تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: رِسَـالةٌ إلى فضيلةِ الشَّـيخِ (الغامدي) حفظه اللهُ ورَعـاهُ وكثَّـر أمثاله

  1. #1

    افتراضي رِسَـالةٌ إلى فضيلةِ الشَّـيخِ (الغامدي) حفظه اللهُ ورَعـاهُ وكثَّـر أمثاله


    الحمد لله والصلاة والسلامُ على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين.

    شيخي الفاضل: أحيِّـيكَ في صدرِ هذه الرِّسَـالةِ بتحيَّـةِ الإسلامِ الخـالدةِ وقد اجتمعتُ وإيَّـاكَ على جفنتهِ الرَّافدة , فسَـلامُ الله عليك ورحمته وبركاته.

    شيخي الفاضل: قد تتفاجأ أنَّ طلبَتك ومُحبيكَ الذين تتواصلُ معهم وتتبادلون السلامَ والمحبَّة والوداد وتجتمعون في المناسبات والأعيادلم يكن بينهم يوماً من الدهرِ من يُدعى: أبا زيدٍ الشنقيطيَّ.!
    ولكنَّ المُفاجأةَ الأعظمَ من ذلك أنَّ هذا المسلمَ (أبا زيدٍ الشنقيطيَّ) يعتبرُ نفسهُ ثمرةً من ثِمارِ بِـشْركَ ودُنُـوِّكَ للناسِ وتبسُّطِكَ لصغار السنَّ , فلقد مضى ما يقرب من خمس عشرة سنة على المجلِسِ الذي جمعني بكَ , ولا تزالُ حلاوةُ كلامكَ وطلاوتهُ تتنقَّلُ بين المسمع والقلبِ مع أنِّي جالستُ المئاتِ غيرَكَ من مُدرسينَ ودعاةٍ وخُطباءَ لكنَّ سهمكَ في التأثيرِ كانَ الأعْـلى , ولذا وجدتُّـني مُضطراً إلى أنْ أكتب إليك بعضَ ما هجس في النفس.

    أكتُبُ إليكَ وأنا مطمئنُّ النَّفسِ إلى أنَّ هذه الأسطرَ إن لم أنل بها أجراً فلن أتحسَّـر عليها , إذْ لا أستفتحُ بها بابَ عطـاءٍ مُلِّكتَـهُ , ولا أستصبحُ بها ليلَ عتابٍ أسدلتَـهُ , بل أبغي تذكيرك بما أنعم اللهُ عليك , والحضَّ على اكتسابِ منتهِ لديك.
    وقبل أن أفعل فسأُخبِرُ – باختصارٍ - القارئَ الكريم لرسالتي إليكَ أنَّك تفضَّلتَ على بعضِ طلبة المدارسِ الابتدائية والمتوسطةِ في بعضِ رحلاتهم وجئتهم زائراً وألقيتَ عليهم كلمةً بليغةً مؤثرةً بيِّـنةَ الألفـاظ قريبةَ المعاني محدودةَ التراكيب , وكان مفعولها في نفسِ أحدهم (أبي زيد الشنقيطي) مفعولاً غيرَ عاديِّ مع أنَّه لم يبلغِ الحلُمَ يومَها , ولا أحسبُ ذلك إلا لشيءٍ وقر في قلبك وكانَ سراً بينك وبين ربِّك , نعم إنَّـهُ أمرٌ حدثَ قبل وصولك لملعبنا واستراحتنا , فليت شعري فيم كنتَ تُفكِّر وأنت قادم إلينا.؟ وأيُّ نيَّـةٍ هذه التي طويتَ عليها نفسكَ فأثمرت هذا التأثير الذي يأبى الزَّوال.؟

    شيخي الفاضل: لقد كانت كلمتُك يومئذٍ مُحمَّـلةً بوقودٍ يوقظ النفس من الرقدةِ والسُّبات، ويُـهيجُ حُطامَ القلبِ للإزهار والإنباتِ , وتبعثُ الخامل على أخذ الحزم ، وتجرِّد مِـن سامعها صحيح العزم.

    ما كُنت في هذه الكلمة إماماً يأتي عويصَ العلمِ من بينِ نواديه , ويُجيبُ بإسهابٍ وإتقانٍ كُلَّ من يستدنيه ويستفتيه , ولا سجَّـاعاً ينثرُ عقودَ الكلامِ ويرصِّعهُ ويبنيه , ولا أعجوبةً يحفظُ غريبَ اللغةِ ويستعذبهُ ويُمليه , ولا شاعراً يُطربُ الشجيَّ ويُسليه , لكنَّكَ على- بساطة الكلمة وضيق وقتها كُنتَ درسَ حياةٍ لمن توسَّط مجلسكَ أو كانَ في بعضِ نواحيه.

    علَّمتنا في هذا المجلسِ أنَّ الأطفـالَ مشروعُ حياةٍ طوبى لمن استثمر طاقتهُ فيه , وعلَّمتنا أن الداعيةَ كالغيثِ لا يضرُّهُ أين ألقى بضاعتهُ وعرضَـها , فما عليك إلا البلاغُ.

    علَّمتنا أنَّ قَــصْـرَ الكلماتِ والخُطبِ والمحاضراتِ على الجوامع الكبيرة وشاشاتِ الفضاءِ ومجالسِ أهل الدُّثـور وفي باحاتِ الفلل والقصور وإن كان نافعاً أو سلمَ لصاحبه قلبُـهُ من التطلع للمنوعِ , لكنَّـهُ ليس أوحد سُبل النفعِ ولا أرجاها , فقد ينفعُ الله بكلمةٍ تُلقى في خيمةٍ مبنيةٍ في غابةِ (رغَدان) والأغلبُ ممن يقطنها صبيةٌ وولدان, وهذا بالفعلِ هو ما كان.

    جاءنا رجلٌ يسَمَّى: عبد اللطيف بن هاجس الغامدي , وهو إنسانٌ كما قال الشاعر:
    طلقُ المحيَّا كوجهِ الفجرِ صورتهُ ** ولِلهُـدى فيه إعلانٌ وإسرارُ

    عرَّفنا به الأستاذ وباسطنا وحادثنا بمُستوى عقولنا , فلامس منا الشغاف , ومالت إليه الأنفُسُ فما تعتدلْ , ونزلت بساحتهِ القلوبُ فما ترتحلْ , وشخصت إليه منَّا المُـقلْ , و بدأ الشيخُ حديثهُ العذب , واستوطنتْ توجيهاته سويداء القلب , فأرجو ممن يجدهُ أو يعرفه أن يحمل إليه هذه الرسالة التي أبعثها إليه وهي في لفافة المولود من غير تقديم أو تأخير أو تبديل أو تعديل , فخيرُ المشاعر ما كانَ على طبيعته وخِلقتهِ التي فطره الله عليها.

    وإلى كل داعيةٍ أو مُحاضرٍ أو مُدرِّس أقول:
    لا تحتقروا أحداً ولا جهةً ولا وقتاً ولا وسيلةً مشروعةً ما دام الأمرُ في سبيل الله ويُرضي الله.
    أيها الداعية والواعظُ والخطيبُ: لا تحقرنَّ من المُستمعين أحداً وإن بدا لك صغير السِّنِّ , ولا تحقرنَّ مجمعاً تنفعُ أفرادهُ وإن قلَّ منهم العدد , ولا تحقرنَّ كلمةً تُلقيها في خيمةٍ بعيداً عن الشاشاتِ والمنابر , ولا تحقرنَّ صوتاً تدُلُّ بهِ على الله وإن لم ثبُثَّـهُ الإذاعاتُ وترفعهُ المنائرْ.


    فمَـردُّ الأمرِ كله إلى الإخلاص , فمن أخلصَ للهِ بلغَ اللهُ عنهُ , ونفعَ بهِ , ولو كانَ في جوفِ بئرٍ أو داخل مغارةٍ , ومن كان كلامُهُ لأجل بريق الكاميراتِ , وأعداد المُشاهدين والمُشاهداتِ فوالله وتاللهِ وبالله لا ينفعهُ البثُّ المباشرُ ولا تُزكيه سماعاتُ المنائر وإن كان خطيباً في عرفات.!


    يقولُ أحدُ المدمنينَ التائبينَ في مدينة جُـدةَ وهُـو يخاطبني:
    لقد تُبتُ على يدِ رجُـلٍ لا أعرفُـهُ ولا يعرفُـني.!!

    جاءَ إلى السجنِ وأنا يومئذٍ أحدُ نُزلائه , ولم تكن زيارته دعويةً لموعظة السجناء وتذكيرهم , بل كانت زيارةً لأحد أقربيهِ , فجلس إلى هذا القريب الذي جاء يزورهُ وأخذ يتكلمُ معهُ بكلامٍ استهواني وأثَّـر فيَّ وأحيا فيَّ الأملَ وعقدَ عزمي على التوبة إلى الله , والمُتكلمُ لا يدري.!

    قلتُ: هذا الرجلُ الآنَ فتح اللهُ عليهِ في الدَّعوةِ , وهدى على يديهِ خلقاً كثيراً , ودفعَ به عن أنفُسِ المدمنينَ وأُسَـرهم مصائبَ وشُروراً , وهو مجتهدٌ في سبيل التعريف بمخاطر الإدمان والحدِّ من مظاهره وأسبابهِ عبر الإذاعة والتلفاز ومستشفيات الأمل والمدارسِ , وكُلُّ هذا في صحيفة ذاك المُتكلمِ المجهولِ.
    فطوبى لهُ إن حشرهُ الله فرأى جبالَ الحسنات الراسياتِ وعلمَ وهو أحوجُ ما يكونُ لحسنةٍ واحدةٍ انَّ كلَّ هذا كان بكلمته التي خاطب بها قريبهُ وسمعها هذا الرجلُ وهو لا يدري , ولكنَّـهُ الإخلاصُ فيما نحسبُ , وكفى بالله حسيباً.

  2. #2

    افتراضي رد: رِسَـالةٌ إلى فضيلةِ الشَّـيخِ (الغامدي) حفظه اللهُ ورَعـاهُ وكثَّـر أمثاله

    شكر الله وفاءك .. ووفق الشيخ عبداللطيف الغامدي ونفع به .. وبك

    حين قلت ( هجس ) في مقالتك هجس أيضاً في خاطري أن المتحدث عنه الشيخ عبداللطيف بن هاجس الغامدي ..
    أظن أن شيئاً غير مادة الكلمة أوحى بذلك .. لعلها دلالة الروح !

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •