تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: تهذيب (الرسالة) الشافعية وتلخيصها في أحرف قليلة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    1,154

    Lightbulb تهذيب (الرسالة) الشافعية وتلخيصها في أحرف قليلة

    الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون . والحمد لله الذي تسبق نعمه المتواصلة شكر الشاكرين ويفوق عظمته وعلياءه وصف الواصفين . أحمده وأستعينه وأستهديه وأستغفره ، وأشهد أن لا إله إلا هو لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    1,154

    افتراضي رد: تهذيب (الرسالة) الشافعية وتلخيصها في أحرف قليلة

    بعث الله رسوله والناس صنفان : (1) أهل الكتاب الذين بدلوا من أحكام الله وكفروا به ويقولون عليه الكذب وهم يعلمون ، (2) ومشركوا العرب والعجم الذين كفروا به وعبدوا آلهم افتعلوها وابتدعوا في الدين ما لم يأذن به الله . فكانوا عندها أهل كفر وضلال من حي منهم حي عاصيا ومن مات منهم مات معذبا . فاقتضت حكمة الله وسنته في خلقه بفتح أبواب سمواته برحمته فأظهر دينه الذي اصطفي بإرساله خير خلقه وخاتم أنبيائه رسالة تعم العالمين أجمعين وتفتح لهم منافع الدنيا والدين . فصلى الله على نبينا أفصل الصلاة وأكثرها وأزكاها ، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته ، وجزاه الله عنا أفضل ما جزى مرسلا عن أمته .

    وقد أنزل الله على رسوله كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، وبين فيه ما أحل لخلقه بالتوسعة عليهم وما حرم عليهم لمصلحتهم في الآخرة والأولى ، وابتلى طاعتهم في الأقوال والأفعال . وأثابهم على الطاعة بالخلود في الجنان والوقاية من عذاب النيران ، وأعلمهم ما أوجب على أهل طاعته وذكرهم بمن حصل لمن كان قبلهم من الأمم .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    1,154

    افتراضي رد: تهذيب (الرسالة) الشافعية وتلخيصها في أحرف قليلة

    فكل ما أنزل في كتابه جل ثناؤه رحمة وحجة ، علمه من علمه وجهله من جهله . والناس في العلم طبقات بقدر موقعهم في العلم به . فحق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه ، والصبر على كل عارض دون طلبه ، وإخلاص النية لله في استدراك علمه نصا واستنباطا ، والرغبة إلى الله في العون عليه – فإن من أدرك علم أحكام الله في كتابه نصا واستدلالا ووفقه الله للقول والعمل بما علمه فاز بالفضيلة في دينه ودنياه وانتفت عنه الريب ونورت في قلبه الحكمة واستوجب في الدين موضع الإمامة . فنسأل الله أن يرزقنا فهما في كتابه ثم سنة نبيه وقولا وعملا يؤدي به عنا حقه ويوجب لنا نافلة مزيده .

    فليست تنزل في أحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها ، فإنه هو الكتاب الذي يخرج به الناس من الظلمات إلى النور ويهدي إلى صراط مستقيم ، وقد جعله الله بيانا وتبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    1,154

    افتراضي رد: تهذيب (الرسالة) الشافعية وتلخيصها في أحرف قليلة

    .......

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    1,154

    افتراضي رد: تهذيب (الرسالة) الشافعية وتلخيصها في أحرف قليلة

    (كيف البيان)

    البيان اسم جامع لقليله وكثيره . فأقل البيان ما يتبين معناه لمن كان متكلما بلسان العرب الذي نزل به القرآن دون من يجهل لسانهم . والبيان قد يكون (نصا في الكتاب) مثل افتراض الصلاة والزكاة والحج والصوم وتحريم الفواحش والزنا والخمر وغير ذلك ؛ وقد يكون (محكم الفرض في الكتاب مبين الكيفية في السنة) مثل عدد الصلاة والزكاة ووقتها وغير ذلك ؛ وقد يكون (منصوص الحكم في السنة غير منصوص في الكتاب) مع نص الكتاب على افتراض طاعة الرسول في أحكامه ؛ وقد يكون (محصَّلا باجتهاد الخلق) بعد افتراض الله عليهم الاجتهاد في طلبه وابتلائه طاعتهم في هذا الاجتهاد ودلالته إياهم على صواب الاجتهاد بما ركب فيهم من العقول المميزة بين الأشياء وأضدادها وما نصب لهم من العلامات وأن لا يقول أحد منهم إلا بالاستدلال لا بما استحسن .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    1,154

    افتراضي رد: تهذيب (الرسالة) الشافعية وتلخيصها في أحرف قليلة

    (البيان الأول : ما لم يحتج مع التنزيل فيه إلى غيره)

    قال تعالى في المتمتع : {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة} . فكان بينا عند من خوطب بهذه الآية أن صوم الثلاثة في الحج والسبع في المرجع عشرة أيام كاملة . فاحتمل قوله {تلك عشرة كاملة} أن يكون إعلاما بجماع العدد واحتمل أن يكون زيادة في التبيين .

    (البيان الثاني : [ما ذكره الكتاب وبينت السنة قيوده وشروطه])

    قال تعالى : { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا} . فذكر كتاب الله الوضوء والغسل من الجنابة ، فكان أقل غسل الوجه والأعضاء مرة واحتمل ما هو أكثر منها فبينت السنة أن الواحدة من الغسل أجزأت ، واحتملت الآية أن يكون الكعبين والمرفقين حدين للغسل أو داخلين فيه فدلت السنة أنهما مما يغسل .

    (البيان الثالث : ما فرضه الكتاب وبينته السنة كيف فرضه)

    قال تعالى : {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} ، وقال : {وأتموا الحج والعمرة لله} . ثم بين على لسان رسوله عدد ما فرض من الصلوات ومواقيتها وسننها ، وعدد الزكاة ومواقيتها ، وكيف عمل الحج والعمرة وحيث يزول هذا ويثبت وتختلف سننه وتتفق ، ولهذا أشباه كثيرة في القرآن والسنة .

    (البيان الرابع : ما سنه الرسول بلا نص في الكتاب)

    كل ما سن رسول الله مما ليس فيه كتاب يجب قبوله منه . ففي ذكر ما من الله به على العباد من تعلم الكتاب والحكمة دليل على أن الحكمة سنة رسول الله وفي ما افترض الله على خلقه من طاعة رسوله دليل على أن السنة أحد وجوه البيان في كتاب الله . فكل من قبل عن الله فرائضه في كتابه قبل عن رسول الله سنتة بفرض الله على خلقه طاعة رسوله والانتهاء إلى حكمه .

    (البيان الخامس : [ما ذكر مثاله أو شبهه في الكتاب أو السنة فيقاس عليه])

    قال تعالى : { ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} . فرض عليهم حيث ما كانوا أن يولوا وجوههم شطره وشطر الشيء جهته وتلقاءه ، وهو قصد عين الشيء إذا كان معاينا فبالصواب وإذا كان مغيبا فبالاجتهاد وذلك أكثر ما يمكنه فيه . وقال تعالى : { وأشهدوا ذوي عدل منكم} ، والعدل العامل بطاعته ، فمن رأوه عاملا بها كان عدلا ومن عمل بخلافها كان خلاف العدل . وقال تعالى : {لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاءه مثل ما قتل من النعم} ، والمثل على الظاهر أقرب الأشياء شبها في العظم من البدن ، فنظرنا ما قتل من دواب الصيد أي شئ كان من النعم أقرب منه شبها فديناه به . ولم يحتمل المثل من النعم القيمة فيما له مثله في البدن من النعم إلا احتمالا مستكرها باطنا فكان الظاهر الأعم أولى المعينين .

    وهذا اجتهاد بطلب الدليل على صواب القبلة والعدل والمثل . وهذا الصنف من العلم دليل على أن ليس لاحد أبدا أن يقول في شئ حل ولا حرم إلا من جهة العلم ، وجهة العلم الخبر في الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس . والقياس ما طلب بالدلائل على موافقة الخبر المتقدم من الكتاب أو السنة لأنهما علم الحق المفترض طلبه كطلب ما وصفنا من القبلة والعدل والمثل . وموافقته تكون من وجهين : (1) أن يكون الحلال والحرام منصوصا لمعنى ، فأحللنا أو حرمنا ما لم ينص فيه بعينه مما فيه ذلك المعنى ؛ أو (2) نجد الشئ منه والشيئ من غيره ولا نجد شيئا أقرب به شبها من أحدهما فنلحقه بأولى الأشياء شبها به كما قلنا في الصيد .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    1,154

    افتراضي رد: تهذيب (الرسالة) الشافعية وتلخيصها في أحرف قليلة

    (من جماع علم كتاب الله)

    ومن جماع علم كتاب الله العلم بأن جميع كتاب الله إنما نزل بلسان العرب، والمعرفة بناسخ كتاب الله ومنسوخه والفرض في تنزيله والأدب والإرشاد والإباحة، والمعرفة بأن الله أمر الناس بطاعة نبيه والانتهاء إلى أمره لما وضعه الله به من الإبانة عنه في فرائضه. ثم معرفة ما ضرب في الكتاب من الأمثال الدوال على طاعته المبينة لاجتناب معصيته وترك الغفلة عن الحظ والازدياد من نوافل الفضل. فالواجب على العالمين أن لا يقولوا إلا من حيث علموا، وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه لكان الإمساك أولى به أقرب من السلامة له إن شاء الله.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    1,154

    افتراضي رد: تهذيب (الرسالة) الشافعية وتلخيصها في أحرف قليلة

    (عربي القرآن)

    قال قائل منهم: إن في القرآن عربيا وأعجميا، والقرآن يدل على أن ليس من كتاب الله شئ إلا بلسان العرب. وإنما قال من قال هذا تقليدا منه وغفلا عن طلب الحجة وتركا لمسألة غيره ممن خالفه، فالله يغفر لنا ولهم.

    ولعله من قلده ذهب إلى أن من القرآن ألفاظا يجهل بعضها بعض العرب، وقد وجد من العجم من ينطق بها. فيحتمل أن يكون ذلك مما تعلمه بعض العجم من العرب، فإن لم يكن منه فلا يوجد ينطق إلا بالقليل منه، ومن نطق بقليل منه فهو تبع للعرب فيه. ولا ننكر إذ كان اللفظ قيل تعلما أو نطق به موضوعا أو يوافق لسان العجم أو بعضها قليلا من لسان العرب كما يتفق القليل من ألسنة العجم المتباينة في أكثر كلامها مع تنائي ديارها واختلاف لسانها وبعد الأواصر بينها.

    ولسان العرب أوسع الألسنة مذهبا وأكثرها ألفاظا، ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي. ولكنه لا يذهب منه شئ على عامة العرب حتى لا يوجد منهم من يعرفه. والعلم به عند العرب كالعلم بالسنة عند أهل الفقه لا نعلم رجلا جمع السنن فلم يذهب منها عليه شئ، لكن إذا جمع علم عامة العلماء بها أتى على جميع السنن. وهم في العلم طبقات، منهم الجامع لأكثره وإن ذهب عليه بعضه، ومنهم الجامع للأقل مما جمع غيره. وليس هذا دليلا على أن يطلب علم السنن عند غير طبقة العالم بها، بل يطلب عند نظرائه ما ذهب عليه حتى يجمع علومهم بها ويؤتى على جميع سنن رسول الله بأبي هو وأمي.

    وهكذا لسان العرب عند خاصتها وعامتها: لا يذهب منه شئ عليهم ولا يطلب عند غيرهم، ولا يعلمه إلا من قبله عنهم، ولا يشركهم فيه إلا من اتبعهم في تعلمه منهم. ومن قبله منهم فهو من أهل لسانهم. وإنما صار غيرهم من غير أهل لسانهم بتركه، فإذا صار إليه صار من أهله. وعلم أكثر اللسان في أكثر العرب أعم من علم أكثر السنن في العلماء.

    فإن قال قائل: ما الحجة في أن كتاب الله محض بلسان العرب لا يخلطه فيه غيره؟ فالحجة فيه كتاب الله. قال الله: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه}. فإن قال قائل: فإن الرسل قبل محمد كانوا يرسلون إلى قومهم خاصة وإن محمد بعث إلى الناس كافة، فقد يحتمل أن يكون بعث بلسان قومه خاصة ويكون على الناس يتعلموه، ويحتمل أن يكون بعث بألسنتهم. فهل من دليل على أنه بعث بلسان قومه خاصة دون ألسنة العجم؟

    قيل: إن كانت الألسنة مختلفة بما لا يفهمه بعضهم عن بعض، فلا بد أن يكون بعضهم تبعا لبعض، وأن يكون الفضل في اللسان المتبع على التابع. وأولى الناس بالفضل باللسان من لسانه لسان النبي. ولا يجوز - والله أعلم - أن يكون أهل لسانه تبعا لأهل لسان غير لسانه في حرف واحد. بل كان لسان غيره تبع للسانه، كما كان على كل أهل دين قبله اتباع دينه.

    وقد بين الله ذلك في غير آية من كتابه، فقال الله: {وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين). وقال: {وكذلك أنزلناه حكما عربيا}. وقال: {وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها}. وقال: {إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون}. وقال: {قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون}.

    فأقام حجته بأن كتابه عربي في كل آية ذكرناها ثم أكد ذلك بأن نفى عنه جل ثناؤه كل لسان غير لسان العرب في آيتين من كتابه، فقال تبارك وتعالى: {ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين}. وقال: {ولو جعلناه أعجميا لقالوا لو لا فصلت آياته ءاعجمي وعربي}.

    وعرفنا نعمه بما خصنا به من مكانه، فقال: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم}. وقال: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين}. وكان ممن عرف الله من إنعام نبيه أن قال: {وإنه لذكر لك ولقومك}. فخص قومه بالذكر معه بكتابه. وقال: {وأنذر عشيرتك الاقربين}. وقال: {لتنذر أم القرى ومن حولها}، وأم القرى (مكة) وهي بلده وبلد قومه. فجعلهم في كتابه خاصة وأدخلهم مع المنذرين عامة، وقضى أن ينذروا بلسانهم العربي لسان قومه منهم خاصة.

    فعلى كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جهده حتى يشهد به أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله ويتلوا به كتاب الله وينطق بالذكر فيما افترض عليه من التكبير وأمر به من التسبيح والتشهد وغير ذلك. وما ازداد من العلم باللسان الذي جعل الله لسان من ختم به نبوته وأنزل به آخر كتبه كان خيرا له، كما كان عليه أن يتعلم الصلاة والذكر فيها ويأتي البيت وما أمر بإتيانه ويتوجه لما وجه له ويكون تبعا فيما افترض عليه وندب إليه لا متبوعا.

    وإنما بدأت بما وصفت من أن القرآن نزل بلسان العرب دون غيره لأنه لا يعلم من إيضاح جمل علم الكتاب أحد جهل سعة لسان العرب وكثرة وجوهه وجماع معانيه وتفرقها. ومن علمه انتفت عنه الشبه التي دخلت على من جهل لسانها. فكان تنبيه العامة على أن القرآن نزل بلسان العرب خاصة نصيحة للمسلمين، والنصيحة لهم فرض لا ينبغي تركه وإدراك نافلة خير لا يدعها إلا من سفه نفسه وغفل عن حظه. وكان يجمع مع النصيحة لهم قياما بإيضاح حق، وكان القيام بالحق ونصيحة المسلمين من طاعة الله وطاعة الله جامعة للخير. قال النبي : {إن الدين النصيحة. إن الدين النصيحة. إن الدين النصيحة. لله ولكتابه ولنبيه ولأئمة المسلمين وعامتهم}.

    فإنما خاطب الله بكتابه العرب بلسانها على ما تعرف من معانيها. وكان مما تعرف من معانيها اتساع لسانها. وأن فطرته (1) أن يخاطب بالشيئ منه عاما ظاهرا يراد به العام الظاهر ويستغني بأول هذا منه عن آخره؛ و(2) عاما ظاهرا يراد به العام ويدخله الخاص فيستدل على هذا ببعض ما خوطب به فيه؛ و(3) عاما ظاهرا يراد به الخاص؛ و(4) ظاهر يعرف في سياقه أنه يراد به غير ظاهره، فكل هذا موجود علمه في أول الكلام أو وسطه أو آخره.

    وتبتدئ الشئ من كلامها يبين أول لفظها فيه عن آخره؛ وتبتدئ الشئ يبين آخر لفظها منه عن أوله؛ وتكلم بالشيء تعرفه بالمعنى دون الإيضاح باللفظ كما تعرف الإشارة، ثم يكون هذا عندها من أعلى كلامها لانفراد أهل علمها به دون أهل جهالتها. وتسمي الشئ الواحد بالأسماء الكثيرة وتسمي بالاسم الواحد المعاني الكثرة.

    ومعرفة هذه الوجوه التي وصفت واضحة مجتمعة عند أهل العلم بلسان العرب - وإن اختلفت أسباب معرفتهم بها - ومستنكرا عند غيرهم ممن جهل هذا من لسانها، وبلسانها نزل الكتاب وجاءت السنة. فتكلف القول في علمها تكلف ما يجهل بعضه، ومن تكلف ما جهل وما لم تثبته معرفته، كانت موافقته للصواب - إن وافقه من حيث لا يعرفه - غير محمودة وكان بخطئه غير معذور والله اعلم.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •