تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 33

الموضوع: فوائد منتقاة من (بيان تلبيس الجهمية) لشيخ الإسلام ابن تيمية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي فوائد منتقاة من (بيان تلبيس الجهمية) لشيخ الإسلام ابن تيمية

    بفضل من الله الكريم وحده لا رب سواه .. انتهيتُ من قراءة هذا الكتاب العظيم:

    ( بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية )


    لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام

    ويسمى أيضا ( نقض التأسيس ).
    وحمدتُ الله عز وجل على أن يسر تصنيف هذا الكتاب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فلو لم يصنفه لما ظننت أن في مقدور أحد أن يصنف ما يقوم مقامه، وصدق ابن القيم في قوله:
    وكذلك التأسيس أصبح نقضه ........ أعجوبة للعالم الرباني

    وأصل هذا الكتاب في الرد على ( تأسيس التقديس ) أو ( أساس التقديس ) لأبي عبد الله ابن خطيب الري، المشهور بالفخر الرازي.

    وأصل كتاب الرازي في الرد على ( كتاب التوحيد ) لإمام الأئمة ابن خزيمة، ولكنه لم يصرح بذلك في كتابه كما صرح ابن تيمية بالرازي في كتابه.

    وزعم محقق أساس التقديس في خاتمة الكتاب أن الرازي كفَّر ابن خزيمة بناء على التجسيم!! المذكور في كتابه، وهذا فهم سقيم من المحقق عافاه الله!

    وعندما طبع الكتاب لأول مرة بتحقيق ابن قاسم كان جزء كبير منه مفقودا، نحو نصف الكتاب، ثم لما ظهرت طبعة المجمع كان الظن أنها نسخة كاملة من الكتاب، ولكن أغلب ظني - والله أعلم - أنها أيضا نسخة ناقصة؛ لأن آخر الكتاب لا يوحي بانتهائه، وكذلك فهناك بعض الأشياء التي ذكرها الرازي في كتابه لم يتناولها شيخ الإسلام بالرد، ولكن يحتمل أن يكون ذلك من اختلاف نسخ كتاب الرازي، والعلم عند الله.
    وسبب آخر لظني أنها نسخة ناقصة، وهو أن ابن رجب الحنبلي ذكر أن الكتاب في ست مجلدات كبار، ومعلوم أن مثل هذا القدر لو طبع محققا بطريقة طبعة المجمع فلن يقل عن عشرين مجلدا، في حين إن طبعة المجمع في عشرة مجلدات، منها مجلد للمقدمة ومجلد للفهارس، فصار أصل الكتاب في ثماني مجلدات فقط.

    سأحاول في المشاركات القادمة إن شاء الله أن أذكر الفوائد وألتقط المواضع التي قيدتها في أثناء القراءة، وأسأل الله التيسير.

    والمرجو من الإخوة الكرام وفقهم الله وجزاهم خيرا أن يفيدونا بالمواضع والفوائد الملتقطة من هذا الكتاب العظيم.

    وأرجو تجنب ذكر الملاحظات على التحقيق أو المحققين لأن لها موضوعا مفردا في هذا الرابط:
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=91768

    وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه، وأسأل الله أن يستعملنا في طاعته

    أخوكم ومحبكم/ أبو مالك العوضي
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: فوائد منتقاة من (بيان تلبيس الجهمية) لشيخ الإسلام ابن تيمية

    سأبدأ بالمجلد الثامن حتى أتيح الفرصة لمن أراد أن يُدلي بدلوه بذكر ما وقف عليه من فوائد الكتاب

    قال شيخ الإسلام رحمه الله:

    ص 15
    قول القائل: هذا من صفات الأجسام وارد في كل اسم وصفة لله تعالى .... ومن المعلوم أنه إذا صرف شيء منها فلا بد أن يصرف إلى معنى آخر يعبر عنه بلفظ آخر، وذلك اللفظ الثاني يرد عليه مثل ما ورد على الأول، فإنه لا يعرف إطلاقه إلا على / الجسم، وإذا كان كذلك علم أن جميع هذه التأويلات باطلة، لأنه يلزم من رفعها إثباتها، وما استلزم عدمه وجوده كان عدمه ممتنعا.


    ص 42 - 43
    والمعتزلة البصرية أقرب إلى الإثبات من البغداديين، والأشعري كان في أول أمره منهم من أصحاب أبي علي الجبائي شيخهم في وقته، ولعل هذا البحث القياسي إنما أخذه الأشعري عنهم.


    ص 52
    لا ريب أن من السلف والأئمة من جعل اللقاء يتضمن الرؤية واستدلوا بآيات لقاء الله عز وجل على رؤيته، ومن الناس من نازع في دلالة اللقاء على الرؤية


    ص 54
    تفسير اللقاء بأنه رؤية ليس فيها مواجهة ولا مقاربة تفسير للفظ بما لا يعرف في شيء من لغات العرب أصلا، ومن المعلوم أن التأويل لا يمكن إلا إذا كان اللفظ دالا على المعنى في اللغة. وهذا اللفظ لا يدل على هذا المعنى في اللغة أصلا ... ومن الأصول التي يقررها هو [الرازي] أن اللفظ الذي يتناوله الخاص والعام لا يجوز أن يكون موضوعا لمعنى لا يفهمه إلا آحاد الناس، وإذا لم يكن / هذا اللفظ دالا على هذا المعنى في لغتهم التي بها يتخاطبون لا حققة ولا مجازا امتنع حمل اللفظ عليه.


    ص 69
    هذا بعينه يرد في تفسيرك [الرازي] حيث قلت: منور السموات والأرض بمعنى المصلح وهادي السموات والأرض.
    فإن ذلك يستلزم على قياس قولك أن لا يكون فيهما شيء من الضلالة أو الظلم والفساد، فما قلته في هذا يقال في ذلك.


    ص 70
    يقال: هو نور وله نور، فإن اسم النور يقال للشيء القائم بنفسه كما سمي القمر نورا، ويقال للصفة القائمة بغيرها كما يقال نور الشمس والقمر.
    وقد دل الكتاب والسنة على أنه نور وله نور وحجابه / النور، فالمضاف ليس هو المضاف إليه، وأيضا فإن هذا يلزمهم مثله فإنه إذا فسر نور السموات والأرض بأنه هادي أو مصلح أو منور لزم أن يقال: مثل هاديه أو مصلحه أو منوره ومعلوم أن هذا باطل بل يقال: مثل هدايته أو إصلاحه أو تنويره فيكون مسمى النور المضاف ليس هو مسمى النور المضاف إليه على كل تقدير، فعلم أن هذا لا يصلح أن يكون دليلا على صرف الآية عن ظاهرها ولا على صحة التأويل.


    ص 90
    لكن رواية حماد بن سلمة أتم إسنادا ومتنا، وذلك معروف في أحاديثه عن ثابت البناني؛ لأنه كان بينهما من الصلة ما لم يكن بينه وبين غيره، وكان ثابت يقول: ولا أن يصنعوا بي كما صنعوا بأبي سعيد – يعني الحسن البصري لحدثتهم أحاديث موثقة، فلهذا كان يختصر لبعض الناس ويختصر [كذا والصواب ويختص] عنه حماد بن سلمة أشياء لاختصاصه به.


    ص 121
    وهذا باطل بالضرورة فإن كون الله تعالى لا يخلق في العين رؤية أمر عدمي لا يحتاج إلى إحداث فعل، بل هو مثل أن الله تعالى لا يخلق للجسم طعما أو لونا أو ريحا أو حركة أو حياة أو غير ذلك من الأمور العدمية فقول القائل: فهم محجوبون عنه بحجاب يخلقه فيهم وهو عدم الإدراك في أبصارهم كلام باطل لأن العدم لا يخلق.


    ص 123
    أن تسمية مجرد عدم الرؤية مع صحة الحاسة وزوال المانع حجابا أمر لا يعرف في اللغة لا حقيقة ولا مجازا ولهذا لا يقال: إن الإنسان محجوب عن رؤية ما يعجز عنه مع صحة حاسته، وزوال المانع كالأشياء البعيدة ولكن يقال في الأعمى: هو محجوب البصر لأن في عينه ما يحجب النور أن يظهر في العين.
    ...
    ثم أثبتوا رؤيةً يعلم بضرورة العقل بطلانها وجحدوا حقيقة ما جاء به السمع فصاروا منافقين مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، بل صاروا جاحدين لصريح المعقول باتفاق الطوائف جاحدين لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم والإيمان


    ص 125
    والعدم ليس بشيء أصلا حتى يكون مانعا، ولو كان عدم الشيء مانعا من وجوده لما وجد شيء من المحدثات؛ لأن عدمها سابق على وجودها.


    ص 130
    والعدم المحض ليس له خلف ولا أمام، فعلم أنه حجاب موجود يكون له وراء.
    الوجه الثامن عشر: أنه لو صرح بالمعنى الذي ذكروه، فقال: أو من وراء عدم خلق الرؤية لكان هذا من الكلام الذي يعلم جنون صاحبه، أو هو كلام لا حقيقة له، ولا يحمل كلام الله عز وجل على ذلك إلا زنديق منافق متلاعب بالقرآن والإسلام أو جاهل فيحكم عليه بالجهل بما يخرج منه من الكلام.


    ص 132
    لو كان الحجاب منع الإحسان لكان من كلمه الله من وراء حجاب كما كلم موسى وهو التكليم الذي فضله الله به على سائر العباد منعا من الإحسان فيكون الذي ناداه الله وقربه نجيا أو اصطفاه على الناس برسالاته وكلامه ممنوعا من الإحسان إليه، وهذا من أفسد ما يكون في بداهة / العقول، وهو من أبلغ التحريف وقلب الحقائق والإلحاد في آيات الخالق


    ص 136
    ثم إنه فسره بذلك التفسير العجيب الذي لم يدل عليه اللفظ لا حقيقة ولا مجازا هو من جنس ما فعله في كتابه الكبير الذي سماه المطالب العالية وجمع فيه من مباحث الفلاسفة والمتكلمين وذكر فيه كتابا مفردا في تفسير المعراج فرواه بسياق لا يعرف في شيء من كتب الحديث، وفسره بتفسير الصابئين / والمنجمين، وهذه الأمور تلقاها من زنادقة الفلاسفة الجهال بالمعقول والمنقول، وهي عندهم من أسرار الحقائق كما يدعي ذلك القرامطة ونحوهم من الداخلين في هؤلاء


    ص 158
    وأما تخصيص الضدين بأنهما العضران اللذان لا يجتمعان في محل واحد فهذا عرف اصطلاحي للمتكلمين ... لم يجز حمل كلام الله ورسوله / على اصطلاحهم الحادث هذا لو كان الشارع نطق بلفظ الضد وإنما جاء بلفظ الحجاب


    ص 162
    فلا فرق في الحقيقة بين تنافي الأجسام وتنافي الجسم والعرض إذ المنافاة والمضادة تختص ببعض هذه الأقسام الثلاثة دون بعض بحسب خصوص ذات المتضادين.
    ......
    وأيضا فإنهم كثيرا ما يغلطون في أحكام الأجسام / والأعراض كاعتقاد بعضهم تماثلها، أو امتناع بقاء الأعراض وغير ذلك مما ليس هذا موضعه
    فإذا سمع هذه الكلمات من لا يكون عارفا بحقيقة معانيها يحسب أنها من القضايا المقبولات بمنزلة الأخبار الصحيحة والأحكام المجمع عليها بين المسلمين ولا يعلم أن النزاع بين الناس فيها عظيم وغلط هؤلاء فيها جسيم وأنه عند الاستفصال ينكشف الحال.


    ص 169
    ولا يجوز تفسير ما علم أنه كذب بتقدير ثبوته ولا سيما في مثل هذا الباب، فإنه جعل للكذب معنى صحيحا، وهذا التقدير منتف، فيكون المعلق عليه منتفيا وهو إثبات معنى صحيح له.
    وقد بينا فيما تقدم أن التأويل بيان مراد المتكلم ليس هو بيان ما يحتمله اللفظ في اللغة
    ........
    ولكن العلم بالموضوع المختلق وبالصحيح الثابت هو من بيان أهل العلم بالحديث والسنة وأما هذا المؤسس وأمثاله فلا يميزون بين هذين حتى قد يكذبوا بالأحاديث التي يعلم أهل العلم أنها صدق ويصدقوا أو يجوزوا صدق الأحاديث التي يعلم أنها كذب.


    ص 172
    وفي القرآن مما فيه وصف ذهاب بعض الأشياء إليه نفسه أو صعودها إليه أو نزولها من عنده وما يشبه ذلك نحو خمسمائة آية أو أكثر


    ص 202
    هذا الذي ذكره لا ريب أنه من / باب حذف المضاف وإقامة المضاف إليه حيث قال: قوله فيدنيه منه أي من رحمته وأمانه وتعطفه، ومن المعلوم بالاضطرار من لغة العرب أن هذا لا يجوز عندهم إلا إذا كان قد اقترن بالكلام ما يبين المضاف المحذوف إذ لا يقولون جاء زيد يعنون ابنه أو غلامه أو رسوله إلا بقرينة.


    .............. يُتبع إن شاء الله
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    142

    افتراضي رد: فوائد منتقاة من (بيان تلبيس الجهمية) لشيخ الإسلام ابن تيمية

    جزاك الله خيراً أخي أبو مالك

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    1,154

    افتراضي رد: فوائد منتقاة من (بيان تلبيس الجهمية) لشيخ الإسلام ابن تيمية

    الكتاب كله درر وفوائد . فما الضابط للاختيار يا شيخنا الفاضل ؟

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: فوائد منتقاة من (بيان تلبيس الجهمية) لشيخ الإسلام ابن تيمية

    ليس عندي ضابط واضح، ولكني أحاول أن تكون الفوائد مما ليس متداولا مشهورا في كلام أهل العلم.
    وكذلك أنقل العبارة بنصها لكي لا تحتاج لمراجعة الكتاب الأصلي عند النقل.
    والمسألة فيها سعة يا أخي الفاضل، وإنما غرضي إفادة من لا يجد وقتا لقراءة الكتاب.

    وليتك تفيدنا بما لديك من اقتراحات أو تعليقات أو فوائد منتقاة من بعض الكتب.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: فوائد منتقاة من (بيان تلبيس الجهمية) لشيخ الإسلام ابن تيمية

    210
    فإن هؤلاء الاتحادية وإن كانوا جهمية فلهم فروع أقوال، انفردوا بها عن غيرهم من الجهمية، ولكن نذكر ما يلزم غيرهم / من الجهمية

    213
    فإن قلتم هذا لم يكن لكم طريق إلى إفساد قول أولئك الاتحادية، إذ قولكم من جنس قولهم، إلا أنهم توسعوا في ذلك فجعلوا كل من دعا إلى شيء أو وصل إليه أو سلك إليه فإنما دعا إلى الله، ووصل إليه وسلك إليه، وأنتم تخصون ذلك ببعض المخلوقات دون بعض، فالفرق بينكم وبينهم فرق ما بين العموم إلى الخصوص.

    217
    فمن قال: إن القرآن يجوز أن يشتمل على ما لا سبيل لبعض الناس إلى العلم به فقد أصاب وذلك لعجزه لا عن نقص في دلالة القرآن، فكثير من الناس لا سبيل له إلى أن يعلم كثيرا من العلوم كالطب والنجوم والتفسير والحديث وإن كان غيره يعلم ذلك.
    وإن أراد أنه لا سبيل لأحد إلى معرفة تفسيره فقد غلط.
    وإن قال لا سبيل لأحد إلى معرفة حقيقته وكيفيته وهيئته ونحو ذلك فقد أصاب.

    240
    وقال: إني تارك فيكم الثقلين ... ففيه أمر باتباع القرآن وأنه وصى الأمة بأهل بيته، وأما قوله: ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده كتاب الله وعترتي فقد رواه الترمذي وضعفه أحمد / وغيره وقوله كتاب الله وسنتي روي في حديث ضعيف
    [لم يخرجه المحقق]
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: فوائد منتقاة من (بيان تلبيس الجهمية) لشيخ الإسلام ابن تيمية

    243
    وأما خطاب الناس بكلام لا سبيل لأحد إلى معرفة معناه فهذا لا يفعله أحد من العقلاء ألبتة، بل هو مثل / مستقبح باتفاق العقلاء، والله تعالى وراء تنزيهه عن مثل ذلك، ولكن هذا الوجه والذي قبله لا يصح من مثل هذا الرازي الاحتجاج بمثلها فإنه وأصحابه ينصرون قول الجهمية المجبرة الذين ينزهون الرب عن فعل ممكن، بل يجوزون عليه فعل كل مقدور، ومن المقدور أن يخلق أصواتا مؤلفة من جنس الكلام، ولا يكون لها معنى، أو يكون لها معنى لا يعلمه غيره.

    245
    وهو يجوّز أن يخلق كل شيء لا لحكمة وإن كان هذا مما يعده العقلاء عبثا فعنده لا ينزه [عن] مثل ذلك

    246
    هؤلاء النفاة يقولون: إن التوحيد الحق الذي يستحقه الله تعالى ويجب أن يعرف به ويمتنع وصفه بنقيضه ليس هو في القرآن ولم يدل عليه القرآن

    247
    وهم متفقون على أن ظاهر القرآن إنما يدل على الإثبات الذي هو عندهم تجسيم باطل بل كفر وغيرهم يقول: بل دلالة القرآن على ذلك نصوص صريحة، بل ذلك معلوم بالاضطرار من القرآن والرسول

    249
    وهؤلاء لا يقصدون بتأويل كلام المتكلم معرفة مراده، بل يقصدون بيان ما يحمله اللفظ كيف أمكن ليحمل عليه، وإن / لم يعلم ولا يظن أنه أراده بل قد يعلم قطعا أنه لم يرده

    250
    ولهذا قالوا: إذا اختلف الصحابة على قولين جاز لمن بعدهم إحداث قول ثالث بخلاف الأحكام، فإنهم لا يجوزون إذا اختلفوا على قولين إحداث ثالث، لأن اتفاق الأمة على قولين إجماع على فساد ما عداهما، وهذا بعينه وارد في التأويل، فإنه إذا قالت طائفة معنى الآية المراد كذا وقالت طائفة: معناها كذا فمن قال معناها ليس واحدا منهما بل أمر ثالث فقد خالف إجماعهم وقال إن الطائفتين مخطئون.
    فإن قيل هؤلاء لا يقولون أريد بل يقولون يجوز أن يكون المراد، قيل كلام الصحابة لم يكن بالاحتمال والتجويز، وبتقدير أن يكون كذلك فالاحتمالات [كذا والصواب فالاحتمالان] إن كان أحدهما مرادا فلم يجمع على ضلال وإن كان المراد هو الاحتمال الثالث المحدث بعدهم فلم يكن فيهما من عرف مراد الله تعالى بل الطائفتان جوزت أن تريد غير ما أراد الله تعالى وما أراده لم يجوزه، وهذا من أعظم الضلال
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: فوائد منتقاة من (بيان تلبيس الجهمية) لشيخ الإسلام ابن تيمية

    251
    وزعموا أن الرسول لم يكن يعرف ما يقرؤه ويبلغه وعلى قولهم فأحاديث الصفات التي قالها كان يقولها ولا يدري / معنى ما يقول، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

    252
    لا سيما ولم ينقل أحد عنه أنه نهى الناس عن اعتقاد ظاهره وما دل عليه ولا نبههم على دليل عقلي يعرفون به الحق، فعلى زعمهم لم يبين الحق لا بدليل سمعي ولا بدليل عقلي.
    ........
    وهم أنفسهم معترفون في غير موضع بفساد أقوالهم النافية وتناقضها.
    وقد ذكرنا من أقوال الرازي وغيره من ذلك ما تبين به ذلك فهم يشهدون أن عقلياتهم التي عارضوا بها الرسول باطلة

    259
    ذكر [الرازي] القولين ولم يرجح أحدهما، ولم يذكر جواب أحدهما عن حجة الآخرين فبقيت المسألة على الوقف والحيرة والشك ...
    وقد ذكر حجة كل قوم، ولم يذكر لهم جوابا عن حجة الآخرين، فبقيت المسألة مما تكافأت فيها الأدلة عنده، وأما في تفسيره فرجح المنع في التأويل، كما رجح أبو المعالي في آخر قوليه، وكما رجحه أبو حامد في آخر أقواله.

    260
    [الرازي] والتعويل على مثل هذه الدلائل في المسائل القطعية محال قال فلهذا التحقيق ذهبنا إلى أن بعد إقامة الدلالة العقلية على أن حمل اللفظ على ظاهره محال لا يجوز الخوض في تعيين التأويل قال فهذا منتهى ما جعلنا في هذا الباب

    262
    ولفظ التأويل له في القرآن معنى وفي عرف كثير من السلف وأهل / التفسير معنى، وفي اصطلاح كثير من المتأخرين له معنى، وبسبب تعدد الاصطلاحات والأوضاع فيه حصل اشتراك غلط بسببه كثير من الناس في فهم القرآن وغيره، وهذه المعاني الثلاثة موجودة في كلام الناس، وقد يذكر بعضهم فيها معنيين ومنهم من يذكر الثلاثة مفرقة، بل كثير من أهل التفسير يذكرون في أول تفسيرهم المعنيين، ثم يذكرون المعنى الثالث في موضع آخر، كما ذكره أبو الفرج بن الجوزي في تفسيره
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: فوائد منتقاة من (بيان تلبيس الجهمية) لشيخ الإسلام ابن تيمية

    269
    ولم يذكر أبو الفرج في الآية القول الذي ذكره في أول كتابه وهو (أن التأويل نقل الكلام عن موضعه إلى ما يحتاج في إثباته إلى دليل لولاه ما ترك ظاهر اللفظ)
    قد أحسن حيث لم يذكر هذا المعنى في قوله تعالى {وما يعلم تأويله إلا الله} فإن أحدا من السلف لم يذكر هذا المعنى في هذه الآية وإنما ذكر هذا بعض المتأخرين.

    276
    فقد جعل هؤلاء [البغوي وغيره] الفرق بين التفسير والتأويل أن التفسير يُعلم بالنقل والسماع والتأويل ما يفهم من الآية بالاستنباط منها بحيث يكون ذلك المعنى موافقا لما قبلها وما بعدها غير مخالف للكتاب والسنة

    277
    فالتأويل بمعنى صرف الآية إلى خلاف ظاهرها لم يذكر أحد من هؤلاء المفسرين أنه مراد من قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله} وهو كما قالوا لم ينقل عن أحد من السلف وإنما فهمه بعض المتأخرين لأنه كان في اصطلاحهم لفظ التأويل يراد به هذا فظنوا أن هذا هو التأويل في لغة القرآن.

    278
    وأما ما ذكروه من أن التفسير مأخوذ من التفسرة وهو الماء الذي ينظر فيه الطبيب ليستدل به فمثل هذا قد يقوله بعض الناس، يجعلون اللفظ المشهور من لفظ أخفى منه، وهذا إذا أريد به التناسب فهو قريب، وأما إذا أريد به أن ذلك هو الأصل لهذا فهو غلط بل الأمر بالعكس، فإن لفظ الفسر والتفسير مشهور من كلامهم وهو البيان والإيضاح.
    [قلت: هذا فيه نظر؛ فإن المقصود اشتقاق الألفاظ المعنوية من الألفاظ المادية وهو القول المشهور عند اللغويين؛ لأنه من المعقول أن يكون لفظ التفسرة لهذا الماء موضوعا قبل لفظ التفسير]

    279
    المطلوب من الكلام شيئان: أن يكون حقا لا باطلا، فإن الباطل يمقت وإن زخرف، وأن يكون الكلام مبرهنا مبينا، قد قام دليله وهو التفسير الذي يوضحه تصورا وتصديقا، فبين المراد بالكلام وبين الدليل على صحته حتى تبين أنه حق
    ....
    والذين نظروا في الاشتقاق الأوسط قالوا: ومنه السفر والأسفار [كذا ولعل الصواب الإسفار] وأسفرت المرأة عن وجهها وأسفروا بالفجر، والسفر أيضا بياض النهار والسفرة الكتبة والسافر الكاتب والسفر الكتاب، لأنه يبين ويوضح ما فيه من الكلام ويدل عليه

