إن من أسماء الله الحسنى اسمَ العظيم ومن صفاته العلى صفة العظمة فهو جل ‏جلاله العظيم الذي له جميع معاني العظمة والتبجيل والكبرياء المعظم في قلوب ‏عباده وأوليائه وخواص خلقه .‏
فسبحان من خضعت لعظمته الرقاب وذلت لجبروته الصعاب ولانت لقدرته الشدائد ‏الصلاب ، خضع كل شي لأمره ودان كل شيء لحكمه والكل تحت سلطانه وقهره كل ‏شيء دونه فلا شيء أعظم منه { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ ‏حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} .‏
علم الملائكة المقربون عظمته فخافوه وأذعنوا له وعظموه فلم يستنكفوا عن ‏عبادته ولم يستكبروا يقول الله جل جلاله {وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا ‏يَسْتَحْسِرُو َ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} {لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ ‏يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ ‏مُشْفِقُونَ} فلا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا اللهُ رب العرشُ العظيم لا إله إلا الله ‏رب السماوات والأرض ورب العرش الكريم .‏
سبحانك ربنا ما أعظمك سبحانك ما عظمناك حق عظمتك وما عرفناك حق معرفتك ‏وما قدرناك حق قدرك {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ‏وَالسَّمَاوَا ُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} يقول النبي صلى الله ‏عليه وسلم إنّ الله: يطوي السموات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: ‏أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأراضين السبع، ثم يأخذهن ‏بيده الأخرى، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون. ‏
والله لو علم العباد ما لله من العظمة ما عصوه ولو علم المحبون ما لله من الجمال ‏والكمال ما أحبوا غيره ولو عرف الفقراء غنى الرب سبحانه وتعالى ما رجوا سواه ‏فسبحانه جل في علاه هو سلوة الطائعين، وملاذ الهاربين، وملجأ الخائفين. {فَفِرُّوا ‏إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} ‏‏.‏
سبحانه جل جلاله كل يوم هو في شأن {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ ‏هُوَ فِي شَأْنٍ} يغفر ذنباً، ويكشف كرباً، ويفرج هماً ويهدي ضالاً ويرشد حيراناً ‏ويغيث لهفاناً ويجزي محسناً ويقبل تائباً ويرفع أقواماً، ويضع أقواماً، يحيِ ميتاً، ‏ويميت حياً، ويشفي مريضاً ويعافي مبتلى ويقيل عثرة ويستر عورة ويجيب داعياً ‏‏{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ ‏وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .‏
سبحان الله العظيم الذي أتته السماء والأرض طائعة، وتطامنت الجبال لعظمته ‏خاشعة، ووكفت العيون عند قراءة كلامه دامعة، عبادته شرف، والذلّ له عزّة، ‏والافتقار إليه غنى، والتمسْكن له قوة. {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي ‏يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِين وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ ‏فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ ‏دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ ‏وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَة ُ ‏يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُو نَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} ‏‏{قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ قُلْ ‏مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ‏قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} .‏
سبحان من أحاط علمه بالكائنات، وعلم النهايات واطّلع على النيات، قد أحاط بكل ‏شيء علماً وأحصى كل شيء عدداً يعلم ما في الضمير، فلم يغب عن علمه الفتيل ‏ولا القطمير، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ يعلم ما كان وما يكون الآن وما ‏سيكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون،لا تسقط ورقةٌ إلا بعلمه ولا تقع قَطرة إلا ‏بعلمه ولا تعقد نية إلا بعلمه ولا تقال كلمة إلا بعلمه ولا تخطى خطوة إلا بعلمه ولا ‏يخط حرف إلا بعلمه يعلم الحيَّ والميت، والرطب واليابس، والحاضر والغائب، ‏والسر والجهر، والبادي والخافي، والكثير والقليل، يعلم السرائر ويطلع على ‏الضمائر فالنجوى عنده جهر، والسرّ عنده علانية {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي ‏الصُّدُورُ} {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ ‏مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ ‏مُبِينٍ} { وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ‏ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}{ سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ ‏مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَار } {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ ‏اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} .‏
وسع سمعه الأصوات فلا يشغله صوت عن صوت ولا تختلط عليه لغة بلغة بل ‏يسمع جميع الأصوات على اختلاف اللهجات واللغات {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ ‏سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} .‏
سبحان الله العظيم الذي يبدئ ويعيد، وينشئ ويبيد، يفعل ما يشاء ويحكم بما يريد ‏وهو الغفور الودود ذو العرش المجيد فعّال لما يريد، الحي الذي لا يموت والقيوم ‏الذي لا ينام ولا ينبغي له أن ينام {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا ‏نَوْمٌ } له النعمة وله الفضل, وله الثناء الحسن, له الملك‎ ‎كله‎ , ‎وله الحمد كله, وله ‏الشكر كله شملت قدرته كل شيء, ووسعت رحمته كل شيء, ووصلت نعمته إلى كل‎ ‎حي {وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} ‏لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير الواحد ‏الأحد الفرد الصمد الذي لا صاحبة له ولا ولد كل شيء هالك إلا وجهه, وكل ملك ‏زائلٌ إلا‎ ‎ملكه‎, ‎وكل ظل ٍ قالصٌ إلا ظله, وكل فضلٍ منقطع إلا فضله‎, ‎لن يطاع‎ ‎إلا ‏بإذنه, ولن يعصى إلا بعلمه‎, ‎يطاع‎ ‎فيشكر, ويعصى فيغفر .‏
إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ‏هو الأول الذي ليس قبله شيء, والآخر‎ ‎الذي‎ ‎ليس بعده شيء, والظاهر الذي ليس ‏فوقه شيء, والباطن‎ ‎الذي‎ ‎ليس دونه شيء, لو أن الخلق كلهم‎ ‎انسهم وجنهم, كانوا ‏على أتقى قلب رجل منهم , ما‎ ‎زاد ذلك‎ ‎في ملكه شيئا, ولو أنهم‎ ‎كانوا على أفجر ‏قلب رجل ٍ منهم , ما نقص ذلك من‏‎ ‎ملكه شيئا ولو أن أهل سمواته وأرضه, انسهم ‏وجنهم, وحيهم‎ ‎وميتهم‎, ‎ورطبهم ويابسهم, قاموا في صعيد واحد فسألوه فأعطى‎ ‎كلا ً‎ ‎منهم ما سأل , ما نقص ذلك من ملكه شيئاً‎, ‎ولو أن‎ ‎أشجار الأرض كلها , من ‏بدايتها إلى نهايتها‎ ‎أقلام , والبحر وراءه سبعة أبحر, مداداً لتلك الأقلام ما نفدت ‏كلمات الله {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ‏مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ ‏سَمِيعٌ بَصِيرٌ} يقول الله جل جلاله مبيناً عظمته وجلاله قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى ‏عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ ‏مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ ‏اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا ‏رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَمَّنْ يُجِيبُ ‏الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا ‏تَذَكَّرُونَ أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ ‏رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ ‏مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ .‏
الخطبة الثانية
الحمد لله منزل القرآن رحمة للعالمين ومناراً للسالكين وحجة على العباد أجمعين ، ‏الحمد لله الذي لا يدوم غيره ولا يرجى إلا خيره ولا يخشى إلا ضيره ولا يعول إلا ‏عليه ، الحمد لله الذي خلق كل شيء فقدره وعلم مورد كل مخلوق ومصدره واثبت ‏في أم الكتاب ما أراده وسطره فلا مقدم لما أخره ولا مؤخر لما قدمه ولا ناصر لمن ‏خذله ولا خاذل لمن نصره ولا هادي لمن أضله ولا مضل لمن هداه ، الحمد لله الذي ‏يسمع خفي الصوت ولطيف الكلام ويرى ما في داخل العروق وبواطن العظام الحمد ‏لله ذي العرش والجبروت والمُلك والملكوت الحي الذي لا يموت والصلاة والسلام ‏على رسول الله خير خلق الله من اصطفاه ربه واجتباه صلى الله عليه وعلى آله ‏وصحبه ومن والاه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .‏
عباد الله ‏
يجب علينا أن نتعرف على الله لأن عظمة الله جل جلاله لن تأتي في قلوبنا إلا إذا ‏تعرفنا على الله ولهذا فإن ثلثَ القرآن آيات تُعرف بالله وتُذكِّر بعظمة الله وتذكر ‏أسماء الله وصفاته وكثير من الآيات في كتاب الله الكريم مختومة باسم من أسماء ‏الله أو صفة من صفاته .‏
بل أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نتعرف على الله فقال صلى الله عليه وسلم ( ‏تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة ) .‏
وليس المقصود من معرفة الله أن نُقر بوجوده فإن هذا المعرفةََ الإجمالية يشترك ‏فيها جميعُ الخلق فالخلق كلهم انسهم وجنهم مؤمنهم وكافرهم يقرون في نفوسهم ‏بوجود الله وإنما المقصود أن نتعرف على الله معرفةًً تورث في قلوبنا خشيةَ الله ‏ومحبتَه وتعظيمه قال تعالى { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ‏غَفُورٌ} .‏
لقد خفتت عظمة الله في قلوبنا وعظمت الماديات والمحسوسات في نفوسنا فرأينا ‏وسمعنا من يستهزئ بالله وبشعائر الله ورأينا من يتطاول على دين الله ومن يسب ‏الله ومن يزدري أحكام الله ومن يبارز الله بالمعاصي جهاراً نهاراً .‏
ضعفت عظمة الله عندنا فعصينا أوامره وتجاوزنا حدوده وأشركنا به وطلبنا الرزق ‏من غيره وتركنا التوكل والإعتماد عليه سبحانه وتعالى يقول الله جل جلاله مبيناً ‏عظمته {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} ويقول ‏سبحانه وتعالى {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًاوَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} أي مالكم لا تعظمون ‏الله حق عظمته . فلنحذر من أن نجعل الله جل جلاله أهون الناظرين إلينا يقول أحد ‏السلف: "لا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت".‏
عباد الله :‏
إن في القلب شعثاً لا يلمه إلا الإقبالُ على الله، وفيه وحشة لا يُزيلها إلا الأنس بالله، ‏وفيه حزن لا يُذهبه إلا السرور بمعرفة الله، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه ‏والفرار منه إليه، وفيه نيران حسرات لا يُطفئها إلا الرضا بأمر الله ، وفيه فقر ‏وفاقة لا يسدها إلا ذكر الله وصدق الإخلاص له جل جلاله (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ‏وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى وَأَنَّ عَلَيْهِ ‏النَّشْأَةَ الْأُخْرَى وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى ‏وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى وَالْمُؤْتَفِكَ ةَ أَهْوَى ‏فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى )‏