رواه إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول : اشحذ سيفك قيل وما ذاك ( يا أبا عبد الله ) ؟ قال نزع من قلوب عدوكم الرعب وقذف في قلوبكم الوهن قالوا بم ذاك ؟ قال بحبكم الدنيا وكراهيتكم الموت طوبى لمن خزن لسانه وقعد في بيته وبكى على خطيئته
ورواه عن إسماعيل جماعة
1/ عبد الوهاب بن نجدة
أخرجه أبو داود في الزهد وابن أبي عاصم في الزهد
وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين ثنا أحمد بن عبد الوهاب ثلاثتهم قالوا نا عبد الوهاب بن نجدة نا إسماعيل نا شرحبيل به ورواية ابن أبي عاصم والطبراني مختصرة
تنبيه : قد ورد تصريح شرحبيل بالسماع من ثوبان في رواية ابن أبي عاصم !
2/ سعيد بن منصور
أخرجه سعيد في السنن ثنا ابن عياش عن شرحبيل بن مسلم به والزيادة له
3/ داود بن الرشيد
أخرجه البغوي في معجم الصحابة[1] ثنا داود بن رشيد نا عن ابن عياش عن شرحبيل به مختصرا
4/ محمد بن عبد المجيد
أخرجه ابن أبي الدنيا في العزلة والانفراد ثني محمد بن عبد المجيد التميمي ثنا إسماعيل بن عياش عن شرحبيل به مختصرا
فهؤلاء أربعة سعيد بن منصور وعبد الوهاب بن نجدة وداود بن رشيد ومحمد بن عبد المجيد رووه عن إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم الخولاني عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم موقوفا
ورواه عيسى بن سليمان الشيزري عن إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم عن ثوبان قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : طوبى لمن ملك لسانه ووسعه بيته وبكى على خطيئته
أخرجه الطبراني في الأوسط والصغير ومسند الشاميين ثنا إبراهيم بن محمد بن عرق الحمصي ثنا عيسى بن سليمان الشيزري ثنا إسماعيل به
قال الطبراني في الصغير : لا يروى هذا الحديث عن ثوبان إلا بهذا الإسناد تفرد به عيسى بن سليمان وهو ثقة سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول سمعت أبي يقول شرحبيل بن مسلم من ثقات الشاميين وحدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال سمعت يحيى بن معين يقول إسماعيل بن عياش ثقة فيما روى عن الشاميين وأما روايته عن أهل الحجاز فإن كتابه ضاع فخلط في حفظه عنهم
أقول : عيسى بن سليمان الشيزري وثقه الطبراني وذكره ابن حبان في الثقات وقد خالف أربعة هم أثبت منه وأكثر فرفع الحديث عن إسماعيل ورواية الجماعة الموقوفة أصح وأخشى أن يكون الوهم من شيخ الطبراني لا من الشيزري فإني لا أعلم فيه توثيقا وقد قال الذهبي غير معتمد
وقول الطبراني لا يروى هذا الحديث عن ثوبان إلا بهذا الإسناد تفرد به عيسى بن سليمان يقصد به الرفع وإلا فهو نفسه قد أخرجه في مسند الشاميين من طريق عبد الوهاب عن إسماعيل موقوفا
الخلاصة أن المحفوظ ما رواه سعيد بن منصور وعبد الوهاب بن نجدة وداود بن رشيد ومحمد بن عبد المجيد عن إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم الخولاني عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم موقوفا
وهذا إسناد جيد إن ثبت سماع شرحبيل من ثوبان كما ورد في رواية ابن أبي عاصم فإسماعيل بن عياش ثقة وروايته عن الشاميين مستقية وهذه منها
وشرحبيل بن مسلم الخولاني شامي صدوق لا بأس به قال عبد الله بن أحمد عن أبيه من ثقات الشاميين وقال أبو داود في سؤالاته سمعت أحمد قال ما روى ابن عياش وهو إسماعيل عن شيخ أوثق من شرحبيل بن مسلم وقال الآجري سألت أبا داود فقال سمعت أحمد يرضاه ووثقه ابن نمير وقال العجلي شامي تابعي ثقة واختلف فيه قول ابن معين فقالإسحاق بن منصور عن يحيى بن معين ضعيفوقال الدوري سمعت يحيى يقول شرحبيل بن مسلم ثقة وشذ ابن حزم فقال ابن حزم مجهول لا يدرى من هو وهذه غفلة منه
أقول : إن في النفس شيئا من سماع شرحبيل بن مسلم من ثوبان ولم أر للمتقدمين في ذلك كلاما وأنا أخشى ألا يكون أدركه وسمع منه فإن ثوبان توفي سنة أربع وخمسين بحمص قاله ابن سعد وأبو عبيد والهيثم بن عدي ومحمد بن عبد الله بن نمير وخليفة بن خياط وأحمد بن محمد بن عيسى صاحب تاريخ حمص وغيرهم كما في تهذيب الكمال وقيل قبل ذلك وهو وهم
وأخرج أبو زرعة في تاريخه ثني الخطاب بن عثمان الفوزي ثنا إسماعيل بن عياش قال قال شرحبيل بن مسلم : ختنت في خلافة عبد الملك قال فدخل علي خالد بن عبيد الله السلمي فقال أبشر يا ابن أخي فقد طهرك الله وسنده صحيح
وأخرج ابن أبي الدنيا في العيال ثنا داود بن عمرو الضبي ومحمد بن عبد الله المديني ثنا إسماعيل بن عياش حدثني شرحبيل بن مسلم الخولاني قال : دخل علي خالد بن عبيد الله الملائي وقد ختنت فمسح رأسي ودعا لي بالبركة ثم قال لي أبشر يا ابن أخي فقد طهرك الله لقد بلغني أن الحجر يتنجس من بول الأقلف أربعين صباحا[2] وسنده صحيح أيضا
أقول : شرحبيل ختن في خلافة عبد الملك بن مروان وقوله عن خالد فمسح رأسي ودعا لي بالبركة يبين أنه كان وقتها صغيرا والعرب على عادتهم كانوا يختنون الرجل قبل الإدراك فقد خرج البخاري في الصحيح وغيره من طريق أبي إسحاق عن سعيد بن جبير قال سئل ابن عباس مثل من أنت حين قبض النبي صلى الله عليه وسلم قال أنا يومئذ مختون قال وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك
وعبد الملك بايعه أهل الشام سنة أربع وستين وقيل خمس وستين حين مات أبوه وكانت الجماعة على عبد الملك سنة ثلاث وسبعين وتوفي عبد الملك يوم الخميس للنصف من شوال سنة ست وثمانين فكاننت خلافته ثلاث عشرة سنة وخمسة أشهر
أقول : لو فرض أن شرحبيل بن مسلم ختن في أول سنة بويع لعبد الملك فيها سنة أربع وستين وله من العمر أربع عشرة سنة لكانت سنه يوم مات ثوبان أربع سنين ومثله لا يصح له إدراك ولا سماع ويستأنس لذلك أيضا بما صح عن إسماعيل بن عياش قال أخبرني شرحبيل بن مسلم قال أدركت خمسة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم واثنين قد أكلا الدم في الجاهلية ولم يصحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحفون شواربهم ويعفون لحاهم أبا أمامة وعبد الله بن بسر وعتبة بن عبد السلمي - يعرف بعتبة بن الدر - والمقدام بن معدي كرب وأبا عنبة الخولاني وأبا فالج الأنصاري قلت لشرحبيل كيف رأيتهم يأخذون شواربهم ؟ قال مع أطراف الشفة ولا يلحفون
أقول : هذا ليس نصا لأنه قيد إدراكه هؤلاء أنهم يحفون شواربهم ويعفون لحاهم وهو المقصود من ذكره هذا الخبر وليس مراده حصر من أدركهم من الصحابة فلا يمنع أن يدرك غيرهم لا يفعلون مثل فعلهم رضي الله عنهم أجمعين
هذا ما تيسر لي جمعه من طرق هذا الخبر وإن كان لأحد الإخوة الكرام فضل علم في سماع شرحبيل من ثوبان رضي الله عنه فليتحفنا به وإني له سلفا لمن الشاكرين وأسأل الله الكريم أن يغفر لي خطئي وزللي إنه غفور بر كريم قاله وكتبه أبو صهيب الجزائري
[1] رواية البغوي وردت في المطبوع مصحفة سقط منها كلمات لم يستدركها المحقق مع أن الخبر منثور في كتب كثيرة ؟!
[2] في المطبوع أن تنتن صناجا ؟ ولا معنى له وإنما صوبته من لفظ حديث واه ورد في ذلك والله أعلم