سعدت كثيرًا برؤية الموضوع, فجزاكم الله خيرًا على هذا الطرح المهم.
فهذه القضية من أهم القضايا التي ينبغي لأهل العلم والمشايخ والمؤسسات الإسلامية والدعوية أن تعتني بها وتناقشها من جميع جوانبها وتضع لها الحلول.
فإن النشء هم الجيل القادم, وهم أمة الإسلام القادمة, فعلينا أن نوليهم أشد العناية وأكبر الاهتمام.
أتكلم عن تجربتي الشخصية حيث درست 12 عامًا في مدارس نظامية, وكنت فيها متفوقة جدًّا بحمد الله, فأستطيع القول بأني كنت محيطة بكل ما طرح في المناهج في كل السنوات ...
كانت سنوات متواصلة من الضغط والضغط والضغط ... إذ أن المناهج مزدحمة للغاية وللحصول على التفوق فيها والإلمام بكل ما فيها ينبغي للطالب أن ينسى أي شيء في الحياة ويلتفت فقط للدارسة,
ولكني أقول أني كنت أستطيع الاشتراك في الأنشطة المدرسية وقراءة كتب خارجية,, ولكن لم يتأت لي ذلك إلا بأن أكون منشغلة طيلة يومي ولا أضيع الدقائق, ولا مجال لترفيه أو نزه أو جلسات سمر ( وأحسب أن هذه نقطة إيجابية من بعض الجوانب ).
ولكني أقول الآن أني لم أستفد من كل ذلك الكم الهائل من المناهج شيئًا سوى ما استفدته من مادتي اللغة العريبة والتربية الإسلامية .. والأحياء (لأنها مرتبطة بالمجال الذي أدرسه في الجامعة).
لم أستفد شيئًا يذكر من ذلك الكم الهائل من النظريات الفيزيائية (التي عفا عليها الزمن وما زلنا ندرّسها) ولم أستفد من الكيمياء ولا نظريات التفاضل والتكامل ولا ولا ..
لم أستفد شيئا من مادة التاريخ سوى أنهم زرعوا فينا تاريخا محوّرا يصور الوطنيين وكأنهم أبطال للأمة, ويتحدث عن فترة احتلال ديار المسلمين وكأن ذلك شيء عادي دون أن يغرسوا فينا عقيدة الجهاد الإسلامي ومقاومة المستعمر... أما تاريخ أوروبا الحديث فقد غرسوه فينا وكأن هذه هي الحضارة التي لا حضارة مثلها وغرسوا فينا حب أولئك الأبطال ! المستكشفين الرائعين الذين خدموا الأمة الإنسانية ....! وأين تاريخ المسلمين ؟ درسناه في سنة واحدة بصورة كئيبة جدا لا تغرس قيمة ولا مبدأ ولا تنتج ارتباطا بتلك الأمة ولا انتصاراتها ولا فتوحاتها ولا أي شيء.
في الحقيقة ما زلت أتساءل : هل من المنطقي أن أفني تلك الـ12 عامًا لأخرج في الأخير بهذه المحصلة التي لا تنعكس بشيء إيجابي حقيقي في الحياة ؟
الإجابة : نعم .
من الجيد أن ندرس كل تلك العلوم,
ولكن أن تكون لنا مناهجنا التعليمية التي نضعها بحيث نحرص على "أسلمة " العلوم والمناهج .. فنربط كل شيء بالإسلام والشرع, ونصفي المناهج مما لا يفيد .. ونركز على جوانب التربية الإسلامية الفكرية والسلوكية والخلقية ...
لينتج عندنا في الأخير الطبيب الإسلامي , والمهندس الإسلامي , والمعلم الإسلامي , والمبرمج الإسلامي , والفيزيائي الإسلامي ..
وليس لنتزوج ويكون عندنا مصدر دخل ..
فهذه الأمور -الزواج والدخل- أمور تحصل تبعاً وكنتيجة, وليست أمورًا مقصودة لذاتها من التعلم والتعليم (لا نقول بعدم الإباحة, هنالك فرق)..
علينا -لنرتقي كأمة- أن تكون نظرتنا للتعلم والتعليم أكبر من مجرد تحصيل أمور اجتماعية معاشية شخصية فردية... بل ينبغي أن تكون النظرة أكبر من ذلك, لتكون على نطاق المجمتع والأمة .
المقترح :
والذي آمل أن يعتني به أولو الأمر الإسلامي هو الاهتمام بإنشاء مدارس إسلامية .. إسلامية المنهج, وإسلامية الطاقم التعليمي.
تحرص على تخريج جيل متعلم مثقف, وفي نفس الوقت مسلم عقيدةً وفكرًا وسلوكًا ومنهج حياة .
وإلى أن يحدث ذلك وأجد تلك المدارس سأمتنع على إلحاق أبنائي بالمدارس النظامية العادية -إن رزقني الله بأبناء-.