المشاركة الأصلية كتبت بواسطة التوحيد
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته,
حياك الله أختنا الكريمة ومرحبا بك معنا
رحم الله ابن تيمية القائل: "مع المحبرة إلى المقبرة"
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- في منظومته (أصول الفقه):
وبعد فالعلم بحور زاخرة ****** لن يبلغ الكادح فيه آخره
لكن في أصوله تسهيلا ****** لنيله فاحرص تجد سبيلا
ومن ذا الذي يشعر أنه قد وصل إلى مرحلة الرضا عن علمه؟!
إن طالب العلم كلما ازداد تعلما وفهما شعر بضآلة علمه وعرف حاجته الماسة للاستزادة من العلم..
لكن الناس يختلفون في أسلوب تحقيق هذا الهدف أو أهدافهم بوجه عام, فمنهم من يبادر الزمن ويسارع بوضع خطط لتحقيق أهدافه النبيلة, ومنهم من يبقى عمره ينتظر ويتمنى!
تقولين أنك تخرجت من جامعة أم القرى, ثم تتبعين ذلك بأنك لم تصلي إلى شيء؟
ما أرى إلا أن الشيطان يريد أن يحبطك ويثبط عزيمتك!
الحمد لله!
هذا إنجاز رائع أخيتي الفاضلة وحري بمن وصلت لذلك المستوى الطيب من العلم -دينيا أو دنيويا- أن تكمل المسيرة على خير وجه, فمثلك لا يصلح إلا لمزيد من التقدم وتحقيق النجاح..
وضع الخطة يكون أول ما يتحتم عليك فعله, لكن يسبق ذلك أو على رأس الأهداف يأتي التذكير بأمر النية؛ فما كان لله دام واتصل وما كان لغير الله انقطع وانفصل!
فما عليك إلا أن تحضري دفترا أو تدوني على جهازك بصورة واضحة أهدافك التي تسعين إلى تحقيقها:
1- الاستزادة من العلم الشرعي
2- القدرة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
3- إكمال الدراسة
4- الحصول على وظيفة مناسبة خالية من المخالفات الشرعية
وهكذا وأنت أعلم بأهدافك كلها..
ثم تبدأين بوضع مقترحات إيجابية, وليست وهمية أو صعبة التحقيق, وتضعين لها جدولا زمنيا مناسبا..
على سبيل المثال:
1- العلم الشرعي -بفضل الله- أصبح ميسرا علينا بدرجة كانت حلما قبل زمن!
فالأشرطة العلمية والدعوية والكتب كل ذلك متوفر الآن بكل سهولة, وما علينا إلا أن نحدد ما هو مناسب للبدء به لطالبة علم, فتخيري ما يناسبك من علوم وليكن حفظ القرآن البداية أو مراجعته مراجعة متقنة إن كان قد سبق حفظه, ثم تخيري متنا فقهيا مناسبا وآخر مختصرا في العقيدة وهكذا, ولتشجيع نفسك اجعلي لك رفيقة تكون خير من يساعد ويذكر بالله, فالله تعالى يقول: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف/28]
ثم تابعي نفسك على مدار الأسبوع والشهر وإن بدا لك أن الخطة غير مناسبة فقومي بتعديل ما يحتاج لتعديله منها وأكملي المسيرة..
2- القدرة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
عليك هنا بسماع الأشرطة الدعوية ومعرفة أساليب الدعوة, فكم من داعية لم يلق قبولا بين الناس, مع حسن نيته, ليس لسبب إلا لعدم اتباعه أساليب الدعوة, ولعدم معرفته أن الناس يختلفون في تلقيهم وردود أفعالهم, فليس كل شيء مناسب لكل أحد!
ومما يعين على الدعوة والأمر بالمعروف تعلم العلم الشرعي وبالأخص ما ستدعين الناس إليه, ومنها أيضا اتباع الرفق واللين, فالرفق لم يكن في شيء إلا زانه ولم ينزع من شيء إلا شانه, وكذلك التواضع وخفض الجناح للمؤمين, وغيرها الكثير.
المقصود أن تكتبي بوضوح جميع الأهداف والخطط لتحقيقها ولا تيأسي إن اعتراك فتور, فلكنا يصاب بذلك وقد قال -صلى الله عليه وسلم: (( إن لكل عمل شرة ، وإن لكل شرة فترة، فمن كانت شرته إلى سنتي فقد أفلح، ومن كانت شرته إلى غير ذلك فقد هلك)), رواه ابن حبان وصححه الألباني.
ولا تنسي أخيتي فضل الدعاء والإلحاح على الله -تعالى- بأن يرزقك العلم النافع والعمل الصالح ولعل الأخوات الفضليات يزدنك بما لم أستطيعه, وفقك الله ويسر أمرك وجعلك هادية مهدية.