أبو الطيِّب المتنبي في " مقاماتٍ " ... متميِّزٌ برأيك ..
مقاماتُ أبي الطيِّب المتنبي
حدَّثنا أبو الطيِّب الوائليُّ قال : في لحظةٍ كنتُ فيها ساهيَ القلبِ ، مسلوبَ اللُّبِّ ، سرَّحتُ خاطري ذات الميمنةِ ، باحثاً عن زاويةِ مأْمَنةٍ ، تجوبُ الأفكارُ فيه في مدارك الحواسِّ ، مُوجِّهاً العقلَ في الأسداسِ ، تذكرتُ حينها شَغَفي بأبي الطيبِ الكندي ، الغادي بين الشعراءِ كالعود الهندي ، و تذكرتُ ما أكتُبُ من مقاماتٍ لطيفة ، ذاتِ جِدٍ و أُخَرَ ظريفة ، و انتقدتُ خلوَّها من شخصيةٍ مرموزةٍ ، حتى غدت بِها مغموزة ، فابتدرتني فكرةٌ خلابة ، ورائعةٍ جذابة ، أن أتخِذَ من أبي الطيِّبِ كُنيةً ، فتحقَّقَ ما كانَ مُنْيَةً ، فحادثتُ نفسي بصدْقٍ ، و صارحتها بحقٍ ، أأنتي قابلةً ذا ؟ ، و آخذةٌ بدرْبٍ مُحتَذى ؟ .
قالت لي : و قد انكسرَ منها الضميرُ ، و استكانتْ بين يديَّ كالطَّفلِ الصغيرِ ، و هل لك عن أبي الطيب غِنًى ، و قلبُك معه فيه الهنا ؟! .
فقلتُ : أما وربي قد علمتي هوايَ ، و أوهنتي بكلامك عُرايَ ، و ما لي و للناسِ ، فلي مع أبي الطيبِّ اختلاجُ أنفاس ، و له مني موعدة الكريم ، و محمدَةُ الشريفِ العظيم ، أن أقيَمَ كُنيتَه مكتنياً بها ، في بَدْءِ مقاماتٍ أكتبها ، مع انتسابي لأصلِ القبيلة ، فأستَتِمَّ كمالَ الفضيلة ، كما هو الشأن في الافتتاحِ لِذِهْ ، فلتعلمي أنني مُحتَذِهْ .
فأشارتْ و كانت صادقة ، و لم تكنْ في قولها منافقة : ، أَوَ ليسَ له حقٌّ عليك أنسِيْتَه ، و ووفاءٌ منكَ لفضلٍ أُهدِيْتَه ؟ ، فما لأبي الطيبِ أن يكون هيِّنا لتنساه ، و لا مُستحقراً لتعرضَ عنه و تأباه .
فقلتُ : له مني أن أرْقُم في مدحه مقاماتٍ ، أحاكي فيها أخبار أبيات ، قالها فسارت بها الرُّكبان ، و تغَنَّتْ بها الأحبار و الرهبان ، فغدتْ كالحِكم المنوَّرَة ، و الأمثالِ المصوَّرَة ، فذاك الأقلُّ مني ، فليصرِف اللومَ عني .
و إليكم أيها القراءُ ، أمِدوا برأيٍ مُضاء ، فبكم الاستنارةُ ، و قد أبنتُ بالعبارة .
إيضاحٌ : هذه الأكتوبةُ خططتها للتوِّ ، فهي مِن بَوْحِ الخاطرِ ، أرمي منها لشيءٍ في نفسي ، و هو كتابةُ مقاماتٍ لأبي الطيبِ المتنبي ، أقفُ فيها على بعضِ ما تذوقته من معاني شعرِه ، و أُبْعِدُ النَّجعةَ في إشاراتِ المعاني ، فلأبي الطيِّبِ مقامٌ عندي ، و هو من الشعراءِ المُنْتَخَبَةِ أشعارهم لديَّ ، و هي في ذروتها في تذوقاتي .
دمتم بِوُدٍ ...
تحياتي الخوالصُ
__________________
عبدُ اللهِ العُتَيِّق
http://muntada.islamtoday.net/showthread.php?t=27380
منقول.