بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فقد صدر أمس -بفضل الله تعالى- عن دار العاصمة تحقيقي لكتاب ( مشيخة يعقوب بن سفيان الفسوي )؛ منتقى من الجزء الأول، والجزءان الثاني والثالث، وبذيلها أحاديث مسندة عن الأجزاء المفقودة.
قدَّمتُ للكتاب بمقدمة في نحو عشرين صفحة؛ تكلمتُ فيها عن أهميته، وعناية الأئمة به، وسماته ومنهج الحافظ الفسوي فيه، ورواته وأسانيد الأئمة إليه، ثم وصفتُ الموجود من الكتاب، وبيَّنتُ منهجي في التحقيق.
وقد بلغ عدد أحاديث الجزء الموجود من المشيخة (178) حديثًا، واستدركتُ من مصنفات مختلفة مائةَ حديث وحديثًا مسندةً عن المشيخة أو منسوبةً إليها، وقولاً واحدًا ليعقوب فيها، كما استدركتُ (74) شيخًا يغلب على الظن تخريج الفسوي أحاديثَ لهم في مشيخته، ولم أجد أحاديثهم مسندةً.
ولما كان بابُ الاستدراك مفتوحًا، وكانت الإحاطةُ بكل ما أُسند عن المشيخة محالاً؛ فإن من الوارد تجدد الاستدراك والزيادة، حتى يقيض الله نسخةً تامةً من الكتاب تقطع الشك باليقين.
وقد وقفتُ بعد تقديم الكتاب للطبع على ما يستحق إثباتَه مستدركًا على المطبوع، وسأجعل ذلك هاهنا،
وأرجو ممن وقف على شيء مثله أن يفيد به؛ سائلاً الله أن يجزيه خيرًا، ويثيبه أحسن الثواب.
1. أسند الحديث رقم (3) من طريق يعقوب في المشيخة -سوى من ذُكر في حاشيته-: تقي الدين الفاسي في العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين (3/177، 178).
2. في (مسرد أسماء شيوخ يعقوب الذين لم ترد أحاديثهم في المشيخة والمستدرك عليها)؛ استدركتُ برقم (1): «إبراهيم بن سابق مولى خزاعة»، ثم وقفتُ على حديثه:
قال تقي الدين الفاسي -في العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين (3/213، 214)-: (وقع لنا حديثه عاليًا في الأول من مشيخة الفسوي:
أخبرنا ابن الذهبي، أنا يحيى بن سعد، أنا ابن اللتي حضورًا وإجازة، أنا أبو حفص الحربي، أنا أبو غالب العطار، قال: أنا أبو علي بن شاذان، قال: أنا ابن درستويه النحوي، قال: أنا يعقوب بن سفيان، قال: ثنا إبراهيم بن سابق المكي؛ مولى خزاعة، قال: جاء الزنجي بن خالد وسعيد القداح، فاستأذنا على أمة الله جارية طاوس، واستأذنتُ أنا لهما، فدخلت معهما، فسألاها وأنا أسمع، فقالت: حضرتُ يوم الأضحى ونحروا ضحيته بين يديه، فكان يأتيه الأسود فيسأله: أي شيء جنسك؟ فإن قال: حبشيًّا؛ أعطاه، وإن قال: نوبيًّا؛ أعطاه، فإذا قال: زنجيًّا؛ قال: ارشد، ولم يعطه شيئًا، قالت: فلما طبخوا ضحيته جاؤوه بشيء فأكل منها، ثم قال: اغرفوا لي منها شيئًا في صحفة على حدة، فقال: يا أمة الله، أتعرفين منزل عمرو بن دينار أخي؟ قالت: فقلت: نعم، قال: فاذهبي بهذه الصحفة إلى عمرو بن دينار، فقولي له: يقول لك أخوك: هذا من ضحيتي فكل منها، قالت: فجئته بها، فإذا هو يقول للسودان مثل ما يقول طاوس، ويسألهم: أي شيء جنسك؟ فإذا تبين له أنه زنجي قال: ارشد، ولم يعطه، قالت: فقلت له: يا سيدي، وما للزنج لا تطعمهم؟ قال: وي! ما لكِ لم تسألي سيدكِ عن ذا؟ قالت: تهيبت أن أسأله، فقال: إن الزنج لا يؤمنون بالبعث، قالت: فرجعت، فأخبرت سيدي أني سألت عمرو بن دينار، فقال لي: صدق يا أمة الله، إن الزنج لا يؤمنون بالبعث، فأكره أن أتصدق عليهم.
قالت أمة الله: صدر طاوس ليلة الصدر وهو ثقيل شاكٍ، فهلك ليلة الصدر، فقال عبدالله بن طاوس: أمرني أبي ألا أسقف عليه، قالت: فأهار عليه).
3. في المسرد المذكور؛ استدركتُ برقم (3): «إسحاق بن إبراهيم بن إسحاق؛ أبو محمد»، ونصَّ الفاسي -في العقد الثمين (3/291)- على أن الفسوي ذكره «في رجال أهل مكة في الأول من مشيخته، وروى عنه حديثًا عن ابن المبارك».
4. في المسرد المذكور؛ استدركتُ برقم (6): «محمد بن عمران بن عبدالرحمن بن الحارث الهذلي»، ثم وقفت على حديثه:
قال الفاسي (2/224، 225): (ذكره يعقوب بن سفيان الفسوي في رجال مكة، في الأول من مشيخته، وروى عنه، عن أبيه عمران، عن مجاهد؛ مسائل سأله عنها.
أخبرني بذلك أبو هريرة ابن الذهبي، قال: أخبرنا يحيى بن محمد بن سعد، قال: أخبرنا ابن اللتي، قال: أخبرنا عمر بن عبدالله الحربي، قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن محمد العطار، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن شاذان البزار، قال: أخبرنا عبدالله بن جعفر بن درستويه النحوي، قال: أخبرنا يعقوب بن سفيان الفسوي، قال: حدثنا محمد بن عمران بن أبي الحارث الهذلي، قال: حدثني عمران بن عبدالرحمن، أنه ذكر أنه خرج يوم الجمعة رائحًا إلى الصلاة في يوم صائف شديد حره، حتى أدرك مجاهد بن جبر حذو دار عمر بن عبدالعزيز، فماشاه وسأل به، فأقيمت الصلاة يوم الجمعة، فخرج أهل الصنائع من تحت ظلالهم وأستارهم، منهم الذي يرمل على رجليه، ومنهم الذي يسعى، قال: فقلت له: يا أبا الحجاج، عافاك الله، ما هذا العمل الذي أرى؟ قال: ليس هذا بشيء، إنما السعي القصد، وليس السعي على الأقدام، قلت: يا أبا الحجاج، ما رأيك في السائل ببابي، فربما قلت للحي: أطعموه، وربما قلت لهم: باركوا عليه؟ قال: ابدأ بمن تعول، ابدأ بمن تعول -مرتين-، فإن كان فضلٌ فأرضخ منه، قلت: فما رأيك في الخادم يكون طعامي وطعام عيالي سوى طعامه؟ قال: أطَّت السماء الدنيا وحق لها، ما منها موضع أربع أصابع إلا وعليه جبهة ملك ساجد لله، فيها خولكم، من أحسَنَ منهم؛ فأطعموه مما تأكلون، واكسوهم مما تلبسون، ومن خالفكم منهم؛ فلا تعذبوا خلق الله -عز وجل-).
هذا ما وقفتُ عليه، وقد كان ذلك بإشارة من الشيخ (خليفة الكواري)، وهو الذي استدرك الحديث الثاني، فجزاه الله خيرًا وبارك فيه.
وإن أنسَ؛ فلستُ بناسٍ التنويه إلى فضل ذوي الفضل؛ ممن أعان وساعد في تحقيق هذا الكتاب، وقد نوَّهتُ بفضلهم شاكرًا لهم في مواضع ذلك من المقدمة، فجزاهم الله خيرًا، وأحسن إليهم، وزاد أفضالهم.
وأعلن هنا شكري الجزيل الوافر لفضيلة الشيخ د. سعد بن عبدالله الحميِّد، لمدِّه يد العون في طباعة الكتابة؛ فشكر الله له، وأجزل له المثوبة.
وفي انتظار إفادات المشايخ وتوجيهاتهم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
صورة الغلاف:
تنبيه: أخطأ الخطَّاط في كتابة (السرِّيع)، وصوابها: (السريِّع).