تربية الأطفال عند السلف



بقلم: محمد الجبوري
تعدُّ التربية الإسلامية الصحيحة أولى المقومات وأشدها أثرا في نفس الطفل خاصة في مرحلة نشأته، وفي الحديث (يولد ابن آدم على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)، أو كما قال عليه الصلاة وأتم التسليم، وما الانحرافات الخلقية والعادات السيئة والأعراف الدخيلة، التي جعلت الكثير من أبناء المجتمع الإسلامي فريسة سهلة للعولمة وأصحابها، إلا بسبب الابتعاد عن أسس البناء التربوي وركائز التربية الإسلامية القويمة، لذلك فمن اجل بناء مجتمع سوي وصحيح ومتماسك على خطى الإسلام وخطى أتباعه من سلف امتنا الصالح فهذه أسس مقومات البناء التربوي الإسلامي الصحيح لدى السلف الصالح:
التربية بالحقوق:
للطفل حقوق علينا لابد أن نسوقها له أثناء تربيته وتنشئته، ومن أولها الدعاء له، وهذا هو هدي الأنبياء والصالحين، قال (تعالى): (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أزواجنا وَذُرِّيَّاتِنَ ا قُرَّةَ أعين وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إماما)(الفرقان: من الاية74).
وهذه هي مقولة عباد الرحمن في دعائهم لذرياتهم، وزكريا (عليه السلام) يقول: (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّا)(مريم: من الاية5)، وإبراهيم (عليه الصلاة والسلام) يدعو لبنيه بالصلاح..صلاح العقيدة، (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أن نَعْبُدَ الأصنام)(إبراهيم : من الاية35)، كذلك يدعو لهم بإقامة الصلاة: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي)(إبر اهيم: من الاية40).
وقد ورد نهي في الدعاء عليهم في حديث جابر (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (لا تدعو على أنفسكم، ولا تدعو على أولادكم، ولا تدعو على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسال فيها عطاء فيستجيب لكم) (رواه مسلم).
كذلك من باب حقوق الصغار: التوسعة عليهم عند اليسر كما ورد في الحديث (خيركم خيركم لأهله) وحديث: (أن الله يحب أن يرى اثر نعمته على عبده)، ومن أولى ما يدخل في ذلك التوسعة على الأولاد باللبس الحسن والطعام الحسن بل وتطييبهم بأنفس الطيب، قالت أم أبي محمد التمار: (بما حملنا أولاد أيوب فعيق لنا من ريحهم ريح المسك أو الطيب) (رواه ابن أبي الدنيا في العيال).
ومن حقوقهم: اختيار أصحابهم حيث قال علي بن جعفر: مضى أبي إلى أبي عبد الله -يعني الإمام احمد- وذهب بي معه، فقال له: يا أبا عبد الله! هذا ابني، فدعا لي، وقال لأبي: الزمه السوق، وجنبه أقرانه (رواه الخلال/ في الحث على التجارة).
ومن حقوق الأطفال التربوية: أن يسلّم عليهم، فعن انس (رضي الله عنه) قال: (كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فمر على صبيان فسلم عليهم) (رواه الترمذي).
ومن ذلك تعليمهم الاستئذان من خلال الاستئذان عند الدخول عليهم، فقد قال جابر (رضي الله عنه): (يستأذن الرجل على ولده وأمه وان كانت عجوزا، وأخيه وأخته وأبيه) (رواه البخاري)، ولا يقدّم عليهم في حقهم إلا بإذنهم، فعن سهل بن سعد (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أتي بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلام، وعن يساره الأشياخ، فقال الغلام: (اتاذن لي أن أعطي هؤلاء)؟ فقال الغلام: والله يا رسول الله! لا اؤثر بنصيبي منك أحدا، فتلّه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في يده) (رواه البخاري).
ومن حقوقهم التربوية: أن لا يكذب عليهم، فعن عبد الله بن عامر (رضي الله عنه) قال: (أتانا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في بيتنا وإنا صبي، قال: فذهبت اخرج لألعب، فقالت أمي: يا عبد الله! تعال أعطك، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): وما أردت أن تعطيه؟ قال: تمرا، فقال: (إما انك لو لم تفعلي كتبت عليك كذبة) (رواه احمد).
وصح عنه (صلى الله عليه وسلم) انه قال: (أن الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل، ولا أن يعد الرجل ابنه ثم لا ينجز له) (رواه الحاكم).