ها هو موضوع جديد أطرحه للنقاش ، وأرجو من الجميع إعمال العقل والفكر :
نسب للصاحب بن عباد كتاب في الوقف والابتداء ، وعلى الرغم من أن الذي نسب إليه هذا الكتاب هو أبو البركات بن الأنباري ( ت 577 هـ ) في نزهة الألباء ، ثم جمال الدين القفطي ( ت 646 هـ ) في إنباه الرواة ، وتبعهما بعض مؤرخي الشيعة ، إلا أن البحث قد انتهى إلى أن هذه النسبة غير صحيحة ، وقد أثبت ذلك بالأدلة القاطعة في أطروحتي.
ولكن الذي يدعو للعجب هو ما ذكره أبو البركات بن الأنباري في نزهة الأ لباء في ترجمة الصاحب ؛ حيث قال بالحرف : ويحكى عنه : أنه لما صنف كتاب " الوقف والابتداء " كان ذلك في عنفوان شبابه ، فأرسل إليه أبو بكر بن الأنباري ، وقال له : إنما صنفتُ كتاب " الوقف والابتداء " بعد أن نظرتُ في سبعين كتاباً ، تتعلق بهذا العلم. فكيف صنعتَ هذا الكتاب مع حداثة سنك ؟!
فقال الصاحب للرسول : قل للشيخ : نظرتُ في النيِّف وسبعين التي نظرتَ فيها ، ونظرتُ في كتابك أيضاً.
وعلى الرغم من أن أبا البركات قد أورد القصة بهذه الصيغة ( ويحكى عنه ) ، وهي من صيغ التمريض ، إلا أن بعض مؤرخي الشيعة من المتأخرين قد أوردها بصيغة الجزم .
وقد أثارت هذه القصة في نفسي شكوكاً كثيرة حول نسبة الكتاب أصلاً إلى الصاحب بن عباد ، فمولد الصاحب كان في سنة ( 326 هـ ) على الأرجح ، أو على الأقل بعد 320 هـ ، وأبو بكر الأنباري كانت وفاته سنة ( 328 هـ ) على الأرجح. وقيل : ( 327 هـ ) ، فعمر الصاحب بن عباد يوم وفاة أبي بكر الأنباري ثلاث سنوات ، أو أقل من ثمانية أعوم ، ثم إن الصاحب قد صنف هذا الكتاب - على ما ذكره أبو البركات - في عنفوان شبابه ؛ أي : بعد سنة 345 هـ.
فالتقاؤهما في عالم الأحياء أمر مستحيل ، أو أن يكون المراد أبا بكر بن الأنباري آخر غير صاحب الإيضاح في الوقف والابتداء الذي نعرفه جميعاً ، متأخر عنه ، ومتقدم على الصاحب ، وهو ما لم أقف عليه.
وعلى الرغم من كثرة الدراسات التي قامت حول الصاحب ومصنفاته ، فإنني لم أقف على من حل هذا الإشكال ، وفك هذه العقدة ، وإنما اكتفوا جميعاً بالإشارة إلى تلك القصة ، أو سردها ، أو على الأقل نسبة الكتاب إليه.
وأسأل الله أن يقيض عالماً ربانياً يميط اللثام ، ويظهر الحق ، ويقيل العثرات ، ويجيب عن التساؤلات التي طرحتها في السابق حول الكتب المصنفة في الوقف والابتداء ، وماءات القرآن .. وغيرها.

فمن يقول : أنا لها ؟
تجدون الموضوع كاملاً على ملتقى أهل التفسير على هذا الرابط :
http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=19063

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبو يوسف السنهوري الكفراوي ، محمد توفيق حديد ، مدرس مساعد في جامعة الأزهر.
mthadeed@yahoo.com