تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: استجابة دعاء النبي على معاوية؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    22

    افتراضي استجابة دعاء النبي على معاوية؟

    السلام عليكم ورحمة الله
    الإخوة الكرام! ما زلت أبحث في شأن معاوية - رضي الله عنه - ولا أريد به إلا الردّ على بعض الشبهات وقعت في النفوس.
    قرأت في البداية والنهاية أنّ معاوية - رضي الله عنه - كان يأكل في اليوم سبع مرات. وابن كثير نفسه يعتبر ذلك دليلا على أن معاوية "انتفع" بدعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث دعا "لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ" وسؤالي لا يتعلق بشرح دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن أحببت أن أبحث عن التحقيق لتلك الشهادة التارخية وهل كان معاوية يأكل كثيرا كما نقلها ابن كثير وغيره؟
    بارك الله فيكم!

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: استجابة دعاء النبي على معاوية؟

    من المهم جداً أخي الفهم السليم الصحيح لمعنى الحديث، مع تنزيله وعرضه على غيره من الأحاديث النبوية الشريفة..

    فمن المعلوم ضرورة أنه صلى الله عليه وسلم قد أتت نصوص كثيرة عنه في النهي والتحذير من الدعاء على المسلم.. ولن ينه عن أمرٍ ويفعله صلى الله عليه وسلم.
    وقد أتت نصوص عنه أيضاً في أنه عندما يحين العشاء والعشاء فإنه يبدأ بالعشاء.. وهذا وإن كان لا يدخل مباشرة معنا لكن له طرف خفي هنا.

    ثم قد أتى في بعض الطرق تبرير هذا الكلام من رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق معاوية رضي الله عنه؛ فقد قال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بِنْ فَارِسٍ: (مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: لا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى لا يَكُونَ مِمَّنْ يَجُوعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لأَنَّ الْخَبَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "أَطْوَلُ النَّاسِ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا أَطْوَلُهُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ").
    لكن قال الذهبي: (قلت: هذا ما صح، والتأويل ركيك، وأشبه منه قوله عليه السلام: "اللهم من سببته أو شتمته من الأمة فاجعلها له رحمة"، أو كما قال).

    قال العراقي في (طرح التثريب):
    (وَاتَّفَقَ الشَّيْخَانِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "اللَّهُمَّ فَأَيُّمَا مُؤْمِنٌ سَبَبْته فَاجْعَلْ ذَلِكَ لَهُ قُرْبَةً إلَيْك يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
    الثَّانِيَةُ: الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَقُولُ لَهُ أَهْلا لِذَلِكَ الْقَوْلِ، كَمَا وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ: "أَمَا تَعْلَمِينَ أَنِّي اشْتَرَطْت عَلَى رَبِّي، فَقُلْت: إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَرْضَى كَمَا يَرْضَى الْبَشَرُ وَأَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ، فَأَيُّمَا أَحَدٌ دَعَوْت عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِي بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ أَنْ تَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا وَزَكَاةً وَقُرْبَةً مِنْك يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
    قَالَ النَّوَوِيُّ فِي (شَرْحِ مُسْلِمٍ): فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ الْمُرَادَ فِي بَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ الْمُطْلَقَةِ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ دُعَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ رَحْمَةً وَكَفَّارَةً وَزَكَاةً وَنَحْوَ ذَلِكَ، إذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلا لِلدُّعَاءِ عَلَيْهِ وَالسَّبِّ وَاللَّعْنِ وَنَحْوِهِ، وَكَانَ مُسْلِمًا، وَإِلا فَقَدْ دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِي نَ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ رَحْمَةً.
    الثَّالِثَةُ: إنْ قُلْت: كَيْفَ يَصْدُرُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الدُّعَاءُ عَلَى مَنْ لَيْسَ أَهْلا لِلدُّعَاءِ عَلَيْهِ، وَكَيْفَ يَسُبُّهُ، أَوْ يَلْعَنُهُ، أَوْ يَجْلِدُهُ، وَهُوَ عليه الصلاة والسلام مَعْصُومٌ عَنِ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ عَمْدًا وَسَهْوًا؟
    قُلْت: قَالَ النَّوَوِيُّ: الْجَوَابُ مَا أَجَابَ بِهِ الْعُلَمَاءُ؛ وَمُخْتَصَرُهُ وَجْهَانِ:
    أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُرَادَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِي بَاطِنِ الأَمْرِ وَلَكِنَّهُ فِي الظَّاهِرِ مُسْتَوْجِبٌ لَهُ فَيَظْهَرُ لَهُ صلى الله عليه وسلم اسْتِحْقَاقُهُ لِذَلِكَ بِأَمَارَةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَيَكُونُ فِي بَاطِنِ الأَمْرِ لَيْسَ أَهْلا لِذَلِكَ، وَهُوَ صلى الله عليه وسلم مَأْمُورٌ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ، وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ.
    الثَّانِي: إنَّ مَا وَقَعَ مِنْ سَبِّهِ وَدُعَائِهِ وَنَحْوِهِ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ، بَلْ هُوَ مِمَّا خَرَجَ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي وَصْلِ كَلامِهَا بِلا نِيَّةٍ، كَقَوْلِهِ: تَرِبَتْ يَمِينُك وَعَقْرَى حَلْقَى، وَكَقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ لِيَتِيمَةِ أُمِّ سُلَيْمٍ: لا أَكْثَرَ اللَّهُ مِنْك. وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ: لا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، لا يَقْصِدُونَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَقِيقَةَ الدُّعَاءِ، فَخَافَ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُصَادِفَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إجَابَةً، فَسَأَلَ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَرَغِبَ إلَيْهِ فِي أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ رَحْمَةً، وَكَفَّارَةً، وَقُرْبَةً، وَطَهُورًا، وَأَجْرًا، وَإِنَّمَا كَانَ يَقَعُ مِنْهُ هَذَا فِي النَّادِرِ الشَّاذِّ مِنَ الأَزْمَانِ، وَلَمْ يَكُنْ صلى الله عليه وسلم فَاحِشًا، وَلا مُتَفَحِّشًا، وَلا لَعَّانًا، وَلا مُنْتَقِمًا لِنَفْسِهِ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُمْ قَالُوا لَهُ: ادْعُ عَلَى دَوْسٍ. فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا". وَقَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ".انْ تَهَى

    وَعَبَّرَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ عَنِ الْجَوَابِ الأَوَّلِ بِعِبَارَةٍ حَسَنَةٍ أَحْبَبْت نَقْلَهَا، فَقَالَ:
    أَوْضَحُهَا وَجْهٌ وَاحِدٌ وَهُوَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا يَغْضَبُ لِمَا يَرَى مِنَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِ مِنْ مُخَالَفَةِ الشَّرْعِ، فَغَضَبُهُ لِلَّهِ لا لِنَفْسِهِ، فَإِنَّهُ مَا كَانَ يَغْضَبُ لِنَفْسِهِ وَلا يَنْتَقِمُ لَهَا، وَقَدْ قَرَّرْنَا فِي الأُصُولِ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ غَضَبِهِ تَحْرِيمُ الْفِعْلِ الْمَغْضُوبِ مِنْ أَجَلِهِ. وَعَلَى هَذَا فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَدِّبَ الْمُخَالِفَ بِاللَّعْنِ وَالسَّبِّ وَالْجَلْدِ وَالدُّعَاءِ عَلَيْهِ بِالْمَكْرُوهِ، وَذَلِكَ بِحَسَبِ مُخَالَفَةِ الْمُخَالِفِ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَخَالِفَ قَدْ يَكُونُ مَا صَدَرَ مِنْهُ فَلْتَةٌ، أَوْجَبَتْهَا غَفْلَةٌ، أَوْ غَلَبَةُ نَفْسٍ، أَوْ شَيْطَانٌ، وَلَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَمَلٌ خَالِصٌ وَحَالٌ صَادِقٌ يَدْفَعُ اللَّهُ عَنْهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ أَثَرَ مَا صَدَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ مِنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ أَوِ الْفِعْلِ.

    قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَقَدْ يَكُونُ قَوْلُهُ هَذَا وَدُعَاءُ رَبِّهِ إشْفَاقًا عَلَى الْمَدْعُوِّ عَلَيْهِ وَتَأْنِيسًا لَهُ لِئَلا يَلْحَقَهُ مِنَ الْخَوْفِ وَالْحَذَرِ مِنْ ذَلِكَ، وَمَنْ تَقَبُّلُ دُعَائِهِ مَا يَحْمِلُهُ عَلَى الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ وَقَدْ تَكُونُ سُؤَالاتُهُ لِرَبِّهِ فِيمَنْ جَلَدَهُ وَسَبَّهُ بِوَجْهِ حَقٍّ وَعِقَابٍ عَلَى جُرْمٍ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عُقُوبَةً فِي الدُّنْيَا وَكَفَّارَةً لِمَا فَعَلَهُ وَتَحَصُّنًا لَهُ عَنْ عِقَابِهِ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: "وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ كَانَ لَهُ كَفَّارَةً".

    ويعلم الله أخي لم أقف على سند صحيح ثابت أو حتى مقبول؛ يفيد أن معاوية رضي الله عنه كان يأكل فوق العادة من الوجبات، وما وجدت إلا روايات أخبار وقصاص الغرض منها الحط أكثر من التوثيق.

    وما ورد من طريق أبي حمزة عمران بن أبي عطاء؛ فهي رواية مضطربة في الواقع لم تتفق على وتيرة واحدة في نقل الخبر. فتأمل
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •