَمَ للراشي بما ليس له فإن كان يعتقد في قرارة نفسه أنه إثم

    كما يعتقد الزاني والسارق والغاش..إلخ فهو آثم وليس بكافر وهذا معنى كفر دون كفر.

    وإن كان يقول كما يقول كثير من الشباب الذي تثقف الثقافة الأجنبية ولمَّا يدخُلِ الإيمان في قلبه يقول:

    بلا إسلام بلا إيمان بلاد رجعية بلاد كذا..إلخ ، فهذا إنسان وضع على رأسه إشارة بالكفر فهو إلى جهنم وبئس المصير.

    فإذن يجب أن نعرف أن الواجب على المسلم أن يحكم بما أنزل الله وبما فسره وبيَّنه

    رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- سواء كان ماشيا في الشارع وواحد سأله فلا يقول له :

    حرام أو حلال إلا إن كان درس في كتاب الله أنه حرام أو حلال .

    كذلك الحاكم المفتي الرسمي الموظف أولى وأولى ألا يفتي للناس بدون رشدٍ وبدون بيِّنة أو حُجة

    والقضاء أولى وأولى ألا يحكم القضاة في قضاتهم إلا بما جاء في كتاب الله وما جاء في سُنة رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم -

    ولخطورة القضاء على الكتاب والسُنة قال-عليه الصلاة والسلام الحديث الصحيح:

    " القضاة ثلاثة؛فقاضٍ فى الجنة وقاضيان في النار,قاضٍ عرف الحق فقضى به فهو في الجنة وقاض عرف الحق فلم يقض به فهو في النار وقاض لم يعرف الحق فقضى به فهو في النار"

    لأنه قضى بجهل.

    إذن يجب القضاء بالكتاب والسُنة فإذا قضى بالكتاب والسُنة فهو ناجٍ وإذا قضى بخلاف

    ماجاء في الكتاب والسُنة فهو آثم وكذلك فهو آثم إذا قضى بجهل بالكتاب والسُنة.

    ما هو بجهل ألا يعرف المذهب الحنفي أوالشافعي لأن ذلك ليس هو العلم لذلك

    قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -وبكلامه أختم درسنا هذا :

    العِلمُ قالَ اللهُ قالَ رسوله ** قال الصحابةُ ليس بالتمويهِ

    ما العِلمُ نَصْبُكَ للخِلافِ سفاهة ** بَيْنَ الرسولِ وبين رأي فقيه

    كلا ولاجحدُ الصفاتِ ونفيُها ** حَذرَا من التعطيل والتشبيهِ


    والحمد لله رب العالمين ..


    انتهى الشريط الرابع عشر .


    يتبـــــع .

  2. #102
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    1,782

    افتراضي رد: * القطف الداني من كتاب : ( الأدب المفرد ) لشيخنا الألباني..

    الشريط الخامس عشر


    باب : التحاب بين الناس



    * عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال:
    " والذي نفسي بيده لاتدخلوا الجنة حتى تسلموا ولاتسلموا حتى تحابوا وأفشوا السلام تحابوا وإياكم والبُغضة فإنها هي الحالقة. لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين" .

    لابد أن تكون التربية على الكتاب والسُنة لأن الكتاب والسُنة هما المصدران الوحيدان

    الذان يجب الرجوع إليهما حينما نجد الناس مختلفين مُتضاربين متنازعين.

    ولأن الرجوع للكتاب والسُنة يجعل الواقف عليهما مندفع للعمل بما فيهما أكثر مما لو أُخذ الحُكم

    من الكتب التي لم يدر مؤلفوها على دعم أقوالهم وأفعالهم بالكتاب والسُنة.

    فقد رأيتُ آنفاً بنتاً صغيرة وهي تشرب تُخالف السُنة في أمرين اثنين

    ونحن طبعاً لا نُريد ان نعتب عليها لأنها بعد لم تدخل في طور التكليف

    لكن التكليف لابد أن يكون للوالدين لأنه كما يُقال و يروي حديثاً وليس بحديث صحيح

    وإنما هي حكمة : "العلم في الصِغر كالنقش في الحجر"

    فنحن إذا عنينا بتربية أولادنا ذكوراً وإناثاً على الكتاب والسُنة نشأ هذا الولد المربى صغيراً

    على الكتاب والسنة ، لأن في الحديث الصحيح: "المرءُ يشيب على ما شَبَّ عليه"

    فمَنْ شَبَّ على الصلاح والتقوى شابَ شيخاً على الصلاح والتقوى والعكس بالعكس.

    هذه سُنة الله - تبارك وتعالى - في أرضه ولن تجد لسُنةِ الله تبديلا.

    و لذلك يجب أن نغتنم فرصة وجودنا في هذه الحياة الدنيا ونقوم بحسن توجيههم منذ نعومة أظفارهم.

    ولذلك قال-عليه الصلاة والسلام-في الحديث المشهور:"مُروا أولادَكم بالصلاةِ وهم أبناءُ سبعٍ واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع".

    هذا الحديث إنما خصَّ فيه الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم - الصلاة من بين سائر الفرائض

    والأحكام والآداب لأهمية الصلاة في الإسلام. فليس يعنى الحديث أن ولي الأمر لا يؤمر

    إلا بأن يأمرالولد فقط بالصلاة وإنما هذا عنوان أمر ولي الأمر أن يأمره بالصلاة للدلالة

    والاشعار بوجوب الاهتمام بالأركان والواجبات الأخرى ؛ فذِكر الصلاة في هذا الحديث

    ليس من باب الحصر والقيد وإنما هو من باب التمثيل عما ينبغي على الولي أن يأمر ولده من العبادات.

    ومن هنا نفهم لأننا إذا خرجنا نُنفذ أمر الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم - :
    "مُروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع" ليس معناه أن نأمر الأولاد وهم أولاد أن يصلوا

    بدون طهارة مثلا وليس معنى هذا أن نأمر أولادنا أن يصلوا غير مستوري العورة ؛

    لأن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم - حينما أمر بالصلاة إنما يعني الصلاة الشرعية

    وإنما يعني الصلاة بأركانها وشروطها ؛ فإذن الأمر بالصلاة يستلزم أموراً أخرى :

    يستلزم أن نأمر أولادنا بالتطهر للصلاة في البدن وفي المكان وفي الثياب...

    كل هذا وهذا مما يجب علينا أن نربي أطفالنا في صغرهم حتى ينشأوا كباراً وهم طائعون لله -عزوجل-.

    وكذلك ليس معنى هذا الأمر أنه يأمر -عليه الصلاة والسلام - أن نأمر أولادنا بالصلاة وما يتعلق بها فقط

    بل إنما ذلك إشارة إلى أنه ينبغي علينا أن نُربي أولادنا على الشرع الإسلامى الثابت في الكتاب والسُنة

    من ذلك مثلا - وهذا هو بيت القصيد من هذه المقدمة - أنني شاهدتُ آنفاً فتاة صغيرة تشرب

    وتُخالف حُكمين اثنين في الإسلام: تشرب وهي قائمة وتشرب بيدها اليسرى.

    فأنا أخذتُ من هذا أن القائمين على تربية هذه الطفلة لم يعنوا بتربيتها منذ صغرها على الشرع.

    ويمكن أن نذكر بهذه المناسبة أنه يجب أن نربي فتياتنا صغارا على الحجاب الشرعي لا على التبرج

    ولا على الألبسة القصيرة والشفافة ونحو ذلك لأنها إذا كبرت على هذه الألبسة المخالفة للشريعة

    فحينما تبلغ مبلغ التكليف و يتنبه ولي الأمر لأمرها فلا تستجيب هذه الفتاة لهذه الأوامر ؛

    لأنها لم تكن قد رُبيت على ذلك منذ صغرها.

    ولا أريد الإطالة في ذلك إنما أردتُ التذكير بالآداب الواجب مراعاتها حينما يأتي أمر

    لا يلقي الناس عادة إليه بالا ألا وهو الشرب :

    فيأتي أحدنا يشرب فلا فرق عنده أشَرِبَ بيمينه أم بشماله أيشرب قاعداً أم قائماً لا فرق عنده !!

    مع أن في كلٍ من الشرب قائماً والشرب باليد اليسرى فيه أحاديث تنهى عن ذلك ؛

    فيجب أن نعلم هذه الأحاديث حتى نتأثر نحن كأولياء الأولاد أولاً بذلك لنربي أولادنا على ذلك.

    فالرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- نهى وفي رواية زجر عن الشرب قائما

    وفي حديث آخر أنه -عليه الصلاة والسلام - رأى رجلا يشرب قائماً فقال له:"يا فلان أترضى أن يشرب معك الهر؟ قال:لا يارسول الله قال:فقد شرب معك مَنْ هو شرٌ منه الشيطان ثم قال له أو لغيره:قئ قئ"

    أمر من القئ أى أفرغ الماء الذى شربته وأنت قائم.

    وكل ذى عقلٍ ولبٍ وفقهٍ يعلم أن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم - ما كان ليأمر

    هذا الذي شرب قائماً أن يستفرغ ذلك الماء لولا أن هذا الشرب معصية لله -عزوجل-

    وإلا فلو كان الشرب قائماً كما يزعم كثيرون من الشيوخ فضلا عن غيرهم أنه مكروه تنزيهاً فقط

    فلوكان مكروها فقط ما كان لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-أن يأمر هذا الشارب قائما

    أن يجهد نفسه بل وقد يعرضها لشيء من الإزعاج الشديد الذي يُثمر بعد ذلك شيئاً من الاضطراب

    في صحته فأمْره -صلى الله عليه وآله وسلم- للشارب قائما بالاستقياء واستفراغ ما دخل جوفه

    من الماء لأكبر دليل على أن الشرب قائماً معصية.

    لذلك يجب نحن كأولياءأن ننتهي عن الشرب قياما إلا لضرورة وعذر.

    هذا بحثٌ ثان ومعنى هذا أن نتمرن دائماً وأبداً حينما نكون في الأوضاع الطبيعية

    أننا إذا أخذنا الكأس ونحن قيام نجلس نشرب قاعدين خشية أن نُخالف رسول الله

    - صلى الله عليه وآله وسلم- في نهيه إيانا أن نشرب قياماً.


    أما المسألة الأخرى:وهي الأخذ باليمين والإعطاء باليمين والأكل باليمين والشرب باليمين

    فهذا واجب وعلى نقيض ذلك فهذا لا يجوز : أن تأكل بالشمال وأن تشرب بالشمال وأن تُعطي

    بالشمال وأن تأخذ بالشمال .

    وهذه قضايا كلها لايكاد أكثر المسلمين اليوم مع الأسف ينتبهون لها.

    وأنا في صورة خاصة لي عناية خاصة بهذه القضية فلا أكاد أمُر في مكان مثلا من مطاعم

    أو بياع فلافل أو نحو ذلك إلا وأتفصد إلى هؤلاء كيف يأكلون إما أنهم يأكلون قياماً

    فهذا أيضا مما لا يلقون إليه بالا ، بل أصبحت الموضة اليوم في الدعوات الخاصة أن يأكلوا

    من قيام ، ثم ألاحظ أن أكثرهم يأكلون باليد اليسرى وهذا مما يُشعرنا نحن بصفتنا مسلمين

    أن الشيطان قد استحوذ على جماهير الناس فهو يحملهم على مخالفة الله ورسوله.

    فهذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين رجالا ونساءً.

    وأختصر ذلك فأقول:

    أولا:يجب أن نُربي أولادنا ذكوراً وإناثاً على الكتاب والسُنة.

    ثاني ذلك:أن تعْلم هذا الحُكم وأنه لا يجوز الشرب قائما ولا يجوز الشرب باليد اليسرى هاتان معصيتان اثنتان.


    فيجب على المسلم الأكل والشرب جالساً وباليمين.

    هذا ما أردتُ التذكير به لعل الله ينفع به الحاضرات ...




    يتبـع .

  3. #103
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    المشاركات
    970

    افتراضي رد: * القطف الداني من كتاب : ( الأدب المفرد ) لشيخنا الألباني..

    بارك الله فيكم

    حمل ما تشاء من الكتب

    http://www.maktaba-virtu.blogspot.com

  4. #104
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    1,782

    افتراضي رد: * القطف الداني من كتاب : ( الأدب المفرد ) لشيخنا الألباني..

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عادل ديدو مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيكم
    وفيكم بارك الله .

  5. #105
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    1,782

    افتراضي رد: * القطف الداني من كتاب : ( الأدب المفرد ) لشيخنا الألباني..

    ثم قال -عليه الصلاة والسلام- مبيناً أثر البُغض إذا حَلَّ في قلب مؤمن على أخيه

    المؤمن قد يكون ضرره بالغاً في قلب هذا الذي يبغض هذا الأخ المسلم فيُحذر-

    عليه الصلاة والسلام-أشد التحذير فيقول: "وإياكم والبُغضة"

    أي التباغض.كما جاء في حديث الصحيحين:

    "ولا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تضاغنوا وكونوا عباد الله إخواناً".

    فإذا تباغض المسسلمون بعضهم مع بعض كان ذلك حالقاً أي مُستأصلاً لا يبقى للدين أثر في نفوسهم

    لذلك الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول:"إياكم والبُغضة فإنها الحالقة المستأصلة لا أقول لكم تحلق الشعر ولكن تحلق الدين" والعياذ بالله.

    إذن هذا الحديث أمر بشيء ونهى عن نقيضه:

    - أمر بتحابب المسلمين بعضهم على بعض مع التذكير بسبب من أهم أسباب تأصيل هذه المحبة في نفوسهم وهي إفشاء السلام.

    - الشيء الآخر هو نهي عن ضد المحبة وهو بُغض المسلمين بعضهم مع بعض وأن هذا التباغض سبب شرعي في استئصال أثر الدين من نفوس هؤلاء المتباغضين غير المتحابين.


    "وإن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد".



    يتبـــــــــــع .

  6. #106
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    1,782

    افتراضي رد: * القطف الداني من كتاب : ( الأدب المفرد ) لشيخنا الألباني..

    بــــــــــاب الألفــــــــــ ــة


    *روى المصنف أثرا صحيحاً عن ابن عباس قال:
    "النِعَم تُكْفَر والرَّحِم تُقطع ولم تر مثل تقارب القلوب".


    هذا حديث موقوف ، أي أنه من كلام ابن عباس وليس من كلام الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-.

    يتحدث ابن عباس في هذا الحديث الموقوف عن أمر واقع بين الناس إلا مَنْ عصم الله وقليل مَا هم.

    فيقول: ( النعم تُكفر ) :

    يعني بدل أن يَشكر خالقها والمنعم بها على عباده فهؤلاء العباد إلا قليلا منهم

    كما ذكرنا يكفرون نعمة الله عليهم ولا يشكرونها ، فكأن ابن عباس يقول :

    إن هذا لا ينبغي أن يصدر من مسلم فلا يكون ممن يكفرون نعمة الله -عزوجل- وإنما هم يقومون بشكره - تبارك وتعالى -.



    فكذلك يقول: والرحم تُقطع :

    أي فلا يحق للمسلم أن يكون من هؤلاء الذين ينكرون نعمة الله عليهم أو يقومون بقطع الحم

    لما سبق معنا في درس مضى من قوله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "لايدخل الجنة قاطع رحم"

    فقطع الرحم من الذنوب الكبائر التي جعلها الله -عزوجل- سببا لوصل مَنْ وصل الرحم

    وقطع مَنْ قطع الرحم ولم يصلها كان من عقابه أن يُحَرِّم الله عليه دخول الجنة :

    - إما دخولاً مطلقاً وذلك إذا استحل هذه المعصية بقلبه,

    - وإما دخولاً مع السابقين الأولين فيحرم ذلك عليه حتى يدخل النار ويتطهر من أوزار هذه المعصية الكبيرة ألا وهي قطع الرحم.

    بعد ذلك إن كان في نفسه أثر من شهادة الله بالوحدانية ولنبيه بالرسالة هذه الشهادة تُنجيه

    من الدخول "الخلود" في النار ، ولكن بعد العذاب الأليم الشديد.

    فإذا كانت النعم تُكفر والرحم تقطع فابن عباس يوجه المسلمين وينبهم ألا يكونوا من هؤلاء

    الناس الذين يكفرون بالنعم ويقطعون الأرحام ثم يقول: ولم نر مثل تقارب القلوب :


    أي لم نر في المودة والمحبة أن يتعارض الناس بعضهم مع بعض في قلوبهم

    ولا يتبغاضون فيكون نتيجة ذلك أن يتفرقوا وأن تذهب ريحهم كما هو في صريح القرآن الكريم.


    يتبــــــــــع .

  7. #107
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    1,782

    افتراضي رد: * القطف الداني من كتاب : ( الأدب المفرد ) لشيخنا الألباني..

    بـــــــــــاب المـــــــــــز اح


    سنجد مما في أحاديث هذا الباب التي سيوردها المصنف - إن شاء الله - إلى أن المزاح

    لامانع منه شرعاً بشرط أن يكون مزاحاً شرعياً وهو ألا يكون إلا حقاً.

    المزاح إذا كان حقاً فهو مشروع أما إذا كان مُتضمناً إيذاءً أو ضرراً لمسلم فهو منهي عنه.

    وقد مضى في حديث سبق قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : "لايأخذ أحدكم عصا أخيه مازحاً"

    لأن في ذلك إدخال الخوف في قلب المسلم هذا وفيه إيذاءٌ لايخفى.

    أما المزح في قول كلمة الحق فلا بأس من ذلك .

    ثم هو الآن يسرد بعض الأحاديث الواردة في ذلك :

    * عن أنس بن مالك قال:( أتى النبي-صلى الله عليه وآله وسلم- على بعض نسائه ومعهن أم سليم فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم-:"يا أنْجشة ! رويداً سَوقك بالقوارير").(حديث صحيح)

    أنشجة :-
    هو حادي لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يحدو على الإبل.

    والحدو:-
    هو غناء الأعراب أي غناء فطري أشبه بالمواويل أو نحو ذلك مما يرتجله الإنسان ارتجالاً

    دون استماع وكسب ، وهذا الغناء خاص بالإبل ، وللإبل عادة غريبة وهي أنها إذا أصابها

    التعب والكلل والملل من طول السير تباطأ سيرها, فإذا ما حدى الحادي بها أسرعت السير.



    انتهى الشريط الخامس عشر .

    يتبــــــــــــ ـــع .

    بــــــــــاب الألفــــــــــ ــة


    *روى المصنف أثرا صحيحاً عن ابن عباس قال:
    "النِعَم تُكْفَر والرَّحِم تُقطع ولم تر مثل تقارب القلوب".


    هذا حديث موقوف ، أي أنه من كلام ابن عباس وليس من كلام الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-.

    يتحدث ابن عباس في هذا الحديث الموقوف عن أمر واقع بين الناس إلا مَنْ عصم الله وقليل مَا هم.

    فيقول: ( النعم تُكفر ) :

    يعني بدل أن يَشكر خالقها والمنعم بها على عباده فهؤلاء العباد إلا قليلا منهم

    كما ذكرنا يكفرون نعمة الله عليهم ولا يشكرونها ، فكأن ابن عباس يقول :

    إن هذا لا ينبغي أن يصدر من مسلم فلا يكون ممن يكفرون نعمة الله -عزوجل- وإنما هم يقومون بشكره - تبارك وتعالى -.



    فكذلك يقول: والرحم تُقطع :

    أي فلا يحق للمسلم أن يكون من هؤلاء الذين ينكرون نعمة الله عليهم أو يقومون بقطع الحم

    لما سبق معنا في درس مضى من قوله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "لايدخل الجنة قاطع رحم"

    فقطع الرحم من الذنوب الكبائر التي جعلها الله -عزوجل- سببا لوصل مَنْ وصل الرحم

    وقطع مَنْ قطع الرحم ولم يصلها كان من عقابه أن يُحَرِّم الله عليه دخول الجنة :

    - إما دخولاً مطلقاً وذلك إذا استحل هذه المعصية بقلبه,

    - وإما دخولاً مع السابقين الأولين فيحرم ذلك عليه حتى يدخل النار ويتطهر من أوزار هذه المعصية الكبيرة ألا وهي قطع الرحم.

    بعد ذلك إن كان في نفسه أثر من شهادة الله بالوحدانية ولنبيه بالرسالة هذه الشهادة تُنجيه

    من الدخول "الخلود" في النار ، ولكن بعد العذاب الأليم الشديد.

    فإذا كانت النعم تُكفر والرحم تقطع فابن عباس يوجه المسلمين وينبهم ألا يكونوا من هؤلاء

    الناس الذين يكفرون بالنعم ويقطعون الأرحام ثم يقول: ولم نر مثل تقارب القلوب :


    أي لم نر في المودة والمحبة أن يتعارض الناس بعضهم مع بعض في قلوبهم

    ولا يتبغاضون فيكون نتيجة ذلك أن يتفرقوا وأن تذهب ريحهم كما هو في صريح القرآن الكريم.


    يتبــــــــــع .

  8. #108
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    1,782

    افتراضي رد: * القطف الداني من كتاب : ( الأدب المفرد ) لشيخنا الألباني..

    سقط من مجموعة الأشرطة الشريط السادس عشر .

  9. #109
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    1,782

    افتراضي رد: * القطف الداني من كتاب : ( الأدب المفرد ) لشيخنا الألباني..

    الشريط السابع عشر


    باب حُسن الخُلق إذا فَقهوا



    * عن أبي هريرة قال: ( قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: "إن الرَجُلَ ليُدرك بحُسن خُلقه درجة الرجل القائم")

    هذا الحديث صحيح وصريح في أنه إذا تخلق المسلم بالخلق الحسن يوصله لمرتبة و درجة الرجل

    القائم بالليل و في بعض الأحاديث الأخرى زاد في بعض طرقه الصحيحة : "والصائم بالنهار".

    فهذا نص صريح إذا حسن المسلم خلقه وصل إلى مرتبة المتعبدين ولو كان ليس في عبادته

    في مرتبة أولئك المتعبدين : أي أن المسلم المحافظ على الفرائض والمبتعد عن المحرمات إذا حَسُنت

    معاملاته وأخلاقه مع أهله, مع أولاده, مع جيرانه,مع كل مَنْ يُخالطه من الناس و صل بحسن خلقه

    إلى مرتبة ذلك العابد بالليل والصائم بالنهار.

    فلا شيء أفضل من أن يُحسن المسلم خلقه والمرأة المسلمة خلقها فينال بذلك درجة العابدين

    القائمين في الليل الصائمين في النهار.

    ولكن كما نقول في تعليقنا على الباب يُشترط فيه أن يكون مثقف في دينه ، وهذا الشرط الذي وضعه

    المصنف في قوله:"باب حُسن الخُلق إذا فقهوا" إنما أخذه من الحديث التالي وهو أيضاً صحيح.

    * عن أبي هريرة قال: سمعتُ أبا القاسم يقول : "خيركم إسلاما أحاسنكم أخلاقاً إذا فقهوا"

    من هنا جاء هذا الشرط

    خيركم إسلاما أحاسنكم أخلاقاً مطلقاً ولو كان جاهلاً لا يعرف عن الإسلام شيئاً ؟

    الجواب:لا,إذا فقهوا أي إذا عرفوا أحكام الشريعة التي تلزمهم من الفرائض والمحرمات

    والواجبات حتى يقوم بدينه على بصيرة منه كما قال تعالى: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومَنْ اتبعني}

    الرسول في هذا الحديث دلَّ على أن فضيلة حسن الخلق الذي جاء في الحديث الأول وهو أن له

    درجة القائم بالليل والصائم بالنهار إنما هو بشرط أن يكون متفقها في الدين.

    إذن في الحديث الثاني حض لكل مسلم على وجوب التفقه في الدين وألا يعيش في إسلامه جاهلاً

    لا يعرف ما يجب عليه وما يحكم عليه ، وبيت القصيد من هذين الحديثين اللذين أوردهما

    المصنف في هذا الباب إنما هو حض المسلمين رجالا ونساءً على أن يُحسنوا اخلاقهم:

    الرجل مع زوجته, الزوجة مع زوجها ,الوالد مع ولده , والوالدة مع ولدها وهكذا الجار مع جاره

    والتاجر مع زبائنه كل هؤلاء وهؤلاء في هذه الأحاديث حض لهم على أن يُحسنوا أخلاقهم

    وتحسينهم لأخلاقهم يستلزم أن يُحسنوا معاملاتهم مع بعض.

    فمَنْ كان خيرهم خُلقاً كان أفضلهم عند الله-تبارك وتعالى- وأعلاهم منزلة لقوله
    - صلى الله عليه وآله وسلم -: "إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة القائم"أو"درجة قائم الليل وصائم النهار".

    ولإن كان ذلك فليس المقصود قصر تلك الفضيلة على الرجال لِما علمنا مراراً وتكراراً من دروس

    مضت قوله - عليه الصلاة والسلام - "النساء شقائق الرجال" وفي رواية"إنما النساء شقائق الرجال"

    أي كل حُكم ترتب على الرجال ؛ يترتب مثله على النساء, فما حُرِّمَ على النساء حُرِّمَ على الرجال.

    كل ما شرع للرجال شرع للنساء وهكذا في كل أحكام الشريعة إنما النساء شقائق الرجال

    إلا ما استُثنِىَ من أحكام / فالأحكام المُستثناه هي قليلة جداً وكلنا يعلم ذلك من الرجال والنساء.

    فحينما يأتي هذا الحديث فيقول:"إن الرجلَ ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل وصائم النهار"

    فينبغي أن نستشعر الحديث السابق هنا "إنما النساء شقائق الرجال" فنعلم حينذاك أن المرأة أيضاً

    إذا أحسنت خُلقها سبقت المتعبدة القائمة في الليل والصائمة في النهار لحُسن خلقها ومعاملاتها

    لمن يُعاملها ، ذلك بالطبع إذا كانت تلك المتعبدة سيئة الخلق والواقع - مع الأسف الشديد -

    أننا نجد كثير من الرجال و كثير من النساء ممن إذا ترجم ؛ ترجمَ بأنه رجل مسلم ورجل صالح

    ولكنه إذا ابتلي بأمر يكشف عن خلقه فسرعان ما يظهر للناس سوء خلقه و حينذاك يكون ذلك

    الرجل الذي يقتصر على الإتيان بما فرض الله - تبارك وتعالى - عليه من الأحكام والابتعاد عما

    حرم الله عليه مع حُسن خلقه يتميز عن هذا الذي يُشهد له أنه صالح قائم الليل وصائم النهار

    ولكن سيء الخلق مع الناس.

    ومن هنا مبلغ أهمية حسن الخلق في الإسلام ؛ فعلينا أن نتعظ بهذا الحديث رجالاً ونساءً

    وأن يُحسّن كلٌ منا خلقه مع الآخر لاسيما الزوج مع الزوجة والزوجة مع زوجها لوثيق الرباط

    الذي ربط الله - تبارك وتعالى - بينهما.

    وقد كنا ذكرنا أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم -قال بخصوص المرأة:"إنَّ المرأة إذا صلت خمسها وأطاعت زوجها وأحصنت فرجها دخلت جنة ربها من أي أبواب الجنة شاءت".

    فهذا أيضا مما يُبين جانب من جوانب حسن الخلق ألا وهو تحسين الزوجة خلقها مع زوجها .


    يتبــــــــــع .

  10. #110
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    1,782

    افتراضي رد: * القطف الداني من كتاب : ( الأدب المفرد ) لشيخنا الألباني..

    ** الحديث الثالث :

    وهو حديث موقوف يعني لم يُذكر فيه الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - لكن فيه بيان

    ويقف لأحد الرجالات المسلمين الأولين من الصحابة المقربين ألا وهو زيد بن ثابت- رضي الله عنه -

    *عن زيد بن عبيد قال:" ما رأيتُ أحداً أجلَّ إذا جلس مع القوم ولا أفكه في بيته من زيد بن ثابت"

    زيد بن ثابت معروف أنه من كبار الصحابة بل هو الرجل الذي كلفه أبو بكر الصديق

    وعمر بن الخطاب حينما اتفقا على أن يجمعوا القرآن الكريم من الصحف و من الرقاع

    ومن صدور الرجال فلم يجدوا من بين ألوف الصحابة مَنْ هو أليق وأحرى أن يُكلف بالقيام

    بهذا الجمع للقرآن من بطون الرقاع والعظام و صدور الرجال لم يجدوا أليق بهذا العمل

    الهام أن يقوم به مثل زيد بن ثابت -رضى الله عنه -.

    أما الواسطة وهو زيد بن عبيد هذا الرجل الفاضل روى فضيلتين قلما تجتمعان في الرجل الصالح :

    فهو يقول : إنه رأى زيداً بن ثابت إذا جلس في القوم جل قدره : ومعنى ذلك أنه رجلٌ

    جليل وعظيم ووقور ، يعني تهابه الرجال فتحسب له حساباً ، فإذا جلس في المجلس نظروا

    إليه كأنه سيدهم وعظيمهم وكأنه كبيرهم لا أحد يستطيع أن يخرج عن أدب المجلس

    مادام هذا الصحاب وهو زيد بن ثابت موجوداً- "مارأيتُ أحداً أجل إذا جلس مع القوم من زيد بن ثابت".

    وصفة أخرى في الطرف من هذه الصفة الأولى فيقول: "ولا أفكه في بيته من زيد بن ثابت"

    فهو إذا جلس مع القوم رجلٌ جليل لكنه في بيته فكهٌ:يعني مزوح دعوب.

    فليس مع أهله,مع زوجته,مع أولاده صارما جليلا كما هو في مجلس قومه بل هو له

    شخصيتان :

    - إذا جلس مع الرجال:فهو رئيسهم وعظيمهم وهو جليلهم.

    - وإذا جلس مع أهله فهو أفكهم وأقربهم إلى نفوس أهله.

    فالواقع أن هاتين الصفتين قلما تجتمعان في إنسان ، فاجتماعهما مما يدل على قدر

    هذا الإنسان ؛ لأن الذي يغلب على الناس هو إما أن يكون رجلا جليلا وحيثما كان مع قومه

    في المجلس حيث لاينفع هناك الفكاهة والمزاحة مع المجالس العامة لا يصلح هناك إلا الكظم

    والعزم ، فالرجل الفاضل لا يسعى إلا أن يكون هكذا في كل مجلس.

    وإما أن يكون على العكس هينا لينا مزوحا دعوبا يرضي عنه الناس لكنه لا يستطيع أن يسيطر

    على الجو وأن يتحكم فيه فيجعل على هذا المجلس الجلالة والوقار ، فإما هكذا الناس أوهكذا.

    أما الجمع بين الصفتين أن يعطي لكل مقام حقه فهذا نادر وعزيز.

    فاجتماع هاتين الصفتين أوالخصلتين في الرجل المسلم مما يدل على أنه قد بلغ الأوج

    في حُسن الخُلق ، فخلقه مع الناس ليس كخلقه مع أهله ومع أولاده.

    فلذلك جاء في بعض الأحاديث الصحيحة : "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي".

    بطبيعة الحال لا يعني هذا الأثر أن زيداً بن ثابت كان أحسن الناس مع أهله أنه يتساهل معهم

    فلا يأمرهم بالمعروف ولا ينهاهم عن المنكر ، لا هذا ليس المقصود بل المقصود أنه لا يقسو

    عليهم ولا يشد عليهم وإنما يُعاملهم تارة بالصرامة والحزم وتارة بالمزاح فتارة وتارة.

    كذلك لا يعني قول الرسول -عليه الصلاة والسلام -: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"

    أن يتساهل الرجل مع أهله فيسمح لها أن تلج كما تشاء وأن تنطلق إلى حيث تشاء وأن تأكل أيضا

    حسب هواها كيف تشاء دون مراعاة القاعدة: "والذين إذا أنفقوا لم يُسرفوا ولم يُقتروا وكانوا بين ذلك قواما"

    فقوله -عليه الصلاة والسلام -:"خيركم خيركم لأهله"

    ليس معنى ذلك أنه دائما يتسامح حين يأمر الشرع بالاشتداد عليهم ولا هو أيضا يقسو عليهم حيث

    يسمح الشرع بأن يتساهل معهم.

    هكذا كان زيد بن ثابت : وصل حُسن خُلقه إلى أنه إذا جلس مع قوم كان أجلهم وأعظمهم

    وإذا جلس مع أهله كان أفكههم وأقربهم إلى نفوس أهله.


    يتبــع .

  11. #111
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    1,782

    افتراضي رد: * القطف الداني من كتاب : ( الأدب المفرد ) لشيخنا الألباني..

    الحديث الرابع :


    حديث حسن الإسناد يرويه المصنف - رحمه الله -

    *عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال:(سُئل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-أيُ الأديان أحب إلى الله-عزوجل-؟ فقال:"الحنيفية السمحة")

    هذا الحديث أيضا يُعالج فيه طرفا مما يتعلق بحسن الخلق، فإن حسن خلق المسلم

    - كما ألمحنا آنفا - ألا يشتد في معاملته للناس حيث لا يوجب الشرع ذلك وخاصة في

    معاملته لأهله ، فقد سُئل-صلى الله عليه وآله وسلم-
    "أي الأديان أحب إلى الله؟" والمقصود هنا بالأديان ليست الشرائع المختلفة

    وإنما هي الأخلاق والأعمال التي يتدين بها المسلم ويتقرب بها إلى الله-تبارك وتعالى-

    فأيُّها أحب إلى الله؟ قال في الإجابة على ذلك:"الحنيفية السمحة"

    الحنيفية:بالطبع المقصود بها الحُكم الذى يميل المتمسك به عن الأديان الباطلة

    والشرائع المخالفة للإسلام إلى ما جاء به الإسلام:

    لأن الحنيفية هي ملة إبراهيم حنيفا أي مائلا عن الشرك, عن عبادة الأصنام.

    فهذا الدين هو الأحب إلى الله مع السماحة:وهو عدم التشدد فيما لم يأمر الإسلام فيه بالتشدد.

    ولعل أحسن مثال يوضح السماحة التي يحض عليها الإسلام ويأمر بها حديث السيدة عائشة

    - رضي الله عنها - في الصحيحين: " أن الحبشة لعبت ذات يوم بالحراب في مسجد الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -".

    فلعب الحبشة بالحراب هي كناية عن لعبة السيوف والمبارزة بالسيوف التي كانت

    في العهد القريب معروفة في بلادنا سوريا ، فهي عبارة عن نوع من الرياضة

    ليتقوى ويتدرب فيها بدنه ليستعد لملاقاة أعدائه.

    فالحبشة فيما يبدو لهم عادة في بلادهم وهي لعبهم بحرابهم مثل لعب العرب بسيوفهم.

    فلما لعب الحبشة في مسجد الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - فلم ينكر ذلك عليها

    بل أخذها لتُشاهد هذا اللعب بل حملها وساعدها على ذلك بأن وقف الرسول - صلى الله

    عليه وآله وسلم - لها أمام باب الحجرة ووقفت السيدة عائشة خلفه ووضعت ذقنها

    على منكبه -عليه الصلاة والسلام- وهي تنظر من وراء الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-إلى ذلك اللعب.

    لابد من لفت النظر إلى غلطة لغوية معروفة في بلاد الشام ألا وهي إطلاق الذقن

    على اللحية يقولوا فلان حلق ذقنه والذقن في اللغة العربية ليست هي اللحية بل هي المكان

    الذي تنبُت عليه اللحية ؛ وحاصل هذا الكلام أن للمرأة ذقن كالرجل فلا يستغربن

    هذا التعبير أن السيدة عائشة وضعت ذقنها على منكبه خده -صلى الله عليه وآله وسلم -

    وهي تنظر إلى الحبشة وتتفرج على لعبهم في المسجد فكان الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-

    من تمام سماحة نفسه وحسن خلقه مع أهله أن يُداعبها والحالة هذه فيقول لها:
    أشبِعتِ أشبعتِ ؟ فتقول:لا لا حتى تقول هي:"حتى كنتُ قد مللتُ"

    ثم توجه السيدة عائشة إلى الأزواج فتقول: "فاقدروا قدر الجارية العَرِبَة الحديثة السن"

    فهي تنصحهم فتقول: هكذا صبَرَ عليَّ الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-

    وهوأشد الناس غيرة على أهله ، صبر عليَّ واقفا وأنا مُستترة به وواضعة ذقني على منكبه

    وهو يقول لها أمللت؟ فتقول لا لا حتى اكتفتْ من الفُرجة على لعبة الحبشة وطلبت

    هي الانصراف فتقول:"فاقدروا قدر الجارية العربة حديثة السن"

    فهي كانت تعني أن تقول للرجال لا تُعاملوا الأزواج الحديثات السن اللاتي لم يدخلن

    الدنيا ولم يعرفن شيئا كما يكون شأن المرأة الصغيرة السن ، فيجب على الرجل كما

    تقول السيدة عائشة أن يكون سمحا مع زوجته فلا يشتد عليها حيث سمح الشارع الحكيم

    ألا يشتد عليها.

    فهذا الحديث يلتقي مع هذه القصة التي روتها السيدة عائشة وأنها في الواقع تُبين لنا سماحة

    الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم -معها وحسن خلقه معها.

    وقد جاء في بعض طرق حديث السيدة عائشة أنه -صلى الله عليه وآله وسلم- قال

    بعد هذه القصة ولعب الحبشة في المسجد قال -صلى الله عليه وآله وسلم-:

    " لتعلم اليهود أن ديننا سمحٌ"أو قال:"يُسرٌ"ونحو ذلك.

    فهذه القصة من لعب الحبشة في المسجد والمسجد لعبادة الله - عزوجل -

    أقرَّ الرسولُ - صلى الله عليه وآله وسلم -:-

    أولاً : الحبشة على لعبهم.

    ثانيا : السيدة عائشة على تفرجها على لعب الحبشة

    وقال:" ذلك لتعلم اليهود أن في ديننا سماحة " أو نحو ذلك.


    يتبـــــع .

  12. #112
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    1,782

    افتراضي رد: * القطف الداني من كتاب : ( الأدب المفرد ) لشيخنا الألباني..

    الحديث الخامس

    وهو حديث موقوف ولكن فيه أيضا توجيه إلى بعض الأطراف من مكارم الأخلاق

    يرويه المصنف بإسناد صحيح *عن عبد الله بن عمرو قال:"أربع خلال إذا أ ُعْطِتَهُنَّ فلا يضرك ما عُزل عنك من الدنيا: حُسنُ خَليقةٍ وعفافُ طعمةٍ و صِدقُ حديثٍ وحِفظُ أمانةٍ ".

    هذه الخصال الأربعة إذا أ ُعطيها مسلم يقول عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنه -

    وهو صحابى ابن صحابى ومن كبار زهاد الصحابة وعُبَّادهم - رضي الله عنه - فهو الذي

    لما زوجه والده وبعد أيام سأل والده كنتة وهي زوجة ابنه عبد الله:

    كيف أنتِ وكيف حالك مع زوجك؟

    فكان جوابها غريبا بالنسبة لأبيه ووالد زوجها فقالت:إنه لم يطأ بعدُ لنا فراشا

    تكِني وها الكناية أدب وأسلوب من أساليب العرب : فهى تقول نحن كأننا لم نتزوج بعدُ

    فثقل الأمر على عمرو بن العاص والد عبد الله فشكاهُ إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -

    فكأنه قال له: يا رسول الله زوجتُ ابني ولكنه مثل مَنْ لم يتزوج ، فسألتُ زوجته فقالت:

    لم يطأ لنا بعدُ فراشاً.

    يقول عبد الله بن عمرو فإما لقيني وإما أرسل إليَّ فقال:يا عبد الله !

    بلغني أنك تقوم الليل وتصوم النهار ولا تقرب النساء؟ فقال:أفعَلُ ذلك يارسول الله

    فأمره رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فى قصة طويلة لسنا الآن في صدد بيانها

    فقد أمره الرسول-صلى الله عليه وآله وسلم-أن يعتدل فى عبادته, ألايقوم الليل كله

    وألا يصوم الدهر كله وإنما تارة يفطر وتارة يصوم.

    والرسول- صلى الله عليه وآله وسلم - انتهى به في آخر القصة إلى أن قال له:

    "اقرأ القرآن فى كل ثلاثة أيام ولاتختمه في كل يوم ، فقد كان يختم القرآن في كل شهر

    ثلاثين ختمة ، وكان يصوم الدهر كله ما يعرف الإفطار إطلاقاً.

    فبطبيعة الحال رجلٌ يقوم الليل كله ويصوم النهار كله فهذا رجلٌ لاحاجة له بالنساء

    ولذلك كانت تلك الشكوى من زوجته ؛ فلذلك أمره الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -

    أن يقوم الليل بحيث أنه يتمكن من ختم القرآن في ثلاثة أيام ,

    وفي الصيام قال له في آخر الأمر صم يوما وأفطر يوما فإنه أفضل الصيام وهو صوم

    داود-عليه السلام-وكان مع صيامه محتفظا على صورته و بطولته فكان إذا لقي العدو

    صبر أمامه ولم ينهزم لأن الذي ينهزم أمام العدو إنما هو رجلٌ مريضٌ ضعيف القوة.

    كأنه - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول لعبد الله:إنك إن حافظت على هذا الصيام

    تصوم يوما وتفطر يوما جمعتَ به دوما المحافظة على طاعتك لربك وبين المحافظة

    على قوة بدنك وجسدك ، ولكن الأيام تمضي وعبد الله بن عمرو بن العاص يشيب

    ويكل وبطبيعة الحال سُنة الله في خلقه أن الإنسان كلما كبر سِنهُ تضعف قوته.

    وهذا معروف في القرآن الكريم ولذلك لما فارق الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -

    على أنه يختم القرآن في ثلاثة أيام وأنه يصوم يوما ويفطر يوما لما كبر سنه شَعر

    بالضعف فكان يقول: ياليتني قبلتُ رخصة الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-.

    فكان يتأسف أنه لم يقبل رخصة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - الأولى حيث قال:

    "اقرأ القرآن في الشهر مرة" ما وافق إلا بدَّه الزيادة حتى وصل الرسول -صلى الله عليه

    وآله وسلم - إلى هذه النتيجة فقرأ القرآن فى ثلاث ليالٍ وندم في آخر حياته.

    عبد الله بن عمرو اكتسب في حياته المديدة هذه الحكمة فقال:

    أربع خصال:أي خلال إذا أعطيتهن أيها المسلم سواء كنت رجلا أو امرأة فلا يضرك

    ماعُزل عنك من الدنيا أي لا يضرك إذا تخلقت بهذه الأخلاق الأربعة ما فاتك من الدنيا

    من زينتها, من مالها ومن متاعها.

    ماهي هذه الخصال الأربعة؟

    قال-رضي الله عنه -- "حُسنُ خليقةٍ"

    يعني خُلق : إذا أوتيت حسن خلق من الخصال الأربعة فلا يضرك مافاتك من الدنيا.

    "وعفافُ طعمةٍ" :

    أي أن يكون أكلك في عفة.أي أن يكون أكلك بعيداً عن الأكل فيما حَرَّمَ اللهُ

    سواء تأكل ما عينه حرام وتأكل الحلال الذي اكتُسب من طريق مُحرم.

    أي مادمتَ أوتيت حُسن خليقةٍ وعفاف طعمة يعني أكل عفيف حلال وليس عندك من

    أكل أموال الناس حتى أنه لا تطاوعه نفسه أن يأكل من أموال الناس ولو برضى من أنفسهم.

    فهو لايقوم بأساليب معينة تجعل الناس يعطونه طعاما وشراباً فهو لا يفعل شيئا من ذلك إطلاقاً.

    ويُشير إلى ذلك حديث البخاري ومسلم من حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه -

    أنه كان إذا جاء النبي - عليه الصلاة والسلام - غنائم فأعطى عمر كفل منها عطية

    فيتوجه عمر إليه -عليه الصلاة والسلام- ويقول:يارسول الله أعطه إلى مَنْ هو أحوج إليه مني

    وهذا يدل على عفة نفس عمر بن الخطاب وأنه ما عنده طمع ولا عنده جشع

    ولا طموح مالي ولو أنه حلال لأنه يقول:أعطه إلى مَنْ هو أحوج إليه مني يارسول الله.

    فكان الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول له معللا له ترك الإفراط والتفريط

    والعدل في المسألة فيقول له :"يا عُمر ما أتاك الله من مال ونفسك غير مشرفة إليه فخذه وتموله فإنما هذا رزقٌ ساقه الله إليك".

