التفكير في الموت ليس سوداوية من قبل الإنسان أو قمة التشاؤم، بل هو حق مشروع ورغبة طبيعية ووضع صحي عقلاني حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصانا بالإكثار من ذكر هادم اللذات ومفرق الجماعات ..وإذا عدنا إلى الأدعية المأثورة حق لنا تمني الموت متى رأى خالقنا أنه خير لنا ...
وعلى عكس ما يتوقع الكثيرون التفكير فيه يخلق لدى البعض – على الأقل أنا – حالة توازن نفسي وراحة تامة ,, وشيخ المعرة قال قديما - مبديا رأيه في الثنائية الضدية (الموت/ الحياة ) تعب كلها الحياة فما أعجب = إلا من راغب في ازدياد
وأنا اليوم أقول:
تفاهة مجملها الحياة فجد يا موت بصك الانزياح ..
أتوقف لأفكر في الموت وأفكر في أشياء أخرى بدءا بحوار دار بيني وبين رحمة*ش التي التقيت بها في المدينة المنورة بتخطيط مسبق هزم افتراضية النت فكانت النقلة النوعية ..
وشكوت لها إحساسي بالفراغ والوحشة في المدينة التي أعمل فيها لا سيما أني لا أعمل إلا يومين في الأسبوع و المدينة في حالة احتضار أزلي تستقبلك شعلة فترديك رمادا مناخها نأيها حرارتها وقومها يميتون في الألمعي ألمعيته ويباركون نوم القائم ....
فقالت لي اكتبي روايتك ..
موضوع الكتابة- بدءا- أمر مثير متذبذب ..أنا أحس أني أكتب بطريقة لم تعد تأتي أكلها في عصرنا ولغتي لا زالت بالية لم تطلها ريح – الأرابيش –على حد تعبير الدكتور صالح بلعيد ..
ولا تفضحوا السر أنا لا أومن بموهبتي ..هذا ان وجدت ولو لم أكن أستاذة
لاخترت أن أكون فلاحة .. أربي الدواجن والأرانب وبعض الشويهات وأتخفف من كل أدوات العصر حتى التلفاز..
أستيقظ فجرا لأرى الله وأكلمه ..ثم اعجن خبزي وانقل عند الضحى صينيتي لجاراتي نغمس الرغيف في زيت الزيتون ونحتسي أقداح الشاي المجمر ونتبادل حكايا الثوار..وأمسيات القمر والفانوس ..ونعود من حقولنا ببعض الحشائش لنعجة نفساء وتيس أعرج وأرنب ولود ودود ..
وعند المقيل أغفو وقد سقط من يدي عودين كنت أحيك يهما كنزه صوفية لمولود مقبل سأسميه سعيد ...
وعند العصير أعيش أطيب ساع الحياة لدي وقت اخلو بدجاجاتي وخرفاني البيضاء الأبية فأحادث هذه بلغة تيك تيك ..وذاك بأسلوب مع مع وأجول في الخم ألملم البيض وعشائي من حقلي وجود دجاجاتي ..
ثم اني قاسية أو سطحية – لست أدري - اكره اللغة التي تتسلق العبثية تقتلها ثم تصير هي العبث ..فتغرق النصوص في بحيرات التهويمات والغموض وتسرق منك خفي حنين معا وتجعلك ترقص حافي القدمين على ركح اللامعنى .أو تطير بك إلى مدارات لا نهاية المعنى .
أتذكر خالي رشيد الذي اهتم بالأدب ردحا من الزمن ثم التهمه عالم المال والأعمال
والمقاولات كان يضحك كلما عثر على قصاصة جريدة فيها خاطرة أو قصيدة فيهمس في أذني أللدهر عكاز وللعيون مجاديف ..؟؟ كنت أناقشه باستماتة وأدافع عن البلاغة كأم ولود رءوم تترفق بالنصوص وتجيد تسريح خصلاتها فيزداد حسنها ..
حتى جاء علي زمن صرت أقرأ نصوصا وأحمد الله أن المتذوق الوحيد للأدب في عائلة أمي صار يتذوق البورصات ..لأني سأعدم وسائل الدفاع عن النصوص واللصوص ..
لكن ماذا لو فكرت في الموت والرواية ورحمة معا ..سأموت.. فلأترك مذكرات ولآخذ بنصيحة رحمة ..
حسنا ..
ماذا سأكتب فيها ؟؟ وماذا سيستفيد من يقرأها ؟؟
يا واقفا على قبري لا تقرأ روايتي ..اعذرني أنا كنت مأخوذة بموضة العصر كتبت وكذبت وفضحت كل خصوصياتي الفــــــــاتحة وكفى .
و حسبي استحمارا للعباد ..
سيهرول ليقرأ روايتي والفضول يأخذ بكل تلابيبه وأكون ذكية
روجت لروايتي حتى بعد مماتي..
لن يجد جديدا أنا من مليار بشر آكل الطعام امشي في الأسواق أقترف النت اسمع الأناشيد أكره الغناء اشجع الخضر حينا وانقدهم أحايينا .اتصوف ساعة حتى اطلق الدنيا ..ثم أعود من رحلتي أطل على التي غادرتها من الكوات والنوافذ ..وأصرخ في وجهها ردي الي نصيبي منك ..يا غرارة يا غرورة ..
أعمل انتظارا للتقاعد لأقر في بيتي ..أواجه الضجر بسخرية والحياة بعفوية طفولية ابحث عن أمور لا اعرف ما هي,,
دوما أجد نفسي في مغارة علي بابا لكني أزهد في كل الكنوز وأدير عيني فتذوبا في وقبيهما حسرة وحيرة ..
فالكنز الذي أبحث عنه لم تصل إليه يد اللصوص وربما ضاقت ذائقتهم عنده و ما حوته الصناديق الحبلى في المغارة ..
سيبحث القارئ النهم عني في الرواية .. ويقلب الصفحة التي ما قبل الأخيرة من رواية مائة عام من الهلوسة ويستنكف عن قراءة الأخيرة ويزداد زفيره جراء هلوسته ..
- خرقاء ألأجل هذا جمعتني وعقلي وأعصابي تبا لك ..؟؟
هو قاريء مخدوع ظن انه سيجد عالمه في عوالم غيره ...وسيظل باحثا عن عالمه في روايات أخرى حتى يبيض شعر فوديه ويتقوس ظهره قبل أن يكتشف أن أحسن القصص رويت وان أجمل العوالم تنبثق من داخله وان حياته من صنع أفكاره وان البحر الذي في أحشاءه الدر كامن على مرمى حجر من نبض قلبه وعقيدته ..
وأن الأندلس متعطشة لمحرقة جديدة تحوي كما هائلا من الروايات التي تروي خصوصيات ليس من حقنا الاطلاع عليها وتفتح أبوابا ..سامحهم الله بل قاتلهم
فليدعوها مغلقة وليكفونا مغبة الهيت لك ..
ولن تفيدنا شيئا الا السياحة المجانية لشياطيننا الذين صاروا يعانون البدانة ..وأنه منذ صارت الأقلام أكثر رقصا على الأوراق صارت الشياطين أكثر إيمانا بصحبة الأفكار والسطور ,,ومتون الروايات .. و عجبا ..حتى الشيطان أدرك ان العصر صار الاله فشاد معابده في دارات الاله الجديد ..
كانت رحمة ستندم على نصيحتها وتذكر *مول النور* بالشر وهو الذي جمعها بجزائرية مجنونة تعتريها نوبات كفر بالعصر ..فترتد عنه ويهدر دمها وحبرها لا سيما في المنتديات .. وربما حدثت رحوم نفسها قائلة :
أن الفاشل في الحياة يردد قولتهم الشعبية- أي الجزائريين - – نلعب أو نحرم –
أي ألعب أو لا أترك أحدا يلعب ..
فأجيبها .. بتخاطر:
- فعلا قد أكون فاشلة في عالم الكتابة..ومازلت سلفية لا أعتدي على عناصر القصة تماما أظللها بألوان باهتة كما درسنا إياها أستاذي في الثانوي وما زلت أمارس الإجرام المنظم في حق التراكيب والعبارات دون ان أحدث المجازروالمهازل ..
..والأهم – أني من المرحومين لأني عرفت قدر نفسي ..
فأنا أصغر من أن أكتب مذكراتي أو روايتي ..
ليس صغرا يقاس بعدد السنين ..بقدر ما هو صغر ودور ضئيل في صناعة الحياة ..
لست امرأة متميزة غيرت مجرى الحياة والتاريخ وجعلت الحياة بعدها عكس ما كانت ..
و لست بالمقابل سيدة رفست وجه أمتها وزعزعت بعض أساطين صروحها ليعلو عماد خيمتها ..
وليست يومياتي ملأى بالمغامرات والعلاقات التي تفجر إحداثا وتولد شخوصا وتسيل لعاب الفضوليين المتخمين بمضغ القيل والقال وقولبة أحوال العباد ..
بالكاد كنت ولا زلت تلك القروية الواضحة العفوية التي لا زالت تجهل بعض المسميات العصرية وتنبهر بواجهات المحلات الكبرى .ولا زالت لا تفرق بين أقلام الشفاه وأقلام الرصاص ولا تمد رأسها لحلاقة تطقطق بكل ما فيها ....لست الا قروية تعتقد أن الشمس دائما تشرق من مشرقها رغم انه صار لها في عصرنا مخارج عدة ..لازلت أشاطر الجزائر نزقها فاقطعها شمالا جنوبا في ليلة واحدة وابصم قبلة على خدها الجنوبي وأهمس :
انا متشبثة بأصابع رجليك أرحميني يا حاجة اركليني رجاء علي التصق بجبينك فأرى النور .. فتضاحكني مع إشراق الشمس وتذكرني بهدف عنتر يحي.فأتشبث برجلها منتظرة السرعة الموعودة ..
أنا عابرة مسافرة مررت على بعض شعاب الحياة وأنا أخذ حذري كسابلة بسيطة .زادها الخوف ورجاءها العيش بوقار وحياء .
أمر على بعض الديار وبي رغبة أن يطول بي المقام فأمكث هنا وأتزود ولسان حالي يقول خير الزاد التقوى وعله هنا ..
هذا الأخير الذي أظن أني أبحث عنه وما حوته المغارة ولا حوانيت العطارين ....ومتى وجدته وعشته وعايشته حق لي أن أكتب روايتي ..وان أستقبل الموت بالأفراح ..وأعانق رحمة بحرارة الطفلة القابعة في ..صدقت نصيحتك ..سأبلغ العالم رسالتي ..
سأكتب روايتي حين أجدني .. حين أجد التي أبصرت النور فلم تعد الحياة بعدها كما كانت ...
في انتظار ذلك ينتظر بعض أحبائي النار الكبرى التي ستحرق فيها بعض أفكاري .. حتى لا أشوش سيرورة الأدب وصيرورته ,,,
والنار لحسن حظي ستكون بردا وسلاما علي ..
ليس لأني من سلالة الأنبياء والرسل بل لأني مجرد بعوضة – في عين الإله الجديد
- حطت على قد نخلة سامقة ,,,
وما درت النخلة وقت الحط ولا وقت الإقلاع ..
فقط هي بعوضة حالمة واهمة ..