السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مَنْ مِنَّا لا يعْرف الشَّاطِبِيَّ - القاسِم بن فيرّه الشَّاطِبِيَّ ؟
أشهر من ألَّف منظُومة في علْم القراءات ، يتردد اسمه فيِ كل إِذاعاتِ القُرآن الكريم على مستوى العالم : قراءَة فُلانٍ عن فلانٍ من طَريقِ الشَّاطِبَيَّة
وقد تناول الشراح هذا النظم المبهر بالشَّرحِ ، ولكن اهتموا جداً بشرحه كَقَصِيدةٍ فيِ عِلْمِ القراءات
والقارئ لمقدمة هذا النَّظْمِ الـمُبْهر يرى قصِيدةً أخلاقيةً ووعْظاً رقيقاً ودعوة شرعية ورِقَّة في انتِقَاءِ الكلمات وعذوبة المعاني و..عَبْقَرِّية في اختيارِ الألفاظِ
فكلما نظرتُ في أبياتها شعرتُ أن هذا الشاطبيُ عبقريةٌ نادرةٌ ...أَلانَ الله له الحروف فقيدَّها تقييدا أعْجَزَ من بعده ...
وبالإضافةِ لعبقريةِ هذا الإمامُ ....تَجِدُ تواضعاً خلاباً ...وديناً وورعاً حريٌّ بالتأملِ في حالهِ وحالنا
فاليوم نتناول الشاطبية لا كحرز الأماني في علم القراءات ولكن ، مُقَدِّمتها فقط ، كشعر رقيق عذب ينم عن عبقرية الشاطبي
ولا ينكر إنسان أن القصيدة نفسها تدل على عَبْقَرِيَّته ، بل إن الذي يستطيع فك رَمْزَها وشَفْرتها عبقري والذي جمعها في صدره حفظاً عبقريٌ ، فكيف بكاتِبها؟! ، فيا عجبى على هؤلاء الذين يَفْخَرون في الشرق والغرب بكتَّابهم وكتاباتهم ولو عرفوا من هو الشاطبي وكيف صاغ قصيدته لماتوا من الحَسْرةِ والحَسَدِ!
لكني كلما شرعت في بسط شرح لهذه الأبياتِ الرائعةِ ، لا أَجِدُ بلاغة لغوية تُعبِّر عما أشعر به في النَّظْم ، وكلما ذكرتُ تعلقاً لغوياً يَنُم عن عبقرية هذا الإمام القارئ ـ أخشى أن أكون جانبتُ الصوابَ وأبعدتُ النجعة.
فقلت لعل أهْل اللغة في هذا المجلسِ العلميِ يشاركونا هذا العمل فنجعل إن شاء الله كل فترة - حسب التيسير- أبياتاً من المقدمة - فقط ، لكي نتذوقُ جمالَ هذه الأبيات ونستنبطُ حلاوةَ معانيها وعبقرية من حاك منها هذا النسيجِ الديباجيِ الرقيقِ.
وفي الأخير نجمع الشرح متصلا إن شاء الله تعالى.
واسمحوا لي أن أعرض مع نَفِيسِ بِضاعَتِكُم بِضَاعتي المُزْجاةَ على ركَاكَتِها وتَكَلُّفها فترفقوا بنا إن وجدتم زللا وغضوا الطَرْفَ عن مَسَاوِئِ العَمَلا
وأقول كما قال الشاطبي
فَإِن كَانَ خِطْأً فَادَّارِكْهُ بِفَضْلَةٍ مِنَ الْحِلْمِ ولْيُصْلِحْهُ مَنْ جَادَ مِقْوَلاً