    الشاهد من هذا الحديث:-

    1- عفة عمر-رضي الله عنه -وموقفه الذي يدل على عفة نفسه.

    2-أمر الرسول-صلى الله عليه وآله وسلم-إياه بأن يأخذ مادام نفسه غير طامعة

    في هذا المال فيقول له:"ماأتاكَ اللهُ من مالٍ ونفسك غير مُشرفة إليه" يعني غير مائلة

    ولاطمعانة "فخذه وتموله فإنما هو رزقٌ ساقه الله إليك".


    "وصِدقُ حديثٍ":

    وهي الخصلة الثالثة مع حُسن الخليقة وعفاف طعمةٍ. فهو دائما وأبداً يتكلم صدقا

    ولا يعرف للكذب طريقاً أبداً ، فهذه خصلة من هذه الخصال الأربع التي يشير إليها الحديث

    ويتحلى به المسلم أو المسلمة فلا يضره من زينة الدنيا وزخرفها ما فاته .

    "حفظ أمانةٍ" :

    الخصلة الرابعة والأخيرة وهذا في الواقع يلتقي مع الخصلة الثانية وهي عفة طعمة

    لأن الإنسان العفيف الذي لا تميل نفسه إلى أموال الناس ولايحب إلا ما وصله من طريق

    حلال فهذا أولى وأولى أن يُحافظ على ماعنده من أمانة.فهو يُطبق قوله -عزوجل -:

    {وأن تُؤدوا الأماناتِ إلى أهلها} .



    يتبـــع .

  13. #113
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    1,782

    افتراضي رد: * القطف الداني من كتاب : ( الأدب المفرد ) لشيخنا الألباني..

    الأسئلة



    --لا دليل صحيح على وجوب زكاة عروض التجارة ، وأثرعمر بن الخطاب الذي قال فيه لرجل:

    " قيِّم ثمن الإبل ثم أخرج صدقتها " ضعيف ولايثبت.

    فلا دليل على وجوب زكاة عروض التجارة.

    ساق أثر تجّار جاءوا المدينة وعرضوا زكاة عن تجارتهم لسيدنا عمر فرفضها

    وقال له علىّ خذها على أنها صدقة وليست زكاة فأخذها.(مسند أحمد) "صحيح".





    س1:- ماالدليل من الكتاب والسنة على عدم فرضية زكاة عروض التجارة ؟

    ج:- أولا:- إن الأصل في الأموال أن فيها الحرمة كالدماء والأعراض فلا يجوز استباحة شيء

    من هذه الأمور إلا بنص لأن الأصل فيها الحرمة كما جاء في خطبة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -

    في عرفات:"ألا وإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحُرمةِ يومكم هذا في شهركم

    هذا في عامكم هذا في بلدكم هذا" ، فلما كان الأصل في الأموال الحرمة فلا يجوز أخذ شيء منها

    إلا بنص فالله فرض الزكاة على المخزون وفرض الزكاة على الحيوانات المعروفة وفرض الزكاة

    على أنواع معينة من الزروع ، ولم نجد في الكتاب ولا في السُنة آية أو حديث يأمر مسلما بأن يُخرج

    زكاة عروض تجارته.

    فإذا كان الأصل الحُرمة ولم يأت نصٌ يخرجنا عن هذا الأصل ؛ فيجب علينا أن نبقى على هذا الأصل

    والأصل في الأشياء هنا الحرمة لا الإباحة.

    فالقاعدة التي تقول الأصل في الأشياء الإباحة هي فيما خلق الله - عزوجل - فيما أنبت من نباتات

    أما فيما يتملكه الإنسان من مال فالأصل فيه الحُرمة كما ذكرنا من خطبة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -.

    ثانيا:- إن التجارة كانت معروفة وقت نزول الرسالة وكما قلنا

    إن عثمان كان من أغنى أصحاب الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم - حتى تمكن وهو شخص

    واحد أن يُجهز ثلث جيش العسرة وكذلك عبد الرحمن بن عوف كان من أغنياء الصحابة

    ولم ينقل إطلاقا عن أحدِ الصحابة وخاصة عن هذين الصحابين أن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-

    أمرهما أن يُخرجا زكاة تجارتهما أو أنهما أخرجا الزكاة فعلا ، لأنهما لو أخرجا لعرفنا

    أن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- قد أمرهم بذلك ، فلا ذكِر أن الرسول -صلى الله عليه وآله

    وسلم - أمرهم بذلك ولا ذكِر أنهما أخرجا الزكاة عن تجارتهما.

    إذن نحن ذكرنا دليلين على عدم وجوب زكاة عروض التجارة:

    1-الأصل في الأموال الحُرمة.

    2-إن التجارة كانت معروفة في عهد الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - فلم يأمر بإخراجها ولا أخرج أحد الصحابة زكاة عروض تجارة.

    ثالثا:- ما ذكرناه آنفا من موقف عمر بن الخطاب وأصحابه الذين كانوا معه في الجلسة من امتناعه

    أن يأخذ زكاة عروض تجارة وقول علىّ له خذها صدقة .

    لكن هناك شيء لابد من التذكير به وهو إذا كان رجل أنعم الله عليه بمال من أموال التجارة

    فقد أمرنا بتطهير أنفسنا مما طبعت عليه كما قال تعالى: {وأحضرت الأنفس الشح}

    فقد أمرنا أن نُطهر أنفسنا من أوزار وآثام الشح وذلك بأن نُخرج الصدقات.

    {خُذ من أموالهم صدقة تُطهرهم وتُزكيهم بها} .فتزكية النفس حينذاك

    بالنسبة للأموال التي يمتلكها المسلم على نوعين اثنين:-

    النوع الأول:- الزكاة التي فرضها الشارع محدودة النصاب,محدودة الواجب عليه رُبع العُشر.فهو يُخرج من تلك الأموال التي فرض الله عليها زكاة 2.5%نسبة معينة وبذلك يُطهر ماله.

    النوع الثاني:-المال المطلق الذي لم يفرض الشارع عليه زكاة معينة فهو يخرج ما تطيب به نفسه مما يشعر بأنه في طريق تزكية نفسه مما طُبعت عليه من الشُح والبخل.



    س2:- ماهي الزروع التي تجب فيها الزكاة ؟ وماالدليل ؟

    ج:- لما أرسل الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - معاذ بن جبل وأمره في جملة ما أمره به

    أن يأخذ منهم الزكاة فقال له فيما يتعلق بالزروع:"لا تأخذ الصدقة إلا لأربع القمح والشعير والزبيب والتمر"

    فهذه الأربع أمر الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- معاذاً أن يأخذ زكاتها من أصحابها ونهاه أن يأخذ من غيرها.



    س3:- هل يجوز للمرأة أن تذهب إلى الدرس وزوجها يريدها إلى درس أحسن من درسها حيث أن مدرستها تلميذة الأستاذ الذي يلقي الدرس الآخر؟

    ج:- لو أن الزوج أمر الزوجة أن تذهب إلى الدرس الحسن لا إلى الدرس الأحسن وجب عليها

    أن تطيعه فكيف والسؤال يقول عكس ذلك.

    فيجب على الزوجة مطلقاً أن تطيع زوجها مادام لا يأمر بمعصية الله - تبارك وتعالى -.



    س4:-إذا كانت الزوجة تُريد أن تصوم ستة أيام من شوال وعليها صيام من رمضان فهل يجوز لها أن تؤخر دَينها وتصوم أولا الستة أيام من شوال ؟

    ج:-لابد من التفصيل : إن كان عليها صوم أيام فقط من رمضان وليس كل رمضان فهي يجب

    أن تصوم دَينها من رمضان ثم تصوم الست من شوال لأنه لا يشترط في هذه الست أن تكون

    متقدمة أو متأخرة فأمامها الشهر كله فعليها أن تبادر بالقضاء ثاني يوم الفطر من شوال

    لأنه عليها أوجب من الستة أيام من شوال ، فإذا انتهت من دينها بعد ذلك صامت ستة أيام من شوال.

    أما إذا كان عليها شهر رمضان كله إما لمرض أو لنفاس أو غير ذلك فهي إذا صامت ستة أيام

    من شوال معناه أنها بدها تؤخر صوم رمضان بعد الستة أيام وتأخذ من ذي القعدة لتتم صيام الدين

    وهنا تكون قد قدمت النفل على الفرض ففي هذه الحالة لايجوز ؛ لأن الله يقول:

    {وسارعوا إلى مغفرةٍ من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض}

    فالمسارعة إلى الطاعة أمرٌ واجب في الفرائض وأمر مستحب في النوافل.

    فامرأة عليها صوم رمضان كله؛ ففور انتهاء العيد لازم تُبادر بقضائه كله.

    ستة أيام من شوال طوال الشهر أوله أوسطه آخره لا فارق فتقديم الواجب أوجب من تقديم النفل.

    لوأن هذه المرأة كان عليها ستة أيام من رمضان وتريد أن تصوم ستة من شوال

    فقدمت الستة من شوال على دينها الست من رمضان أي قدمت المهم على الأهم

    ثم ماتت بعد صومها أيام شوال الستة ولم تقض ستة أيام دينها من رمضان

    فما حالها طائعة أم عاصية ؟

    هى ماتت عاصية صحيح صامت أيام نفل وحال ذلك بينها وبين صيام ستة أيام فرض.

    وضرب مثل برجل ذكي قال : بأن رضا الله من رضا والديه فأطاع والديه وترك الصلاة

    ونسي قوله تعالى: {وقضى ربُكَ ألا تعبدوا إلا إياهُ وبالوالدين إحسانا} "ألا تعبدوا" المُقدم.


    انتهى الشريط السابع عشر .

    يتبـــع .

  14. #114
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    1,782

    افتراضي رد: * القطف الداني من كتاب : ( الأدب المفرد ) لشيخنا الألباني..

    الشريط الثامن عشر



    * تابع باب - حُسن الخُلق إذا فقهوا*


    روى المصنف بإسناده الحسن عن أبي هريرة قال: ("قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-"أتدرون ما أكثر ما يُدخل النار؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال:الأجوفان:الف رج والفم وما أكثر ما يدخل الجنة؟ تقوى الله وحُسن الخُلق.")

    في هذا الحديث يُبيِّن الرسول- صلى الله عليه وآله وسلم - لأمته جوامع الخير والشر:

    فيقول-عليه الصلاة والسلام- سائلا أصحابه - لأن طريقة السؤال والجواب عليه

    يُمكِّن الجواب من قلوب السامعين - : "أتدرون ما اكثر ما يُدخل النار؟

    فقالوا: الله ورسوله أعلم فأجابهم بقوله:"الأجوفان الفرج والفم"

    يعني النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يُصرح أن أكثر الأسباب التي بها يدخل الناس

    النار هما الفرج والفم.

    أما الفرج: فهو كناية عن الزنا

    وأما الفم:فالمقصود به أمور ومعاصي كثيرة منها الغيبة والنميمة ومنها الكلام

    الذي لا يجوز أن يتكلم به الإنسان والسباب واللعان والحلف بغير الله -عزوجل-

    وهذا الطرف يجب أن يقف عليه المسلم وأن يتدبره.

    أما الطرف الأول : وهو الفرج ناحيته محصورة وهي مضمونة عند أكثر المسلمين

    أما الناحية الأخرى: ألا وهي الفم فهذا قلما تجد إنسانا يترك ما يدور في فم الإنسان

    من المعاصي كما ذكرنا آنفاً ؛ لذلك جاء في بعض الأحاديث الصحيحة قوله

    - صلى الله عليه وآله وسلم-:"مَنْ يضمن لي ما بين لِحييه وما بين فخذيه أضمن له الجنة" .

    ما بين اللحيين يعني الفكين وهذا كناية عن أن يحفظ الإنسان فمه ولسانه بألا يخوض فيما لا يرضي الله في تلك المعاصي.

    فالرسول يشهد أن أكثر ما يبتلى به المسلم إنما هو لسانه ؛ ولذلك قيل قديما :احفظ لسانك أيها الإنسان لت يلدغنَّك إنه ثعبان


    فلذلك الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم- ذكر في هذا الحديث أن الشر الذي يجب

    أن ينبه المسلمين ليبتعدوا عنه :

    1 -المحافظة على الفرج.

    2- المحافظة على ما يصدر من فم الإنسان من شر.

    ثم ذكر جوامع الخير بقوله في السؤال: وما أكثر مايُدخل الجنة ؟

    - وطبعا كان جوابهم كجوابهم السابق- فقال الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم- مجيباً:

    تقوى الله وحُسن الخُلق.

    والشاهد من هذا الحديث في هذا الباب هو قوله -عليه السلام -"حُسن الخلق"

    يذكر النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أن أكثر وأقوى أسباب دخول الإنسان الجنة هما أمران اثنان:

    1- تقوى الله:- وهي تنقسم إلى قسمين كما يجب أن تعلم :

    - فتقوى الله تُفسر تارة - وهي أقل ما يجب أن تفسر بها - وهي اجتناب نواهيه والإتيان بما أمر الله به.

    - ويُفسر أحيانا - عند قلة من الرجال وصفوة منهم - وهي الإتيان بكل ما أمر الله به - تبارك وتعالى - سواء كان أمراً واجباً أو أمراً مستحباً والانتهاء عما نهى عنه سواء كان أمرا حراما أو أمراً مكروها.

    وهذا المعنى الثاني هو الذي يشير إليه الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بقوله:"دع مايريبك إلى ما لايريبك"

    فهو يعني أن يدع كل إنسان ما ليس فيه شُبهة مخافة أن يقع في شبهة هذا من التقوى

    بل أعلى مراتب التقوى ، فهذا ليس واجباً وإنما هو من فضائل الأعمال وإلى هذا أشار

    الرسول- صلى الله عليه وآله وسلم- فى حديث النعمان بن بشير قال: قال رسول الله

    - صلى الله عليه وآله وسلم:"إن الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما أمورٌ مشتبهات لا يعلمهن كثيرٌ من الناس فمَنْ اتقى الشُبهات فقد استبرأ لدينه وعِرضه"

    إذن الأمور ثلاثة هي :

    ا) أمر حرام يجب اجتنابه.

    ب)أمر حلال يجب ارتكابه ولا يضر.

    ج) أمر لا يدري أهو من حلال أم من حرام الأحوط والتقوى الكاملة أن يبتعد الإنسان عن مواقعة هذه الشُبهات.

    مثال مما يتعلق بحياتنا اليوم:-

    هذه المعلبات التي يكثر السؤال عنها .ما حُكم هذه اللحوم التي تأتي من أوروبا مثلا ؟

    فنحن نُجيب من الناحية الفقهية :

    - أن هذه اللحوم إذا كانت مما عُرف أنها ذبحت ذبحا شرعيا بمعنى انها لم تُقتل قتلا وإنما ذبحت ذبحا وكان الذابح من أهل الكتاب فهي حلال.

    - وإن كانت لم تذبح ذبحا شرعيا وإنما تُقتل قتلا على الطريقة المتبعة اليوم في كثير من بلاد الغرب : أي أن الذابح لم يكن مسلما ولا من أهل الكتاب فحينذاك هذا اللحم لا يجوز أكله.

    فإن عرفنا أنه من النوع الأول جاز أكله ، وإن عرفنا أنه من النوع الثاني حَرُمَ أكله.

    -وإن كنا لا نعلم - كحال الكثير - يا ترى هذه اللحوم ذبحت ذبحا شرعيا ؟!لا تدري فالتقوى حينذاك الابتعاد عن اكل هذه اللحوم ، وهذه هي أعلى درجات التقوى .

    لكن لو أكلها الإنسان وهو لا يعلم أنها ذبحت ذبحا غير شرعي فلا بأس عليه ،

    لكن الأفضل كما قال النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-:"دع مايريبك إلى ما لايريبك".

    فالمقصود أن التقوى مرتبتان:

    ا) مرتبة لابد منها لكل مسلم وهي الإتيان بما فرض الله والابتعاد عما حرم الله.

    ب) مرتبة أخرى أعلى وهي الابتعاد عن كل شُبهة ، وهي فاضلة لا تجب على كل الناس ؛ لأن هذا من باب الحيطة والحذر."دع مايريبك إلى ما لايريبك".


    2 - حُسن الخلق :-

    فكلمة تقوى الله مع حسن الخلق هما معاً يجمعان الخير كله ؛ لأن المسلم إذا اتقى

    الله أي أتى بما فرض الله وابتعد عما حَرَمَ اللهُ ؛ فليس عليه مسئولية ومؤاخذة من الله

    على نحو ماجاء في حديث ذلك الأعرابي الذي جاء إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -

    يسأله عما فرض اللهُ عليه فقال له:"خمس صلوات في كل يوم وليلة

    فقال له:يا رسول الله هل عليّ غيرهن؟

    قال:لا إلا أن تطوع

    ثم سأله عما فرض عليه من الصيام فأخبره أن عليه صيام شهر رمضان في كل سنة.

    قال:هل عليَّ غيره ؟

    قال:لا إلا أن تطوع

    وهكذا كلما ذكر الرسول- صلى الله عليه وآله وسلم- له ما فُرضَ عليه

    سأله هل عليّ غير ذلك قال:لا إلا إن أحببت أن تطوع : يعني أن تزداد في عمل الخير

    مما لم يكتبه الله عليك.

    فبعد أن انتهى الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - من بيان ما فرض الله عليه

    انصرف ذلك الأعرابي وهو يقول:والله يارسول الله لا أزيد عليهن ولا أنقص

    فقال- صلى الله عليه وآله وسلم-:"أفلح الرجل إن صدق" : أي دخل الجنة إن صدق.

    هذا خبر من رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم -أن المسلم إذا أتى بما فرض الله

    واجتنب ما نهى الله فهو في الجنة لاشك ولاريب في ذلك

    لكن هناك فرق بين أن يكون فى الدرجة الدنيا من الجنة ، وبين أن يكون في

    الدرجات العاليات هذا لايتم بمجرد الاقتصار على فرائض الأعمال والابتعاد عن

    المحرمات من الأعمال إنما تكون من الدرجات في الزيادة.

    فهذا النوع من التقوى هو الواجب على كل مسلم كما جاء في حديث آخر :

    قال رجلٌ: يا رسول الله أرأيت إن أنا صليت الصلوات الخمس وصُمت رمضان وحللت الحلال وحرمت الحرام دخلت الجنة ؟

    فهذه التقوى هي أدنى مراتب التقوى وهي التي لابد على كل مسلم أن يُحققها

    لكن التقوى الأعلى أن تقوم بالليل والناس نيام وأن تتصدق بالمال الذي ما فرض الله عليه زكاة

    مفروضة ونحو ذلك من مكارم الأخلاق .

    هذا باب لا ينتهي وبه يتميز المسلم البار من المسلم الذي يريد فقط النجاة من النار ودخول الجنة.

    فهذه تقوى الله بقسيمها: تقوى لابد منها وتقوى يُستحب ويتفاضل فيها الناس.

    أما حسن الخلق بالإضافة إلى ماسبق من التقوى قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم -

    إن من أقوى الأسباب لدخول الجنة بعد التقوى حسن الخلق وقد عرفنا في الدرس الماضي

    قوله-صلى الله عليه وآله وسلم-:"إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل وصائم النهار".

    يتبـــــع .

  15. #115
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    1,782

    افتراضي رد: * القطف الداني من كتاب : ( الأدب المفرد ) لشيخنا الألباني..

    *يروي المصنف حديث صحيح الإسناد عن أسامة بن شريك قال: (كنتُ عند النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- وجاءت الأعراب ناس كثير من هنا وها هنا فسكت الناس لا يتكلمون وغيرهم فقالوا:يا رسول الله أعلينا حرجُ في كذا وكذا؟ في أشياء من أمور الدين لا بأس بها فقال:"يا عباد الله وضع الله الحرج إلا امرأ اقترض امرأ ظلماً فذاك الذي حرج وهلك".قالوا:يارس ل الله أنتداوى؟ قال:نعم يا عباد الله تداووا فإن الله - عز و جل - لم يضع داءً إلا وضع له شفاءً غير داءٍ واحد.قالوا: وما هو يا رسول الله ؟ قال: الهرم, قالوا يا رسول الله ما خير ما أعطي الإنسان؟ قال:حسن الخلق").


    في هذا الحديث - أيضا - فوائد عديدة جمعها الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -

    وهو يلقى الأعراب : ونحن نعلم جميعا أن الأعراب فيهم فطانة ولكن أيضا فيهم جهل

    وغفلة عن كثير من الأحكام الشرعية ومن عادتهم أنهم يصيحون في كلامهم و يُصرخون.

    فيقول أسامة بن شريك وهو من أصحاب الرسول - صلى اله عليه وآله وسلم -:

    كنتُ عند النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فجاءت الأعراب ناس كثير من ها هنا

    وها هنا أي أن الأعراب كانوا جمعاً كثيراً يأتون إلى الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -

    من كل جانب ، فلما جاءوا سكت الناس الذين كانوا عند النبي - صلى الله عليه وسلم -

    فلم يتكلم غير الأعراب وأخذوا يسألون الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم-أسئلة شتى :

    فيقولون:يا رسول الله أعلينا حرج في كذا وكذا في أشياء من أمور الناس

    يعني كانت أسئلتهم تتعلق ببعض الأمور التي تقع من الناس.

    ومثل هذا الحديث يذكّر بمثل ما جاء في صحيح البخاري فكان الرسول - صلى الله

    عليه وآله وسلم - في حجة الوداع عند رمي الجمرات يوم النحر جاء ناس يسألونه

    أسئلة شتى مثل أسئلة هؤلاء الأعراب فمن قائل يقول: إني طفت حول الكعبة قبل أن أرمي ؟

    فيقول:لا حرج, وآخر يقول يا رسول الله إني ذبحت قبل أن أرمي ؟

    فيقول-عليه الصلاة والسلام: لاحرج وهكذا كان جواب رسول الله - صلى الله عليه

    وآله وسلم- في تأكيد مناسك الحج وترتيبها وعدم تنظيمها وترتيبها حسب ما جاء

    في السُنة فكان يقول لهم -عليه الصلاة والسلام - : لا حرج أي لا بأس أن يقدم بعض

    المناسك على بعض وإن كان الأفضل لهم أن يأتوا بها حسب ماجاء بها الرسول- صلى الله عليه وآله وسلم -.

    هذا في قوله للأعراب :يا عباد الله وُضِعَ الحرج كأنه يُلمح في هذا الجواب أن يقول

    للأعراب:سلوا ما هو أهم من هذه الأمورالتي تقع من الإنسان دون قصد لمخالفة الشرع

    هلا سألتم عما حرم الله عليكم فيقول - عليه الصلاة والسلام - يا عباد الله وضع اللهُ الحرج .

    والحرج:هو الفعل الذي إذا فعله الإنسان شَعَرَ بضيق والله قال:{ فما جعل عليكم في الدين من حرج }

    ولكن أن يجلس المسلم ينال من عرض أخيه سواء كان ذكرا أم أنثى وباستطاعته

    أن يبتعد عن هذه المعصية فهذا الذي فيه حرج وفيه الهلاك.

    ولذلك يقول-عليه الصلاة والسلام-:يا عباد الله وضع الله الحرج إلا

    يستثني الرسول -عليه الصلاة والسلام- يعني حرج غيرمرفوع بالنسبة لامرئ

    اقترض يعني اقتطع - القرض هو القطع - امرأ ظلما فإنه حرج وهلك كيف يُقال:

    إلا امرأ اقترض امرءً مسلما ظلما؟

    أي اقتطع من لحمه وهذا كناية عن غيبته؛ فإنه حرج وهلك

    كأن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في قوله:اقترض يُشير إلى قول الله -عزوجل-:

    {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولاتجسسوا ولايغتب بعضكم بعضا أيُحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه}.

    أي الذي يغتاب أخيه أي يقطع من لحم الميت ، فكما أن الله نبهنا في الآية إلى أمر حكيم

    جداً ألا وهو أن المسلم إذا أصاب أخاه المسلم كمثل مَنْ أو كما لو قطع من لحمه وهو

    ميت فمضغه وأكل هذا القطع الذي ذكره الله - عزوجل - في الآية هو الذي أشار إليه

    الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذا الحديث الصحيح:" إلا امرأ اقترض امرأ مسلما ظلماً".

    واقترض أي اقتطع. كيف اقتطع ؟ وذلك بالغيبة.

    غيبة المسلم لأخيه المسلم وهذا للمستغيِّب ذكراً كان أم أنثى فما حرم على الرجال

    حرم على النساء والعكس كما ذكرنا آنفا "النساء شقائق الرجال"

    فقوله - عليه الصلاة والسلام -:إلا امرأ أي شخصا سواء كان ذكراً أم أنثى.

    اقترض امرأ مسلما:أي قطع قطعة من لحم أخيه المسلم ، فهذا المسلم الذي يقترض امرأ

    ظلماً يقول -عليه الصلاة والسلام - فهذا الذي حرج وهلك .

    هنا كلمة "ظلما" إشارة بديعة أما وهو بعد أن فهمنا كلمة الاقتراض في الحديث

    هو الغيبة لقوله -عليه الصلاة والسلام -:"بالقرض"وهو القطع فيقول - عليه الصلاة

    والسلام -:"ظلما" ففيه إشارة إلى أن نوعاً من الغيبة لا تكون ظلماً.

    فكيف إذن تكون الغيبة في بعض الأحيان ليست ظلماً ؟

    هذا ماذكره الفقهاء في بيتين من الشعر كنتُ ذكرتها في بعض المناسبات

    فإن لم نحفظها فلنحفظ معانيها حتى لا نقع في الورع البارد الذي يقع فيه بعض الناس

    ويدعون بسببه صلاحا وتقوى و ليس ذلك من الصلاح في شيء

    يقول أهل العلم:

    القدحُ ليس بغيبةٍ في ستةٍ *** مُنظلِمٍ ومُعَرِّفٍ ومُحَذر

    ومُجاهِرٍ فِسقاً ومُستَفتٍ ومن *** طَلَبَ الإعانة في إزالةِ مُنكر







    يتبـــــــــع .

  16. #116
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    1,782

    افتراضي رد: * القطف الداني من كتاب : ( الأدب المفرد ) لشيخنا الألباني..

    يقول أهل العلم:

    القدحُ ليس بغيبةٍ في ستةٍ *** مُنظلِمٍ ومُعَرِّفٍ ومُحَذر

    ومُجاهِرٍ فِسقاً ومُستَفتٍ ومن *** طَلَبَ الإعانة في إزالةِ مُنكر



    القدح:أي الطعن.

    الغيبة في الأصل كما جاء في الحديث الصحيح:" ذِكرُكَ أخاكَ بما يكرَهُ"

    كلما تكلم إنسانٌ على أخيه المسلم بشيء يكرهه وهو غائب عنه فهو غيبة :

    إذا قلت : فلانا - مثلا - يمشي بهذه الصورة ، وأخذت أنت تُقلد مشيته هذه غيبة

    كما جاء في حديثٍ عن السيدة عائشة - رضي الله عنها - مرت بها امرأة قصيرة وهي

    جالسة مع الرسول- صلى الله عليه وآله وسلم- فأشارت بيدها أنها قصيرة

    فقال- عليه الصلاة والسلام-:" لقد قلتِ كلمة لو مُزجت بماء البحر لمزجته"


    أي لأفسدته. فهي لم تفعل شيئاً بس أشارت إلى أن الله خلقها قصيرة.

    هذا دليلٌ على أن مجال الغيبة للناس واسع جداً.الله -عز وجل خالف في صورهم

    وتقويمهم فمنهم الطويل ومنهم القصير ومنهم البدين ومنهم الرفيع فإذا أشرت بيدك

    توصف أحدهم هذا كله غيبة داخل في عموم قوله -عليه الصلاة والسلام-
    "الغيبة ذِكرُكَ أخاكَ بما يكره" قالوا:يارسول الله أرأيت ما قلتُ هو فيه؟فقال:"إن كنتَ قلت ما فيه فقد اغتبته وإن كنت قلت ما ليس فيه فقد بهته"

    يعني الغيبة:هي أن تصف أخاك بما فيه ، وإن وصفته بماليس فيه فقد بهته

    وهذا ظلمٌ وذنبٌ أعظم عند الله - تبارك وتعالى - من الغيبة.

    إذا كانت الغيبة سمعتم وصفها من القرآن الكريم:{أيُحب أحدُكم أن يأكلَ لحمَ أخيه ميتاً فكرهتموه}

    فلو كان حياً لكره الإنسان أكل لحمه فكيف وهو ميت؟!!

    فلذلك غيبة المسلم لأخيه المسلم حرام وكثير ما يقع فيه جماهير الناس وخاصة النساء

    اللاتى لايجدن في مجالسهن إلا أن يقطعن وقتهن بالتحدث عن فلان وفلانة.

    فاتقين الله-عزوجل-وابتعدن عن هذه الغيبة .

    لكن ليس القول الآن هو الإفاضة في الغيبة المحرمة فبعد أن أوضح الرسول

    - صلى الله عليه وآله وسلم - أن ذكرك أخاك بما يكره هو الغيبة حتى أن الإنسان

    يستطيع أن يعرف إن كان يغتاب أخاه المسلم أم لا ، لكن نحن بحاجة إلى بيان أن الغيبة

    أحيانا تجوز بل تجب الغيبة المحرمة والتي عرفتم وصفها في القرآن وفي هذا الحديث الذي بين أيدينا الآن.

    هذه الغيبة أحيانا تجوز بل تجب فتُصبح فرضاً رغم وصفها أنها حرام كيف ذلك؟

    قال العلماء في البيتين السابقين القدح أي الطعن ليس بغيبة في ستة:-

    1-مُتظلمٌ

    يشكي ظلمه إلى الناس كي ينقذوه أي ينصفوه من ظالمه ، هذا المُتظلم يجوز له أن يقول:

    فلان ظلمني ، فقوله:فلان ظلمني من الغيبة إذا طبقنا عليه الحديث السابق"الغيبة ذكرك أخاك بما يكره"

    هل هي من الغيبة المحرمة التي وُصفت في الكتاب والسُنة أم هذه غيبة جائزة ؟

    الجواب:بل هي غيبة جائزة وقد تجب أحياناً إذا كان لا يمكن الوصول للحق إلا من طريق

    استغابة الظالم,فهذا لم يقله العلماء بمجرد رأي من عندهم بل هناك وقائع في السُنَّة

    تشهد بجواز وصف الظالم بظلمه من المظلوم كي يصل لحقه المهضوم من الظالم.

    ومن ذلك مارواه البخاري في"الأدب المفرد" وغيره من حديث أبي هريرة : أن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال:يارسول الله جاري ظلمني فقال -عليه الصلاة والسلام-:اجعل متاعك على قارعة الطريق ففعل الرجل فمر بعض الناس وكان كلما مر بعضهم قالوا له:مالك يا فلان؟ يقول: جاري ظلمني , فما يكون منهم إلا أن يسبوه ويشتموه بل ويقولون:لعنه الله كيف مسلم يظلم اخاه المسلم؟ فيقولون:أخذه الله , لعنه الله والرجل الجار يسمع هذا السِّباب وهذه الشتائم فقال للرسول-صلى الله عليه وآله وسلم -يارسول الله مُر جاري أن يُعيد متاعه إلى "داره"


    فقول الرجل للرسول- صلى الله عليه وآله وسلم-:فلان ظلمني هذه غيبة ؛ لأنه ذكره

    بما يكره ولكن لما كان هذا المظلوم لا يصف جاره بالظلم من باب التشفي أو من باب

    إرواء غليل غيره ولكن ليعْلم الرسول- صلى الله عليه وآله وسلم-أمره فيُصلح حاله

    وهذا ما وقع فأمره الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم - بطريقة عملية ليُجيره

    من جاره الظالم ويُفيد الظالم في الوقت نفسه وذلك أنه-عليه الصلاة والسلام - أمره أن

    يُلقي متاع البيت في الطريق فصار الناس يرون ذلك ويسألونه فيقول:جاري ظلمني

    فتنهال عليه السبائب والشتائم فكان هذا سبباً لرجوعه عن ظلمه.

    من مثل هذا الحديث أخذ العلماء جواز غيبة الظالم من المظلوم

    وهذا ماصرح به القرآن الكريم حيث قال:{لايُحِبُ اللهُ الجهرَ بالسوءِ من القول إلا مَنْ ظُلِم}

    هذه الآية صريحة أن الإنسان ما يجوز أن يقول كلاما سيئا إلا المظلوم فيجوز له

    أن يتكلم بكلام ضد ظالمه حتى يتوصل به إلى حقه المهضوم.

    ومن هنا يأتي الحديث الذي يرسله الفقهاء في كتاب "الحقوق والبيوع" قال-عليه الصلاة والسلام: "لَىُّ الواجدِ يُحِل عرضهِ وعقوبتهِ".

    لىّ:مماطلة, الواجد:الغنى المستقرض من غيره يجد من ماله مايسده ثم يُماطله ولايُعطيه حقه.

    وكما قال-عليه الصلاة والسلام- في حديثٍ آخر:"مَطلُ الغني ظلم".

    يُحل عرضه: يحل لصاحب الحق الذي يُماطله بالوفاء أن ينال منه إذ يقول :

    فلان أخذ قرض كذا وعنده مال وما يعطيني ، هذه غيبة جائزة ؛ لأنه يكرهُ ذلك.

    ويحل عرضه من الدائن الذي يُماطله وعقوبته من الحاكم فهو يستطيع أن يُعاقبه

    ويناله بأذى بحبسٍ بجلدٍ من باب التأديب لماذا لا تُعطي أخاك المسلم حقه؟!

    الشاهد من هذا الحديث:قوله -عليه الصلاة والسلام-:"لىُّ الواجد يُحل عرضه"

    أي النيل منه بينما هذا النيل في الإسلام لا يجوز لقوله -عليه الصلاة والسلام-: (إلا امرأ اقترض امرءً ظلما فذلك الذي حرج وهلك ) فهذا هو النوع الأول ممن يجوز استغابته وهو المتظلم لظالمه.



    2-المُعَرِّف:

    وهذا التعريف له علاقة في النواحي الاجتماعية في مناسبات كثيرة جداً فكثيرا ما يأتي

    رجلٌ إلى صديقه يسأله: فلان ما رأيك فيه ؟ بِده يُشاركنى يُعاملني بالمال,

    أو فلان يخطب منا ماذا تعرف عنه ؟

    يكون الجواب التقليدي المعروف:كل الناس خير وبركة

    والمسئول يعلم مثلا أن المسئول عنه من الناحية المادية ليس أميناً

    فحينما سُئل؛ عليه أن يُعرف بحقيقة المسئول عنه فيقول : إنه عنده كذا وكذا

    هذه غيبة ولكنها غيبة مستثناه في جملة المستثنى من باب الدين النصيحة.

    كذلك صورة أخرى فلان يخطب من عندنا ما رأيك فيه ؟

    كل الناس خير وبركة وهو يعرف أنه شارب وبطال ولايذكره بما يعلم منه من باب

    زعم السترعليه ، هذا خطأ وغلط ، و في مثل هذا الكلام ورع بارد ، يجب أن يذكر

    ما فيه حتى يكون السائل على بينة من أمره.


    يتبـع .

  17. #117
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    الدولة
    مصر المنصورة
    المشاركات
    5,230

    افتراضي رد: * القطف الداني من كتاب : ( الأدب المفرد ) لشيخنا الألباني..

    السلام عليكم
    جزاكم الله خيرا على ما بذلتموه من جهد جهيد في نشر السنة و نشر علم الأكابر الراسخين فإن الأمة أحوج ما تكون لعلمهم اليوم .
    ومساهمة منى:
    أدل على شرح كتاب الأدب المفرد،
    فيستعان بشرحه على فهم
    ما سقط من الشرائط أو أبهم من كلام الإمام رحمه الله
    وللعلم الشيخ حفظه الله معه العالمية والعالية(ماجستي /دكتوراه) في فنى اللغة العربية والحديث من جامعة الأزهر وكلية الأداب وهذا رابط الشرح على موقعه http://www.rslan.com/vad/items.php?chain_id=250
    ومن تفصح موقع الرجل علم مدي علمه ومدي قوة بيانه وبلاغته حتى أثنى عليه مخالفوه بذلك.
    مع ثناءات أهل العلم عليه.
    وهو سلفي قح. حفظه الله.

    فجزاك الله خيرا أم هانئ على نشرك للسنة .

  18. #118
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    الدولة
    مصر المنصورة
    المشاركات
    5,230

    افتراضي رد: * القطف الداني من كتاب : ( الأدب المفرد ) لشيخنا الألباني..

    وزيادة في الخير هذه عناصر جميع محاضرات السلسلة المباركة مجموعة في صفحة واحدة على موقع الشيخ حفظه الله ،
    تحتوي كل محاضرة منها على الأبواب التي يقوم الشيخ بالتعليق عليها .
    http://www.rslan.org/chains/AdabMofrad/notes.pdf

  19. #119
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    1,782

    افتراضي رد: * القطف الداني من كتاب : ( الأدب المفرد ) لشيخنا الألباني..

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    جزاكم الله خيرا ..

    وكذلك قد قام بشرح كتاب الأدب المفرد الشيخ حسين بن عودة العوايشة وهو أحد تلامذة الشيخ الألباني

    - رحمه الله - واسم كتاب الشيخ العوايشة : ( شرح صحيح الأدب المفرد ) للإمام البخاري / تخريج الشيخ الألباني

    ويقع الشرح في ثلاثة مجلدات متوسطة الحجم

    و منهج الشيخ العوايشة في شرحه للكتاب : جمع شروحات الأحاديث من بطون أمهات كتب السلف فقلما يضيف من عنده شيئا .

    نسأل الله أن ينفع به آمين .

  20. #120
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    1,782

    افتراضي رد: * القطف الداني من كتاب : ( الأدب المفرد ) لشيخنا الألباني..


    3 - ومحذِّر :

    من هذا القبيل النوع الثالث وهو المُحَذِّر بدون سؤال : متستر ت و يعاشر إناس

    لا خلاق لهم يجب على المسلم أوالمسلمة أن يحذر ذلك الشاب أو الشابة عن مُخالطة

    ذلك الإنسان المنحرف ؛ خشية أن يُصبح بمخالطته مثله.

    وهناك أحاديث كثيرة تدندن حول قضية واحدة وهي أن المسلم والمسلمة داخلة

    في هذا القول أيضا يجب أن يختار الصاحب والصديق الذي يُعاشره ويخالطه.

    فقد قال - عليه الصلاة والسلام -: "لا تُصاحب إلا مؤمناً ولايأكل طعامك إلا تقي".

    أي لا تُصاحب إلا مؤمنا لأنه كما يقول المثل العامي:"الصاحب ساحب"تسري عدوى

    الصاحب سيء الخُلق منه إلى صاحبه ، ولذلك فقد أبدع الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-

    حينما ضرب مثل الصاحب الصالح والصاحب الطالح بقوله -عليه الصلاة والسلام-:"مثل الجليس الصالح كمثل بائع المِسك إما أن يُعطيك وإما أن تشم منه رائحة طيبة ومثل الجليس السوء كمثل صاحب الكير"الحداد" إما أن يحرق ثيابك وإما أن تشم منه رائحة كريهة"

    فهذا مثل الصاحب صالحا كان أو طالحاً فلا مناص من أن يتأثر صاحبه به خيراً أو شراً.

    إذا كان الأمر كذلك فإذا رأيت شاباً يُصاحب فاسقاً فعليك أن تُحذره وأن تقول:

    فلان من صفته كذا وكذا ، هذا ليس بغيبة بل هي من الغيبة المستثناه ؛ لأن الدين النصيحة

    لقوله -عليه الصلاة والسلام-:"الدينُ النصيحة,الدين النصيحة,الدين النصيحة"قالوا لمن يا رسول الله؟ قال:"لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم".

    فهذا من النصح لعامة المسلمين : حينما نرى مسلما يُصاحب فاسقا لا يدري عن أطباعه

    وأخلاقه فيجب أن نحذره منه حتى لايتأثر به.



    4-ومجاهر فسقاً:

    هذا أهم شيء يتناصح فيه المسلمون : إذا رأينا مسلما يُصاحب فاسقا أو مسلمة

    تُصاحب فاسقة وما أكثر الفاسقات في زماننا هذا لأن مجرد خروج المرأة من بيتها

    متبرجة بزينتها متجردة من الجلباب الذي فرضه عليها ربها فإنما هو فسق وفجور

    لأنها تخالف صريح القرآن الكريم حيث يقول الله -عزوجل-:{ يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليهن من جلابيبهن}

    فإذا رأينا فتاة مؤمنة متسترة ليست من الفاسقات ثم هي تعاشر وتصاحب من لسن

    مثلها في حشمتها وفي سترتها فيجب تحذيرها من مخالطة هؤلاء .

    وهذا التحذير من النوع الثالث غير المجاهر بالفسق لأن الإنسان قد لا يُنبئ

    في مظهره عن فساد طويته ومع ذلك يُقال لصاحبه فلان صفاته كذا وكذا فإياك وإياه.

    أما النوع الرابع فمُجاهر فسقا فهي معلنة تخالف دينها وتعصي ربها.

    هذا النوع يُستغاب لماذا؟ تحذيرا لها لهذا النوع لعله يرعوي ويتوب إلى ربه -تبارك وتعالى-.

    فالمجاهر بالفسق ليس له غيبة وقد جاء في ذلك حديثٌ صريح ولكنه لا يصح إسناده

    للرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- ولفظه:"ليس لفاسقٍ غيبة"لكنه حديث ضعيف

    وإن كان معناه صحيحا.



    5-المُستفتي:-
    والاستفتاء:هو طلب حُكم شرعي : فقد يأتي الرجل إلى العالِم ويقول زوجتي تفعل

    كذا وكذا فما الحُكم في قوله زوجتي تفعل كذا وكذا ؟ هو غيبة لها

    والعكس تأتي المرأة وتقول زوجي يفعل كذا وكذا وهذه غيبة فهل هذا يجوز؟

    الجواب:-إذا كان قصد كل منهما أن يتعرف على حُكم الله -عزوجل-هذا أمرٌ جائز.

    أما إذا كان هذا ليس المقصود والمقصود هو التشفي فهذا حرامٌ في نص الكتاب والسُنة.

    ومن الشواهد على ذلك ماجاء في الحديث الصحيح أن امرأة جاءت الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم- فقالت: يارسول الله زوجي رجلٌ شحيح يعني بخيل أفآخذ من ماله ما يكفيني أنا وأبنائي؟

    فقول المرأة زوجي شحيح أي زوجي من طبعه البخل والشُح وبذلك لا يقوم بواجب النفقة

    بالنسبة إليّ كزوجة ولا بالنسبة لأولادي منه فهل يجوز أن آخذ من ماله خلسة بدون علمه؟

    فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -:"خذي من أمواله مايكفيك أنت وولدك بالمعروف".

    والشاهد من هذا الحديث:هو قول المرأة للرسول- صلى الله عليه وآله وسلم-:

    "زوجي رجلٌ شحيح" هذه غيبة في الشرع ، ولاشك أن الزوج لو بلغه أن زوجته قالت

    لفلان العالم:زوجي شحيح,هذا يُزعجه بلا شك لأنه غيبة لكن مادامت أرادت من وراء

    ذلك ليس التشفي وإنما الوصول إلى معرفة الحكم الشرعي ؛ لذك ما نجد الرسول

    - صلى الله عليه وآله وسلم- مُنكراً عليها ولم يقل لها:اسكتي هذه غيبة ؛ لأنها إنما تُريد أ

    ن تعرف حُكم الله في المسألة التي هي تسأل عنها ؛ فأجابها -صلى الله عليه وآله وسلم -

    بقوله:"خُذي من ماله ما يكفيك أنت وولدك بالمعروف".




    6- مَنْ طلب الإعانة في إزالة مُنكر:-

    أي إذا كان هناك منكر في المحل في الحارة وكان لا سبيل إلى إزالته والقضاء عليه

    إلا من باب تعاون المسلمين مع بعض ، ولابد لمن كان على علم بالواقعة السيئة

    أن يُحدث عن أهلها الآخرين فيمن يتعاون معهم في سبيل إزالة ذلك المنكر

    هذا كله غيبة ولكن في سبيل درء الشر الذي يضر الرجال والنساء أيضا.

    فلذلك التعاون على إزالة منكر ولو كان يستلزم شيئا من الاستغابة إلا أن هذه الغيبة جائزة.



    يتبــع .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •