تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: القوَّة في الدِّين.. كيف نراها واقعاً في حياتنا..؟

  1. #1

    افتراضي القوَّة في الدِّين.. كيف نراها واقعاً في حياتنا..؟

    القوَّة في الدِّين.. كيف نراها واقعاً في حياتنا..؟

    مشهور بن حاتم الحارثي | 27/3/1431 هـ




    المتأمل في التاريخ يجدُ أنَّه ما من دينٍ ظهَر وانتشر –سواءً أكان حقَّاً أم باطلاً- إلاَّ كان وراءه فئة تؤمن به، وتعمل له، وتمتثله واقعاً في حياتها؛ ليقوم ذلك الدِّين على أكتافهم، وليكونوا أنموذجاً واضحاً لأتباعه؛ يسترشدون بهم، ويطمئنُّون من جهة تطبيق ذلك الدِّين وتحقيقه.

    ولذلك..عندما أنزل الله عزَّ وجل دينه في هذه الأرض بشرائعه المختلفة، جعل لكلِّ شريعة من الشرائع رسولاً كريماً يبلِّغ ويكون قدوة، وفئة تؤمن وتعمل وتمتثل؛ لتكون عاملةً على إظهار دينها شيئاً فشيئاً، دالَّةً على صحَّته وإمكان تطبيقه، وتهيئة فئات تحمل همَّ هذا الدِّين والعمل له..
    ولكن..عندما يدبُّ الضَّعف في تلك الفئة المؤمنة العاملة -على اختلاف أزمانها- سواءً من جهة العلم أو العمل، فإنَّ ذلك الضَّعف ينعكس تلقائياً على ظهور ذلك الدِّين وأتباعه..حتى يضمر أو يتلاشى.

    وكان من حكمة الله عزَّ وجل أنْ جعل في هذه الأمَّة المحمديَّة، والشريعة الخالدة الأبديَّة، فئة تؤمن بدينه، وتعمل له، وتمتثله واقعاً عملياً في حياتها ما دام هذا الدِّين في الأرض، لا يعتريهم الضَّعف، ولا يسيطر عليهم اليأس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال من أمتي أمةٌ قائمةٌ بأمر الله لا يضرُّهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك))(1)..

    وقد دلَّ الحديث على أنَّ هذه الطائفة القائمة بأمر الله عزَّ وجل قد تمَّ حفظها من ضرَرَيْن:
    أولاً: حفظها من ضرر الخذلان.
    وثانياً: حفظها من ضرر المخالفة.
    والفرق بينهما: أنَّ الخذلان ما كان من داخل الصفِّ..!، والمخالفة ما كان من خارجه(2)، وهذان هما الخطران المحدقان بكلِّ دين أو مذهب يُراد له الظهور والانتشار..
    وما كان لهذه الطائفة المؤمنة أن تبقى قائمةً بأمر الله عزَّ وجل، صامدةً في وجه طوفان المخاطر الداخليَّة والخارجيَّة سوى أنها كانت قويَّةً في دين الله عزَّ وجل أخذاً وعطاءً، تلقياً وأداءً، علماً وعملاً، شريعة ونَهْجاً..هذا هو الأمر الذي حفظها من حَنَق المخالفين، وخَوَر المخذِّلين المرجفين. ولولا تلك القوَّة الدينيَّة وما تُمْليه من وضوحٍ في التصوُّر والاعتقاد، وحزمٍ في التمسُّك والامتثال، وجديَّةٍ في السلوك والعمل..، لانحلَّت تلك الطائفة عند أدنى مؤامرة أو اعتداء، ولكانت تعيش تشتُّتاً في الأمر، وهواناً في العزم، ولما بقيت تقوم لله عزَّ وجل بحجَّة..

    ولذا..لما كان مدار الصُّمود والبقاء على القوَّة في الدِّين، أَمَر الله عزَّ وجل بها أنبياءه وأقوامهم، فقال تعالى لموسى عليه السلام (فخذها بقوَّة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها) (الأعراف:145) وقال لبني إسرائيل (خذوا ما آتيناكم بقوَّة) (الأعراف:171)، وَوصَف الله عزَّ وجل بها نبيَّه داود عليه السلام فقال: (واذكر عبدنا داود ذا الأيْد) (ص:17) أي ذا القوة في الدِّين، بل خاطب الله بها يحيى عليه السلام منذ أن كان في المهد صبياً (يا يحيى خذ الكتاب بقوَّة وآتيناه الحكم صبيا) (مريم:12) لينشأ ذلك الصبي وهو ابن ثلاث سنين كما في قول ابن عباس رضي الله عنه(3)..على معاني القوَّة والجدِّ والعزم في أخذ الدِّين والتمسُّك به.

    إن الأمَّة اليوم بحاجةٍ شديدةٍ إلى استجماع معاني القوَّة في أفرادها؛ ليسعدوا بدينهم، ويُؤدوا حقَّ الله عزَّ وجل فيهم. والناظر في كلام ربِّه سبحانه وتعالى لا تكاد تخطئُ عينه صورتان اثنتان من صور القوَّة في الدِّين لا تتحقق القوَّة إلا بهما:
    الأولى: القوَّة في الأخذ والتمسُّك والعمل (خذوا ما آتيناكم بقوَّة) (الأعراف:171).
    والثانية: القوَّة في الإعداد والمواجهة والمدافعة (وأعدُّوا لهم ما استطعتم من قوَّة)(الأنفال:60) .

    إنَّ الأمَّة بحاجةٍ إلى المؤمن القويِّ في عقيدته.. القويِّ في عبادته..القويِّ في تعلُّمه..القويِّ في دعوته....القويِّ في دفاعه..القويِّ في صَدْعه بالحقِّ ووقوفه أمام سَيْل الشُّبهات والشَّهوات، والفتن والمغريات.. إذا تكلَّم كان قويَّاً واثقاً، وإن ناقش كان قويَّاً واضحاً، وإذا عَمِل كان قويَّاً ثابتاً، يأخذ تعاليم دينه بقوَّة، وينقلها إلى غيره بقوَّة، ويتحرَّك ويدعو في مجتمعه بقوَّة..لا وَهَن ولا تميُّع..ولا ضعْف ولا تصنُّع، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:((المؤمن القويُّ خير وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز..)) (4).

    ولكي تتحصَّل هاتان القوَّتان بكل صُوَرها وأشكالها، وتُصْبح واقعاً عملياً نعيشه في حياتنا، لابدَّ من استجماع عدِّة أمور هي بمثابة الأُسُس التي يقوم عليها هذا المبدأ الشرعيِّ، (والمقام مقام إشارةٍ لا استفاضة، وهي محاولة استقرائية للآيات الواردة في القوَّة، وحال المأمورين والموصوفين بها):

    الأساس الأول: قوَّة الصِّلة بالله تعالى.
    إنَّ من أهمِّ أُسُس القوَّة في دين الله عزَّ وجل أن يكون المؤمن قويَّ الصلة بالله عزَّ وجل، كثير العبادة له سبحانه. لما ذَكَر الله عزَّ وجل نبيَّه داود عليه السلام وَصَفه بالقوَّة في الدِّين، وعلَّل ذلك بأنه أوَّاب كثير الرجوع إلى ربِّه عزَّ وجل فقال تعالى (واذكر عبدنا داود ذا الأَيْد إنَّه أوَّاب) (ص:17)، وكان عليه السلام حَسَن التعبُّد لربِّه عزَّ وجل ففي الحديث: "إن أحبَّ الصيام إلى الله صيام داود، وأحبَّ الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام"(5). ولما أمر نبيُّ الله هود عليه السلام قومه بالاستغفار والرجوع إليه سبحانه بيَّن لهم أنَّ هذه الصلة الحسنة بالله تعالى تزيدهم قوَّة في أمر دينهم ودنياهم (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوَّة إلى قوتكم) (هود:52).

    الأساس الثاني: الاستجابة الكاملة لله تعالى..
    ففي قوله تعالى لبني إسرائيل (خذوا ما آتيناكم بقوَّة واسمعوا) (البقرة:93) أَتْبعَ الله عزَّ وجل أمْرَه بأخذ ما آتاهم بقوَّة بأمرٍ آخر وهو السماع المطلق والاستجابة الكاملة له سبحانه، ليدُلَّنا ذلك بطريق الإشارة على أن ممِّا تتحقق به القوَّة في الدِّين سماع أمر الله عزَّ وجل، والإنصات له، والعمل بموجبه، ليتمَّ تحقيق العبودية الشاملة له بعد ذلك. وإذا أعرض الإنسان عن سماع أمر ربِّه تعالى، أو سمع ولم يجب الاستجابة الكاملة التي تُغيِّر محتواه ظاهراً وباطناً كان عُرضة لأن يقع فيما وقع فيه بنو إسرائيل من الذمِّ وسوء العاقبة (قالوا سمعنا وعصينا وأُشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين) (البقرة: 93).

    الأساس الثالث: اليقين بنصرة الله عزَّ وجل لدينه.
    إن استحضار نصرة الله عز وجل لدينه، وامتلاء القلب يقيناً وصِدْقاً بوعد ربِّه تعالى لابدَّ أن يكون مصاحباً لكل مريد للقوَّة في الدِّين- لاسيَّما زمن الفتن والمحن-، ولذلك عندما أحسَّ أصحاب موسى عليه السلام بخُسران المعركة أمام فرعون وملئه، وظنُّوا انتصار الباطل على الحقِّ..أظهر الله عزَّ وجل على لسان موسى عليه السلام -المأمور بالقوَّة في الدِّين- ما كان يحمل في قلبه من يقينٍ وثقةٍ بنصر الله تعالى لدينه وعباده المؤمنين، فقال الله عزَّ وجل -حاكياً حاله وحالهم- (فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون (61) قال كلاَّ إنَّ معي ربي سيهدين (62) فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كلُّ فرق كالطَّوْد العظيم (63)) (الشعراء).

    كما أن على القويِّ في دين الله عز وجل ألاَّ يستبطئ وَعْد الله تعالى في نُصْرة دينه، وأن يسعى في مؤازرة إخوانه وتذكيرهم بهذا الوعد، اقتداء بفعل موسى عليه السلام -لما استبطأ قومه النَّصْر واستطالوا عَهْد الله فعبدوا العِجْل- (فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعداً حسناً أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحلَّ عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي) (طه:86).

    الأساس الرابع: الحرص على مذاكرة ما في الكتاب والسنة..
    فكيف لمؤمنٍ يريد أن يكون قويَّاً في دين الله عزَّ وجل، حاملاً همَّ تبليغه وتبيينه للناس، إذا فتَّشت عن قراءته -فضلاً عن مذاكرته- لكتاب الله عزَّ وجل وسُنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم وجدتها تبلغ من الضَّعف قدْراً كبيراً.، لما أمر الله بني إسرائيل بأخذ ما آتاهم من التوراة بقوَّة أشار سبحانه إلى ما يُعينهم على هذا الأمر فقال تعالى (خذوا ما آتيناكم بقوَّة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون) (البقرة: 63) أي: خذوا التوراة بقوَّة واتلوها وادرسوها واعملوا بما فيها لتكونوا من أهل التقوى(6)، فكذلك كل من أراد القوَّة في دين الله عز وجل عليه أن يكون حريصاً على ذِكْر ما وَرَد في الكتاب والسنة، وعلى العمل بموجبه؛ ليَقْوَى في دينه، وليوصله بعد ذلك بإذن الله إلى العلَّة المذكورة في الآية (لعلكم تتقون). وعندما وَصَف الله عزَّ وجل نبيَّه داود عليه السلام بكونه قويَّا في دين الله أخبر سبحانه عن طَرَف من مظاهر هذه القوَّة وأسبابها فقال تعالى (ولقد آتينا داود وسليمان علما) (النمل: 15)، وقال (ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما) (الأنبياء:79).

    الأساس الخامس: عدم الانسياق لرغبات النفس وشهواتها..
    إنِّ المؤمن إذا اشتغل قلبه بالدُّنيا، وتعلَّقت نفسه بشهواتها، صَعُب عليه التقوِّي في دين الله تعالى، والاجتهاد في طاعته، ولذلك لما وَصَف الله عزَّ وجل نبيَّه يحيى عليه السلام -المأمور بالقوة في الدِّين- وَصَفَه مُثنياً عليه بأنه يَحصُر نفسه ويحبسها عن الشهوات والملذَّات المباحة فضلاً عن المحرَّمة، فقال تعالى مخاطباً زكريا عليه السلام (أنَّ الله يبشرك بيحيى مصدقاً بكلمةٍ من الله وسيَّداً وحصوراً ونبياً من الصالحين) (آل عمران:39).(7)

    الأساس السادس: الارتباط بالصالحين والتقوِّي بهم..
    إنَّ على القويِّ في دين الله عزَّ وجل أن يكون على ارتباطٍ وثيقٍ، واتصالٍ متينٍ، بإخوانه الصالحين المصلحين؛ ليشدُّوا من عزمه، وليصدِّقوه في دعوته، وليزداد بهم رسوخاً وثباتاً على أمره..، ولذلك سأل موسى عليه السلام– وهو المأمور بالقوَّة في الدين- ربَّه سبحانه وتعالى أن يُرسل معه أخاه هارون عليه السلام ليزداد به قوَّةً على قوَّته، فقال تعالى- على لسان موسى-: (وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءاً يصدِّقني إني أخاف أن يكذبون (34) قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون (35)) (سور القصص).

    هذه سته أسس..أَحْسبُ أنها كفيلة بإذن الله تعالى في أنْ تُحيي فينا معاني القوَّة في الدِّين أخذاً ومدافعة، وتصنع لنا جيلاً يتربَّى على مثل هذا الأمر..والشواهد على هذه الأسس كثيرة مستفيضة، ولكنِّي رغبت الاقتصار على الاستشهاد بالآيات الواردة في القوَّة والمتعلِّقة بها؛ ليظهر لنا مدى الاتصال بين هذه الأسس وموضوع القوَّة في الدِّين. ولك أن تتأمل معي ما وَرَد في هذه الآية العظيمة وتُقارن بين المأمور به، وشدَّة العقاب المترتِّب على عدم الامتثال..يقول الله عز وجل -عن بني إسرائيل-: (وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلَّة وظنُّوا أنَّه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوَّة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون) (الأعراف:171)..قال قتادة رحمه الله في تفسير هذه الآية: "جبل نزعه الله من أصله ثم جعله فوق رؤوسهم، فقال: لتأخذُنّ أمري، أو لأرمينَّكم به..!"، وقال الحسن البصري رحمه الله: " لما نظروا إلى الجبل خرَّ كلُّ رجل ساجدًا على حاجبه الأيسر، ونظر بعينه اليُمْنَى إلى الجبلِ، فَرَقًا من أن يَسْقُط عليه"(8).

    وختاماً..إنَّ على القويِّ في دين الله عزَّ وجل أن يتحمَّل كل التَّبِعات التي قد تنشأ من أخذه للدِّين بقوَّة..فمن طبيعة هذا الدِّين أن المستمسك به يلاقي ما لا يلاقيه غيره من الضعفاء المتنازلين..وذلك من حكمة الله عزَّ وجل، وهي فتنة يمحِّص الله عزَّ وجل بها عباده وأولياءه..والله تعالى قادرٌ على نَصْر دينه وإعزاز كلمته دون أدنى جُهْد من البشر، ولكنَّ الأمر وُكِل إليهم للابتلاء والتمحيص، قال الله تعالى: (ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض) (محمد:4).

    وعلينا أن نسأل أنفسنا سؤالاً: هل نحن ممن يَصْلح أن يكون من هذه الطائفة القويَّة التي تنصر دينها، وتصبر على ما تُبتلى به..؟؟ إذا كنَّا نغشى بعض المخالفات الشرعيَّة، ولا نستطيع قيام الليل أو الوتر على الأقل(9)، وكلَّما هبَّت ريحُ شبهةٍ أمالتنا..! أو شهوةٍ أناختنا..! فإن إحياء معاني القوَّة في أنفسنا قبل الآخرين ظاهرُ العُسْر والصعوبة..

    ولا تخش على هذا الدِّين، فإنَّ الأقوياء في حَمْله والأخذ به والدفاع عنه لابدَّ من وجودهم في كل زَمَن..وهذه الأمَّة أمَّة ولود..فما يضعف قويٌّ إلا ويقوى ضعيف، وما يزلُّ عالم إلا ويرسخ آخر، وما يتساهل داعية إلا ويثبت غيره، فإمَّا أن تتحقق فينا معاني القوَّة في الدِّين أخذاً ومدافعة..وإمَّا أن تجري علينا سنَّة الاستبدال في قيادة هذا الدِّين والتأثير في الناس.

    ومن نافلة القول..الإشارة إلى أن القوَّة في الدِّين لا تتطلَّب عبوساً في الوجه، وضيقاً في الصَّدر، وغلظةً في التعامل، فإنَّ هذا مما يخالف قوَّة الأخلاق عند الطائفة المنصورة، ولنا في سِيَر الأقوياء الأتقياء أسوة حسنة..
    رزقنا الله وإيَّاكم القوَّة في دينه..وثبَّتنا على شرعه وهدي نبيِّه، وصلَّى الله على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    __________________
    (1) رواه البخاري في صحيحه كتاب المناقب، باب "سؤال المشركين أن يريهم النبي صلى الله عليه وسلم آية فأراهم انشقاق القمر"، (ح3369).
    (2) انظر: فتاوى شيخ الإسلام رحمه الله (28/416).
    (3) انظر: تفسير البغوي (5/121).
    (4) رواه مسلم في صحيحه، كتاب القدر، باب في "الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة بالله وترك المقادير لله" (ح4816).
    (5) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الصيام، باب "االنهي عن صوم الدهر لمن تضرر به أو فوت به حقاً.." (ح1969).
    (6) انظر: تفسير الطبري (2/161).
    (7) انظر: تفسير البغوي (2/35).
    (8) انظر: تفسير الطبري (13/218-219).
    (9) ذكرت هذا الأمر لكون صلاة الوتر من آكد التطوعات وقد اختُلف في وجوبها، ولأن لها علاقة مباشرة بموضوع القوَّة في الدين فقد رُويَ عن عقبة بن عامر – وفي سند الحديث مقال- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل أبا بكر متى توتر؟ قال: أصلي مثنى مثنى ثم أوتر قبل أن أنام، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مؤمن حذر"، وقال لعمر بن الخطاب كيف توتر؟ قال: أصلي مثنى مثنى ثم أنام حتى أوتر من آخر الليل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مؤمن قوي") أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (17/304)، (ح838).

  2. #2

    افتراضي رد: القوَّة في الدِّين.. كيف نراها واقعاً في حياتنا..؟

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    حقيقا من اروع ما قرأت في هذا المجلس الموقر مؤخرا وانا من عادتي اقرأ ولا اعلق وذلك لثقتي بالاخوة الذين يعلقون فأنا قد لا الم بالعلوم الشرعية الا القليل لكني اثرت ان اعلق على هذا الموضوع في وقت استشعرت كم نحن ضعفاء امام جبروت الظالمين من اليهود واهل الكفر ومن والاهم لا يخفى على احد ما يحدث في اقصانا من تدنيس واستخفاف بنا كمسلمين فلولا ضعفنا ما جرئ هؤلاء على تدنيس مقدساتنا في وقت نحن المسلمون مشتتون كل حزب بما لديهم فرحون تركنا مصدر قوتنا والا وهي وحدتنا وانتبهنا لنسب ونشتم ونكيل الاتهامات على بعضنا البعض وهذا ينبع من ابتعادنا عن ديننا الحنيف وفلو كل المسلمون في بقاع الارض ألتزموا بما عرضه اخي ناشر الموضوع بما كتب فلا اعتقد ان حالنا سيكون كما هو الان وجزاك الله اخي ابا البراء عنا وعن الامة خيرا
    وشكرا لكم

  3. افتراضي رد: القوَّة في الدِّين.. كيف نراها واقعاً في حياتنا..؟

    هكذا لتكن المقالات .. جزاك الله خيرًا يا أخي .
    .
    (اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار)
    .

  4. #4

    افتراضي رد: القوَّة في الدِّين.. كيف نراها واقعاً في حياتنا..؟

    أخي الكريم أستسمحك في نقل هذه الإضافة البسيطة لمقالك الرائع وهي مختصرة (وبتصرّف) عن كتاب (أساليب المجرمين في التصدي لدعوة المرسلين) لفضيلة الشيح محمد بن عبد العزيز المسند حيث جاء فيه :

    قبل الحديث عن مفهوم النصر من زاوية إسلامية أحب التنبيه على مسائل مهمة :

    1- أن النصر لهذا الدين والعاقبة للمتقين وهو وعد إلهي صريح

    2- أنّ الله عزّ وجلّ لم يحدد موعدا لهذا النصر وهذا لحكمة أرادها عزّ وجلّ
    3-أن هذا الوعد لا يعني التراخي والركون إلى الكسل بحجة أنّ الله وعدنا بالنصر


    وسنتحدّث في هذه العجالة عن أمرين أساسيين قد يغفل عنهما الكثير من المثقفين :

    أولهما - عن حقيقة الإنتصار
    ثانيهما - عن صور الإنتصار


    1- عن حقيقة الإنتصار : تقوم الدعوة إلى الله على ركنين أساسيين هما (الداعي) وما يدعوا إليه (المنهج)
    فأما الداعي فهو الرسول صلى الله عليه وسلم أو من يقوم مقامه في دعوة الخلق إلى الله وتفهيمهم حقائق الدعوة (=الإسلام) فإنه قد يطرأ عليه ما قد يطرأ على جميع البشر من الخطئ والغضب والنسيان والمرض والموت وغيرها بل قد يحدث لغير الرسل والانبياء من الدعاة أكثر من ذلك من انتكاس وارتداد وغيره مما قد يطرأ على الإنسان إن لم يعصمه الله عز وجل ولهذا جاء التحذير إلى الرسل صلوات الله وسلامه عليهم شديد اللهجة كما في قوله تعالى ( ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا (74) إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا ) (الإسراء 74-75)
    لكن يبقى الركن الثاني من أركان الدعوة وهو المنهج ثابتا لا يتغير ولا يتبدل ولا تؤثر فيه الأحداث وعليه فإن الإنتصار الحقيقي إنما هو انتصار المنهج وذلك بظهوره وعلوه واقتناع الناس به ولو أدى ذلك إلى تغييب الداعي (السجن = نموذج يوسف عليه السلام) أو غيابه (القتل = نموذج الغلام في قصة أصحاب الأخدود) وفي كلتا الحالتين لا يستطيع أحد أن يقول بانّ إحدى هانين الدعوتين قد فشلت في تحقيق أهدافها ذلك أنّ الهدف هو انتصار المنهج واقتناع الناس به ولو تعطّل الحكم بالشريعة على المستوى السياسي ذلك أن الغاية إنما هي زحزحة الناس عن النار ودخولهم الجنة لا إقرارهم على أخطائهم التي قد تكبهم يوما على وجوههم في النار من أجل وعاء انتخابي صغير أو مصلحة دنيوية تافهة
    2 - عن صور الإنتصار : يمكن عرض صور الإنتصار بإجمال في النقاط الآتية :
    1- نصر الرسول بإهلاك أعدائه من المجرمين ( نموذج موسى عليه السلام )
    2- نصر الرسول بخارقة -من عنده سبحانه- مع بقاء قومه (نموذج صالح عليه السلام)
    3- نصره بالإنتقام من أعدائه بعد قتله أو موته ( نموذج شعياء و يحيى بن زكريا عليهما السلام)
    4 - بنشر ذكره في العالمين بعد قتله أو موته ( أو رفعه = نموذج عيسى عليه السلام وقصة الغلام )
    5- تسليط الرسول على أعدائه فيقتلهم وهو النصر العسكري ( نموذج داود وسليمان عليهما السلام)
    6- إظهاره بقوة الحجة والبيان (نموذج خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام)
    7- بتثبيته على الحق في أحلك الظروف ( نموذج يوسف عليه السلام)
    8 - استجابة قومه وإيمانهم ( نموذج يونس عليه السلام )

    9 - إيتاؤه الملك وتبويئه أعلى المناصب ( المرحلة الأخيرة من دعوة يوسف عليه السلام)
    10- توقيع معاهدة ظاهرها الهزيمة والإستسلام وحقيقتها ما تؤول إليه من فتح ونصر ( من أمثلة ذلك ما حصل لنبينا صلى الله عليه وسلم في الحديبية)
    ... وشكرا

    قال الشيخ العلامة حمود بن عبدالله التويجرى - رحمه الله - :" الألبانى علم على السنة والطعن فيه طعن فى السنة "

  5. #5

    افتراضي رد: القوَّة في الدِّين.. كيف نراها واقعاً في حياتنا..؟

    بارك الله فيكم ونفع بكم
    ونشكركم على اثراء الموضوع
    باضافتكم الماتعه و المهمه


    اخوكم
    ابو البراء الغزي
    الجزائري مولدا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •