بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقد تعددت تعريفات العلماء للنبي، كما تعددت تعبيراتهم في التفريق بينه وبين الرسول، وفيما يلي أهم المحاور التي دار حولها كلامهم:
1-لا يكون الشخص نبيًا إلا بالاصطفاء الرباني.
2-لا تثبت النبوة إلا بوحي (إنباء) من الله لهذا الشخص، وقد يكون الوحي بواسطة (كجبريل) أو بغير واسطة (كالرؤيا والإلهام)، فيعلم الشخص: اصطفائه للنبوة، والشرع الواجب عليه اتباعه، وما يشاء الله أن يعلمه.
3- النبي مبعوث (مرسل) من الله إلى من شاء من خلقه؛ ليخبر (ينبأ) عن الله ما أوحي إليه من كونه نبيًا، وغير ذلك من أنباء الغيب والشرائع والحكم.
4- النبي معصوم، لا يصدر في أقواله وأفعاله المبينة للشرع إلا عن الله.
5- النبي مؤيد من الله بالآيات والبراهين الدالة على صدق نبوته، والمؤكدة لعصمته.
6- ليس كل ما أُوحي إليه الوحي العام (مطلق الإنباء) يكون نبيًا، فإنه قد يُوحى إلى غير الناس، قال تعالى: {وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتًا ومن الشجر ومما يعرشون}، وقد يُوحى إلى الأطفال والنساء والصالحين من أتباع الرسل، قال تعالى عن يوسف وهو صغير: {فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون}، وقال تعالى:{وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه}، وقال تعالى: {وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي}، وفي الصحيحين عن النبي r أنه قال: "لقد كان فيما كان قبلكم من الأمم ناس محدثون فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر"([1]).
وهؤلاء المحدثون الملهمون ليسوا بأنبياء معصومين مصدقين في كل ما يقع لهم؛ فإنه قد يوسوس لهم الشيطان بأشياء لا تكون من إيحاء الرب، بل من إيحاء الشيطان، وإنما يحصل الفرقان بما جاءت به الأنبياء؛ فهم الذين يفرقون بين وحي الرحمن ووحي الشيطان، فالعصمة ثابتة لهم دون غيرهم([2]).
7-بناءً على ما سبق فإن مصطلح النبي لا يثبت لأحد إلا بتوقيف من الشرع، ولا يكفي في إثبات النبوة التحديث والإلهام، ويؤكده قول النبي r: "لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن من أمتي منهم أحد فعمر"([3]).
8- الرسول أخص من النبي، فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولًا.
9-اختلف العلماء في تحديد الفارق بين النبي والرسول، والراجح: التفريق بينهما من جهة المخاطبين، فالمبعوث إلى الكفار هو النبي الرسول، والمبعوث إلى المؤمنين هو النبي غير الرسول، ومستند هذا الفارق هو كون آدم u أول الأنبياء، وكون نوح u أول الرسل، والفارق الظاهر بينهما هو: طروء الشرك على البشرية في عهد نوح u([4]).
10-النبوة -والرسالة بالتبع- ختمت بالنبي محمد r، دل على ذلك محكم الكتاب والسنة، وإجماع الأمة.
وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا.
([1]) البخاري (3486)، ومسلم (2398).

([2]) انظر: "النبوات" تحقيق د/ محمد يسري سلامة ص474-476.

([3]) البخاري (3486) من طريق زكرياء بن أبي زائدة عن سعد عن أبي سلمة عن أبي هريرة.

([4]) انظر: "النبوات" تحقيق د/ محمد يسري سلامة ص485.