ما راي لمشايخ في هذا التعريف للمقاصد الذي أورده بعض الباحثين ؟:
المقاصد هي الغايات التي تراعى في استنباط الأحكام المستفادة من مقام الخطاب الشرعي من حيث التلازم الطردي بينهما وتنزيلها على أحوال المكلفين .
ما راي لمشايخ في هذا التعريف للمقاصد الذي أورده بعض الباحثين ؟:
المقاصد هي الغايات التي تراعى في استنباط الأحكام المستفادة من مقام الخطاب الشرعي من حيث التلازم الطردي بينهما وتنزيلها على أحوال المكلفين .
أرى ـ سلَّمك الله ـ أنه تعريف متكلف:
قوله: (تراعى في استنباط الأحكام): كأنه هنا لا يريد أن ينسب إلى الله تعالى (القصد)، ولذا جعل المقاصد مراعاة من قبل المستنبط، وهذه المسألة يمكن أن تتفرع عن مسألة (تعليل أفعال الله تعالى)، وهي مسألة خلاف بين أهل السنة والأشاعرة، فإن كان صاحب التعريف قد تأثر بلفحة أشعرية فقد أصابته سفعة فكرية عفا الله عني وعنه.
ونحن نثبت التعليل في أفعال الله تعالى وفي أحكامه، ونقول إن أحكامه معلله بمصالح العباد، ومن ثم نعرِّف المقاصد بأنها الغايات التي قصدها الشارع من شرعه.
وقوله: (من مقام الخطاب الشرعي) لفظة (مقام) فضلة مقحمة هنا، لا داعي لها، والتعريفات مبناها على الإيجاز.
وقوله: (من حيث التلازم الطردي بينهما) بين ماذا وماذا ؟، المذكور ثلاثة: غايات/أحكام/ خطاب.
وقوله: (وتنزيلها على أحوال المكلفين) ما هي؟، الغايات/ أم الأحكام المتضمنة لها.
الحاصل أن التعريف غير سديد في نظري، وهنالك تعريفان: للطاهر بن عاشور، وعلال الفاسي، وتعريف الأخير منهما أدق وأجزل، في نظري، وإن كان تعريف ابن عاشور أملح وأصبح، والعلم عند ربنا تعالى.
جزاك الله خيرا أبا عبد الله وسلمك :
أنا نصحته أن يجعله هكذا : " الغايات المستقرأة من تصرفات الشارع التي تراعى في تنزيل الأحكام المستفادةُ من مقام الخطاب الشرعي من حيث التلازم الطردي بينهما لأجل تحقيق مصالح المكلفين" .
وتفصيل ذلك عندي وقد أكون مخطئا هو على هذا الوجه :
1- الغايات : هي المعاني المقصودة من الشارع سواء كانت عامة أو خاصة أو جزئية ، بحيث لا يخلو قسم منها من مقصد مصلحي ، والتوصيف بالغائية هنا دلالة على وجوب ارتباط مقاصد المكلف بمقاصد الشارع حتى تتحقق هذه الغايات .
2- أما المستقرأة من تصرفات الشارع: فتحرزا من قول من يقول أن تصرفات الشارع غير معللة ، وعلى اعتبار أن أحكام الله معللة بمقاصدها ، ويتوخى الشارع الاجتهاد من أهله في تبينها وتحقيقها واقعا وعملا .
3- أما القصد من مراعاتها في تنزيل الأحكام ، فذلك لأن الأصل أن تعلل الأحكام بمقاصدها ، ومن ثم كانت هذه الأحكام ذاتها وسائل لتحقيق المقاصد ، ومن هنا كان لزاما على المشتغل بفقه الأحكام فهم الواقع والفهم فيه كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى .
4- التلازم الطردي : القصد منه التلازم بين المقاصد ووسائلها ، وكما قال علال الفاسي رحمه الله : " الشريعة أحكام تنطوي على مقاصد ومقاصد تنطوي على أحكام .
5- أما مقام الخطاب فالقصد منه الظروف والملابسات والقرائن المحيطة والمحتفة بالواقعة وذلك حتى يكتمل للوسيلة مقصودها ويكون للحكم المنزل على الواقع اثره .
فهل من تعقيب بارك الله فيكم ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
الشيخ الفاضل يوسف حميتو وفقني الله وإياك :
يظهر لي أن التعريف غير دقيق كما ذكر الشيخ أبو عبد الله النجدي وبيان ذلك :
قوله : ( المقاصد هي الغايات التي تراعى في استنباط الأحكام المستفادة من مقام الخطاب الشرعي من حيث التلازم الطردي بينهما وتنزيلها على أحوال المكلفين ) :
أولاً : لا حاجة لذكر قيد ( التي تراعى في استنباط الأحكام ) وقيد ( وتنزيلها على أحوال المكلفين ) ؛ لأن هذا ليس من حقيقة المقاصد بل هو ثمرة للعلم بالمقاصد ومعلوم أن الثمرة لا تدخل في ماهية الشيء ولذلك يخطيء من يقول في تعريف الواجب مثلا هو ما يثاب فاعله ويعقاب تاركه وفي تعريف المندوب هو ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه ؛ لأن الثواب والعقاب ثمرات الواجب والمندوب وليست داخلة في ماهيتها .
ثانيا : كذلك لفظة ( مقام ) لا داعي لها كما ذكر الشيخ أبو عبد الله .
ثالثا : لا داعي إلى التطويل والتعقيد في تعريف المقاصد فهي أوضح من هذا بكثير ولذلك الشاطبي _ رحمه الله _ وهو من أكثر من تكلم عن المقاصد لم يضع لها تعريفاً وذلك لوضوحها ، والشيء إذا كان واضحا فإن التعريف يزيده تعقيداً وغموضاً ، وإنما وضعت الحدود لتصوير وبيان حقيقة المعرَّف ليزداد وضوحا وليس ليزداد غموضاً ، لكن لا بأس بتعريف مبسط نحو ما عرفها به الريسوني بقوله : ( هي الغايات التي وضعت الشريعة لأجل تحقيقها لمصلحة العباد ) أو ما عرفها به الفاسي بقوله : ( المراد بالمقاصد الشرعية الغاية منها , والأسرار التي وضعها الشارع عند كل حكم من أحكامها )
جزاك الله خيرا أبا حازم ،
أنا لا أملك أن اقول له لا داعي للتقعيد واكتف بتعاريف الشاطبي رحمه الله أو غيره ممن عرف المقاصد ، فطبيعة بحثه تقتضي هذا النهج عنده وهو ملزم به ، وكذلك لا أستسيغ فكرة التعريف ولكن الأخ لا بد له من ذلك ، ولست أدري ما مسلكه وقد عرض علي ما كتب ونبهته إلى بعض ما نبهتما إليه ، ولم أجد بدا من اقول له ما قلت بناء على ما يراه هو .
جزاكما الله خيرا .
أحسن الله إليكم ..
مع بُعدي عن إنهاك الذهنِ لإيجادٍ تعريفٍ جامعٍ مانعٍ مطَّردٍ منعكسٍ لماهو معلوم لديَّ .. إلاَّ أني أردتُ إفادة أخي الحبيب أبي حاتم المغربي ..
عرَّف الدكتور محمد سعد اليوبي في رسالته (1) : [ مقاصد الشريعة الإسلامية وعلاقتها بالأدلة الشرعيَّة ] المقاصد بأنها :
’’ المعاني والحِكَم ونحوها التي راعاها الشارع في التشريع عموماً وخصوصاً ؛ من أجل تحقيق مصالح العِباد ‘‘
_________
(1) رسالة دكتوراة من الجامعة الإسلامية بإشراف الشيخ عمر بن عبد العزيز 1415 هـ
وقد طُبعت طبعةً جديدة هي الأولى لدار ابن الجوزي 1428 هـ .