قال ابن رشد "وأجمعوا على أنه لايجوز أن يشترك في النسك أكثر من سبعة"[1] ولكن الشوكاني قال في نيل الأوطار[2]"وقالت العترة وإسحاق بن راهويه وابن خزيمة إنها تجزئ عن عشرة " قال ابن قدامة في المغني [3]"وعن سعيد بن المسيب أن الجزور عن عشرة والبقرة عن عشرة وبه قال إسحاق لما روي عن رافع كنا مع رسول الله في فعدل عشرة من الغنم ببعير متفق عليه[4] وعن ابن عباس كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحضر الأضحى فاشتركنا في الجزور عن عشرة والبقرة عن سبعة"[5]الطحاوي عندما جاء إلى هذه الأحاديث ضعف متنها وقال"اوإجماعهم على أنه لايجوز أن يشترك أكثر من سبعة دليل على ضعف الأثار6]
قلت إذا الخلاف على قولين
الأول أنه لايجوز الأشتراك في أكثر من سبعة وهو قول الجماهير ودليلهم أحاديث الإشتراك في سبعة مثل حديث جابر السابق وهو القياس على الهدي
الثاني جواز الإشتراك في أكثر من سبعة كالعشرة لما رواى ابن ماجة عن ابن عباس قال (كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في سفر . فحضر الأضحى . فاشتركنا في الجزور عن عشرة والبقرة عن سبعة) وايضا لما روي عن رافع( كنا مع رسول الله في فعدل عشرة من الغنم ببعير) متفق عليه ولم يجب ابن قدامة عن الحديث الأول وأجاب عن حديث رافع أن هذا الحديث في القسمة وأيضا قال العيني "قوله فعدل هذا محمول على أنه كان يحسب قيمتها يومئذ ولا يخالف قاعدة الأضحية من إقامة بعير مقام سبع شياه لأن هذا هو الغالب في قيمة الشاة والإبل المعتدلة "[7] قال ابن حجر " وَهَذَا مَحْمُول عَلَى أَنَّ هَذَا كَانَ قِيمَة الْغَنَم إِذْ ذَاكَ ، فَلَعَلَّ الْإِبِل كَانَتْ قَلِيلَة أَوْ نَفِيسَة وَالْغَنَم كَانَتْ كَثِيرَة أَوْ هَزِيلَة بِحَيْثُ كَانَتْ قِيمَة الْبَعِير عَشْر شِيَاه ، وَلَا يُخَالِف ذَلِكَ الْقَاعِدَة فِي الْأَضَاحِيّ مِنْ أَنَّ الْبَعِير يُجْزِئ عَنْ سَبْع شِيَاه ، لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْغَالِب فِي قِيمَة الشَّاة وَالْبَعِير الْمُعْتَدِلَيْ نِ ، وَأَمَّا هَذِهِ الْقِسْمَة فَكَانَتْ وَاقِعَة عَيْن فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون التَّعْدِيل لِمَا ذُكِرَ مِنْ نَفَاسَة الْإِبِل دُون الْغَنَم ، وَحَدِيث جَابِر عِنْد مُسْلِم صَرِيح فِي الْحُكْم حَيْثُ قَالَ فِيهِ " أَمَرَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَشْتَرِك فِي الْإِبِل وَالْبَقَر كُلّ سَبْعَة مِنَّا فِي بَدَنَة " وَالْبَدَنَة تُطْلَق عَلَى النَّاقَة وَالْبَقَرَة ، وَأَمَّا حَدِيث اِبْن عَبَّاس " كُنَّا مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَر فَحَضَرَ الْأَضْحَى فَاشْتَرَكْنَا فِي الْبَقَرَة تِسْعَة وَفِي الْبَدَنَة عَشَرَة " فَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيّ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان وَعَضَّدَهُ بِحَدِيثِ رَافِع بْن خَدِيج هَذَا . وَاَلَّذِي يَتَحَرَّر فِي هَذَا أَنَّ الْأَصْل أَنَّ الْبَعِير بِسَبْعَةٍ مَا لَمْ يَعْرِض عَارِض مِنْ نَفَاسَة وَنَحْوهَا فَيَتَغَيَّر الْحُكْم بِحَسَبِ ذَلِكَ ، وَبِهَذَا تَجْتَمِع الْأَخْبَار الْوَارِدَة فِي ذَلِكَ . ثُمَّ الَّذِي يَظْهَر مِنْ الْقِسْمَة الْمَذْكُورَة أَنَّهَا وَقَعَتْ فِيمَا عَدَا مَا طُبِخَ وَأُرِيقَ مِنْ الْإِبِل وَالْغَنَم الَّتِي كَانُوا غَنِمُوهَا ، وَيَحْتَمِل - إِنْ كَانَتْ الْوَاقِعَة تَعَدَّدَتْ - أَنْ تَكُون الْقِصَّة الَّتِي ذَكَرَهَا اِبْن عَبَّاس أَتْلَفَ فِيهَا اللَّحْم لِكَوْنِهِ كَانَ قُطِعَ لِلطَّبْخِ وَالْقِصَّة الَّتِي فِي حَدِيث رَافِع طُبِخَتْ الشِّيَاه صِحَاحًا مَثَلًا فَلَمَّا أُرِيقَ مَرَقهَا ضُمَّتْ إِلَى الْمَغْنَم لِتُقْسَم ثُمَّ يَطْبُخهَا مَنْ وَقَعَتْ فِي سَهْمه ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ النُّكْتَة فِي اِنْحِطَاط قِيمَة الشِّيَاه عَنْ الْعَادَة ، وَاَللَّه أَعْلَم "[8]
وأما حديث ابن عباس لم أقف على من يجيب عليه وقد صححه الإمام الإلباني ولم أقف على من يضعفه وهذاالحديث أقتضى حكما زائدا عن حديث جابر وهو مقوي لأصحاب القول الثاني وهذا الذي يظهر هو ترجيح الشوكاني [9] والله أعلم
[1] بداية المجتهد ونهاية المقتصد 2/840
[2] 483/9
[3] 364/13
[4] رواه البخاري باب قسمة الغنيمة وباب من عدل عشرا من كتاب الشركة 3/181 ومسلم باب جواز الذبح بكل ماأنهر من الدم من كتاب الأضاحي 9/1559
[5] رواه ابن ماجة باب عن كم تجزئ البدنة والبقرة كتاب الأضاحي 2/1047 قال الألباني صحيح
[6] بداية المجتهد ونهاية المقتصد 2/840
[7] عمدة القاري 19/377
[8] فتح الباري 15/437
[9] نيل الأوطار9/483