تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: من العدل و الإحسان حب معاوية بن أبي سفيان

  1. #1

    افتراضي من العدل و الإحسان حب معاوية بن أبي سفيان

    بسم الله الرحمن الرحيم
    أما بعد فهذه رسالة كنت كتبتها قديما ردا على ما كنت قرأته في بعض كتب عبد السلام ياسين شيخ جماعة العدل والإحسان في معاوية رضي الله عنه سبا وشتما وطعنا على طريقة الشيعة ولا غرو فإنه كثيرا ما يقول عن الروافض : إخواننا الشيعة وحق له ذلك كما سترى. ورأيت أن أضعها هنا لعل الله ينفعني بدعائكم.

    من العدل و الإحسان حب معاوية بن أبي سفيان
    إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا عبده و رسوله
    أما بعد :
    فقد ساءني كثيرا وقوع كثير من شباب جماعة العدل والإحسان في واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله و سلم من كتبة الوحـي وأصهاره صلى الله عليه وآله و سلم و هو معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه حيث أصبح مثل هذا ديدنا لهم في غير ما مناسبة و لست أنسى شابا منهم وقف وسط حلقة في كلية العلوم زمن دراستي هنالك يفتتح حديثا له عن توقيت ابتداء انتكاسة الإسلام, فبدأه بالحديث عن معاوية و أنه سبب ذلك مع سب وشتم و نسبة له إلى الظلم, وأصل ذلك مقولة شيخهم ياسين في الشورى والديمقراطية ص 242 ونصها : { خرج معاوية بن أبي سفيان بالسيف والبطش والقوة ، فغير مجرى تاريخ المسلمين ونقض أعلى عرا الإسلام } – و هذه سنتهم كل بداية سنة جامعية وأما الآن فلست أدري ما يفعلونه هنالك – الشيء الذي دفعني إلى طلب التدخل فأعطيت بضع دقائق لا غير و بعد هنية بينت فيها سوء أدبه مع واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله و سلم وقد كنت حديث عهد بمثل تلك الكلمات في الحلقات الجامعية فطلب مني المشرف عليها التوقف فلم أستجب فلغا بعضهم لغوا فسكت تنزها عن مثل ذلك اللغط , و لست أدري كيف استطعت ذلك و لكنه حب الصحابة فعل ما فعل, و إني أذكر جيدا أنه بعدما أتممت حديثي تفرق الجمع مبديا تقذرا من صاحبنا الياسيني غفر الله لي و له و ذاك ما كنت أبغي, و اعلم أخي أنهم ما كانوا ليتجرؤوا على معاوية ومن كان معه من أمثال المغيرة بن شعبة وعمرو بن العاص رضي الله عنهما وكان في نحر كل من تكلم بكلمة سوء فيهما, لولا ما يأخذونه جاهزا من عبد السلام ياسين دون نقد أو تصفية كما في كتابه الموسوم بالشورى و الديمقراطية ـ وقد أخبرني بعض الإخوة الذين يعملون في سيارة الأجرة أن رجلا ركب معه فسمع كلاما للشيخ الحويني ينبعث من شريط { علموا أولادكم حب الصحابة } فأعجبه وسأله عن اسم الشريط كي يقتنيه ثم أخبره أن أخا له كان من جماعة العدل والإحسان ثم صار شيعيا يسب الصحابة ويحاول نشر ذلك في بيته ولا حول ولا قوة إلا بالله !
    فطريقته في قراءة التاريخ لا صلة لها بالأسلوب النقدي العلمي ـ والرجل كما قال الإمام مالك رحمه الله { لا يكون إماما أبدا وهو يحدث بكل ما سمع } رواه مسلم في المقدمة ـ إنما منهجه في ذلك :
    ( كتب التاريخ حافلة بالأمثلة لو كان من ينصف ويقر)أ (ص301/الشورى } و( هكذا روى المشهد ابن الأثير (ص247/الشورى ) وقد اعتدى الرجل في كتابه ذاك عفا الله عنا وعنه في صفحات على شخص معاوية رضي الله عنه ومن معه من الصحابة بما يثير غضب كل سني, وسماه فيه باسمه في أكثر من عشرين مرة ولم يترض عليه ولو في واحدة مع أن الله تعالى رضي عنه و عن سائر الصحابة فرضي الله عنه وأرضاه وأدخله فسيح جناته . وهاك بعضا من طعونه في السيد الحليم معاوية :
    الطعنة الأولى :
    قال في الكتاب المذكور آنفا (ص 245 ) وهو يتحدث عن معاوية: (يأتي الإستكبار القبلي وفي يده السيف ليعيد المؤتلفين الأحرار من عبادة لله إلى عبادة جبابرة)
    الطعنة الثانية :
    قال (ص255 ) : (كانت سنة ستين للهجرة هي السنة التي مات فيها معاوية شيخ العصبية القبلية الأموية القرشية)
    الطعنة الثالثة :
    وقال في سياق حديثه عن الخطبة السيفية المكذوبة والتي يذكر فيها أن معاوية رضي الله عنه كذب على الناس في شأن مبايعة سادة المسلمين ليزيد : (هل ينفصل الإكراه و العنف عن الكذب والتلفيق

    ؟ هل القران المكيفيلي إلا غريزة من غرائز الإستبداد ؟)
    الطعنة الرابعة :
    ويقول في ذلك أيضا (ص349 ) : (كان الإكراه والكذب والنفاق مناخا اجتمعت فيه شرائط الفساد والإفساد)
    الطعنة الخامسة :
    قال وهو يتحدث عن ما نقله الأخباريون عن معاوية من إعطائه الأموال لبعض الكبار لاستمالتهم إليه ورفضهم ذلك : (كان الأتقياء شحيحين بدينهم وكان المنافقون يتاجرون في الدين وكان الملك بين ذلك على بينة من المعاملة المريبة لكنها العصبية الأموية بوسائل ظالمة : العنف وسفك الدماء والكذب والنفاق وشراء الدين )
    وأما الزلات التي وقع فيها إما جهلا أو كذبا فكثيرة منها :
    الزلة الأولى :
    قوله في الشورى والديمقراطية (ص 250 ): (يتورع بعض علماء المسلمين عن التعرض لما فعله معاوية وحاشيته مخافة الوقوع في أعراض الصحابة )
    قلت : بل كلهم يتورعون , وتورعهم هو الحق الذي لا ينازع فيه أحد من أهل السنة والجماعة.وسيأتي بيان ذلك في محله.
    الزلة الثانية :
    قوله { ص 250 } أيضا : (غالى ابن تيمية وحط من الإمام علي ,فزعم أنه كان يقاتل على الرئاسة وأن رايته كانت مخذولة), قلت : هذه لا أستطيع فيها أن أملك لساني فأقول : هذا كذب صريح لا يكون إلا من جاهل مريض أو حقود كذاب أو غبي أحمق تنطلي عليه أكاذيب خصوم ابن تيمية! ـ ولست أتهمه بواحدة معينة منها وأدع ذلك للمنصفين ـ فكيف يحط منه وهو القائل : { من لم يربع بعلي في الخلافة ـ أي يجعله رابع الخلفاء ـ فهو أضل من حمار أهله } والله أعلى وأعلم
    الزلة الثالثة :
    قوله في كتابه تنوير المؤمنات( 2/20 ): أخبر عروة خالته عائشة بأن الإمام عليا يسب ويشتم ويلعن على المنابر قالت عائشة : يا ابن أختي أمروا أن يستغفروا لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبوهم
    قلت : هذا يوحي إلى من يقرؤه أن سبب مقالة أمنا عائشة رضي الله عنها هو سب علي رضي الله عنه فقط وهذه خيانة علمية وتحريف لا يليق برجل يوصف بالصلاح من قبل مريديه؟ فإن عائشة رضي الله عنها قالت ذلك لما أعلمت بأن الناس يسبون عثمان في مصر وعليا في الشام وغيرهما في أماكن أخرى قال القاضي عياض في إكمال المعلم : (الظاهر أنها قالت هذا عندما سمعت أهل مصر يقولون في عثمان ما قالوا وأهل الشام في علي ما قالوا والحرورية في الجميع )
    فلماذا التزوير والإقتصار على ذكر علي وحده دون عثمان ذي النورين مجهز جيش العسرة أمير المؤمنين وثالث الخلفاء الراشدين .
    الزلة الرابعة :
    قوله في تنوير المؤمنات ـ هكذا سماه والله أعلم ! ـ { 2/20} : (كان شتم علي ولعنه على المنابر مما فعله وأمر به معاوية )
    كذا قال , وهي زلة تظهر قلة بضاعته التاريخية وبعده عن فن التحقيق وجرأته على اتهام الناس بلا تبين ،ولعله حقد بغيض! وكما قال الحافظ بن حجر رحمه الله : (من تكلم في غير فنه أتى بهذه العجائب )! وإن كنت أشك في أن يكون له فن يتقنه, فإن هذا وأمثاله لا يصح, فلعن علي على المنابر إنما شاع بعده رضي الله عنه ، إلا إذا كان دليله على صحته وروده في كتب التاريخ . بس! والله المستعان .
    الزلة الخامسة :
    قال في { الشورى ص251 } : (كان الإمام الحسن البصري وهو من كبار التابعين عاصر الوثبة الأموية وما جناه على الإسلام بنو أمية بصيرا بما حدث حكيما صريحا روى ابن الأثير مقالة الإمام قال : ( أربع خصال كن في معاوية لو لم تكن فيه إلا واحدة لكانت موبقة)
    والعجيب في المسألة أن هذه المقالة من رواية صاحبنا أبي مخنف الرافضي المتهم !! وأصلها عند الطبري في التاريخ(3/233//دار الكتب العلمية)
    من أجل هذا وغيره أحببت أن أتحدث إلى إخواننـــا في جماعة العدل و الإحسان خصوصا وإلى غيرهم عموما و قد شجعني على ذلك ما أعرفه عن بعضهم من حبهم للحق و إجلالهـم للنبي صلى الله عليه وآله و سلم و أصحابه هذا ظني بهم و الله حسيبهم و لن أطيل عليك أخي في الله فهاك كلماتي أهديها لك فــي طبق نصيحة مطيب بطيب الأخوة و اعلم أنه ما دفعني لكتابة هذه السطور إلا حبي لهم و ما أوجبه الله علينا من حق بيان فضلهم و الدفاع عنهم و الذب عن أعراضهم خصوصا إذا ظهر من ينال منهـــم و قد قال الخطيب البغدادي رحمه الله في الجامع ( ): { فلزم الناقلين للأخبار والمتخصصين بحـمل الآثار نشر مناقب الصحابة الكرام و إظهار منزلتهم و محلهم من الإسلام عند ظهور هذا الأمر العظيم و الخطب الجسيم و استعلاء الحائدين عن سلوك الطريق المستقيم ليهلــك من هلك عن بينة و يحيى من حي عن بينة } وقال شيخ الإسلام في منهاج السنة النبوية : {إذا ظهر مبتدع يقدح فيهم بالباطل فلا بد من الذب عنهم وذكر ما يبطل حجته بعلم وعدل } وليس قصدي الاستيعاب فقد كتب في الذب عنه كتب عظيمة لعلماء أفاضل أجلاء.كالشيخ الفرهاوي الهندي في الناهية عن طعن أمير المؤمنين معاوية والشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله تعالى وغيرهما .ولا حول ولا قوة إلا بالله.
    معاوية بن أبي سفيان t صحابي جليل ممن أسلم يوم الفتح و قيل قبل ذلك و هو من الذين قال الله فيهم : { وكلا وعد الله الحسنى }(الحديد /10) وقال تعالى : { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون}(الأنبياء/100) ذكره ابن حزم رحمه الله في جملة المعدودين من أهل الفتوى , وكان معروفـا بالحلم و العقل حتى قال فيه الإمام أحمد رحمه الله: { السيد الحليم } و هو أول ملك فـي الإسلام قال فيه ابن الذهبي رحمه الله في السير(3/120): ( أمير المؤمنين ملك الإسلام) و قال فيـه (3/159): ( و معاوية من خيار الملوك الذين غلب عدلهم على ظلمهم وما هو ببريء من الهنات والله يعفو عنه ) وقال ابن كثير رحمه الله : ( أول ملوك الإسلام و خيارهم ) و قال فيه الإمـام ابن أبي العز الحنفي رحمه الله : ( هو خير ملوك المسلميـن ) و وصفه رضي الله عنه بالملك هو مقتضى الإنصاف و العدل فقد ذكر ابن الذهبي رحمه الله في السير (3/140) أنه قيــل له : أنت تنازع عليا أم أنت مثله ؟ فقال :{ لا و الله إني لأعلم أنه أفضل مني وأحق بالأمر مني ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما و أنا ابن عمــه و الطالب بدمه فأتوه و قولوا له فليدفع إلي قتلة عثمان و أسلم له } و هـذا خلاف ما يروج في أوساط إخواننا في العدل و الإحسان من أنه كان يريد الحكــــم أصالة , وقد كان معاوية قد تولى الملك بعدما تنازل له الإمام الحسن بن علي رضي الله عنهما حقنا للدماء كما قال بعضهم :
    ثم تولى الحسن الإمـامـــه فمنحت بيمنه السلامــــه
    و حقن الله به الدمـــــاء و أذهب المحنة و الـــلأواء
    و سلم الأمر إلى معاويـــه حياته و صار عنها ناحيــه
    فسار فيها بن أبي سفيــانْ بسيرة للعدل و الإحســـانْ
    وفي تاريخ البخاري (7/326) عن معمر عن همام بن منبه قال : قال ابن عباس : { ما رأيت أحدا أخلق من معاوية }
    فائـــــدة :
    ذكر شيخنا أبو أويس حفظه الله في نقل النديم قال :
    {نقل المرتضى الزبيدي في شرحه للإحياء ( إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين ) عن محيي ( الطين ) ابن العربي الحاتمي الصوفي قوله : معاوية كاتب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و صهره و خال المؤمنين فالظن بهم جميل رضي الله عنهم أجمعين و لا سبيل إلى تجريحهم و ليس لنا الخوض فيما شجر بينهم و هم مأجورون في كل ما صدر عنهم عن اجتهاد سواء أخطأوا أو أصابوا , قال مرتضى تعليقا على هذا الكلام : و هو كلام نفيس يفتح باب حسن الإعتقاد في سلفنا و يتعين على كل طالب للحق معرفة ذلك }
    قلت : و مثل هذا قوله في محاضرة الأبرار:
    { سكت في كتابي هذا عما شجر بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم لما يتطرق للنفوس الضعيفة وأهل الأهواء من الترجيع حتى لا أذكر الغيبة ولا أفوه بما فيه ريبة }
    روى الخلال رحمه الله في السنة (2/4343) عن أبي الحارث بإسناد صحيح قال : وجهنا رقعة إلى أبي عبد الله ما تقول رحمك الله فيمن قال لا أقول إن معاوية كاتب الوحي ولا أقول أنه خال المؤمنين فإنه أخذها بالسيف غصبا قال أبو عبدالله هذا قولسوء رديء يجانبون هؤلاء القوم ولا يجالسون ونبين أمرهم للناس .وقال شيخ الإسلام رحمه الله : { و معاوية لم يدع الخلافة و لم يبايع له بها حيـــن قاتل عليا و لم يقاتل على أنه خليفة و لا أنه يستحق الخلافة } قال ابن حزم رحمه الله : { فلم يطلب معاوية من ذلك إلا ما كان له من الحق أن يطلبه و إنما أخطأ في تقديمه ذلك على البيعة } وقال ابن خلدون : { لم يكونوا في محاربتهم لغرض دنيوي أو لإيثار باطل أو لاستشعار حقد كما قد يتوهمه متوهم وينزع إليه ملحد } و قال شيخ الإسلام رحمه الله: { و نعلــم مع ذلك أن علي بن إبي طالب كان أفضل و أقرب إلى الحق ممن قاتله مع معاويــــة } وقال : { من لم يربع بعلي في الخلافة فهو أضل من حمار أهله } وقال ابن الذهبــــي رحمه الله (8/210):{لا نرتاب أن عليا أفضل ممن حاربه و أنه كان أولى بالحق } ومع هذا فلا ينبغي الوقيعة في أحد ممن قاتله { فكثير من السابقين الأولين لم يتبعوه ولم يبايعوه وكثير من الصحابة والتابعين قاتلوه } قاله ابن تيمية، و قال ابن خلدون المؤرخ المحقق رحمه الله في المقدمة أيضا: { و إن كان المصيب عليا فلم يكن معاوية قائما فيها بقصد الباطل إنما قصده الحق و أخطأ } بل نجزم أنه كان يحبه رضي الله عنه وقد روى البيهقي في المحاسن والمساوئ (ص70) أن ابن عباس وصف عليا لمعاوية فبكى وبكى من معه.
    لطيفة:
    روى ابن أبي الدنيا (124) ـ وذكره الإمام ابن القيم رحمه الله في الروح ـ بسند صالح عن سعيد بن أبي عروبة عن عمر بن عبد العزيــز أنه قال : { رأيت رسول الله ص و أبو بكر و عمر جالسان عنده فسلمت و جلست فبينما أنا جالس إذ أتي بعلي و معاوية فأدخلا بيتا و أجيف عليهما الباب و أنا أنظر فما كان بأسرع من خرج علي و هو يقول : قضي لي و رب الكعبة و ما كان بأسرع من أن خرج معاوية على أثره و هو يقول غفر لي و رب الكعبة }
    قاسية:
    ذكر المقري في نفح الطيب أن بعضهم قال:
    وكل من يقدح في معاويـــــه فهو كلب من كلاب عاويــــــه
    حكم سبــه
    وأما حكم سبه فهو نفسه حكم سب أي صحابي آخر فقد قال الإمام أبو زرعة الـرازي إمام أهل الحديث رحمه الله كما في الكفاية (ص97): { إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رســول الله فاعلم أنه زنديق } و روى اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/169/تحقيق أحمد سعد حمدان) عن علي بن المديني رحمه الله: { من تنقص أحدا من أصحـاب رسول الله أو ذكر مساوئه فهو مبتدع } وقال علي القاري رحمه الله : ( من سب أحدا من الصحابة فهو فاسق و مبتدع بالإجماع ) و روى أيضا (رقم 1266) وأسد بن موسى كما في الاستيعاب (3/1422) عن إبراهيم بن ميسرة رحمه الله قال : { ما رأيـــت عمر بن عبد العزيز ضرب إنسانا قط إلا إنسانا شتم معاوية فضربه أسواطـا } فليت عمر كان معنا ليضرب عبد اللسلام ياسين أسواطا ويشفي غليلنا من حاقد على كاتب الوحي. و قيل للإمام أحمد رحمه الله :{ لي خال ينتقص معاوية و ربما أكلت معه فقال : لا تأكل معــه} فإن كان لا يجوز مؤاكلته فكيف بمن اتخذه وليا مضلا.و قال : { لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساوئهم و لا يطعن على أحد منهم فمن فعل ذلك فقد وجب تأديبه و عقوبته } و سئل عن الذي يشتم معاوية يصلى خلفه قال : { لا ولا كرامة } فبهذا تسقط أهلية ياسين لإمامة الصلاة فكيف بإماة السياسة.لا يصلح لها, لا ولا كرامة.وقال ابن حجر الهيتمي في الصواعق المرسلة (2/629): (وأما ما يستبيحه بعض المبتدعة في سبه ولعنه (يقصد معوية) فله (أي معاوية) فيه أسوة بالشيخين وأكثر الصحابة, فلا يلتفت لذلك,ولا يعول عليه ,فإنه لم يصدر إلا عن قوم حمقى جهلاء أغبياء طغم لا يبالي الله بهم في أي واد هلكوا ,عنهم الله وخذلهم أقبح اللعنة والخذلان) وعبد السلام ياسنين ممن يسب ويرمي معاوية بالنفاق والكذب وهذا من أعظم السب !!و أقول لك كما قال الإمام الأوزاعي رحمه الله : { لا تذكر أحدا من أصحاب نبيك إلا بخير }
    و في الزيادات و النوادر لابن أبي زيد القيرواني رحمه الله أن الإمام مالكا رحمه الله قال : { من شتم أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر أو عمر أو عثمان أو معاوية أو عمرو بن العاص فأما إن قال إنهم كانوا على ضلال وكفر فإنه يقتل و لو شتمهم بغير ذلك من مشاتمة الناس فلينكل نكالا شديــدا } يا ليت مالكا هنا ليأمر بهذا الطاعن الحاقد فينكل به نكالا شديدا شديدا.
    وقال ابن عبد البر في الاستيعاب :
    { روى أسد بن موسى قال حدثنا أبو هلال قال حدثنا قتادة قال قلت للحسن يا أبا سعيد إن ها هنا ناسا يشهدون على معاوية أنه من أهل النار قال لعنهم الله وما يدريهم من فى النار }
    و أخيرا أقول لعبد السلام ياسين كما قال حسان بن ثابت ض :
    أتهجوه و لست له بكفئ فشركما لخيركما الفداء
    من التاريــخ
    قال الكتبي في فوات الوفيات : { قال ابن عرفة : أمر المأمون مناديا ينادي في الناس ببراءة الذمة ممن يترحم على معاوية أو ذكره بخير فكثر المنكر لذلك وكاد البلد يفتتن ولم يلتئم له ما أراد }
    ملك ورحمــة
    من الشبه التي يوردها عبد السلام ياسين غفر الله لنا وله استدلاله بحديث : تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم ترفع ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فيكم ما شاء الله ثم ترفع ثم تكون ملك عاض …الحديث على خلاف وجهه فيستدل بقوله صلى الله عليه وآله وسلم { ثم يكون ملك عاض } بعد ذكره للخلافة على أن معاوية أول ملك ظالم, لكنه أتي من قلة اطلاعه وسوء أدبه والذي يهدم استدلاله ما رواه الطبراني بسند جيد عن ابن عباس مرفوعا وقال الهيثمي :{ رجاله ثقات } : { أول هذا الأمر نبوة ورحمة ثم يكون خلافة ورحمة ثم يكون ملكا ورحمة ثم يكون إمارة ورحمة ثم يتكادمون عليه تكادم الحمر } والحديث صححه الألباني في الصحيحة (رقم : 3270)
    ويشهد له ما رواه الدارمي في السنن من حديث مكحول أبي ثعلبة عن أبي عبيدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أول دينكم نبوة ورحمة ثم ملك ورحمة ثم ملك وجبروت يستحل فيها الخمر والحرير) ومكحول لم يلق أبا ثعلبة
    وما رواه أبو نعيم في حلية الأولياء من حديث كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا قال : (أول هذه الأمة نبوة ورحمة ثم خلافة ورحمة ثم سلطان ورحمة ثم ملك وجبرية فإذا كان ذلك كذلك فبطن الأرض يومئذ خير من ظهرها) وقد يقول قائل : أليس هذا معارضا للفظ حديث أبي عبيدة المذكور قبل قليل ؟ والجواب أنه ليس ثمت معارضة فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : { ثم } و هي كما عند علماء النحو تفيد العطف مع التراخي و إلى ذلك يشير قول ابن مالك في الخلاصة :
    و الفاء للترتيب باتصال وثم للترتيب بانفصال
    فيكون قوله( ثم ) دالا على كون الملك العاض بعد الخلافة لكن مع فاصل زمني غير محدد و قوله في حديث ابن عباس ( ثم يكون ملكا ورحمة ) دالل على أن في الفترة التي بين الخلافة والملك العاض ملكا ورحمة وعدلا ، قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى : ( كان ملك معاوية ملكا ورحمة ) وقال في المنهاج : ( كانت سيرة معاوية مع رعيته من خيار سيرة الولاة وكان رعيته يحبونه وقد ثبت في الصحيحين عن النبي e أنه قال : ( خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ) ) فتنبه !
    وروى أحمد مرسلا ووصله أبو يعلى في مسنده عن سعيد بن عمرو بن العاص عن معاوية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : (يا معاوية إن وليت أمرا فاتق الله واعدل قال فما زلت أظن أني مبتلى بعمل لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وليت) قال الذهبي في سير أعلام النبلاء : ولهذا طرق مقاربة.
    وهذا إقرار من النبي صلى الله عليه وسلم لملكه فكيف يقره النبي صلى الله عليه وسلم وينكر عليه غيره. نعم أخطأ في مقاتلة علي وكان علي أولى بالخلافة منه.أما ملكه فقد كان بإجماع المسلمين بل سمي عام توليه الملك عام الجماعة بعدما تنازل له الحسن بن علي رضي الله عنهما وهو عين الإصلاح وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: (إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين طائفتين عظيمتين من المسلمين).
    وقد يقول قائل : قد سبه النبي صلى الله عليه وسلم , فقال فيه : (لا أشبع الله بطنه)
    والجواب أنه قد روى البخاري ومسلم واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (اللهم فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة) ولأجل هذه النكتة ذكره مسلم عقب حديث(لا أشبع الله بطنه) !!
    فائدة :
    قال شيخنا أبو أويس محمد بوخبزة حفظه الله تعالى الساكن حاليا في شارع معاوية بن أبي سفيان في نقل النديم :
    ثبت بأسانيد متعددة أن النبي صلى الله عليه وآله و سلم دعا لمعاوية : { اللهم اجعله هاديا مهديا } وحكى السرهندي في (مكتوباته) أن الإمام مالكا حكم بقتل شاتم معاوية و روى الرازي في مناقب الشافعي و أبو نعيم في الحلية و ابن عبد البر في جامع بيان العلم و فضله أن الشافعي رضي الله عنه كان إذا سئل عما جرى بين الصحابة يردد قول عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ( تلك فتنة قد طهر الله منها أيدينا أفلا نطهر منها ألسنتنا ) و هو مذهب أبي حنيفة كما في الفقه الأكبر و أحمد بن حنبل كما في طبقات الحنابلة و ألف الفرهاروي الهندي كتابا بعنوان ( الناهية عن طعن أمير المؤمنين معاوية ) و هي مطبوع عند مكتبة الحقيقة بإصطنبول .
    قلت : قول شيخنا ثبت) هو الذي خلص إليه الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة برقم 1969 فراجعه لزاما
    عاصمـة :
    ذكر الحافظ في فتح الباري عن زياد بن الحارث قال : { كنت إلى جنب عمار فقال رجل كفر أهل الشام فقال عمار لا تقولوا ذلك نبينا واحد ولكنهم قوم حادوا عن الحق فحق علينا أن نقاتلهم حتى يرجعوا }
    طريفة :
    ذكر ابن مفلح رحمه الله في الآداب الشرعية (2/204و205) أنه دخل رجل من العامة على شيخ من شيوخ العلم فقال : أصلح الله الشيخ قد سمعت في السوق الساعة شيئا منكرا و لا ينكره أحد قال : و ما سمعت قال: سمعتهم يسبون الأنبياء قال الشيخ و من المشتوم من الأنبياء قال سمعتهم يشتمون معاوية قال : يا أخي ليس معاوية بنبي قال : فهبه نصف نبي لم يشتم ؟ } قلت : بل هبه ربع نبي أو عشر نبي أو أقل من ذلك لم يشتم ؟
    قلت: صدق الرجل. لم يشتم؟
    فضله
    و يكفي في بيان فضله كونه من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم و لا تستساغ مقارنته بمن جاء بعـــده و لو بعمر ابن عبد العزيز فقد ذكر أن المعافى بن عمران رحمه الله سئل أيهما أفضل فغضب و قال: { أتجعل رجلا من الصحابة مثل رجل من التابعين معاويـــة صاحبه و صهره و كاتبه } وفي رواية : { كان معاوية أفضل من ستمائة مثل عمر بن عبد العزيز } وروى عنه القاضي عياض في الغنية (ص100)من طريق أبي ذر الهروي أنه قال : (لا يعدل بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحد). وقيل للإمام أحمد معاوية أفضل من عمر بن عبد العزيز ؟ فقال : { إي لعمري } و قال إبراهيم بن سعيد الجوهري رحمه الله : سألت أبا أسامة أيمـــا أفضل فقال : { لا تعدل بأصحاب محمد ص أحدا } رواه ابن عبد البر رحمه الله في الجامـــع والخلال وعياض في الغنية بلفظ نحوه, قال الحافظ ابن حجر في الإصابة :{ كانوا يعتقدون أن شأن الصحبة لا يعدله شيء } و أنشد بعضهم :
    كل من صاحب النبي و لو طر فة عين فحقه مرعـــي
    ورحم الله المسور بن مخرمة رضي الله عنه فقد ذكر عنه ابن عبد البر في الاستيعاب (3/1422)أنه كان إذا ذكر معاوية دعا له بخير.وعبد السلام إذا ذكره شتمه .
    لطيفة
    من اللطائف ما ذكره المعلمي رحمه الله في كتابه الأنوار الكاشفة(ص93) في عدم صحة حديث في فضل معاوية ـ مع أنه كان يمكنه ان يأمر بوضع ولو حديث واحد في أحقيته بالأمر فقال: { و من تدبر هذا علم أن عدم صحة حديث في فضل معاوية أدل على فضله من أن تصح عندهم ـ أي أهل الحديث ـ عدة أحاديث } و الأصل في هذا ما نقله أهل العلم من أئمة الحديث كإسحاق بن راهويه و النسائي أنهم قالوا : { لا يصح حديث في فضائل معاوية بن أبي سفيان عن النبي ص شيء } قال ابن القيم رحمه الله : { و مراد من قال ذلك من أهل الحديث أنه لم يصح حديث في مناقبه بخصوصه و إلا فما صح عندي في مناقب الصحابة عموما ومناقب قريش فمعاوية رضي الله عنه داخل فيه }
    قلت : هذا ما ذكره المعلمي رحمه الله و كذلك ابن القيم رحمه الله و غيرهما و قد علمت تصحيح الألباني رحمه الله لحديث : {اللهم اجعله هاديا مهديا} و مثل تصحيح الشيخ الألباني رحمه الله يحسب له ألف حساب
    وقفــة :
    قلت في معاوية ض :
    من بعد حمد الله حمدا أبــتدي ثم الصلاة على النبي الأحـمد
    هذي مقالة ناصح ومــــحذر ذكرى لكل سليم قلب مهـتـدي
    أو قل مقالة ناصر ومدافـــع يبغي بها نصح الظلوم المعتدي
    وتيمــما إكرام صهر فاضـل وبيان فضله للعدو الأبعـــد
    صحب النبي و كان كاتب وحيه صهر الرسول و خال كل موحد
    علم الخليل بفضله فدعا لـــه و دعاؤه حتما أجيب و قد هدي
    ولاه ثاني خير بعد النبـــي وأقره عثمان نعم المقتـــدي
    كفوا ولا تبغوا المساوئ إنــه لا يطلب العثرات غير الملحـد
    لا تذكروا صفين بعد مضيهــا واستغفروا للصحب آل محمـد
    عشر من الأبيات ما وفيت فيــ ـها كاملا حق الحليم السيـد
    طريفــــة :
    ذكر ابن الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء أن رجلا سعى برجل إلى الحجاج وقال أعز الله الأمير هذا رجل خارجي يشتم علي بن أبي سفيان و يقع في معاوية بن أبي طالب فقل الحجاج : لا أدري بأيهما أنت أعلم بالأنساب أو بالأديان
    ما لهم و لمعاويـة
    هذه مقولة للإمام أحمد رحمه الله رواها عنه الخلال في السنة (رقم654). و تحت الأكمة ما تحتها فإن المتنقص لمعاوية إنما يريد الوصول إلى الطعن فيمن هو أجل منه و لذلك قال أحمد رحمه الله في من سبه و عمرو بن العـاص:{ إنه لم يجترئ عليهما إلا وله خبيئة سوء } وهذا ما أظنه في عبد السلام ياسين.وقد أحسن الإمام الربيع بن نافع رحمه الله إذ قال : { معاوية ستر لأصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم فإذا كشف الرجل الستر اجترأ على ما وراءه } رواها الخطيب رحمه الله في التاريخ, وقد هتك عبد السلام الستر فلا حول ولا قوة إلا بالله. و قال ابن العماد الحنبلي رحمه الله في شذرات الذهب : { هو الميزان في حب الصحابة و مفتاح الصحابة } فأين بغض ياسين لمعاوية رضي الله عنه في الميزان. و ذكر الحافظ المزي في التهذيب (1/339)عن الحافظ أبي القاسم أن الإمام النسائي سئل عن معاوية بن أبي سفيان صاحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : { إنما الإسلام دار لها باب فباب الإسلام الصحابة فمن آذى الصحابة إنما أراد الإسلام كمن نقر الباب إنما يريد دخول الدار فمن أراد معاوية فإنما أراد الصحابة } فتأمل هذا وتأمل ما يقوله عبد السلام ياسين ولا تتردد في الحكم عليه. بل قد يكون غرضه الطعن في النبي صلى الله عليه وآله و سلم كما قال الإمام الحسن بن علي البربهاري شيخ الحنابلة في زمانه رحمه الله :{ إعلم أن من تنقص أحدا من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله و سلم فاعلم أنه إنما أراد محمدا صلى الله عليه وآله و سلم و قد آذاه في قبره } فلا حول ولا قوة إلا بالله.و اعلم أخي أن ما يذكر في معاوية رضي الله عنه من سكر و فسق و ظلم إنما هو من وضع الــروافض و أهل البدع فإن كتب التاريخ طافحة بذلك حتى إن كثيرا من الناس صدقوها فصاروا يطعنون فيه بموجبها فالله الله في معاوية, و كما قال الإمــام ابن الوزير الصنعاني رحمه الله في كتابه العواصم : { فيا غوثاه ممن يقبل مجاهيل الرواة في انتقاص خير أمة بنـص كتاب الله و خير القرون بنص رسول الله فحسبنا الله و لا حول و لا قوة إلا باللـه }
    قلت : كمثل لوط بن يحيى المشهور بأبي مخنف و هو الذي روى قصة خطبة معاوية السيفية التي يتناقلها الكتاب و الأخباريون على أنها من مثالب معاوية و غيرها مما فيه ما يقدح به في دينه مثل ما يذكر عن معاوية أنه كان يأمر بلعن علي على المنابر والمعروف أن هذا فعل بني أمية بعده و لوط هذا كما قال الدارقطني رحمه الله : أخباري ضعيف و قال ابن أبي حاتم : متروك الحديث و أصل قصة الخطبة السيفية عند الطبري رحمه الله في تاريخه من طريـق هذا المتشيع . قال صاحب الحجة في بيان المحجة (2/526): (أما ما رواه أبو مخنف وغيره من الروافض فلا اعتماد بروايتهم)فالحرص الحرص على التثبت في الأخبار و الروايات و كذلك ما يروى مــن حديث في مثالبه فقد ظهر فيها عبث الشيعة لذلك قال ابن القيم رحمه الله :{ كل حديث في ذمـه فهو كذب و كل حديث في ذم عمرو بن العاص فهو كذب } فاحذر التعرض لجانبه فإنه جليل
    قال ابن خلدون رحمه الله في المقدمة (ص27/دار الكتب العلمية): { لما كان الكذب متطرقا للخبر بطبيعته و له أسباب تقتضيه فمنها التبعيات للآراء و المذاهب فإن النفس إذا كانت على حال الإعتدال في قبول الخـــبر أعطته حقه من التمحيص و النظر حتى تتبين صدقه من كذبه و إذا خامرها تشيع لــرأي أو نحلة قبلت ما يوافقها من الأخبار لأول وهلة و كان ذلك الميل و التشيع غطاءا على عين بصيرتها عن الإنتقاد والتمحيص فتقع في قبول الكذب و نقله } لذلك كان مذهــب أهل العلم كما قال شيخ الإسلام رحمه الله أنهم : { يقولون إن هذه الآثار المروية في مساوئهـم منها ما هو كذب و منها ما قد زيد فيه و نقص و غير عن وجهه و الصحيح منه هم فيـه معذورون } و قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله في الصواعق المرسلة (2/621) :{ الواجب على كل من سمع شيئا مــن ذلك أن يتثبت فيه و لا ينسبه إلى أحدهم بمجرد رؤيته في كتاب أو سماعه من شخـص بل لا بدأن يبحث عنه حتى يصح عنده نسبته إلى أمرهم..} قال الشيخ محمود شكري الآلوسي في صب العذاب (ص421): { لأن المؤرخين ينقلون ما خبث وطاب لا يميزون بين الصحيح والموضوع والضعيف وأكثرهم حاطب ليل لا يدري ما يجمع فالإعتماد على مثل ذلك في مثل هذا المقام الخطر و الطريق الوعر والمهمة الذي تضل فيه القطا و تقصر دونه الخطا مما لا يليق بشأن عاقل فضلا عن فاضل } لذلك أنكر الله تعالى:
    { على من يبادر إلى الأمور قبل تحققها فيخبر بها ويفشيها وينشرها وقد لا يكون لها صحة } قاله ابن كثير في تفسيره(1/530) وقال الحافظ ابن حجر في من يتصدى لكتابة التاريخ : { يلزمه التحري في النقل فلا يجزم إلا بما يتحققه ولا يكتفي بالنقل الشائع ولا سيما إن ترتب على ذلك مفسدة من الطعن في حق أحد } اهـ من جزء للحافظ السخاوي رحمه الله في التأريخ . وقال ابن الذهبي رحمه الله في ما يتناقله الأخباريون من تلك الروايات والأخبار في السير (10/92):
    { أكثر ذلك منقطع وضعيف وبعضه كذب وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا فينبغي طيه وإخفاؤه بل إعدامه لتصفو القلوب وتتوفر على حب الصحابة والترضي عنهم وكتمان ذلك متعين عن العامة وآحاد العلماء وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف العري من الهوى بشرط أن يستغفر لهم كما علمنا الله تعالى } قلـت : و قل أن يكون هناك إنصاف من أحد و هو يحدث بكل ما قرأ و سمع و كفى بذلك كذبا كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال المقري في النفـح: { من كانت بضاعته مزجاة فهو عن الإنصاف بمنجاة } فالواجب كما قال الهيثمي في الصواعق (2/261):{ الإضراب عن أخبار المؤرخين و جهلة الرواة وضلال الشيعة و المبتدعين القادحة في أحد منهم }.والعجيب المضحك أن تجد عبد السلام ياسين يقول في الشورى والديمقراطية (ص241) : إنما قصدي أن أضع أصبع الفاضل الذي يجهل تاريخ المسلمين ...) ويقول في (ص253) : (...الجهل بما ابتلي به المسلمون ثم تحريف المؤرخين) . أليس يحق لمن يقرأ هذا وقد اطلع على سذاجة ياسين في قراءاته للتاريخ أن يعجب من هذا الرجل.وإذا لم تستح فاصنع ما شئت!.
    و الحديث أيها الأخ في مثل هذا يطول و لكني أنهيه معك أيها الفاضل ـ على أمل العودة معك إلى موضوع آخـر نتحادث معا في حدائق السنة تحت شجرة الأخوة ـ و أدعك مع الإمام معاوية رضي الله عنه نفسه و هو يقول لك :
    { أنا على دين يقبل الله فيه العمل و يجزي فيه بالحسنات و يجزي فيه بالسيئات إلا أن يعفو عمن يشاء فأنا أحتسب كل حسنة عملتها بأضعافها و أوازي أمورا عظاما ما لا أحصيها و لا تحصيها من عمل الله في إقامة صلوات المسلمين والجهاد فــي سبيل الله عز و جل و الحكم بما أنزل الله و الأمور التي لست تحصيها و إن عددتهـا لك فتفكر في ذلك } و اعلم أيها الأخ أن من مذهب أهل الحديث الكف عن الخوض في ما وقع بين الصحابة ووجوب الترضي عليهم أجمعين بدون استثناء قال شيخ الإسلام رحمه الله :{ الخوض فيما شجر يوقع في نفوس كثير من الناس بغضا و ذما و يكون هو في ذلك مخطئا بل عاصيا فيضر نفسه و من خاض معه في ذلك كما جرى لأكثر من تكلم في ذلك فإنهم تكلموا بكلام لا يحبه الله و رسوله } وقال الإمام القدوة شهاب بن خراش رحمه الله : { أدركت من أدركت من صدر هذه الأمة و هم يقولون : لا تذكروا الذي شجر بينهم فتحرشوا عليهم الناس }
    وقال القرطبي رحمه الله في الجامع:
    { سئل بعضهم عن الدماء التي أريقت فيما بينهم فقال تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ، وسئل بعضهم عنها أيضا فقال تلك دماء قد طهر الله منها يدي فلا أخضب بها لساني يعني التحرز من الوقوع في خطأ والحكم على بعضهم بما لا يملكون مصيبا فيه ، قال ابن فورك ومن أصحابنا من قال إن سبيل ما جرت بين الصحابة من المنازعات كسبيل ما جرى بين إخوة يوسف مع يوسف ثم إنهم لم يخرجوا بذلك عن حد الولاية والنبوة فكذلك الأمر فيما جرى بين الصحابة ، وقال المحاسبي : فأما الدماء فقد أشكل علينا القول فيها باختلافهم وقد سئل الحسن البصري عن قتالهم فقال شهده أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وغبنا وعلموا وجهلنا واجتمعوا فاتبعنا واختلفوا فوقفنا قال المحاسبي فنحن نقول كما قال الحسن ونعلم أن القوم كانوا أعلم بما دخلوا فيه منا ونتبع ما اجتمعوا عليه ونقف عندما اختلفوا فيه ولا نبتدع رأيا منا ونعلم أنهم اجتهدوا وأرادوا الله عز وجل إذ كانوا غير متهمين في الدين ونسأل الله التوفيق }وقد روى البستي في كتاب العزلة (ص136) أنه قيل لعمر بن عبد العزيز : ما تقول في أهل صفين؟ فقال: تلك دماء طهر الله يدي منها فلا أحب أن أخضب لساني بها).
    و فــي خصــــــوص معاوية أقول لك كما قال ابن عباس رضي الله عنه : { دعه فإنه قد صحب رسول الله} وفي سير أعلام النبلاء قال أبو عمرو بن العلاء : { لما احتضر معاوية قيل له ألا توصي فقال اللهم أقل العثرة واعف عن الزلة وتجاوز بحلمك عن جهل من لم يرج غيرك فما وراءك مذهب } فرحم الله أخا أو أختا يقرأ ما سطرته له بقلم المحبة فيعرف للحق حقه فيلتزمه و يدعو إليه برفق و حلم و صبر رافعا راية حب أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنه كما قال ابن الذهبي رحمـه الله : { لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذو الفضل } .
    اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا واجعل اللهم لي بكل حرف كتبته دفاعا عمن صحب النبي ص و رضيت عنه حسنة وضاعفها لي فأنت أهل ذلك بلا مشارك والحمد لله رب العالمين
    كتبه

    أبو عبد الله طارق بن عبد الرحمن الحمودي الأثري
    كتبت وقد أيقنت يوم كتابتـي *** بأن يدي تفنى ويبقى كتابها
    فإن كتبت خيراً ستجزى بمثلها *** وإن كتبت شراً عليَ حسابها

  2. #2

    افتراضي رد: من العدل و الإحسان حب معاوية بن أبي سفيان

    حبه إيمان وبغضه نفاق . إنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم
    فرضي الله عنه وعلى جميع الصحابة.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المشاركات
    164

    افتراضي رد: من العدل و الإحسان حب معاوية بن أبي سفيان

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شيشناق الأمازيغي مشاهدة المشاركة
    حبه إيمان وبغضه نفاق . إنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم
    فرضي الله عنه وعلى جميع الصحابة.
    صدقت والله حبه إيمان وبغضه نفاق
    و لا تكتب بخطّك غير شيىء
    *********** يسرّك في القيامة أن تراه

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    73

    افتراضي رد: من العدل و الإحسان حب معاوية بن أبي سفيان

    بارك الله فيك على التنبيه القيم.
    ورضي الله على جميع الصحابة .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    المشاركات
    503

    افتراضي رد: من العدل و الإحسان حب معاوية بن أبي سفيان

    وهذا إقرار من النبي صلى الله عليه وسلم لملكه
    ؟؟؟....

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •