تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: العذر بالجهل عند الشيخ العثيمين من الشرح الممتع...

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المشاركات
    69

    افتراضي العذر بالجهل عند الشيخ العثيمين من الشرح الممتع...


    العذر بالجهل عند الشيخ العثيمين من الشرح الممتع





    @ قوله: «وَمَنْ جَحَدَ وجُوبها كَفَرَ»، أي: وجوبَ الصَّلاة المُجمع على وجوبها وهي: الصلوات الخمس والجُمُعة فهو كافر؛ لأنَّه مكذِّبٌ لله ورسوله وإجماع المسلمين القطعيِّ، وحتى لو جَحَدَ وجوبها وصلَّى، وكذا لو جَحَدَ وجوبَ بعضها، وكذا لو جَحَدَ وجوبَ ركعة واحدة، فإنَّه يكفر.

    وكذا لو جَحَدَ وجوبَ رُكْنٍ واحد فقط، كفر إذا كان مُجمَعاً عليه. واستثنى العلماءُ من ذلك: ما إذا كان حديثَ عهدٍ بكفر وجَحَدَ وجوبها، فإنَّه لا يكفر، لكن يُبيَّنُ له الحق، فإذا عُرض له الحقُّ على وجهٍ بَيِّنٍ ثُمَّ جَحَدَ كفر. وهذه المسألة التي استثناها العلماء تُبَيِّنُ أنَّه لا فرق بين الأمور القطعيَّة في الدِّين وبين الأمور الظنِّيَّة في أنَّ الإنسان يُعْذَر بالجهل فيها، وهذه المسألة - أعني العذر بالجهل مهمَّةٌ تحتاج إلى تثبُّتٍ حتى لا نُكفِّر من لم يَدُلَّ الدَّليل على كفره.(كتاب الصلاة 2/18)

    @ أن يقول: ليس علي زكاة، وهي غير مفروضة، ومعنى مقارن أن يجحد الزكاة حين المنع، فإن منعها على هذا الوجه "كفر عارف بالحكم" أي: أنه يكفر إذا جحد الزكاة وهو يعلم أنها واجبة، وذلك لأن وجوب الزكاة مما يعلم بالضرورة من دين الإسلام، فكل مسلم يعلم أن الزكاة واجبة، فإذا جحد ذلك كفر.

    وهنا قيد المؤلف - رحمه الله - الكفر بأن يكون عارفاً بالحكم، فعلم من كلامه أنه لو جحد وجوبها جاهلاً فإنه لا يكفر؛ لأن الجهل عذر بالكتاب، والسنة، وإجماع المسلمين في الجملة؛ أي:ليس في كل الصور.

    وذلك لقوله تعالى: { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء: 15] وقال تعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: 4]، وقال تعالى: { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ } إلى قوله: { رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ } [النساء: 163 - 165] فدل هذا على أنه لو لم يرسل رسلاً إلى الخلق فلهم حجة على الله؛ لأنهم معذورون، وقال الله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ } [القصص: 59]، وقال الله تعالى عن قريش: { وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى } [طه: 134] .

    وقال النبي e: "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"، والنصوص الدالة على أن الجهل عذر كثيرة جداً.

    ولكن هل تقبل دعوى الجهل من كل أحد؟

    الجواب: لا، فإن من عاش بين المسلمين، وجحد الصلاة، أو الزكاة، أو الصوم، أو الحج، وقال: لا أعلم، فلا يقبل قوله؛ لأن هذا معلوم بالضرورة من دين الإسلام؛ إذ يعرفه العالم والعامي، لكن لو كان حديث عهد بالإسلام، أو كان ناشئاً ببادية بعيدة عن القرى والمدن، فيقبل منه دعوى الجهل ولا يكفر، ولكن نعلمه فإذا أصر بعد التَّبيين حكمنا بكفره، وهذه المسألة - أعني مسألة العذر بالجهل - مسألة عظيمة شائكة، وهي من أعظم المسائل تحقيقاً وتصويراً.

    فمن الناس من أطلق وقال: لا يعذر بالجهل في أصول الدين كالتوحيد، فلو وجدنا مسلماً في بعض القرى أو البوادي النائية يعبد قبراً أو ولياً، ويقول: إنه مسلم، وإنه وجد آباءه على هذا ولم يعلم بأنه شرك فلا يعذر.

    والصحيح أنه لا يكفر؛ لأن أول شيء جاءت به الرسل هو التوحيد، ومع ذلك قال تعالى: { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء: 15] فلا بد أن يكون الإنسان ظالماً، وإلا فلا يستحق العذاب.

    على أن تقسيم الدين إلى أصول وفروع أنكره شيخ الإسلام، وهذا التقسيم لم يحدث إلا بعد القرون المفضلة في آخر القرن الثالث، وقال شيخ الإسلام: كيف نقول: إن الصلاة من الفروع؟! - لأن الذين يقسمون الدين إلى أصول وفروع يجعلون الصلاة من الفروع - وهي الركن الثاني من أركان الإسلام، وكذا الزكاة، والصوم، والحج، كيف يقال: إنها من الفروع؟!

    ولكن قد لا يعذر الإنسان بالجهل، وذلك إذا كان بإمكانه أن يتعلم ولم يفعل، مع قيام الشبهة عنده، كرجل قيل له: هذا محرم، وكان يعتقد الحل، فسوف تكون عنده شبهة على الأقل، فعندئذٍ يلزمه أن يتعلم ليصل إلى الحكم بيقين.

    فهذا ربما لا نعذره بجهله؛ لأنه فرط في التعليم، والتفريط يسقط العذر، لكن من كان جاهلاً، ولم يكن عنده أي شبهة، ويعتقد أن ما هو عليه حق، أو يقول هذا على أنه الحق، فهذا لا شك أنه لا يريد المخالفة ولم يرد المعصية والكفر، فلا يمكن أن نكفره حتى ولو كان جاهلاً بأصل من أصول الدين، فالإيمان بالزكاة وفرضيتها أصل من أصول الدين، ومع ذلك لا يكفر الجاهل.

    وبناءً على هذا يتبين حال كثير من المسلمين في بعض الأقطار الإسلامية الذين يستغيثون بالأموات، وهم لا يعلمون أن هذا حرام، بل قد لُبِّس عليهم أن هذا مِمَّا يقرب إلى الله، وأن هذا وليٌّ لله وما أشبه ذلك، وهم معتنقون للإسلام، وغيورون عليه، ويعتقدون أن ما يفعلونه من الإسلام، ولم يأت أحد ينبههم، فهؤلاء معذورون، لا يؤاخذون مؤاخذة المعاند الذي قال له العلماء: هذا شرك، فيقول: هذا ما وجدت عليه آبائي وأجدادي، فإن حكم هذا الأخير حكم من قال الله تعالى فيهم: { إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف: 22] .

    فإن قيل: كيف يعذر هؤلاء ولم يعذر أهل الفترة، فقد قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: "أبي وأبوك في النار" ؟ فيقال: أهل الفترة ليس لنا أن نتجاوز ما جاءت به النصوص، ولولا أن الرسول e قال: إن أباه في النار، لكان مقتضى القاعدة الشرعية أنه لا يعذب، وأن يكون أمره إلى الله، كسائر أصحاب الفترة، فإن القول الراجح أن أصحاب الفترة يمتحنون يوم القيامة بما شاء الله، أما هؤلاء فإنهم يعتقدون أنهم على الإسلام ولم يأتهم من يعلمهم، بل قد يكون عندهم من علماء الضلالة من يقول: إنَّ ما هم عليه هو الحق.

    إذاً لا بد أن يكون الجاحد لوجوب الزكاة عارفاً بالحكم، فإن جحدها وهو عارف بالحكم صار كافراً، وإن كان جاهلاً وعلمناه وبينا له النصوص وأصر على ما هو عليه، فحينئذٍ يكون كافراً؛ لأنه عالم بالحكم.

    وعلى هذا يتبين لنا أنه لا يشترط الإقرار بالحكم، فإذا بلغه الحكم على وجه واضح بين، فقد قامت عليه الحجة سواء أقر أم أنكر، حتى ولو أنكر فإن ذلك لا ينفعه، ولا يرفع عنه الحكم؛ وإلا لكان فرعون الذي أنكر رسالة موسى u مع إقراره بها في باطن نفسه - مؤمناً محقاً، ولكنه ليس كذلك، فالشرط هو بلوغ الحجة على وجه يتبين به الأمر، فإذا بلغ الإنسان ذلك، فإن إقراره بها ليس بشرط، فيحكم بكفره ولو لم يقر بها.

    وإذا أخبرناه فأصر على أنها ليست واجبة، ولكنه يخرجها على أنها تطوع، فإنه يكفر وعلى هذا فإن قول المؤلف: "ومن منعها جحداً لوجوبها" ليس قيداً في الحكم؛ لأن المدار على الجحود، فإذا جحد الوجوب وهو عارف بالحكم، كفر سواء أخرجها أم لم يخرجها.

    وقد قيل للإمام أحمد رحمه الله: إن فلاناً يقول في قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}(النساء:93): "إن ذلك فيمن استحل قتل المؤمن"، فتبسم الإمام أحمد رحمه الله وقال: "إذا استحل قتل المؤمن فهو كافر، سواء قتله، أم لم يقتله"!! فتبقى الآية لا فائدة منها؛ لأن الآية علقت الحكم على وصف دون هذا الوصف الذي ذكره هذا القائل وهو الجحود.

    والذين قالوا: إن النصوص الدالة على كفر تارك الصلاة محمولة على من تركها جحداً لوجوبها، نقول لهم: إن الذي جحد وجوب الصلاة كافر ولو صلى، فلم تعتبرون وصفاً لم يشر إليه الدليل، وتتركون وصفاً علق عليه الحكم؟ فهذه جناية على النص من وجهين هما:

    الأول: إلغاء ما اعتبره الشرع وصفاً موجباً للحكم.

    الثاني: استحداث وصف لم يكن في النص.

    وهذا البلاء يأتي كثيراً من العلماء؛ لأنهم اعتقدوا قبل أن يستدلوا فحاولوا ليَّ أعناق النصوص إلى ما يعتقدون، أو يكون المستدل قد استعظم الأمر كيف يكفر تارك الصلاة، وهو يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويؤمن باليوم الآخر، فيحاول أن يُحَرِّفَ النصوصَ من أجل استعظامه أن يكفر.(كتاب الزكاة 6/119_124)

    @ فإن قال قائل: الرجل الذي جاء إلى الرسول e أليس جاهلاً؟

    فالجواب: هو جاهل لما يجب عليه، وليس جاهلاً أنه حرام، ولهذا يقول "هلكت"، ونحن إذا قلنا إن الجهل عذر، فليس مرادنا أن الجهل بما يترتب على هذا الفعل المحرم، ولكن مرادنا الجهل بهذا الفعل، هل هو حرام أو ليس بحرام، ولهذا لو أن أحداً زنى جاهلاً بالتحريم، وهو ممن عاش في غير البلاد الإسلامية، بأن يكون حديث عهد بالإسلام، أو عاش في بادية بعيدة لا يعلمون أن الزنى محرّم فزنى فإنه لا حدّ عليه، لكن لو كان يعلم أنّ الزنى حرام، ولا يعلم أن حده الرجم، أو أن حده الجلد والتغريب، فإنه يحد لأنه انتهك الحرمة، فالجهل بما يترتب على الفعل المحرم ليس بعذر، والجهل بالفعل هل هو حرام أو ليس بحرام، هذا عذر.(كتاب الصيام 6/261)

    ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ

  2. #2

    افتراضي رد: العذر بالجهل عند الشيخ العثيمين من الشرح الممتع...

    رحم الله الشيخ ابن عثيمين .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المشاركات
    69

    افتراضي رد: العذر بالجهل عند الشيخ العثيمين من الشرح الممتع...

    آمين يارب العالمين.............. .....
    ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •