نزهة القارئ وتحفة البارئ في التجويد وأصول قراءة عاصم الكوفي للأستاذ القارئ فراس الطائي دراسة و تحليل :

تناول المؤلف في كتابه من علوم القران علم التجويد ،وهو من اشرف العلوم ان لم يكن أشرفها والذي يشتمل على ما لابد منه في القراءة والترتيل من احكام مخارج الحروف وصفاتها ،إضافة الى فوائد متناثرة في جنبات الكتاب لايستغني عنها طالب علم ،والحق بالكتاب بعض ما يؤخذ على القراء من استحداث بعض البدع والعيوب قل من نبه اليها ممن الف في هذا المجال، وختم الكتاب باصول حفص وشعبة ومواضع السور والآيات التي خالف فيها شعبة رواية حفص ورتبها في جدول غاية في الحسن والترتيب من اجل تسهيل معرفة الخلاف على طلاب العلم واليك التفصيل :

اولا :التأليف في علم التجويد :والتأليف فيه ليس هو وليد العصر بل هو قديم وأول من صنف فيه كما اشار الحصري رحمه الله – في كتابه احكام قراءة القران - هو الإمام موسى بن عبيد الله المقرئ الخاقاني البغدادي المتوفى سنة خمس وعشرين وثلاث مئة ،وكان اماما في فراءة الكسائي وله منظومة رائية عدد ابياتها 51بيتا وشرحها جماعة من العلماء ،اما نثرا فاول من صنف في التجويد الإمام مكي بن ابي طالب المتوفى 437وواضع علم التجويد هو الدوري ابو عمر امام القراء نزيل سامراء وهو نسبة الى الدور موضع بالجانب الشرقي من بغداد وهو راوي الامامين الكسائي وابو عمرو البصري ،وانما لم يحتج اليه الصحابة الكرام لاني العربية كانت تجري على لسانهم وهم من تلقوا علم القران مشافهة من الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم .

ثانيا :ابتداء المؤلف مقدمة الكتاب بحمد الله والثناء عليه بما هو أهله والصلاة على خير البرية محمد صلى الله عليه ،ثم استهل بما يسمى ببراعة استهلال وحسن الابتداء وبين في مقدمته إن الكتاب هو نتيجة بحث علمي في كتب علم التجويد والقراءات مع خبرة متراكمة في تخريج دورات علمية في تدريس مادة احكام التجويد ولكنه توخى طريقة سهلة في عرضها تعتمد على امثلة مضروبة وجداول توضيحه ليكون فهمها سهلا على القارئ الكريم ،وذكر انه استند الى امهات كتب العلم الموثقة في هذا المجال، والمؤلف اذ يعرض بضاعته لايزعم لنفسه الكمال فهو لله وحده وإنما قصد النصح والتقريب ما أمكن ومن الله استمد العون وحده .
ثالثا :بعد الانتهاء من المقدمة وجه المؤلف شكره الى كل من مد يد العون والمساعدة لان المسلم كثير بأخيه ومن لايشكر الناس لايشكر الله ،ولما كان الكتاب من الأهمية بمكان فقد قرضه عدد من العلماء المشهورين في العالم الاسلامي منهم الأستاذ الدكتور حسين على محفوظ ،وبين في خاتمة تصديره للكتاب ان الكتاب يسهل قواعد التجويد على المبتدئ ويسهل الوصول للمبادئ على المتعلم ثم قرضه العلامة اكرم عبد الوهاب بكلمة وجيزة ولكنها غاية في الابداع والبيان، ثم تبعه المقرئ علاء الدين القيسي بكلمة أثنى فيها على الكتاب وبين انه اشرف بنفسه على متابعة دورات التحفيظ ودروس التجويد التي كان يمليها المؤلف على طلابه في الجامع الأعظم ببغداد وختم المقدمة بكلمة للمقرئ محمود الكرخي وهو شيخ المؤلف الذي أجازه برواية حفص عن عاصم بالسند الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وقد تضمنت السلسلة علماء القراءات أمثال الخطيب والقابوني الازهري وغيرهم .
رابعا :ابتداء المؤلف كتابه بالتعريف بالة النطق وعلاقتها بمخارج الحروف ثم بيان مخارج الحروف وعددها وما يخرج منها من حروف ثم القاب الحروف مثل الحلقية والجوفية ..الخ ثم صفات الحروف وتكمن أهمية معرفة هذا القسم لان كثيرا من الحروف المتشاركة لاتتميز الا بمعرفة صفاتها ولولا ذلك لاتحدت الأصوات ولم تتميز ذواتها كالهمس وضده الجهر والشدة وضدها الرخاوة ثم تبع ذلك ببيان إحكام النون الساكنة والتنوين والميم الساكنة وإحكام الراء ثم تبعه بقسم خاص لاحكام المدود وأنواعه ثم إحكام همزة الوصل والقطع ثم بيان إحكام الوقف والابتداء وهو من امتع أبواب الكتاب لانه به يتميز القارئ المجيد من غيره وقد تميز قراء مثل المنشاوي والحصري ببراعة في هذا الفن وتطبيقه في تلاواتهم وما ينتج عنه من معاني جليلة ثم علاقة هذا العلم بعلم القراءات وتوظيف المقام والنغم في اظهار المعاني الجليلة لكتاب الله سبحانه من اجل الوصول إلى تدبره وفهمه وتعقله وهي الغاية المعقودة والثمرة المطلوبة .

خامسا :لم بهمل المؤلف جانبا مهما في تطبيقات علم التجويد الا وهو اظهار عيوب المجودين ومحاسنهم للتنبيه على ما ينبغي الحذر من الوقوع فيه وثانيا من اجل بيان هدئ أئمة القراءة والتجويد والاقتداء بهم على حد قول الشاعر :

عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه ×××××ومن لم يعرف الشر يقع فيه

ومن هذا المنطلق صنف علماء الشريعة مصنفات في ما يسمى ببدع القراء ومن اعظم تلك المصنفات الاعتصام للشاطبي وتلبيس ابليس لابن الجوزي ففيه فصل عن بدع القراء وتناول الحصري في مقدمته لكتاب إحكام قراءة القران عن بعض بدع القراء وتناول ذلك بأسلوب علمي نافع جدا .

سادسا :ختم المؤلف كتابه بتفصيل الخلاف لما قراء به شعبة وحفص بجدول يرمز به الى الكلمة المختلف فيها وذلك لجميع المصحف ابتداء من سورة الفاتحة وحتى سورة الناس رامزا للكلمة وموضعها ورقمها .
اما ثبت المراجع فقد اعتمد المؤلف على جملة من المصادر المنوعة جمعت بين القديم والحديث والصغير والكبير شملت كتب التفسير واللغة والتجويد والتصوير الفني في القران وعلم الأصوات والقراءات والمتون العلمية وما استفادة المؤلف نفسه من تدريسه لمادة علم التجويد .
سابعا :اعتمد المؤلف في طرحه على أسلوب السؤال والجواب في فصول الكتاب كله تقريبا وهو أسلوب علمي له فائدة في وصول المعلومة إلى ذهن القارئ وهو أسلوب قراني في عرض الحقائق الكونية والعقائد الإيمانية لإغراض عديدة قد تكون للتقرير أو التوبيخ كما هو مفصل في علوم البلاغة والبيان ، واعتمد أيضا على الجداول الإيضاحية والبيانية لوضوحه وسهولة تناوله على طالب العلم وخاصة المبتدئ .
وبالجملة فالكتاب اسمه يطابق مسماه وعنوانه يوافق معناه فهو نزهة للمشتاقين في رياض القران ،وتحفة للناظرين في بستان الإيمان لايستغني عنه طالب علم بقراء القران او يجوده بين أهل العلم والعرفان ،ولو كبر من حروفه وكلماته لظهر واضحا للعيان ،وخاصة على أمثالنا ممن أصابه التعب والغشيان،وعذره انه بذل جهده وطاقته والله المستعان ،علما انه العيب الوحيد فيه ، وعسى إن يكون ذلك في طبعة أخرى يقر بها عيون أهل البيان ،وفي مطابع بغداد يوم يرحل أهل الظلم والعدوان، وأخيرا نسال الله ان يجزل على مؤلفه الأجر الوفير وان يمتعه بالصحة والعافية في حالتي الإقامة والنفير ،وان يتجاوز عن ذنوبنا جميع يوم التناد ،ولا يفضحنا على رؤوس الإشهاد ،وان يحلنا دار المقامة من واسع عظيم فضله ،وسابغ كبير من نوله ،وأخر دعوانا ان الحمد لله فهو الجواد الكريم الروؤف الرحيم وصلى الله على محمد ما هبت النسائم وناحت على الأيك الحمائم وعلى اله وصحبه اجمعين.