    291
    ولهذا قال أبو عبيدة لما ذكر تنازع الفقهاء وبعض أهل اللغة في اشتمال الصماء قال: والفقهاء أعلم بالتأويل.
    / وهذا هو التفسير الذي يعلمه العلماء، وهو أخص من التفسير الذي تعرفه العرب من كلامها

    294
    وهذا مذهب السلف والجمهور أن للرب سبحانه وتعالى حقيقة لا يعلمها البشر، وقد يسمونها ماهية ومائية / وكيفية
    [قال المحقق: يقصد جمهور الخلق من اليهود والنصارى وسائر الملل]
    [قلت: بل يقصد جمهور الطوائف والفرق من أهل الحديث والصوفية ومتقدمي الأشعرية وأصحاب ابن كلاب وغيرهم كما تقدم للمؤلف غير مرة والدلي لعلى ذلك أنه مثل بقول الصوفية وذكر كلام منازعيهم من الجهمية والمعتزلة]

    295
    وطائفة من المتكلمين يدعون أنهم عرفوه حق المعرفة وليس له حقيقة وراء ما عرفوه كما يقول ذلك كثير من الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: فوائد منتقاة من (بيان تلبيس الجهمية) لشيخ الإسلام ابن تيمية

    301
    وقال هذا القول: إن إجماع السلف منعقد على أن لا يزيدوا على قراءة الآية
    إن أراد به أنهم لا ينفون ما دل عليه وما ذكر فيها بتأويلات النفاة مثل قولهم العرش: الملك، أو استوى بمعنى استولى، ونحو ذلك فهذا صحيح
    [زاد المحقق هنا زيادة يقتضيها السياق !! ونحو ذلك (فهم ينكرونه)]
    وإن أراد أن السلف لم يكونوا يعلمون معنى الاستواء ولا فسروه فهذا باطل خلاف المنقول المتواتر عنهم

    305
    وقد زعم بعضهم أن معنى قولهم الاستواء معلوم أن مجيء لفظ الاستواء في القرآن معلوم، وهذا باطل، فإن كونه في القرآن أمر ظاهر يعرفه جميع الناس لا يسأل عنه، ولكن السائل لما قال: كيف استوى؟ سأل عن الكيفية فبينوا له أن الكيفية لا نعلمها نحن ولكن نعلم معنى الاستواء فدل على ثبوت كيفية في نفس الأمر غير معلومة لنا.
    وكذلك قال ابن الماجشون وأحمد بن حنبل وغيرهما، ولو قدر أن الكيفية منتفية فلا تنفى الكيفية عن معدوم، فلو لم يكن أن ثم استواء ثابت [كذا] في نفس الأمر لم يجز نفي الكيفية عنه، ولو كان المراد الاستيلاء ونحوه لم يحتج أن يقال في ذلك والكيف مجهول أو معلوم

    306
    وإذا قيل الراسخون في العلم يعلمون تأويله فمعناه أنهم يفهمون ما أخبر به عن التأويل، ويتصورون معنى الكلام، وهو معرفة تفسيره، فهم يفهمون الخبر عن التأويل، ويعلمون حقيقة التأويل، وإن لم يعلموا كيفيته وكميته ووقته، وقد يعلمون بعض ذلك دون بعض

    320
    وكذلك عامة أهل العربية الذين قالوا: وما يعلم تأويله إلا الله: كالفراء وأبي عبيد وثعلب وابن / الأنباري هم يتكلمون في متشابه القرآن كله، وفي تفسير معناه، ليس في القرآن آية: قالوا: لا يعلم أحد تفسيرها ومعناها. فيجب أن يكون التأويل الذي اختص الله به عندهم غير ما تكلموا فيه من تفسير الآيات المتشابهة.
    وقوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله} قد يقال فيه: إن المنفي هو عموم السلف لا سلب العموم، أي ما يعلم جميع التأويل إلا الله، وأما بعضه فيعلمه الراسخون كما قال ابن عباس: وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله، من ادعى علمه فهو كاذب.

    322
    وأما احتجاجهم بالحروف المقطعة فعنه أجوبة:
    أحدها: أن هذه ليست كلاما منظوما، فلا يدخل في مسمى الآيات وعامة الناس أهل مكة والمدينة والبصرة لا يعدون ذلك آية ولكن الكوفيون يعدونها آية، وبكل حال فهي أسماء حروف ينطق بها غير معربة، مثل ما ينطق بألف با تا وبأسماء العدد، واحد، اثنان، ثلاثة
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: فوائد منتقاة من (بيان تلبيس الجهمية) لشيخ الإسلام ابن تيمية

    328
    وأبو إسماعيل هو وشيخه يحيى بن عمار وغيرهم يحملون ذلك على أحاديث الصفات الدالة على إثبات الصفات / لله تعالى، وأبو حامد يحمل ذلك على ما يذكره في الكتب المضنون بها ونحو ذلك من أقوال الباطنية الملاحدة، لكنه رجع عن ذلك في آخر عمره.
    ......
    ولا ريب أن من العلم ما لا تقبله عقول كثيسرة، كما قال ابن مسعود: ما من رجل يحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم

    331
    الأعمال المأمور بها ينتفع بها العامل ويحصل بها المقصود وإن لم يعرف حِكَمها. وأما الأقوال التي يخاطب بها الناس فإن لم يمكن معرفة معناها لم ينتفع بها الناس.
    .....
    وأما مخاطبة الناس بكلام لا سبيل لهم إلى فهمه فهذا لا يفعله أحد من العقلاء.

    332
    ولهذا كل من كان للقرآن أفهم / ولمعانيه أعرف، كان أشد تعظيما له، من الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني. بل كتاب سيبويه في النحو إذا فهمه الإنسان كان لسيبويه في قلبه من الحرمة ما لم يكن قبل ذلك

    336
    ولهذا يفكر الإنسان فيما أشكل عليه فتكون فكرته فيه سببا لجمع همته، وإقباله على الله تعالى وعلى عبادته واشتغاله بذلك عما تهواه الأنفس ومن الأهواء الرديئة.
    ثم إذا فهم بعض الحق وجد فيه حلاوة وذلك يدعوه إلى طلب الباقي ... فإن كون الكلام حقا أو باطلا هو / متعلق بمعانيه لا بألفاظه الدالة على معانيه.
    فأما اللفظ الذي لا يعرف له معنى فلا يقال فيه حق ولا باطل.

    340
    ولفظ الحرف في اللغة يراد به الاسم

    341
    فيأمر [الشرع] بالشيء الحسن وما يماثله وينهى عن الشيء السيئ وعما يماثله لا يتناقض، فيحكم بين المثلين بحكمين مختلفين
    ...
    والتشابه في الألفاظ تناسبها وائتلافها واعتدالها
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: فوائد منتقاة من (بيان تلبيس الجهمية) لشيخ الإسلام ابن تيمية

    356
    فعلم أن الآيات التي قيل فيها {وأخر متشابهات} هي يضا محكمات مبينات وهي بيان وهدى وبصائر لكن اختصت بتشابه لم يكن في المحكمات، وكذلك اختصت المحكمات بأحكام أخر غير الأحكام المشتركة
    ....
    فكل كلام في الوجود قد يشتبه على بعض الناس لنقص علمهم ومعرفتهم لا لنقص في نفس الكلام الذي هو في نفسه متشابه.
    ومما يوضح هذا أن كل من لم يكن له خبرة بكلام شخص أو طائفة بما يريدونه من تلك الألفاظ إذا سمعها تشتبه عليه ولا يميز بين المراد منها وغيره بل قد يظن المراد غير / المراد، مثل من يسمع كلام أهل المقالات والصناعات قبل أن يخبر مرادهم.

    359
    وأعرف بعض طلبة العلم قرأ قوله تعالى: {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} وظن أنهما المكان الذي يسمى بالقريتين من أرض الشام.
    وبعض الناس فسر (ذات العماد) بدمشق لما فيها من العمد، ومعلوم أن هذا باطل فإن عادا لم يكونوا بالشام بل باليمن وهودا إنما أرسل إليهم فقد قال تعالى: {بعاد إرم ذات العماد} قد نقلوا هذا في كتب التفسير عن عكرمة وابن المسيب وعن / القرطبي أنها الإسكندرية فإنها كثيرة العمد أيضا فهذا قد اشتبه على طائفة من العلماء مع أنه من الآيات المحكمات فإنه تعالى قال: {ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد} وقد ذكر الله تعالى عادا في موضع آخر وأنه أرسل إليهم هودا، وأنه أنذر قومه بالأحقاف أحقاف الرمل، وهذا كله مما علم بالتواتر أنه كان باليمن، وقد صار مثل هذا يجعل أحد الأقوال في تفسير الآية، مع أن الذين قالوه من علماء السلف، قد يكونون أرادوا التمثيل، وأن دمشق والإسكندرية ذات عماد ليعرف معنى ذات العماد، وإلا فلا يخفى على أدنى طلبة العلم أن عادا كانوا باليمن، وهذا كما روي عن حفصة في قوله تعالى: {وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان} أنها / المدينة وهي جعلت المعنى موجودا فيها، وكذلك قالت طائفة من العلماء في قوله تعالى: {قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم من الكتاب} وقوله تعالى: {قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله} ونحو ذلك أنه عبد الله بن سلام، أو هو ونحوه ممن أسلم بالمدينة، وهذا مما أحكمه الله، فإن هذه الآية نزلت بمكة قبل أن يعرف ابن سلام فضلا عن أن يسلم

    363
    وطائفة اشتبه عليها ففسروا الكرسي بالعلم مع أن هذا لا يعرف في اللغة البتة

    364
    وتنازُع الناس في الكرسي هل هو العرش أو دون العرش؟ / أقرب من هذا فإن هذا له اتساع في اللغة، وأما تسمية العلم كرسيا فهو لا يعرف في اللغة
    .......
    والاشتباه الإضافي ليس له ضابط أصلا، من جنس الاعتقادات الفاسدة والخواطر الباطلة
    [زاد المحقق (فهو) لأن السياق يقتضيها!!]

    367
    وعند طائفة كبيرة من النصيرية أن رمضان اسم لعدد من شيوخهم وهم يعتقدون ذلك

    368
    وآخرون ظنوا أن ... الدابة اسم لعالم ينطق بالحكمة وادعى ذلك غير واحد

    وأن أهل النار لا يتألمون في النار، بل العذاب مشتق من العذوبة فيجدونه عذبا
    ....
    وهذه التفاسير وأعظم منهام موجودة في كتب يُعظَّم مصنفوها ويجعلون أفضل من الأنبياء ويجعلون معرفة هذه التأويلات للقرآن هي من خواص علم أولياء الله تعالى.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: فوائد منتقاة من (بيان تلبيس الجهمية) لشيخ الإسلام ابن تيمية

    372
    ومعلوم أن دخول فرعون النار معلوم بالاضطرار من دين المسلمين واليهود والنصارى
    ....
    ومما اشتبه عليهم أنه قال {أدخلوا آل فرعون} قالوا: وفرعون ليس هو من آل فرعون، وهذا الاشتباه من جهلهم بلسان العرب، لا من عدم إحكام آيات الله تعالى، بل قد أحكمها، وقول القائل: آل فلان يتناول نفسه ومن يؤول إليه
    [المحقق: في جميع النسخ الخطية (توكل) ورجحت أن الصواب ما أثبته ويدل عليه ما بعده]

    379
    فلا خطاب أبين وأفصح من القرآن، ولكن هذا من ضرورة نقص بني آدم، فإنه ليس كل أحد يمكنه فهم كل كلام، بل سبحان من يسر القرآن للذكر، كما يسره للحفظ، فيسر حفظه وفهمه أعظم مما يقع في نظائره، وإلا فالكتابان المتقدمان التوراة والإنجيل لا يحفظان ولا يفهمان عشر عشر حفظ القرآن وفهمه.
    وما صنفته الناس من العلوم أقل حفظا وفهما من الكتب المنزلة

    380
    فجعل [الرازي] الإحكام هو عدم المعارض العقلي لا صفة في الخطاب وكونه في نفسه قد أحكم وبين وفصل، مع أن المعارض العقلي لا يمكن الجزم بنفيه إذا جوز وقوعه في الجملة
    [زاد المحقق هنا زيادة (لا يخرجه عن كونه متشابها) يقتضيها السياق!!]
    ولهذا استقر أمره على أن جميع الأدلة السمعية القولية متشابهة لا يحتج بشيء منها في العلميات

    381
    ولهذا استقر قوله في هذا الكتاب على رأي الملاحدة الذين يقولون إنه أخبر العوام بما يعلم أنه باطل لكون عقولهم لا تقبل الحق، فخاطبهم بالتجسيم مع علمه أنه باطل

    387
    فيجب الفرق بين الاحتمال في نفس الوضع، وبين الاحتمال في نفس استعمال المتكلم، ودلالة المخاطب على المعنى المراد وفهم المخاطب واستدلاله على المراد وحكمه إياه على المراد، والمقصود من / الكلام هو الدلالة في الاستعمال، وإذا قدر وضع متقدم فهو وسيلة إلى ذلك وتقدمة له وحينئذ فاللفظ لا يكون غير نص ولا ظاهر لكونه في الوضع محتملا لمعنيين بل قد يكون في الوضع محتملا لمعنيين وهو في الاستعمال نص في أحدهما

    390
    فاللفظ في الوضع يحتمل أكثر من معنى واحد، ولكن لما ذكر في الكلام المؤلف كان اقترانه بما ذكر معه يوجب أن يكون نصا لا يحتمل إلا معنى واحدا

    392
    ومثل هذا كثير يكون اللفظ إذا جرد محتملا لمعان فإذا أكد ونطق به مع غيره يعين بعض تلك المعاني فلم يحتمل غيره فهذا نص وإن كان موضوعا لمعنى [الصواب لمعان]

    394
    تقدير وضع غير الاستعمال مما لم يقم عليه دليل
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: فوائد منتقاة من (بيان تلبيس الجهمية) لشيخ الإسلام ابن تيمية

    405
    إن قيل: إنه يستعمل في الحيض وفي الطهر ففي الآية ما يبين المراد من وجوه متعددة، والأمة متفقة على هذا لم يقل أحد منهم بتكافؤ دليل هذا وهذا، بل منهم من رجح دليل هذا ومنهم من رجح دليل هذا، فاتفقوا على أن الشارع نصب الدليل المبين للمراد، لكن إحدى الطائفتين عرفته والأخرى لم تعرفه، وظنت الآخر هو المراد وهذا لا يكون إلا لدليل صحيح، فإن الدليل الصحيح لا يدل إلا على الحق المراد

    416
    وكما قال كعب بن زهير في قصيدته المشهورة بانت سعاد التي أنشدها للنبي  وأصحابه

    420
    ما ذكره [الرازي] مبني على أن ثم وضعا للألفاظ غير الاستعمال الموجود في الكلام، وهذا قد يمكن ادعاؤه في بعض الأسماء كأسماء الأعلام.
    وأما الألفاظ الموجودة في كلام العرب التي نزل بها القرآن من ادعى أن جماعة من العرب وضعوها لأصناف قبل أن يستعملوها فيها احتاج إلى نقل ذلك ولا سبيل إليه، ولو كان هذا موجودا لكان مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، ولم يدع أن اللغات كلها اصطلاحية بهذا الاعتبار إلا أبو هاشم الجبائي وما علمت أحدا قال هذا القول قبله

    426
    وبيّن أن لفظ الأمر والإرادة (والإذن) والحكم والقضاء والكتاب والكلمات والتحريم والبعث والإرسال وغير ذلك ينقسم إلى ديني وكوني، شرعي وقدري، فالرب تعالى له الخلق والأمر، وعلينا أن نؤمن بدينه وبشرعه ونؤمن بقضائه وقدره، فلفظ الإرادة يكون بمعنى المحبة والرضى لما شرعه، وبمعنى المشيئة لما يخلقه.

    434
    فتبين أن لفظ النسيان المضاف إلى الله لا يدل على عدم العلم ألبتة، وهذا كلفظ الرؤية والسمع فإن السمع متعلق بالأقول.
    والقول خبر وطلب، والمطلوب من سمع الخبر: صدقه ومن سمع الطلب إيجابة [كذا] الطالب فلهذا يعبر بالسمع عن التصديق، والإجابة كقول المصلي: سمع الله لمن حمده، أي أجاب دعاه، ولو أريد السمع المجرد أو السمع مع نقص المسموع، فهو يسمع لمن حمده ولمن لم يحمده

    440
    [الرازي] إذا كان لفظ الآية والخبر ظاهرا في معنى فإنما يجوز لنا ترك ذلك الظاهر بدليل منفصل، وإلا لخرج الكلام عن أن يكون مفيدا، وخرج القرآن عن أن يكون حجة
    ....
    لأن الدلائل اللفظية لا يتكون قطعية لأنها / موقوفة على نقل اللغات ونقل وجوه النحو والتصريف وعلى عدم الاشتراك والمجاز والتخصيص والإضمار وعلى عدم المعارض العقلي والنقلي وكل واحدة من هذه المقدمات مظنونة والموقوف على المظنون أولى أن يكون ظنيا فثبت أن شيئا من الدلائل اللفظية لا يمكن أن يكون قطعيا.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: فوائد منتقاة من (بيان تلبيس الجهمية) لشيخ الإسلام ابن تيمية

    448
    والمقصود هنا أن ما ذكره من القانون يدعيه كل طائفة فهو حجة لما أنكره عليهم لا رافع لما أنكره

    هذا اللازم هو لازم لك، بل هو حقيقة قولك فإن (الحجة) عندك إنما هو الدليل العقلي، والقرآن إن وافقه فالاعتماد عليه لا على القرآن وإن خالفه أخذت به لا بالقرآن والقرآن لا يستفاد به ما دل عليه ولا يحتج به، بل إما أن يعرض عنه فلا ينظر فيه بحال وإما أن يجتهد في رفع دلالته بالاحتمالات لا في تقرير دلالته.

    450
    أنك قد صرحت في كتابك نهاية العقول وغيره أن الاستدلال بالقرآن والأدلة السمعية في مسائل الأصول لا يجوز بحال لأن الاحتجاج بها موقوف على نفي المعارض العقلي، وهذا النفي لا يمكن العلم به فلا يعلم شرط الاستدلال بها، فكل ظاهر يحتج به يقال فيه: هذا المعنى غير معلوم لتوقفه على انتفاء المعارض العقلي.
    ....
    فكل آية دلت على مسألة أصولية لا يجوز الاحتجاج بها عندك، بل يجب أن يكون من المتشابه، وعلى هذا فليس القرآن في هذا الباب منقسما عندك إلى محكم ومتشابه، ومع هذا / فإنه مناقض لما تقرره، فهو مخالف لصريح القرآن والسنة والإجماع، وهو باطل عقلا وشرعا.

    451
    الله سبحانه وتعالى أخبر أن من الكتاب آيات محكمات هن الأصل الذي يُبنى عليه ويستدل به ويتبع. والمتشابه يرد إليه وعلى هذا علماء المسلمين يقولون المحكم هو الأصل والمتشابه يرد إليه وأنت جعلت الأصل هو / ما زعمته من العقل، وجعلت القرآن كله محكمه ومتشابهه يرد إليه ........
    فالمعتمد عندك في الجزم بالنفي والإثبات على الدليل العقلي، والقرآن عديم التأثير لا يجزم بنفي ما نفاه ولا بإثبات ما أثبته، وهذه حال من لا يؤمن بالله وبكتابه، وحال من لا يؤمن بما أنزل / الله تعالى من الكتاب ولا بما أرسل من الرسل.

    453
    فرق بين رجحان الاعتقاد واعتقاد الرجحان، وأنت قد ذكرت هذا الفرق كما ذكره أبو الحسين البصري وغيره.
    واعتقاد الرجحان قد يكون علما، فإذا اعتقد أن هذا الظاهر أرجح من هذا الظاهر فهذا يكون معلوما مستيقنا، وكذلك يجب العمل بهذا الراجح ويكون العامل عاملا بعلم لا بظن وحينئذ فإذا تعارض ظاهران وقد علم رجحان أحدهما جزمنا بأن إرادة الله لذلك الشيء أرجح، وكان هذا الجزم علما فلم لا يجوز ذلك؟ وإن لم يجزم بوجود المراد= وهذا الجزم ينتفع به نفعا عظيما.
    [أشار لنحو ذلك في الفتاوى 13/110]
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: فوائد منتقاة من (بيان تلبيس الجهمية) لشيخ الإسلام ابن تيمية

    454
    هب أنا لا نجزم بشيء، بل نرجح إرادة أحدهما على الآخر، فإذا قلنا: إرادة هذا أرجح وغلب على الظن أن هذا هو المراد كما في كثير من الآيات والأحاديث التي تنازع الناس في تفسيرها، فغلب على الظن رجحان أحد الأقوال، فلم لا يجوز هذا وما المانع منه؟ وليس هذا تعويلا على الظن في مسألة عقلية قطعية، بل في مسألة سمعية غير قطعية، فإن التقدير أن هذا لم يخالف دليلا قطعيا، بل العقل يجوز إرادة هذا وإرادة هذا، والسمع قد رجح أحدهما ترجيحا ظنيا، فلم لا يجوز مثل هذا الترجيح؟ وهذا هو الظاهر الذي هو أحد مسمى المحكم عندك.

    454
    من الناس من يقول: مسائل الأصول لا يجوز التمسك فيها إلا بأدلة يقينية لا ظنية، هذا على وجهين فإن كان مما أمرنا فيها باليقين كاليقين بالوحدانية والإيمان بالرسول، والإيمان باليوم الآخر، مما أمرنا فيه باليقين لم يمكن إثباتها إلا بأدلة يقينية وأما ما لا يجب علينا فيه / اليقين كتفاصيل الثواب والعقاب ومعاني بعض الأسماء والصفات، فهذه إذا لم يكن فيها دليل قطعي يدل على أحد الطرفين كان القول مما يترجح من الأدلة أن هذا هو الظاهر الراجح قولا عدلا مستقيما، بل كان خيرا من الجهل المحض وأيضا فمن الناس من لا يقدر على العلم في جميع ما يتنازع فيه الناس وفي دقيق المسائل، فإذا تكلم بحسب طاقته واجتهاده فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

    456
    فما كان ظاهرا غير مراد بينه بآية أخرى، كما في الخاص والعام، فأما أن يكون دالا على غير الحق، وهو لم يبين الحق الذي أراده فهذا غير واقع بل غير الله إذا تكلم بكلام ولم يبين مراده بكلامه كان معيبا مذموما.

    457
    ولكن من الناس من لم يعرف مرادهم بلفظ النسخ وعادتهم واصطلاحهم فيه فيظن أنهم أرادوا به معنى الخاص فيكون قد أمروا بما لا يستطيعه العباد، وهذا لم يقع في الشريعة قط

    458
    قوله: إن الدلائل اللفظية لا تكون قطعية قد أبطلناه في مواضع [الفتاوى 4/104، 6/514] ونحن ننبه هنا على بطلانه، فنقول: هذا القول من أعظم السفسطة وهو من أعظم أنواع السفسطة التي في الوجود، ولهذا لم يعرف هذا القول عن طائفة معروفة من طوائف بني آدم لا من المسلمين ولا غيرهم، لظهور فساده، فإنه يقدح فيما هو أظهر العلوم الضرورية لجميع الخلق وأن بني آدم يتخاطبون ويكلم بعضهم بعضا ويفهم بعضهم مراد بعض علما ضروريا أعظم من علمهم بالعلوم النظرية.

    462
    ولكن المقصود هنا أن دلالة الأدلة القطعية القولية على مراد المتكلم ومعرفة المستمع بمراده وفهمه لكلامه هو ما يعرفه جميع بني آدم علما ضروريا قبل علمهم بالأدلة العقلية المجردة. فالطفل إذا صار فيه تمييز / علم مراد أبيه وأمه بما يخاطبانه به، وفهمه لمراد الأم أسبق إليه من العلم بالأدلة العقلية النظرية، فإن هذا مما يعلم به مراد المتكلم اضطرارا، ولا يتوقف فهم الصغير لكلام مربيه أبيه وأمه وغيرهما لا على نقل اللغة والنحو والتصريف ولا على نفي المجاز والإضمار والتخصيص والاشتراك والنقل والمعارض العقلي والسمعي، بل يعلم مرادهم بكلامهم اضطرارا لا يشك فيه.
    ....
    وإن كان بعض ذلك قد يظن أو لا يفهم، لكن الأغلب أنهم يعلمون مراده اضطرارا وهذا موجود / في مكاتبة العامة والخاصة ومن يخاطبهم، فإذا كان الخط الدال على اللفظ يعلم به المراد اضطرارا في أكثر ما يكتب، فاللفظ الذي هو أقرب إلى المعنى المراد أولى أن يعلم به المراد اضطرارا.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: فوائد منتقاة من (بيان تلبيس الجهمية) لشيخ الإسلام ابن تيمية

    464
    وهذا [الرازي] يقول إن شيئا من الأدلة / اللفظية لا يمكن أن يكون قطعيا، مع أن هذا القول كما تقدم لا يعرف عن طائفة من طوائف بني آدم لا من المسلمين ولا من غيرهم، ولا عن عالم معروف إذ كان هذا القول في غاية السفسطة وجحد الحقائق، وإنما الذي يقوله بعض الناس هو القدح في بعض الأدلة اللفظية والسمعية كما قد يقدحون في بعض الأدلة العقلية.
    أما القدح في الجنس فهذا لا يعرف في جنس المتكلمين عن طائفة من الآدميين.
    ولكن هذا الرجل كثير السفسطة والتشكيك فهو من أعظم المتكلمين سفسطة وتشكيكا، وهذا من جملة سفسطته، لا يعرف في جنس المتكلمين من هو أعظم تقريرا للشكوك والشبهات الباطلة وأضعف جوابا عنها منه.

    466
    ولهذا تجد كل أمة يرجعون إلى قول قائل مقبول القول عندهم، هم أقل اختلاافا في معرفة مراده من الذين يرجعون إلى مجرد الأدلة العقلية المجردة، ولهذا كان غير أهل الكتاب من أصناف المشركين من فلاسفة الهند واليونان والعرب وغيرهم أعظم اختلافا فيما يدعونه من الأدلة العقلية من اختلاف أهل الكتاب في مراد الأنبياء.
    ثم أهل الحديث والسنة الذين يرجعون إلى حديث الرسول  مع رجوعهم إلى القرآن أقل اختلافا من (غير أهل) العلم بذلك، ومن يرد أخبارا صحيحة لزعمه أنها أخبار آحاد لا تفيد العلم أو يقبل أخبارا ضعيفة أو موضوعة يظنها صحيحة.
    فهؤلاء أكثر اختلافا من أهل المعرفة بالحديث، لأنهم إذا كانوا أعرف بالحديث فالحديث يدلهم على مراد الرسول، فيكون الاختلاف بينهم أقل من أولئك وأمة محمد وإن / كانوا قد اختلفوا في أشياء فهذا من لوازم النشأة الإنسانية فالشهوات والشبهات لازمة للنوع الإنساني ... لكن من كان أفضل وأكمل كانت معرفته الحق أكمل، وعمله به أكمل. وأمة محمد أكمل في معرفته والعمل به، فهم أفضل الأمم.
    ثم أهل السنة وأهل المعرفة بحديث رسول الله  وبمعانيه المتبعون لذلك هم أكمل علما وعملا من غيرهم، فهم أعلم الناس يقينا ومعرفة لاتباعهم الرسول ومعرفتهم بكلامه، وعلمهم بذلك ونطقهم به بخلاف ما زعمه هؤلاء من أن الأدلة النطقية لا يمكن أن يقطع فيها بمراد المتكلم.

    472
    علم المخاطبين بالمعنى الذي أراده المتكلم أهم عندهم من العلم بلفظه .... وكذلك الناس ينقلون مذاهب العلماء وأقوالهم بغير ألفاظهم وهم متفقون على هذا.

    475
    فعامة الأمة يعلمون معاني القرآن الظاهرة المنقولة بالتواتر من غير حاجة إلى شيء من تلك المقدمات، وهم يسألون عن معاني القرآن والحديث ليفهموها ويعرفوها وإن كانوا لا يحفظون لفظ الحديث ولكن قد عرفوا معناه فيفتون به ولهذا قال أحمد بن حنبل وعلي بن المديني وغيرهما: معرفة الحديث والفقه فيه أحب إلينا من حفظه، فاهتمامهم بفهم المعنى أعظم من اهتمامهم باللفظ، وإذا كان كذلك كانت معرفة ونقله أبلغ من معرفة اللفظ وإذا كان لفظ / القرآن وكثير من الحديث منقولا بالتواتر، فنقل المعنى أولى
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: فوائد منتقاة من (بيان تلبيس الجهمية) لشيخ الإسلام ابن تيمية

    476
    أهل العلم بالكتاب والحديث قد نقلوا لغة الرسول  التي خاطبنا بها، ولم يحتج مع ذلك إلى نقل لغة أحد غير الرسول  ولهذا لا يحتاج علماء الدين إلى أهل اللغة في فهم القرآن والحديث إلا في مواضع يسيرة يحتاج بعضهم إليها كألفاظ غريب القرآن والحديث والفقه ومعانيها فلا يحتاجون في ذلك إلى نقل أهل اللغة، وإن احتاج إلى ذلك بعضهم أو ذكر ذلك على سبيل الاستشهاد والاعتبار كما يقوى الدليل بالدليل، فكل ما احتاج المسلمون إلى نقله من لغة القرآن فهم يتبعون عندهم نقلا معلوما مقطوعا به إلا مواضع قليلة خفيت على بعضهم فصارت عنده / مظنونة أو مجهولة.

    478
    قيل: إن يعن التجريد والإطلاق من كل وجه فما في ألفاظ الكلام ما هو كذلك، بل كلها مقترنة بغيرها، فإن الكلام إما جملة اسمية وإما جملة فعلية، وكل منهما أقل ما يأتلف من لفظين مفردين، وكل منهما مقترن بالآخر، ليس واحد منهما مجردا مطلقا من جميع القرائن، وإن عني بالتجريد والإطلاق أن يكون مجردا عن بعض القرائن فهذا حق وجميع الكلام يدل مع قرينة على معنى ومع عدمها وقرينة أخرى على معنى آخر، حتى لفظ الإنسان فإنه يقال: إنسان العين والألفاظ التي هي صريحة في الأحكام مثل لفظ الطلاق والنكاح وغيرهما قد يقترن بها ألفاظ تزيل دلالتها باتفاق المسلمين كما إذا قيل: أنت طالق من وثاق، فهذا لا يقع به الطلاق بالاتفاق، أو قال: يا دنيا غري غري قد طلقتك ثلاثا، أو قال: ودي من ودك طالقن فهذا لا تطلق به الزوجة باتفاق المسلمين.

    479
    والذي لا بد منه أن اللفظ إذا ما دل على معنى دلالة فلا بد أن ينفي احتماله لغير ذلك المعنى، وإذا جاز أن يراد به ذلك المعنى الآخر النافي لهذا المعنى لم تكن دلالته قطعية، لكن إذا علم المراد قطعا علم دلالة اللفظ عليه. ثم ذلك المعنى الآخر إن لم يكن منافيا لهذا المعنى لم تضر دلالة اللفظ عليه، إذ دل عليهما جميعا، وأما إن نافى هذه الدلالة كان ضدا للمعنى المراد، ومعلوم أن العلم بثبوت أحد الضدين ينفي العلم بثبوت الآخر، فنفس العلم بالمراد ينفي كل احتمال يناقض ذلك، وهكذا الكلام في نفي المعارض العقلي والسمعي، فإنه إذا علم المراد علم قطعا أنه لا ينفيه دليل آخر لا سمعي ولا عقلي، لأن ذلك نقيض له، وإذا علم ثبوت الشيء علم انتفاء نقيضه قطعا.

    479
    والعلم بالمراد كثيرا ما يكون علما اضطراريا كالعلم بمجرد الأخبار المتواترة فإن الإنسان إذا سمع / مخبرا يخبر بأمر قد يحصل عنده ظن ثم يقوى بالخبر الآخر حتى يكون علما ضروريا، وكذلك إذا سمع كلام المتكلم فقد يعلم مراده ابتداء وقد يظنه ثم يتكرر كلام المتكلم أو يتكرر سماعه له ولما يدل على مراده فيصير علمه بمراده ضروريا وقد يكون العلم بالمراد استدلاليا نظريا، وحينئذ فذلك يتوقف على مقدمة واحدة، وقد يتوقف على مقدمتين وعلى أكثر.
    أما دعوى المدعي أن كل استدلال بدليل لفظي على مراد المتكلم يتوقف على عشر مقدمات فهذا باطل قطعا، وأبطل منه أن كل مقدمة فهي ظنية

    481
    فلو قال قائل: أنا أوجب الحج وصيام شهر رمضان فإن ذلك منقول بالتواتر، لكن أقول: صيام رمضان المراد به موالاة ثلاثين رجلا، وحج البيت المراد المراد به حج بيوت العلم والحكمة والمراد به صلاة الجمعة كان هذا معلوم الفساد بالاضطرار.
    ........
    ونحن لا ننكر أن بعض الناس قد يتوقف فهمه لبعض الألفاظ على ما ذكره من المقدمات الظنية، لكن المنكر دعواه العموم والغلبة، فإن / غالب آيات القرآن في حق غالب الناس لا يتوقف على عشر مقدمات ظنية كما ذكره، بل هذا من أظهر البهتان، وإن قدر أن بعض الآيات يتوقف على هذا في حق بعض الناس، فذلك لقوة جهله وبعده عن معرفة الرسول وما جاء به كمن يكون حديث عهد بالإسلام أو قد نشأ ببادية بعيدة عن دار العلم والإيمان، فإنه قد لا يعرف أن الله تعالى أوجب الحج والصيام بل ولا الصلاة، ولا حرم الخمر، فلا يجعل هذا حكما في حق غالب المسلمين، كذلك إذا قدر أن بعض الناس لم يحصل له علم بمعنى بعض الآيات
    [زاد المحقق هنا (إلا) وهي مفسدة للمعنى !]
    لتوقف ذلك على أدلة ظنية في حقه لم يلزم أن لا يحصل العلم بها وبغالب القرآن لغيره، وإن قدر أنه لم يحصل لم يجز أن يقال: إن العلم بالمراد غير ممكن، كما قال هذا القائل: إن شيئا من الأدلة اللفظية لا يمكن أن يكون قطعيا فنفى إمكان القطع عن شيء من الألفاظ وهذا أشد فسادا من أن يقال: إن شيئا من الأدلة العقلية لا يمكن أن يكون قطعيا، لأن العلم بمراد المتكلم أظهر / وأنشر، وليس المراد بكون الدليل العقلي والسمعي قطعيا إلا كونه يدل على مراد المتكلم
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: فوائد منتقاة من (بيان تلبيس الجهمية) لشيخ الإسلام ابن تيمية

    487
    وقد كان الثقة يحدث عن الشيخ أبي عمرو ابن الصلاح أنه لما رأى / قوله [الرازي] إن الأدلة السمعية لا تفيد اليقين لعنه [في نسخة أنبه] على ذلك، وقال: هذا تعطيل الإسلام
    ....
    ولو صح هذا لكان لا يجز أحد بمراد أحد، ولكان العلم بمراد كل متكلم لا يكون إلا ظنا، وهذا مما يعلم فساده بالاضطرار

    498
    ودلالة الكلام على المراد تعرف تارة بالضرورة وتارة بالاستدلال، ويستدل على ذلك بما نقله الأئمة وبما كان يقوله السلف، يفسرون به القرآن، وبدلالة السنة وبدلالة سائر الآيات، وغير ذلك

    502
    وقال آخرون يكفينا أن تنفى تلك المعاني وبعد / هذا فليدل القرآن والحديث على أي شيء دل. ليس علينا أن نعرف ما دل عليه، فهم مشتركون في جحد المعاني التي أرادها الله تعالى ورسوله، ثم ادعى بعضهم معاني أنها هي المرادة والاعتبار بيّن أنها ليست مرادة
    .......
    فقال آخرون: ... وأما ما فسرتم به القرآن والحديث فقد ظهر بطلانه أيضا فنحن نعرض عن تدبر القرآن والحديث وفهم معناه ولا يضرنا بعد ذلك دلالته على أي شيء دل، فهؤلاء يأمرون بالجحد لمعاني التنزيل وبالجهل البسيط في تفسير القرآن وتأويله

    509
    والمقصود هنا أن من كان يجحد معاني القرآن التي أرادها الله تعالى به فإنه لا يحصل له هذا النور لا نور القرآن ولا نور الإيمان، فتلك الأنوار المعاني الشريفة ثم إذا جحدها كان في ظلمة الجحود والتعطيل

    515
    ولهذا لم يعرف عن أحد من السلف أنه عارض آية أو حديثا إلا بما يظن أنه معنى آية أو حديث آخر، سواء كان مصيبا في المعارضة أو مخطئا. فالمصيب الذي كان يعارض المنسوخ بالناسخ
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: فوائد منتقاة من (بيان تلبيس الجهمية) لشيخ الإسلام ابن تيمية

    526
    وإن كان أئمة الصحابة وجمهور علماء المسلمين على التصديق بالحديث وأنه لا منافاة بينه وبين القرآن، فالمقصود أنه ليس من الصحابة من قال: إن القرآن أو الخبر يخالف العقل والأدلة العقلية، فالواجب أن يقول: بموجب العقل والأدلة العقلية والقرآن إما أن يعرض عنه فيصير مهجورا أو يتصور له التأويلات التي تتضمن تحريف الكلم عن مواضعه، بل كلهم متفقون على تعظيم القرآن، وأنه ما أول / إلا على حق وأنه هدى وبيان وشفاء وإن قصر فهم بعضهم عن بعض عرف أن ذلك من نقص فهمه وعلمه، لا من نقص ما دل عليه القرآن، ولا يجعلون إيمانهم بما دل عليه القرآن موقوفا على نفي المعارض، بل قد تيقنوا على أنه لا يعارضه حق، بل كل ما عارضه فهو باطل كشبه السوفسطائية والقرامطة

    535
    فالعقل الصريح لا يخالف النقل، بل هو يوافقه ويعاضده ويؤيده ويكفينا أن نبين فساد ما يعارضه وأما ذكر ما يوافقه من العقليات النظرية فهذا أبلغ وأحسن وقد تبين أن الفطرة العقلية الضرورية متوافقة والعقليات النظرية موافقة

    539
    فمن لم تكن له معرفة بذلك مثل كثير من أهل الكلام هذا وأمثاله إذا نقلوا مذهب السلف [فإنما ينقلون] مذهبا لا يعرفونه وعن قوم لا يعرفون ما قالوا ويضيفون إلى السلف ما هم بريئون منه ويكذب عليهم فيما ينقل عنهم كما يكذب على الرسول بتقويله ما لم يقله أو القول بلا علم

    540
    ولا يعرف عن أحد من السلف وأئمة الإسلام المعروفين أنه قال: إن الله تعالى جسم أو جوهر أو متحيز ولا قال إنه ليس بجسم ولا جوهر ولا متحيز، ولا قال هو في جهة ولا ليس في جهة، فهذه الألفاظ نفيا وإثباتا لا توجد في القرآن والحديث، ولا يوجد نفيها / ولا إثباتها في كلام أحد من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان ولا أحد من أئمة المسلمين المعروفين بالإمامة في الدين
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •