بسم الله الرحمن الرحيم
هذان تعقيبان عقديّان على الشيخ علي الحلبي – وفقه الله - ، أنشرهما بسبب نشر كتابيه المُتعقب عليهما :
التعقب الأول : أشرف الشيخ على طبع كتاب " النهاية في غريب الحديث " لابن الأثير ، دار ابن الجوزي – 1421، لكن فاته التعليق على موضعين تأول فيهما ابن الأثير صفتَين من صفات الله . وكان الأحرى به أن لا يتعجل بوضع اسمه على كتاب لم يقرأه بعناية ( حدث له هذا أيضًا في تحقيقه لتاريخ ثَغْر عدن ) وليته اطلع على بحث قديم نُشر في مجلة البحوث الإسلامية ، ( العدد31) بعنوان " تأويل الصفات في كتب غريب الحديث " ، للشيخ بدر الزمان النيبالي . لكان استفاد وأفاد بتبيين خطأ ابن الأثير .
1- قال ابن الأثير تحت لفظة " قدم " : ( هـ -وفي صفة النار : " حتى يضع الجبار فيها قدمه " أي الذين قدمهم لها من شرار خلقه ... الخ تأويلاته ) .
قال الشيخ النيبالي : ( كنت قد سجلتُ بعض ملاحظاتي حول هذه الظاهرة الزائغة – أي التأويل في كتب غريب الحديث - أثناء مطالعتي لكتاب النهاية لابن الأثير ؛ فأحببت أن أصوغها في مقالة، وألفت بها أنظار المستفيدين من كتاب النهاية، ومصادره ؛ ليكونوا على حذر من هذه التأويلات الفاسدة التي دخلت في كتب الغريب من جهة المعتزلة، والأشاعرة، وغيرهم : نقل ابن الأثير عن الهروي حديثاً في صفة النار: "حتى يضع الجبار فيها قدمه". وقال الهروي بعد ذكر الحديث: "روي عن الحسن: يجعل الله تعالى فيها الذين قدمهم من شرار خلقه، فهم قدم الله تعالى للنار كما أن المسلمين قدم للجنة"... قد وردت أحاديث عديدة في إثبات هذه الصفة لله تعالى فنذكر بعضها: - ثم ذكرها وقال - فهذه الأحاديث الصحيحة صريحة في إثبات صفة القدم لله تعالى ) .
2- قال الشيخ النيبالي : ( وأورد ابن الأثير الحديث الذي عند الزمخشري – أي "قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن، يقلبه كيف يشاء" - ثم شرح نحو شرحه، وأضاف إليه فقال: "وتخصيص ذكر الأصابع عن أجزاء القدرة والبطش لأن ذلك باليد، والأصابع أجزاؤها" !
قال ابن خزيمة في "باب إثبات الأصابع لله عز وجل" يعد ذكر أحاديث الأصابع: "والصواب والعدل في هذا الجنس مذهباً، مذهب أهل الآثار ومتبعي السنن، واتفقوا على جهل من يسميهم مشبهة، إذ الجهمية المعطلة جاهلون بالتشبيه... كيف يكون مشبهاً من يثبت لله أصابع على ما بيّنه النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم للخالق البارئ". قلت: لأنه لا مشابهة بين أصابع الرحمن، وأصابع الإنسان سوى اتفاقهما في الاسم ، ولا يكون تشبيهاً إلا إذا قسنا أصابعه بأصابعنا، فأما إذا أثبتناها له من غير تمثيل ولا تكييف يكون كإثباته لذاته "نفساً" ولبعض مخلوقاته "نفساً" حيث قال على لسان عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام: ( تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علاّم الغيوب) . فيقال: نفس لا كنفس، ومثله يقال: أصابع لا كأصابع ويدان لا كيدين، وهكذا في كل ما ثبت عن الله تعالى في وصف نفسه، وكذا فيما أثبت له رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأما ما لم يثبت فالخوض فيه ضلال. هذا، وما قدّمناه كنماذج لتأويل الصفات الذي أدى إلى التعطيل، أخذاً من كتب غريب الحديث، يكفي لإظهار ما فيها أو في معظمها من أفكار التجهم والاعتزال –والعياذ بالله- فليحذر الذين يستفيدون منها، وينقلون عنها، وليدركوا ما في النقول قبل نقلها والموافقة عليها ) . اهـ كلام الشيخ النيبالي – وفقه الله – بتصرف يسير .
فائدة : قال العلامة تقي الدين الهلالي – رحمه الله - : ( كنت أظن أن ابن الأثير سلفي العقيدة ، بريئ من التعطيل والتجهم ؛ لأني رأيت المتأخرين من المشتغلين ينقلون من كتابه شرح غريب الحديث ، ولما رأيت شرحه لأسماء الله الحسنى ، وجدته من شرار الجهمية المعطلة ) . ( سبيل الرشاد 1/19 ط مشهور ) .
============================== =
التعقيب الثاني : قام الشيخ علي – وفقه الله – بالتعليق على كتاب " كشف الشبهات " للإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب – رحمه الله - ، واهتمامه وغيره بكتب هذا الإمام مما يُفرح ؛ لأن كتبه – رحمه الله – نافعة للمسلمين ، موضحة لتوحيد رب العالمين ، دافعة للشبهات عنه . وقد أحسن الشيخ علي في تعليقاته ، إلا أنه أساء في ختامها !
- فقد قال الإمام ( ص 109) : ( لا خلاف أن التوحيد لابد أن يكون بالقلب واللسان والعمل ؛ فإن اختل شيئ من هذا لم يكن الرجل مسلمًا ) . وهذا كلام محقق ، ماش على طريقة أهل السنة في تعريفهم للإيمان – كما هو معلوم - . فبماذا علق الشيخ علي – هداه الله - ! لقد أحال في ( ص 109 ) على رسالته " التعريف والتنبئة .. " ، وفي ( ص 111 ) على كتابه الآخر هو ومجموعة معه " مجمل مسائل الإيمان والكفر .. " !! وشتان بين مذهب الإمام ، ومذهبهم المُحال عليه ! فهم يقولون – كما هو معلوم – إن أعمال الجوارح شرط كمال – مهما عبّروا - ؛ ولهذا رد العلماء على بعضهم ، ومنهم الشيخ علي – هداه الله - . فكان الواجب عليه إن لم يرجع عن زلته ، أن لا يتكثر بأئمة أهل السنة ، ويوهم أنه يوافقهم أو هم يوافقونه ! وقد نصحه العلماء بهذا عندما قالوا له في بيانهم : ( .. وأن يُقلع عن مثل هذه الآراء والمسلك المزري في تحريف كلام أهل العلم ، ومعلوم أن الرجوع إلى الحق فضيلة وشرف للمسلم ) . أسأل الله الهداية والتوفيق لي وللشيخ علي ولجميع المسلمين ، وأن يُسهل له أمر الرجوع عن زلته التي خالف فيها أهل السنة ، وأشغل نفسه بها وغيره عن المفيد .
============================== =
رسالة مهمة فيه بيان الفرق في مسائل الإيمان بين أهل السنة والمرجئة
والرد على الشبهات التي حرفت الشيخ علي وإخوانه إلى مخالفة أهل السنة
والرد - أيضًا - على من غلط على الإمام محمد - رحمه الله -
أسأل الله أن ينفع بها
http://saaid.net/book/open.php?cat=1&book=3045