بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحة الله وبركاته
الأخ الكريم أحمد بيجة جازك الله خيرا
ويكفينا ان نشتغل بعالمنا وما فيه من فتن وواقعنا وما فيم من انتقاص من قدر الاسلام والمسلمين وحالنا وما فيه من تقصير عن اداء ما افترضه الله علينا
نحن نعمل بنصيحتك و بحثنا عن أصل الفتن في عالمنا و خاصة عند المسلمين فوجدنا أنّ عدو المسلمين هو الشيطان . و هو الآن يستعمل أعداد كبيرة من الإنس تسهل له فتنة النّاس. أصبح الأمر في البلدان العربية كما كان في عصر فرعون : " ٱئْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ " .
لقد شاهدت حصة على قناة فرنسية تناولت فيها حياة الرئيس الراحل فرنسوان ميتران حيث كان لا يثبت قرارا إلا بعد أن يأخذ رأي العرّافة الفرنسية المشهورة سُولَـيْ ( soleil) هذا الذي أكده أعوان الرئيس والكاهنة نفسها . فرنسا تعتبر دولة متقدمة و متطورة . إذا كان هذا حال الدول المتطورة علميا فما بالك بالدول المتخلفة . أما البلدان الإسلامية التي يعمل فيها الساحر بكل حرية أصبح الإنسان فيها غير آمن . وحتى تكون على علم أنصحك أن تطلع على مواقع الرقية الشرعية على نهج الكتاب والسنة ( لا مواقع السحر و الشعوذة ) ليتبين لك الفتن و الإصابات التي يقع فيها ألآف المسلمين من جراء ما يفعله السحرة في كل أقطار الدول المسلمة. إذا قلت لماذا في القرون الأولى من الإسلام لم تكن النّاس تصاب كما هو الحال اليوم فأجيبك كانوا في عصرهم يقلون الساحر .
الأخ الكريم أبو الفداء باك الله فيك و أعود إلى ردك
قولك :
مع أن مرادك فيما يظهر صحيح "جملة"، ولكن عبارتك عنه تفتقر إلى حسن التحرير
... قول صحيح و دقيق . أنا أجد صعوبة في التعبير عن ما أريد تفسيره . فسأُحاول توضيح ما أقصده من هذا البحث راجيا من الله التوفيق . و ردا على ما جاء في مشاركتك :
لا أدري ماذا تقصد بالعلوم الدقيقة هنا ولا أدري ما معك من العلم، ولكن أنت كذلك لا تدري ما
خلفيتي العلمية وما "تكويني العلمي"..
وقد رددتُ ردا مفصَّلا على بعض دعاواك التي جعلتَ لها صبغة العلوم الطبيعية، فإن كنتَ يا أخي الكريم تضبط لهذا الرد جوابا مفصلا فتفضل به مشكورا حتى أستفيد ويستفيد القراء، وإلا فما من شيء أسهل من أن أقول لكل من عقَّب على شيء كتبتُه في المنتدى تعقيبا لا يعجبني: "أنا أعذرك لأنك لم تفهم العلم الذي في كلامي بسبب اختلاف تكويننا وزوايا النظر، فلعلك لو عرضتَه على شخص له تكوين علمي فسيفهمه!!"!!
سأقف على بعض النقاط أرى أنّها تستحق التوضيح :
-أما ما دخلت بنا فيه من كلام في تجارب الملاحدة في...
-فهل توافق أنت هؤلاء المختصين على هذا ؟؟؟ ...
-لا أدري يا أخي الكريم كيف قبلتَ الانضمام إلى فريق العمل في بحث كهذا!!!
-ما الذي خرجتَ به منه؟؟؟؟
-هل يمكنك الاستدلال - مثلا - على كيفية صنع جهاز الكمبيوتر من خلال النظر في الكيفية التي يعمل بها نظام الويندوز؟؟؟ هذا تهافت ما بعده تهافت
-كيف يتصور - عقلا - أن تكون السيارة - مثلا - قد صنعت بواسطة بعض تلك العلميات التي تجري داخل محرك الاحتراق الداخلي أو صندوق التروس أو .. الخ؟؟
هؤلاء الملاحدة كانوا أساتذة في جامعتنا و كنا طلبة عندهم . البرامج الدراسية ليس لنا دخل فيها . ثم إن صحت تجاربهم أخذنا منها ما يفيدنا في ديننا ودنيانا وإن كانت باطلة فلا تضرنا وتركناها . المثال الذي أعطيته أنا كأمثلتك التي أوردتها أنت عن الوندوز والكبيوتر والسيارة و هي كلها من تجارب و تصاميم الملاحدة : فهل هذا سيغير من عقيدتنا شيء ؟ لا أبدا إلاّ أن يكون إيماننا ليس مبني على علم و يقين. المثال أدرجته لأقول فقط بأنه يجب على الإنسان أن يبحث عساه أن يصل إلى أجوبة على تساؤلاته فإن لم يصل فيعلم عجزه ولا يعني هذا أنه سيشرك بالله . الأمور التي تخالف الكتاب و السنة نتركها لأصحابها . لو أردنا أن نـَفصل في القول مع الملاحدة لطلبنا منهم أولا أن يخرجوا من العدم المواد التي استعملوها في تجاربهم ثم بعد ذلك ننظر فيما وصلوا إليه و لكننا نحتاج معرفة القوانين الكونية التي وضعها الله في المخلوقات و نستخلصها من التجارب لأنّ التجربة الصحيحة ما هي إلاّ تثبيت لقانون يحكم الظاهرة المدروسة . هذه التجارب لا يتقنها المسلمين .
-بعض دعاواك التي جعلتَ لها صبغة العلوم الطبيعية،
- أننا مخلوقون من طين وهم مخلوقون من نار! ...
-أما دخولك بعد ذلك في الكلام عن النار وحقيقتها لاستنباط خصائص الجن الجسمانية، فمغالطة مشهورة يقع فيها الكثيرون
- ثم هل أفهم من هذا أنك ترى أنه من الممكن إخضاع الجن للبحث العلمي الطبيعي
-تقول لو أردنا، وأقول لك: لا، ما أردنا! ما أردنا هذا البحث
- فقد تقدم أن كونهم مخلوقين من النار لا يعني أن أجسادهم من نار!!
- أي مسائل وأي خصائص وأي اجتهاد ؟؟؟؟
العناصر التي يتكون منها جسم الإنسان وهو ليس طين هي كالتالي :
الكربون – الأكسوجين –الايدرجون والفوسفور والكبريت – و الآزوت – والكالسيوم –و البوتاسيوم –الصوديوم – الكلور –المغنسيوم – الحديد – المنجنيز- النحاس –اليود- الفلورين –الكوبالت – الزنك – السلكون – الالومنيوم
وهذه المكونات من مكونات الطين .
خصائص هذه العناصر لا تتغير سواء كانت في الحجارة أو في النباتات أو الإنسان ولها دور كبير في الأداء السليم لوضائف جسم الإنسان . الكالسيوم مثلا يعطي للعظام صلابتها كما هو حال الحجر الجيري . لو أردنا أن نثني عظما ينكسر . كذلك الحجر الجيري لو أردنا أن نثنيه ينكسر . نقول أن هذه خصائص الكالسيوم سواء في جسم الإنسان أو في الحجر أو في الطين .لا نستطيع أن نقول أنّ الكالسيوم الموجود في الطين ليس كالكالسيوم المجود في الإنسان لسبب أنّ الإنسان ليس طين !!! وكذلك بالنسبة للعناصر الأخرى المكونة للإنسان . و هكذا حال الجن فجسمه ليس نار ولكن خصائص العناصر المكونة لجسمه لها خصائص النار . ولانستطيع أن نقول أن جسم الجن يحتوي على عناصر من الكالسيوم والمغنسيوم ... و إلاّ أصبح من الطين لا من النار .
القرآن خاطب العرب بلغة يفهمونها :الطين هو الطين الذي يعرفونه والنار هي النار التي يعرفونها . أما ما لا ندركه بالعقل و لا بالتجربة فقد خصصه الشرع و عرفه : جاء في القرآن "ليس كمله شيء " ذات الله لايدركها العقل و قال عن الجنة " فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر " إذن غير ممكن أن يدرك الإنسان الجنة بعقله قال عن الروح " قل الروح من أمر ربي " وقال عن نار جهنم " اذكروا من النار ما شئتم، فلا تذكرون شيئاً إلا وهي أشد منه " ... ... ...
بعض المفسرين للآية 12 من سورة الأعراف يفسرون قدرات الجن وخصائصه الجسمانية
مرتكزين على خصائص النار .يقول الطبري :
أن المانع كان له من السجود والداعي له إلى خلافه أمر ربه في ذلك أنه أشدّ منه يداً وأقوى منه قوّة وأفضل منه فضلاً، لفضل الجنس الذي منه خلق وهو النار، من الذي خلق منه آدم وهو الطين فجهل عدوّ الله وجه الحقّ، وأخطأ سبيل الصواب، إذ كان معلوماً أن من جوهر النار: الخفة والطيش والاضطراب والارتفاع علوّاً، والذي في جوهرها من ذلك هو الذي حمل الخبيثَ بعد الشقاء الذي سبق له من الله في الكتاب السابق على الاستكبار عن السجود لآدم والاستخفاف بأمر ربه، فأورثه العطب والهلاك، وكان معلوماً أن من جوهر الطين: الرزانة والأناة والحلم والحياء والتثبت،
يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله في كثير من الآيات التي تتعلق بالجن والشياطين :
" -
ومن حكمة الحق أن الجن يأخذ صورة القدرة على أشياء لا يقدر عليها الإنس، مثل السرعة، واختراق الحواجز، والتغلب على بعض الأسباب ... ... لأنه هذه طبيعة النار، وهي المادة التي خُلق منها.
-
والجن يرانا ولا نراه، وبعض من العلماء علل ذلك لأننا مخلوقون من طين وهو كثيف، وهم مخلوقون من نار وهي شفيفة.
يظهر من هذه التفاسير أنهم استنبطوا الخصائص الجسمانية للجن من العنصر الذي خُلق منه اي النار . الفزياء اليوم تعطي معلومات أدق عن النار والغازات والمادة فبصفة عامة وخاصة في مجال الطب التطورات الكبيرة التي وصل إليها العلم تسمح بالتوسع في فهم الآيات الكونية أكثر مما مضى. لم أفهم خلفتيتك العلمية التي تفرق بين خصائص نفس العناصر المكونة لجسم الإنسان حينما تكون في الطين أو في جسم الإنسان . قولك الجن من علم الغيب غير صحيح الجن يظهر للسحرة و الطرقيين فيتعاملون معه و ياتيهم بالأخبار و أمور أخرى لا داعي لذكرها الآن .
ولكن الشرائع التكليفية التي اختلفوا فيها عنا ليس سبب اختلافها هو هذا فحسب، ولكن سبب اختلافها أن الله ابتلاهم بأشياء لم يبتلنا بها، كابتلائه إياهم بالقدرة على النفوذ إلى عالمنا والتأثير فيه والتأثير فينا، بينما لا يمكننا نحن ذلك ((إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم)).
قولك بأنّه لا يمكن للإنس النفوذ إلى عالم الجن غير صحيح . الإنس ينفذ إلى عالم لجن وهذا حال السحرة و أغلب الطرقيين الذين يدعون الكرمات ورؤية الجن . رؤية الجن ممكنة . وقد جاء في تفسير الآية التي أوردتها - قول البيضاوي : (( ... ورؤيتهم إيانا من حيث لا نراهم في الجملة لا تقتضي امتناع رؤيتهم وتمثلهم لنا. ))
- قول الشوكاني : ...وقد استدل جماعة من أهل العلم بهذه الآية على أن رؤية الشياطين غير ممكنة، وليس في الآية ما يدل على ذلك، وغاية ما فيها أنه يرانا من حيث لا نراه، وليس فيها أنا لا نراه أبداً، فإن انتفاء الرؤية منا له في وقت رؤيته لنا لا يستلزم انتفاءها مطلقاً،
- قول الماوردي :{ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ } يحتمل وجهين:
أحدهما: من حيث لا تبصرون أجسادهم.
والثاني: من حيث لا تعلمون مكرهم وفتنتهم.
و قال علماء آخرون : "إن الإنسان إن رأى الجني فلن يراه على صورته، بل على صورة مادية يتشكل بها، وهذه الصورة تتسق وتتفق مع بشرية الإنسان " . لقد ناقشت ما يفوق المائة ما بين سحرة و طرقيين كانوا يتعاملون مع الجن فمنهم من تاب و منهم من بقي على شركه و كل التحليلات لأقوالهم تدل على رؤيتهم للجن على أشكال مختلفة لصور الإنس والحيوان .
وأما ما ذكرته بعد ذلك من أمثلة فقد تقدم
أن الله قد يبتلي المؤمن بمثل هذا وأكثر منه - نسأل الله العافية - فإن كنتَ تطلب بسؤالك "كيف استطاع" أن ندرس "فيزياء" عالم الجن وكيف يمنعهم الملائكة
حتى لا أطيل عليك أعود إلى المثالين الذين ذكرتهما لك : الأخ الذي يزعجونه الشياطين عند النوم و الآخر الذي خدشه الجن على و جهه و رقبته فأقول أنّ جوابك يدل على جهلك بعالم الجن و أسباب إيذاء الجن للإنس . لقد قدمنا لهما النصح فأما أحدها ففهم ما به و أخذ بالنصيحة فزال عنه إزعاج الشياطين له بدون رقة ولا زيت ولا أعشاب ... والآخر فأخبرناه سبب تعدي الجن عليه ففهم الأمر و فضل أن يبقى على حاله مما يجد من المتعة باتصله مع الجن.
لنا عودة إن شاء الله